د.نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية
النتائج الأولية تشير إلى أن الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية التابعة لشركة “أرامكو”، كانت بأسلحة إيرانية، حيث أكّد وزير الخارجية السعودية “عادل الجبير”، أن السعودية على ثقة أن هذا الهجوم لم ينطلق من الجنوب إنما انطلق من الشمال ومن قبل إيران تحديدًا، وأضاف: ما حصل يعدّ في الواقع عمًلا إجراميًا، وقد تمّ هذا الهجوم بأسلحة إيرانية، متهماً الأخيرة بالمسؤولية عن هذا الهجوم، حيث باشرت السعودية تحقيقاتها، مطالبة منظّمة الأمم المتحدة إرسال متخصصين للقيام بالتحقيقات اللازمة.
وبعد مرور أسبوع واحد على هذا الهجوم الذي استهدف المنشآت النفطية السعودية، فقد أعلنت شركة “أرامكو”، أن الهجوم شنّته ثماني عشرة طائرة مسيّرة، وسبعة صواريخ، وقد استغرق سبع عشرة دقيقة، وتقول الشركة: إنها ستستأنف تصدير النفط خلال عشرة أيام لقادمة، ووفقا لنتائج التحقيقات التي أجرتها المملكة العربية السعودية، فإن أمريكا وفريق تقصي الحقائق الدولي أكدوا بأنه من الواضح تم الاستفادة من أسلحة مصنّعة في إيران في هذه الهجمات.
وإيران من جانبها وصفت هذه الهجمات بأنها حقّ مشروع، وقد أقدم الحوثيون على استهداف منشآت نفطية، كما نفت دائما ضلوعها في هذه الهجمات، وقد فسّرت طهران أن الاتهامات التي تسوّقها السعودية، والولايات المتحدة على أنّها خطوة باتجاه افتعال حرب مع إيران، ولهذا تسعى لتضخيم التحالف الدولي بهدف حماية الممرات المائية في الشرق الأوسط.
وفي المقابل فقد هدّدت إيران الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاءها بشن حرب بمعنى الكلمة، في الوقت الذي عزمت واشنطن على إرسال قوات عسكرية أمريكية لتقوم بوظيفة الدفاع الجوي والصاروخي عن هذه المنشآت…
ووفقا للتحليلات الإيرانية كيف ستكون ردود الفعل من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها؟
تعتقد طهران أنه لغاية اللحظة، وبالرغم من هذه الجهود التي تبذل، فلم يتشكل أيّ تحالف واسع النطاق ضدّ إيران من قبل السعودية، وأمريكا، حيث أعلنت كل من روسيا، والصين رسميا أن السعودية لا تملك الأدلة والإثباتات الكافية التي تؤكد ضلوع إيران في هذه الهجمات. ورغم أن المزاعم تشير إلى ضلوع إيران في هذه الهجمات، فلم تتمكن لغاية اللحظة من تقديم أدّلة راسخة تشير إلى المكان الدقيق الذي انطلقت منه هذه الهجمات، فهي لم تقدّم أدلة تشير إلى مكان انطلاق هذه الهجمات، ومن أي نقطة انطلقت، وكيف كان مسيرها؟ كما أنها لم تقدّم أدلة تشير إلى انطلاق هذه الصواريخ والهجمات من الأراضي الإيرانية.
فبغض النظر عن كون هذه الصواريخ إيرانية، فمن الممكن أن تكون هذه الأسلحة قد وصلت للحوثيين بطرق مختلفة عن طريق التهريب، كما أنه من الممكن أن تكون دول أخرى هي من قدمّتها للحوثيين، أو قد تكون من موروثات الجيش اليمني السابق، مع التأكيد على قدرة الحوثيين على تطوير مثل هذا النوع من الأسلحة.
بموازاة ذلك ركّز الإعلام الإيراني على إعلان الحوثيين أنهم سيتوقفون عن شن كافة الهجمات الصاروخية والمسيرة بوسيلة طائرات مسيرة تجاه الأراضي السعودية، لكن لماذا جاء الإعلان هذا وبعد مضي أسبوع واحد على هذه الهجمات فيما تنامت حدّة ردود الفعل الإقليمي والدولي تجاه هذه الهجمات؟
ترى إيران أن هذه الهجمات لن تؤدّي إلى قيام حرب شاملة بمعنى الكلمة، لاعتبارات إقليمية ودولية مرتبطة بانشغال إدارة ترامب بالانتخابات الرئاسية القادمة، لكن هذه الضربة قد حققت المصالح الإيرانية، حيث اعتبر الإعلام الإيراني أن هذه الهجمات كانت رسالة للسعودية مفادها إن لم نتمكن نحن في إيران من تصدير النفط، ففي المقابل لن تقدر السعودية على تصدير النفط أيضا.
كذلك فهي رسالة إيرانية جاءت على لسان الحوثيين حيث تشير إلى بادرة حسن نيّة من قبل الحوثيين مفادها أن الحوثيين على استعداد لفتح باب الحوار بين الطرفين لإنهاء الوضع القائم والتوصّل إلى توافق بين الطرفين ينهي هذه الأزمة حسبما يصرّح به الإعلام الإيراني.
أما النقطة المهمّة التي تخشى منها إيران وهي فيما يتعلق بهذا التحالف الإقليمي والدولي الآخذ في التبلور يهدف الحفاظ على أمن مضيق هرمز، وأمن الطاقة، إن دولا أوروبية أخرى ستنضم إلى هذا التحالف. ولغاية اللحظة لم يتمكن هذا التحالف من إيجاد إجماع دولي، كما أن الدول العظمى الأخرى مثل الصين، وروسيا حيث أن هذه الدول غير مستعدة للانضمام إلى هذا التحالف على الإطلاق، كما أن هناك دولًا أوروبية مختلفة ومن ضمنها ألمانيا حيث لم تردّ إيجابيا على موضوع الانضمام لهذا التحالف، أما هذه الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية، فقد عملت على انضمام العديد من الدول مثل الإمارات لهذا التحالف، إلا أنه ولغاية اللحظة لم يتشكّل تحالف عالمي يمكن له إغلاق المنافذ بوجه إيران وتضييق الخناق عليها في مضيق هرمز والعمل على إخراجه بالمحصلة من السيطرة الإيرانية وهو ما يريح طهران لغاية الآن.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي