مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية
تصريحات المسؤولين الإيرانيين كانت على الدوام ذات طابع يعكس سياسة تبادل الأدوار بين السياسيين والعسكريين، فعندما نسمع تصريحات المسؤولين العسكريين العنترية نحسب أن الحرب ستقع لا محالة، وإذا ما سمعنا تصريحات المسؤولين المدنيين الناعمة نشعر بأن طاولة المفاوضات قد مدت تنتظر الوفود لبدئها.
بعض المحللين والعارفين بعقلية النظام الإيران يقولون إنه لا انسجام على الإطلاق بين العسكريين الإيرانيين ووزارة الخارجية الإيرانية، ولهذا نسمع التصريحات متباينة بين الحرس الثوري ووزارة الخارجية، وأن كلا الطرفين يصرح بما يروق له، والحقيقة التي أنا أؤمن بها أن الموضوع لا يتعدى تبادل أدوار بين الطرفين، فمعتقد كلا الطرفين يقوم على التقية والمراوغة والمكر والخداع، ولا يهم كلا الطرفين كيف يفسر ويحلل الآخرون، المهم خلط الأوراق لدى الآخرين والتعمية والمواربة.
فعندما تسمع تصريحات “حسين سلامي”، القائد الجديد للحرس الثوري الإيراني: إنه يجب التوسع في قوة النفوذ الإيراني، ليس في المنطقة فقط، بل لكافة أرجاء العالم وعلينا أن نضيق الساحة على الأعداء، ولا نترك لهم مكانا يشعرون فيه بالأمان".
جاءت تصريحات الجنرال سلامي أثناء مراسم تنصيبه كقائد جديد للحرس الثوري الإيراني حيث أكّد أنه "لا يجب أن ينعم العدو بالأمن في كافة أنحاء العالم"، في إشارة منه إلى قوات الحرس الثوري الإيراني إذ قال: إن "هذه القوات عملت على كبح جماح الولايات المتحدة الأمريكية"، رغم أن الذي نشاهده على الأرض أن أمريكا تقوم كل يوم بحشد المزيد من القوات البرية والجوية والبحرية، وتضيق الخناق على إيران والممرات المائية التي تستخدمها لتصدير نفطها.
في حين نسمع كلاماً مغايراً من أعلى سلطة في إيران، فهذا المرشد “علي خامنئي”، والرئيس روحاني، ووزير خارجيته “ظريف”، يؤكدون على مطلبهم لإجراء المفاوضات ولا يريدون أي حرب مع الولايات المتحدة.
إذن فالمحادثات مطلب من مطالب الإيرانيين؛ وهي المهمة لهم حسب رؤية وزير الخارجية “ظريف” الذي يعتقد أن أبواب الحوار مشرعة، واحتمال الحوار يبقى وارداً، ولكن ضمن إطار يحفظ مصالح الطرفين، “فترامب” – حسب أقوال ظريف – لا يحتاج لسياسة يكون فيها الطرفان رابحين، بل يريد سياسة تحقق أمريكا من خلالها فوائد أكثر من غيرها.
إذن ما نراه ونسمعه من تناقض بين المسؤولين المدنيين والمسؤولين العسكريين في طهران ما هو إلا تبادل أدوار وتوزيع التصريحات والمسؤوليات لتحقيق أكبر قدر من الابتزاز، والتي يكمن هدفها النهائي في تدشين خط التفاوض المباشر مع واشنطن بعد أن أصبح النظام الإيراني على وشك الانهيار، مهما كابر السياسيون وتحامق العسكريون.
قابل الأيام ستكشف لنا حقيقة مرامي إيران وأهدافها من هذا التناقض في التصريحات بين المدنيين والعسكريين!!