• استبدال الليرة السورية بالتركية في الشمال السوري: مدى توفر مقومات النجاح

    تأتي خطوة استبدال الليرة السورية بالتركية في الشمال السوري في هذا الوقت متكئة على مطلب ينادي بضرورة المساعدة على الحفاظ على ما تبقى من مدخرات السكان والحفاظ على قوتهم الشرائية، وضمان استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي بحده الأدنى، وبما يخفف من أثر الظروف الأمنية على استقرارهم. لكن، ودون الخوض في الدلالات السياسية لهذه الخطوة، والمدى الزمني المتوقع لاستمرارها، وعن التجاذبات التي أحاطت بها بين مؤيد ورافض منذ بداية طرح الفكرة، تحاول هذه الورقة تقديم قراءة تحليلية حول هذه الخطوة مسلطة الضوء على مقومات نجاحها في شقيها الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تحليل مدى توفر مقومات النجاح، إلى جانب محاولة استشراف مآل الليرة السورية في هذه المناطق، والدور المنوط بالفواعل الرئيسية لنجاح هذا المسعى

  • الأسرة المعاصرة وتحديات القيم الوضعية الحداثية نموذج النظرية النسوية ونظرية مالتوس....د. محمد بنتاجة

    ملخص البحث

    يحاودل البحث في فرضية التغيير القيمي التي تعاني منه الأسرة المعاصرة عموما والأسرة المسلمة على الخصوص. ونزعم ان هذه التحولات في قيم التأسر الانساني المعاصر جاء نتيجة لعولمة النموذج الغربي الحداثي وفرضه على المجتمعات الانسانية الأخر، بما يمتلكه النظام العالمي الجديد من أدوات وامكانيات مهولة. إن المشكلة في تغير قيم الأسرة الغربية بعد مرحلة العلمنة الشاملة التي طالتها زمن الحداثة وبعد الحداثة. وهذا يعني إعادة النظر في النماذج الأسرية الكلاسيكية ككل. وبالأخص النموذج الأسري التي كان يستمد قدسيته وقوته من الدين ذي الصبغة النهائية المعصومة. وقد أنتج العقل الغربي نظريات عدة ساهمت في تعميق مشكلاته الاجتماعية والأسرية وتعقيد واقعها المعاصر. ولعل نظرية مالتوس والنظرية النسوية من أهم هذه النظريات التي غيرت مفهوم الانسان الغربي للأسرة ومكوناتها وبالتالي توسيع بؤرة التأثير لتشمل كل المجتمعات الانسانية الأخرى بما فيها مجتمعاتنا العربية الاسلامية. لقد ناقشت نظرية مالتوس الوجود البراجماتي للتكاثر الانساني في حقبة القرن التاسع عشر -والتي تستمر في سياسة الغرب الاجتماعية حتى الآن-. وأصرت على مجموعة من الاجراءات اللاإنسانية من أجل الابقاء على نمط معين من الحياة ولو على حساب حقيقة الحياة الانسانية في كينونتها. فلا مجال من أجل بقاء الانسان الغربي بمستوى معيشي مرتفع من تحجيم الوجود الانساني على الأرض وترشيد استهلاك خيرات الأرض عن طريق قتل العنصر الانساني غير الفعال (السود والمرضى والمعاقين والعرب...) وتدمير قدراته الانجابية وتحطيم مشاريعه الأسرية باعتبارها وكرا من أوكار انتاج العناصر غير المنتجة من الجنس البشري (الهابط). وهي تعد النواة الأم للعنصرية النازية والفاشية التي أهلكت العالم والحرث والنسل. وهي انعكاس للأنانية الغربية تجاه شعوب العالم. كما كان لتطور نظرية الحقوق بعد الحرب العالمية الثانية دورا أساسيا في ازدياد الوعي بحقوق المرأة الغربية، ما أنتج تيارا أيديولوجيا جديدا الا وهو النظرية النسوية. وفيها يجادل أصحاب هذا التيار من النسويات بضرورة تحرير الأسرة من قيود القيم الدينية نحو قيم جديدة تكون المرأة فيها قطب الرحى والمركز التي يدور الرجل في فلكه. وبذلك وقع النسويات في فخ العولمة حيث تحولن الى أداة لتشيء الأنثى وتسليع الجسد الأنثوي باعتباره لوحة إشهارية للشركات المتعددة الجنسيات. فكان لهذا انعكاسا على واقع الأسرة الغربية من حيث المشروع الأسري نتيجة حس التعالي عن الرجل الذي بات يسري في عروق النسويات وتفشي الشعور بعدم الحاجة له. ولا حتى في الانجاب حيث يتم التخصيب بشكل صناعي دون حاجة ميكانيكية مباشرة للذكر. صحيح، كون الأسرة في العالم الاسلامي لم تزل متشبثة بقيمها الأصيلة بمختلف تكويناتها الدينية (مسلمة كانت أو يهودية أو مسيحية) لكنها مع ذلك تقاوم تيارا جارفا يقوم على اجتثاث الثوابت الأسرية لحساب ثوابت قيمية جديدة أكثر انفصالا عن الذات وأيضا أكثر التصاقا بالنموذج الأسري الغربي واختياراته الايديولوجية والاجتماعية التي اكتسبها نتيجة تدافعاته التاريخية الخاصة جداا وتجربته مع الكنسية والتراث الاغريقي الوثني. ويبقى السؤال إلى متى ستصمد الأسرة الدينية عموما والأسرة الاسلامية على الخصوص أمام تلكم التحولات المتسارعة؟ وهل لدينا استراتيجية لتدعيم البناء الأسري الاسلامي وقيمه القرآنية المتسامحة؟...الخ، والله أعلم

  • التدخل الروسي في سورية وآثاره

    يتألف البحث من أربعة محاور تسلط الضوء على أسباب وآثار التدخل الروسي في سورية والذي وصل منذ شهر أيلول سبتمبر 2015 حد الغزو المباشر بالتعاون مع ميليشيات إيران وحرسها الثوري:

     القسم الأول مقدمة توضح النظرة الروسية إلى الشرق الأوسط ككل وخصوصاً سورية منذ عصر القياصرة مروراً بالاتحاد السوفيتي السابق وصولاً لروسيا الحالية، لنستخلص منها مرتكزات النظرة الروسية واستراتيجيتها في المنطقة، وأوجه التشابه والتقاطعات بين هذه الأطوار الثلاثة.

    الثاني يركز على آثار التدخل الروسي على الوضع الداخلي السوري، وما جره الغزو الروسي على الصعد العسكرية وتعميق معاناة السوريين.

    الثالث يبحث في آثار الغزو الروسي لسورية على الصعيد الإقليمي، ومحاولة روسيا إعادة رسم وتحديد موازين القوة في المنطقة وفق المصالح الروسية التي سيتم الحديث عنها في المقدمة.

    الرابع ويبحث في آثار التدخل الروسي في سورية على الصعيد الدولي، ومحاولة روسيا إعادة تعريف نفسها كقوةٍ عالمية وكقطبٍ موازٍ ومنافس للولايات المتحدة الأميركية يدافع بالقوة العسكرية عما يعتبره مناطق نفوذه.  

    وقد أعتمد في هذه الورقة على منهج التحليل الوصفي، عبر المدخل التاريخي لدراسة العلاقات الدولية ومدخل الجيوبوليتيك بغية الوصول إلى أوضح صورةٍ ممكنة لآثار التدخل الروسي في سورية على الأصعدة الثلاث السابق ذكرها، كما لم تهمل الورقة إلقاء الضوء على النسق السلوكي والعقدي الذي تبني من خلاله القيادة الروسية استراتيجياتها في المنطقة.

    أولاً: مقدمة ومدخل تاريخي

    تتضمن المقدمة بعض الأحداث والمواقف والرؤى الروسية علها تكون معيناً لنا في توضيح بعض النقاط لاحقاً.

    يرتبط الطموح الروسي في الشرق الأوسط عموماً بنظرة استراتيجية تستند إلى مناح جيوسياسية ودينية واقتصادية وثقافية، فروسيا تعتبر الشرق الأوسط منطقة جغرافية مجاورة لحدودها الجنوبية تؤثر في أمنها القومي واقتصادها. كما أن روسيا حاولت وتحاول فرض وصايتها على أرثوذكس العالم وترى في موسكو روما الثالثة بعد خسارة الأولى لصالح الكاثوليك وخسارة الثانية (القسطنطينية) لصالح المسلمين. وقد ورد في وصية القيصر بطرس الأكبر " لا تنسوا العمل على السيطرة على البحر الأسود والزحف إلى الجنوب للاستيلاء على القسطنطينية لأن من يحكمها يحكم العالم

    لتحميل الدراسة كاملة من هنا 

     

  • التعاطي التركي الجديد بعد حادثة مقتل الجنود الأتراك في إدلب

    طرح الرئيس التركي في خطابه الأخير بعد مقتل الجنود الاتراك في إدلب جملة من الرسائل يمكن وصفها "بالحازمة" وتدل على توجه جديد للتعاطي التركي في سورية على رأسها "تغيير قواعد الاشتباك"؛ واستهداف ممنهج لقوات النظام في منطقة خفض التصعيد؛ إلا أن هذا التوجه يعتريه العديد من العقبات مما يجعل السيناريو الأكثر توقعاً في ظل عدم إنجاز اتفاق جديد مع الروس هو استمرار التصعيد العسكري الذي سيكون مليئاً بمؤشرات الانزلاق لمواجهة كبرى.

    أولاً: رسائل أردوغان: طروحات سياسية حاسمة

    من خلال استعراض نقاط حديث الرئيس التركي الأخير بتاريخ 29 شباط 2020، يمكن استنباط أربعة محاور:

    1. "لا كلام قبل الفعل": لم يخطب أردوغان إلا بعد أن وجه الجيش التركي عدة رسائل حاسمة، منها الرد القوي على نقاط تمركز النظام وتكبده خسائر قاسية، ومنها أيضاً إظهار فعالية السلاح التركي النوعي والذي قادر على تجاوز قضية تغييب سلاح الجو التركي. (قتل اكثر 2000 عنصر من المظام وتدمير 300مركبة ومدارج طيران ومخازن أسلحة كيميائية).
    2. "دولة وشعباً: النظام عدو": على الرغم من عدم إقفال طرق المفاوضات مع الروس إلا أن ما أفرزته الأستانة من تغييب للمحددات السياسية لصالح التطبيقات الأمنية قد انتهى؛ فالدولة التركية تصنف النظام عدو وتجعله هدفاً رئيسياً؛ وبالتالي قواعد الاشتباك في الشمال السوري قد تغيرت.
    3. "الكل شريك في تحمل مسؤولياته في إدلب": تريد تركيا أن تعيد انخراط المجتمع الدولي في إدلب ضاغطة على الاتحاد الأوربي في مسألة اللاجئين وعلى الناتو في تكوين موقف واضح من دعم الجيش التركي، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية في قضية المنطقة الآمنة.
    4. "انخراط مستدام في إدلب": فبعد الأحداث الأخيرة تقدمت "إدلب" من بوابة دفاع متقدمة عن الهواجس الأمنية التركية المركبة إلى ساحة هجوم؛ ومنافسة الروس على قضية شرعية التواجد وربطها بالطلب والدعم الشعبي.

    ثانياً: ملامح التوجه التركي الجديد

    1. إعادة تعريف العلاقة مع روسيا وفق ثنائية (إصبع على الزناد، وإصبع في المفاوضات)؛ إذ أنه بعد التطورات الأخيرة وإدراك تركيا للرضا والمعرفة الروسية بقتل جنودها، فإن تركيا لا تريد الدخول في مواجهة مباشرة مع الروس لكن ستعمل على توسيع هوامش قواعد الاشتباك سواء عبر مزيد من التنظيم للمعارضة المسلحة أو تزويدها بسلاح نوعي أو حتى بانخراطها بحرب مباشرة مع النظام لكن ضمن حدود منطقة خفض التصعيد.
    2. محاولة العودة إلى شبكة التحالفات القديمة عبر فتح مسار يعيد أولوية مبدأ التوازن للعلاقات الخارجية التركية؛ وهو ما سيساعدها على إدارة الملفات الخارجية مع روسيا بظهير أمريكي ناتوي؛ وهو ما سيتطلب التماهي مع المحددات الأمريكية خاصة بالتدرج كالتوافق على المسار السياسي وألوية جنيف، وفتح مساحة نقاش بخصوص اتفاقات شرق النهر.
    3. إدلب: (هدف تركي استراتيجي): وستعمل تركيا على تحصيلها سلماً عبر انتزاع اتفاق جديد مع روسيا، أو عبر الاستمرار في ضرب بنى النظام العسكرية في تلك المنطقة وقد يكون الأولويات العسكرية الجديدة آخذة بالتشكل والتوقع هنا أنها ضمن مفهوم تمتين خطوط الدفاع عن المنطقة الآمنة المتخيلة وإيقاف تقدم النظام على المجال الحيوي الأمني.

    ثالثاً: معوقات هذا التوجه

    1. الكلفة الباهظة لسيناريو الانزلاق لحرب الاصلاء في الشمال السوري؛ خاصة في ظل الموقف الأمريكي والأوروبي الناعم، واحتمالية عدم تماسك الجبهة الداخلية.
    2. تعقد وتضارب الملفات التي يتطلبها مبدأ التوازن في إدارة العلاقات الدولية التركية فمن جهة قطعت تركيا أشواطاً مهمة مع روسيا ومن جهة ثانية تتبدى في إدارة ترامب الفرصة الاستراتيجية لانتزاع مصالح تركية أكثر إلا أن هذه الفرصة ستبقى معلقة حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة أو بقبول تركيا التعامل مع قسد وإنجاز تفاهم جديد.
    3. ضريبة تأخر تغيير قواعد الاشتباك؛ فالنظام بات مسيطراً على أجزاء واسعة من إدلب وكامل ريف حلب الغربي والجنوبي، أي نفذ عبر الدعم الروسي تحركاً بات فيه قاب قوسين أو أدنى من استعادة الطريقين؛ ومواجهة هذا التمدد فيها العديد من الألغام التي تجعل قد سيناريو الانزلاق سيناريو حتمي.
    4. التعامي الروسي عن متطلبات تركيا: فالروس بعد اتفاقات آستانة وسوتشي استعاد السيطرة بشكل وبآخر على جل مناطق المعارضة مؤجلاً إدلب؛ لكن وفي ظل أولوية الحل الصفري المتحكمة بالذهنية الروسية وفي ظل عدم الاستجابة الروسية المطلوبة لإنجاز اتفاقات جديدة في إدلب، فإن روسيا ستفرض على تركيا مساراً تفاوضياً طويلاً إما أن يفرز تثبيتاً للواقع بشكل مؤقت أو لا يفرز شيئاً.

    رابعاً: السيناريو الأكثر توقعاً

    • انتهاء مسار آستانة وإلغاء اتفاقية سوتشي بحكم انتهاء صلاحيتها.
    • استمرار العمليات العسكرية التركية واستهداف بنى النظام مباشرة في الشمال السوري
    • استمرار معارك إعادة السيطرة يقابله استمرار لقضم النظام للعديد من المناطق جنوب إدلب. أي الامر متروك للميادين في الآونة الراهنة.
    • سلسلة مفاوضات مارثونية قد تفضي بمكان لما لمنطقة آمنة بعمق 30 كم.
    • بدء التقارب مع حلف شمال الأطلسي.
    • توقف السير في استكمال شراء منظومة صواريخ اس 400.
  • الثورة السورية بين المؤتمرات وتمييع المخرجات وكسب الوقت لإعادة تأهيل النظام

    الباحث القانوني أحمد محمد الخالد

    مقدمة:

    انطلقت الثورة السورية الشعبية سلمية غير مؤدلجة ولكن سرعان ما تم حرفها عن سلميتها والعمل على اختراقها داخليا وخارجيا ممن ادعى الصداقة قبل العدو سعيا لإخمادها أو للسيطرة عليها كحد ادنى ؛حيث تم تطعيم الثورة السورية بالكثير من المعارضين من احزاب وشخصيات مصنعة في الكواليس الروسية وبين افرع المخابرات بالعاصمة دمشق التي تعتبر في الحقيقة معارضة خلبية أوجدها الروس والعصابة الحاكمة للسيطرة على الملف السياسي للمعارضة أو للتشويش في حال عدم الوصول لمبغاهم ، كما أن سقف مطالب البعض منهم هو الاصلاحات الكاذبة وبعيدا عن التطرق لمنصب رئيس الجمهورية، كما تم الخلط بين العمل السياسي والعسكري من قبل روسيا من أجل شرعنة أعمالهم الغير شرعية والفاقدة للمشروعية وظهر ذلك جليا في اتفاقيات استانة التي يعتبر طرفين من اطرافها مجرمي حرب: روسيا وايران .

    كما أن وفد اللانظام كان دائما غير مبالي وهو عبارة عن شخصيات من الصف الرابع والخامس وغالبا ما كانوا يضربون بالأعراف الدبلوماسية عرض الحائط في بعض المؤتمرات الدولية وفي اخرى يتأخرون عن الحضور وحتى انه في احدى المؤتمرات لم يصدروا بيانا نهائيا للمؤتمر وفي غالبها كان يطغو عليها طابع اللقاء لا أكثر.

    المؤتمر السوري للتغيير في انطاليا التركية حزيران 2011:

    أول مؤتمر للمعارضة السورية منذ بدء الثورة حضره حوالي ثلاثمائة شخصية سورية معارضة بمدينة أنطاليا التركية، ومنهم تجمع إعلان دمشق بالمنفى والإخوان المسلمين، بينما غابت عنه

     

     

  • الرؤية الجيواستراتيجية الروسية لوصل روسيا بسورية عبر البر

    د. عبادة التامر – المركز السوري سيرز 10.02.2020

    تشير التطورات المتعاقبة وفصول الحرب التي تشن في سورية وإصرار روسيا على مسألة السيطرة على طريقي الM5 وM4 إلى توجه يبدو أقرب لمحاولة فتح طريق بري يربط روسيا بسورية عبر إيران والعراق. وهنا تتجلى عقدة من أهم عقد الملف السوري في استراتيجيات الدول المعنية بالملف.

    إذ تتشارك كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا الإشراف على أجزاءٍ من هذا الطريق البري الذي يربط الموانئ الإيرانية المطلة على بحر قزوين بميناء اللاذقية، وبدمشق.

    لطالما اعتبرت روسيا نفسها قوة برية من المنظور الجيوبوليتيكي، ولطالما كان الهدف الأساسي لاستراتيجية الروسية متمثلاً في الوصول إلى منطقة الحافة (الريم لاند) والإطلال على المياه الدافئة وكسر الطوق الجيواسراتيجي الذي فرضته حولها القوى الأطلسية. ولهذا الهدف وبعد إعادة تعريف روسيا لنفسها باعتبارها قوة عاملية إثر غزوها لجورجيا عام 2008 بدأت تنشط من جديد التوجهات الجيوبوليتكية الروسية الرامية إلى إعادة تعريف نفسها بوصفها القوة المسيطرة في أوراسيا عبر سلسلة من التحركات البطيئة نسبياً، وما لبثت أن تسارعت هذه التحركات بعد تدخلها العسكري المباشر في سورية عام 2015.

    أولاً: الطريق البحري بين سورية وروسيا

    يبدأ هذا الطريق من ميناء سيفاستوبل في شبه جزيرة القرم والتي كانت موضوع أبرز أزمة بين الشرق والغرب بعد مرحلة الحرب الباردة إذ ضمت روسيا شبه جزيرة القرم المتمتعة بالحكم الذاتي والتابعة لأوكرانيا عام 2014، ما شكل أزمة لاتزال تظهر مفاعليها بشكل متكرر منذ ذلك الوقت وحتى الآن.

    ومع ذلك فقد وقع كلٌ من حاكم سيفاستوبل الروسي دميتري أوفسيانيكوف ومحافظ طرطوس صفوان أبو سعد عام 2018 اتفاقية لتسيير خط شحن بحري مباشر بين سيفاستوبل وطرطوس، للاتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري ومن يتعامل معه.

  • السيطرة العسكرية على الموارد المائية في أتون الثورة السورية

    ملخص تنفيذي

    تشكل المياه أحد أهم مقومات استمرارية الحياة والمورد الأكثر تأثيراً في حياة السكان في جميع مناطق سورية. إلا أنه ومنذ بداية عام 2011 بدأت تبرز قضية المياه كإحدى أهم التحديات المرتبطة بالمعاناة الإنسانية للسكان المدنيين. وذلك بعد أن استخدمت أطراف الصراع المياه كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية. كما أصبح هذا المورد متلازماً إلى حد كبير مع تغيرات السيطرة العسكرية ومناطق النفوذ لهذه الأطراف، مما أثر بشكل حاد على توافر المياه في غالبية المدن والأرياف السورية نتيجة لتدهور البنية التحتية للمياه وفقدان وتضرر أكثر من نصف القدرة على الإنتاج الكلي للمياه. وقد حمل هذا الوضع الجديد العديد من التداعيات السلبية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسكان داخل المدن والأرياف.

    وانطلاقاً من ذلك تبرز إشكالية هذه الورقة في الإحاطة بواقع السيطرة العسكرية على الموارد والمرافق المائية في ظل الصراع الدائر في سورية مع قلة الدراسات المتخصصة والمتكاملة في هذا الصدد، وتتركز أهدافها الأساسية في تسليط الضوء على واقع ممارسات القوى العسكرية تجاه الموارد المائية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والمعاناة التي يتكبدها السكان جراء حرمانهم من المياه وصعوبة الوصول إليها، وتحليل المنظور المستقبلي لهذه القوى في السيطرة على الموارد والمرافق المائية ودراسة التداعيات المستقبلية لعسكرة المياه على واقع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسكان.  

    وتخلص الورقة إلى أن تنوع القوى العسكرية وتوزعها على امتداد الأرض السورية إلى جانب سيولة المشهد العسكري يحمل معه العديد من التحديات في ظل تبادل السيطرة بين هذه القوى، والقدرة على التحكم بالموارد المائية في المناطق الخاضعة لها، ومدى إدراكها لأهمية المورد المائي كعامل للاستقرار وتوطيد السلطة في مناطق سيطرتها وفقاً لأجندتها المستقبلية. وسيلقي كل ذلك بثقله على الموارد المائية من خلال الاستنزاف الكبير لها، نتيجة افتقاد هذه القوى القدرة على إدارة وتنمية الموارد المائية في هذه المرحلة الانتقالية للحفاظ على الأمن المائي واستمرار ديموميته. مع ما سيحمله كل ذلك من زيادة معاناة السكان نتيجة نقص المياه وتلوثها وصعوبة الحصول عليها.      

    الأمن المائي في أتون الثورة السورية

    تواترت التقارير التي تؤشر للواقع المائي المتردي في سورية ومستقبل مواردها المائية المهددة، في ظل تصاعد الأعمال العسكرية والتدمير الممنهج للبنية التحتية، وما تبعها من محاولة الأطراف العسكرية السيطرة على هذه الموارد لفرض نفوذها وتحقيق بعض المكاسب على حساب المعاناة الإنسانية للأفراد في مناطق سيطرتها، وهو ما يمثل أحد الأوجه الخفية لهذا الصراع.

    ووفقاً للمعطيات التي حملتها هذه التقارير تضاءلت قدرة السكان في الحفاظ على النفاذ المستدام إلى كميات كافية من المياه بجودة مقبولة، وازدادت معدلات التلوث بشكل كبير، رافعة بذلك حالة الفقر المائي لدى الأفراد بسبب استمرار التناقص في حصة الفرد من الموارد المائية المتاحة، ومنذرة بأزمة مائية قادمة ستشكل تهديداً فعلياً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسكان في ظل تفاقم الظروف المعيشية للأفراد وارتفاع أسعار مياه الشرب في العديد من المدن والأرياف.

    إن تنوع القوى العسكرية وتوزعها على امتداد الأرض السورية والسيولة المستمرة للمشهد العسكري يحمل معه العديد من التحديات الحالية والمستقبلية للأمن المائي. في ظل تبادل السيطرة بين هذه القوى، والقدرة على التحكم بالموارد المائية في المناطق الخاضعة لها، ومدى إدراكها لأهمية المورد المائي كعامل للاستقرار وتوطيد السلطة وفقاً لأجندتها الحالية والمستقبلية، ومدى قدرتها كذلك على إدارة وتنمية هذا المورد في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة للحفاظ على الأمن المائي.

    إن التفاوت في كمية ونوعية الموارد المائية والتوزعات السكانية المتباينة بين المناطق السورية المختلفة عبر العقود الماضية نتيجة للعديد من العوامل البيئية والسياسية أسهمت إلى حد كبير في اندلاع الثورة السورية ([1])، وقد أدى طول أمد الصراع وعدم وجود أفق واضح لنهايته إلى سعي القوى المتحاربة على الأرض للسيطرة على أكبر قدر ممكن من هذه الموارد وتسخيرها لتحقيق أهدافها، رغم كل التبعات التي يمكن أن تخلفه هذه السيطرة من تدهور الأمن المائي نتيجة تدمير البنية التحتية لشبكات المياه والسدود، ومحطات الطاقة التي تستخدم في تشغيل مرافق المياه في العديد من المدن والأرياف.  

    السيطرة على الموارد المائية في المنظور المستقبلي

    تشمل الموارد المائية التقليدية في سورية الموارد المائية السطحية التي تتكون من مجموعة من المجاري المائية أي الأنهار الداخلية والخارجية وموارد المياه الجوفية، إضافة إلى الموارد المائية غير التقليدية التي تشمل مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي ومياه التحلية. وتوصف الموارد المائية في سورية بالقليلة والمحدودة، وقد صنفت سورية في مجموعة البلاد الفقيرة بالماء منذ عام 2000، حيث تحدد العوامل الطبيعية والجغرافية والسياسية حجم هذه الموارد.

    الشكل (1) يبين توزع الأحواض المائية في سورية مع حجم توافر المياه في هذه الأحواض

    المصدر: محمد العبدالله، 2015، الأمن المائي في سورية: دراسة تحليلية لواقع الموارد المائية المتاحة، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تركيا.

    ويبلغ عدد الأحواض المائية الرئيسية التي تختزنها الأراضي السورية سبعة أحواض مائية هي حوض الفرات وحلب، وحوض دجلة والخابور، وحوض الساحل، وحوض البادية، وحوض العاصي، وحوض بردى والأعوج، وحوض اليرموك. كما يوجد عدد من السدود الكبيرة والمتوسطة ضمن هذه الأحواض ومن أهمها سد الفرات وتشرين والبعث والوحدة والرستن وقطينة وتلدو ومحردة ويبين الشكل (1) توزع هذه الأحواض والسدود ضمن أراضي سورية وحجم المياه المتاحة في هذه الأحواض حتى نهاية عام 2011. حيث يقدر مجموع كمية الموارد المائية في سورية ما بين (18.209-16.375) مليار م3/سنة من المياه.

    وتمثل السيطرة على الموارد المائية هدفاً استراتيجياً للقوى العسكرية المتصارعة في سورية، حيث يمنح التحكم في إمدادات المياه سيطرة استراتيجية لهذه القوى على المدن والأرياف. 

    قوات سورية الديمقراطية

    في سعيها لتحقيق ما أطلق عليه " مشروع الاتحاد الفيدرالي " تسعى قوات سورية الديمقراطية في استراتيجيتها المستقبلية للسيطرة على الموارد المائية من يد تنظيم الدولة الإسلامية وقوى المقاومة الوطنية بوجود دعم دولي. وإذا ما تحقق لها ذلك فإن الاتحاد الفيدرالي سيكون واقعاً ضمن أغنى ثلاث أحواض مائية في سورية والمتمثلة بكل من أحواض الفرات ودجلة والعاصي، والتي تحتوي على أهم الأنهار والسدود والبحيرات والمياه الجوفية في سورية. وقد عقدت الهيئات التابعة للإدارة الذاتية اجتماعات مع خبراء في الموارد المائية لدراسة أوضاع المياه في مقاطعة الجزيرة ووضع تصور مستقبلي لها ([2]). ويبين الشكل (2) مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية حتى تاريخ 15 تموز لعام 2016.

    تنظيم الدولة الإسلامية

    عمد تنظيم الدولة الإسلامية منذ ظهوره على الساحة السورية إلى الاستخدام الاستراتيجي للموارد الطبيعية كجزء أساسي من استراتيجيته التوسعية واستئصال كل من يرفض أفكاره المتطرفة في سعيه لإقامة “دولة الخلافة". وبدى هذا واضحاً في حجم الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها التنظيم في سبيل السيطرة على مرافق المياه واستخدامها كسلاح لتعزيز أهدافه السياسية والعسكرية والاقتصادية، فسعى جاهداً للسيطرة على السدود وخزانات المياه الضخمة ذات الأهمية الاستراتيجية في حوضي الفرات ودجلة. وكان من أهمها سد الفرات وتشرين والبعث، لأنه وجد في ذلك منفذاً له لتعظيم نفوذه وإلحاق الضرر بمناطق أكبر دون الحاجة إلى الاحتلال العسكري المباشر([3]). ويبين الشكل (2) مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية حتى تاريخ 15 تموز لعام 2016.

    الشكل (2) خارطة توزع أماكن نفوذ القوى العسكرية في سورية

    المصدر: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، وحدة المعلومات، 15-07-2016

    نظام الأسد

    يدرك نظام الأسد في رؤيته المستقبلية أهمية الحفاظ على المناطق الحيوية ذات الموارد الطبيعية في حال عدم تمكنه من السيطرة على كامل الأرض السورية. وقد تجسد هذا بشكل واضح في مشروعه بتحديد مناطق النفوذ الأكثر أولوية لديه تحت مسمى " سورية المفيدة " والذي لا يزيد عن 25% من مجمل مساحة البلد كما يوضحه الشكل (3)، والذي تدعمه كل من روسيا وإيران للإبقاء على موطئ قدم لهما في سورية بعد انتهاء الصراع ([4]). وتعتبر هذه المنطقة قلب سورية الحيوي استراتيجياً فضلاً عن كونها الأكثر كثافة ديمغرافياً ([5]).

    الشكل (3) يبين مشروع سورية المفيدة

    المصدر: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، وحدة المعلومات، 15-07-2016

    وبعد توالي خسائر النظام العسكرية واستنزافه على مدار الأعوام الماضية يحاول النظام جاهداً الحفاظ على مشروعه المستقبلي وتجسيده على أرض الواقع والذي يعد الملاذ الأخير له ولمناصريه بعد أن تلاشى أمله باستعادة السيطرة على كامل مساحة البلد([6]). ووفقاً للتصور المقترح لسورية المفيدة فسيكون حوضي العاصي والساحل وجزء من حوض بردى في المجال الحيوي بحيث يضمن النظام موارد مائية كافية تفي باحتياجاته المستقبلية. إلى جانب استفادته من كونه المنفذ الوحيد على البحر الأبيض المتوسط لما سيمنحه من ميزة استراتيجية كبيرة للاستفادة من الموارد الطبيعية الوفيرة في منطقة الساحل وسهل الغاب.

    الموارد المائية سلاح في أيدي القوى العسكرية

    بدى واضحاً في الصراع السوري وجود العديد من الأمثلة التي تعكس سعي القوى العسكرية المختلفة لاستخدام الموارد المائية كسلاح ضد بعضها البعض خلال الأعوام الخمس الماضية على أكثر من جبهة قتال. ويعد سلاح المياه وسيلة فاعلة من وجهة نظر هذه القوى للتوسع والاحتفاظ بالسيطرة في مناطق الصراع، كما أصبح قطع مياه الشرب وسيلة إضافية في الحصار ومصدر دخل لبعض القوى العسكرية، وسوقاً جديدة تحولت فيها مياه الشرب إلى سلعة باهظة الثمن، مع ما يلحقه ذلك من الأذى للمدنيين، إضافة إلى تحول هذه القضية إلى وسيلة ابتزاز في حالات عدة.

     إلى جانب ذلك يشكّل تواجد معظم الموارد المائية السطحية في الأرياف بتحويلها إلى خطوط تماس بين القوى العسكرية المتصارعة، الأمر الذي يضع المدن بشكل دائم في خطر تأمين المياه لسكانها الذين تضاعف عددهم مع ارتفاع وتيرة الصراع وازدياد عدد النازحين.

    قوى المقاومة الوطنية

    تجنبت قوى المقاومة الوطنية استخدام المياه كسلاح في وجه القوى العسكرية الأخرى، إلا أن الهجمة الشرسة لنظام الأسد وحلفائه ألجأت هذه القوى إلى استخدام هذا المورد للتخفيف من المعاناة الإنسانية للسكان في بعض المناطق. ففي وادي بردى في ريف دمشق اضطرت قوى المقاومة الوطنية في شهر حزيران من عام 2015 إلى استخدام المياه كسلاح لمواجهة قوات نظام الأسد، من خلال قيامها بتهديد النظام بتفجير نبع الفيجة لوقف عملياته بعد قيامه باستهداف المنطقة بمئات البراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية التي أحدثت دماراً هائلاً وأدت إلى تخلخلات طبقية تسببت في تحويل مجرى خروج المياه من الينابيع إلى مجارٍ أخرى في طبقات الأرض بدل أن تجري باتجاه حوض مياه نبع الفيجة. كما قامت هذه القوى بمساومة النظام على سماحها بضخ مياه عين الفيجة إلى مدينة دمشق مقابل التوصل إلى هدنة مؤقتة معه تضمن تطبيق جملة من المطالب الإنسانية للسكان تمثلت بشكل رئيسي في إيقاف كافة أنواع القصف واستهداف المدنيين على الحواجز، والإفراج الفوري عن كافة النساء المعتقلات وإدخال المواد الغذائية والطبية والمحروقات للمنطقة ([7]).

    نظام الأسد

    اتبع نظام الأسد في قمعه للثورة السورية سياسة الأرض المحروقة، وكان تركيزه منصباً على تدمير البنية التحتية في المدن الخارجة عن سيطرته، وتنوعت ممارسات قوات النظام في استخدام المياه لإلحاق أكبر ضرر ممكن لسكان هذه المدن. 

    في مدينة حلب، التي تعد أبز الأمثلة على استخدام مياه الشرب كسلاح في ظل الصراع الدائر حالياً، تحولت أزمة المياه إلى معاناة تلازم كل من تبقى من سكان هذه المدينة، فبعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على محطتي الخفسة والبابيري الواقعتان في الريف الشرقي لمدينة حلب في شهر شباط من عام 2014 امتنعت مؤسسة الكهرباء التابعة لنظام الأسد عن تزويد المحطتين بالكهرباء مما أدى إلى توقفهما عن العمل ([8])، ثم عادتا للعمل على خلفية إجراء مفاوضات مع نظام الأسد من جهة النصرة ومنظمة الهلال الأحمر وبعض أهالي مدينة حلب من جهة أخرى. ويعد استمرار تدفق المياه النظيفة أمراً منقذاً لحياة سكان المدينة، وضرورة لمنع انتشار الأمراض التي تنقلها المياه.  

    وفي محافظة درعا قامت الأجهزة الرسمية التابعة لنظام الأسد بحرمان السكان والأراضي الزراعية من المياه القادمة من جبل العرب، بعد أن قام النظام ببناء سدود تجميعية وسطحية في محافظة السويداء. وأدت هذه الإجراءات إلى جفاف العديد من السدود التجميعية ومنها سد درعا الشرقي أكبر سدود المنطقة التي تصل سعته الاستيعابية إلى 15 مليون م3 ويغذي مساحات شاسعة من المنطقة الشرقية لمدينة درعا تبلغ تقريباً 10000 دونم ([9])، وهو ما ينذر بتدهور الغطاء النباتي وتصحر المنطقة. بعد أن كانت هذه السدود توفر مياه الري لمئات الهكتارات من الأراضي الزراعية وتربية الماشية ([10]).

    في محافظة دمشق قام النظام بقطع مياه الشرب عن مخيم اليرموك بتاريخ 9 أيلول 2014. كما قام النظام في مدينة دمشق بتحويل مياه الصرف الصحي إلى حي جوبر المحاصر كوسيلة عقاب جماعي لأهالي الحي بهدف نشر الأمراض والأوبئة ولإغراق الأقبية التي يتحصن فيها المدنيين ([11]).  

    جبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقاً "

    استغلت جبهة فتح الشام طيلة سنوات الصراع الماضية قدرتها على قطع مياه الشرب عن مدينة حلب كوسيلة لتحقيق مكاسب ميدانية ومادية كبيرة عن طريق الوقود الفائض الذي تم إرساله لتشغيل محطات التوليد وإعادة ضخ مياه الشرب.

     وفي عام 2014 وبعد سيطرتها على عدد من الأحياء في مدينة حلب، أصدرت الإدارة العامة للخدمات التابعة لجبهة فتح الشام والهيئة الشرعية لفصائل قوى المقاومة الوطنية في أوائل شهر نيسان في عام 2014 قراراً يقضي بوقف عمل مضخة سليمان الحلبي مما أدى إلى انقطاع المياه عن كافة أحياء مدينة حلب سواء الواقعة تحت سيطرة هذه القوى أو الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد. كذلك قامت الهيئة في نهاية شهر نيسان في نفس العام بقطع التيار الكهربائي عن مدينة حلب بالكامل وأعلنت مطالبها المتضمنة توقف قوات النظام عن القصف اليومي بالبراميل والصواريخ على الأحياء السكنية في المناطق المحررة مقابل قيام الهيئة بالعمل على إعادة خدمة التيار الكهربائي. وكانت هذه الخطوة بعد أن قام النظام بقصف شبكات المياه ومحطة الكهرباء التي تغذي محطة المياه مما أدى إلى توقف ضخ المياه إلى المنازل وحرمان المدنيين من حقهم فيها، وزيادة معاناتهم في الحصول عليها نتيجة التحكم الكبير بأسعارها مع غياب الرقابة عليها، مما اضطرهم للانتظار في طوابير أمام آبار المياه غير المعقمة وصنابير مياه المساجد. كما لا يختلف حال المدنيين في مناطق سيطرة النظام عن حال نظرائهم في المناطق المحررة، بفعل تسلط لجان الدفاع الوطنّي على آبار المياه، واستخدامها لمصالهم الشخصية، إلى جانب المعاملة السيئة للمدنيين وإهانتهم من قبل ميليشيات النظام ([12]).

    تنظيم الدولة الإسلامية

    يعد تنظيم الدولة القوة العسكرية الوحيدة التي لجأت إلى الاستخدام الاستراتيجي للمياه كسلاح، فقد تمكَّن التنظيم بعد سيطرته على سد الفرات من حجز أكبر مستودع مائي ومنحه فرصة للسيطرة على المياه والكهرباء وتحقيق بعض المكاسب المادية، واستخدام السد كسلاح حرب ضد أعدائه عبر التهديد بإغراق المدن والمناطق المطلة على نهر الفرات عبر تحَّكُمِه بتدفق المياه وتسميمها، إلى جانب استخدام السد كذلك في التحصن وتخزين الأسلحة، أو حتى إحداث شلل في حياة المواطنين من خلال قدرته على التحكم في مياه السد عبر بناء السدود على النهر للاحتفاظ بالمياه وتجفيف مناطق معينة، وبهذه الطريقة يخفض من تزويد المياه للقرى والتجمعات السكنية. ومن جانب آخر يقوم التنظيم بإغراق بعض المناطق بإبعاد ساكنيها لمناطق أخرى وتدمير سبل عيشهم ([13]). وبالتالي مثلت هذه السيطرة سلاحاً تكتيكياً رئيسياً للتنظيم داخل سورية، لقناعته بعدم إمكانية قصفه من قبل أعدائه وعدم التسبب بكارثة إنسانية تتمثل في غمر مياهه لمدينتي الرقة ودير الزور إذا ما تم تدمير السد ([14]). لكن بالمقابل يوجد تخوف كبير من قبل المراقبين لمجريات الصراع بقيام التنظيم بتفجير السد إذا ما شعر بالخطر.  

    قوات سورية الديمقراطية

    أعلنت قوات سورية الديمقراطية بتاريخ 26 كانون الأول لعام 2015 سيطرتها على سد تشرين الواقع على نهر الفرات في ريف حلب الشرقي، وذلك بعد مواجهات عنيفة مع تنظيم الدولة الإسلامية. حيث قامت هذه القوات بإغلاق عنفات السد مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه، مهدداً بإغراق أكثر من 470 قرية على ضفاف نهر الفرات ([15]). وتزامن ظهور هذه المشكلة مع فرار مهندسي السد اللذين يديرون عمله بعد الاشتباكات العنيفة للسيطرة عليه. ومنع عودتهم بعد توقف الاشتباكات من قبل قوات سورية الديمقراطية بحجة تسليم السد لهيئة الطاقة في "مقاطعة كوباني"، لتبقى مهمة هذه القوات محصورة بتأمين حماية السد ([16]).

    المواطن السوري يدفع الثمن

     يدفع المواطن السوري خلال سنوات الصراع الدائر في سورية الثمن الأكبر ضريبة تشبثه بأرضه حرماناً واعتقالاً ونزوحاً وقتلاً وتهجيراً. فالكثير من السكان تعايش مع واقع الصراع والقصف والدمار والخوف وفقدان أدنى مقومات الحياة، إلا أن صمودهم تجاه فقدان المياه أمر لا يمكن تحمله إذا ما طالت فترة انقطاعه.

      يجدر القول هنا بإن استخدام سلاح قطع المياه المباشر وغير المباشر عن السكان في المدن كأسلوب من أساليب الحرب يرقى إلى جريمة حرب وهو عمل إجرامي غير مقبول يهدد حياة المدنيين، كما أن مسؤولية احترام حقوق المدنيين تقع على عاتق جميع أطراف الصراع )[17](.

    وفي هذا الصدد صرحت ممثلة اليونيسيف في سورية أن جميع أطراف النزاع في سورية استخدمت المياه كسلاح في الحرب، مما أدى إلى حرمان الملايين من المدنيين من الحصول على المياه النقية للشرب والاستخدام المنزلي. وأشارت الممثلة أن الأساليب التي اتبعتها هذه الأطراف شملت القيام بقطع المياه من المصدر، والغارات الجوية والهجمات البرية على مرافق المياه وإعاقة وصول العاملين المدنيين للحفاظ على وإصلاح وتشغيل المرافق. وقد وثقت اليونيسيف مثل هذه الأساليب في كل من حلب ودمشق ودرعا وحماة. وفي عام 2015 وحده واجه أكثر من خمسة ملايين سوري نقصاً حاداً في المياه مهدداً للحياة بسبب اتباع هذه الأساليب ([18]). حيث يقدر أن نسبة 70% من السكان في سورية لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة بشكل منتظم ([19]) كما أدى تعطل محطات معالجة المياه إلى زيادة ملحوظة في الأمراض التي تنقلها المياه الملوثة مثل التيفوئيد خاصة في المنطقة الشرقية لصعوبة تزويد هذه المناطق بالمواد الكيمائية اللازمة لتعقيم هذه المياه ([20]).

    من جهتها قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن شبكة المياه في سورية معرضة لخطر الانهيار مع استمرار الصراع، وهو ما يزيد من خطر انتشار الأوبئة الصحية مثل التيفوئيد والكوليرا. وأضافت اللجنة أن إمدادات المياه تنقطع لأيام في المرة الواحدة عن الملايين في حلب ودمشق، وهو أسلوب تستخدمه كل الأطراف المتحاربة لممارسة السيطرة في المدن المقسمة([21])

    وفي الجنوب السوري يعاني المزارعون نقصاً شديداً في مياه الري، إضافة لعشرات المدن والقرى التي تعاني العطش، خاصة في ريف درعا الشرقي، بسبب سرقة وتخريب المضخات وانقطاع التغذية الكهربائية المتواصل، وأدى غياب الحراسة لمناطق الضخ إلى خروج الكثير من هذه المضخات عن الخدمة والتي كانت تقوم بنقل المياه من ينابيع زيزون وتل شهاب لبعض قرى ومدن محافظتي درعا والسويداء ([22]).

    التداعيات المستقبلية لعسكرة المياه

    إن المتتبع لواقع الموارد المائية السورية عبر العقود الماضية يلحظ بوادر لحدوث فجوة مائية بسبب الاستنزاف والتلوث الكبير للموارد المائية الذي شهدته سورية خلال هذه العقود، وقد ازداد هذا الأمر سوءاً مع بداية عام 2011، بسبب التدمير الممنهج لهذه الموارد من قبل قوات النظام واستغلال القوى العسكرية الأخرى لهذه الموارد كسلاح ضد بعضها. فبعد مرور خمس سنوات من الصراع تأثرت البنية التحتية للمياه في البلاد بشكل كبير، حيث يقدر أن نصف إجمالي الطاقة الإنتاجية قد ضاع أو تلف ([23]). إضافة إلى الآثار المحتملة على كل من السكان والتنمية المستدامة وعمليات إعادة الإعمار. تشير بيانات البنك الدولي أن الخسائر في قطاع المياه هي الأعلى حيث بلغت 121 مليون دولار ([24])، كما أدى الصراع إلى مقتل وفرار العديد من العاملين في قطاع المياه والصرف الصحي. وبات ما يقرب من ثلثي السوريين يحصلون على المياه من مصادر تتراوح درجة خطورتها بين المتوسطة والعالية ([25]). وانخفض معدل توفر المياه من 75 لتر لكل شخص يومياً إلى 25 لتر ([26]). وتقدر وزارة الموارد المائية الخسائر الناجمة عن الصراع حتى الآن بنحو 74 مليار ليرة سورية ([27]).

    في ضوء التوقعات الآنية والمنظورة حول التغيرات التي ستشهدها سورية في هيكل السكان والاقتصاد في السنوات القليلة القادمة، وما سيترتب عليها من زيادة الطلب على الموارد المائية اللازمة لعملية إعادة الإعمار والتنمية، فإن السؤال الذي سَيُطرح من قبل الجهات التي سيعهد إليها بهذه المهمة يتركز حول مدى كفاية مواردنا المائية من حيث الكم والنوع لتلبية الاحتياجات المطلوبة لها، ويبقى الجواب على هذا السؤال رهناً للتطورات الجارية على الأرض. فمع استمرار الصراع سيزداد حجم الاستنزاف الكبير لهذه الموارد، وسيزداد حجم الدمار الذي سيلحق ببنيتها التحتية، إضافة إلى زيادة حجم التلوث الكبير الذي سيصيبها، وما سيترتب على ذلك من تكاليف اقتصادية كبيرة ستمثل إحدى أبرز التحديات التي ستواجه الشعب السوري في المرحلة القادمة. وسيتطلب ذلك مستقبلاً المزيد من تنسيق الجهود بين القيادة العسكرية، وبين جهود بناء السلام المحلي من قبل القيادة السياسية، فيما يتعلق بالقضايا ذات البعد البيئي، والتي تعد إدارة الموارد المائية أحد مفاصلها الرئيسية.

    إضافة إلى ما سبق فإن فقدان المياه يمثل أحد الأسباب الرئيسية لنزوح عدد كبير من السكان إلى مناطق بعيدة عن الصراع في وقت قصير. الأمر الذي سيترتب عليه العديد من الآثار والانعكاسات المستقبلية السلبية على كمية ونوعية الموارد المائية المتاحة.

    وقد ظهر هذا التأثير بشكل خاص في موارد المياه الجوفية، والتي تشير الكثير من التقارير الداخلية إلى وجود استنزاف كبير لها من خلال الحفر العشوائي للآبار في غالبية المناطق السورية، إضافة أيضاً إلى التلوث الحاصل في العديد من مصادر المياه السطحية والجوفية ومرد ذلك إلى غياب الرقابة اللازمة للحد من هذه الأعمال، وعدم القدرة في ذات الوقت على تأمين المتطلبات اللازمة للسكان من المياه. إضافة إلى أن الهجمات والهجمات المضادة لأطراف الصراع دمرت العديد من مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، مما أدى إلى تلوث مياه الشرب. ورغم صدور العديد من الإرشادات الصحية المتعلقة بضرورة غلي المياه الآتية من الصنابير والآبار إلا أن ارتفاع أسعار الوقود في العديد من المناطق حال دون تمكن الأهالي من القيام بذلك. 

    على الرغم من هذه المؤشرات التي تنذر بالخطر، فإن القوى العسكرية على الأرض تعيش حالة الإنكار للمنعكسات السلبية لهذه الأزمة، ولم تتخذ التدابير اللازمة للاستجابة لتداعياتها السلبية. وينصب تركيزها على دعم جبهات القتال، فيما تترك إدارة وصيانة الموارد المائية لمجموعة قليلة من الوكالات الدولية وأصحاب الاختصاص المقيمين في الداخل وسيقود أي تعطل في تزويد السكان بالمياه أو تلوثها إلى حركة نزوح كبيرة للسكان داخل سورية أو إلى دول الجوار.   

    ووفقاً لما تقدم فلا بد من وضع المياه كأولوية لدى منظمات الأمم المتحدة بالنسبة للشرب والصرف الصحي والري، وأن الفشل في عمل هذا سوف يضع سورية في خطر المأساة الوشيكة والتي يمكن أن تكون أكبر في نطاقها من قدرة السكان على تحمل تبعاتها. ولا بد أن يكون لحماية الموارد المائية أولوية لدى القائمين على الشأن المائي عبر السعي إلى حماية نوعية الموارد المائية من التلوث. ذلك أن هذه الموارد تعد من أهم الموارد الطبيعية في سورية والتي ستتحكم بتوزيع السكان وأنشطتهم الاقتصادية في المستقبل، وهي بذلك تعد من أهم مرتكزات الأمن الغذائي والأمن الوطني. وسيدعو ذلك إلى ضرورة تقدير قيمة هذه الموارد عند إعداد المشاريع ووضع الخطط الخاصة بعمليات التنمية وإعادة الإعمار، إلى جانب السعي الدائم إلى تحقيق الفاعلية المطلوبة في إدارة هذه الموارد لتنميتها والمحافظة عليها من النفاد، وتحقيق المتطلبات اللازمة للأمن المائي. وتمثل ندرة هذه الموارد وتزايد الطلب عليها في سورية تحدياً مهماً، والتي أدت سياسات نظام الأسد على مر العقود الماضية إلى تدهورها واستنزافها بشكل كبير، مع ما يتطلبه ذلك من ضرورة التقييم المستمر لهذه الموارد من حيث مصادرها وتوزيعها وتقييم الطلب عليها وتحديد التغيرات الحاصلة فيها في ظل الظروف الحالية.

    خاتمة

    بعد مرور ست أعوام على الصراع الدائر في سورية يجد الملايين من سكان هذا البلد أنهم قد تركوا تحت القصف الممنهج من قبل قوات النظام وحلفائه، وانتهاكات تنظيم داعش وقوات سورية الديمقراطية مع عدم وجود وازع أخلاقي يردع أياً منهم عن استخدام هذا المورد الطبيعي الأكثر حيوية لتحقيق أهدافها. وعلى الرغم من إدراك هذه الفصائل أن استخدام المياه كسلاح تكتيكي من قبلها قد تسبب في احراز بعض الخسائر العسكرية للأطراف الأخرى الداخلة في الصراع، إلا أنها تدرك تماماً أن استخدام المياه كسلاح عسكري تكتيكي عديم الفائدة نسبياً ولكن يمكن اعتباره أداة فاعلة للسيطرة السياسية وفقاً لأجندتها المستقبلية، مع تجاهلها للآثار السلبية التي سببها الاستخدام العسكري للمياه على حياة المدنيين واستقرارهم الاقتصادي والاجتماعي نتيجة تعرضهم للأخطار الناجمة عن نقص المياه وتلوثها.

    إن العواقب الإنسانية المترتبة عن النقص في إمداد المياه وتلوثها نتيجة استخدامها كسلاح من المحتمل أن تدوم تأثيراتها لفترة طويلة في المستقبل مهما كانت نتيجة الصراع الدائر حالياً. ويمكننا تلمس آثار ذلك بشكل واضح في المعاناة التي سببها نقص المياه في مناطق الصراع من ارتفاع أعداد السكان النازحين والمهجرين من مناطقهم إلى مناطق أخرى. إضافة إلى زيادة تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه الملوثة والنقص في مياه الصرف الصحي ومستلزمات النظافة في غالبية مخيمات النزوح.  

    في ظل ما سبق فإن الفشل في الاستجابة لأزمة المياه الحالية سوف تزيد من زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. وبالتالي لا بد من تكاتف جهود جميع الفاعلين في القضية السورية ووضع المياه كأولوية بالنسبة لكل من الشرب والصرف الصحي والري، وأن عدم القدرة على تحقيق متطلبات ذلك سوف يضع سورية في خطر المأساة الوشيكة والتي يمكن أن تكون أكبر في نطاق تداعياتها السلبية من قدرة السكان على تحمل هذه التداعيات وتبعاتها المستقبلية.

    ([1]) تعامل نظام الأسد على مر العقود الماضية مع الموارد المائية باعتبارها قضية أمن قومي محاطة بـثقافة السرية، وكان أي نقاش حاسم في هذا الشأن غير مقبول. وظل يعمل قطاع المياه السوري في حقيقتين. من جهة هناك الرواية الرسمية التي تصور سورية على أنها شحيحة المياه بشكل طبيعي وتعمل بنشاط على تحديث قطاع المياه لديها، ومن ناحية أخرى، هناك واقع على الأرض يتمثل بنظام إدارة مياه غير فعال وفاسد مكَّن من استغلال موارد المياه والأراضي على نطاق واسع وأحدث المزيد من الفقر والحرمان والهجرة الداخلية وسط المجتمعات الريفية.

    ([2]) هيئة الري والزراعة في مقاطعة الجزيرة، تاريخ 12-5-2016: https://goo.gl/QO7zJB

    ([3]Tobias von LossowWater as Weapon: IS on the Euphrates and Tigris,German Institute for International and Security Affairs, January 2016.

    ([4]مفهوم سورية المفيدة وتطبيقاته، قناة الجزيرة الفضائية، برنامج الواقع العربي، 29-9-2015:http://goo.gl/RUqO9s

     ([5])"سوريا المفيدة" آخر الأوراق الروسية لإنقاذ الأسد، تقرير خاص، 01-10-2015، الخليج أونلاين:http://goo.gl/xxm8Dh

     ([6]) عدنان عبد الرزاق، الأسد يكرس سورية المفيدة، 30-05-2016، موقع العربي الجديد الإلكتروني:https://goo.gl/2O5BN3

    ([7]وادي بردى: النظام يصعد .. والمعارضة تذكر بشروطها لتزويد دمشق بالمياه، 21-6-2015، جريدة المدن الإلكترونية: http://goo.gl/ASP4Eb

    ([8]) وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة " يونيسيف"، يعد مرفق معالجة المياه في الخفسة أحد أهم المرافق في سورية، حيث تنتج المحطة ما معدله 400 مليون لتر من مياه الشرب يومياً. حيث تقوم المحطة بسحب المياه من نهر الفرات، الذي يعتبر المصدر الوحيد لمياه الشرب لأكثر من مليوني شخص لكامل مدينة حلب والمناطق الشرقية من المحافظة.

    ([9])دقّ ناقوس الخطر. جفاف سد مدينة درعا يهدد حياة الناس وزراعتهم، 15-04-2014، موقع أورينت نت:http://o-t.tv/_9

    ([10])النظام السوري يعاقب درعا بمنع المياه عنها، 17-05-2016، الجزيرة نت، http://goo.gl/poEedu

     ([11])نظام الأسد ينتقم من حي جوبر المحاصر بإغراقه بمياه الصرف الصحي، الهيئة السورية للإعلام، 22-05-2016: https://goo.gl/a5Vndq

     ([12]) جبهة فتح الشام هي المسؤولة عن قطع المياه عن مدينة حلب، تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتاريخ14-5-2014: http://goo.gl/G22DgE

    ([13])Matthias von heınIslamic state using water as a weapon, 3/3/2016:deutsche welle:http://goo.gl/KIG6bB

    ([14])كيف يستخدم تنظيم «الدولة الإسلامية» المياه كسلاح في العراق وسوريا؟، 8 فبراير ,2016، موقع ساسة بوستhttp://goo.gl/3BuZ1x

     ([15]) محمد خالد، 31/12/2015، سد تشرين في خطر: داعش أم سورية الديموقراطية، جريدة المدن الإلكترونية. http://goo.gl/RZAv20

    ([16]) يشير تقرير خاص لجريدة عنب بلدي بعنوان: سد تشرين.. الإنجاز الأكبر لـ “سوريا الديمقراطية” منذ تأسيسها، أشار ت فيه إلى أن مياه نهر الفرات غمرت 7 قرى في ريف حلب الشرقي عقب سيطرة قوات سورية الديمقراطية على سد تشرين في منطقة منبج وتوقف عنفاته عن العمل. وفي بيان لها حول الموضوع وجهت وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة بتاريخ 30 كانون الأول، نداءً إلى هيئة الأمم المتحدة والهلال والصليب الأحمر وجميع المنظمات والدول الفاعلة في الملف السوري لاتخاذ إجراءات فورية لتحييد سد تشرين الكهرمائي عن أي عمل عسكري في محيطه. وطالب البيان كذلك ببذل جميع الجهود للسماح بإعادة الكادر الفني العامل في السد سابقًا لإدارته وتشغيله من حيث تمرير المياه وتوليد الكهرباء، وأكدت الوزارة أنها تواصلت مع الحكومة التركية لإيقاف المياه عن السد إلى حين عودته للخدمة: http://goo.gl/IHeglU

    ([17]) يوجد عدد من الاتفاقيات التي تصنف استخدام المياه كسلاح باعتبارها جريمة حرب. ومن أهمها البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف المتعلق بحماية ضحايا النازعات المسلحة غير الدولية (المادة 49) والذي ينص على أن " تجويع المدنيين كأسلوب للقتال محرم. ووفقاً لذلك يحظر مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو تعطيل أي مواد لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين مثل المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب والإمدادات وأعمال الري ". ويتعين على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف تقديم الأشخاص للمحاكمة أو تسليمهم ممن يزعم بأنهم ارتكبوا الانتهاكات المشار إليها في هذا البروتوكول. كما تحدّد الفقرة 1 من المادة 11 من شرعة حقوق الإنسان، " أنّ للإنسان الحقَّ في تأمين مستوىً معيشيٍّ كافٍ يضمن له الكرامة الإنسانية والحياة، ومن ضمنها الماء. وأنّ الحقّ في الماء هو حقٌّ لا يمكن فصله عن الحقّ في أعلى مستوىً من الصحّة الجسمي ".

    ([18])ممثلة اليونيسف: جميع الأطراف استخدمت المياه كسلاح بالحرب السورية، مقابلة إذاعية على راديو روزانة بتاريخ 9-3-2016 : http://rozana.fm/ar/node/18267

     ([19]) خطة الاستجابة الإنسانية في سورية لعام 2016، والخطة الإقليمية للاجئين والصمود 2016-2017، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

    ([20])Nouar ShamoutSyria Faces an Imminent Food and Water Crisis, 24June 2014, chatham house, the Royal Institute of International Affairs, UK

    ([21])الصليب الأحمر يحذر من انتشار أوبئة في سورية بسبب مشكلة المياه، إذاعة الحرة، 03-09-2015:http://goo.gl/JICPbl

     ([22])ينابيع المياه بجنوب سوريا تذهب هدرا.. وإسرائيل المستفيدة، عربي 21، 30-03-2016:http://goo.gl/SpR28t

    ([23])Syria: Water used as weapon of war, 02-9-2015,The International Committee of the Red Cross  https://www.icrc.org/en/document/syria-water-used-weapon-war

    ([24])The Importance of Planning Syria’s Eventual Reconstruction,May 24, 2016, The World Bank:http://goo.gl/KhwFnS 

     ([25]) الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا: الآثار الاقتصادية للحرب والسلام، العدد (6)، يناير 2016، البنك الدولي.

    ([26]) -Running dry: Water and sanitation crisis threatens Syrian children،unicef:http://goo.gl/GKjfVS

    ([27]) يصعب تحديد قيمتها الفعلية بالدولار بدقّة لكونها قيمة تراكمية في ظل الارتفاع المتواصل لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، إلا أن القيمة بالتأكيد        تتجاوز النصف مليار دولار.

  • اللجنة الدستورية المعلن عنها من قبل الامم المتحدة بخصوص سورية

    ورقة بحثية – المركز السوري سيرز

    احمد محمد الخالد (باحث حقوقي قانوني)

    تعريف الدستورهو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة وينظم السلطات العامة والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات.

    إن صياغة هذه الوثيقة التاريخية بعد الثورة تتطلب التمثيل الشرعي لكل فئات الشعب السوري وشرائحه الاجتماعية وقواه السياسية والنقابية والمهنية والدينية والثقافية، لأن الدستور هو:

    • القانون الاساسي الذي تبنى عليه كل مؤسسات الدولة وقوانينها
    • الضامن الأول لحقوق وحريات المواطنين

    اللجنة الدستورية: ان تعيين اللجنة الدستورية هو مخالفة لفقه القانون الدولي العام ومصادرة لحق الشعب باختيارها؛ فالدساتير لا تكتب عنوة ولا في السر خدمة لمصلحة فئة قليلة واختزال للمجتمع السوري، خاصة بعد ثورة ضحى فيها الشعب بأرواحهم وغامر فيها الشباب بمستقبلهم.

    ولا بد من وجود نظام داخلي يضبط عمل اللجنة الدستورية واللجان المنبثقة عنها والذي بموجبه تحدث الهياكل التي ستقوم بصياغة مشروع الدستور وتوزع المهام على اللجان وتحدد الاجراءات وكيفية التنسيق بينها وإلا فإن هؤلاء سيتبعون ميولهم الشخصية والسياسية دون وجود ضوابط محددة لعملهم وبعيدا عن الوطنية والمهنية.

    وهنالك حاجة ماسة على المستوى الفني والتقني لتمثيل عدد من الخبراء الدستوريين والقانونيين داخل لجنة صياغة الدستور.

    ولابد من علانية مداولات اللجنة ومدى تفاعلها مع رؤى ومقترحات الشعب السوري سواء بالحوار أو الاستماع لهم تعد من الاشتراطات اللازمة لنجاح أعمالها.

  • الميليشيات الشيعية المقاتلة ضدّ الثورة السورية

    خطة البحث:

    المقدمة.

    أولاً: الميليشيات الشيعية اللبنانية.

    ثانياً: الميليشيات الشيعية العراقية.

    ثالثاً: الميليشيات الشيعية الإيرانية.

    رابعاً: الميليشيات الشيعية السوريّة.

    خامساً: ميليشيات شيعية مختلطة ومتعددة الجنسيات.

    سادساً: الميليشيات الشيعية في سورية "جرائم وتطهير عرقي".

    الخاتمة.

    المقدمة:

       لم تكن الاتهامات التي وجهها النظام السوري على لسان مستشارته الإعلامية "بثينة شعبان"، منذ الأيام الأولى لانطلاقة الثورة السورية السلمية المطالبة بالإصلاح والحرية قبل رفع سقف مطالبها إلى مستوى إسقاط النظام، عن أنّ الاحتجاجات تحمل طابع المذهبية، كونها قامت في مناطق السّنة، لم تكن هذه الاتهامات محض صدفة، فالنظام السوري الطائفي حكم البلاد والعباد باستخدام الطائفية في أجلى صورها، واستمر النظام جاهداً على تشويه الثورة السورية، واعتبارها ثورة طائفية ليحقق بذلك دعماً من مناصريه، سواء كانوا دولاً أم أحزاباً، وهذا ما حصل فعلاً، فقد استخدم النظام السلاح ضد أبناء الشعب السوري منذ بداية الثورة مطلع عام 2011، ثم بدأ بإدخال الميليشيات الشيعية لقمع الثورة السورية، فكان حزب الله اللبناني أولى الميليشيات التي دخلت سوريا، ثم تتالى استقدام النظام للميليشيات الشيعية الطائفية من كل حدبٍ وصوب، من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان، وصولاً إلى مجموعات شرق آسيوية متنوعة، جميعها جاء باسم الدفاع عن المقدسات "الشيعية"، وبدعم وإشراف مباشر من قبل إيران، وأجهزتها العسكرية والأمنية. وبالتالي استطاع النظام وضع هذه الميليشيات في مواجهة الشعب السوري، فمارست بحقه أفظع المجازر والجرائم والانتهاكات التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.

       لذلك رأينا أنّه من الواجب علينا إلقاء الضوء على أهم هذه الميليشيات، ليكون ذلك مرجعاً يوضع بين أيدي ابناء الشعب السوري حالياً وفي المستقبل، ليعرف كل سوري من قاتله وقتل أبنائه وأخوته باسم الطائفية البغيضة. 

    أولاً: الميليشيات الشيعية اللبنانية:

    1- حزب الله:

       يُعد حزب الله اللبناني القوة الشيعية الأكثر تدريباً والأفضل تسليحاً خارج إيران, والقوة الشيعية الأكثر رمزية بعد الحرس الثوري الإيراني, وصاحب الضخ البشري والعسكري الأكبر نسبةً لحجمه، وهو أكثر الفصائل قُرباً من النظام الإيراني والنظام السوري معاً(1).

    وقد شارك الحزب في قمع الثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011، وإن كان بشكل غير معلن، إلا أنّ الحزب بدأ ينخرط فعلياً في الحرب ضد الشعب السوري، إلى جانب نظام الأسد منذ أن أُجبر أبناء الشعب السوري على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.

    لمتابعة الدراسة وتحميلها كملفPDF اضغط هنا

  • الواقع التعليمي في مناطق "الإدارة الذاتية"

    مدخل

    أفرزت سياسة العنف الممنهج الممارس من قبل النظام الحاكم في سورية مجموعة من الاختلالات والانتكاسات التي استهدفت بنية الدولة ووظائفها وجغرافيتها، لاسيما على صعيد الخدمات الإدارية والاجتماعية، إذ كانت المعادلة التي يتبناها النظام في تعامله مع الحراك الثوري مستندة على عدة عناصر تُمليها المؤسسة العسكرية والأمنية، غير آبهة بنتائج هذه المعادلة على ثنائية الوطن والمواطن. وتعطلت بموجب هذه السياسة العديد من وظائف الدولة وعلى رأسها وأشدها حساسية هي التربية والتعليم، تلك الوظيفة التي تماهَت مع الصراع في مناطق سيطرة النظام ولاتزال تتعثر في مناطق سيطرة المعارضة وخطفت كلياً وتأدلجت في مناطق نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية"، بينما باتت حالة خاصة في المناطق التي تُسيطر عليها "الإدارة الذاتية". تتجلى خصوصية وظائف الدولة بما فيها التربية والتعليم في مناطق الإدارة الذاتية كوننا أمام بنى ووظائف دولة مزدوجة تربط بينها علاقة تتراوح ما بين التنافس والاستحواذ المطلق، إذ ارتأت تلك الإدارة بأنه ليس من الضرورةً بأن تقطع التراتبية الإدارية مع حكومة النظام. في المقابل قامت بتشكيل مؤسسات موازية لتلك العائدة للدولة، بدءً من أصغر خدمات البلديات حتى تشكيل "حكومة كاملة الحقائب"، وعملت بذات السياق على إضعاف مؤسسات النظام، وهذا الأمر يشمل مؤسسات التربية والتعليم أيضاً. وتنمو هذه العلاقة الخاصة على حساب العملية بحد ذاتها لتغدو إشكالية تستوجب التفكيك ومعرفة مفاصلها الرئيسية.

    سيعمل هذا التقرير على وصف وتحليل واقع التعليم في هذه المناطق وتحديد نوع وطبيعة هذه الإشكالات المتأتية من العلاقات الخاصة مع الفاعلين في تلك المناطق، وقياس مدى التوظيف السياسي لقطاع التعليم وأثره على أهداف العملية التعليمية من جهة ثانية.

    المؤسسات التعليمية: أرقام وحقائق

    تُعتبر محافظة الحسكة من المناطق التي تم إهمالها بشكل كامل في المجال التعليمي منذ عقود، فإذا نظرنا لمؤشر انتشار المؤسسات التعليمية لا سيما الجامعية في المحافظة فإننا نلحظ بداية دخول الحياة الجامعية للمحافظة متأخرة كثيراً في عام 2006 مع افتتاح فرعٍ لجامعة الفرات/ دير الزور. ولم يكن الافتتاح بخطوات يمكن وصفها بالجدية، فالجامعة عانت قبل الثورة من نقص الكادر التدريسي ومن استعمال مدارس بصفوفٍ ضيقة لأقسامٍ تحتاج إلى مدرجاتٍ ضخمة، وضعفٍ شديد فيما يخص تجهيزات الأفرع العلمية. وعقب الثورة ازدادت المشاكل والمصاعب التي تُواجه الطلبة في المحافظة نتيجة الفوضى الإدارية والتغيرات في الوضع العسكري في المدينة. وفي هذا الاتجاه وبالإضافة إلى الصعوبات الأمنية وتعدد القوى المتصارعة فإنه يمكن تلخيص المشاكل والصعوبات التي تواجه الطلاب والجامعة الحكومية في المحافظة والواقعة ضمن أماكن سيطرة الإدارة الذاتية بما يلي:

    أولاً: تعثر العملية التعليمية جراء الصراع العسكري المتعدد الأطراف، كما حصل في كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد نتيجة المواجهات التي حصلت بين النظام وبين عناصر كتيبة أحرار غويران في 08/09/2014([1])، وفي كليتي التربية والآداب في 25/06/2015 نتيجة سيطرة تنظيم "الدولة" على حي النشوة الشرقي في مدينة الحسكة([2])، كما توقف التعليم نتيجة الاشتباكات المتكررة بين عناصر وحدات الحماية الشعبية وجيش النظام([3]).

    ثانياً: تغليب المصلحة الإدارية على العملية التعليمية فقد توقف التعليم وأحياناً الامتحانات نتيجة مناسبات خاصة بجهة سياسية، فمثلاً تم حرمان الطلبة من امتحاناتهم نتيجة الإحصاء السكاني من قبل الإدارة الذاتية([4]).

    ثالثاً: صعوبات فنية وإدارية كتعثر المعاملات الإدارية، وعدم توفر الكادر التدريسي، وانعدام مدرسين من درجة الدكتوراه في أغلب أقسام الجامعة وقيام أساتذة التعليم الثانوي بتدريس طلبة الجامعة([5])، والعدد الهائل من المنظمات الطلابية الكردية والناتجة في أغلبها عن خلافات سياسية بين الطلاب([6])، وتسرب الطلبة الذكور نتيجة سحبهم للتجنيد الإجباري من قبل الإدارة الذاتية([7]).

    رابعاً: تفشي التقصير والفساد كانتشار تجارة بيع المواد والأسئلة، وصعوبة الأسئلة وسلم التصحيح، وإتمام المقررات في مدة زمنية قصيرة، والتركيز على الجانب النظري دون التطرق للجانب العملي لبعض الفروع العلمية([8]).

    وفيما يخص الجامعات التي أعلنتها الإدارة الذاتية وهي جامعتا عفرين وروچ آڨا فلا تزال تعاني علمياً من عدة إشكالات علمية وبنيوية أهمها:

    • عدم استحواذها على اعتراف مؤسسات الدولة السورية أو اعتراف هيئة الأمم المتحدة أو أي دولة إقليمية أو عالمية.
    • عدم مناقشة خطة افتتاح الجامعة مع الأكاديميين والمختصين بالرغم من تواجد ثلاثة عمداء كليات لدى الجامعات السورية ونواب عمداء ورؤساء أقسام.
    • قيام القائمين على افتتاح الجامعة بتهميش الكوادر الأكاديمية الموجودة في المحافظة.
    • افتقار الجامعة لمن يملأ منصب الرئاسة ويكون من حملة الدكتوراه بدرجة أستاذ مساعد على الأقل.
    • نقص الكادر التدريسي وغياب من يمكنه أن يحل محل وزير التربية والتعليم لتوقيع الشهادات.
    • افتقار كبير للمستلزمات التعليمية كعدم توفر قاعات تدريس في كلية الطب توافق متطلبات القسم، أو مخابر ومشرح ومشفى جامعي تابع لها. كما تفتقر الكليات الأخرى لقاعات ومدرجات من الممكن أن تستوعب الأعداد الضخمة من الطلاب، إضافة لانعدام وجود مكاتب للكتب تكون خاصة بكل كلية، ومكتبة مركزية للجامعة كلها([9]).

    يوضح الجدول أدناه توزع الجامعات والكليات وتعداد الطلاب في مناطق أخضعتها الإدارة الذاتية لنفوذها([10]):

    ويوضح الجدول أدناه أهم المؤسسات التعليمية وأعدادها وحجم الكادر التدريسي والطلاب ضمنها والتي تديرها الإدارة الذاتية في المناطق التي تسيطر عليها:([11])

    محاولات الاستحواذ على العملية التعليمية

    تتبع الإدارة الذاتية عدة أساليب في إدارة القطاع التربوي والتعليمي في مناطقها وذلك تبعاً لحجم سيطرتها التي تبدو مطلقة في عفرين وعين العرب/كوباني، بينما هي متفاوتة في محافظة الحسكة، وهو ما جعل عملية التحكم في مفاصل هذا القطاع وهوامشه متفاوتة أيضاً. ففي مدينة عفرين برزت سياسة الإدارة في هذا القطاع بشكل واضح، إذ ربطت كافة المؤسسات التعليمية -التي كانت تُدار من قبل مؤسسة اللغة الكردية واتحاد "معلمي غربي كردستان" من العام الدراس 2012-2013 حتى منتصف العام 2013- 2014  بالجهاز التنظيمي للإدارة الذاتية وأتبعتها لهيئة التربية والتعليم([14]).

    استندت أركان العملية التعليمية على ثلاثة قواعد رئيسية، أولها المتطلبات الأيديولوجية، وثانيها اعتماد اللغة الكردية، والقاعدة الثالثة مرتبطة بضرورات التغيير وإعادة تأهيل البنى التعليمية، إذ أوصى المؤتمر الثاني لمؤسسة مؤسّسة اللّغة الكرديّة «SZK» الذي عقد في مدينة عفرين بتاريخ 18/ كانون على ضرورة " ترسيخ النظام التعليمي وفق مبادئ الأمة الديمقراطية استناداً إلى فلسفة قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان"، وضرورة تأهيل الكادر التدريسي لنفسه بجهود ذاتية، بالإضافة إلى وجوب خضوع جميع الأعضاء للتدريب الإيديولوجي، الثقافي والمسلكي، وضرورة عمل الهيئة على البدء بالتعليم بشكل رسمي باللغة الكردية خلال العام الدراسي 2015- 2016([15]). من جهة أخرى يتم توجيه الاتهام للإدارة الذاتية بأدلجة المواد التعليمية نتيجة فرضها مادة تسمى "الأمة الديمقراطية" والتي تنبع من فكر ونظرية عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكُردستاني المعتقل في تركيا([16]).

    كما بدأت عملية اعتماد مناهج التعليم باللغة الكُردية في المناطق ذات الكثافة الكُردية والواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية في مدينة عفرين بتاريخ 17/11/2014، وقررت هيئة عفرين تغيير المناهج للعام الدراسي 2014-2015 وللصفوف الثلاثة الأولى باللغة الكُردية.

    إلا أن العملية التعليمية في هذه المدينة لا تزال تواجه صعوبات جمة، فبالإضافة إلى عدم توافر الدعم اللوجستي والفني للعملية وعدم تزويد المدينة وريفها بالكتب المدرسية لما يقارب أربع سنوات، تبرز إشكاليتان تهدد هذه العملية برمتها، ترتبط الإشكالية الأولى بمسألة الاعتراف بمخرجات مؤسسات التعليم سواء كخطط العمل أو شهادات طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، رغم تجاوز أعدادهم آنذاك 1500 طالب من حملة الشهادة الثانوية و2500 طالب في مرحلة التعليم الأساسي وبلغ عدد الطلاب في المعاهد التابعة للإدارة الذاتية 170 طالباً وطالبة، ناهيك عن أعداد النازحين من المناطق السورية والتي حسب إحصاءات غير رسمية قارب عددهم 500 ألف([17]). وتتعلق الإشكالية الثانية بعدم القدرة على تأهيل الموارد البشرية المختصة التي ستتولى تنفيذ الخطط التعليمية، وهذا ما ناقشه ذات المؤتمر وكان أحد أهم أسباب انعقاده، إذ أن أغلب المدرسين غير حاصلين على شهادات جامعية "ناهيك عن امتناع المدرّسين الاختصاصيين عن التعاون مع مؤسسة اللغة"، وعلى الرغم من أن المؤسسة قد أهلت خلال عام واحد قرابة 1000 مدرس للتعليم باللغة الكُردية خلال عامٍ واحد، إلا أنها تتعرض للنقد الشديد فيما يخص سوية المدرسين لديها، حيث إن الكثير منهم هم من غير الحاصلين على شهادات معاهد أو جامعات([18]).

    وفيما يتعلق بحدود العلاقة مع المؤسسات الرسمية التابعة للنظام فقد توجهت هيئة التعليم باللغة الكُردية نحو تحجيم وتقويض دور المجمع التربوي الحكومي بدءً من الشهر الثامن من ذات العام. وتم تعميم المناهج الكُردية على كافة الصفوف في المرحلة الابتدائية (من الصفّ الأول إلى السادس) مع إدخال مادتي اللغة العربية للصفّ الرابع والإنكليزية للصفّ الخامس. وفيما يخص المخاوف التي رافقت عملية قطع العلاقة بالمجمع التربوي وما يمكن أن تنتجه من تغييب لدور الآلاف من المدرسين المعينين من قبل الدولة في مدارس عفرين وريفها، صرحت رئيسة هيئة التربية والتعليم في مقاطعة عفرين بأن الباب مفتوحٌ أمامهم لينضموا للنظام التدريسي التابع للإدارة الذاتية. ويقدر عدد المدرسين من ملاك الدولة في المنطقة بحوالي 5000 معلم ومعلمة، وترى رئيسة الهيئة بأن "مقاطعة عفرين تحتاج إلى 1500 مدرّس فقط لتغطية كافة المدارس الموجودة في المدينة والريف من إداريين ومدرسين، إضافة لـ 300 مدرّس اختصاصي للمرحلة الثانوية"([19]).

    أما في محافظة الحسكة فقد شهدت خلافات أشد من تلك الحاصلة في مدينة عفرين وكوباني/عين العرب نتيجة وجود الدوائر الحكومية ومزاولتها لواجباتها الإدارية خصوصاً في مجال التعليم، الأمر الذي أدى إلى حدوث صراع بين حكومة النظام من جهة وبين الإدارة الذاتية من جهة أخرى على الأحقية في إدارة المؤسسات التربوية. وفي هذا الصراع لاتزال المؤسسات التربوية التابعة للنظام تمتلك قوة "الشرعية" المؤسساتية في منح الشهادات والرواتب بشكل خاص. وفي المقابل تحاول الإدارة الذاتية إجبار هذه المؤسسات على الاعتراف بها كجهة شرعية لإدارة الملف التربوي عبر السيطرة على البُنية التحتية الرئيسية لقطاع التعليم "المدارس" وعلى المحرك البشري المتمثل بالطلاب والكادر التدريسي.

    وضمن هذه السياقات قامت الإدارة الذاتية بتشكيل معاهد لتعليم اللغات: الكردية والسريانية والآشورية، وهي الجهة الوحيدة التي تستطيع إعداد المدرسين وتعيينهم لاحقاً، تحت إشراف هيئة التربية للإدارة الذاتية([20]). والجدير بالذكر أن التوجه نحو التعليم باللغات الأُم كان مطلباً للكُرد بشكل خاص إلى جانب كونه مطلباً للأرمن والآشوريين والسريان بدرجة أقل نتيجة تمتعهم ببعض الحرية في تعلم لغتهم في عهد " النظام". وفي هذا الاتجاه كان مجلس غرب كُردستان المعلن من قبل الإدارة الذاتية قد أعلن مشروع دستورٍ في تموز 2013 تضمن في مادته الخامسة "اللغة الكردية والعربية هما اللغتان الرسميتان لمناطق الادارة الذاتية مع ضمان التعليم لأبناء المكونات الأخرى للتعليم بلغتهم الأم ([21])"، ليدخل التدريس بمناهج وفق اللغات القومية في محافظة الحسكة حيز التنفيذ مع بداية العام الدراسي في 28/09/2015([22]).

    والجدير بالذكر أن خطوة الإدارة الذاتية بالتعليم باللغة الكُردية لاقت اعتراضاً من قبل المجلس الوطني الكُردي وأنصاره، ونظم المجلس عدة مظاهراتٍ رافضة للمنهاج المفروض من قبل الإدارة الذاتية واستمر المجلس الوطني في المظاهرات الرافضة للمناهج مع كل خطوة كانت تخطوها الإدارة الذاتية في هذا الاتجاه كما حدث في مدينة ديريك. ورفع المجلس سقف خطر المناهج على الكُرد أنفسهم عبر الشعار "هذه المناهج هي الخطوة الثانية لإفراغ المناطق الكردية ممن تبقى فيها من مواطنين أكراد"([23]).

    وخلال الفترة الممتدة بين 2015-2016 أعلنت الإدارة الذاتية أنها أتمّت تدريب ما يقارب 2600 مدرس ومُدرسة على أسس التدريس بمناهجها للصفوف الدراسية الثلاثة الأولى وطبعت أكثر من 40 ألف كتاب لتغطية احتياجات المدارس التي تم الإقرار بإعطاء الدروس فيها([24]). كما أعلنت الإدارة الذاتية في بداية العام الدراسي لعام 2016 استكمال استعداداتها لتطبيق مناهجها في كافة المدارس([25]). وفيما يخص الدورات التدريبية فتمتد الواحدة منها ثلاثة أشهر، وتتركز حول تقوية المنضمين إلها في مجال التعليم باللغة التي من المقرر أن يقوم/تقوم بتدريس الطلاب من مقررات هيئة التعليم في الإدارة الذاتية([26]).

    محاولات توزيع ومحاصصة العملية التعليمية

    شجعت الخلافات المستمرة بين مديرية التربية التابعة للنظام، وهيئة التربية التابعة الإدارة الذاتية نتيجة سعي الطرفين للسيطرة على كامل القطاع التعليمي في المحافظة، على تنامي مناخات الفوضى التي تهدد متطلبات الطلبة ومصيرهم([27])، وأمام هذا الواقع وردت تقارير عن اجتماع في مدينة الحسكة ضم ممثلين عن هيئات الطرفين في محاولة للوصول إلى صيغة تفاهم بشكل رئيسي حول المناهج التعليمية. ووفق بعض المنتسبين للكادر التدريسي في المحافظة توصل الطرفان لصيغة تفاهم، والتي تمحورت حول وضع خطة تعليمية للمرحلة الإعدادية، تتضمن القيام بتدريس خمس ساعات لغة كردية أسبوعياً للصف السابع والثامن، وثلاث ساعات لغة كردية للصف التاسع، على أن يتم اقتطاع هذه الساعات من نصاب اللغة العربية والاجتماعيات والمعلوماتية والعلوم والديانة، مقابل أن يتم السماح لها بالاستمرار في التعليم وفق منهاج الدولة.

    أما بالنسبة لمرحلة التعليم الأساسي فقد تضاربت التصريحات حول عدم الوصول لأي اتفاق مع إصرار الإدارة الذاتية على أن يكون التعليم في كافة الصفوف باللغة الكردية في المناطق ذو الكثافة السكانية الكُردية ووفق منهاجها. وعرضت مديرية التربية من جهتها المناصفة([28])، في حين أكدت جهات إعلامية محلية على حدوث اتفاق تتخلى الدولة بموجبه عن شرطها بتعليم المنهاج التربوي الخاص بها في المرحلة الابتدائية وتسليمها بشكل كامل للإدارة الذاتية([29]). وظهرت الخلافات بشكل واضح مع قيام مديرية التربية في الحسكة بإعلان قرار يقضي بإغلاق كافة المدارس الابتدائية التي تعتمد منهاج الإدارة الذاتية([30]). ونفت مديرة التربية بالحسكة إلهام صورخان "ما تناقلته "التسريبات" الصادرة عن بعض وسائل التواصل الاجتماعي "بخصوص الاتفاق مع الإدارة الذاتية([31]). وأعلنت مديرية التربية في المحافظة عملها على إسقاط أكثر من 600 مدرسة من سجلاتها وهي المدارس الخاضعة تحت سيطرة الإدارة. وستؤدي خطوة كهذه إلى حرمان أكثر من 90 ألف طالب من شهادات مديرية التربية، ومن خدمات الدولة ومنظمة اليونسكو([32])، التي لم تعترف هي أيضاً بالنظام التدريسي المطبق من قبل الإدارة الذاتية، ويجدر بالذكر أن مديرية التربية التابعة لحكومة النظام اتجهت لإخضاع طلاب المرحلة الأساسية الأولى المنتقلين إلى المرحلة الثانية (الابتدائي إلى الإعدادي) لامتحان خاص تحت مسمى سبر المعلومات، حتى يتم قبولهم ضمن صفوف الطلبة في مدارسها([33]).

    وقد تطورت التنافسية لدرجة الاشتباك العسكري فقد شهدت جامعة الفرات اشتباكات متفرقة بين الأطراف العسكرية الحاكمة للمدينة، أدت إلى سيطرة قوات الحماية الشعبية والأسايش على أبنية الجامعة مؤخراً، فقام النظام بالرد عبر إيقاف التدريس فيها، مشترطاً قيام الإدارة الذاتية بسحب عناصر الأسايش وتسليم الجامعة للحرس الجامعي الجامعة([34]). من جهتها نفذت الإدارة الذاتية هذا الشرط لتُعلن لاحقاً رئاسة الجامعة استئناف دوام الطلاب والعاملين فيها والاستعداد لتنفيذ امتحانات الدورة الإضافية لطلاب التعليم النظامي في 26/09([35]).

    أما فيما يتعلق بالعلاقة مع المدارس المسيحية، فلم تكن المدارس العائدة للكنائس في المحافظة بعيدةً عن الصراع على مناهج التعليم وتبعيتها المؤسساتية، فالكنائس والتجمعات السياسية والمدنية المسيحية أطلقت في أيلول 2015 بياناً تشير فيه إلى عدم ضرورة فرض هذه المناهج على مدارسهم، لأن المناهج وفقاً لرؤيتهم تعرقل سير العملية التربوية، وهي خطوة مرفوضة بناءً على الخصوصية الإدارية والتربوية في المحافظة([36]). واتجهت مدارس الكنيسة للإضراب لمدة أسبوعين وعلى إثرها تم التراجع من قبل الإدارة الذاتية عن الخطوة، وتم الاتفاق على ألا تستقبل هذه المدارس الطلبة الكُرد، على أن تستمر بتدريس المناهج الحكومية. ولا تتفق الأطراف المسيحية كلها على رفض سياسة الإدارة الذاتية حيث يرى سنحاريب برصوم نائب رئيس حزب الاتحاد السرياني المنضم لصفوف الإدارة الذاتية، أن القرارات الصادرة من الإدارة كقوانين يجب أن تطبق على جميع المكونات دون استثناء، وأكد التزامهم بكافة القرارات([37]). وتتداول مصادر من المنطقة أنباء عن وجود اتفاق شفهي غير معلن بين المدارس المسيحية الخاصة وبين الإدارة تنص على عدم استقبال الطلاب الكرد كشرط للسماح لها باستمرار التدريس بمناهج وزارة التربية، ولا يشمل هذا المنع الطلاب العرب([38]). ويُقدر عدد الطلاب المنتسبين للمدارس العائدة للكنسية أو الخاصة العائدة للمسيحيين بحدود 5000 طالب في المحافظة، بينهم نسبة جيدة من العرب والكُرد. وكان مسموحاً للمدارس الكنسية من قبل النظام بـــ 4 حصص أسبوعية للغتين السريانية والأرمنية باعتبارها لغات طقس كنسي/ديني([39]).

    وضمن هذا السياق تقوم "الإدارة الذاتية" وبناءً على "اعتبارها" كافة لغات مكونات المحافظة "لغاتٍ رسمية" بدورات تأهيلية لكوادر مسيحية ليتم تعيينها لاحقاً في كافة المدارس الواقعة تحت سيطرتها. ولتحقيق هذه الغاية طلبت "الإدارة الذاتية" نحو 50 معلم ومعلمة ليتم تدريبهم على تعليم اللغة السريانية ليتم توزيعهم على مدارس المحافظة للعام الدراسي 2016-2017، لمرحلة التعليم الأساسية الأولى. ويتم تحضير هذه الكوادر في معهد "أورهي" بمدينة القامشلي والذي تأسس في آذار 2016 ويختص بتعليم اللغة السريانية.

    عموماً تدل العلاقة المضطربة بين الطرفين (النظام – "الإدارة الذاتية") على توافر عنصر التوظيف السياسي لكليهما، فالاستحواذ على أحد أهم وظائف الدولة ستبقى ملعباً للتجاذب والاشتباك طالما أن البوصلة المتحكمة في هذا السياق مرتبطة بمشروع سياسي لا يستقم دون تطبيق فكره وخططه على المجتمع. وفي ظل هذا تستمر الفجوة التعليمية بالتوسع وتنذر (كما هو الشأن في كافة الجغرافية السورية) بتعاظم مستطرد لانهيار وتآكل متنامي للعملية التربوية والتعليمية وهو ما سيعزز عوامل الأمية وانتشار الجهل.

    مهددات مستمرة ومتنامية

    تُواجه عملية تغيير المناهج في مناطق "الإدارة الذاتية" صعوبات متباينة تبعاً للمنطقة، ففي محافظة الحسكة (كانتون الجزيرة) يفرض التنوع الديمغرافي مناخات صد وجذب لهذه العملية، لاسيما في محافظة الحسكة، القامشلي القحطانية/تربي سبي، ورأس العين/سريه كانيه. وفي هذه المدن هناك أحياء يمكن وصفها "بالصافية" عرقياً أو دينياً، وبالمقابل هناك أحياء أخرى مشكلةٌ من خليط عرقي مختلف ومن أديان مختلفة كالحي الغربي في مدينة القامشلي، وحي المحطة في مدينة الحسكة على سبيل المثال.

    أما فيما يخص مدينة عين العرب / كوباني، فتعاني من تدمر البنية التحتية لمديرية التربية نتيجة المعارك التي حدثت داخلها نهاية العام 2014 وبداية عام2015 بعد أن اقترب تنظيم "الدولة" من السيطرة عليها تماماً. وبالنسبة لمدينة عفرين فقد أدت المعارك المستمرة في ريف حلب الشمالي إلى انقطاع طرق المواصلات بينها وبين مدن عموم سورية وبشكل خاص مع مدينة حلب وجامعتها لعدة سنوات، وهذا ما أدى لتجمع أعداد هائلة من المنقطعين عن إكمال حياتهم الجامعية، وظهر في عموم هذه المناطق حالة الانقطاع والتهرب من المدارس نتيجة عدم وجود قوة ضابطة للعملية بشكل صارم. وعموماً يمكن تلخيص مهددات العملية التعليمية وفق التسلسل الآتي:

    1. مهددات ناجمة عن مفرزات الصراع: كانخفاض أعداد الطلاب نتيجة التحاق أو سوق الكثير منهم للجبهات. وانخفاض أعداد الطلبة نتيجة الهجرة المتزايدة، وتوجه الكثير من الطلبة للعمل لإعانة عوائلهم نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة.
    2. مهددات تتعلق بعدم اتساق الخطة التعليمية مع ثنائية الحاجات وبطبيعة المناهج المفروضة، إذ يعاني التلاميذ في الصف الأول الابتدائي من عدم توازن المنهاج وحجمه الكبير، إضافة إلى رغبة الكثير من الأهالي التركيز على اللغتين العربية والكُردية، ناهيك عن اقتصار عملية التدريب للكادر التدريسي على فترة 3 أشهر فقط، وافتقار العديد من أفراد الكادر التدريسي للمؤهلات العلمية.
    3. مهددات السعي لأدلجة المناهج وفق أيديولوجية سياسية، حيث يرد في مجمل كتب المرحلة الأساسية أكثر من 12 حالة ذات دلالة لفكر حزب العمال الكُردستاني.

    أحدثت عملية تغيير المناهج من قبل “الإدارة الذاتية” شرخاً في البيت السياسي الكُردي في هذا الخصوص، فمع أن التعليم باللغة الأم هو مطلبٌ كرديٌ شعبي منذ أمد بعيد إلا أن الحالة السياسية الحاكمة للمناطق الكُردية أدت إلى رفض البعض وخصوصاً المجلس الوطني الكُردي الذي رفض العملية جملةً وتفصيلاً، وطرح حلولاً بشكل غير مباشر أو مباشر عبر المظاهرات كانت تتمحور بشكل رئيسي حول العودة للمناهج "الحكومية" بناءً على أنها المعترف بها رسمياً وبالتالي لن يتضرر الطلبة في مستقبلهم. من جهة أخرى يرى المجلس إمكانية لحل هذه المعضلة ضمن اتفاق بين الأطراف الكُردية نفسها من خلال اتفاقٍ شامل حول كافة الملفات السياسية، العسكرية والإدارية.

    ولردم هذا الشرخ الحاصل في البيت السياسي الكُردي وتأمين مستقبل الأطفال اقترح الباحث "إبراهيم خليل" في بحثه "مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية" حلاً لهذا الإشكال بضرورة "عدم التضحية بهذه الخطوة لمجرد الاختلافات السياسية"، والبدء بالعمل على توفير الاعتراف القانوني للمؤسسة التعليمية"، و"قبول مبدأ الشراكة مع الحركة السياسية الكردية في جزئية تعديل المحتوى وتنقية المناهج من جميع الأخطاء والنقاط محل الاختلاف"([40])، إلا أن الإشكال لايزال قائماً وتتراكم فوقه مجموعة من الصعوبات والمهددات المتزايدة التي تجعل العملية التعليمية ومستقبلها في مواجهة خطر النسف والإلغاء.

    خاتمة

     لا يمكن القول بأن العملية التعليمية في مناطق “الإدارة الذاتية” تسير باتساق وفق أهداف العمل التعليمي عموماً، وذلك عائد لأسباب موضوعية شأنها شأن باقي المدن والقرى السورية، ومرتبطة بمستويات ونتائج الصراع المتعددة من جهة، ولارتباط هذه العملية في هذه المناطق بأجندات سياسية تخدم المشروع السياسي وأيديولوجياته دون تدعيم العملية تقنياً وفنياً وبرؤية وآليات تنفيذ واضحة من جهة ثانية، ونظراً لخصوصية هذه المناطق الديمغرافية وصعوبة إدارة التنوع في ظل تعثر الاعتراف القانوني في هذه المؤسسة من جهة أخيرة. ناهيك عن الصعوبات الإدارية واللوجستية المرتبطة ببيئة الوظيفة التعليمية التي تشهد واقعاً أمنياً وإنسانياً مركباً.

    إن التداخل الإداري والخدمي بين مؤسسات "الإدارة الذاتية" ومؤسسات تابعة للنظام أفرزت اضطراباً في بوصلة عمل البنى المعنية بالعملية التعليمية، انعكس بشكل مباشر على تدهور الواقع التعليمي في هذه المناطق. ومما ساهم في تسارع عملية التدهور هو رغبة "الإدارة الذاتية" لفرض سلطتها كأمر واقع بشكل ارتجالي غير مدروس على وظائف تهم المواطن بشكل مباشر خاصة مع عدم وجود خطة تربوية تعليمية تفصيلية واضحة مدعمة بكوادر مؤهلة لقيادة وتنفيذ هذه العملية، مقابل فقط امتلاكها لخطوط عامة مرتبطة بالمستند الأيديولوجي، وضرورات المنافسة والاستحواذ. وهو ما يعزز من عوامل اتساع الفجوة التعليمية وتفشي الأمية والجهل.


    ([1]) تأجيل امتحانات كليتي الهندسة المدنية والاقتصاد في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 08/09/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-2Sn

    ([2]) تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على كليتي التربية والآداب في مدينة الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 25/06/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-9qX

    ([3]) مجلس العشائر الكردية يتوسط لإعادة العمل بمؤسسات الدولة في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 09/09/2016، الرابط: https://goo.gl/Bj5QBR

    ([4]) الإدارة الذاتية تجري إحصاء سكاني في مدينة الحسكة وسط فرض "الآسايش" حظراً للتجوال، الموقع: روداو، التاريخ: 14/10/2016، الرابط: https://goo.gl/VAYdMi

    ([5]) المواصلات مشكلة تضاف إلى يوميات الطلاب الجامعيين في الحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 24/12/2014، الرابط: https://goo.gl/tIIvEF

    ([6]) ندوة حوارية مفتوحة حول مشاكل الطلبة الكرد، الموقع: آراينوز، التاريخ: 27/11/2014، الرابط: https://goo.gl/pnvjZ6

    ([7]) الطلاب الجامعيون في الحسكة بين واقع الملاحقات الأمنية والفساد الإداري التعليمي، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 10/22/2014، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-3Wf

    ([8]) اتهامات بالفساد، وأوضاع امتحانية صعبة يعاني منها طلاب جامعة الفرات بالحسكة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 03/07/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-i4J

    ([9]) جامعة روج آفا.. هل تحقق المأمول ؟، الموقع: حزب الاتحاد، الرابط: https://goo.gl/3tQufc

    ([10]) الأرقام والمعلومات الواردة تم استخلاصها من المصادر التالية:

    • جامعة الفرات في الحسكة: الامتحانات ستبدأ في 22 الشهر الحالي، الموقع: تحت المجهر، التاريخ: 03/06/2014، الرابط: https://goo.gl/rOZ3tT
    • نحو 30 ألف طالب يبدؤون امتحانات الفصل الثاني في كليات الحسكة، الموقع: وكالة سانا، التاريخ: 18/06/2015، الرابط: https://goo.gl/WUz6Zr
    • الامتحانات في موعدها بـ 17 الجاري. والجامعة بصدد إصدار قرارات التخرج، الموقع: جريدة الوطن، التاريخ: 04/01/2016، الرابط: https://goo.gl/vab9Dp
    • 300 متقدم إلى اختبار المقدرة اللغوية للقيد في درجة الماجستير بجامعة الفرات في الحسكة، الموقع: سانا، التاريخ: 20/09/2015، الرابط: https://goo.gl/1G1R4S
    • نداء استغاثة من طلاب جامعة المأمون: أنقذونا من مخالب وأنياب، الموقع: مشتى الحلو، التاريخ: 09/09/2007، الرابط: https://goo.gl/Ha97q6
    • جامعة روج آفا هل تحقق المأمول ؟، الموقع: حزب الاتحاد، الرابط: https://goo.gl/3tQufc

    ([11]) انظر المراجع التالية:

    • التعليم في روج آفا يدخل مرحلته الثورية الثالثة، الموقع: وكالة آن ف ا، التاريخ: 08/07/2016، الرابط: https://goo.gl/6xUCdV
    • 4 ملايين طالب وتلميذ في 15 ألف مدرسة، الموقع: أيام سورية، التاريخ: 17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/SZqsWx
    • التحضيرات لبدء العام الدراسي في مقاطعة كوباني، الموقع: مقاطعة كوباني، التاريخ: 17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/v0kqDF
    • عداد 250 مدرساً في صرين لتدريس المنهاج الجديد، الموقع: وكالة آنها، التاريخ:17/09/2016، الرابط: https://goo.gl/UgcAyd

    ([12]) المجلس المدني في منبج يعيد افتتاح مدارس المدينة وريفها، الموقع، آرانيوز، التاريخ: 10/10/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-kPi

    ([13]) أطفال سوريون يتذوقون متعة العودة الى المدارس في منبج، الموقع: وكالة هوار، التاريخ: 29/09/2016، الرابط: https://goo.gl/UjsrGG

    ([14]) الإدارة المحلية في مناطق كُرد سورية "عفرين نموذجاً"، الموقع: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، التاريخ: 03/07/2015، الرابط: https://goo.gl/KzcDgV

    ([15]) كونفرانس الثاني لمؤسسة اللغة الكردية: تحديد نظام التعليم في مقاطعة عفرين، الموقع: مقاطعة عفرين، التا ريخ: 18/01/2015، الرابط: https://goo.gl/m5pfQF

    ([16]) أكراد سوريا يغامرون بافتتاح جامعة عفرين ويتأمّلون باعتراف دوليّ مستقبلاً، الموقع: المونيتور، التاريخ: 18/05/2016، الرابط: https://goo.gl/vGWTMp

    ([17]) الإدارة الذاتية في عفرين تقرر تدريس المناهج بالكردية حتى الصف الثالث الابتدائي، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 17/11/2014، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-44g

    ([18]) مؤسّسة اللّغة الكرديّة «SZK» تعقد مؤتمرها الثّاني في عفرين، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 18/01/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-57o

    ([19]) تغيّرات جوهرية في النظام التربوي بمقاطعة عفرين والمدرّسون يتساءلون عن مصيرهم؟، الموقع: حزب الإتحاد، الرابط: https://goo.gl/y72VLX

    ([20]) مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية، الموقع: مدارات كُرد، المؤلف: إبراهيم خليل، التاريخ: 08/12/2015، الرابط: https://goo.gl/IoitWm

    تم تأليف كتب الصفوف الثلاث الأولى من مرحلة التعليم الأساسي على يد أحد عشر أستاذاً من كرد تركيا كمؤلفين أساسيين، ويشتمل المنهاج الجديد على الكتب الرئيسية الثلاث (القراءة والرياضيات والعلوم) باللغة الكردية (اللهجة الكرمانجية)، وكتب بالأحرف اللاتينية على الغلاف الداخلي من جميع الكتب عبارة ترجمتها "تم إعداد هذا للكتاب من قبل لجنة الكتاب في غرب كردستان بالاستفادة من كتب ” مخمور" ومخمور هي مدينة صغيرة ضمن إقليم كردستان العراق.

    ([21]) مسودة دستور الحكومة المؤقتة لغربي كوردستان، الموقع: بيو كي ميديا، التاريخ: 20/07/2013، الرابط: https://goo.gl/LqnY9I

    ([22]) افتتاح المدارس في مدينة قامشلو مع المنهاج الكردي الجديد، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 28/09/2015، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-bvA

    ([23])المسيحيون يحذرون من «تغير ديموغرافي وفتنة طائفية، الموقع: القدس العربي، التاريخ:28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/gX9XuR

    ([24]) الأسايش تفض مظاهرة منددة بالمناهج الدراسية الجديدة، الموقع: أخبار سورية، التاريخ:09/11/2015، الموقع: https://goo.gl/kZkCGI

    ([25]) الإدارة الكردية تنتهي من إعداد مناهج "الأمة الديمقراطية"، الموقع: عربي21، التاريخ: 11/07/2016، الرابط: https://goo.gl/OfG1q9

    ([26]) إدراج المناهج الجديدة في الصفوف الست الأولى في الجزيرة، الموقع: ولات اف إم، التاريخ: 23/09/2016، الرابط: https://goo.gl/y9lB0I

    ([27]) مديرية التربية تنقل امتحانات الشهادة الثانوية إلى مدينة الحسكة، الموقع: يكيتي ميديا، التاريخ: 22/05/2016، الرابط: https://goo.gl/eT2yvl  

    ([28]) بدأ العام الدراسي في شمال سوريا بتفاهمات بين الإدارة الذاتية والدولة ومنهاج كردي متطور في المدراس، الموقع: صدى الواقع السوري، التاريخ: 28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/bS8fy2

    ([29]) النظام والديمقراطي يتسببان في حرمان أطفال الحسكة من التعليم، الموقع: أنا برس، التاريخ: 01/10/2016، الرابط: https://goo.gl/TUfbDg

    ([30]) المناهج الكردية الجديدة تتسبب باغلاق المدارس في الحسكة، الموقع: مدار اليوم، التاريخ: 23/09/2015، الرابط: https://goo.gl/GOGAeJ

    ([31]) مديرة التربية: الاتفاق مع الإدارة الذاتية الكردية بشأن التعليم في الحسكة ليس صحيحاً، الموقع: سورية تجمعنا، التاريخ: 18/08/2016، الرابط: https://goo.gl/chrych

    ([32]) مصير أسود ينتظر الطلاب السوريين في مناطق الميليشيات الكردية، الموقع: بلدي: التاريخ: 16/09/2016، الرابط: https://goo.gl/ZSzrzC

    ([33]) قررت مديرية التربية السورية إجراء امتحانات استثنائية (سبر معلومات)، الموقع: صفحة الدكتور فريد سعدون، التاريخ: 09/10/2016، الرابط: https://goo.gl/IggNV6

    ([34]) النظام يوقف التعليم في فروع جامعة الفرات بالحسكة بعد سيطرة الوحدات الكردية عليها، الموقع: يوتيوب، التاريخ: 23/09/2016، الرابط: https://goo.gl/805QXw

    ([35]) رئاسة جامعة الفرات في الحسكة تعلن استئناف الدوام تمهيداً للامتحانات التكميليلة، الموقع: آرانيوز، التاريخ: 26/09/2016، الرابط: http://wp.me/p4OhLR-ksU

    ([36]) المسيحيون يحذرون من «تغير ديموغرافي وفتنة طائفية، الموقع: القدس العربي، التاريخ:28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/gX9XuR

    ([37]) قوانين الادارة الذاتية تقسم المسيحيين ما بين مؤيد ورافض، الموقع: قناة عشتار، التاريخ: 04/10/2016، الرابط: https://goo.gl/8hC3JA

    ([38]) اللغة السريانية تقتحم مناهج التعليم بالحسكة وطرد وفد النظام من "الشدادي"، الموقع: زمان الوصل: التاريخ: 28/09/2016، الرابط: https://goo.gl/cLMjWZ

    ([39]) المدارس السريانية والأرمنية بين “المطرقة “الكردية و “السندان” العربي، الموقع: مفكر حر، التاريخ: 11/09/2016، الرابط: https://goo.gl/nHGVkt

    ([40]) مناهج التعليم الكردية في الإدارة الذاتية، الموقع: مدارات كُرد، المؤلف: إبراهيم خليل، التاريخ: 08/12/2015، الرابط: https://goo.gl/IoitWm

  • بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة.

    يُعالج هذا البحث تطورات اهتمام العالم الإسلامي بالقضية الفلسطينية، حيث انعكست مفاعيل الثورات العربية والثورات المضادة في المنطقة على درجة اهتمام دول العالم الإسلامي بالقضية طوال سنتي 2014-2015. فقد انشغلت الدول الإسلامية وخصوصاً تركيا وإيران بملفات إعادة تشكيل خريطة المنطقة، وبملفات ”التطرف“ والصراعات المذهبية والطائفية، إضافة إلى الملفات الداخلية. فلم تشهد الفترة أي تطور مهم في مستوى الدعم الإسلامي للقضية، سواء على مستوى العلاقات الفلسطينية الداخلية، أم على مستوى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، أم الدفاع عن المقدسات الإسلامية بما فيها القدس. وظهر عجز منظمة التعاون الإسلامي عن اختراق حاجز النمطية التقليدية لمواجهة القضايا الإسلامية الكبرى، حيث بقيت في إطار لعب دور احتفالي بيروقراطي.

    ولاحظ البحث أن الملفات التركية الداخلية لم تكن أقل عبئاً من غيرها، مما دفع بالحزب الحاكم إلى إعطاء المزيد من الأولوية لها، وخصوصاً كيفية مواجهة ارتفاع حالة التوتر الأمني المتكرر في العمق التركي، ولكن ذلك لم يحدث تغيرات جذرية في مواقف تركيا على المستويين الشعبي والرسمي تجاه القضية.

    أما على المستوى الإيراني، فقد استمرت إيران في تأكيدها على دعم المقاومة الفلسطينية، وكانت هناك مساعٍ لإعادة حرارة العلاقة مع حركة حماس تحت شعار العداء لـ”إسرائيل“ ودعم المقاومة؛ غير أن الخلاف حول الموقف من الأوضاع في سورية، وطريقة إدارة إيران للملفات الإقليمية ما زال يعكس ظلالاً سلبية على علاقة الطرفين. كما لاحظ البحث بعض التحسن في علاقة إيران مع قيادة المنظمة والسلطة الفلسطينية.

    واستعرض البحث التحركات الرسمية والشعبية في كل من ماليزيا وباكستان، وتناول العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية مع عدد من الدول الإسلامية. حيث خلص البحث إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا و”إسرائيل“ قد انخفض سنة 2015 بنسبة 24% عن سنة 2014، بينما كان قد ارتفع بنسبة 12% عن سنة 2013. ولعل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014 انعكس سلباً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

    وهذا البحث هو الفصل الرابع من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي يتولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، ويشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة 
     (31 صفحة، 1.9 MB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 26/9/2016


    التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
         
    الفصل عنوان البحث للتحميل 
         
    1 بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (38 صفحة، 1.3 MB)
         
    2 الجزء الأول: ”المشهد الإسرائيلي السياسي الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (18 صفحة، 2.8 MB)
      الجزء الثاني: ”أبرز المؤشرات السكانية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (28 صفحة، 7.3 MB)
      الجزء الثالث: ”العدوان والمقاومة“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (12 صفحة، 2.7 MB)
      الجزء الخامس: ”مسار التسوية السلمية“ للقضية الفلسطينية
    خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
    اضغط هنا (11 صفحة، 765 KB)
         
    3 بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (45 صفحة، 1.9 MB)
         
    4 بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (31 صفحة، 1.9 MB)
         

    >> للمزيد حول كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d

  • بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”القضية الفلسطينية والعالم العربي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة.

    يُعالج هذا البحث التغيرات والتطورات التي شهدها العالم العربي خلال هذه الفترة، سواء على صعيد المشهد الداخلي في الدول العربية أم على صعيد تفاعلاتها مع القضية الفلسطينية وعملية التسوية السلمية. وركّز البحث على التطورات التي شهدتها ”دول الطوق“، وخصوصاً سورية ومصر وآثار الأزمات فيهما على الوضع الفلسطيني، ونبّه إلى أن “إسرائيل” بدت مرتاحة لهذه التطورات، حيث تراجعت قوى التهديد الرئيسية على الجبهتين الشمالية والجنوبية. ولاحظ البحث أن الصراع في الدول العربية أخذ مكانة متقدمة ضمن سلَّم الأولويات على حساب القضية الفلسطينية، وخصوصاً مع تحوله فعلياً إلى عملية إعادة تشكيل للخريطة الجيو-سياسية للمنطقة، وتنازع للنفوذ بين القوى الإقليمية الرئيسية، بمشاركة القوى الدولية الكبرى، وهو ما يتجسّد بوضوح في الأزمة السورية.

    وخلص البحث إلى أن نقطة التحول هذه قد تتحول إلى خطر كبير يتهدد القضية الفلسطينية في المرحلة الحالية، نظراً لأن عملية إعادة تشكيل المنطقة تتضمن إعادة تشكّل المحاور، بناء على تعريف جديد للأولويات والتحالفات، وتقييم مختلف لمصادر التهديد، بشكل يوحي بأن الصراع العربي – الإسرائيلي لم يعد الصراع المركزي في المنطقة، بل يمكن أن يحل مكانه صراع عربي – إيراني أو صراع سني – شيعي، إن لم يتم تدارك الأمر. بالإضافة إلى جانب بروز تنظيمات إسلامية متطرفة تتساهل في التكفير وإراقة الدماء، ليزيد ذلك من تعقيد شبكة المصالح والتحالفات في المنطقة.
    كما عرض البحث التطورات في مجال التطبيع وحجم التبادل التجاري بين “إسرائيل” وبعض الدول العربية، وناقش المواقف العربية الشعبية من القضية الفلسطينية وتوجهاتها، حيث تراجع موقع القضية ضمن سلم الأولويات لحساب الشؤون الداخلية على الرغم من أنها ما تزال قادرة على حشد التأييد والدعم واستقطاب اهتمام الرأي العام العربي عند مرورها بأحداث مفصلية.

    وهذا البحث هو الفصل الثالث من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي تولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، والذي اشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة 
     (45 صفحة، 1.9 MB)

     

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 19/9/2016


    التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
         
    الفصل عنوان البحث للتحميل 
         
    1 بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (38 صفحة، 1.3 MB)
         
    2 الجزء الأول: ”المشهد الإسرائيلي السياسي الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (18 صفحة، 2.8 MB)
      الجزء الثاني: ”أبرز المؤشرات السكانية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (28 صفحة، 7.3 MB)
      الجزء الثالث: ”العدوان والمقاومة“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (12 صفحة، 2.7 MB)
      الجزء الخامس: ”مسار التسوية السلمية“ للقضية الفلسطينية
    خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
    اضغط هنا (11 صفحة، 765 KB)
         
    3 بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (45 صفحة، 1.9 MB)
         

    >> للمزيد حول كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d

  • بحث: ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015، ويوفره للتحميل المجاني.

    يُعالج هذا البحث التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهدم الاحتلال لبيوت الفلسطينيين؛ ويتناول تطورات بناء الجدار العازل وأضراره على الوضع الفلسطيني. كما يناقش الطرق الالتفافية، والاعتداءات الإسرائيلية على الزراعة وعلى مصادر المياه الفلسطينية.

    وهذا البحث هو الجزء الثاني من الفصل السادس من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي يتولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، ويشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015 
     (19 صفحة، 4.2 MB)


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 21/11/2016


    التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
         
    الفصل عنوان البحث للتحميل 
         
    1 بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (38 صفحة، 1.3 MB)
         
    2 الجزء الأول: ”المشهد الإسرائيلي السياسي الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (18 صفحة، 2.8 MB)
      الجزء الثاني: ”أبرز المؤشرات السكانية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (28 صفحة، 7.3 MB)
      الجزء الثالث: ”العدوان والمقاومة“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (12 صفحة، 2.7 MB)
      الجزء الخامس: ”مسار التسوية السلمية“ للقضية الفلسطينية
    خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
    اضغط هنا (11 صفحة، 765 KB)
         
    3 بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (45 صفحة، 1.9 MB)
         
    4 بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (31 صفحة، 1.9 MB)
         
    5 بحث: القضية الفلسطينية والوضع الدولي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (43 صفحة، 978 KB)
         
    6 الجزء الأول: ”القدس والمقدسات“ خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (31 صفحة، 1.5 MB)
      الجزء الثاني: ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (19 صفحة، 4.2 MB)
         

    >> للمزيد حول كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d

Page 1 of 3