تناقش هذه الدراسة الخشية الإسرائيلية من تزايد سقوط القتلى في أيّ حرب تشنها دولة الاحتلال على الفلسطينيين، سواء في الجبهة الداخلية أم في صفوف الجيش، وهو ما شكَّل كابحاً وحائلاً أمام صدور أي قرار إسرائيلي بالذهاب إلى حرب مفتوحة، وعلى أي جبهة عسكرية كانت، بعيداً عن الجولات السريعة والخاطفة.
ولعل لغة الأرقام تمنح هذه الدراسة أهمية استثنائية، وتجعل من الشروع في ترجمتها مسألة تكتسب وجاهة علمية وسياسية في الوقت نفسه، لا سيّما عند تناولها التصاعد التدريجي لأعداد القتلى الإسرائيليين خلال المواجهات العسكرية التي شنّها الاحتلال على الفلسطينيين.
وتسعى هذه الدراسة لتسليط الضوء على ما يسمى في الداخل الإسرائيلي بـ”الحساسية الاجتماعية” التي تضع ثقلها على الجيش بصورة واضحة، لا سيّما منذ حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، حين فقدت “إسرائيل” خسائر بشرية هائلة، وهي ظاهرة مقلقة تولدت في المجتمع الإسرائيلي، وتتمثل بدفع كل الأثمان مقابل عدم سقوط قتلى في صفوف الجنود، أو وقوعهم في الأسر، مما أوجد لدى المقاومة الفلسطينية دافعية لقتل المزيد من الجنود والمستوطنين وأسرهم، وإدارة معركة مساومة، مهينة ومستنزفة، بالضغط على الاحتلال في الخاصرة التي تؤلمه كثيراً، وهذا كفيل بتحقيق انتصار كبير في الوعي للفلسطينيين على “إسرائيل”.