يسر مركز الزيتونة أن يقدم مقالة علمية محكّمة للأستاذ صابر رمضان، تحت عنوان ”حراك المعلمين الموحد في الضفة الغربية: الواقع، والديناميات، وآفاق المستقبل“.
وتأتي هذه الدراسة لتتبع الحراك بمساراته ولاعبيه، وأدواته والهويات المتشكلة، وعمليات التعبئة. كما تحاول استشراف مستقبل الحراك، وما يتركه من إرث اجتماعي، وسياسي، وقانوني، وتجربة فريدة في الاحتجاجات الممكنة، واستجابات الحكومة وتعاطيها مع الحراك.
يضاف لذلك حالة الانقسام السياسي، وغياب الدور الحيوي للأحزاب السياسية، وتعطيل المجلس التشريعي، وعدم ديموقراطية النظام السياسي.
المقدمة، وخلفية الأحداث:
تميزت الساحة السياسية والاجتماعية الفلسطينية ابتداء من سنة 2007 بسلسلة أزمات متتالية. حيث الانقسام السياسي، الذي تحكَّم بالمشهد المجتمعي والحكومي، وما تبعه من انعكاسات تمثلت في غياب دور المؤسسات القانونية والتمثيلية، وتراجع الواقع التعليمي بين صفوف المعلمين بالذات باعتماد العديد من المؤشرات الواقعية ، وبالتزامن مع الهبة الشعبية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015، مما شكل أرضية وسياق متفجر بالأزمات، والتوترات المتداخلة على الصعيد المجتمعي والوطني.
طرحت تلك الظروف العديد من الفرص والتهديدات، التي ميزت الخلفية التي جاء الحراك ”الموحد“ على أثرها في 14/2/2016. حيث تفجرت أزمة حول الزيادة التي بلغت 2.5% على رواتب المعلمين، كنتيجة للاتفاق بين الاتحاد العام للمعلمين وهو الإطار المعترف بشرعيته من قبل السلطة والحكومة الفلسطينية، والمعلمين. إضافة إلى العلاوات المحددة للارتقاء بالمستوى المعيشي للمعلمين، منذ سنة 2012.
عبّر الحراك عن موجة جديدة غير معهودة في السياق الفلسطيني، إثر تراجع ثقتهم بقدرة الاتحاد العام على تلبية مطالبهم. وبالتالي بلورة حلول عادلة ومنصفة لأوضاعهم الاجتماعية والمعيشية والمادية. وبسبب تلكؤ الحكومة في بداية الحراك عن تنفيذ كامل ما عليها من التزامات وجمود الاتحاد العام، رفض المعلمون الاتفاق بتعدادهم البالغ 14 ألفاً من إجمالي يقترب من 46 ألفاً، معتبرين أن الاتحاد بقيادته وتركيبته الحالية غير مؤهل ولا يمثل المعلمين ومطالبهم، فهو يخضع لهيمنة من قبل السلطة والحكومة الفلسطينية، مما أوجد في ظلّ استمرار النزاع ما عرف بأزمة التمثيل.
لذلك بدأ المعلمون بشكل جماعي في التعبير عن مطالبهم، مستخدمين في ذلك ما أمكنهم من وسائل وأدوات التواصل الاجتماعي، وأبرزها الفيسبوك facebook، في محاولة واضحة لبلورة مطالب وادعاءات أولية، شكلت العمود الفقري لما تمّ الإعلان عنه من فعاليات وإجراءات وأنشطة، كالاعتصام والتشويش والتظاهر أمام مبنى رئاسة الوزراء ووزارة التربية والتعليم العالي، أيام الثلاثاء حيث تعقد جلسة مجلس الوزراء، ويتزامن معها التزام المعلمين بالتواجد في المدارس دونما نشاط تعليمي. لقد انبنى الحراك على إطار عمل واسع هو هاشتاق ”مستمرون“، و”كرامة معلم“.
تأتي هذه الدراسة لتتبع الحراك بمساراته ولاعبيه، وأدواته والهويات المتشكلة، وعمليات التعبئة. كما تحاول استشراف مستقبل الحراك، وما يتركه من إرث اجتماعي، وسياسي، وقانوني، وتجربة فريدة في الاحتجاجات الممكنة، واستجابات الحكومة وتعاطيها مع الحراك. يضاف لذلك حالة الانقسام السياسي، وغياب الدور الحيوي للأحزاب السياسية، وتعطيل المجلس التشريعي، وعدم ديموقراطية النظام السياسي. ونظراً لطبيعة ونشأة الكيان السياسي الفلسطيني (السلطة الفلسطينية)، وهيمنة الرؤية النضالية والثورية في المجتمع والقيادة الفلسطينية، إبان قيادة الرئيس ياسر عرفات، بما يملكه من كرزماتية تحكمت بالسياق العام، لم نلحظ ولادة حراك اجتماعي مستمر كالذي شهدته الساحة الفلسطينية منذ شباط/ فبراير 2016.
فعلى صعيد القطاع التعليمي، كانت الإضرابات تأخذ منحى مختلفاً تماماً عن واقعنا اليوم. حيث كان من الصعب بمكان، ولادة حراك مطلبي اجتماعي منظم. لكن بعد هيمنة الرؤية السياسية والمؤسساتية، وسيادة نظريات جديدة في إطار الصراع مع القوة المحتلة منذ تولي الرئيس أبو مازن زمام القيادة، فقد أصبحت القطاعات الحكومية ومن ضمنها قطاع التعليم منقاداً برؤية سياسية، ترتبط بالانقسام السياسي كسمة بارزة للمشهد السياسي. حيث بدت الاحتجاجات المطلبية محوراً للصراعات مع الحكومة الفلسطينية، والتي أخفتها المواجهة والانتفاضات المستمرة مع القوة المحتلة.
يؤكد الكاتب غسان زقطان على الاتجاه ذاته بالقول: ”الأمر ليس مجرد احتجاج نقابي الآن، لقد تجاوز ذلك بمجرد رفض المعلمين الاتفاق الذي أبرمته قيادة الاتحاد مع الحكومة، ما كشف عن الهوة الواسعة التي تفصل مجلس النقابة عن قواعدها، وهو خلل قائم وملموس…“ .
وهذا الخلل هو أحد أعمدة التوتر بين الأطراف الثلاثة؛ معلمين، واتحاد عام، وحكومة فلسطينية، ما يحتاج إلى تحليل وتفسير علمي، ووضع الآليات اللازمة للنهوض بالواقع المطلبي في السياق الاجتماعي الواسع. وهذا التحليل لا يجب أن يستثني نظرياً تلك الإضرابات التاريخية في حدوثها، لإدراك واقع تلك الإضرابات والسياق السياسي الذي جاءت فيه، لنرصد الاختلافات في التنظيم الذاتي للحراك كما في السياق العام، خصوصاً في الإضرابات المستمرة أو المتقطعة التي حدثت، في آذار/ مارس 1997، و1998–1999، و2000، ثم استئنافه في أيار/ مايو 2000. وبفعل طبيعة السياق الوطني السائدة تطرح الدراسة سؤال محوري، وهو لماذا فشل الحراك المطلبي والنقابي للمعلمين في تحقيق كامل أهدافه، وانحسر لدرجة التراجع والتذبذب في مسيرته التي بدأت مؤثرة وفاعلة؟ وبناء عليه، كيف يمكن لمثل هذه الاحتجاجات والحركات الاجتماعية المطلبية، أن تستمر وتنجح وتكون مدخلاً للتغيير في المشهد الاجتماعي والسياسي، خصوصاً في سياق تحرري من جانب، وشبه دولة من جانب آخر.
– لتحميل المقالة العلمية المحكمة، اضغط على الرابط التالي: |
>> مقالة علمية محكمة: حراك المعلمين الموحد في الضفة الغربية: الواقع، والديناميات، وآفاق المستقبل … أ. صابر رمضان (42 صفحة، 4.8 MB) |
>> مقالة علمية محكمة: حراك المعلمين الموحد في الضفة الغربية: الواقع، والديناميات، وآفاق المستقبل … أ. صابر رمضان (42 صفحة، 1.5 MB) |