لطالما ارتبطت صورة الأجهزة الأمنية في سورية بالقمع والتوحش، الأمر الذي يجعل إعادة هيكلة تلك الأجهزة وعزلها عن التعامل مع المدنيين على رأس أولويات السوريين، وضرورة لبناء السلام والتحول الديمقراطي بعد سنوات الصراع. وهنا تبرز أهمية دور وزارة الداخليّة السورية، والذي أضعفه نظام الأسد لصالح تقوية الأجهزة الأمنية التي يثق بها لحماية نظامه أكثر من جهاز الشرطة. وعليه تتناول هذه الدراسة وزارة الداخليّة السورية باعتبارها الإطار النظري الناظم للعمل الشُرَطي والأمني في سورية، منطلقة من أهمية الحديث عن إعادة هيكلتها، كجزء من إعادة الهيكلة الشاملة للأجهزة الأمنية، ومن الدور الكبير الذي سيترتب على تلك الوزارة أن تلعبه في مستقبل سورية، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين. إذ تسعى الدراسة إلى تحليل البنية الإدارية والتنظيمية والتشريعية لوزارة الداخلية السورية ومراحل تطورها، وذلك كمدخل لتفكيك المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة على المستويات التشريعية والإدارية ومستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية، وصولاً إلى إشكاليات العلاقة مع المؤسسات والأجهزة الأمنية الأخرى، سواء هيمنة شعبة الأمن السياسية أو باقي الأجهزة الأمنية المتغولة على عمل الوزارة.