د.نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية
يقول وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”: إن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي هو أحد الخيارات أمام إيران؛ رداً على تشديد العقوبات الأمريكية، وأضاف في تصريحات أخرى تناقلتها الصحف الإيرانية نقلاً عن التلفزيون الرسمي الإيراني: إذا لم تتخذ أوروبا خطوات جدّية لتنفيذ المعاهدة النووية، فإن إيران ستنسحب من تلك المعاهدة. فلقد مضى عام كامل وأوروبا حتى الآن لم تتخذ خطوات عملية للوفاء بالتزاماتها التي وقّعت عليها في المعاهدة النووية، وليس هناك كثير وقت أمامها.
لم تقف التصريحات الإيرانية عند “ظريف” بل سرعان ما انضم إلى حفلة التصريحات اللواء “محمد باقري”، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية حيث قال: إذا لم يعبر النفط الإيراني مضيق هرمز، فمن المؤكد أن نفط الدول الأخرى لن يعبر منه كذلك. وأضاف “باقري” في إشارة إلى مرور البوارج العسكرية الأمريكية والسفن التجارية وناقلات النفط عبر المضيق حتى الأمس. كما أظهرت التقارير بأن القوات الأمريكية استجابت بالكامل لتهديدات حرس الثورة المسؤولة عن تأمين مضيق هرمز، ولم يكن هناك أي دليل على حدوث تغيير في نهجها الحالي تجاه مضيق هرمز كما قال قائد قيادة القوات المسلحة الإيرانية: ستتخذ القيادة العليا قرارا بإغلاق مضيق هرمز في الوقت الذي تراه مناسباً. ولكن ما مدى جدّية هذه التهديدات الإيرانية؟
وماذا يعني التهديد الإيراني بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في هذا التوقيت؟
لا شك بأن هذه التصريحات تأتي عقب زيارة “ظريف” نيويورك والتي استغرقت يومين، والتي حاول من خلالها دراسة شروط التفاوض من خلال الشروع أولاً باقتراح تبادل السجناء السياسيين، كنقطة انطلاق للمحادثات السياسية بين طهران وواشنطن”.
وتبعه اللجوء إلى التهديد بدبلوماسية حافّة الهاوية بغية تسريع وتيرة التفاوض وتحسين شروطها، في الوقت الذي تواصل فيه العملة الوطنية “التومان” الانهيار؛ حتى وصل الدولار الواحد إلى أكثر من 14700 تومانا، في حين أن أسعار النفط في الأسواق الدولية آخذة في الانخفاض، كما انخفضت طاقة تصدير النفط التي كانت أكثر من مليوني برميل نفط في اليوم، لتصبح أقل من 350 الف برميل يوميًا، هذا عدا عن فقدان طهران لخياراتها فلم تعد تملك شيئا للتفاوض عليه وبخاصة بعدما فقدت المبادرة في اليمن، وسوريا، ولم تعد بموقع القوة للقيام بأية خطوات في هذا الاتجاه .
وفي ظل هذا الفشل الذريع، يعتبر التلويح بإغلاق مضيق هرمز بمثابة انتحار اقتصادي، لأن إيران نفسها تستورد من هذا المضيق، وقد تقودها هكذا خطوة حمقاء إلى مواجهة مع العالم كلّه عسكريًا فضلا عن المواجهة الاقتصادية.
لأن إغلاق المضيق سيقود إلى تشكيل ائتلاف إقليمي بل وعالمي من كل الدول المتضررة لمواجهة إيران، بحيث تصبح في موقف لا تحسد عليه، ولهذا السبب لا يمكن أن يكون خيار إغلاق المضيق ضمن الخيارات القابلة للتنفيذ.
وأما الخيار الثاني؛ الذي تلوّح به طهران فهو الخروج من معاهدة “عدم الانتشار النووي” التي تحظى بقبول الأوروبيين. ولكن بالنظر إلى أن إيران ليس لديها مخزون كافي من اليورانيوم فإن الإجراءات اللاحقة لخروجها من “إن بي تي” يمكن أن يشكل ردود فعل غير مسبوقة ضدّها، ولو قامت بطرد المفتشين الدوليين التابعين لوكالة الطاقة النووية الدولية، وشرعت برفع نسبة تخصيب اليورانيوم، فهذا معناه دخول إيران في مواجهة مع المجتمع الدولي، وتوقّع ما لا يحمد عقباه.
إذاً تبقى خيارات طهران تندرج في إطار تحريك وكلائها ومرتزقتها المتواجدين عبر امتداد الحريق الإقليمي، لأنها أجبن من أن تطلق طلقة واحدة على الأساطيل الأميركية المتواجدة في المنطقة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي
قراءة 1556 مرات
آخر تعديل على الخميس, 02 أيار 2019 17:13