في الذكرى الثانية والخمسين لمعركة الكرامة، يسرنا أن نضع بين يدي القارئ الكريم هذه الدراسة العلميَّة المحكَّمة، التي أعدها أ. د. محسن محمد صالح.*
وتعد معركة الكرامة (21 آذار/ مارس 1968) أحد المفاصل التاريخية لحركة المقاومة الفلسطينية وللتاريخ المعاصر. إذ شكلت نقلة نوعية للعمل الفدائي الفلسطيني، الذي بدأ يعيش عصره الذهبي في الأردن. كما كانت إيذاناً بسيطرة حركة فتح على العمل الوطني الفلسطيني، وعلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
وتحاول هذه الدراسة إلقاء أضواء جديدة على هذه المعركة من خلال دراسة الوثائق البريطانية غير المنشورة المتعلقة بالمعركة، التي سُمح بالاطلاع عليها بعد ثلاثين عاماً من وقوعها، والمحفوظة في مركز السجل العام Public Record Office، أو ما صار يعرف لاحقاً بالأرشيف الوطني National Archives The في لندن.
وقد كان من الواضح أن تصاعد العمل الفدائي، المنطلق من قواعد له في غور الأردن قد دفع الكيان الإسرائيلي إلى القيام بهجوم واسع لتدميرها، خصوصاً في منطقة الكرامة. غير أن صمود الفدائيين والجيش الأردني وما بذلوه من تضحيات، قد أدى إلى نتائج معاكسة تماماً لخطط الإسرائيليين. إذ وقعت خسائر كبيرة نسبياً في القوات الإسرائيلية، وانكسرت أسطورتها بأنها تملك جيشاً لا يقهر. كما أدت إلى تصاعد شعبية العمل الفدائي ونفوذه خصوصاً في الأردن. وجعلت الكيان الإسرائيلي في حالة من الحيرة، إذ إن هجماته تزيد العمل الفدائي قوة وشعبية، كما أن سكوته يعطي هذا العمل فرصة للتوسع والتمدد.
ويتقدم مركز الزيتونة بالشكر الجزيل للمجلة العربية للعلوم الإنسانية في جامعة الكويت، التي نشرت هذه الدراسة سابقاً، بالسماح للمركز بإعادة نشرها تعميماً للفائدة.