قراءة فى كتاب مقاصد المقاصد الغايات العلمّية والعمليّة لمقاصد الشريعة

قراءة فى كتاب مقاصد المقاصد

الغايات العلمّية والعمليّة لمقاصد الشريعة

***********

·      أي شئ لم تُعلم مقاصده الحقة أو لم تُراع ولم تٌتَحَر عند استعماله أو التعامل معه فقد ضاعت حقيقته وقيمته وفائدته

·      الفقه بلا مقاصد فقه بلا روح والمتدين بلا مقاصد تدينه بلا روح  والدعاة إلى الاسلام بلا مقاصد  هم أصحاب دعوة بلا روح

·      معرفة مقاصد القرآن الكريم هي المدخل السليم إلى فهم الرسالة القرآنية على وجهها الصحيح بلا زيادة ولا نقصان ولا إفراط ولا تفريط

·      الأفعال لا يُحكم عليها بمجرد صورها وظواهرها  ولا بمجرد أسمائها  ولا ببداياتها دون مآلاتها ونهاياتها

·      مقاصد القرآن هي الميزان والمعيار الذي يجب أن نزن به أعمالنا الفردية والجماعية وحياتنا العامة والخاصة

·       دون معرفة مقاصد الحديث النبوي وتحكيمها ورعايتها ( ضمن مقاصد القرآن دائماً ) تضيع حكمته وتفوت مصلحته وثمرته أو يضيع جزء منها

****

·       بيانات الكتاب :

اسم الكتاب : مقاصد المقاصد.. الغايات العلمية والمعلية لمقاصد الشريعة

المؤلف : د. أحمد الريسوني.

الناشر : الشبكة العربية للابحاث والنشر مركز المقاصد للدراسات والبحوث.

الطبعة : الثانية سنة 2014م.

عدد صفحات الكتاب :  175 من القطع المتوسط.

*****

عرض وتقديم : محمود المنير

******

هذا الكتاب :

يأتي هذا الكتاب في وقت باتت فيه الحاجة ملحة للأمة لتجديد الفقه الإسلامي بما بناسب قضايا العصر ،  مع تنامي الحاجة إلى الترشيد والتسديد للحركة المقاصدية بعد أن تنامى الاهتمام بمقاصد الشريعة وكثر الكلام عن فقه المقاصد وضرورة الاستمداد منه بما يجيب على واقع الأمة في ميدان المسائل والمعضلات الفقهية المعاصرة ، ويمثل هذا الكتاب خطوة على طريق بيان الفوائد المتوخاة والأهداف المبتغاة من وراء معرفة المقاصد ونشر الثقافة المقاصدية ، أي بيان مقاصد هذا العالم وما يقدمه من ثمرات وما يسده من ثغرات .

ومن هذا المنطلق صدر الدكتور الريسوني كتابه الماتع على قلة صفحاته بعدد من التساؤلات والتخوفات المثارة حول ما أسماه بـ" المد المقاصدي " واغراضه ومآلاته، وحول تاثيراته على استقرار الأحكام والثوابت الشرعية ، ومنظومتها الفقهية الأصولية .

 ومن تلك التساؤلات ما يأتي:

-         هل اتباع المقاصد والتعليل بها ، سيعيد تفسير النصوص والأحكام الشرعية على نحو جديد مغاير لما عهدناه وورثناه؟

-         هل مراعاة المقاصد سيؤدي إلى تجاوز النصوص الشرعية والتفلت من سلطانها ، اكتفاءً بالمقاصد والمصالح ، كما نجد اليوم عند بعض الكتاب والمفكرين والمفتين المقاصديين؟

-         هل الدعوة إلى الاجتهاد المقاصدي تعني إلغاء اجتهادات العلماء السابقين ؟

-         هل عامة الناس أيضا بحاجة إلى تعريفهم بالمقاصد وإقحامهم فيها ؟ وهل هم قادرون على استعيبابها والتعامل السليم معها؟

-         أليس هذا مجرد بلبلة وتشويش لهم فى دينهم ؟ أليس هذا خروجاً عن قصد التعبد بالأحكام الشرعية والتسليم لها كما هي ؟ دون سؤال أو تعليل؟

-         وإذا كان المسلم ملتزما بتكاليفه الشرعية على نحو ما جاءت به نصوص الشريعة وبينه الفقهاء ، فماذا ستزيده هذه المقاصد في دينه وتدينه؟

-         وإن قيل إن المقاصد لاتغير من أحكام الشريعة شيئا، فلماذا كل هذا العناء والادعاء ؟ اليس في النصوص كفاية وغنية عما سواها؟

هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها الدكتور الريسوني في هذا الكتاب ؟ وكان دافعه الملح  للإجابة على عليها هو خوض الكثير من غير المختصين أو المختصين غير المؤهلين ، أو المغرضين التحريفيين في استخدام المقاصد والإتيان بالغرائب والعجائب من الآراء والنظريات والفتاوى " المخرجة تخرجيا مقاصديا"! حتى أصبح كثير من الناس يظنون أن الفتوى المقاصدية هي التي تتجاوز النص استناداً إلى المقاصد ، وهى التي تستطيع إعفاءهم من بعض الواجبات وتسمح لهم ببعض المحرمات!

مقاصد المقاصد

لعل من المهم أن نلفت الانتباه لما ذكره الريسوني فى مفتتح كتابه من أن أي شئ لم تُعلم مقاصده الحقة ، أو لم تُراع ولم تٌتَحَر عند استعماله أو التعامل معه ، فقد ضاعت حقيقته وقيمته وفائدته ، ولو بقى منه ما بقي . وهنا نستحضر كلمة الشاطبي :" المقاصد أرواح الأعمال" وهذه الكلمة كما يقول الريسوني لاينحصر مداها في مقاصد المكلفين ومقاصد أعمالهم ، بل يشمل سائر المجالات، فروح القرآن مقاصده، وروح السنة مقاصدها، وروح الأحكام الشرعية مقاصدها، وروح  التدين تكمن في مقاصده وفي تحقيقها ما أمكن.

وبناءً عليه : " فالفقه بلا مقاصد فقه بلا روح ، والفقيه بلا مقاصد  فقيه بلا روح ، إن لم نقل إنه ليس بفقيه ، والمتدين بلا مقاصد تدينه بلا روح ، والدعاة إلى الاسلام بلا مقاصد ، هم أصحاب دعوة بلا روح ".

محتويات الكتاب :

ينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة فصول طرقها شيخ المقاصديين د. الريسوني للاجابة على الاشكالات والتساؤلات والاعتراضات التي سبقت الاشارة إليها وذلك عبر الفصول الثلاثة التالية :

-         الفصل الأول : مقاصد المقاصد في فهم الكتاب والسنة .

-         الفصل الثاني : مقاصد المقاصد في الفقه والاجتهاد الفقهي .

-         الفصل الثالث: المقاصد المعلية للمقاصد.

حقائق حول علم المقاصد

سطر الدكتور الريسوني بعض الحقائق قبل الحديث عن مقاصد المقاصد في فهم الكتاب والسنة ، ومقاصد المقاصد في الفقه والاجتهاد الفقهي ومنها :

-  ليس هناك مقاصد للشريعة سوى مقاصد الكتاب والسنة. وكل ما هو خارج عن نصوص الكتاب والسنة ليس له  نسب فيها ،فليس من مقاصد الشريعة في شئ.

- مقاصد الشريعة مبتداها الكتاب والسنة ، ومنتهاها الكتاب والسنة ، ومن لم يكن على هذا ، فليس بسائر في طريق المقاصد الحقة ، ولا هو من أهلها.

- مقاصد الشريعة لا مصدر لها سوى نصوص الشريعة.

المقاصد العامة  للقرآن الكريم

تحت هذا العنوان فى الفصل الأول تحدث الدكتور الريسوني ،  مبينا أن المقاصد العامة للقرآن هي تلك الاغراض العليا الحاصلة من مجموع أحكام القرآن ، ويستدل عليها بمسلكين هما :

-         المسلك الأول : ما جاء التنصيص عليه في القرآن الكريم نفسه ، من أغراض وأوصاف وتعليلات لهذا الكتاب الكريم وما أنزل لأجله ، وما يتحقق بتلاوته واتباعه من نتائج وآثار وفوائد.

-         المسلك الثاني : هو استقراء مضامينه وأحكامه التفصيلية واستنباط العناصر المشتركة الجامعة لما تركز عليه  وماتدعو إليه .

وسرد الريسوني جملة من مقاصد إنزال الكتاب العزيز ، كما هي منصوصة ومبثوثة في كل أنحاء القرآن الكريم :

-         مقصد توحيد االله وعبادته :

قال تعالى : ( الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) ( هود:1-3).

-         مقصد الهداية الدينية والدنيوية للعباد:

قال تعالى : (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ) ( آل عمران:1-4).

قال تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) ) ( الاسراء :9).

-         مقصد التزكية وتعليم الحكمة

وفيه الآيات الكريمات :

-         ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) ( البقرة:151).

-         (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (164) ( آل عمران :164).

-         (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ  ) ( البقرة:231).

-         مقصد الرحمة والسعادة:

وفيه من الآيات البينات :

-         (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) ( الأنبياء :7).

-         ( طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ (3) (طه:1-3).

-          ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) ( الأنفال:24)

-         مقصد إقامة الحق والعدل :

ونجده في أمثال هذه الآيات:

-          ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) ( الحديد: 25).

-         (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( الأنعام :115).

-         (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) ( النساء :85).

وساق الريسوني فى هذا الفصل نماذج مختلفة لمقاصد القرآن الكريم عند العلماء منهم  الغزالي ، والمقاصد العشرة للقرآن الكريم عند الشيخ رشيد رضا والذي اعتبره الريسوني من الذين توسعوا فى الاستقصاء والبيان لمقاصد القرآن وذلك فى الجزء الحادي عشر من تفسير المنار عند تفسير أول سورة يونس . وذكر المقاصد الثمانية عن ابن عاشور  فى مقدمته الرابعة من مقدمات تفسيره لبيان مقاصد القرآن .

مقاصد مقاصد القرآن

وختم الريسوني نبذته المختصرة عن المقاصد العامة للقرآن ببعض الفوائد الاجمالية لمعرفة مقاصد القرآن الكريم ومنها :

-         معرفة مقاصد القرآن الكريم هي المدخل السليم إلى فهم الرسالة القرآنية الإسلامية على وجهها الصحيح. بلا زيادة ولا نقصان ولا إفراط ولا تفريط. فمقاصد القرآن هي ما نص عليه القرآن ، ومانزل لأجله القرآن ، وما استخلص من جملة معانيه وأحكامه.

-          معرفة هذه المقاصد العامة واستحضارها عند قراءة القرآن وتدبره ، تمكن قائه من الفهم السليم للمعاني التفصيلية والمقاصد الخاصة لأمثاله وقصصه ووعده ووعيده ، ولكل آيه وكل حكم ورد فيه.

-         بمعرفة مقاصد القرآن يتسدد فهمنا لمقاصد السنة النبوية جملة وتفصيلا، ومن خلال ذلك يتسدد النظر الفقهي والاجتهاد الفقهي.

مقاصد المقاصد في الفقه والاجتهاد الفقهي

يرى الريسوني أن علاقة المقاصد بالفقه هي تماماً كعلاقة الروح بالجسد ، والفقه الحق الحي هو الذي تجري المقاصد في عروقه ، وهو الذي وصفه ابن القيم بقوله " وهذا هو الفقه الحي الذي يدخل على القلوب بغير استئذان".

ولهذا جعل الشاطبي شروط المجتهد مجتمعة في أمرين هما : معرفة المقاصد أولا ، وحسن تنزيلها واستعمالها في مواضعها ثانيا.

وأما  ابن عاشور فحصر محال اجتها المجتهدين في أدلة الشريعة في خمسة ، وأمد أنها كلها تحتاج إلى مقاصد الشريعة وهذه المجالات الاجتهادية هي :

1-     فهم النصوص الشرعية بحسب ما تقتضيه قواعد اللغة واصطلاحات الشرع فيها.

2-     مقارنة المعنى المستنبط ،مع غيره من أدلة الشريعة واحكامها ، للتحقق من التوافق بينه وبينها، فيؤخذ به حينئذ بلا  إشكال، أو يظهر نوع التعارض، فيعمل عندئذ على التوفيق أو الترجيح.

3-     قياس ما لاحكم له في الشرع على نظيره المنصوص على حكمه ، بعد التعرف على علته.

4-     الحكم فيما يجد من حوادث غير منصوص على حكمها ، وليس لها في الشرع نظير تقاس عليه.

5-     النظر فيما لم تظهر حكمة الشرع فيه ، وتصنيفه ضمن الأحكام التعبدية غير المعللة ، أو اكتشاف علته ومفقصوده ، لإلحاقه بالأحكام المعقولة المعللة.

قال ابن عاشور رحمه الله : " فالفقيه بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة في هذه الأنحاء كلها .بمعنى أن المقاصد تدخل في جميع المناحي الاجتهادية.

المقاصد العملية للمقاصد

الدين منهج علم وعمل معاً ، والعمل فيه هو بيت القصيد وعلى هذا الأساس ، يؤكد الريسوني على أن العلوم المنبثقة من الدين والخادمة له لابد من أن تكون ذات مقاصد عملية ومردودية عملية .فالعلم لايطلب لذاته وبدون فائدة أخرى من ورائه .وفكرة " العلم لأجل العلم " غير مرحب بها في دائرة العلوم الشرعية ، بل هي دخيلة عليها ومجرد عبء ثقيل على طلابها.

فحتى القرآن الذي هو أرفع العلوم وأشرفها وأصحها ، لم يأت ليكون علماً شريفاً يشرف أهله وكفى ، بل هو علم لأجل العمل . وقد وصفه منزله سبحانه وتعالى بعدة أوصاف عميلة ، وأناط به مقاصد عملية ، فوصفه بأنه ( هدى) وأنه ( يهدي للتي هي أقوم ) ، وأنه ( يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) وأنه ( شفاء ورحمة )، وأنه إنما أنزل – هو وغيره من الكتب – ( ليقوم الناس بالقسط)...

ودعم الريسوني هذه الفكرة بما قاله الإمام الشاطبي في المقدمة السابعة من موافقاته بقوله :" كل علم شرعي ، فطلب الشارع له إنما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبد به لله تعالى ، لا من جهة أخرى. فإن ظهر فيه اعتبار جهة أخرى ، فبالتبع والقصد الثاني لا بالقصد الأول . وكل علم لا يفيد عملا فليس في الشرع ما يدل على استحسانه".

وقال في المقدمة التاسعة :" انحصرت علوم الشريعة فيما يفيد العمل أو يصوب نحوه ، لازائد على ذلك".

الأمور بمقاصدها وعواقبها

تحت هذا العنوان من المبحث الأول في الفصل الثالث والذي جاء تحت عنوان" احتياج السياسة الشرعية إلى مقاصد الشريعة يقول شيخ المقاصديين الريسوني أنه مما لاغبار عليه في الشريعة الإسلامية وفقهها ، أن الأفعال لايحكم عليها بمجرد صورها وظواهرها ، ولا بمجرد أسمائها ، ولا ببداياتها دون مآلاتها ونهاياتها.بل الحكم الصحيح على أي فعل إنما يكون بالنظر إلى ظاهره وباطنه ، والباطن أولى، وبالنظر غلى اسمه وحقيقته ، وحقيقته أولى.وفي كل هذه وجوه صاغ الفقهاء قواعد فقهية مستمدة من القرآن والسنة أذكر منها :

-         الأمور بمقاصدها.

-         المقاصد ارواح الأعمال .

-         العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني .

-         نوط الأحكام الشرعية بمعان  وأوصاف لا باسماء  واشكال .

-         الأعمال بخواتيمها.

-         العبرة بالخواتيم.

-         الأمور بعواقبها .

-         اعتبار المآلات.

هل معرفة مقاصد الشريعة في متناول عامة الناس ؟

يرى الريسوني أن فهم المقاصد  والإلمام بها هو الأسهل – أو الأقل صعوبة – ضمن بقية العلوم والمعارف الإسلامية ، فالمقاصد أسهل من الفقه ومسائله وأحكامه الدقيقة ، وأسهل من علم أصول الفقه وعلم الكلام باصطلاحاتهما ومباحثهما الموغلة في التجريد ، وأسهل من علم مصطلح الحديث بشروطه وعلله وجرحه وتعديله ، وهي أسهل بكثير من علوم اللغة العربية كلها وخاصة علم النحو الذي نتعلمه ونحن بعد في المرحلة الابتدائية .

فأحكام الشريعة  الشريعة ومقاصدها ليست من قبيل علم الباطن " المضنون به على غير أهله "وليست من العلوم الذهنية الموغلة في الخصوصية.كما هو شأن المنطق والفلسفة .

وبناء عليه ، فأحكام الشريعة ومقاصدها:

-         يمكن دراستها بأعلى المستويات ، وهو مستوى العلماء والدراسين المتخصيين ، بلغتهم ومصطلحاتهم وتدقيقاتهم واستدلالاتهم .

-         ويمكن عرضها وتعليمها بمستوى متوسط يناسب طبقة المتعلمين والمثقفين وامثال الطلبة الجامعيين غير المتخصيين.

-         ويمكن عرضها وتوضيحها بمستوى أدنى من ذلك وأيسر ، وهو مستوى عامة الناس، ممن لهم همة واهتمام.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top