تأثير ما بعد الإتفاق النووي على الجغرافيا السياسية إقليميا ودولياً


للباحث: وسام الكبيسي

 مفاتيح البحث

- فكر دولياً وتحرك إقليمياً ومحلياً

-  الدفاع يبدأ اليوم من خارج الحدود

- الأوزان الدولية والإقليمية قابلة للتغير في الفواصل التأريخية

هناك بعض الرسائل بين ثنايا البحث لمن أحب تتبعها والربط بين خيوطها

مقدمة
====
لا يمكن الحديث عن المتغيرات الإقليمية والتداعيات التي سيخلفها الإتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران، بمعزل عن الحديث في الظروف الإقليمية والدولية الأخرى حيث يظهر الاتفاق كنتيجة من جانب، وسبب من جانب اخر لهذه الظروف، وكنموذج لحل الأزمات مستقبلا، خصوصا إذا كنا نتتبع المسارات في فاصلة تأريخية بين نظام دولي آفل، ونظام يشهد مخاض ما قبل الولادة، وما يعنيه ذلك ويفرضه من سيولة في الأفكار والخطط ومفاجآت على الصعيدين السياسي والميداني.

وقد ظهر جليا في الأسابيع القليلة الماضية كثرة المفاجآت وسرعة المتغيرات، بما يصعب القدرة لدى أي باحث على قراءة المشهد والوصول إلى استنتاجات دقيقة، مع أن الأمر اللافت اليوم هو تداخل العوامل المحلية والإقليمية والدولية، وعوامل الدولة واللادولة، سورية مثلاً، وذلك ما يحصل عادة على مشارف الحروب العالمية، وفقا لقراءة الباحث.

من الواجب هنا تحديد ملامح عامة لمنطقتنا العربية - الإسلامية التي بات يطلق عليها اسم الشرق الأوسط، لنتعرف على مدى أهمية هذه المنطقة لأي قوة/ أو مجموعة قوى، تفكر أو تعمل على قيادة النظام الدولي الجديد

حيث تكتسب دول المنطقة أهميتها الاستراتيجية من خمسة عوامل رئيسية سنرتبها بعجالة، بحسب تأثيرها دولياً وإقليمياً؛


-
أول هذه العوامل هو كونها المستودع والمنتج الأكبر للطاقة وبعض المواد الأولية في العالم.
-
وثانيها هو موقعها الاستراتيجي قرب المضائق البحرية الاستراتيجية، كونها تربط قارات العالم ببعضها.
-
وثالث هذه العوامل هو حضور رمزية مكة والمدينة المنورة وأثرهما الروحي على أكثر من ربع سكان العالم متوزعين بالعيش في اتجاهاته الأربع.

- ورابعها أن المنطقة تمثل اليوم ساحة صراع بين (الأوراس) من جهة، و(الأطالسة) من جهة أخرى على المياه الدافئة

- وخامسها أن أغلب دول المنطقة تشكل أسواقا نشطة للمنتجات العالمية، يفوق حجمُ استهلاكها حجمَ عدد سكانها مقارنة بدول أخرى كثيرة

وذلك كله جعل منها ميدانا دائما لصراع الامبراطوريات والقوى الدولية والنزاعات الإقليمية، وسنحتاج إلى الحديث بشيء من التفصيل عن القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المشهد

الولايات المتحدة الأمريكية

==============
من الواضح أن أميركا اليوم أقل منها طموحا إبان حكم بيل كلينتون وجورج بوش الابن، ويرى الكثيرون أنها قد فشلت في إقامة نظام عالمي أحاديّ القطبية كما كانت تأمل، مع أنها كانت أكبر معاول هدم النظام الدولي الحالي والتحول به إلى اللانظام، عبر تسويق نفسها كقوة وحيدة فوق القانون، وطرح نظريات صدام الحضارات ونهاية التأريخ والفوضى الخلاقة وعولمة الإقتصاد والسياسة، وأمركة الثقافة والمجتمعات ومبدأ الحروب الاستباقية، وإستراتيجية "حلف الدول الراغبة"، ويبدو الوضع العالمي الراهن كأنه نتيجة لفشل "نظرية الانفراد" في عهد إدارة بوش الابن، حيث بات واضحا أن أميركا غير قادرة على فرض شروط وظروف نظام أحادي القطبية كما تصوّر المحافظون الجدد في حينه.

ويرى بعض الباحثين أن ذلك لا يمثل فشلاً أمريكيا، ويستندون إلى أن الاستراتيجية الأمريكية هي عبارة عن موجة جيبية تصعد بتدخل مباشر وتنزل بتدخل غير مباشر، عبر خلط الأوراق ومحاولة الإمساك بكل الخيوط، وترك المجال للتصارع بين القوى، ونحن الان في مرحلة التدخل غير المباشر وفق هذه الرؤية التي تملك الكثير من المؤشرات على صحتها.


ولكن إذا كانت أمريكا قد فشلت في إقامة نظام عالمي أحادي القطبية، وأفاقت من أحلامها بفعل ما واجهته من مقاومة في أفغانستان، وفي العراق خصوصا، نالت منها عسكريا وماليا ومن قوتها الجيوستراتيجية وقيمها الأخلاقية، فإنها لا زالت أقدر من غيرها من القوى الدولية على صياغة وقيادة نظام دولي جديد، وهي وإن لم تقدر على فرض شروطها، فلن تتمكن القوى الأخرى من فرض شروط عليها، كما أنها أقدر على هدم وتعطيل مشاريع وبرامج القوى الأخرى من قدرة هذه القوى على هدم وتعطيل مشاريعها، إلا إذا افترضنا اجتماع القوى الدولية الكبرى ضد أمريكا، وهو ما يعد من شبه المستحيل اليوم.

وبناءً عليه فمن المرجح اليوم أن يكون النظام الدولي القادم متعدّد الأقطاب، تتحكم فيه - بعد فترة انتقالية - مجموعة 5+1، وتتصدر فيه أميركا المشهد الدولي إلى حين، وربما لعقود طويلة، ويقوم - من وجهة نظر أمريكية - على مبدأ الشراكات الواسعة مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا ممثلة للاتحاد الأوروبي، وشراكات بنسبة أقل مع الصين وروسيا، وبعض القوى المتوسطة الصاعدة كالهند والبرازيل وتركيا، بعد تقليص مساحة الأحلام الروسية بقيادة بوتين، وسيقابل ذلك بعدم تسليم من القوى الدولية الأخرى لأننا في فاصلة تأريخية لم يستقر فيها ميزان القوى، ولم تحسم بعد معادلة سيطرة وضبط للنظام الجديد، ناهيك عن إمكانية حدوث تغير في الأوزان والأدوار بين بعض القوى الكبرى والمتوسطة، وهو أمر لا يُستَبعد حدوثه في الفواصل التأريخية.

ضمن هذه البيئة الدولية من اللانظام الأقرب إلى الفوضى جاءت أولى ثمرات اتفاق القوى في مجموعة 5+1 بعد مشوار طويل من التفاوض والشد والجذب، لإنهاء الملف النووي الإيراني، ليمثل نموذجا لمواجهة الأزمات في النظام الدولي الجديد، وهو الاتفاق الذي تفسر ردود الأفعال الاقليمية، والعربية الخليجية على وجه التحديد منه، ملامح القوى المستفيدة من إبرامه.

روسيا
====
يرى الباحث أن التدخل الروسي المباشر في سورية جاء نتيجة للضغوط التي مارسها أو سمح بها الغرب على صعد الاقتصاد والسياسة والنفوذ الدولي، فقد فرض الغرب عقوبات على روسيا وجميد عضويتها في مجموعة الدول الثماني الأكبر اقتصاديا، وسمح بإجراءات أدت إلى تخفيض أسعار النفط، المورد الأول للخزينة الروسية، وبعد أن كان سلفها (الاتحاد السوڤييتي) قطبا موازنا لأمريكا يمتد نفوذه إلى مساحات واسعة من الكرة الأرضية، تجد الوريثة روسيا نفسها تفقد مناطق نفوذها، الواحدة تلو الأخرى، فهي فقدت مواضع نفوذها في عدن والعراق ومصر وليبيا، وبقيت سورية تمثل ملاذها الأخير لاستمرار بعض نفوذها في هذه المنطقة.

بموازاة ذلك تم تغييب روسيا عن الملفات المهمة في الشرق الأوسط بدءا بمحادثات السلام الفلسطينية، مرورا بملفات العراق واليمن وليبيا، مما أفقد روسيا ديناميكية التأثير والضبط والحركة، وكان عدم إشراكها في ملف سورية يعني الانكفاء بعيدا عن المياه الدافئة، وتوسيع الهوة بينها وبين غريمتها الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت ترى روسيا تضييق الخناق عليها حتى في عقر دارها، ودعوة دولة الجبل الأسود لحلف الناتو لن تكون آخر هذه الخطوات.

روسيا قامت وتوسعت على مبدأ "الدولة العضوية" منذ منتصف القرن السادس عشر، وبرز ذلك بوضوح في عهد الإمبراطور الروسي بطرس الكبير الذي حكم روسيا لأكثر من أربعين عاما (1682- 1725) وكانت رؤيته تقوم على أن من يسيطر على القسطنطينية يسيطر على العالم، حيث يتيح له ذلك فرصة الهيمنة على المياه الدافئة في البحر المتوسط والخليج العربي والمحيط الهندي، وهو صحيح من وجهة نظر الامبراطورية الروسية، لأن معظم موانئها تطل على المحيط المتجمد الشمالي، وتتوقف الحركة فيها لستة أشهر سنويا بسبب تجمد مياه المحيط، وهذا يفسر الاقتطاع الروسي لشبه جزيرة القرم الأوكرانية المطلة على المياه الباردة في البحر الأسود العام الفائت، كضرورة من ضرورات الأمن القومي من وجهة النظر الروسية.

المشكلة تكمن في أن تركيا تتحكم بدرجة كبيرة بحركة الملاحة الروسية عبر مضيقي البوسفور على البحر الأسود، والدردنيل باتجاه البحر الأبيض المتوسط، ورغم حرية الملاحة التي كفلتها اتفاقية (مونتريه Montreux/ 1936)، فأنها أعطت لتركيا صلاحيات تنظيم الملاحة في زمن السلم وصلاحيات أكبر في زمن الحرب، وذلك ما يبرر استقتال روسيا على الاحتفاظ بموطيء قدم في ميناء طرطوس السوري بأي ثمن، خصوصاً وأن ضابط الـ"كي جي بي" السابق، والرئيس الحالي "فلاديمير بوتين"، مسكون بخطط بطرس الكبير، وشعاره البراق (روسيا الجديدة)، مما جعله يعلق صورة مرسومة لبطرس في مكتبه.

والذي يبدو أن الصرع حول المياه الدافئة حسمه الاتفاق النووي، أو يكاد، وبقي مشروع حسم الصراع حول المياه الباردة، في البحر الاسود وقزوين، ومن المرجح أن الحرب التي نشات مع تركيا، وهي حرب باردة بدأت بحادث الطائرة، ستكون رأس الخيط في حسم الصراع على ضفتي البحر الاسود وخنق روسيا لاحقا حتى يتم تحييدها، وجلبها إلى النظام الدولي الجديد بعيدا عن أحلامها الامبراطورية مثلما تم تحييد ايران بالاتفاق النووي، فلا وجه للمقارنة بين أمريكا وروسيا، ويكفي أن نطلع على مؤشر الانفاق السنوي العسكري لنرى أن ما ينفقه الروس لا يعادل خمس ما ينفقه الأمريكان، بل هو يساوي تقريبا ما ينفقه الأتراك سنويا وفقا لإحصائيات دولية موثقة، ناهيك عن مؤشرات أخرى كثيرة، وهنا لا بد أن نشير إلى أهمية أن لا تنجر تركيا للتصعيد، والاستمرار على الصبر والهدوء مع الحزم، كما بدا في أدائها لإدارة الأزمة الناشئة حتى الآن.

ذلك كله فرض على روسيا اتخاذ هكذا قرار صعب قد تكون تكاليفه كبيرة أكبر من القدرة على تحملها، في حال تحول السيناريو في سورية إلى نزاع وتفاوض طويل الأجل، وهو السيناريو الأمثل للغرب في الوقت الراهن - من وجهة نظر الباحث -، وذلك لحين ترتيب الأوراق في سورية والمنطقة، وإزاحة كل الفصائل والقوى غير المرغوب بها من المشهد، وإعادة رسمه بما يتناسب ومقاييس القوى الدولية والإقليمية المؤثرة، فمن جهة يظهر التدخل الروسي كأنه احتلال لأرض عربية، أو مناصرة دكتاتور قاتل في أحسن الأحوال، مما يجعل قدرتها على مسك خيوط اللعبة بيدها أمراً شائكاً ومعقدا، ويعطي فرصة لأي قوة دولية لتصفية الحسابات معها أو ممارسة الضغط عليها على أيدي خصومها فوق الأرض السورية.

ومن جهة ثانية يفرض التدخل الروسي حالة من التناقض، وربما التصادم، المستقبلي بينها وبين حليفها الإقليمي (إيران)، إذ يبدو واضحا ظهور بوادر أزمة في قيادة المشهد، تجلى بعضها عبر تصريحات لقيادات عليا وميدانية في الحرس الثوري تشتكي من الهيمنة الروسية عليه، وبعضها الآخر عبر حالات استهداف غير مبررة لمواقع يسيطر عليها الإيرانيون أو حلفاؤهم كما حصل في مناطق متعددة قرب حمص، ناهيك عن ربط بعض المراقبين بين القدوم الروسي لسورية وتحول أرض الأخيرة إلى مقبرة لجنرالات الحرس الثوري بشكل غير مسبوق.

السيناريو المرجح للحالة السورية المذكور آنفا أي "النزاع والتفاوض طويل الأجل"، مستمد من بين أربع خيارات توصل إليها جمع من الباحثين في ورشة لمعهد "راند" المقرب من دائرة القرار الأمريكي، عقدت في الشهر الأخير من عام 2013 لتعقب وتقييم السيناريوهات المستقبليّة الممكنة للنزاع في سوريّة وهي: النزاع الطويل الأجل، انتصار النظام، انهيار النظام، التسوية عن طريق التفاوض، فيرى الباحث أن حشدا من الدلائل السياسية والميدانية، توحي بالجمع بين السيناريوهين الأول والأخير، حيث بات انتصار النظام أو انهياره بالكامل أمرين صعبي المنال في ظل دخول اللاعبين الدوليين إلى المشهد بشكل مباشر وزيادة تعقيده.

إيران
====
لا يمكن الحديث عن الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط دون الحديث عن الدور الإيراني، إذ لا يكاد يخلو ملف في المنطقة من يد لإيران فيه، ولا يخفى أنها دولة ذات طموح إقليمي يقوم على أحلام توسعية تأريخية، وتمتلك القدرات الإقليمية لهكذا طموح.

إيران تقع جيوبولتيكيا بين دائرتين إحداهما إلى الشمال منها متمثلة ببحر قزوين ودول القوقاز وآسيا الوسطى، والثانية إلى الجنوب منها متمثلة بالخليج العربي والدول المطلة عليه، ولكن إيران ولأسباب جغرافية، وتأريخية بالدرجة الأساس، مالت إلى التوسع باتجاه الجنوب، وذلك فرض نمطا من العلاقات المتوترة والجوار القلق مع دول الخليج والجزيرة العربية، وبدرجة أقل مع تركيا الحديثة.

في سبيل تحقيق طموحاتها بنت إيران خطة قائمة على المرحلية والبراغماتية السياسية، والتحالفات الإقليمية والدولية المرنة، واستخدام عوامل القوة الناعمة تحت مفهوم الدولة، والصلبة خارج إطار مفهوم الدولة، وقد تكون إيران فهمت - أو أُفهِمت – مبكرا، طبيعة الصراع في المرحلة الحالية، واستعدت لها جيدا، في وقت كانت فيه القوى الإقليمية الأخرى غارقة في صراعات ونزاعات تقليدية بينية، أو غفلة سياسية، تدفع كل دول المنطقة اليوم ثمنها، من دماء وجغرافية واستقرار وأموال أبنائها.

راحت إيران تتحالف مع بعض الأنظمة والقوى الإقليمية، وتعمل على تحييد بعضها، كما سعت إلى بناء تحالفات مؤقتة مع قوى دولية كبرى مستفيدة من التناقضات الدولية، وكان لافتاً أن تنشيء ثورة الخميني (الحرس الثوري) كمؤسسة موازية للقوات المسلحة الرسمية، بعد ثلاثة أشهر فقط من قيام الثورة، وحتى قبل تمكينها، ثم توالى دعم ولاية الفقيه لتشكيل منظمات في المنطقة، خارج إطار الدول فظهر ما يسمى "حزب الله اللبناني"، و"فيلق بدر العراقي"، قبل انقضاء ثلاث سنوات من قيام ثورة الخميني، وتحت مرأى وصمت من الأجهزة الاستخبارية الغربية.

لقد لخص الباحث العلاقة بين إيران والغرب في تقرير أخباري سابق له، بأنها (تحالف استراتيجي وتنازع تكتيكي)، ومن بين أهم التحالفات التي سعت إيران لبنائها هو تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكشف عضو البرلمان الألماني السابق الدكتور يورغن تودنهوفر في مقال نشر في عدة صحف ألمانية، على رأسها (فرانكفورت روندشو)، يوم 6/10/2013، أبعاد هذه العلاقة.

الدكتور تودنهوفر ذكر في مقاله أنه تولّى شخصيا تقديم عرض إلى الإدارة الأمريكية يوم 26 نيسان 2010 بناء على طلب إيراني للحكومة الألمانية يقوم على عدة بنود منها؛ أن تقدم إيران ضمانات موثقة تتعهد فيها بعدم صنع القنبلة النووية، وتلتزم بعدم تخصيب اليورانيوم لأكثر من النسبة المخصصة للأغراض الطبية، واستعداد إيران للمساهمة في إيجاد الحلول للصراع في أفغانستان والعراق، والتعاون مع أمريكا لمحاربة الإرهاب العالمي، مقابل الوصول إلى اتفاق مرض بينهما حول تقاسم مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، ويؤكد الدكتور تودنهوفر قائلا إن الورقة الإيرانية نصت على (إن إيران تريد السلام مع الولايات المتحدة)، وهو ما ينسف كل الشعارات والادعاءات التي تطلقها إيران ضد (الشيطان الأكبر).

مع خروج الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية كأكبر قوة عالمية- ظهر مفهوم جديد للجيوبوليتيك وهو "الحدود الشفافة"، الذي يعني الهيمنة الأمريكية الاقتصادية والعسكرية دون حدود خرائطية للدولة، ثم ما لبثت أمريكا أن تحدثت عن الشرق الأوسط الجديد ونظرية الفوضى الخلاقة، وعن تغيير في مفهوم القيادة الدولية، ومفهوم الدولة الحديثة، بحيث يزداد الاعتماد على المنظمات المدنية، والقوى الفاعلة من غير الدول (NON STATE ACTORS)، على حساب المؤسسات التقليدية للدولة، وكانت إيران تقرأ كل ذلك، وتعد نفسها للعب دور في هذه البيئة المناسبة للتمدد وتحقيق أحلامها التوسعية، حتى إنها أصبحت أهم لاعب يخدم نظرية الفوضى الخلاقة في المنطقة، حيث غضت أمريكا الطرف عن تشكيل ميليشيات تابعة لولاية الفقيه، وعن ظهور الميليشيات السنية التي تطورت إجراميا، كرد فعل على جرائم ميليشيات الولي الفقيه، واستفادت أمريكا من الصراع بين الطرفين، بينما كانت الدول والمجتمعات العربية السنية هي المتضرر الأكبر من هذا الصراع.

ورغم المناكفات الإعلامية، فقد كانت العلاقات السرية بين أمريكا وإيران قائمة، والتنسيق عبر قنوات سرية قائما، وفي لقاء له على قناة الجزيرة أكد لاري كورب مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق على أنه (لا شك بوجود تعاون وتنسيق غير معلن بين أميركا وإيران)، وقد أثمر ذلك التنسيق مساعدة إيران للاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، وتمدد إيران بموازاة ذلك الاحتلال.

ليس هناك تطابق بين أمريكا وإيران في كل الملفات، وإن استفاد كل منهما من الآخر، وبينما نقترب من ساعة جني الثمار، تجد إيران نفسها بحاجة إلى لاعب دولي آخر، لتكمل مشروعها ، وتستفيد منه في صد الضغوط الدولية، والأمريكية تحديداً، محاولة مرة أخرى استغلال تناقضات الصراعات الدولية، وهي تعمل على بناء حلف جديد مع روسيا، وربما تعود روسيا للتفكير بإحياء الأحلاف الامبراطورية بثوب جديد، بما يصلح ليكون نموذجا منافسا للنموذج الأمريكي في صياغة النظام الدولي القادم، مع أن الباحث يرى أن نجاح هذه المهمة شبه مستحيل على ضوء معطيات الواقع.

لقد رسمت إيران استراتيجيتها الكبرى، ووضعت خططها المتعاقبة على هدف كبير يتمثل في تكوين هلال شيعي يمتد من طهران إلى لبنان مرورا بسورية والعراق تمهيدا لتطويق دول الخليج والجزيرة، ثم احتلال بعض دول هذه المنطقة تمهيداً لاحتلال المملكة والسيطرة على مكة والمدينة، وقد تجلى ذلك في مشروع محمد جواد لاريجاني في كتابه "مقولات في الاستراتيجية الوطنية" عام 1984م بعنوان (مشروع أم القرى)، وفي خطط "التمكين" التي أقرها مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني وهي مشروع يستهدف تحويل إيران إلى قوة مركزية في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، بحلول عام 2025،

الحديث عن احتلال مكة والكعبة المشرفة والمدينة المنورة ليس جديدا، فقد بدأ مبكراً بعد ثورة الخميني، ففي احتفال رسمي وجماهيري أقيم في عبادان في 1979/3/17م ألقى الدكتور مهدي صادقي، أحد رجالات الجمهورية الإيرانية خطبة جاء فيها: "أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن مكة المكرمة حرم الله يحتلها شرذمة أشد من اليهود"، وفي حديث علني بثته إذاعة طهران بتاريخ 1988/7/20م قال الخميني: "سوف نزيل آلام قلوب شعبنا بالانتقام من أمريكا وآل سعود إن شاء الله في وقت مناسب… بإقامة حفل انتصار الحق، وبتحرير الكعبة من يد الآثمين، سوف نحتل المسجد الحرام"، وقريب من ذلك تصريحات أطلقها هاشمي رفسنجاني، وآية الله العظمى حسين الخراساني.

هناك اليوم منظمة مرتبطة مباشرة بمكتب الولي الفقيه، تطلق على نفسها "منظمة أنصار حزب الله"، تعمل بهدوء في إيران تحت لافتة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، ولكنها في السر، ووفقا لمعلومات مؤكدة، تمول وتجند وتنسق بين ميليشيات ما تسمى (أحزاب الله)، وهي التي هددت علنا باحتلال مكة والمدينة في بيان صدر قبل عدة أشهر، ولعل من اللافت في الأيام الأخيرة تحطيم الحدود العراقية الإيرانية، ودخول مئات الآلاف ممن لا يحملون وثائق سفر، وفي ذلك خطر كبير، إن كان من جهة التغيير الديموغرافي للمدن العراقية الساخنة، أو من جهة تسلل عشرات الآلاف من أعضاء الحرس الثوري عبر هذه المسرحية، والتحاقهم بأعضاء (حزب الله) العراقي قرب الحدود السعودية، وعلى المعنيين حمل هذا الكلام على محمل الجد.

التحالف الروسي اليوم مع ولاية الفقيه ليس جديدا، فقد سبق في التأريخ أن تحالفت الكنيسة الارثوذكسية مع الدولة الصفوية في مواجهة الدولة العثمانية، وبعث بطرس الكبير، صاحب فكرة الوصول الى المياه الدافئة، مبعوثا عنه الى العاصمة الصفوية اصفهان سنة 1697بهدف تحريض حكام ايران على إعلان الحرب ضد العثمانيين، واستمر التعاون بين البلدين لعقود طويلة، ولكنه أخذ مسارات تنازعية وحتى صدامية بعد ذلك، فهل يتكرر السيناريو اليوم مدفوعا بأحلام امبراطورية تأريخية لدى الطرفين؟.

لا شك أن إيران تنازلت عن بعض نفوذها الاستراتيجي في سورية، وربما سيُفرض عليها في الأشهر القادمة مزيد من التنازل، ولكنها لا تزال تحتفظ بأوراق عديدة في المشهد السوري، لعل من أهمها حاجة الآخرين لتحركاتها البرية في المدى القريب على الأقل، ولكن ذلك قد يتغير في أي صفقة دولية مقبلة، أو في حال الجنوح نحو المقايضات في إطار مفاوضات الحل النهائي لملفات المنطقة في حزمة واحدة، فإيران وكل العوامل التي تملكها توشك أن تتحول عندذاك إلى ورقة بيد روسيا لتحسين شروط التفاوض والتنافس مع الخصم الأمريكي.

أخيرا، فقد حصل تهويل كبير في مسألة رفع العقوبات كأحد بنود الاتفاق النووي، ولكن مصادر رسمية من البنك المركزي الإيراني تؤكد أن إيران لن تحصل على أكثر من (20) مليار دولار منها على المدى المتوسط، وهي لا تعوض إلا جزءا يسيرا من الخسائر التي سببها هبوط أسعار النفط، كما أن المبلغ لا يعني الكثير، في ظل الاستنزاف الكبير الذي يمر به مشروع الولي الفقيه.

العراق وسورية

=========
مع أن عوامل ووسائل الصراع تكاد تكون متشابهة بين البلدين (إذا استثنينا الشهرين الماضيين)، فأن طبيعة الصراع مختلفة كثيرا بين البلدين، ففي سورية تقوم الحالة على توازنات نسبية محلية، بين نظام الأسد وفصائل المعارضة، وإقليمية بين التحالف التركي - السعودي - القطري وإيران، ودولية بين أمريكا وروسيا، وتفرض هذه التوازنات وضعا شائكا ومعقدا.

بينما في العراق نلحظ التنازع قائما بين قوة دولية كبرى (أمريكا)، وقوة إقليمية طموحة (إيران)، والآخيرة وإن كانت تملك بعض الأوراق في الميدان لمجاراة المشروع الأمريكي، فإن الفارق بينها وبين غريمها واسع على صعيد الجيوستراتيجيا والعلاقات الدولية واستخدام القوانين الأممية… إلخ، لذلك حرصت إيران مؤخرا على تشكيل حلف جديد مقره بغداد، كخطوة نحو جر الرجل الروسية إلى العراق، وهو ما سيكون أكبر الأخطاء الروسية إن حصل.

جرى الحديث عن الخيارات السورية المستقبلية، وجاء الدور للحديث عن الخيارات على الساحة العراقية، ومن خلال قراءة طويلة لتصريحات مسؤولين ومراكز بحوث مقربة من مراكز القرار الأمريكي، يجد الباحث أن الرؤية الأمريكية المستقبلية للعراق تقوم على ثلاثة سيناريوهات يقدم بعضها على بعض وهي؛

- السيناريو الأول: أن يكون عراقا فدراليا (أو لا مركزيا)، يقوم على التنافس الاقتصادي والتوازن العسكري، ويعطي صلاحيات كبيرة لهذه الأقاليم للتفاوض والتعاقد الخارجي دون الرجوع للحكومة المركزية التي سترشَّدُ لتدير هذه الأقاليم ولا تتحكم بها، وذلك سيجعل العراق دولة تقليدية قابلة للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي أو أي منظمة أوسع منه مستقبلا، وهذا السيناريو هو الأفضل من وجهة نظر أمريكية، لأنه يقلص دور إيران في العراق، ويصبح نموذجاً (model) يحتذى في المنطقة.

- السيناريو الثاني: في حال قوبل السيناريو الأول بالرفض من السنة في الداخل والمحيط الإقليمي، تحت أي ذريعة كان، فستساعد أمريكا على تسليم العراق للشيعة (مع مراعاة وضع الأكراد)، ولكن الحكومة الشيعية هنا ستكون إصلاحية وليست راديكالية على نهج ولاية الفقيه، ذلك سيجنب أمريكا عودة العراق إلى الحاضن العربي - السني على المدى المتوسط على الأقل، كما سيجنبها خطر تمدد ولاية الفقيه وأحلامها التوسعية وأضرار تحالفها مع خصومها كالروس وغيرهم.

- السيناريو الثالث: إن رفضت إيران السيناريو الأول والثاني وأصرت على التحكم بالمشهد العراقي فسيذهب العراق إلى التقسيم كحل أخير يضمن مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة، وهذه الخيارات كلها بالطبع في حالة عدم التدخل الروسي كما هو مرجح بالرجوع إلى قوانين النفوذ والاشتباك بين القوى الدولية، أما إن تهور بوتين ودخل العراق، فسنكون أمام خيارات جديدة وصعبة.

والحديث عن العراق وسورية يقود للحديث عن تنظيم الدولة (داعش)، فهو المقابل النوعي لميليشيات فيلق القدس باعتبارها جميعاً عوامل فاعلة من غير الدول، ساعدتها ظروف معينة على النشوء، كما ساعدها حاجة المشاريع الأخرى لوجودها على التمدد والانتشار، ومع وجود الكثير من أوجه التشابه بين الطرفين، فهناك عدة فوارق لعل من أبرزها تحديد الجهات المستهدفة، والعلاقة مع الدولة، ففي حين تستهدف ميليشيات فيلق القدس المدن والقرى السنية حصرا، يستهدف تنظيم الدولة كل من يخالفه بما في ذلك جمهور السنة، وفي حين تقوم استراتيجية الميليشيات على التغلغل في مفاصل الدولة ثم التحكم بعناصر القوة فيها وتحريكها من وراء حجاب كما في النموذج اللبناني، فإن استراتيجية تنظيم الدولة تقوم على هدم الدولة كليا وإقامة نموذجها الخاص، وهي تلتقي من هذا الوجه مع ما فعلته أمريكا بعد احتلال العراق.

مؤشرات مهمة حول تنظيم الدولة

يتغذى تنظيم الدولة على المظلوميات التي يتعرض لها سنة العراق وسورية على يد الأنظمة والميليشيات الموالية لإيران، كالقتل الممنهج والتهجير المبرمج، وخصوصا اعتقال النساء وإهانتهن نفسيا وجنسيا، في ظل غياب تفاعل كلي من دول الإقليم السنية، والعربية منها على وجه الخصوص، وغياب المشروع الإقليمي البديل.

تنظيم الدولة يحارب النظام في العراق وسورية، ولكنه يشوه سمعة المعارضة في البلدين، وهو بالضبط ما فعله تنظيم القاعدة عبر تشويه صورة المقاومة العراقية تحت عنوان مقاومة الاحتلال.

هناك عمليات تغيير ديموغرافي وقضم جغرافي واضحة تشرف عليها إيران وروسيا في سوريا وإيران في العراق، بذريعة مقاتلة "داعش"، ويقابَلُ ذلك بصمت غربي وتجاهل من المنظمات الأممية والدولية

أدت سيطرة تنظيم الدولة على عدة محافظات سنية إلى نزوح جماعي لملايين السنة إلى إقليم كردستان والعاصمة بغداد، وهو ما يعني إخلاء هذه المناطق وتهيئتها للمشروع الذي ستكون له الغلبة في النهاية

أخيرا فإن تنظيم الدولة قد يختفي في أي لحظة عند انتفاء حاجة المشاريع الأخرى لوجوده وخدماته.

تركيا والخليج العربي وإيران

================
يرى الباحث أن إيران أحوج إلى تركيا من حاجة الأخيرة إليها، ولكن المشكلة أن إيران تلعب مع دول المنطقة بعوامل الدولة واللادولة، وذلك لا يعطي الفرصة لبناء علاقات متوازنة تقوم على الثقة المتبادلة

من جهة أخرى فإن إيران تفرض على تركيا بمرور الوقت - الإختيار بين العلاقة التجارية (غير المستقرة) معها، والعلاقة مع المحيط العربي، وخصوصاً دول الخليج.

لا يمكن الركون الدائم إلى القوى العظمى في تحقيق مصالح دول المنطقة، بل عليها السعي لتحقيق مصالحها بنفسها، فعند الفواصل التأريخية الكبرى خصوصاً، تقفز المصالح بقوة على حساب المبادئ والوعود، وستقع الكثير من دول المنطقة في حرج شديد ما لم تتهيأ لتحالف يقوم عليه مشروعها الذاتي.

إن هيمنة إيران على المنطقة السنية من العراق وسورية، بميليشياتها أو بالتعاون مع قوة دولية، واكتمال الهلال الشيعي، تعني قطع الصلة البرية بين تركيا ودول الخليج، وذلك يعني لتركيا اقتصاديا، خسارة أسواق نشطة وقوية وفرص استثمارية متبادلة، وسياسيا، انكشاف ظهرها لقوتين كبيرتين من خلفها هما روسيا والاتحاد الأوروبي، بينما يعني ذلك تعرِّي دول الخليج في مقابل مشروع وطموحات الولي الفقيه.

المشكلة هنا لا تكمن في تركيا ودول الخليج العربي، بل في إيران التي تقطع دائماً تذكرة اللاعودة (one way )، وهي قد تضطرها الظروف والأحداث للتوقف في بعض المحطات والتقاط الأنفاس، ولكنها ترفض رفضاً قاطعا التراجع أو التنازل عن أحلامها التوسعية.

الحل المناسب لذلك من وجهة نظر الباحث يكمن في مشروع كبير كالمشروع الأوروبي الذي واجه طموحات الثورة الفرنسية، يقوم على التحالفات والشراكات الممتدة بين دول الإقليم، ويسعى لملء الفراغ الذي أحدثه ظهور تنظيم الدولة "داعش"، وذلك عبر ترتيب أوراق القوى السنية في العراق وسورية، ورفدها بكل ما يساعد على تثبيتها، ومساندتها في نيل استحقاقاتها، واجتذاب الكثير من الشباب الشجعان لصالح هذا المشروع قبل هلاكهم في محرقة التنظيمات المتشددة، وليكن شعار هذا المشروع هو نفس الشعار الذي رفعه أتباع الولي الفقيه (مشروع أم القرى)، فالأمة أولى به من الطائفة، ولأهمية الكعبة كقضية محورية وعامل وجداني، حيث يؤكد جون جاك روسو وشوبنهاور وغيرهما على "أن الإرادة الوجدانية هي من يحرك التاريخ، وليس العقل واستدلالاته" .

الجانب الآخر من المشروع يقوم على دعم وتشجيع حركات التحرر للشعوب غير الفارسية التي لم تكن جزءا من دولة إيران التأريخية كعرب الأحواز وبلوشستان والآذريين (بعد توقيع معاهدة تركمين شاي على إثر الحرب الروسية - الإيرانية 1824 - 1828م تم تقسيم أرض أذربيجان ألى شمالية ضمت لروسيا، وجنوبية ضمت لإيران، بينما تم احتلال إمارة الأحواز العربية من قبل إيران بمساعدة البريطانيين عام 1924م، واحتلال مناطق البلوش عام 1926م.)، ولا يخفى أن هذا الدعم يتوافق مع القوانين والأعراف الدولية، فمن الثابت في القانون الدولي أن الدول الأعضاء في الأسرة الدولية ملزمة بدعم حركات التحرر الوطني في سياق حروبها التحررية.

إن إيران تبدو اليوم كمارد إقليمي صغير، قدماه في بيروت وصنعاء، ويداه في بغداد ودمشق، بينما رأسه في طهران، وليس من الذكاء إشغال المارد بمشاغلة قدميه أو يديه، بل بإثارة أعشاش الدبابير التي تكمن قرب رأسه.

بمقارنة إمكانيات التحالف التركي - السعودي - القطري مع إمكانيات إيران، نلاحظ تفوقاً سياسيا واقتصاديا، وحتى عسكريا لهم على الصعيد التقليدي، بينما تتفوق إيران بانتشار خلاياها النائمة وعوامل القتال غير التقليدية، وهي ما يمكن تحجيم دورها والتضييق عليها عبر عمل استخباري دؤوب، وتبادل واسع للمعلومات الأمنية.

لقد وفرت ظروف هذه الفاصلة التأريخية بيئة مناسبة لقيام مشروع كبير يجمع كل الإمكانات الكامنة في هذه المنطقة من العالم، كما ساعد على ذلك تحول وزن المملكة العربية السعودية دوليا من القوى الصغيرة إلى المتوسطة، ومع توفر بعض الإرادة والإدارة وتحييد عوامل الضعف الداخلي وتوسيع التحالف الإقليمي التركي - السعودي- القطري، فقد نشهد تحولاً حقيقيا في وزن وطبيعة تكوين هذه المنطقة من العالم في ظل النظام الدولي المقبل.

الخلاصة
=====
-
من خلال ما تقدم يمكن القول بأن الشرق الأوسط يمثل منطقة صراع للأدوار بين القوى الدولية الكبرى والصاعدة بأشكال متعددة، وأن هذا الصِّراع لم يحسم حتى كتابة هذه السطور، ومن ثم فان أسلوب إدارته وحسمه وما سيتمخض عنه من نتائج سوف يكون له أثره على مستقبل الأوضاع فى المنطقة، وربما العالم بأسره.

-أمريكا ستبقى قائدا للركب الدولي لعقود قادمة، ولكن وفق مبدأ الشراكات مع الدول الكبرى والصاعدة، وليس وفق نظرية الانفراد، إلا أن تخفي الأقدار أمراً كبيرا يغير معطيات المعادلة الدولية.

-
تحجيم الطموحات الإيرانية تحتاج إلى مشروع إقليمي مقابل، ويكمن بإشغال إيران بداخلها عن طريق دعم حركات التحرر للشعوب غير الفارسية.

-أن إهمال الفراغ الذي أحدثه ظهور داعش على مسرح الأحداث سيعقبه خسائر كبيرة تدفع ثمنها كل دول المنطقة.

-أن الفرصة مؤاتية في هذه الفاصلة التأريخية لرفع الأوزان النسبية لدول المنطقة وأخذ دورها المناسب في النظام الدولي القادم متى أحسنت القراءة والاستعداد.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top