التقرير الاستراتيجي السنوي 6 الأزمة الليبية 2020. بوادر أنفراج في مهب الريح

التقرير الاستراتيجي السنوي6

الأزمة الليبية 2020. بوادر أنفراج في مهب الريح

د.سعد أحمد سلامة

مقدمة:

اتسم عام 2020م بصعوبات كبيرة عالميا على المستويات الاقتصادية والسياسية متأثرا بانتشار جائحة كورونا والأزمة الصحية الناتجة عنها والتي تسببت بدورها في أزمة اقتصادية بفعل حظر التجول والقيود الصحية الأخرى، هذه الأزمة ذاتها تسببت بنوع من الجمود السياسي لفترة من الزمن نتيجة تركيز القيادات السياسية على معالجة آثار انتشار فايروس كورونا وتنفيذ السياسات اللازمة لذلك، قبل أن تعاود السياسة نشاطها في الربع الأخير من العام مع تحول كبير على مستوى منطقة الشرق الأوسط والذي كان أبرز عناوينه «التطبيع مع الكيان الصهيوني»، كما كانت الحرب في أذربيجان وثبات الاتفاق الدولي في سوريا خاصة بين تركيا وروسيا والتمهيد للمصالحة الخليجية التي وقعت أخيرا بداية عام 2021 وقبل ذلك فوز المرشح الديمقراطي «جو بایدن» أبرز الأحداث السياسية على المستوى الدولي العام 2020م والتي من شأنها أن ترسم السياسة الدولية لأعوام قادمة.

ليبيا خلال عام 2020 كانت ربما الأنشط في المنطقة من حيث الأحداث المتسارعة، فحتى في أشد فترات انتشار جائحة كورونا حدثت تغييرات كبيرة على المستويين السياسي والعسكري في البلاد، حيث كانت الأحداث خلال الفترة ما بين أبريل ويونيو أشد الأحداث تسارعا نتيجة المواقف الدولية والزخم الذي أوجده الدعم الإقليمي لكل من حفتر وحكومة الوفاق الوطني، لكنه كان أشد تأثيرا لصالح الأخيرة، بعد توقيعها لاتفاق متكامل مع الحليف التركي أسفر بالنهاية عن انسحاب قوات حفتر من كافة محيط مدينة طرابلس حتى 400 کیلومتر شرق المدينة في الخط الموجود عند سرت والجفرة وما بعدها شرقا واقتسام مناطق النفوذ في المدن الرئيسية جنوبا خاصة في أوباري وسبها.

تغير الوضع السياسي كان حتميا نتيجة تغير الأوضاع العسكرية على الأرض، وبدوره كان الوضع الاقتصادي الأشد تأثرا وتأثيرا خاصة على عموم المواطنين بالنزاع المسلح وجائحة كورونا، وتجاوز الخلاف السياسي المعسكرين السياسيين شرقا وغربا إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال النزاع داخل كل معسكر خاصة مع بروز معركة تقاسم السلطة والحوار السياسي الجديد برعاية بعثة الأمم المتحدة الذي من المزمع أن ينتج خارطة سياسية جديدة، لم تحسم حتى الآن.

ستركز هذه الورقة بشكل رئيسي على أبرز الأحداث العسكرية والسياسية والاقتصادية خلال عام 2020 مع شيء من التحليل والإستشراف للمستقبل، ونظرا لتبعية شكل الوضع السياسي منذ 4 أبريل 2019م وحتى منتصف 2020م لنتائج الوضع العسكري على الأرض، سنستعرض أبرز الأحداث العسكرية مسبقا قبل الانتقال للحديث عن الوضع السياسي والذي شهد نشاطا كبيرا منذ نهاية الحرب وانسحاب قوات حفتر خلال شهر يونيو 2020م.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي مجموعة التفكير الاستراتيجي

قيم الموضوع
(0 أصوات)
Go to top