التقرير الاستراتيجي السنوي6
تونس هل تكون 2021 سنة الاستفاقة
أ.عبدالجميد الجلاصي
ملخص تنفيذي
أكدنا في خلاصة تقريرنا للسنة الماضية(1) «أن تونس لا تزال أمام فرصة لترسيخ ثورتها وتدعيم انتقالها رغم كل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، ورغم كل الرمال المتحركة إقليميا وفي الجوار القريب، ورغم كل صعوبات المشهد الذي أفرزته انتخابات 2019. لقد أعطى الشعب الحليم رسالته وعبد الطريق، والضغط الآن على النخبة، والأرجح أن تلتقط الرسالة»
لكن دخول فاعل ثقيل على الخط أربك كل الحسابات. فقد كانت سنة 2020 سنة الكورونا، هذا العدو المتخفي الذي لا أحد عرف كيفية تصرفه وتوقع انتشاره وردود فعله، فاعتمدت كل الحكومات استراتيجية مراقبة سلوك العدو والملاحة في الضباب على حسب ما تمتد الرؤية، ودخلت كل البشرية السجن لثلاثة أشهر كاملة في سابقة لم يحدث مثلها في التاريخ.
ميزة اعتماد إجراءات الإغلاق والصرامة في تطبيقها أنها تحد من الإصابات والخسائر في الأرواح، ولكنها تغلق المبادلات والأسواق والإنتاج بما من شأنه أن يرمي بالملايين في البطالة ويعرضها حقيقة للجوع
كان الخيار بين كارثتي انهيار المنظومات الصحية أو المنظومة الاقتصادية.
في تونس لم تكن الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية تعاني صعوبات متراكمة فاقمتها الجائحة في بلاد ذات سوق صغيرة كثيرة الانفتاح على الخارج ومرتكزة على قطاعات هشة
وكانت الجائحة امتحانا لجاهزية المنظومة السياسية التي أفرزتها انتخابات خريف 2019 ، فقد كان واضحا منذ البداية صعوية الاهتداء إلى توليفة متناغمة وناجعة وتقود الطلب الكاسح على التغيير برئيس من خارج السيستام ودون خبرة في العمل السياسي وببرلمان مشتت تشقه الصراعات، وكان الرهان معقودا على أهم الفاعلين للتعامل العقلاني، ولكن ذلك لم يحصل فتفاقم الصراع بين المؤسسات وعدم الاستقرار الحكومي والاحتراب داخل البرلمان. وهكذا تعقدت الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الأصلية بأزمة صحية مع أزمة قيادة. يحدث كل ذلك في حين لم تغير الأطراف الدولية موقفها من التجربة التونسية رغم إشارتها إلى استنزاف المنجز السياسي كعامل تسويق، كما أن محاولات الإعاقة من بعض دول الإقليم لا تقارن بحجم الضغوط على ساحات أخرى بل إن التطورات الحاصلة في منطقة الخليج بعد الانتخابات الأمريكية ستزيد من أضعاف مخططات الإرباك.