• العربية
  • English
Stratejik Düşünme Grubu Stratejik Düşünme Grubu
  • Anasayfa
  • Tahmini Pozisyon
  • Raporlar
  • Kitaplar ve Yayınlar
  • Araştırma
  • Çalışmalar
  • Seminerler
  • Atölyeler
  • Eğitim Kursları
  • Hakkımda

Sidebar

Ana Menü

  • Anasayfa
  • Tahmini Pozisyon
  • Raporlar
  • Kitaplar ve Yayınlar
  • Araştırma
  • Çalışmalar
  • Seminerler
  • Atölyeler
  • Eğitim Kursları
  • Hakkımda
  • ابرز نتائج التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنتي 2018-2019

    مقدمة:

    يصدر التقرير الاستراتيجي الفلسطيني بشكل دوري منذ سنة 2005 عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت. وهو مركز دراسات مستقل، يهتم بالدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، ويولي الشأن الفلسطيني تركيزاً خاصاً. وهذا الإصدار هو المجلد الحادي عشر من مجلدات التقرير الاستراتيجي؛ والذي يغطي بشكل شامل قضية فلسطين خلال سنتي 2018-2019، ويستشرف المسارات المستقبلية.

    ويعالج التقرير الاستراتيجي، الذي قام بتحريره أ. أ. د. محسن محمد صالح (الأستاذ في الدراسات الفلسطينية والمدير العام للمركز)، بالرصد والاستقراء والتحليل للأوضاع الفلسطينية الداخلية، والمؤشرات السكانية والاقتصادية الفلسطينية، والأرض والمقدسات، ويناقش العلاقات الفلسطينية العربية والإسلامية والدولية، كما يناقش الوضع الإسرائيلي وعمليات المقاومة ومسار التسوية. والتقرير موثق ومدقق وفق مناهج البحث العلمي، ومدعّم بعشرات الجداول والإحصائيات والرسوم التوضيحية.

    وقد شارك في كتابة التقرير وإعداده 14 من الأساتذة والباحثين المتخصصين، هم: أ. أشرف بدر، وأ. إقبال عميش، وأ. باسم القاسم، ود. جوني منصور، وأ. ربيع الدنان، وأ. زياد ابحيص، وأ. ساري عرابي، ود. سعيد الحاج، وأ. د. طلال عتريسي، وأ. د. معين محمد عطا رجب، وأ. هاني المصري، وأ. وئام حمودة، وأ. وائل سعد، وأ. د. وليد عبد الحي. كما يقوم بمراجعة التقرير هيئة استشارية متخصصة.

    وفيما يلي أبرز نتائج التقرير، الذي يصل حجمه الأصلي إلى 400 صفحة.

     
  • اتفاقية الاستسلام وارتهان البندقية الفلسطينية اتفاقية أوسلو

    محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

    اتفاقية أوسلو وحرب الإبادة التي شنها حافظ الأسد على الفلسطينيين

    اتفاقية أوسلو هي اتفاقية استسلام وارتهان البندقية الفلسطينية للعدو الصهيوني واستجابة لإملاءات وشروط الكيان الصهيوني المدعومة من القطب الأوحد أمريكا وبمباركة عربية ودولية.

    وقد جاء الحديث عن هذه الاتفاقية بعد سنين من المفاوضات السرية في أروقة بلدان أوروبية، والتي وجدت فيها منظمة التحرير الفلسطينية تحقيقاً لانتصار وهمي تُخيل لها بأن الدولة العبرية ستفي بوعودها وتلتزم بما توقع عليه من تعهدات واتفاقيات، وجاء قبول منظمة التحرير بالتوقيع على هذه الاتفاقية بعد حرب شنها عليهم حافظ الأسد في سبعينات القرن الماضي، وقد نكل بالفلسطينيين وساق الآلاف منهم إلى معتقلاته وسجونه، وفتح أبواب المخيمات لبعض التنظيمات الإرهابية العنصرية التي دخلت هذه المخيمات وارتكبت أبشع المجازر وأفظعها، وختم هذه الحرب القذرة والعدوانية بطرد الفصائل الفلسطينية من آخر معاقلهم في مواجهة العدو الصهيوني في جنوب لبنان.

    لم يكن أتفاق أوسلو بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني مجرد اتفاق مرحلي، بل كان نهاية لمرحلة وبداية لمرحلة جديدة من الكفاح الوطني الفلسطيني، مرحلة شهدت العديد من التطورات على الساحة السياسية الفلسطينية والصهيونية، فالاتفاق الذي لم يدم طويلاً، إلا أنه يعتبر أهم حدث سياسي فلسطيني خلال العقدين الماضين، نظرًا لتداعيات والتطورات التي ترتبت عليه.

    إرهاصات أتفاق أوسلو

    تشكل وضع دولي جديد في بداية فترة التسعينيات إثر انهيار موازين القوى عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، وحدوث انقسام في الموقف العربي بعد أزمة احتلال العراق للكويت وتأييد منظمة التحرير الفلسطينية للموقف العراقي، وما نتج عنها من ضعف للتضامن العربي، وفرض حصار مالي وسياسي على منظمة التحرير بسبب مواقفها من الأزمة، حيث انعكست كل المتغيرات الدولية والإقليمية على القضية الفلسطينية وعلى منظمة التحرير وجعلتها تسير في ركب التسوية.

    في أعقاب عاصفة الصحراء نظمت الولايات المتحدة مؤتمرا للسلام في مدريد

    أتاحت سنة 1991م، فرصة جديدة للولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة خطتها المتعلقة ببدء عملية سلام اعتقدت أنها ستكون ناجحة في الشرق الأوسط، وفي هذا الشأن جاء في تقرير لمعهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية، في أعقاب عاصفة الصحراء تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية حيازة نقاط قوة فريدة، منتصرة في حرب الخليج الثانية مكنتها كقوة عظمى وحيدة أن تحقق أكثر مما حققته في الماضي. لذلك استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة الذهبية، ونظمت مؤتمراً دولياً للسلام في مدريد عام 1991، وفي هذا المؤتمر تحدثت الدولة العبرية فيه مع جيرانها العرب لأول مرة، وقد حضر الفلسطينيون أيضاً ولكن مقابل تنازلات هائلة، وكانت رؤية الإدارة الأمريكية لعملية السلام في الشرق الأوسط مبنية على ضرورة إيجاد حلًّ ما للصراع العربي-الصهيوني، خاصةً وأن منظمة التحرير التي حملت لواء الكفاح المسلح ضد الكيان الصهيوني لعقدين ونيف من الزمن، تمّ ترويضها وإلحاقها في عربة التسوية السلمية التي انطلقت في مدريد عام 1991م.

  • الانتخابات الفلسطينية.... تحديات وفرص

    أحمد عطاونة

    يحتدم النقاش في الساحة الفلسطينية حول الانتخابات التشريعية والرئاسية، لا سيما بعد أن أعلنت كافة الفصائل الفلسطينية في غزة وفي مقدمتها حركة حماس الموافقة على عقد الانتخابات وفقا لرؤية الرئيس محمود عباس القائمة على إجرائها على أساس قانون التمثيل النسبي الكامل، الذي يعتبر الضفة الغربية وقطاع غزة دائرة انتخابية واحدة، وكذلك عدم التزامن بين التشريعية والرئاسية بحيث يفصل بينهما ثلاثة أشهر أو أكثر. ومما يرفع من سقف التوقعات بإجراء هذه الانتخابات و يوحي بأن فرصة جدية تلوح في الأفق، كثرة الحديث عن ضغوط دولية، وبالذات أوروبية، تمارس على السلطة، في ظل فراغ دستوري نجم عن قرار السيد أبو مازن حل المجلس التشريعي، وعجز فصائلي عن الخروج من المأزق الوطني القائم، بالإضافة الى أن صحة الرئيس "الثمانيني"، الذي بات بيده كل السلطات والصلاحيات وهو رئيس كل المؤسسات السياسية، محل نقاش ما أن يخفت حتى يعود من جديد، واذا ما تزامن ذلك مع فشل رهانات مختلف الأطراف الفلسطينية على التغير في المنطقة العربية، سواء لصالح الربيع العربي أو الثورات المضادة، وبما يخدم صراعها البيني، فإن الأمل يزداد بجدية هذه الخطوة وبلوغها منتهاها.

    "فمن يشارك في الانتخابات يدرك أنه يجب أن يتخلى عن السلطة إذا ما قادت إرادة الناخبين الى ذلك، وإلا فلا مبرر للمشاركة فيها أو الدفع باتجاه عقدها"

    رغم ذلك، يثير كثيرون وهم محقون، الكثير من التساؤلات حول إمكانية إجراء الانتخابات، وكيف لها أن تتم في بيئة سياسية يسودها انعدام الثقة بين الأطراف والعجز عن تطبيق أي من التفاهمات التي وقعت بين الفصائل، وغياب سلطة القانون، وفقدان الحريات في ظل سيطرة وسطوة الأجهزة الأمنية، التي باتت الحاكم الفعلي للأراضي الفلسطينية والمتحكم في تفاصيل حياة الناس، وفي ظل الأزمات الداخلية التي تعاني منها الفصائل، لا سيما حركة فتح، التي يشكل تيار القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان أحد التحديات الرئيسة التي تواجهها، وقبل كل ذلك التحديات الناجمة عن الاحتلال وقدرته على التأثير بشكل فعال في الانتخابات وبالذات في الضفة الغربية وخاصة في مدينة القدس. وأخيرا مدى جدية الأطراف المختلفة في التنازل عما بين أيديها من سلطات إذا ما خسرت الانتخابات، أو عجزت عن تشكيل تحالفات تضمن بقاءها في السلطة، فمن يشارك في الانتخابات يدرك أنه يجب أن يتخلى عن السلطة إذا ما قادت إرادة الناخبين الى ذلك، وإلا فلا مبرر للمشاركة فيها أو الدفع باتجاه عقدها.

    النظر في هذه التخوفات والتساؤلات ينبغي أن يكون في سياق نظرة شاملة للمشهد الفلسطيني ومن كافة الزوايا، وبنظرة سريعة على الواقع السياسي الدولي والإقليمي، نجد أن موقع القضية الفلسطينية قد تراجع كثيرا، ولم تعد القضية الفلسطينية أولوية عند عدد كبير من القوى الدولية والإقليمية، وحتى العربية، فقد نتج عن موجة الربيع العربي، وموجة الردة عنها عبر الثورات المضادة، مجموعة من القضايا السياسية والوطنية والقومية، ولم تعد فلسطين قضية المنطقة الوحيدة، فلدينا القضية العراقية واليمينة والسورية والليبية، وهي قضايا شائكة ومعقدة تتداخل فيها الأدوار الدولية والإقليمية والدينية والسياسية والطائفية والقومية...الخ، مما يجعل التنبؤ بموعد انتهائها أمرا غاية في الصعوبة، خصوصا وأن هذه القضايا المتفجرة مركزها مجموعة من أهم الدول التي عرفت تاريخيا بدعمها للقضية الفلسطينية.

    يتزامن هذا التراجع في الموقع الدولي والإقليمي للقضية مع أزمة  غير مسبوقة في البرامج السياسية والوطنية وغياب للرؤية تعاني منها الفصائل والقوى الفلسطينية، ما جعل الفلسطينيين يعيشون متاهة لا يبدو لها مخرج في المدى المنظور، وقد قاد ذلك إلى حالة جمود سياسي ووطني لا تؤدي الا لمزيد من التدهور في الحالة الوطنية، وبدا الانقسام وكأنه قدر الفلسطينيين الذي لا يستطيعون الخلاص منه، وظهر الجميع عاجزا أمام التيارات المستفيدة منه، وباتت لقاءات المصالحة التي لا يترتب عليها أي تغيير إيجابي على الأرض محل نقد شديد، بل وتهكم في بعض الأحيان، من قبل غالبية الشعب الفلسطيني.

    "وفي ظل الانغلاق القائم وعجز آليات مختلفة عن التغيير في الوضع القائم والتخلص من الانقسام، قد تشكل الانتخابات التشريعية والرئاسية مدخلا ممكنا للتغير"

    هذا الفشل الوطني في الوصول إلى صيغ قابلة للتطبيق، وغياب الإرادة أو القدرة على تطبيق ما يتفق عليه من تفاهمات وطنية، أدى الى حالة ركود وطني قاتل، ففي مقابل العجز الفلسطيني عن الفعل، على أكثر من صعيد، يستمر الاحتلال في فرض الوقائع على الأرض، مستندا الى ضعفنا ودعم دولي منحاز يشجعه على الاستمرار في التغول على الحقوق الفلسطينية، فنقل السفارة الصهيونية الى القدس، والاعتراف بها عاصمة للكيان ،وضم الجولان السوري المحتل، والحديث عن ضم معظم أراضي الضفة الغربية، كل ذلك حدث في ظل عجز فلسطيني، لا بد من العمل على التحرر منه، والتغلب على العوامل التي أوصلتنا إليه، فالانتظار لا يخدم إلا الاحتلال. بينما التغير في المشهد السياسي الفلسطيني والبنية السياسية والمؤسساتية متطلب أساسي للتغلب على هذه الحالة من العجز، وفي ظل الانغلاق القائم وعجز آليات مختلفة عن التغيير في الوضع القائم والتخلص من الانقسام، قد تشكل الانتخابات التشريعية والرئاسية مدخلا ممكنا للتغير، عدا عن كونها مسارا طبيعيا وصحيا، وذلك للاعتبارات الآتية:

    أولا: الانتخابات حق أصيل للشعب الفلسطيني، وكما أن الشعب الفلسطيني، كان ولا زال، هو صمام الأمان في الحفاظ على القضية الوطنية وحامي ثوابتها ، فمن حقه أن يقول كلمته ويعبر عن إرادته تجاه الأزمة القائمة.

    ثانيا: عدم قدرة الفصائل الفلسطينية، لاعتبارات ذاتية وموضوعية، على التوافق والعمل ضمن المشترك الوطني الممكن، والاستمرار في حالة المناكفة غير المسؤولة وعلى حساب الوطن والمواطن، مما يؤكد ضرورة إعادة القرار الى صاحبه الشرعي وهو الشعب الفلسطيني.

    ثالثا: افتقار كل المؤسسات السياسية القائمة إلى الشرعية الشعبية، وبالتالي الدستورية، فقد انتهت فترة شرعيتها منذ سنوات، الأمر الذي يعني أن السلطات القائمة تتصرف وفق شرعية مدعاة، تجعلها ضعيفة أمام أي تحد جدي، فهي ضعيفة أمام المجتمع الدولي وأمام دول الإقليم وقبل ذلك أمام الشعب الفلسطيني.

    رابعا: فساد المؤسسات السياسية الحكومية والوطنية، فمؤسساتنا السياسية ليست فقط نموذجا للأنظمة الشمولية الفاسدة التي تغيب عنها التعددية والشفافية، بل هي أقرب إلى الدولة الفاشلة، حيث يتصرف كل حزب يسيطر على مؤسسة وفق هواه الحزبي وبما تمليه عليه مصالح حزبه، بعيدا عن المصالح الوطنية الكلية ودون اعتبار لعامة الناس ما يشعر قطاعات كبيرة من شعبنا بحالة اغتراب في بلدهم، ويزيد المشهد عبثا أن كل ذلك يتم في ظل الاحتلال وتحت سقفه.

    خامسا: ضعف النخبة السياسية وعجزها، وهذا أمر لا يحتاج لتفصيل لأن كل ما يمكن أن يقال في الحالة الفلسطينية مرتبط بهذه الفئة وأدائها.

    سادسا: ضعف الثقة بالأحزاب والنخب السياسية، وهو ما يظهره سلوك الناس في الميدان، بالإضافة لكثير من الدراسات واستطلاعات الرأي، وقد ترتب على ذلك، وعلى غيره من العوامل، ظهور مؤشرات على لامبالاة شعبية غير مسبوقة، حتى تجاه بعض القضايا ذات الحساسية الوطنية الكبيرة، كالشهداء والأسرى والاقدس والاستيطان وغيرها.

    بالرغم من كل ما سبق ذكره، يطرح الكثير من الكتاب والمثقفين والمتابعين للشأن الفلسطيني جملة من المحاذير والتحديات التي تجعلهم يتشككون في جدية وجدوى هذه الخطوة. ومن أهم هذه المحاذير مدى القدرة على إجرائها في مدينة القدس والآليات التي ستتم بها، وكذلك وجود المحكمة الدستورية، التي يعتبرها غالبية الفلسطينيون (مؤسسات وفصائل ومختصون) غير شرعية وغير قانونية، وتشكل أداة بيد الرئيس يمكن أن يستخدمها متى شاء وكيفما شاء، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات محلية أو دولية لاحترام نتائج الانتخابات فضلا عن ضمان نزاهتها وتوفير البيئة المناسبة لإجرائها بالذات الحرية في التجمع والتعبير عن الرأي وضرورة لجم الأجهزة الأمنية التي باتت تتدخل في كل تفاصيل حياة الناس.

    كل هذه التخوفات والتحديات الموضوعية، لا ينبغي أن تحول دون إجراء الانتخابات، لأن ما يترتب عليها من إشكاليات لا يمكن أن يقارن بمخاطر استمرار الوضع القائم، ولأن التغلب عليها والنضال من أجل تذليلها أمر ممكن، إذا وجدت الإرادة اللازمة، فعلى كل القوى والشخصيات التي تنوي خوض غمار هذه الانتخابات العمل متحدة لمواجهة هذه التحديات، وبالذات فيما يتعلق بالانتخابات في مدينة القدس، التي لا يمكن إجراء انتخابات بدونها، وفي ذات الوقت لا ينبغي التسليم بان قرارها بيد الاحتلال ولعل هذه فرصة لتحدي الاحتلال وكل إجراءاته الباطلة في المدينة. ومما يجعل النضال من أجل تجاوز هذه التحديات أمرا لا مفر منه، أنها ستبقى قائمة دائما ولا يعول على عامل الزمن في حلها، بل إنها تزداد صعوبة وخطرا كلما تأخر الوقت.

    أخيرا، فإن التوافق الوطني والعمل المشترك، هو الخيار الأنسب دوما وهو رغبة غالبية الشعب الفلسطيني، التي ظهرت في معظم استطلاعات الرأي، لكن الانتخابات التي تحمل في ثناياها بعض المخاطر تبقى أفضل بكثير من الواقع القائم الذي تخسر فيه القضية الوطنية وفصائل العمل الوطني كل يوم من رصيدها السياسي والمعنوي. وأعتقد أن أحدا لا يمكنه تقديم مخرج آمن تماما لأنهاء هذه الحالة السياسية المأساوية التي يعاني منها الفلسطينيين، فلا يوجد مخرج دون مخاطر وتحديات وهو ما يوجب على الفصائل أن تتهيأ للتعامل معها لا أن تستمر في الهروب إلى الامام.

     

  • التقدير الاستراتيجي (100): تداعيات الأزمة الخليجية على القضية الفلسطينية

    تقدير استراتيجي (100) – تموز/ يوليو 2017. 

    ملخص:

    تمس الأزمة الخليجية القضية الفلسطينية بطرق مباشرة وغير مباشرة، نظراً لوجود أبعاد مرتبطة بمواقف دول الحصار لقطر من تنظيمات ”الإسلام السياسي“، ومواقفها من مسار التسوية السلمية، والمقاومة الفلسطينية، ومواقفها من إيران، وكذلك مواقفها من الإعلام والسياسات الإعلامية القطرية.

    وثمة رغبة إسرائيلية قوية في الاستفادة من الأزمة في تطبيع علاقاتها مع دول الخليج قبل الوصول إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية؛ وفي اللعب على وتر ”محاربة الإرهاب“ وعلى وتر مواجهة النفوذ الإيراني للظهور كشريك طبيعي لهذه الدول؛ مع سعي إسرائيلي لتقليص نفوذ حماس وقوى المقاومة، وقطع الطريق على إيران في استثمار الأزمة.

    ويبدو السيناريو الكارثي المرتبط بشن دول الحصار لحرب ضدّ قطر احتمالاً مستبعداً لأسباب عديدة. وما يزال السيناريو الديبلوماسي هو الأقرب للتحقق عن طريق إيجاد تسويات مقبولة في النهاية لهذه الأطراف، ويكون ثمنها بعض التنازلات القطرية، والتي قد تحتمل بعض الخسائر لقوى المقاومة الفلسطينية، خصوصاً مع تصاعد الدور الأمريكي الغربي في حلّ الأزمة. ولذلك فعلى قوى المقاومة أن تبذل ما بوسعها لإفشال محاولات وضعها على ”قوائم الإرهاب“، ومحاولة إعادة ترتيب أوراق القوة لديها، مع تجنب الدخول في أي اصطفافات حاسمة لصالح أي من أطراف الأزمة؛ والدعوة إلى الحل السياسي بين ”الأشقَّاء“ العرب.

    أولاً: مقدمة:

    لم تكن الأزمة الخليجية التي انفجرت بين ثلاث دول خليجية (السعودية، والإمارات العربية، والبحرين) ومعها مصر يوم 5/6/2017 مُنبتَّة الصلة عن أزمات سابقة عرفها مجلس التعاون الخليجي وجرى سحب سفراء فيها، وكان بعضها معلناً، كما في سنة 2002 وفي سنة 2014، وبعضها كان صامتاً يمكن تلمُّسه من خلال فتور العلاقات بين بعض دول مجلس التعاون أو رفض إنشاء مزيد من الإجراءات التكاملية بين دول المجلس، ويتمحور جوهر هذه الأزمات حول أربعة أبعاد رئيسية يَمسُّ كل منها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الموضوع الفلسطيني، وتتمثل في الآتي:

    1. حدود العلاقة الخليجية مع إيران، وهذه العلاقة مع إيران لها بعدان، هما: السياسة الإيرانية تجاه الدول العربية بشكل عام من ناحية، والسياسة الإيرانية تجاه القضية الفلسطينية من ناحية ثانية.

    2. حدود العلاقة الخليجية مع تنظيمات ”الإسلام السياسي“، وخصوصاً جناح الإخوان المسلمين، حيث تنظر دول خليجية محددة (السعودية والإمارات بشكل خاص) إلى أن الإخوان المسلمين يشكلون التنظيم الأكبر حجماً والأكثر خبرة سياسية في العالم العربي، وأن هذا التنظيم يسعى لتولي السلطة في الدول العربية، وقد كان دوره السياسي بارزاً وبأشكال مختلفة في مصر، وتونس، والمغرب، وفلسطين، والأردن، وسورية…إلخ. وهو ما يعني —من وجهة نظر السعودية— احتمال انتقال تأثير هذا التيار للمجتمع الخليجي، خصوصاً السعودي، وهناك جذور تاريخية وبنية مجتمعية خليجية قابلة للإنصات للأدبيات السياسية لهذا التنظيم، وهو ما ينطوي، بناء على هذا الفهم، على احتمال ”القفز على السلطة في هذه الدول الخليجية خصوصاً في السعودية“. ومن هنا لا بدّ من وأد هذا التيار. ولما كانت القوى الفلسطينية الأكثر نشاطاً في الصراع مع ”إسرائيل“ ذات صلة تاريخية بالإخوان المسلمين، فإن ظلال الأزمة الخليجية امتدت لتصيب هذه التنظيمات، وخصوصاً حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

    3. حدود سياسة الحريات الإعلامية الخليجية وفي قلبها السياسة التحريرية لقناة الجزيرة القطرية. إذ ترى دول الخليج (خصوصاً السعودية والإمارات) أن قناة الجزيرة تمثل منبراً ”تحريضياً“، وأنه الأكثر تعبيراً ضمنياً عن توجهات الإخوان المسلمين، ناهيك عن أنه يتجاوز الكثير من السياسات التحريرية الإعلامية التقليدية التي اعتاد عليها الإعلام العربي، وهو ما يشكل ”خضاً“ للمياه الراكدة في اتجاهات الرأي العام العربي، وبدا أثر ذلك كله خلال الفترة الممتدة من بداية الثورات والتغيرات العربية مع نهاية 2010 إلى الآن، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه السياسة التحريرية للجزيرة تجعل من الموضوع الفلسطيني مادة رئيسية لها.

    4. مركزية الدور السعودي في القرار السياسي في مجلس التعاون الخليجي: منذ أن نشأ مجلس التعاون الخليجي سنة 1981 كرد فعل على قيام الثورة الإيرانية سنة 1979، كانت السعودية ترى فيه أداة للجم تداعيات الثورة الإيرانية في الخليج، وبأن الدور السعودي يجب أن يكون مركزياً، في هذا المجال، بحكم الثقل السعودي في الإقليم الخليجي. وبعد الإعلان عن المبادرة العربية لتسوية القضية الفلسطينية سنة 2002، والتي كانت السعودية مهندسها الرئيسي، تعزز الإحساس السعودي بمركزية دور المملكة في صياغة التوجهات الاستراتيجية العربية بشكل عام وليس الخليجية فقط، وهو ما اصطدم بنوع من ”القلق“ بين دول خليجية محددة أبرزها قطر، وعزوف عُماني عن مجاراة النزعة المركزية السعودية، مضافاً إليه قدر من الحرج الكويتي من هذه النزعة. ولما كان الموضوع الفلسطيني يشكل أحد أهم ملامح الاستراتيجيات العربية (بغض النظر عن جدواها) فإن السعودية رأت ضرورة تطويع الموضوع الفلسطيني لصالح توجهات أخرى، وهو ما لم يَرُق لعدد من دول الخليج أو الدول العربية الأخرى.

    ثانياً: التصور الإسرائيلي للأزمة الخليجية:

    من الضروري فهم العلاقة الإسرائيلية الخليجية ومن منظور تاريخي ومعاصر لفهم الموقف الإسرائيلي من الحصار الخليجي المصري لقطر ومن ملابسات الأزمة الخليجية، وتتمثل هذه العلاقة الخليجية الإسرائيلية في جوانبها العامة في الآتي:

    1. العلاقات الخليجية الإسرائيلية (علاقات السعودية والإمارات العربية مع ”إسرائيل“):

    يمكن اعتبار سنة 1990 نقطة تحول في الجهود الأمريكية لتقريب دول مجلس التعاون الخليجي من ”إسرائيل“. ولعل انتقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيار/ مايو 2017 من السعودية مباشرة لـ”إسرائيل“ في رحلته الأخيرة للخليج يمثل جزءاً من علاقات خليجية إسرائيلية ”صامتة“. وتتجلى هذه العلاقات في عدد من المؤشرات مثل ظهور شخصيات أكاديمية سعودية ذات صلات سابقة بالأجهزة الأمنية السعودية في ”إسرائيل“، وما ذكرته صحيفة هآرتس عن مشاركة الإمارات العربية في مناورات عسكرية مع ”إسرائيل“ والولايات المتحدة ودول أوروبية في اليونان. وقبل ذلك بعام شاركت الإمارات في مناورات أخرى مشتركة مع ”إسرائيل“ ودول غربية في نيفادا في الولايات المتحدة، كما أن ”إسرائيل“ فتحت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 مكتباً ديبلوماسياً في أبو ظبي تحت ظل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وذكرت بلومبرج بيزنس ويك Bloomberg Businessweek في شباط/ فبراير 2017 أن هذا المكتب يمكن أن يقوم بدور السفارة لتعميق العلاقة بين ”إسرائيل“ وبقية دول الخليج. كما أشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل Times of Israel إلى سلسلة لقاءات سرية سعودية إسرائيلية [1]؛ ناهيك عن أن قسم وسائل الاتصال في وزارة الخارجية الإسرائيلية بدأ منذ فترة في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر…إلخ)، حيث أنشأ سفارة ”افتراضية“ virtual embassy لـ”إسرائيل“ في كل دولة خليجية (اسمها السفارة الافتراضية في دول الخليج) منذ 2013. ويتم التواصل مع أفراد في الخليج من خلال هذه السفارة الافتراضية التي يديرها السفير الإسرائيلي ييغال بالمور. ويتم في عمليات التواصل هذه التشجيع على العلاقات التجارية —عبر طرف ثالث— وهو ما جعل حجم التبادل التجاري (عبر طرف ثالث بين الخليج و”إسرائيل“) يصل إلى نحو نصف مليار دولار طبقاً لتقديرات يتسحاق غال أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة تل أبيب في حوار له مع صحيفة فايننشال تايمز [2] .

    2. العلاقات القطرية الإسرائيلية:

    من المعروف أن العلاقات التجارية بين ”إسرائيل“ وقطر بدأت في سنة 1996 وبحضور الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز والذي عاد لزيارة قطر سنة 2007. وعلى الرغم من إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي سنة 2008 إلا أن قطر استقبلت في سنة 2013 وفداً تجارياً إسرائيلياً. وفي سنة 2008 التقى وزير الدفاع الإسرائيلي حينها إيهود باراك مع الشيخ عبد الله بن خليفة آل ثاني في سويسرا خلال مؤتمر دافوس، كما التقت الوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفني أمير قطر سنة 2008 في مؤتمر للأمم المتحدة، وقامت ليفني بزيارة الدوحة في السنة نفسها، والتقت بعدد من المسؤولين القطريين. كما أبدت قطر ترحيبها بمشاركة ”إسرائيل“ في مباريات كأس العالم 2022 في قطر في حالة تأهلها رياضياً، وأسهمت قطر في بناء استاد رياضي بالاتفاق مع ”إسرائيل“ في مدينة سخنين الفلسطينية في أراضي 1948، ناهيك عن التواصل بين الطرفين لترتيب سبل إيصال المساعدات القطرية لقطاع غزة في ظلّ الأزمة المصرية مع حماس. وذكرت صحيفة ديلي تلغراف أن قطر أسهمت في ترتيبات وقف إطلاق النار بين حماس و”إسرائيل“ في غزة. كما تشير مصادر إسرائيلية إلى دورٍ قطري في ترحيل عدد من يهود اليمن ونقلهم لـ”إسرائيل“ سنة 2013 [3] .

    وفي المقابل أبدت “إسرائيل” قدراً من الامتعاض من دعم قطر لحماس، وحقّ حماس في المشاركة في النظام السياسي الفلسطيني، وجهودها لفك الحصار عن قطاع غزة، وفي إعادة إعمار القطاع. حيث يُعدُّ الموقف القطري من أكثر المواقف العربية تقدماً في دعم القضية الفلسطينية. ولعل أكثر المنتقدين لهذا الدور القطري هو وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان.

    ولكن ما علاقة الأزمة الخليجية بكل ذلك من المنظور الإسرائيلي؟

    تنظر ”إسرائيل“ للأزمة (طبقاً لأغلب توجهات محلليها والذي يمكن اعتبار التقرير الذي صدر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي INSS في جامعة تل أبيب الأكثر وضوحاً وعمقاً بينها) [4] من زاويتين، هما انعكاسات الأزمة الخليجية على حماس من ناحية، وعلى إيران من ناحية أخرى على النحو التالي:

    1. اعتبار الأزمة من وجهة النظر الإسرائيلية مؤشراً على تصدع الجبهة ”الُسُنية“ في مواجهة إيران، لذا فإن ”إسرائيل“ تشجع بل وتضغط على الإدارة الأمريكية للعودة للوساطة لكي لا ينفرط هذا العقد المواجه لإيران. وترى ”إسرائيل“ أن الوساطة الأمريكية التي عرضها ترامب على أمير قطر في حزيران/ يونيو 2017 يجب أن تنجز عدداً من الأهداف أهمها (من المنظور الإسرائيلي) ما يلي:

    أ. أن الوساطة الإمريكية يجب أن تُربط بتقليص دعم قطر ”لحماس تحديداً“، وهو ما يزيد من الضغوط المالية على غزة، ويجعلها أكثر قابلية للقبول بعودة السلطة الفلسطينية إليها، ونسخ نموذج الضفة الغربية (خصوصاً التنسيق الأمني في قطاع غزة) وهو الأمر الذي تحبذه كل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر.

    ب. قطع الطريق على إيران لاستثمار الأزمة القطرية، لأن الضغط المستمر على قطر سيقود لدفع قطر نحو روسيا وإيران بل وسورية والعراق. وهو ما يتضح في فتح المجال الجوي الإيراني لقطر، وإرسال الأغذية، واستقبال مسؤولين إيرانيين من مستوى رفيع في العاصمة القطرية.

    ج. في المقابل، هناك رغبة لدى أطراف إسرائيلية بأن يكون هناك دور قطري في ”تكييف“ مواقف حماس. كما أن إبعاد قطر (طبقاً للتقارير الإسرائيلية) لبعض قيادات حماس من الدوحة مؤشر على أن الضغط على الدوحة قد يعرقل المسار التدريجي الهادئ في التراجع القطري عن دعم حماس [5] .

    2. ترى ”إسرائيل“ أن رأب الصدع في مجلس التعاون الخليجي مهم للغاية، لضمان استمرار دعم المعارضة السورية، التي بدأت ظلال الأزمة الخليجية تمتد نحوها، و”إسرائيل“ تريد امتداد الأزمة السورية لأطول فترة ممكنة.

    3. تلمح الدراسات الإسرائيلية في معرض التحليل للأزمة إلى أن هناك أبعاداً شخصية فردية بين القيادتين القطرية والسعودية، مما يحتاج لدراية ديبلوماسية عالية لمعالجتها، ولا بدّ من توظيف هذه الحساسيات الفردية بشكل يخدم الأهداف الإسرائيلية.

    4. من جهة أخرى، فإن الأزمة الخليجية تشكل فرصة مهمة لاستنزاف دول الخليج سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ومدخلاً للابتزاز الأمريكي الغربي لأطراف الأزمة؛ وبالتالي يمكن توظيفها إسرائيلياً في تطبيع العلاقات مع ”إسرائيل“ كمدخل للرضا الأمريكي، وكجزء من صراع النفوذ مع إيران.

    ثالثاً: سيناريوهات الأزمة الخليجية وانعكاساتها من المنظور الفلسطيني:

    يمكن تحديد سيناريوهات الأزمة الخليجية في السيناريوهات التالية:

    1. السيناريو الكارثي:

    ويتمثل هذا السيناريو في استمرار التعقيد في الأزمة بشكل يدفع كل طرف نحو مزيد من الإجراءات العقابية للطرف الآخر، وصولاً لمرحلة المواجهة العسكرية لا سيّما أن 20% من مبيعات السلاح في العالم ذهبت سنة 2015–2016 إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وتضاعف حجم مشتريات السلاح الخليجي خلال الفترة من 2011–2016 [6] .

    لكن هذا السيناريو سيؤدي لخسائر مادية تجعل استمرار الدعم المادي لفلسطين يتراجع بقدر كبير من ناحية، كما سيلقي بظلال قاتمة للغاية على أولوية القضية الفلسطينية في نشاط الديبلوماسية العربية. غير أن أسوأ تطور في هذا السيناريو أن تستثمر ”إسرائيل“ حالة الحرب هذه من خلال تنافس الأطراف الخليجية المتصارعة على استرضاء ”إسرائيل“ كجسر لتوظيف اللوبي اليهودي في الدوائر الأمريكية لجر الموقف الأمريكي لصالح هذا الطرف أو ذاك. وسيكون ذلك مدخلاً لـ”إسرائيل“ لتطبيع العلاقة مع دول عربية أكبر، خصوصاً أن هناك توجهاً إسرائيلياً متزايداً نحو تسوية تقوم على أساس أولوية التطبيع العربي بأوسع قدر ممكن مع ”إسرائيل“ على حساب أولوية تسوية الموضوع الفلسطيني. إذ تبدو ”إسرائيل“ على ثقة من أن مكانة القضية الفلسطينية تراجعت في ”الوجدان والحساب العقلي“ السياسي لدى شريحة واسعة من المجتمع العربي، وعليه فهي ترى أن الباب أصبح أكثر قابلية لتوسيع ظهورها في العواصم العربية. وهو ما يعني أنها ستجعل التفاوض على التطبيع معها يسبق تحديد ماهية التسوية الفلسطينية، وبالتالي تحقيق المزيد من الخلل في موازين القوى بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، مما يعني الاستمرار في تهويد الضفة الغربية وحلّ الصراع لاحقاً على حساب الجوار العربي.

    معوقات حدوث هذا السيناريو:

    يبدو أن احتمال هذا السيناريو (الحرب) ما زال ضعيفاً، ولا أحد يستطيع تقديم إجابة قطعية بأن الحرب ستشتعل أم لا تشتعل، فقد يغير حدث ما وغير متوقع أو طارئ المسارات كلها (مثل حدوث صراع على السلطة في إحدى دول الحصار لقطر). لذا فإن الإجابة عن احتمال اشتعال الحرب يبقى ضمن نظرية الاحتمالات ”العقلانية“، وما زال المشهد الخليجي يشي بأن احتمالات إعلان الحرب على قطر ما تزال ضعيفة ومستبعدة. وقد تأخذ طابع ما يسمى ”ديبلوماسية عرض العضلات“ مثل إرسال القوات من قبل دول الحصار قريباً من حدود قطر، أو إرسال المزيد من القوات التركية لقطر، أو القيام بمناورات حربية على الحدود أو قبالة الشواطئ القطرية، أو خرق المجال الجوي لقطر؛ دون الوصول لمرحلة الغزو العسكري الذي يبدو مستبعداً للأسباب التالية:

    أ‌. عدم وجود رغبة جدية لدى دول الحصار بالذهاب إلى سيناريو الحرب، كما يظهر من السلوك السياسي والميداني لهذه الدول
    .
    ب‌. أسعار البترول: إذا نشبت الحرب فإن حركة النقل في منطقة الخليج ستتوقف بشكل كامل طيلة فترة الحرب، فإذا علمنا أن الخليج يقدم نحو 24 مليون برميل يومياً وهو ما يعادل 30% من الناتج العالمي تقريباً، فإن اشتعال الحرب سيرفع أسعار البترول بشكل يجعل المستفيد الأول منه روسيا وإيران وفنزويلا، وهي دول لا يبدو أن الدول الغربية حريصة على تنامي اقتصادها، ناهيك عن أن ذلك سيكلف أوروبا الكثير، فالنفط ومشتقاته يمثل 78,2% من الواردات الأوروبية من الخليج، كما أن تعطل حركة التجارة سيضر أوروبا التي يصل حجم تبادلها التجاري مع دول مجلس التعاون قرابة 138,6 مليار دولار، ويمكن تطبيق النظرة نفسها على الصين والهند واليابان، حيث تشكل أوروبا والصين والهند واليابان 49,5 % من إجمالي تجارة الخليج.

    ج. المخاطر على الأجانب والاستثمارات الأجنبية في دول الخليج: يشكل الأجانب نحو 48% من سكان الخليج الذي يصل إجمالي عددهم (مواطنين وأجانب) قرابة 51 مليون نسمة، فإذا علمنا أن 90% من سكان قطر هم من الأجانب فإن المخاطرة على حياة هؤلاء ستكون عالية. أما الاستثمارات الأجنبية (وأغلبها من أوروبا وأمريكا) فعلى الرغم من تراجع وتيرة الاستثمار الأجنبي من نحو 58 مليار دولار سنة 2008 إلى أقل من 25 مليار سنة 2016، فإن الحرب تعني تعريض هذه الاستثمارات للخطر، وهو ما لا تقبله الدول المالكة لهذه الاستثمارات.

    د. وجود القواعد الأمريكية أو القوات الأمريكية لدى طرفي الصراع (قرابة 35 ألف عسكري أمريكي في دول مجلس التعاون) سيضع هذه القوات في موقف حرج، فإذا تدخلت في الصراع فذلك يعني تدخلاً متعاكساً، وإذا لم تتدخل للدفاع عن مناطق وجودها وخصوصاً في قطر، فقدت قيمتها للدولة الحاضنة لها. ففي التدخل خسارة أمريكية وفي عدم التدخل خسارة أخرى، وهو ما ينطبق على بقية الدول التي لها وجود عسكري في الخليج مثل بريطانيا وفرنسا بشكل خاص.

    ه. إن الحرب الخليجية تعني مكاسب استراتيجية لإيران تتمثل في إضعاف دول الخليج، ودفع بعض الأطراف الخليجية للاستعانة بها في المواجهة سواء للدعم اللوجيستي أم لغيره طبقاً لتطورات المعركة، وهو أمر ليس في صالح الدول الغربية ولا دول المجلس في ضوء مواقفها من إيران، فليس من مصلحة الولايات المتحدة تحطيم حلفائها في ظلّ ظروف كتلك القائمة في الخليج.

    و. إن الحرب في الخليج تعني صرف الأنظار عن الأزمة السورية وهو ما يضر باستراتيجية دول الخليج، لا سيما السعودية التي تسعى لتغيير النظام في سورية.

    2. السيناريو الديبلوماسي:

    ويعني استمرار الجهود الديبلوماسية الأمريكية تحديداً، مضافاً لها الجهود العربية والأوروبية وغيرها، بهدف الوصول لتسوية يحقق كل طرف فيها قدراً من المكاسب، تتوازى مع موازين القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية من ناحية، ولا تهدر ماء وجه أيّ منهما. ولا شكّ أن هذا السيناريو هو الأنسب للطرف الفلسطيني لأنه يقلص من الآثار الكارثية للسيناريو الأول، لكن ذلك لا يعني “نجاة” القضية الفلسطينية من بعض الخسائر من تداعيات الأزمة الخليجية في هذا السيناريو، مثل:

    أ. ربما ستكون السنوات القادمة هي الفترة الأكثر عسراً للحركات الإسلامية ولا سيّما الإخوان المسلمين، نظراً لأربعة عوامل رئيسية هي: فقدان هذه الحركة لأي سند إقليمي فاعل في مواجهة الضغوط عليها، فهذه الحركات —خصوصاً الإخوان— لم تعد قادرة على توظيف التناقضات العربية لصالحها، على غرار ما كان عليه الحال في الفترة الناصرية أو ما بعدها، نظراً لتضييق مجال المناورة السياسية عليها. كما أن عدداً من التنظيمات الإسلامية المسلحة المشاركة في الحراك العربي منذ 2010 وحتى الآن شوهت صورة “الجهاد” وجعلته أقل جاذبية جماهيرية، وخصوصاً تناحراتها الداخلية، وهَوَجِ عملياتها الخارجية والداخلية. يضاف لذلك الخناق الدولي عليها وطبيعة التطور الإنساني في مشهده العام. وأخيراً عداءُ المؤسسات العسكرية العربية للتيارات الإسلامية، ولا شكّ أن بيئة كهذه لن تكون مواتية للتنظيمات الفلسطينية ذات الصبغة الإسلامية خصوصاً حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

    ب. من الواضح أن تصنيف الحركات الجهادية (إرهابية أو غير إرهابية) اتسع بشكل عام من نطاق الحركات الإسلامية العربية ليمتد نحو الحركات الإسلامية الفلسطينية، وهو أمر سعت له ”إسرائيل“ والولايات المتحدة وبريطانيا منذ بدء الحديث عن قوائم الحركات الإرهابية. وشكل اصطفاف السعودية والإمارات بشكل خاص مع فكرة دمج حركة حماس ضمن قوائم الإرهاب أحد أسوأ التطورات المعاصرة في الموقف العربي من الموضوع الفلسطيني، ويبدو أن حذف اسم حماس أو أي من أسماء شخصيات فلسطينية مقاومة للاحتلال الإسرائيلي من القائمة الأخيرة (قائمة الـ 59) التي أعلنتها دول الحصار، جاء نتيجة مسعى مصري أكثر منه توجهاً خليجياً، نظراً لملابسات كثيرة في العلاقات المصرية الفلسطينية، خصوصاً بروز بوادر على رتق بعض الفتق في العلاقات المصرية مع حماس.

    ج. وضعت الأزمة الخليجية صناع القرار الفلسطيني —خصوصاً تنظيمات المقاومة المسلحة— في مأزق يتمثل في جعلها أمام خيار العلاقة مع إيران أو العلاقة مع دول الخليج، ولعل الدعم المالي القطري، وبعض الدعم الشعبي من دول الخليج الأخرى، والدعم الإيراني المادي والمعنوي هما الرافدان الأكثر أهمية لحركات المقاومة الفلسطينية، وخسارة أي منهما يمثل مزيداً من الضغط المادي والمعنوي على المقاومة المسلحة من ناحية وعلى جمهورها الفلسطيني، الذي يعاني من سياسات التضييق الإسرائيلية، وسياسات القضم المادي التدريجي للسلطة الفلسطينية في رام الله من ناحية ثانية. وتبدو المعطيات الأولى أن الطرف الفلسطيني سيعرف خلال الفترة القادمة قدراً أكبر من التضييق المالي خصوصاً في ظلّ الضغوط العربية والأمريكية (لا سيّما دور جناح الرئيس الأمريكي والبيت الأبيض مقارنة بتوجهات الخارجية الأمريكية) وبعض الدول الأوروبية. وقد يكون مطلب مدّ نفوذ السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وتعميم التنسيق الأمني من الضفة لقطاع غزة هو الهدف المركزي المباشر لكل هذه الضغوط. ويبدو أن قدرة إيران في المرحلة القادمة على تجاوز أسوار الحصار العربي والدولي لتنظيمات المقاومة ستكون أضعف من المراحل السابقة، لأسباب دولية وإقليمية وداخلية إيرانية. فإيران تتنازعها في الأزمة الخليجية الحالية رغبتان: الأولى تعميق العلاقة الإيرانية القطرية بهدف تحقيق ضغط أكبر على السعودية، والثانية توظيف العلاقة الإيرانية القطرية في حال تطورها في تعديل الموقف القطري في سورية… ويبدو أن إيران معنية في الظرف الحالي بالرغبة الأولى بشكل أكبر… لكنها ستعمل في مرحلة لاحقة بعد نجاحها في الرغبة الأولى على توظيفها في تحقيق الثانية [7] .

    رابعاً: السيناريو الأرجح:

    إذا استبعدنا احتمال الحرب، فإن مصلحة الدول الغربية لا سيما أمريكا وبريطانيا وفرنسا استمرار الأزمة ضمن قيود معينة مما يدفع نحو العسكرة (بمزيد من صفقات التسلح، أو استحضار المزيد من القوات الأجنبية الغربية خصوصاً للمنطقة، وهو ما يشكل غطاء لمزيد من التطويق لإيران وممارسة الضغط عليها عبر تكثيف الوجود العسكري الغربي حولها) ولكن دون الوصول لمرحلة الحرب، وقد تندفع دول خليجية نحو انفتاح أكبر على ”إسرائيل“ بغرض ضمان وقوف اللوبي اليهودي في المؤسسات الأمريكية لجانبها في الصراع الخليجي كما أشرنا سابقاً.

    وتدل معاينة تطورات الأزمة على الملامح التالية:

    1. لا يبدو أنه سيكون هناك أي حلّ خارج الرؤية الأمريكية، وسيعمل الوسطاء (أمريكيون أو عرب) ضمن الحدود التي تضعها الولايات المتحدة لتسوية الأزمة، ولن تكون أي تسوية تشرف عليها الولايات المتحدة معنية بتحقيق أي مصلحة فلسطينية في العلاقات الخليجية الفلسطينية.

    2. من المستبعد أن يكون هناك حلّ عسكري للأزمة لا سيّما أن القوات الأمريكية (قرابة 35 ألف عسكري أمريكي) موجودة، ولو بمستويات مختلفة على أراضي جميع أطراف الأزمة، كما أن من مصلحة القوى الكبرى جميعاً عدم تصاعد الأزمة لما لذلك من آثار سلبية على سياسات الطاقة وعلى فرص الاستثمار لدى الطرفين، وهو أمر يقع في صالح الطرف الفلسطيني بشكل غير مباشر.

    3. يبدو أن تلبية مطالب السعودية والإمارات ستعلو على تلبية المطالب المصرية المتمثلة بشكل خاص في تسليم بعض الأشخاص للسلطات المصرية. وهو ما يعني أن انعكاسها على الجانب الفلسطيني سيظل محدوداً؛ إلا إذا كان ثمة إصرار على الاستقواء بالأمريكان بشكل كبير لتحقيق مطالب حاسمة من قطر.

    4. قد تكون الفترة القادمة هي أكثر الفترات حرجاً وتضييقاً على حركة الإخوان المسلمين بشكل خاص و”الإسلام السياسي” بشكل عام في كل العالم العربي، لكنه سيكون أكثر وضوحاً في ليبيا وسورية وفلسطين.

    5. إذا ما وافقت قطر على بعض التنازلات، فإن الأرجح أن قناة الجزيرة لن تغلق، ولكن قد يجري تغيير في مجلس إدارتها وربما استبعاد لبعض كبار مذيعيها وتغيير تدريجي هادئ وطويل المدى في توجهاتها الإعلامية وبشكل لا يحرج الديبلوماسية القطرية، وهو أمر أقل فائدة للطرف الفلسطيني.

    6. من المستبعد أن تتجاوز الضغوط على حماس حدود ما هو قائم حالياً، ولكنها قد تُدفع نحو “التواري التدريجي” في المشهد القطري. ولعل من مصلحة حماس في الظرف الحالي القيام بتصعيد “مدروس ومحدود” للتوتر مع الجيش الإسرائيلي لإرباك العرب الساعين للتطبيع مع ”إسرائيل“، لا سيّما في المناخ الذي أفرزته أزمة السياسات الإسرائيلية الأخيرة تجاه المسجد الأقصى مثل إخضاع المصلين للتفتيش الإلكتروني وغيره، نظراً للمكانة الكبيرة التي يحتلها المسجد.

    7. من المتوقع أن تبقى العلاقات القطرية الإيرانية في حدودها الحالية مع تأكيدات قطرية على “فكرة عدم التدخل الإيراني في الشأن العربي والالتزام بعروبة الجزر الثلاث” لكن العلاقات الاقتصادية ستبقى على حالها، وهو أمر لا يضير الشأن الفلسطيني.

    8. يبدو أن الأزمة ستؤدي في المدى المتوسط والبعيد إلى تحجيم نسبي للدور القطري في التفاعلات الإقليمية، وهو ما قد يفقد حماس وقوى المقاومة الفلسطينية داعماً رسمياً عربياً مهماً.

    9. يبدو أن عملية تأجيج الصراع بين السنة والشيعة (وإشكالات الصراع الطائفي والعرقي) قد بدأت تستنفد أغراضها، وهناك فرص لأن تتوارى تدريجياً؛ غير أن هناك قوى عربية وإقليمية ودولية ستسعى لتأجيجها. وبشكل عام، فإن تراجع الصراع الطائفي والعرقي في المنطقة يصب في مصلحة القضية الفلسطينية.

    خامساً: التوصيات:

    في ظلّ المشهد السابق، قد يكون من الأجدى لو اشتملت الاستراتيجية الفلسطينية على ما يلي:

    1. على تنظيمات المقاومة المسلحة أن تعمل على جعل جهودها الديبلوماسية تنصب في المرحلة القادمة وبكل جهد شعبي ورسمي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي نحو عدم إدراجها ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، لأن الإدراج سيمثل غطاء شرعياً لـ”إسرائيل“ ولدول عربية عديدة لنزع سلاح المقاومة، ومدّ التنسيق الأمني لغزة.

    2. من الضروري أن تعمل المقاومة الفلسطينية على رأب الصدع مع حلفائها السابقين ولكن بشكل تدرجي وعبر توظيف القوى الإقليمية العربية أو غير العربية المستفيدة من إعادة ترميم جبهة المقاومة (مثل إيران، وتركيا، وحزب الله، وبعض التيارات العلمانية العربية المساندة للمقاومة، وبعض الدول العربية كالجزائر)، إذ إن المرحلة القادمة ستشهد على الأغلب ضغطاً متصاعداً لا سيّما من الناحية المادية والعسكرية على المقاومة الفلسطينية خصوصاً في غزة.

    3. من الضروري ألا تقوم التنظيمات الفلسطينية المقاومة بالاشتراك في أي اصطفافات حاسمة لصالح أي من أطراف الخلاف الخليجي، والتركيز على ضرورة الحل الديبلوماسي “بين الأشقاء”، وبعيداً عن تصريحات قابلة للتأويل المباشر.

    4. الدفع باتجاه حلّ مشاكل المنطقة بشكل سلمي بين الدول المعنية، وإبعاد الأطراف الأمريكية الإسرائيلية عن التدخل في إدارة و”معالجة” أزمات المنطقة.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ الدكتور وليد عبد الحي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (100): تداعيات الأزمة الخليجية على القضية الفلسطينية Word (15 صفحة، 98 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (100): تداعيات الأزمة الخليجية على القضية الفلسطينية  (15 صفحة، 779 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 20/7/2017

  • التقدير الاستراتيجي (93): آفاق السياسة الأمريكية تجاه فلسطين في عهد ترامب: 2017-2021

    تقدير استراتيجي (93) – تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.

    ملخص:

    يصعب العثور على فروقات جدية بين الرؤساء الأمريكيين العشرة الجمهوريين والديموقراطيين، الذين حكموا الولايات المتحدة طوال الخمسين سنة الماضية، تجاه قضية فلسطين؛ فقد ظلت “إسرائيل” حجر الزاوية في السياسة الأمريكية في المنطقة، وظلّ الانحياز لها وتغطية احتلالها وممارساتها، ورفض الضغوط عليها الطابع العام لهذه السياسة.

    وتفتح الطبيعة الشخصية الجدلية والبراجماتية لترامب آفاقاً مختلفة للسيناريوهات المستقبلية؛ غير أن الوعود التي يطلقها المرشحون في الانتخابات لا تجد طريقها للتنفيذ دائماً… حيث تتمتع الولايات المتحدة ببنى مؤسسية قوية ومستقرة ومؤثرة في صناعة القرار. ومع ذلك فإن ثمة هامش مؤثر لحركة الرئيس وسياساته، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن الحزب الجمهوري يتمتع بالغالبية في مجلسي النواب والشيوخ، وهو الحزب الذي جاء ترامب على بطاقته.

    مقدمة:

    مع تولي المرشح الجمهوري دونالد ترامب لمنصب الرئيس الأمريكي في مطلع سنة 2017، يكون الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة قد مضى عليه نصف قرن، تولى خلاله عشرة رؤساء أمريكيون السلطة، منهم أربعة رؤساء ديموقراطيون وستة رؤساء جمهوريون، وحكم الجمهوريون 28 سنة بينما حكم الديموقراطيون 26 سنة، أي أن الحكم كان مناصفة بين الطرفين من الناحية الزمنية منذ جونسون وانتهاء بترامب.

    وعند رصد الملامح الاستراتيجية للسياسة الأمريكية التي اتنتهجها الرؤساء العشرة، يصعب العثور على تباينات ذات معنى فيما بينهم في الموضوع الفلسطيني، وشكل الانحياز الخشن والناعم لـ”إسرائيل” السمة المشتركة فيما بينهم، فهل ستعرف فترة ترامب الجمهوري تغيراً تكتيكياً أو استراتيجياً في الاتجاه السائد في السياسة الأمريكية خلال نصف القرن الماضي؟ علماً أن القسمات الأساسية لبنية القوى السياسية الأمريكية لم تتغير تغيراً جذرياً، كما أن الصلاحيات الدستورية للرئيس لم يصبها تغير ذو دلالة مهمة.

    يمكن تحديد ثلاثة سيناريوهات مستقبلية في الإجابة عن هذا السؤال:

    السيناريو الأول: السيناريو المرغوب فلسطينياً:

    ويقوم هذا السيناريو على عدد من الافتراضات أهمها:

    1. أن يفي الرئيس الأمريكي ترامب بما نُقل عنه في حوار صحفي بأنه سيكون وسيطاً “محايداً” بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من ناحية، وشعوره بأن عدم تقديم “إسرائيل” لتنازلات لن يؤدي لسلام في المنطقة من ناحية ثانية، ففي حوار له مع وكالة أسوشييتد برس في كانون الأول/ ديسمبر 2015 ادعى أنه سيكون “محايداً”، ثم أضاف متسائلاً “ما إذا كانت إسرائيل مستعدة للتضحية بأشياء محددة”، ويجيب بقوله: “ربما لا، وأنا أتفهم ذلك، وليس لدي مشكلة في ذلك، ولكن لن يكون هناك سلام”. وفي آذار/ مارس 2016 أشار ترامب إلى أن موضوع الاستيطان في الضفة الغربية هو “نقطة خلاف” مع “إسرائيل”، وهو أمر يراه الطرف الفلسطيني موقفاً إيجابياً مع أنه استمرار للموقف الأمريكي التقليدي في هذه النقطة تحديداً.

    2. أن تتناغم السياسة الأمريكية والروسية في الشرق الأوسط، خصوصاً أن ترامب أبدى قدراً من “التفهم والاحترام” للرئيس الروسي بوتين، وهو ما يعني أن الطرفين قد ينسقا مواقف ضاغطة على “إسرائيل” في إطار عمل اللجنة الرباعية، وعبر مجلس الأمن، وعبر الحوار الديبلوماسي الثنائي الأمريكي الروسي مع “إسرائيل”.

    3. أن تمارس الدول الأوروبية المتضررة من موجات الهجرة، خصوصاً الناجمة عن الاضطرابات العربية، إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بأن الشرق الأوسط غير قابل للاستقرار دون تسوية الصراع العربي الصهيوني.

    4. تشير توجهات ترامب إلى أولوية المصالح الاقتصادية والمالية لديه في نطاق العلاقات الخارجية، وهو ما يتضح في تركيزه على تحميل دول الخليج أعباء الوجود الأمريكي في المنطقة، وفي مطالبته الملحة للدول الأوروبية بتحمل مزيد من الأعباء في نفقات الناتو، وهو ما قد ينطوي على احتمال بأنه سيقلص المساعدات الأمريكية للخارج، وهو ما قد يمتد للمساعدات الأمريكية لـ”إسرائيل”.

    السيناريو الثاني: السيناريو الممكن:

    وهو السيناريو الذي يفترض أن السياسة الأمريكية ستبقى على حالها، وافتراضات هذا السيناريو تقوم على الآتي:

    1. تأكيد الانحياز الأمريكي المعلن، وهو ما يتضح في تصريحات ترامب المختلفة عما سبق وروده في السيناريو السابق، حيث أكد ترامب في عدد من المناسبات على:

    ‌أ.  موضوع الاستيطان: قال ترامب لصحيفة ديلي ميل في آذار/ مارس 2016 أنه “قد يكون الحياد أمراً غير ممكن، وعلى إسرائيل السير قدماً في بناء المستوطنات في الضفة الغربية”، وهذا التصريح من ترامب أمر يتناقض مع السياسة الأمريكية المعلنة ومع رأي المستشار القانوني للحكومة الأمريكية منذ ظهور مشكلة المستوطنات، ففي السابق كانت الولايات المتحدة تعلن رفضها لسياسة الاستيطان، لكنها لم تتخذ أي إجراء عملي للضغط على “إسرائيل” لوقف هذه السياسة، وهنا نجد أن ترامب قد انتقل خطوة أكثر استرضاء لـ”إسرائيل”.

    ‌ب.  كان ترامب في سنة 2013 من المؤيدين لترشيح بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يعني أن موقفه سيكون استمراراً لموقفه السابق في ظلّ هذا السيناريو.

    2. أن الكونجرس الأمريكي والذي يسيطر الجمهوريون على جناحيه له دور كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، ولا تشير مواقف هذا الحزب لأي تغير تجاه الموقف من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما يجعل قدرة الرئيس على إحداث تغير استراتيجي أقل إمكانية حتى لو افترضنا أن لديه رغبة في ذلك.

    السيناريو الثالث: السيناريو الأسوأ فلسطينياً (والأفضل إسرائيلياً):

    وتتمثل افتراضات هذا السيناريو بما يلي:

    1. أن يتجه ترامب نحو تغيرات استراتيجية في تعامله مع أبعاد الموضوع الفلسطيني على النحو التالي:

    ‌أ. القدس: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والإقرار بالقدس كاملة عاصمة لـ”إسرائيل”، وهو ما وعد به خلال حملته الانتخابية، مع الأخذ في الاعتبار أن عدداً من الرؤساء الأمريكيين السابقين وعدوا خلال الحملات الانتخابية بنقل السفارة لكنهم لم يفعلوا ذلك.

    ‌ب.  التخلي عن فكرة حلّ الدولتين: فقد أبلغ مستشار ترامب للشؤون الإسرائيلية ديفيد فريدمان صحيفة هآرتس الإسرائيلية في حزيران/ يونيو 2016 أن ترامب “قد يؤيد فكرة ضمّ بعض أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل وأن إقامة الدولة الفلسطينية ليست أمراً حتمياً على الاطلاق”. وأضاف فريدمان “لست معنياً بدولة ثنائية القومية لأن أحداً لا يعرف بالضبط كم من الفلسطينيين يعيشون هناك”، وهو تصريح يشكل خروجاً ثانياً عن السياسة الأمريكية المعلنة منذ الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش.

    2. اتساقاً مع توجهاته لتخفيض المساعدات الخارجية للدول الفقيرة، قد تطال هذه السياسة المساعدات الأمريكية للفلسطينيين لا سيّما للسلطة الفلسطينية، وهو أمر قد يجد دعماً كبيراً من الكونجرس الأمريكي، الذي كثيراً ما ربط بين التنازلات من الطرف الفلسطيني وبين المساعدات في الفترات السابقة خصوصاً منذ توقيع اتفاقية أوسلو.

    3. إن معارضة ترامب للاتفاق النووي مع إيران يتلاقى مع الرغبة الإسرائيلية، وقد تجد “إسرائيل” في ذلك فرصة للانقضاض على قوى المقاومة “ذات العلاقة بمستوى أو آخر مع إيران”، مثل حزب الله والجهاد الإسلامي وحركة حماس، وهو ما يعني أن غزة قد تشهد عدواناً إسرائيلياً جديداً متدثراً بضرب امتدادات إيران في المنطقة، وهو أمر سيجد له هوى لدى ترامب.

    عوامل الترجيح بين السيناريوهات الثلاثة:

    ثمة سلسلة من العوامل المتداخلة التي قد ترجح بين السيناريوهات، وهذه العوامل تتمثل في الآتي:

    1. مدى استمرار الاضطراب في البيئة الإقليمية، وهو أمر مرجح ونافع لـ”إسرائيل”، بل حتى أن تراجع الاضطراب سيؤدي إلى انكفاء الدول العربية نحو الداخل لفترة لا تقل عن خمس سنوات قادمة، لترميم أوضاعها الداخلية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، مما يجعل الطرف الفلسطيني شبه معزول عن بيئته الإقليمية التقليدية، وسينعكس ذلك على أدائه التفاوضي السري أو العلني، وسيتيح المجال لـ”إسرائيل” لاستثمار هذه الحالة إلى أبعد الحدود.

    2. استمرار الانقسام الفلسطيني وعدم القدرة على بلورة رؤية واحدة ليتعامل معها المجتمع الدولي باعتبارها الاستراتيجية الفلسطينية المعتمدة.

    3. الضغوط المالية الأمريكية على دول البترول العربي لمزيد من الإسهام في أعباء النفقات الأمريكية العسكرية في المنطقة، ناهيك عن تدهور سعر البترول، وتزايد الضغوط على ميزانيات دول الخليج قد يؤثر على حجم المساعدات العربية للسلطة الفلسطينية.

    السيناريو الأكثر احتمالاً:

    نظراً لأن القضية الفلسطينية أصبحت أقل مركزية على الصعيد العربي، كما أنها لا تشكل قضية ملحة لروسيا في المدى الزمني القريب —على الأقل—، فإن مبررات انتظار التغير الاستراتيجي في التوجهات الأمريكية في الموضوع الفلسطيني لن يتجاوز الاتجاه التاريخي للسياسة الأمريكية المعتمدة منذ 1967.

    كما أن تزايد الاتجاهات الأمريكية نحو الباسيفيكي على حساب الأقاليم الجيو-سياسة في العالم، يعني تراجع مكانة الشرق الأوسط (لأسباب كثيرة لا مجال لتعدادها هنا) في الاستراتيجية الأمريكية، وهو ما أكدت دلالاته صحيفة نيويورك تايمز، لكن هذا التراجع يأتي في وقت تَمزَّق فيه النظام الإقليمي العربي، وهو ما يسمح لـ”إسرائيل” لتعميق تغلغلها في المنطقة العربية، وهو الأمر الذي بدأت ملامحه تتزايد في عدد من الدول العربية إضافة للمعاهدات المعروفة مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.

    وعلى الرغم من أن تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية تحمل إشارات متناقضة، إلا أن الواضح من توجهاته العامة طغيان النزعة البراجماتية على فهمه للسياسة الدولية، وهو ما يعني أن مبادئ الحق والعدالة والمساواة لن تجد عنده أيّ هوى، فإذا أضفنا لذلك طبيعة مستشاريه وتوازنات القوى في جسد هيئات صنع القرار الأمريكية، يصبح أي توقع لتغير ذو دلالة في الموقف الأمريكي من الموضوع الفلسطيني ليس مستنداً على أسس متينة.

    توصيات:

    1. عدم المراهنة على الإدارة الأمريكية في إحداث أي تغيرات إيجابية لصالح الفلسطينيين أو في الضغط على “إسرائيل”.

    2. التأكيد على تقوية الصف الداخلي الفلسطيني وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني حمايةً للحق الفلسطيني في مواجهة الضغوط المحتملة.

    3. تنشيط العمل السياسي والإعلامي لدعم القضية الفلسطينية عربياً وإسلامياً ودولياً، وإيجاد بيئة إيجابية أوسع مناصرة للحقوق والثوابت الفلسطينية.

    المراجع:

    للاطلاع على تصريحات ترامب الواردة في هذا التقدير الاستراتيجي يرجى العودة للمراجع التالية:

    1. Site of The Washington Times, 3/12/2015
    2. Site of theguardian, 6/9/2016
    3. The Independent newspaper, London, 20/5/2016
    4. Sultan Al Qassemi, What a Trump Presidency Means for the Gulf, site of The Middle East Institute, 25/2/2016.
    5. Haaretz newspaper, 9/11/2016.
    6. The Independent, 9/11/2016.
    7. The New York Times newspaper, 9/11/2016.

    * يتقدم مركز الزيتونة للدكتور وليد عبد الحي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (93): آفاق السياسة الأمريكية تجاه فلسطين في عهد ترامب: 2017-2021 Word (8 صفحات، 88 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (93): آفاق السياسة الأمريكية تجاه فلسطين في عهد ترامب: 2017-2021  (8 صفحات، 542 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 14/11/2016

  • التقرير الإستراتيجي الفلسطيني لشهر آذار/مارس 2019

    التقرير الإستراتيجي لشهر آذار/مارس2019

    المقدمة

    شهد شهر آذار على من العام الحالي، مجموعةً من التطورات الإستراتيجية على مستوى القضية الفلسطينية، داخلياً وخارجياً، تباينت في تنوع موضوعاتها، وتعدد تشعباتها، ولكنّها بالمجمل كان لها أثراً على القضية الفلسطينية بشكلٍ أو آخر.

  • التقرير الإستراتيجي لشهر اكتوبر/تشرين الأول 2019

    شهد شهر تشرين الأول/اكتوبر من العام الحالي، مجموعةً من التطورات الاستراتيجية على مستوى القضية الفلسطينية، داخلياً وخارجياً، تباينت في تنوع موضوعاتها، وتعدد تشعباتها، ولكنّها بالمجمل كان لها أثراً على القضية الفلسطينية بشكلٍ أو آخر.

    فتنوعت تلك التطورات ما بين استمرارٍ لسرقة أموال الفلسطينيين من إسرائيل ومحاربة للاقتصاد الفلسطيني، وتوالٍ للتسريبات عن صفقة القرن التي تنوي التهام ما تبقى من الأرض الفلسطينية، وتزايدٍ للاستيطان، ودعم أمريكي لإسرائيل.

  • التقرير الإستراتيجي لشهر حزيران/يونيو 2019

  • التقرير الإستراتيجي لشهر شباط/فبراير 2020

    المقدمة

    حمل شباط/فبراير2020، مجموعةً من التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، وبالقضية الفلسطينية برمتها، من حيث متابعة ما جرى من إعلان عن صفقة القرن في الشهر الذي سبقه، والآليات التي باتت تستخدمها إسرائيل لتحقيق تنفيذٍ فعلي على الأرض، كما شهد الشهر تواصلاً وتنامياً للاعتداءات على الفلسطينيين، وفي هذا التقرير يتم الحديث عن أبرز الأحداث التي حملها شهر شباط.

    أولاً: الاقتصاد عنصر التأثير الأول في صفقة القرن

    بعد الإعلان عن صفقة القرن الشهر الماضي، بدأت تفاصيل آلية تنفيذها تتكشف تباعاً على أرض الواقع، وتقترح "صفقة القرن" إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، من ضمنها 30% من أراضي المنطقة "ج"، مع إمكانية مواصلة "إسرائيل" النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة "شعفاط" شمال شرقي القدس المحتلة، وفق الصحيفة العبرية نقلاً عن مصادر إسرائيلية لم تسمها.

    وتتضمن الخطة ضم "إسرائيل" ما بين 30% إلى 40% من أراضي المنطقة "ج"، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، كما أنها تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

    ويبدو حسب ما أوردت صحيفة الخليج، أنّ دولاً خليجية حملت القسم الأكبر من المسؤوليات المالية ضمن إطار الصفقة؛ حيث تشير البنود التي أعلنها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال افتتاح مؤتمر المنامة، في 25 يونيو 2019، إلى أنه سيتم رصد مبلغ 50 مليار دولار على مدى 5 سنوات لـ"فلسطين الجديدة".

    وفيما يخص الأموال المدفوعة ستسدد الولايات المتحدة من المبلغ المعلن نحو 20%، والاتحاد الأوروبي 10%، في حين يقع على عاتق دول الخليج العربي النسبة المتبقية؛ وهي 70%، في حين لا تتكفل فلسطين و"إسرائيل" بأي مبالغ. وكشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، عن صفقة غير معلنة ستدفع من خلالها دول خليجية نحو 100 مليار دولار؛ في إطار تنفيذ الصفقة التي اهتمت بالجانب الاقتصادي، على أن يدفع كل من الإمارات والسعودية 70 مليار دولار بالمناصفة.[2]

    وتعتبر قوى وفصائل فلسطينية، بما فيها المنضوية تحت منظمة التحرير، اللجنة أداة من أدوات التطبيع ولا تنفك المطالبات بحلها.وسبق أن قالت لجنة التواصل، إنه "يجب التفريق بين التطبيع مع الاحتلال وأدواته، وهو أمر مرفوضٌ ومدانٌ فلسطينيا، وبين العمل على الجبهة الإسرائيلية الداخلية من خلال الحوار والتواصل والنقاش مع المجتمع الإسرائيلي وشرائحه المتعددة".، خاصة بعدما تم الكشف مؤخراً عن لقاء تم بين مكلفين من اللجنة فيما يسمى برلمان السلام للقاء إسرائيليين من اجل بحث صفقة القرن وتداعياتها.[4]

    رابعاً: تحرك أوروبي مدني ضد صفقة القرن

    وقّع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمبادرة من وزير الخارجية الدنماركي السابق وأمين عام الجمعية العامة للأمم المتحدة سابقاً، موينز لوكاتوفت، رسالة مفتوحة تشبّه خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة باسم ‘صفقة القرن’ بأنها أقرب إلى نظام الفصل العنصري وشبيهة بالجبنة السويسرية.

    وبادر لوكاتوفت، بعد تواصله مع كلّ من وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا الأسبقين، جاك سترو وهربرت فيدرين، إلى الطلب من قادة أوروبيين التوقيع على الرسالة التي احتوت في مقدمتها على الآتي: ‘كأوروبيين ملتزمين بتعزيز القانون الدولي والسلام والأمن في جميع العالم، نعرب عن قلقنا العميق إزاء خطة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب للمنطقة. ومن بين المشاركين في الرسالة، مفوضون ووزراء سابقون وأمين عام حلف شمال الأطلسي الأسبق، ووجّهها الموقعون عليها إلى زملائهم في مناصبهم الحالية، كردّ على مشروع ترامب (صفقة القرن).

    ويرى الساسة الأوروبيون السابقون، أن الخطة الأميركية ‘تقدم للفلسطينيين وضعاً يكونون فيه تحت الاحتلال’، وفقاً لما قاله لوكاتوفت اليوم الخميس، والذي استطاع أيضاً أن يجعل 4 من وزراء الخارجية السابقين لبلده الدنمارك، يوقعون الرسالة، وهم بيير ستي موللر، ومارتن ليدغورد، وأوفه إلمان يانسن، وهولغر نيلسن، وينتمي الساسة الأربعة إلى تيارات مختلفة من اليسار إلى المحافظين.

    ويذكر الموقعون على الرسالة الأوروبية، أن خطة ترامب ‘السلام من أجل الازدهار’، تتناقض مع المعايير المتفق عليها دولياً لعملية السلام في المنطقة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2334’. ويشدد هؤلاء على أهمية القانون الدولي، لافتين إلى أن الخطة، بدل ‘تعزيز السلام، فهي تزيد المخاطر بتأجيج الصراع، على حساب المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتترتب على الأردن وعموم المنطقة آثار خطيرة’، مذكرين أيضاً بأنها خطة ‘قوبلت بمعارضة واسعة النطاق في المنطقة، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية

    واعتبر الموقعون على الرسالة أنها بدل أن تؤدي إلى حلّ دولتين، ستقود إلى أبرتهايد.

    ويرى هؤلاء الساسة الموقعون على الرسالة أنّ ‘صفقة القرن’ ‘لن تسحب المستوطنين وتلغي استعمار الضفة الغربية، بل على العكس، يريدون الإبقاء عليها، وهذا سيؤدي إلى أن نكون، بعبارة أخرى، أمام دويلة محلية صغيرة، تخالف كل القرارات الدولية التي جرى تبنيها، وتتحدث عن دولة فلسطينية، والتي نرى اليوم أنها عبارة عن قطعة جبن سويسرية مليئة بالثقوب، ولا يوجد أي ترابط بين جغرافيا هذه الدولة مطلقاً، وبشكل عملي، ذلك سيعني أنها ستبقى تحت الاحتلال’.

    ويشدد موينز لوكاتوفت على أن الهدف من الرسالة هو جعل أوروبا تقف بحزم كصف واحد، ولهذا جمعنا تواقيع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمن فيهم مسؤولو السياسة الخارجية السابقون في الاتحاد الأوروبي، الذين انتقدوا بداية الشهر الحالي، فبراير/شباط، السياسات الإسرائيلية، ووقفوا ضد ضم مناطق فلسطينية.

    وكان مسؤول السياسات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، اعتبر أنه ‘لا يجب، مهما يحصل، أن يجري هذا الضم’. ورحبت الرسالة بكلام بوريل عن أن الحلّ يقوم على القرارات الدولية وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967.

    ويرى وزير الخارجية الدنماركي الأسبق، والقيادي في يسار الوسط الحاكم، أن الرسالة ‘هي أولاً نداء للدول الأوروبية بألا تحيد عن السياق الذي يعبّر عنه مسؤول السياسات الخارجية جوزيف بوريل، في رفضه للضم، وتمسكه باسم الاتحاد الأوروبي، والدول التي هي خارجه، كالنرويج وبريطانيا، بالحفاظ على السياسات الثابتة لأوروبا، وبنفس الوقت هي رسالة تودّ أن ترى الاتحاد الأوروبي يخطو خطوة أخرى’.

    وعن تلك الخطوة، يقول لوكاتوفت، في حديث للتلفزيون الرسمي الدنماركي، اليوم الخميس: ‘بحسب رأيي، يمكن لأوروبا عمل الكثير، وأكثر مما تقوم به، وبشكل خاص في النواحي الاقتصادية، حتى تستطيع الدولة الفلسطينية الوقوف على قدميها، وبالطبع أن تقوم أوروبا بالتفاعل وإشراك الجزء المتمسك بالسلام في المجتمع الإسرائيلي.

    ولوكاتوفت واحد من الشخصيات الإسكندينافية التي تناصر القضية الفلسطينية منذ سنوات عدة، وهو ما عرضه مراراً وتكراراً لهجوم من اللوبيات الصهيونية، بما فيها "آيباك"، وجرى اتهام الرجل في مناسبات مختلفة بأنه "معادٍ للسامية" و"يساري متعصب"، بسبب تمسكه بمواقفه المنتقدة لدولة الاحتلال.

    خامساً: تعاظم إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية

    شهدت العام الماضي 2019، ارتفاعا حادًا في جرائم منظمات "الإرهاب اليهودي"، وعنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في الضفة الغربية المحتلة، مقارنة مع السنوات الأخيرة الماضية، وسط تحذيرات أمنية إسرائيلية من جنوح عصابات فتية اليمين الاستيطاني المتطرف إلى أيديولوجيا أكثر تطرفًا، وبالتالي، تترجم إلى أعمال عنف إرهابية واسعة النطاق.

    ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، عن مسؤول في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وصفه لهذه التنظيمات بأن "لديهم شعور قوي بأنهم قادرون على الدولة، وأنه من المستحيل الفوز عليهم"، وتابع "هذا سينتهي بالدم وسيقلب كل شيء هنا".

    وبحسب معطيات جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، ارتفعت وتيرة الاعتداءات الإرهابية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 50% خلال عام 2019، حيث ارتكبت منظمات "الإرهاب اليهودي" 295 اعتداء عنيفًا في العام الماضي مقارنة مع 197 اعتداء خلال العام 2018.

    وقد أضحى عنف المستوطنين (وأحياناً عنف المواطنين الإسرائيليّين الذين ليسوا مستوطنين) ضدّ الفلسطينيين منذ فترة طويلة جزءاً لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة. تشمل أعمال العنف هذه - التي ينتج عنها انتهاك لحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم وأراضيهم - مجموعة واسعة من الممارسات، بدءًا بإغلاق الطّرقات ورشق الحجارة على السيارات والمنازل، مرورًا بمداهمة القرى والأراضي وإحراق حقول الزيتون والمحاصيل وتدمير وإتلاف الممتلكات وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية وأحياناً الزجاجات الحارقة (المولوتوف) وإطلاق النار.

    يقع على عاتق إسرائيل واجب حماية سكّان الضّفة الغربيّة من أعمال العنف هذه لكن قوّات الأمن وأجهزة تطبيق القانون لا تقوم بواجبها، حتى في الحالات التي يمكن فيها التكهّن بحدوث مثل هذه الاعتداءات. تشير آلاف الإفادات وأشرطة الفيديو والتّقارير والمتابعة طويلة الأمد التي قامت بها منظمة "بتسيلم" ومؤسسات أخرى حول هذا الموضوع، تشير إلى أنّ قوّات الأمن تسمح للمستوطنين على نحوٍ روتينيّ بإلحاق الأذى بالفلسطينيّين بل إنها ترافق المستوطنين لدى تنفيذ اعتداءاتهم وتدعمهم وتؤمّن لهم الحماية، وأحيانًا تنضمّ إلى صفوفهم كمعتدية. وفي بعض الحالات تفضّل قوّات الأمن إبعاد الفلسطينيّين تحديدًا من أجل تجنّب الإصابات.

    إنّ النتيجة بعيدة المدى لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون هي سلب مناطق آخذة بالازدياد من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

    نادراً ما يضطرّ المستوطنون إلى دفع ثمن الأذى الذي يُلحقونه بالفلسطينيّين وفي الغالبية العظمى من الحالات تُغلق ملفّات التّحقيق (إذا فُتحت أصلاً) دون التوصّل إلى شيء. لقد تمّ توثيق هذا الواقع في سلسلة طويلة من تقارير مؤسسات حقوق الإنسان وتقارير رسميّة (مثل تقرير لجنة كارب الذي صدر عام 1982 وتقرير لجنة شامغار الذي صدر عام 1994) أكّدت جميعها أنّ السّلطات الإسرائيليّة تتبنّى سياسة غير معلنة من التسامح والتهاون وعدم تنفيذ القانون بحقّ الجناة.

    وقد أكّدت منظمة "بتسيلم" أنّ من واجب قوّات الأمن حماية الفلسطينيّين وممتلكاتهم من عنف المستوطنين. كذلك أكّدت أنّ من واجب السّلطات إعداد وتخصيص قوّات تعمل على منع اعتداءات المستوطنين المتوقع حدوثها علنًا، عبر التدخّل في الوقت المناسب للقبض على المعتدين. إضافة إلى ذلك أكّدت "بتسيلم" على واجب التّحقيق بسرعة وفعاليّة بالاعتداءات بعد وقوعها. وثّقت "بتسيلم" أحداثًا هاجم فيها المستوطنون

    إنّ لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون إسقاطات بعيدة المدى على الواقع في الأراضي المحتلّة ولها تأثير رادع ومثير للتهديد حتى بعد وقوعها. أفاد العديد من الفلسطينيّين عن هجمات المستوطنين كأحداث صادمة طُبعت في الذاكرة الفرديّة والجماعيّة ومنعت الكثيرين من الاقتراب من "مناطق الخطر" المحاذية للمستوطنات. لا يجرؤ الفلسطينيّون على الوصول إلى أراضيهم الواقعة في هذه المناطق دون مرافقة مدنيّين إسرائيليّين أو الجيش. نتيجة لهذا هناك مناطق زراعية أُهملت وتضررت بصورة بالغة حتّى باتت محاصيلها شحيحة جدّاً بحيث تخلّى أصحابها عن مجرّد الوصول إليها. وهكذا نشأت في جميع أنحاء الضّفة الغربيّة "جدران شفافة" يعرف الفلسطينيّون أنهم إذا عبروها سيتعرّضون للعنف إلى حدّ يعرّض حياتهم للخطر.

    إنّ أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ليست "استثناءات" وإنّما هي جزء من نشاط استراتيجي تسمح به الدولة وتشارك فيه وتستفيد من تبعاته. النّتيجة البعيدة المدى لهذه الأعمال هي سلب المزيد والمزيد من الأراضي من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

    في المقابل، أكد تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، نهاية العام المنصرم، أن "عنف المستوطنين شهد ارتفاعًا مطّردًا منذ مطلع العام 2019، حيث بلغ المتوسط الأسبوعي لهجمات المستوطنين التي أفضت إلى إصابات بين صفوف الفلسطينيين أو إلحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية خمس هجمات.

    وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، كشفت تحقيقات وبيانات "الشاباك" عن قيام كبار حاخامات مستوطنة "يتسهار" والمرجعيات الدينية والروحية، بإصدار فتوى تجيز "لشبان من المستوطنة" السفر يوم السبت، وكسر "حرمة اليوم المقدس"، للوصول إلى الفتية اليهود وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع تحقيقات "الشاباك"، ما يؤكد معرفة قادة المستوطنة وحاخاماتها بدور هؤلاء الفتية في تنفيذ الجرائم.

    وأشارت الصحيفة إلى مخاوف المسؤولين في "الشاباك" من تآكل حالة الردع ضد نشطاء المنظمات الاستيطانية اليمينية، فيما وجه المسؤول الأمني الانتقادات إلى لرؤساء المجالس الاستيطانية ومسؤولين في أجهزة الأمن على الدعم المفتوح الذي يقدمونه لهؤلاء الفتية، في ظل الفتاوى التي يطلقها كبار الحاخامات في صفوف المستوطنين، تجيز قتل الفلسطينيين خصوصا خلال دروس السبت الدينية.

    ووفقًا لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن هذا الدعم المعنوي والتأييد الذين يحظون به في البيئة الاستيطانية، يحفزهم على مواصلة العمل؛ "إنهم يشعرون بأنهم لا يقهرون، وأنه من غير المجدي التعامل معهم"، وأضاف المسؤول الأمني أنهم "لا يدخلون بالصدفة في اشتباكات عن عمد مع قوات الأمن، ويعتدون عليهم بالضرب العنيف ويكسرون أيدي رجال الشرطة في عمونا أو يهاجمون الجنود، يأتي ذلك في سياق محاولتهم لردع أجهزة الأمن من التعامل معهم".

    وبيّنت معطيات "الشاباك"، حجم تأثير المستوطنات وما يروجه حاخاماتها على توفير خلفية فكرية ودينية تجيز إنتاج هذه التنظيمات الإرهابية في المستوطنات الإسرائيلية، كما حذر المسؤول الأمني من الحماية التي يوفرها سياسيون لهؤلاء الشبان، ما قد يدفهم إلى تصعيد هجماتهم الإرهابية بصورة أكثر تطرفًا، والذي قد يصل إلى استخدام الأسلحة النارية.

  • التقرير الإستراتيجي لشهر شباط/فبراير 2020

    المقدمة

    حمل شباط/فبراير2020، مجموعةً من التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، وبالقضية الفلسطينية برمتها، من حيث متابعة ما جرى من إعلان عن صفقة القرن في الشهر الذي سبقه، والآليات التي باتت تستخدمها إسرائيل لتحقيق تنفيذٍ فعلي على الأرض، كما شهد الشهر تواصلاً وتنامياً للاعتداءات على الفلسطينيين، وفي هذا التقرير يتم الحديث عن أبرز الأحداث التي حملها شهر شباط.

    أولاً: الاقتصاد عنصر التأثير الأول في صفقة القرن

    بعد الإعلان عن صفقة القرن الشهر الماضي، بدأت تفاصيل آلية تنفيذها تتكشف تباعاً على أرض الواقع، وتقترح "صفقة القرن" إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، من ضمنها 30% من أراضي المنطقة "ج"، مع إمكانية مواصلة "إسرائيل" النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة "شعفاط" شمال شرقي القدس المحتلة، وفق الصحيفة العبرية نقلاً عن مصادر إسرائيلية لم تسمها.

    وتتضمن الخطة ضم "إسرائيل" ما بين 30% إلى 40% من أراضي المنطقة "ج"، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، كما أنها تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

    ويبدو حسب ما أوردت صحيفة الخليج، أنّ دولاً خليجية حملت القسم الأكبر من المسؤوليات المالية ضمن إطار الصفقة؛ حيث تشير البنود التي أعلنها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال افتتاح مؤتمر المنامة، في 25 يونيو 2019، إلى أنه سيتم رصد مبلغ 50 مليار دولار على مدى 5 سنوات لـ"فلسطين الجديدة".

    وفيما يخص الأموال المدفوعة ستسدد الولايات المتحدة من المبلغ المعلن نحو 20%، والاتحاد الأوروبي 10%، في حين يقع على عاتق دول الخليج العربي النسبة المتبقية؛ وهي 70%، في حين لا تتكفل فلسطين و"إسرائيل" بأي مبالغ. وكشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، عن صفقة غير معلنة ستدفع من خلالها دول خليجية نحو 100 مليار دولار؛ في إطار تنفيذ الصفقة التي اهتمت بالجانب الاقتصادي، على أن يدفع كل من الإمارات والسعودية 70 مليار دولار بالمناصفة.[2]

    وتعتبر قوى وفصائل فلسطينية، بما فيها المنضوية تحت منظمة التحرير، اللجنة أداة من أدوات التطبيع ولا تنفك المطالبات بحلها.وسبق أن قالت لجنة التواصل، إنه "يجب التفريق بين التطبيع مع الاحتلال وأدواته، وهو أمر مرفوضٌ ومدانٌ فلسطينيا، وبين العمل على الجبهة الإسرائيلية الداخلية من خلال الحوار والتواصل والنقاش مع المجتمع الإسرائيلي وشرائحه المتعددة".، خاصة بعدما تم الكشف مؤخراً عن لقاء تم بين مكلفين من اللجنة فيما يسمى برلمان السلام للقاء إسرائيليين من اجل بحث صفقة القرن وتداعياتها.[4]

    رابعاً: تحرك أوروبي مدني ضد صفقة القرن

    وقّع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمبادرة من وزير الخارجية الدنماركي السابق وأمين عام الجمعية العامة للأمم المتحدة سابقاً، موينز لوكاتوفت، رسالة مفتوحة تشبّه خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة باسم ‘صفقة القرن’ بأنها أقرب إلى نظام الفصل العنصري وشبيهة بالجبنة السويسرية.

    وبادر لوكاتوفت، بعد تواصله مع كلّ من وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا الأسبقين، جاك سترو وهربرت فيدرين، إلى الطلب من قادة أوروبيين التوقيع على الرسالة التي احتوت في مقدمتها على الآتي: ‘كأوروبيين ملتزمين بتعزيز القانون الدولي والسلام والأمن في جميع العالم، نعرب عن قلقنا العميق إزاء خطة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب للمنطقة. ومن بين المشاركين في الرسالة، مفوضون ووزراء سابقون وأمين عام حلف شمال الأطلسي الأسبق، ووجّهها الموقعون عليها إلى زملائهم في مناصبهم الحالية، كردّ على مشروع ترامب (صفقة القرن).

    ويرى الساسة الأوروبيون السابقون، أن الخطة الأميركية ‘تقدم للفلسطينيين وضعاً يكونون فيه تحت الاحتلال’، وفقاً لما قاله لوكاتوفت اليوم الخميس، والذي استطاع أيضاً أن يجعل 4 من وزراء الخارجية السابقين لبلده الدنمارك، يوقعون الرسالة، وهم بيير ستي موللر، ومارتن ليدغورد، وأوفه إلمان يانسن، وهولغر نيلسن، وينتمي الساسة الأربعة إلى تيارات مختلفة من اليسار إلى المحافظين.

    ويذكر الموقعون على الرسالة الأوروبية، أن خطة ترامب ‘السلام من أجل الازدهار’، تتناقض مع المعايير المتفق عليها دولياً لعملية السلام في المنطقة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2334’. ويشدد هؤلاء على أهمية القانون الدولي، لافتين إلى أن الخطة، بدل ‘تعزيز السلام، فهي تزيد المخاطر بتأجيج الصراع، على حساب المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتترتب على الأردن وعموم المنطقة آثار خطيرة’، مذكرين أيضاً بأنها خطة ‘قوبلت بمعارضة واسعة النطاق في المنطقة، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية

    واعتبر الموقعون على الرسالة أنها بدل أن تؤدي إلى حلّ دولتين، ستقود إلى أبرتهايد.

    ويرى هؤلاء الساسة الموقعون على الرسالة أنّ ‘صفقة القرن’ ‘لن تسحب المستوطنين وتلغي استعمار الضفة الغربية، بل على العكس، يريدون الإبقاء عليها، وهذا سيؤدي إلى أن نكون، بعبارة أخرى، أمام دويلة محلية صغيرة، تخالف كل القرارات الدولية التي جرى تبنيها، وتتحدث عن دولة فلسطينية، والتي نرى اليوم أنها عبارة عن قطعة جبن سويسرية مليئة بالثقوب، ولا يوجد أي ترابط بين جغرافيا هذه الدولة مطلقاً، وبشكل عملي، ذلك سيعني أنها ستبقى تحت الاحتلال’.

    ويشدد موينز لوكاتوفت على أن الهدف من الرسالة هو جعل أوروبا تقف بحزم كصف واحد، ولهذا جمعنا تواقيع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمن فيهم مسؤولو السياسة الخارجية السابقون في الاتحاد الأوروبي، الذين انتقدوا بداية الشهر الحالي، فبراير/شباط، السياسات الإسرائيلية، ووقفوا ضد ضم مناطق فلسطينية.

    وكان مسؤول السياسات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، اعتبر أنه ‘لا يجب، مهما يحصل، أن يجري هذا الضم’. ورحبت الرسالة بكلام بوريل عن أن الحلّ يقوم على القرارات الدولية وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967.

    ويرى وزير الخارجية الدنماركي الأسبق، والقيادي في يسار الوسط الحاكم، أن الرسالة ‘هي أولاً نداء للدول الأوروبية بألا تحيد عن السياق الذي يعبّر عنه مسؤول السياسات الخارجية جوزيف بوريل، في رفضه للضم، وتمسكه باسم الاتحاد الأوروبي، والدول التي هي خارجه، كالنرويج وبريطانيا، بالحفاظ على السياسات الثابتة لأوروبا، وبنفس الوقت هي رسالة تودّ أن ترى الاتحاد الأوروبي يخطو خطوة أخرى’.

    وعن تلك الخطوة، يقول لوكاتوفت، في حديث للتلفزيون الرسمي الدنماركي، اليوم الخميس: ‘بحسب رأيي، يمكن لأوروبا عمل الكثير، وأكثر مما تقوم به، وبشكل خاص في النواحي الاقتصادية، حتى تستطيع الدولة الفلسطينية الوقوف على قدميها، وبالطبع أن تقوم أوروبا بالتفاعل وإشراك الجزء المتمسك بالسلام في المجتمع الإسرائيلي.

    ولوكاتوفت واحد من الشخصيات الإسكندينافية التي تناصر القضية الفلسطينية منذ سنوات عدة، وهو ما عرضه مراراً وتكراراً لهجوم من اللوبيات الصهيونية، بما فيها "آيباك"، وجرى اتهام الرجل في مناسبات مختلفة بأنه "معادٍ للسامية" و"يساري متعصب"، بسبب تمسكه بمواقفه المنتقدة لدولة الاحتلال.

    خامساً: تعاظم إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية

    شهدت العام الماضي 2019، ارتفاعا حادًا في جرائم منظمات "الإرهاب اليهودي"، وعنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في الضفة الغربية المحتلة، مقارنة مع السنوات الأخيرة الماضية، وسط تحذيرات أمنية إسرائيلية من جنوح عصابات فتية اليمين الاستيطاني المتطرف إلى أيديولوجيا أكثر تطرفًا، وبالتالي، تترجم إلى أعمال عنف إرهابية واسعة النطاق.

    ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، عن مسؤول في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وصفه لهذه التنظيمات بأن "لديهم شعور قوي بأنهم قادرون على الدولة، وأنه من المستحيل الفوز عليهم"، وتابع "هذا سينتهي بالدم وسيقلب كل شيء هنا".

    وبحسب معطيات جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، ارتفعت وتيرة الاعتداءات الإرهابية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 50% خلال عام 2019، حيث ارتكبت منظمات "الإرهاب اليهودي" 295 اعتداء عنيفًا في العام الماضي مقارنة مع 197 اعتداء خلال العام 2018.

    وقد أضحى عنف المستوطنين (وأحياناً عنف المواطنين الإسرائيليّين الذين ليسوا مستوطنين) ضدّ الفلسطينيين منذ فترة طويلة جزءاً لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة. تشمل أعمال العنف هذه - التي ينتج عنها انتهاك لحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم وأراضيهم - مجموعة واسعة من الممارسات، بدءًا بإغلاق الطّرقات ورشق الحجارة على السيارات والمنازل، مرورًا بمداهمة القرى والأراضي وإحراق حقول الزيتون والمحاصيل وتدمير وإتلاف الممتلكات وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية وأحياناً الزجاجات الحارقة (المولوتوف) وإطلاق النار.

    يقع على عاتق إسرائيل واجب حماية سكّان الضّفة الغربيّة من أعمال العنف هذه لكن قوّات الأمن وأجهزة تطبيق القانون لا تقوم بواجبها، حتى في الحالات التي يمكن فيها التكهّن بحدوث مثل هذه الاعتداءات. تشير آلاف الإفادات وأشرطة الفيديو والتّقارير والمتابعة طويلة الأمد التي قامت بها منظمة "بتسيلم" ومؤسسات أخرى حول هذا الموضوع، تشير إلى أنّ قوّات الأمن تسمح للمستوطنين على نحوٍ روتينيّ بإلحاق الأذى بالفلسطينيّين بل إنها ترافق المستوطنين لدى تنفيذ اعتداءاتهم وتدعمهم وتؤمّن لهم الحماية، وأحيانًا تنضمّ إلى صفوفهم كمعتدية. وفي بعض الحالات تفضّل قوّات الأمن إبعاد الفلسطينيّين تحديدًا من أجل تجنّب الإصابات.

    إنّ النتيجة بعيدة المدى لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون هي سلب مناطق آخذة بالازدياد من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

    نادراً ما يضطرّ المستوطنون إلى دفع ثمن الأذى الذي يُلحقونه بالفلسطينيّين وفي الغالبية العظمى من الحالات تُغلق ملفّات التّحقيق (إذا فُتحت أصلاً) دون التوصّل إلى شيء. لقد تمّ توثيق هذا الواقع في سلسلة طويلة من تقارير مؤسسات حقوق الإنسان وتقارير رسميّة (مثل تقرير لجنة كارب الذي صدر عام 1982 وتقرير لجنة شامغار الذي صدر عام 1994) أكّدت جميعها أنّ السّلطات الإسرائيليّة تتبنّى سياسة غير معلنة من التسامح والتهاون وعدم تنفيذ القانون بحقّ الجناة.

    وقد أكّدت منظمة "بتسيلم" أنّ من واجب قوّات الأمن حماية الفلسطينيّين وممتلكاتهم من عنف المستوطنين. كذلك أكّدت أنّ من واجب السّلطات إعداد وتخصيص قوّات تعمل على منع اعتداءات المستوطنين المتوقع حدوثها علنًا، عبر التدخّل في الوقت المناسب للقبض على المعتدين. إضافة إلى ذلك أكّدت "بتسيلم" على واجب التّحقيق بسرعة وفعاليّة بالاعتداءات بعد وقوعها. وثّقت "بتسيلم" أحداثًا هاجم فيها المستوطنون

    إنّ لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون إسقاطات بعيدة المدى على الواقع في الأراضي المحتلّة ولها تأثير رادع ومثير للتهديد حتى بعد وقوعها. أفاد العديد من الفلسطينيّين عن هجمات المستوطنين كأحداث صادمة طُبعت في الذاكرة الفرديّة والجماعيّة ومنعت الكثيرين من الاقتراب من "مناطق الخطر" المحاذية للمستوطنات. لا يجرؤ الفلسطينيّون على الوصول إلى أراضيهم الواقعة في هذه المناطق دون مرافقة مدنيّين إسرائيليّين أو الجيش. نتيجة لهذا هناك مناطق زراعية أُهملت وتضررت بصورة بالغة حتّى باتت محاصيلها شحيحة جدّاً بحيث تخلّى أصحابها عن مجرّد الوصول إليها. وهكذا نشأت في جميع أنحاء الضّفة الغربيّة "جدران شفافة" يعرف الفلسطينيّون أنهم إذا عبروها سيتعرّضون للعنف إلى حدّ يعرّض حياتهم للخطر.

    إنّ أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ليست "استثناءات" وإنّما هي جزء من نشاط استراتيجي تسمح به الدولة وتشارك فيه وتستفيد من تبعاته. النّتيجة البعيدة المدى لهذه الأعمال هي سلب المزيد والمزيد من الأراضي من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

    في المقابل، أكد تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، نهاية العام المنصرم، أن "عنف المستوطنين شهد ارتفاعًا مطّردًا منذ مطلع العام 2019، حيث بلغ المتوسط الأسبوعي لهجمات المستوطنين التي أفضت إلى إصابات بين صفوف الفلسطينيين أو إلحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية خمس هجمات.

    وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، كشفت تحقيقات وبيانات "الشاباك" عن قيام كبار حاخامات مستوطنة "يتسهار" والمرجعيات الدينية والروحية، بإصدار فتوى تجيز "لشبان من المستوطنة" السفر يوم السبت، وكسر "حرمة اليوم المقدس"، للوصول إلى الفتية اليهود وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع تحقيقات "الشاباك"، ما يؤكد معرفة قادة المستوطنة وحاخاماتها بدور هؤلاء الفتية في تنفيذ الجرائم.

    وأشارت الصحيفة إلى مخاوف المسؤولين في "الشاباك" من تآكل حالة الردع ضد نشطاء المنظمات الاستيطانية اليمينية، فيما وجه المسؤول الأمني الانتقادات إلى لرؤساء المجالس الاستيطانية ومسؤولين في أجهزة الأمن على الدعم المفتوح الذي يقدمونه لهؤلاء الفتية، في ظل الفتاوى التي يطلقها كبار الحاخامات في صفوف المستوطنين، تجيز قتل الفلسطينيين خصوصا خلال دروس السبت الدينية.

    ووفقًا لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن هذا الدعم المعنوي والتأييد الذين يحظون به في البيئة الاستيطانية، يحفزهم على مواصلة العمل؛ "إنهم يشعرون بأنهم لا يقهرون، وأنه من غير المجدي التعامل معهم"، وأضاف المسؤول الأمني أنهم "لا يدخلون بالصدفة في اشتباكات عن عمد مع قوات الأمن، ويعتدون عليهم بالضرب العنيف ويكسرون أيدي رجال الشرطة في عمونا أو يهاجمون الجنود، يأتي ذلك في سياق محاولتهم لردع أجهزة الأمن من التعامل معهم".

    وبيّنت معطيات "الشاباك"، حجم تأثير المستوطنات وما يروجه حاخاماتها على توفير خلفية فكرية ودينية تجيز إنتاج هذه التنظيمات الإرهابية في المستوطنات الإسرائيلية، كما حذر المسؤول الأمني من الحماية التي يوفرها سياسيون لهؤلاء الشبان، ما قد يدفهم إلى تصعيد هجماتهم الإرهابية بصورة أكثر تطرفًا، والذي قد يصل إلى استخدام الأسلحة النارية.

     

  • التقرير الإستراتيجي لشهر كانون الأول/ديسمبر 2019

    حمل شهر كانونأول/ديسمبر 2019، مجموعةً من التطورات على الساحة الفلسطينية، وتتعلق الأحداث بشكل أساسي حول العملية الانتخابية في ظل موافقة جميع الفصائل، إلى جانب قرار الاحتلال بخصم مستحقات جديدة من أموال المقاصة عقاباً على استمرار صرف مستحقات الأسرى والشهداء، كما شهد المجتمع الفلسطيني خلافا حول المستشفى الميداني الأمريكي في قطاع غزة.

    وعلى صعيد الكيان الإسرائيلي فهناك مجموعة من الأحداث التي تسارعت خاصة بعد فشل تشكيل حكومة جديدة والتوجه لانتخابات ثالثة، إلى جانب توجيه تهمٍ بالفساد لرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وطلبه للحصانة البرلمانية، علاوة على فوزه مجددا بزعامة حزب الليكود.

  • القضية الفلسطينية والتطبيع وإمكانية المواجهة

  • المسارات المتوقعة لقضية فلسطين في سنة 2019

     

    بقلم: د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    حملت سنة 2018 تصاعداً في أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، وتدهوراً في مسار المصالحة، وفشلاً في مسار التسوية، ومزيداً من الضغوط الأمريكية لفرض التصورات الليكودية الصهيونية لحل القضية الفلسطينية. وحملت في الوقت نفسه صموداً للمقاومة، وإبداعاً في مسيرات العودة، وثباتاً للشعب على أرضه في وجه برامج التهويد والاستيطان.

    لا يبدو أن سنة 2019 تحمل اختلافاً كثيراً عن سابقتها.. وفي ما يلي استشراف لعدد من المسارات المتعلقة بقضية فلسطين لهذه السنة:

    أولاً: تفاقم أزمة المشروع الوطني الفلسطيني: عقَّدت التطورات الداخلية الفلسطينية في السنة الماضية من أزمة المشروع الوطني الفلسطيني المثقل أصلاً بأزماته، وهي أزمات مرشحة للتفاقم بشكل أكبر سنة 2019. فبالإضافة إلى الأزمات المزمنة في القيادة وفي المؤسسات التمثيلية الفلسطينية (منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية،) وفي التنازع على الأولويات بين مساري التسوية والمقاومة؛ يظهر أن سلوك محمود عباس وقيادة فتح يميل إلى مزيد من التأزيم في الساحة الفلسطينية، من خلال محاولات فرض الهيمنة وتطويع قطاع غزة وحركة حماس؛ وذلك بعد أن تجاوزت هذه القيادة التوافقات السابقة مع باقي الفصائل الفلسطينية، فأصرت على عقد المجلس الوطني للمنظمة تحت الاحتلال في رام الله، وعلى استمرار العقوبات على القطاع، وقامت بحلِّ المجلس التشريعي بشكل غير دستوري ومتعسف. ويظهر أنه طالما ظلّ عباس على رأس المنظمة والسلطة وفتح، فإن مسار التأزيم سيستمر ويتصاعد. وسيتابع عباس محاولة الاستقواء ببيئة عربية ودولية مخاصمة أو معادية لتيارات "الإسلام السياسي" ولخط المقاومة.

    ثانياً: لا أفق للمصالحة... ولا فرصة لانتخابات جديدة: السلوك التأزيمي لعباس وخصوصاً حلّ المجلس التشريعي، بخلاف اتفاق المصالحة الذي يدعو إلى تفعيله، وضع مزيداً من الزيت على نار الانقسام، وأدى إلى تراجع مسار بناء الثقة، وأوجد أجواء موبوءة، لا تسمح بعقد انتخابات حقيقية نزيهة وشفافة، وضرب الأسس التي يمكن أن تبنى عليها الشراكات الوطنية والتعددية وتداول السلطة تحت مظلة منظمة التحرير.

    أما الانتخابات التي تمت الدعوة لها خلال ستة أشهر، فتكاد تكون فرص إقامتها معدومة؛ فليست قيادة فتح والسلطة جادة في إنفاذها، إذا ما توفر الحد الأدنى لإمكانية فوز حماس بها. كما أن الطرف الإسرائيلي نفسه يملك القدرة على تعطيل هذه الانتخابات في القدس وباقي الضفة الغربية؛ وهو أيضاً غير مستعد لقبول فوز جديد لحماس. ثمّ إن حماس وعدداً من الفصائل ستقاطعها، إذا لم تتوفر الضمانات الكاملة لبيئة صحية وحرة تسبق الانتخابات، مع ضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها، هذا مع المطالبة بتزامنها مع الانتخابات لرئاسة السلطة، وللمجلس الوطني الفلسطيني، وهو ما لم يدعُ إليه عباس.

    ثالثاً: مزيد من العزلة الداخلية لحركة فتح: يظهر أن إصرار عباس وحركة فتح على متابعة الانفراد بالهيمنة على الساحة الفلسطينية، وتطبيق سياسات مخالفة للتوافقات الفلسطينية، وحتى للرأي العام الفلسطيني، بما في ذلك العقوبات على قطاع غزة، ومتابعة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي وغيرها؛ سيتسبب بمزيد من العزلة لحركة فتح، خصوصاً بعد أن قاطعت الفصائل والقوى الرئيسية الأخرى في منظمة التحرير الاجتماع الأخير للمجلس المركزي الفلسطيني، بالإضافة إلى عدم مشاركة حماس والجهاد الإسلامي فيه أصلاً. ومع إصرار فتح على السلوك نفسه بعد ذلك بحل "التشريعي"، فإن "العزف المنفرد" سيستمر في سنة 2019، مع اتساع دائرة المُنفَضِّين عنه.

    رابعاً: استمرار العمل المقاوم... مع تصاعد التحديات التي تواجهه: مع استمرار الاحتلال والحصار، وانسداد آفاق التسوية، وفشل السلطة سياسياًواقتصادياً؛ فإن البيئة الخصبة للمقاومة ستظل حاضرة، وستتابع إبداعاتها بأشكال مختلفة... ولا يُستبعد أن تتشكل في رحم 2019 بيئة انتفاضة جديدة. كما أن استمرار محاولات تطويع قطاع غزة ونزع سلاح المقاومة، ينذر بتفجير الوضع في غزة، وبحربٍ جديدة.

    ومع وجود بيئة عربية ودولية معادية (أو على الأقل غير داعمة) للمقاومة، فإن الصعوبات المالية التي تواجهها قوى المقاومة وخصوصاً حماس والجهاد، ستستمر وتتزايد. كما أن محاولات تهميش هذه القوى وإضعافها سياسياً وشعبياً ومحاصرتها إعلامياً ستستمر. غير أن الأزمات التي تعاني منها القوى المنافسة أو المعادية للمقاومة (داخلياً، وإسرائيلياً، وعربياً، ودولياً)، ستُمكن المقاومة من تجاوز عنق الزجاجة في النهاية.

    خامساً: فوز الليكود، وتصاعد الهجمة الصهيونية على القدس، وزيادة وتيرة الاستيطان: إذ إن الاتجاهات اليمينية والدينية المتطرفة في المجتمع الصهيوني ما تزال تمثل الأغلبية وهي في تزايد واتساع. ويتوقع لها أن تفوز في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.

    ثم إن وجود دعم أمريكي قوي، في ظلّ إدارة ترامب، لهذه الاتجاهات، مع غياب الدور العربي والإسلامي في دعم القضية الفلسطينية دعماً جاداً، مع دخول عدد من الأنظمة العربية في مسار التطبيع، سيدفع الطرف الإسرائيلي للاندفاع بشكل أكبر نحو مزيد من برامج التهويد خصوصاً في القدس، ومحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.

    سادساً: مبادرات فلسطينية وتزايد الدور الشعبي: إن تفاقم أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وتراجع آفاق المصالحة، وتدهور دور المنظمة والسلطة في حمل هموم الشعب الفلسطيني، ومعاناة برنامج المقاومة؛ سيدفع باتجاه قيام رموز وقوى شعبية فلسطينية بمبادرات، سواء لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، أم للمحافظة على الثوابت والحقوق الفلسطينية، أم لتفعيل أدوار القوى الشعبية والمستقلة في الشأن الفلسطيني.

    ولعل المبادرة الشعبية التي أطلقت مسيرات العودة في قطاع غزة، وكذلك المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وكذلك مبادرة القوى اليسارية الفلسطينية لتوحيد جهودها ضمن "التجمع الديموقراطي الفلسطيني".. كل ذلك يصب في هذا الاتجاه، وهي مبادرات مرشحة للتزايد والاتساع في داخل فلسطين وخارجها في ظلّ عجز وضعف القيادة الفلسطينية. وفي هذا الإطار، فإن دور فلسطينيي الخارج ربما يملك فرصاً وآفاقاً أوسع مع غياب المنظمة والسلطة عملياً عن تمثيلهم وعن قضاياهم وهمومهم.

    سابعاً: بيئة عربية عاجزة وغير مستقرة: لا يبدو أن تغييراً كبيراً مؤثراً على القضية الفلسطينية؛ سيحدث في البيئة العربية خلال الأشهر القادمة. فقد حملت سنة 2019 أزمات السنوات السابقة، حيث انشغلت العديد من الأنظمة العربية بمشاكلها الداخلية. وما تزال الشعوب تدفع فواتير محاولات الثورة والإصلاح والتغيير، كما أن بعض الأنظمة يظن أن حالة استقراره مرهونة بالرضا الأمريكي عبر البوابة الإسرائيلية (التطبيع)، وهو ما ينعكس سلباً على قضية فلسطين.

    ومن جهة أخرى، فإن صمود الشعب الفلسطيني، وصمود المقاومة وإبداعها، وانكشاف الوجه الصهيوني القبيح، واستمرار عدوانه على الأقصى والمقدسات، وعلى الأرض والإنسان؛ ووجود حاضنة شعبية عربية وإسلامية واسعة داعمة للقضية؛ سيبقى عدداً من الأنظمة متردداً في الاندفاع نحو التطبيع. كما أن الأنظمة التي تتعاطف مع المقاومة، ستجد في تصاعد المقاومة، فرصة لتجاوز الضغوط الأمريكية الغربية، ورفع وتيرة دعمها للمقاومة. ثم إن الأنظمة العربية المحبطة من سوء الأداء الأمريكي قد تجد فرصة للالتفات بشكل أفضل إلى مصالحها وفق أجندتها الوطنية وأمنها القومي، مما قد يعزز من دعمها لقضية فلسطين.

    ثامناً: تواصل الدعم الأمريكي لليمين الإسرائيلي، وتضعضع "صفقة القرن": يبدو أن إدارة ترامب ستواصل دعمها لليمين الإسرائيلي ولرؤيته لمسار التسوية، وستسعى لتوفير الغطاء الدولي لشرعنة سيطرة الكيان الإسرائيلي على القدس؛ ولإغلاق ملف اللاجئين الفلسطينيين. غير أنها قد تجد نفسها أكثر انشغالاً بمشاكلها الداخلية بعد فوز الديموقراطيين في مجلس النواب؛ وفي وضع أضعف فيما يتعلق بفرض إرادتها على البيئة الدولية، مع تزايد القوى الدولية المستاءة من سياساتها. كما ستصطدم بأن ما يسمى بـ"صفقة القرن" هو عملياً غير قابل للتنفيذ، مع وجود الرفض الفلسطيني، والبيئة العربية المترددة في دعمها، أو المعارضة لها (وإن كانت غير راغبةٍ في مواجهة "الكاوبوي" الأمريكي بشكل مباشر)، فضلاً عن عدم رغبة الطرف الإسرائيلي نفسه في دفع أي أثمان أو استحقاقات جادة مرتبطة بالتسوية. وبالتالي، فإن أفق التسوية سيظل مسدوداً.

    * * *

    وهكذا، فلعل قضية فلسطين تواجه سنة صعبة في 2019، لكنها سنة مخاض، تصبُّ في بيئة انتقالية، تدفع باتجاه انهيار مسار التسوية وتجربة "أوسلو"، وتُعزّز من فرص صعود خط المقاومة بالرغم من الصعوبات التي يواجهها.

    المصدر: موقع "عربي21"، 20/1/2019

  • اليوميات الفلسطينية: كانون الثاني/ يناير 2020

    أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت تقريراً بعنوان ”اليوميات الفلسطينية: كانون الثاني/ يناير 2020“. وهو تقريرٌ شهريٌ يتناول أبرز الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ويُعدّ مادةً توثيقيةً للأحداث الفلسطينية التاريخية، والسياسية، والقرارات المهمّة.

    ويتميز التقرير في أنه يتناول الأحداث المهمّة، والقرارات والمواقف، التي تعبر عن طبيعة المرحلة، أو تعكس التحولات في المسارات السياسية، وتحديداَ مواقف القوى الفاعلة فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً. ويتم انتقاء الأحداث التي يتناولها التقرير؛ حيث يقوم فريق التحرير بالاطلاع على عشرات المصادر اليومية والدورية.

    ويعرض التقرير للمعلومات والإحصائيات ذات الدلالة المتعلقة بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكل ما يرتبط بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي عربياً وإسلامياً ودولياً. وتتضمن المعلومات فلسطينياً مختلف جوانب الأداء السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتعليمي والقدس وأداء المقاومة والوضع الداخلي... وغيرها. كما يغطي التقرير ما يتعلق بـ”إسرائيل“ اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وعسكرياً، وما يتعلق بالاستيطان وبرامج التهويد والاعتداء على المقدسات ومسار التسوية السلمية.

    ويُعدُّ تقرير ”اليوميات الفلسطينية“ أحد أهم الملفات الدورية التي يصدرها مركز الزيتونة، معتمداً آلية دقيقة في اختيار الأخبار وفق أهميتها، ودورها في تشكيل خريطة الأحداث والتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

    وتبرز أهمية التقرير في إسهامه بإغناء المكتبة العربية بمرجع يخدم الباحثين والمهتمين بالدراسات الفلسطينية، فضلاً عن الجامعات ومراكز الأبحاث ومؤسسات الدراسات.

    وتجدر الإشارة إلى أن تقرير ”اليوميات الفلسطينية“ هو من إعداد وتحرير أ. د. محسن محمد صالح، مدير عام المركز، وربيع الدنان ووائل وهبة.

    ويُنشر التقرير بشكل شهري على الموقع الإلكتروني لمركز الزيتونة، وسيتم إصداره ككتاب مطبوع بشكل سنوي، ويوفر للتحميل المجاني عبر الموقع.

  • بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة.

    يُعالج هذا البحث تطورات اهتمام العالم الإسلامي بالقضية الفلسطينية، حيث انعكست مفاعيل الثورات العربية والثورات المضادة في المنطقة على درجة اهتمام دول العالم الإسلامي بالقضية طوال سنتي 2014-2015. فقد انشغلت الدول الإسلامية وخصوصاً تركيا وإيران بملفات إعادة تشكيل خريطة المنطقة، وبملفات ”التطرف“ والصراعات المذهبية والطائفية، إضافة إلى الملفات الداخلية. فلم تشهد الفترة أي تطور مهم في مستوى الدعم الإسلامي للقضية، سواء على مستوى العلاقات الفلسطينية الداخلية، أم على مستوى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، أم الدفاع عن المقدسات الإسلامية بما فيها القدس. وظهر عجز منظمة التعاون الإسلامي عن اختراق حاجز النمطية التقليدية لمواجهة القضايا الإسلامية الكبرى، حيث بقيت في إطار لعب دور احتفالي بيروقراطي.

    ولاحظ البحث أن الملفات التركية الداخلية لم تكن أقل عبئاً من غيرها، مما دفع بالحزب الحاكم إلى إعطاء المزيد من الأولوية لها، وخصوصاً كيفية مواجهة ارتفاع حالة التوتر الأمني المتكرر في العمق التركي، ولكن ذلك لم يحدث تغيرات جذرية في مواقف تركيا على المستويين الشعبي والرسمي تجاه القضية.

    أما على المستوى الإيراني، فقد استمرت إيران في تأكيدها على دعم المقاومة الفلسطينية، وكانت هناك مساعٍ لإعادة حرارة العلاقة مع حركة حماس تحت شعار العداء لـ”إسرائيل“ ودعم المقاومة؛ غير أن الخلاف حول الموقف من الأوضاع في سورية، وطريقة إدارة إيران للملفات الإقليمية ما زال يعكس ظلالاً سلبية على علاقة الطرفين. كما لاحظ البحث بعض التحسن في علاقة إيران مع قيادة المنظمة والسلطة الفلسطينية.

    واستعرض البحث التحركات الرسمية والشعبية في كل من ماليزيا وباكستان، وتناول العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية مع عدد من الدول الإسلامية. حيث خلص البحث إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا و”إسرائيل“ قد انخفض سنة 2015 بنسبة 24% عن سنة 2014، بينما كان قد ارتفع بنسبة 12% عن سنة 2013. ولعل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014 انعكس سلباً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

    وهذا البحث هو الفصل الرابع من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي يتولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، ويشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


    –
     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة 
     (31 صفحة، 1.9 MB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 26/9/2016


    التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
         
    الفصل عنوان البحث للتحميل 
         
    1 بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (38 صفحة، 1.3 MB)
         
    2 الجزء الأول: ”المشهد الإسرائيلي السياسي الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (18 صفحة، 2.8 MB)
      الجزء الثاني: ”أبرز المؤشرات السكانية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (28 صفحة، 7.3 MB)
      الجزء الثالث: ”العدوان والمقاومة“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (12 صفحة، 2.7 MB)
      الجزء الخامس: ”مسار التسوية السلمية“ للقضية الفلسطينية
    خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
    اضغط هنا (11 صفحة، 765 KB)
         
    3 بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (45 صفحة، 1.9 MB)
         
    4 بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (31 صفحة، 1.9 MB)
         

    >> للمزيد حول كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d

  • بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”القضية الفلسطينية والعالم العربي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة.

    يُعالج هذا البحث التغيرات والتطورات التي شهدها العالم العربي خلال هذه الفترة، سواء على صعيد المشهد الداخلي في الدول العربية أم على صعيد تفاعلاتها مع القضية الفلسطينية وعملية التسوية السلمية. وركّز البحث على التطورات التي شهدتها ”دول الطوق“، وخصوصاً سورية ومصر وآثار الأزمات فيهما على الوضع الفلسطيني، ونبّه إلى أن “إسرائيل” بدت مرتاحة لهذه التطورات، حيث تراجعت قوى التهديد الرئيسية على الجبهتين الشمالية والجنوبية. ولاحظ البحث أن الصراع في الدول العربية أخذ مكانة متقدمة ضمن سلَّم الأولويات على حساب القضية الفلسطينية، وخصوصاً مع تحوله فعلياً إلى عملية إعادة تشكيل للخريطة الجيو-سياسية للمنطقة، وتنازع للنفوذ بين القوى الإقليمية الرئيسية، بمشاركة القوى الدولية الكبرى، وهو ما يتجسّد بوضوح في الأزمة السورية.

    وخلص البحث إلى أن نقطة التحول هذه قد تتحول إلى خطر كبير يتهدد القضية الفلسطينية في المرحلة الحالية، نظراً لأن عملية إعادة تشكيل المنطقة تتضمن إعادة تشكّل المحاور، بناء على تعريف جديد للأولويات والتحالفات، وتقييم مختلف لمصادر التهديد، بشكل يوحي بأن الصراع العربي – الإسرائيلي لم يعد الصراع المركزي في المنطقة، بل يمكن أن يحل مكانه صراع عربي – إيراني أو صراع سني – شيعي، إن لم يتم تدارك الأمر. بالإضافة إلى جانب بروز تنظيمات إسلامية متطرفة تتساهل في التكفير وإراقة الدماء، ليزيد ذلك من تعقيد شبكة المصالح والتحالفات في المنطقة.
    كما عرض البحث التطورات في مجال التطبيع وحجم التبادل التجاري بين “إسرائيل” وبعض الدول العربية، وناقش المواقف العربية الشعبية من القضية الفلسطينية وتوجهاتها، حيث تراجع موقع القضية ضمن سلم الأولويات لحساب الشؤون الداخلية على الرغم من أنها ما تزال قادرة على حشد التأييد والدعم واستقطاب اهتمام الرأي العام العربي عند مرورها بأحداث مفصلية.

    وهذا البحث هو الفصل الثالث من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي تولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، والذي اشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


    –
     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة 
     (45 صفحة، 1.9 MB)

     

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 19/9/2016


    التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
         
    الفصل عنوان البحث للتحميل 
         
    1 بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (38 صفحة، 1.3 MB)
         
    2 الجزء الأول: ”المشهد الإسرائيلي السياسي الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (18 صفحة، 2.8 MB)
      الجزء الثاني: ”أبرز المؤشرات السكانية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (28 صفحة، 7.3 MB)
      الجزء الثالث: ”العدوان والمقاومة“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (12 صفحة، 2.7 MB)
      الجزء الخامس: ”مسار التسوية السلمية“ للقضية الفلسطينية
    خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
    اضغط هنا (11 صفحة، 765 KB)
         
    3 بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (45 صفحة، 1.9 MB)
         

    >> للمزيد حول كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d

  • بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة.

    يُعالج هذا البحث التطورات المتعلقة بمسار المصالحة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ومسار حكومة التوافق الوطني والعقبات التي واجهتها. كما تطرق إلى ملف التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية في رام الله وبين سلطات الاحتلال، وناقش العلاقات الفصائلية الفلسطينية وتطورات الأوضاع المتعلقة بفتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الديموقراطية والشعبية…، كما تناول انعكاسات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف سنة 2014. هذا فضلاً عن الرؤى الاستراتيجية والاستشراف المستقبلي للأحداث.

    وهذا البحث هو الفصل الأول من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي يتولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، ويشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


    –
     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
      (38 صفحة، 1.3 MB)


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 18/7/2016


     >> للمزيد حول  كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d
  • برنامج إضاءات سياسية: حول حصاد المفاوضات ومسار التسوية

    تحدث الدكتور محسن صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، في الحلقة السابعة من “إضاءات سياسية”، والتي عُرضت يوم السبت 9/7/2016، عن المسار التاريخي للمفاوضات منذ احتلال الضفة والقطاع عام 1967، مروراً بمؤتمر مدريد عام 1991، وصولاً إلى اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث أكد صالح على أنه لا يوجد في التاريخ الفلسطيني الحديث إجماع حول المفاوضات، وأنَّ القوى الفلسطينية التي عارضت اتفاقية أوسلو ما تزال تعارضه. وأكد مدير عام مركز الزيتونة أن أساس المفاوضات بُنيَ بطريقة خاطئة، وأنّه لم يقدم حلولاً نهائية متعلقة بالقضية الفلسطينية، كما أنّنا نجد أنفسنا أمام نتائج عقيمة بعد مرور 23 سنة على اتفاقية أوسلو.

    ولفت الدكتور محسن النظر إلى أن المفاوضات مع الاحتلال أدت إلى مزيد من الانقسام الفلسطيني، وإلى أن اتفاقية أوسلو ضربت الثوابت المتعلقة بالأرض والشعب، وإلى استغلال الطرف الإسرائيلي لها لتنفيذ حقائق تخدمه على الأرض، وبالتالي تُضيِّع قضية فلسطين، وتُهمِّشها. وشدد صالح على أهمية التمسك بالثوابت الفلسطينية، وعلى الاتفاق على برنامج وطني فلسطيني.

    وفي ختام حديثه خلص صالح إلى أنَّ اتفاقية أوسلو حملت بذور فشلها في ذاتها، لأنها لا تعطي الحق للشعب الفلسطيني في استرداد أرضه واسترجاع حقوقه الكاملة، وأنَّ الجيل الذي سيحرر فلسطين هو الجيل الذي سينفض غبار “أوسلو”، والذي سيعود بموجة مقاومة جديدة تفرض الشروط الفلسطينية.

    يُشار إلى أن برنامج إضاءات سياسية هو برنامج يسعى لتنمية الوعي السياسي والثقافي، والتأصيل المنهجي للملفات والجوانب المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وهو يتطرق للاستراتيجيات والثوابت الفلسطينية بطريقة علمية وواضحة، وخلال وقت قصير نسبياً، حيث يتمّ تناول موضوع محدّد في نحو ثلاثين دقيقة في كل حلقة. ويستضيف هذا البرنامج بشكل دائم الدكتور محسن صالح كل مساء يوم سبت، وهو برنامج يقدمه الإعلامي محمد إسماعيل، عبر قناة القدس الفضائية. 

    لمتابعة الحلقة اضغط هنا

    أما الحلقات التي تمّ بثها فهي حول:

     برنامج إضاءات سياسية
         
     رقم الحلقة  عنوان الحلقة  تاريخ الحلقة
         
    1  الواقع السياسي الفلسطيني   30/4/2016
         
    2  وظيفة السلطة الفلسطينية ودورها السياسي  7/5/2016
         
    3  المجلس الوطني الفلسطيني.. أهميته ووظيفته وتداعيات تعطيله  14/5/2016
         
    4  المصالحة وانعكاسات تحقيقها على المواطن الفلسطيني  21/5/2016
         
    5  آليات تفعيل تحقيق المصالحة الفلسطينية 28/5/2016
         
    6  تباين مواقف الفصائل الفلسطينية من المفاوضات والمقاومة 4/6/2016
         
    7 حصاد المفاوضات ومسار التسوية 9/7/2016
         

     

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
    آخر تحديث: 12/7/2016

  • تقدير استراتيجي (90): مسارات القضية الفلسطينية في برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية

  • تقييم مسار القضية الفلسطينية خلال سنة 2018

    بقلم: د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    عكست سنة 2018 حالة تصاعد الاستهداف الإسرائيلي الأميركي للملف الفلسطيني، في بيئة سياسية فلسطينية مأزومة ومنقسمة، و بيئة عربية وإسلامية ضعيفة ومفككة ومنشغلة بأزماتها الداخلية، ومحاولة بعضها استرضاء أمريكا، ولو على حساب فلسطين، أو على حساب شعوبها.

    نختار في هذا المقال أن نقف على عشر محطات في تقييمنا للمسار الفلسطيني خلال سنة 2018.

    أولاً: استمرار أزمة المشروع الوطني الفلسطيني. ما زال الوضع السياسي الفلسطيني يعاني من أزمة سياسية خانقة تتسبب في تعطيل قدرته على العمل الفعال، وفي إهدار الكثير من طاقات الشعب الفلسطيني وإمكاناته، وفي إضعاف قدرته على تحشيد البيئات العربية والإسلامية والدولية، والاستفادة منها في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني.

    هذه الأزمة تتجلى في القيادة الفلسطينية نفسها، التي لم تتمكن من الارتقاء إلى مستوى تضحيات الشعب الفلسطيني وتطلعاته. وتتجلى من ناحية ثانية في المؤسسات التمثيلية والتشريعية الفلسطينية؛ حيث استمر تراجع منظمة التحرير الفلسطينية وتدهورها وفشلها في استيعاب مكونات الشعب الفلسطيني وقواه، وغياب مؤسساتها ودوائرها عن العمل والتأثير في الداخل والخارج، وانزواؤها لصالح تغوُّل السلطة الفلسطينية عليها. كما استمر الأداء الوطني الهزيل للسلطة الفلسطينية التي تكرَّس دورها في خدمة أغراض الاحتلال الإسرائيلي وأهدافه، أكثر من خدمة الشعب الفلسطيني. وزاد الأمر سوءاً تعطّل المسار الديمقراطي الانتخابي في المنظمة والسلطة، مع استمرار هيمنة فصيل فلسطيني واحد عليهما. ومن ناحية ثالثة ما زالت حالة تعارض الأولويات والمسارات بين تياري المقاومة والتسوية تلقي بظلالها، في تضارب الأداء، واتهام كل طرف للآخر بتعويقه وتعطيله عما يراه برنامجاً وطنياً. وقد انعكست هذه الأزمة على باقي البنى المؤسسية وعلى الأعمال النقابية والمهنية، وعلى النزاعات الميدانية على الأرض، مما زاد من أزمة الثقة بين الأطراف المتنازعة، كما أضعف من فرص التنسيق على الأرض، ومن القدرة على مواجهة المخاطر والتحديات.

    ثانياً: تراجع مسار المصالحة الفلسطينية. استمرت حالة التعطُّل في مسار المصالحة معظم سنة 2018، مع إصرار قيادة فتح (قيادة السلطة والمنظمة) على استمرار العقوبات على قطاع غزة، وعلى “التمكين” الكامل لحكومتها في القطاع على ما هو “فوق الأرض وتحت الأرض”، ومن “الباب إلى المحراب”؛ وهو ما رأت فيه حماس وباقي فصائل المقاومة تعارضاً مع اتفاق المصالحة لسنة 2011، ومع اتفاق القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول2017. كما استمرت الأجواء المشحونة بالاتهامات المتبادلة. غير أن قيام قيادات السلطة بالاستقواء بالمحكمة الدستورية لإصدار حكم بحل المجلس التشريعي قد أنهى سنة 2018، بحالة تدهور كبيرة بالنسبة لمسار المصالحة؛ خصوصاً أن المحكمة الدستورية نفسها هي موضع تساؤل من حيث شرعيتها، بالإضافة إلى أن البت في حلّ التشريعي ليس من صلاحيتها، فضلاً عن وجود نصوص دستورية حاسمة في النظام الأساسي الفلسطيني تقضي باستمرار المجلس إلى حين انتخاب مجلس جديد.

    ثالثاً: مزيد من العزلة السياسية لحركة فتح ومسار التسوية. فالطريقة التي يدير بها محمود عباس وقيادةُ فتح منظمةَ التحرير والسلطة الفلسطينية والإطار القيادي المؤقت وملف المصالحة…، أدت عملياً إلى أن فتح مع نهاية 2018 وجدت نفسها شبه وحيدة في المسار الذي تصرّ عليه.

    فقد قاطعت الجبهة الشعبية المجالس المركزية الثلاثة التي عُقدت سنة 2018، كما قاطعت المجلس الوطني الذي عُقِدَ أواخر أبريل/نيسان 2018 في رام الله، بخلاف التوافقات الفلسطينية التي تمت في بيروت أوائل2017. وقاطعت الجبهة الديمقراطية آخر اجتماعين للمجلس المركزي، كما قاطعت المبادرة الوطنية آخر اجتماع لهذا المجلس. وثمة شبه إجماع فلسطيني على رفض العقوبات التي تصرّ عليها قيادة فتح على قطاع غزة، كما أن ثمة شبه إجماع فلسطيني على رفض حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني… وبذلك وجدت فتح نفسها مع نهاية تلك السنة أكثر انعزالاً عن باقي البيئة السياسية الفلسطينية؛ في الوقت الذي كانت فيه هذه الفصائل أكثر اقتراباً في الإطار السياسي من حماس ومواقفها.

    رابعاً: تصاعد استهداف القدس وتصاعد الاستيطان. مع قرار الإدارة الأميركية بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ومع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، تصاعدت حملة الاستهداف الصهيوني اليهودي للقدس طوال سنة 2018؛ فشهد المسجد الأقصى خلالها اقتحامات لـ29,900 مستوطن، بزيادة 17% من السنة السابقة. كما استمرت حملات مصادرة الأراضي والتهويد والبناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وخصوصاً في القدس، فنشرت الحكومة الإسرائيلية عطاءات لبناء 5,618 وحدة استيطانية، كما أقرَّت مخططات لبناء 3,808 وحدات استيطانية أخرى؛ في الوقت الذي تجاوز فيه عدد المستوطنين اليهود 800 ألف مستوطن؛ يتمتعون بنفوذ سياسي كبير في الحكومة الإسرائيلية.

    خامساً: استمرار العمل المقاوم. على الرغم من الصعوبات البالغة التي يعاني منها خط المقاومة، خصوصاً في مناطق الاحتكاك المباشر في الضفة الغربية، بسبب التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وبين الاحتلال الإسرائيلي الذي أدى إلى كشف الكثير من خلايا المقاومة، وإلى منع الكثير من العمليات قبل وقوعها؛ إلا أن عمليات المقاومة بأشكالها المختلفة استمرت. فبالإضافة إلى آلاف من حالات الاحتكاك المباشر بالحجارة وقنابل المولوتوف وغيرها؛ فقد تمّ تسجيل ما لا يقل عن 400 عملية متنوعة من هجوم بالسلاح، وعمليات طعن، وعمليات دعس… وغيرها، هذا بالإضافة إلى اشتباكات المقاومة في قطاع غزة مع الاحتلال، وخصوصاً ما يُعرف بعملية “حدّ السيف” الناتجة عن محاولة مجموعة أمنية إسرائيلية اختراق قطاع غزة. وخلال سنة 2018 قُتِلَ 16 إسرائيلياً وجُرح نحو 200 آخرين. بينما استشهد 312 فلسطينياً وجرح نحو 31,500 آخرين. وقامت سلطات الاحتلال باعتقال 6,489 فلسطينياً؛ بينما بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو 6 آلاف أسير.

    سادساً: مسيرات العودة. تعدُّ هذه المسيرات التي انطلقت في 30 مارس/آذار 2018 إحدى العلامات الفارقة لهذه السنة. فقد تجلت في هذه المسيرات الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتكاتفت قوى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على إنجاحها؛ ووجهت غضب أهل القطاع من معاناتهم نتيجة الحصار إلى العدو الصهيوني. وعلى الرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمتها على مدى 40 أسبوعاً، حيث استشهد 253 شهيداً وجرح 25,477 جريحاً؛ فقد أربكت كافة الرهانات الأميركية الإسرائيلية على إنفاذ صفقة القرن وتطبيقها على قطاع غزة، وأكدت تمسك الشعب الفلسطيني بحق العودة إلى الأرض المحتلة سنة 1948، ودعمت خيار الشعب بحقه في المقاومة وتمسكه بسلاحها. وهو ما أرغم الطرف الإسرائيلي على تخفيف الحصار عن القطاع، وفي إدخال البضائع، وأسهم بشكل كبير في فتح المعابر وتسهيل حركة الأفراد.

    سابعاً: انتهت سنة 2018 بوضع اقتصادي فلسطيني بئيس (في الضفة والقطاع) مقارنة بالجانب الإسرائيلي. فبلغ ما يسمى “الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي” لهذه السنة نحو 367 مليار دولار مقابل نحو 13 ملياراً و 780 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، أي أكثر من ناتج السلطة بـ27 ضعفاً (2,730%). بينما بلغ دخل الفرد الإسرائيلي للسنة نفسها نحو 41,300 دولار مقابل 3,030 دولاراً للفرد الفلسطيني في مناطق السلطة، أي أكثر من دخل الفرد الفلسطيني بنحو 14 ضعفاً (1,363%). وهو ما يعكس بشاعة الاحتلال الصهيوني واستغلاله للموارد والثروات الفلسطينية، وتعطيله لأي عملية تنموية فلسطينية؛ كما يعكس عجز السلطة الفلسطينية وسوء إدارتها للملف الاقتصادي الفلسطيني. هذا دون أن نتحدث عن اتساع دوائر الفقر والبطالة الفلسطينية، والمعاناة من الحصار، وتحكم الاحتلال في صادرات السلطة ووارداتها… وغير ذلك.

    ثامناً: مزيد من التطرف اليميني والديني الإسرائيلي. وفي هذه السنة تزايد اتجاه المجتمع الصهيوني نحو اليمين ونحو التيارات الدينية، بينما ازداد ما يسمى “اليسار” الصهيوني تحلُّلاً وتفككاً، بل إنه أخذ شكلاً “يمينياً” في مقولاته وأطروحاته. ولا يتوقع لهذا اليسار الذي تجمع سابقاً في المعسكر الصهيوني أن يحصل إلا على نحو عشرة مقاعد في الانتخابات القادمة، بعد أن كان يملك 24 مقعداً. كما يتوقع أن يحافظ الليكود بقيادة نتنياهو على موقعه القيادي المتصدر. وما زالت فرص اليمين لتشكيل أغلبية في الكنيست وتشكيل الحكومة قوية، مما يفتح المجال لنتنياهو أن يشكل حكومته الخامسة، ليصبح أكثر رؤساء الوزراء حكماً في تاريخ الكيان الإسرائيلي.

    تاسعاً: ما زالت البيئة العربية تعاني من حالة من اللا استقرار، ومن الضعف والانقسام، والتخلف السياسي والاقتصادي والعلمي، وتعاني من مشاكل الأنظمة مع شعوبها، ومن استنزاف ثرواتها…؛ وهو ما ينعكس سلباً على الشأن الفلسطيني. وقد برز ذلك بشكل أوضح سنة 2018، من خلال تجارب عدد من البلدان العربية مع “صفقة القرن” الأميركية، ومن انفتاحها بشكل مكشوف على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي؛ الذي يسعى للاستفراد بالملف الفلسطيني، وإلى توجيه بوصلة الصراع (بدل أن تكون ضدها) إلى صراعات طائفية وعرقية تزيد المنطقة العربية تشتتاً وضعفاً وتشرذماً. غير أن عدداً من البلدان العربية ما زال داعماً للملف الفلسطيني، بل تزايد إدراك عدم إمكانية تجاوز خط المقاومة.

    عاشراً: ما زال الطرف الأميركي يهيمن على المنظومة الدولية فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وبالرغم من سوء إدارة ترمب، والأزمات التي تسببت فيها مع العديد من القوى الدولية؛ إلا أنها اندفعت بشكل غير مسبوق لمحاولة تنفيذ الرؤية الصهيونية لإنهاء الصراع وإغلاق الملف الفلسطيني، حيث لا يعدو ما يعرف بصفقة القرن، ما هو معروف من أفكار الليكود واليمين الإسرائيلي. غير أن خطورة الأمر تكمن في محاولة التنفيذ العملي على الأرض لهذه الأفكار، دونما انتظار لموافقة أحد. وفي هذا السياق جاء نقل السفارة الأميركية للقدس، وجاءت محاولات شطب الأونروا، ومحاولات إدانة حماس في الأمم المتحدة، والضغط على البلدان العربية للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

    وأخيراً، إذا كانت حصيلة سنة 2018 تعبر عن حالة الضعف القيادي والمؤسسي الفلسطيني، فإنها تعبر أيضاً عن صلابة الإرادة الشعبية الفلسطينية في الصمود والمقاومة؛ على الرغم من أنها تعمل في بيئة عربية ضعيفة مفككة وفي بيئة دولية غير مواتية. ثم إن الظروف المحلية والإقليمية والدولية بقدر ما تحمل من مخاطر، بقدر ما تحمل من فرص. وهو ما يُملي على أصحاب الحق الفلسطيني التعامل معها بفاعلية وكفاءة، في أجواء مفصلية من تاريخ قضية فلسطين وتاريخ الأمة.

Page 1 of 3

  • Start
  • Önceki
  • 1
  • 2
  • 3
  • Sonraki
  • End

Etiketler

  • مجموعة التفكير الاستراتيجي
  • مقالات
  • مركز الزيتونة
  • تقارير
  • تقدير موقف
  • كتب وإصدارات
  • القضية الفلسطينية
  • فلسطين
  • دراسات
  • أبحاث

Stratejik Düşünme Grubu

Arap ve İslam bölgesinde farkındalık ve stratejik düşünce düzeyini geliştirmek için çalışan, stratejik düşüncede öncü ve uluslararası bir ortak olan, Türkiye'de kayıtlı bağımsız, kar amacı gütmeyen bir kamu yararı kurumu

Daha

Haber Bülteni

Grup, periyodik olarak bir grup posta bülteni yayınlar. En son sayılarımızı ve haber bültenlerimizi almak için bize kaydolun
Telif Hakkı © 2025 Open Source Matters. Tüm Hakları Saklıdır.
List.Istanbul Tarafından Tasarlandı ve Geliştirildi.