أصدر المركز المغاربيُّ للدِّراسات كتابه الرَّابع وهو تحت عنوان: “ورقاتٌ في التَّفكير الاستراتيجي”، والكتاب من تأليف نخبةٍ متميِّزة من روَّاد التَّفكير الاستراتيجي في العالم الإسلامي، وهم:

الأستاذ الدُّكتور “سيف الدِّين عبدالفتَّاح”.

والأستاذ المهندس “محمَّد الحمداوي”.

والدُّكتور “حسين القزاز”.

ومن تقديم الشَّيخ “ونيس المبروك” رئيس المركز المغاربي للدِّراسات.

وهذه الورقات لا تتناول التَّفكير الذي هو سلوكٌ تلقائيٌّ، وعمليَّةٌ عفويَّةٌ يقوم به كلُّ عاقلٍ في تحليل وفهم ما يجري حوله، وإيجاد الحلول لما يُقابله من تحدِّياتٍ، إنَّما تتناول نمطاً عزيزاً من أنماط التَّفكير، وهو ما يُطلق عليه اليوم “التَّفكير الاستراتيجيُّ”، وهو ذلك التَّفكير المتعدِّد الزَّوايا، ينظر للقضايا بفهم سوابقها الماضية، وسياقها الحاضر، ولِحاقها المستقبل، متخلِّصاً من هيمنة اللَّحظة الآنيَّة، منطلقاً لرسم السِّياسات، ووضع البرامج والتَّدابير؛ لمعالجة المآل المتوسِّط والبعيد.

فهو ليس تفكيراً تنفيذيَّاً يتعامل مع اللَّوائح والنُّظم لتسيير العمل وإدارة المشاريع، وليس تفكيراً مخبريَّاً موضعيَّاً يتعامل مع الحالات القارَّة، ولا تفكيراً ماضويَّاً يتناول مفاصل التَّاريخ بالتَّحليل والاعتبار.

لقد بات هذا النَّمط من التَّفكير “عِلماً” من العلوم التي تُدرَّس في أرقى المؤسَّسات، وأضحى شرطاً من شُروط النَّجاح المؤسَّسي، في الوقت الذي انحسر دور هذا العلم في مؤسَّساتنا الحكوميَّة والأهلية، بل ربَّما غاب الوعي به وبأهمِّيَّته.

وقد تشرَّف “المركز المغاربيُّ للدِّراسات” في إسطنبول، بإصدار هذا الكتاب الذي تناول بعض الأبعاد المعمَّقة لهذا النَّمط من التَّفكير، وأوَّل هذه الأبعاد: البُعد الأكاديميُّ المعمَّق المتَّصل بنظر
يَّة المقاصد، وهي تلك الورقة التي تقدَّم بها الأستاذ الدُّكتور “سيف الدِّين عبد الفتَّاح”، وهو المفكِّر المعروف، وأستاذ العلوم السِّياسيَّة، وكانت ورقته تحت عنوان: (التَّفكير الاستراتيجيُّ والتَّغيير “صياغةٌ مقاصديَّةٌ للسِّياق الحضاري”).

وثانيها: البُعد الفكريُّ التَّنظيميُّ الهيكليُّ، وهي الورقة التي قدَّمها أحد روَّاد الحركة الإسلاميَّة المعاصرة في المغرب العربيِّ، وهو الأستاذ “محمَّد الحمداوي”، رئيس حركة التَّوحيد والإصلاح المغربيَّة سابقاً، ومنسِّق مجلس شورى الحركة، وورقته كانت تحت عنوان: (خارطة التَّفكير الاستراتيجيِّ في بناء العلاقة بين الدَّعويِّ والسِّياسيِّ).

ثمَّ تُوِّجت هذه الورقات بورقةٍ ثالثةٍ، تناولت مقاربةً حول مآل حركة المجتمعات فيما بعد ثورات الرَّبيع العربي، في ضوء هذا اللَّون من التَّفكير الاستراتيجيِّ، للأستاذ الدُّكتور “حسين القزاز” ، وهو وأحد كبار المستشارين في مشروع النَّهضة المصري، ومؤسِّس “مركز إنسان للدِّراسات”، وهذه المقاربة كانت تحت عنوان: (أفكار حول منهجيَّة التَّفكير في مسارات الإصلاح والتَّغيير).

ولـمَّا كانت هذه الورقات تُمثِّل عصارة فكرٍ وفيضاً من تجارب هؤلاء الأعلام، كتبها أصحابها بإيجازٍ واختصارٍ؛ ولذلك فإنَّها لا تُؤتي أُكلَها إلَّا لِمَن تدبَّرها بِرَوِيَّةٍ وقرأها بِتُؤَدَةٍ.

 

المصدر: المركز المغاربيُّ للدِّراسات.