• Türkçe
  • English
مجموعة التفكير الاستراتيجي مجموعة التفكير الاستراتيجي
  • الرئيسية
  • تقدير موقف
  • تقارير
  • كتب وإصدارات
  • أبحاث
  • دراسات
  • ندوات
  • ورش عمل
  • دورات تدريبية
  • من نحن؟

Sidebar

القائمة الرئيسية

  • الرئيسية
  • تقدير موقف
  • تقارير
  • كتب وإصدارات
  • أبحاث
  • دراسات
  • ندوات
  • ورش عمل
  • دورات تدريبية
  • من نحن؟
  • أصل المشكلة: الجهات التي تمثل العالم الإسلامي هي تحت الاحتلال

    د.ياسين أقطاي

    لقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخيرًا تلك الخطة التي تسمى “صفقة القرن” بعد أن كان الحديث عنها يدور منذ وقت طويل، أعلنها وقد أخذ لجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. إن صفقة القرن في الحقيقة ما هي إلا نتاج لممارسات النفاق والظلم والغدر، ولسياسة الاحتلال والمجازر والعنصرية، التي طالما ساقها النظام العالمي في القرن الماضي. إنها ليست سوى إلحاق بالأراضي التي كانت محتلة أصلًا منذ وقت طويل.

    إن متن تلك الصفقة يكشف في الواقع عن أن العالم الغربي الذي كان يبيعنا العلمانية ويصدّع رؤوسنا بها، بلغته وخطاباته وفلسفته؛ ما هو إلا عالَم متدين ومتطرف وعنصري وفاشي.

    صفقة القرن

    صفقة القرن هي إعلان صريح عن إفلاس كل ما ينادي به الغرب من الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية الدينية والعلمانية والتسامح. إنها صورة تعرض السعي وراء كهانة سخيفة للغاية عمرها 2500 عام من المدنية الغربية، وما يتفرع عنها من جنون، يحاول تصوير المسلم الذي ينطلق من دافع ديني على أنه الشخص الأكثر تعصبًا في العالم.

    إن السبب الوحيد اليوم الذي يجعل من هذه الكهانة تحاول فرض نفسها بنفسها، هو أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى في هذا العالم، والتي قد حولت الحلم التبشيري-الصهيوني إلى كابوس يحدّق بالسلم العالمي.

    إن رغبتهم في جعل القدس عاصمة لهم، ليس لأنهم يحبّون القدس ذلك الحب المفرط. حيث لا يمكن أن يعشق القدس، أولئك الذين لا يفهمونها ولا يعرفونها. الولايات المتحدة وإسرائيل واعلام الصليبي بأكلمه بعيدون كلّ البعد عن إدراك كنه القدس.

    إن القدس قبل كل شيء هي ذلك المكان الذي فيه يكون فيد دم الإنسان مقدّسًا ومكرمًا. لا يتم تقديس القدس من خلال سفك دماء الأبرياء، بل يتم هدمها وهدمها، حتى تجدون إنسانيتكم باكلمها تحت الأنقاض. أولئك الذين يريدون أن يجعلوا من القدس عاصمة لهم، لا يمكن لهم على الإطلاق أن يكونوا قريبين من أي معنى من معاني القدس، وهم على وشك سفك دماء الملايين من الناس، وكسر سلام ونظام واستقرار العالم بأسره.

    ليست القدس مكانًا للتغطية على الخطايا، بل مكان إدراك تلك الخطايا والتوبة عنها. إن ترامب وبجانبه نتنياهو وهما يقدمان على هذه الخطوة الوقحة المتعجرفة، يبحثان من خلالها على طريق لغسيل خطاياهم والهروب من اتهامات الفساد التي تلاحقهم.

    كما ذكرنا هذا دائمًا؛ القدس هي مرآة عالمنا. في الواقع وعلى مر التاريخ، تكون القدس انعكاسًا لواقع العالم والإنسانية معًا على مر التاريخ. إن الغطرسة والخيانة والاحتيال والظلم الذي تتم ممارسته في القدس، ما هو إلا انعكاس لما يجري في العالم.

    لقد قال الرئيس أردوغان خلال اجتماعه الذي عقده أخيرًا بعد إعلان ترامب عن صفقة القرن، أن “القدس هي مفتاح السلام العالمي”. لكن ذلك المفتاح له أيضًا تأثير في عرقلة السلام العالمي، حينما يتم استخدامه بطريقة سيئة وضارة، وبالطبع العكس هو الصحيح. نجد انعكاسًا هنا للاضطراب الكائن في النظام العالمي. في الحقيقة، حينما عرّج أردوغان خلال كلمته، نحو الوضع في إدلب وليبيا، قد أوضح بشكل لافت أن ما يجري هو انعكاس للخيانة والاحتلال والاضطهاد الذي يتعرض له القدس.

    في ليبيا، هناك انقلابي ومجرم حرب ومحتل اسمه حفتر، ومن ورائه قوى قد جمعها تعتمد على أسلحتها الفتاكة، ويحاول معهم الوصول إلى السلطة من خلال سحق الشرعية، والمدنيين. إن الذين يدعمونه وجميع أسبابهم وحججهم وصفاتهم، تتماهي تمامًا مع أسباب وحجج وصفات من يحتلون القدس. حينما يمتلك القوة، فإنه يمكن أن يرى عبر فرض الأمر الواقع، أن احتلاله الخسيس حق مشروع.

    ما يتم هناك في ليبيا من احتلال وجرائم وغصب، يتم دعمه وتمويله من زعماء عرب-مسلمين، تمامًا كما هو الحال في القدس. من يمكنه أن يتوقع صدور صوت عن العالم الإسلامي حول القدس؟ أصلًا إن أساس المشكلة أن تلك الجهات التي تمثل العالم الإسلامي محتلة.

    أليس منطق وشكل تعاون روسيا وإيران والنظام السوري في إدلب يتماهى تمامًا مع ما مرّ من المشاهد؟ هناك في إدلب يوميًّا يتم قتل العشرات من المدنيين والأطفال فضلًا عن قصف المدن والمشافي والأفران، باسم الحرب ضد الإرهاب. كم عدد الإرهابيين الذين يموتون حقًّا يا ترى؟ أو بالأحرى من هم الإرهابيون حقيقة هناك؟ هانك العديد من الأسئلة التي تكفي لتفسير كيف تفقد الإنسانية معناها من وراء التبرير باسم الإرهاب. تستطيع روسيا فعل أي شيء فقط لأنها عضو دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولأنها تمتلك ما يكفي من القوة. لا يوجد قوة لمنعها على أي حال. حتى القوى التي يمكن لها أن تمنع روسيا عن إجرامها، لا يتمتعون بسيرة ذاتية أفضل من روسيا. جميعهم دون تفاوت تتقاطر من أيديهم دماء الأبرياء.

    أليس هذا أيضًا انعكاسًا مباشرًا للنظام القائم في القدس؟

    ألا نرى خيانة أولئك الذين يحتلون مقام تمثيل الدول المسلمة، قبل أي شيء من سفك دماء المسلمين هناك، وأراضي المسلمين التي تم احتلالها، وشرف المسلمين وناموسهم المهان؟

    لذلك السبب، يعتبر حال القدس تلخيص لأحوالنا. القدس مرآة العالم. يبدأ الخلاص في القدس أو يكتمل فيها.

    لا يمكن تحرير القدس من خلال الإبقاء على القسوة والتضاد الذين يحكمان العالم الإسلامي. من أجل تحرير القدس ينبغي وضع حد لهذا الظلم في عالمنا. لن يتغير شيء في القدس ما لم يتغير النظام القائم في العالم..

  • الأزمة اللبنانية تطحن اللاجئين الفلسطينيين

    بقلم:د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    خرج اللبنانيون منذ أكثر من شهر، في حراك شعبي مستمر واسع، ضد المنظومة السياسية، وضد ما يرونه من فساد قد يؤدي لانهيار اقتصادي، بعد تفاقُم سوء الأوضاع المعيشية، وتراجعُ القدرة الشرائية إلى مستويات غير مسبوقة.

    فإذا كانت هذه معاناة اللبناني، ابن البلد، الذي يتمتع بكافة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وبالرعاية الصحية والضمان الاجتماعي؛ فكيف باللاجئ الفلسطيني في هذا البلد، الذي كان يعيش أصلاً في أوضاع بائسة، قبل اندلاع الأزمة وتفجُّر الحراك الشعبي؛ وفي بيئة تحرمه بقوة القانون من العمل في الكثير من الوظائف، وتحرمه من حقوق مدنية معتادة تسمح له بعيش كريم. لقد جاءت الأزمة الحالية لتعصف حتى بالقليل الذي يحصل عليه أولئك الفلسطينيون الذين كانت لديهم فرص عمل، ولتضُمَّهم إلى "مطحنة" البطالة والفقر التي تَتغوّل على أغلبية فلسطينيي لبنان وتسحقهم.

    حسب دراسة منشورة للأونروا، بالتعاون مع الجامعة الأمريكية سنة 2015، فإن نسبة الفقر وسط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حوالي 65 في المئة، ونسبة البطالة 56 في المئة؛ وهناك نحو 62 في المئة يعانون من انعدام الأمن الغذائي المتوسط أو الحاد. ووسط 81 في المئة من الأسر الفلسطينية في لبنان، يوجد فرد واحد على الأقل يعاني من مرض مزمن.

    وخدمات الأونروا لا تكاد تفي بالحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين. وهناك نقص كبير في الاحتياجات التعليمية والصحية والاجتماعية وخدمات البنية التحتية في المخيمات.

    وقد جاء قرار وزير العمل اللبناني بشأن التشدد في رخص العمل في صيف 2019، وتفسير القانون بشكل يشدد الخناق على اللاجئ الفلسطيني، الذي كان ينتظر بدلاً من ذلك انفراجة تجاهه، بعد توافق الأحزاب اللبنانية على تحسين أوضاع اللاجئين وحل معظم مشاكلهم، في الوثيقة الصادرة عن لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، التي نشرت في كانون الثاني/ يناير 2017. هذا القرار تسبب بحالة إحباط واسعة، وبمزيد من التضييقات التي خسر بسببها العديد من الفلسطينيين مصادر رزقهم، وهو ما أدى إلى موجة احتجاجات مدنية واسعة شهدتها مخيمات اللاجئين، طوال ما يزيد عن شهرين.

    تفاقم المعاناة

    أما الأزمة الاقتصادية الحالية التي سبقت الحراك الشعبي وترافقت معه، فقد كانت ضربة قاسية لما تبقى من قدرة الفلسطينيين على الصمود. فخلال ما يزيد عن شهر من الأزمة انخفضت قيمة العملة اللبنانية بنحو الثلث مقابل الدولار، وتعطلت في معظمه حركة التنقل، وأغلقت في معظم أيامه البنوك، ولم يعد الناس قادرين إلا على سحب مبالغ محدودة من حساباتهم البنكية، ولم يعودوا قادرين على استلام كامل التحويلات التي تأتي من أقاربهم من الخارج. وفي الوقت نفسه قام الكثير من أرباب العمل بتسريح موظفيهم الفلسطينيين، نتيجة تراجع حركة المبيعات أو نتيجة تعطل أعمالهم. وقد ترافق ذلك كله مع زيادة الأسعار، وتدهور القوة الشرائية، وعدم توفّر بعض السلع. أما المؤسسات التي أبقت على موظفيها فهي إما أنها لم تتمكن من تسليمهم رواتبهم، أو أعطتهم نصفها أو نحو ذلك.

    وبالتالي، فإن تراكم معاناة فلسطينيي لبنان، وزيادة التدهور إلى الوضع المتدهور أصلاً، أوجد آلافاً جديدة من الحالات الإنسانية، التي انضمت إلى فئة الفقر المدقع، والتي لا تكاد تجد وجبة الطعام أو رغيف الخبز. وانضمت إليهم أيضاً أعداد كبيرة ممن لا يملكون نفقات العلاج، وممن يموتون ببطء نتيجة عدم القدرة على تغطية بعض الأمراض المستعصية كالسرطان والفشل الكلوي، وأعداد ممن طردوا أو من المهددين بالطرد من الشقق التي يستأجرونها، بالإضافة إلى آلاف حالات العجز عن تسديد رسوم المدارس والجامعات.

    استحقاقات ومخاطر

    وفي مثل هكذا أوضاع، هناك خشية أن يتضاعف نزيف الوجود الفلسطيني في لبنان من خلال الهجرة، بعد أن فقد هذا الوجود نحو 300 ألف من أبنائه، أو بعبارة أخرى أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في لبنان (المسجلون يزيدون عن 540 ألفاً، وتقديرات الموجودين بحدود 250 ألفاً).

    وهناك من جهة ثانية، خشيةٌ من أن يواصل الأمريكان ضغوطهم باتجاه إنفاذ "صفقة القرن"، والسعي لتوطين ما يتبقى من الفلسطينيين في لبنان، باتجاه إغلاق ملف اللاجئين.

    ومن ناحية ثالثة، فإن حالة الفقر والبطالة والبؤس والإحباط وإغلاق الأبواب في وجه اللاجئ الفلسطيني، يُخشى أن تؤدي إلى تفشي المشاكل الاجتماعية والنفسية، والانحراف الأخلاقي والسلوكي، وإلى التعبير عن نفسها من خلال الانتماء إلى اتجاهات متطرفة.

    ومن ناحية رابعة، فقد يُسهل ذلك على بعض الاتجاهات محاولة استغلال أوضاع الناس في تجنيد الشباب العاطل عن العمل لأجنداتها الخاصة، أو ليكونوا وقوداً لحالة التنافس والاحتراب الداخلي والخارجي. مع العلم أن الوجود الفلسطيني أثبت حتى الآن وعياً عالياً في النأي بالنفس عن الشأن الداخلي اللبناني.

    الدور المطلوب

    إذا كانت حالة اللاجئين الفلسطينيين تستحق أصلاً اهتماماً كبيراً من البيئة العربية والإسلامية والدولية لحل معضلاتهم، فإن الحاجة الآن أصبحت حاجة ماسة، وتستدعي منظومة طوارئ عاجلة على الأقل لتدارك آلاف العائلات التي تسحقها المعاناة.

    والمطلوب من الأونروا أن تستنفر جهودها وتدعو الجهات المانحة لتقديم معونات طارئة للاجئين، بما يكفي احتياجات ستة أشهر على الأقل.

    وعلى الجهات الخيرية والمعنية بالشأن الفلسطيني في لبنان أن تسارع بتقديم مشاريع محددة للجهات الخيرية العربية والإسلامية والدولية، لتقوم بدعمها؛ كمشاريع السلة الغذائية للفقراء، ومشاريع الإغاثة الطبية، وتغطية تكاليف التعليم، والمشاريع الإنتاجية، وكفالات الأيتام وغيرها.

    إن دعم فلسطينيي لبنان ليس مجرد حالة دعم إنساني، بل هو دعم لصمود أحد أهم تجمعات اللجوء الفلسطيني، وأحد أبرز التجمعات الفلسطينية الحيوية التي صبرت وضحّت وعضت على جراحها على مدى عشرات السنين، وظلت أحد أكبر الشواهد على جريمة العدو الصهيوني في تهجير الشعب الفلسطيني، وأحد أكبر الشواهد على تمسك فلسطينيي الخارج بحقهم في العودة إلى بيوتهم التي أخرجوا منها. وهو دعم ضروري في مواجهة "صفقة القرن" ومؤامرات "التوطين" والتهجير. ثم إن الضربات القاسية التي تعرَّض لها الوجود الفلسطيني في العراق وسوريا (وقبل ذلك في ليبيا) يزيد من أهمية وحيوية الحفاظ على الوجود الفلسطيني في لبنان.

    المصدر: موقع عربي21، 25/11/2019

  • التقرير الإستراتيجي لشهر شباط/فبراير 2020

    المقدمة

    حمل شباط/فبراير2020، مجموعةً من التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، وبالقضية الفلسطينية برمتها، من حيث متابعة ما جرى من إعلان عن صفقة القرن في الشهر الذي سبقه، والآليات التي باتت تستخدمها إسرائيل لتحقيق تنفيذٍ فعلي على الأرض، كما شهد الشهر تواصلاً وتنامياً للاعتداءات على الفلسطينيين، وفي هذا التقرير يتم الحديث عن أبرز الأحداث التي حملها شهر شباط.

    أولاً: الاقتصاد عنصر التأثير الأول في صفقة القرن

    بعد الإعلان عن صفقة القرن الشهر الماضي، بدأت تفاصيل آلية تنفيذها تتكشف تباعاً على أرض الواقع، وتقترح "صفقة القرن" إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، من ضمنها 30% من أراضي المنطقة "ج"، مع إمكانية مواصلة "إسرائيل" النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة "شعفاط" شمال شرقي القدس المحتلة، وفق الصحيفة العبرية نقلاً عن مصادر إسرائيلية لم تسمها.

    وتتضمن الخطة ضم "إسرائيل" ما بين 30% إلى 40% من أراضي المنطقة "ج"، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، كما أنها تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

    ويبدو حسب ما أوردت صحيفة الخليج، أنّ دولاً خليجية حملت القسم الأكبر من المسؤوليات المالية ضمن إطار الصفقة؛ حيث تشير البنود التي أعلنها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال افتتاح مؤتمر المنامة، في 25 يونيو 2019، إلى أنه سيتم رصد مبلغ 50 مليار دولار على مدى 5 سنوات لـ"فلسطين الجديدة".

    وفيما يخص الأموال المدفوعة ستسدد الولايات المتحدة من المبلغ المعلن نحو 20%، والاتحاد الأوروبي 10%، في حين يقع على عاتق دول الخليج العربي النسبة المتبقية؛ وهي 70%، في حين لا تتكفل فلسطين و"إسرائيل" بأي مبالغ. وكشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، عن صفقة غير معلنة ستدفع من خلالها دول خليجية نحو 100 مليار دولار؛ في إطار تنفيذ الصفقة التي اهتمت بالجانب الاقتصادي، على أن يدفع كل من الإمارات والسعودية 70 مليار دولار بالمناصفة.[2]

    وتعتبر قوى وفصائل فلسطينية، بما فيها المنضوية تحت منظمة التحرير، اللجنة أداة من أدوات التطبيع ولا تنفك المطالبات بحلها.وسبق أن قالت لجنة التواصل، إنه "يجب التفريق بين التطبيع مع الاحتلال وأدواته، وهو أمر مرفوضٌ ومدانٌ فلسطينيا، وبين العمل على الجبهة الإسرائيلية الداخلية من خلال الحوار والتواصل والنقاش مع المجتمع الإسرائيلي وشرائحه المتعددة".، خاصة بعدما تم الكشف مؤخراً عن لقاء تم بين مكلفين من اللجنة فيما يسمى برلمان السلام للقاء إسرائيليين من اجل بحث صفقة القرن وتداعياتها.[4]

    رابعاً: تحرك أوروبي مدني ضد صفقة القرن

    وقّع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمبادرة من وزير الخارجية الدنماركي السابق وأمين عام الجمعية العامة للأمم المتحدة سابقاً، موينز لوكاتوفت، رسالة مفتوحة تشبّه خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة باسم ‘صفقة القرن’ بأنها أقرب إلى نظام الفصل العنصري وشبيهة بالجبنة السويسرية.

    وبادر لوكاتوفت، بعد تواصله مع كلّ من وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا الأسبقين، جاك سترو وهربرت فيدرين، إلى الطلب من قادة أوروبيين التوقيع على الرسالة التي احتوت في مقدمتها على الآتي: ‘كأوروبيين ملتزمين بتعزيز القانون الدولي والسلام والأمن في جميع العالم، نعرب عن قلقنا العميق إزاء خطة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب للمنطقة. ومن بين المشاركين في الرسالة، مفوضون ووزراء سابقون وأمين عام حلف شمال الأطلسي الأسبق، ووجّهها الموقعون عليها إلى زملائهم في مناصبهم الحالية، كردّ على مشروع ترامب (صفقة القرن).

    ويرى الساسة الأوروبيون السابقون، أن الخطة الأميركية ‘تقدم للفلسطينيين وضعاً يكونون فيه تحت الاحتلال’، وفقاً لما قاله لوكاتوفت اليوم الخميس، والذي استطاع أيضاً أن يجعل 4 من وزراء الخارجية السابقين لبلده الدنمارك، يوقعون الرسالة، وهم بيير ستي موللر، ومارتن ليدغورد، وأوفه إلمان يانسن، وهولغر نيلسن، وينتمي الساسة الأربعة إلى تيارات مختلفة من اليسار إلى المحافظين.

    ويذكر الموقعون على الرسالة الأوروبية، أن خطة ترامب ‘السلام من أجل الازدهار’، تتناقض مع المعايير المتفق عليها دولياً لعملية السلام في المنطقة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2334’. ويشدد هؤلاء على أهمية القانون الدولي، لافتين إلى أن الخطة، بدل ‘تعزيز السلام، فهي تزيد المخاطر بتأجيج الصراع، على حساب المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتترتب على الأردن وعموم المنطقة آثار خطيرة’، مذكرين أيضاً بأنها خطة ‘قوبلت بمعارضة واسعة النطاق في المنطقة، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية

    واعتبر الموقعون على الرسالة أنها بدل أن تؤدي إلى حلّ دولتين، ستقود إلى أبرتهايد.

    ويرى هؤلاء الساسة الموقعون على الرسالة أنّ ‘صفقة القرن’ ‘لن تسحب المستوطنين وتلغي استعمار الضفة الغربية، بل على العكس، يريدون الإبقاء عليها، وهذا سيؤدي إلى أن نكون، بعبارة أخرى، أمام دويلة محلية صغيرة، تخالف كل القرارات الدولية التي جرى تبنيها، وتتحدث عن دولة فلسطينية، والتي نرى اليوم أنها عبارة عن قطعة جبن سويسرية مليئة بالثقوب، ولا يوجد أي ترابط بين جغرافيا هذه الدولة مطلقاً، وبشكل عملي، ذلك سيعني أنها ستبقى تحت الاحتلال’.

    ويشدد موينز لوكاتوفت على أن الهدف من الرسالة هو جعل أوروبا تقف بحزم كصف واحد، ولهذا جمعنا تواقيع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمن فيهم مسؤولو السياسة الخارجية السابقون في الاتحاد الأوروبي، الذين انتقدوا بداية الشهر الحالي، فبراير/شباط، السياسات الإسرائيلية، ووقفوا ضد ضم مناطق فلسطينية.

    وكان مسؤول السياسات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، اعتبر أنه ‘لا يجب، مهما يحصل، أن يجري هذا الضم’. ورحبت الرسالة بكلام بوريل عن أن الحلّ يقوم على القرارات الدولية وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967.

    ويرى وزير الخارجية الدنماركي الأسبق، والقيادي في يسار الوسط الحاكم، أن الرسالة ‘هي أولاً نداء للدول الأوروبية بألا تحيد عن السياق الذي يعبّر عنه مسؤول السياسات الخارجية جوزيف بوريل، في رفضه للضم، وتمسكه باسم الاتحاد الأوروبي، والدول التي هي خارجه، كالنرويج وبريطانيا، بالحفاظ على السياسات الثابتة لأوروبا، وبنفس الوقت هي رسالة تودّ أن ترى الاتحاد الأوروبي يخطو خطوة أخرى’.

    وعن تلك الخطوة، يقول لوكاتوفت، في حديث للتلفزيون الرسمي الدنماركي، اليوم الخميس: ‘بحسب رأيي، يمكن لأوروبا عمل الكثير، وأكثر مما تقوم به، وبشكل خاص في النواحي الاقتصادية، حتى تستطيع الدولة الفلسطينية الوقوف على قدميها، وبالطبع أن تقوم أوروبا بالتفاعل وإشراك الجزء المتمسك بالسلام في المجتمع الإسرائيلي.

    ولوكاتوفت واحد من الشخصيات الإسكندينافية التي تناصر القضية الفلسطينية منذ سنوات عدة، وهو ما عرضه مراراً وتكراراً لهجوم من اللوبيات الصهيونية، بما فيها "آيباك"، وجرى اتهام الرجل في مناسبات مختلفة بأنه "معادٍ للسامية" و"يساري متعصب"، بسبب تمسكه بمواقفه المنتقدة لدولة الاحتلال.

    خامساً: تعاظم إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية

    شهدت العام الماضي 2019، ارتفاعا حادًا في جرائم منظمات "الإرهاب اليهودي"، وعنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، في الضفة الغربية المحتلة، مقارنة مع السنوات الأخيرة الماضية، وسط تحذيرات أمنية إسرائيلية من جنوح عصابات فتية اليمين الاستيطاني المتطرف إلى أيديولوجيا أكثر تطرفًا، وبالتالي، تترجم إلى أعمال عنف إرهابية واسعة النطاق.

    ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، عن مسؤول في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وصفه لهذه التنظيمات بأن "لديهم شعور قوي بأنهم قادرون على الدولة، وأنه من المستحيل الفوز عليهم"، وتابع "هذا سينتهي بالدم وسيقلب كل شيء هنا".

    وبحسب معطيات جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، ارتفعت وتيرة الاعتداءات الإرهابية اليهودية في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 50% خلال عام 2019، حيث ارتكبت منظمات "الإرهاب اليهودي" 295 اعتداء عنيفًا في العام الماضي مقارنة مع 197 اعتداء خلال العام 2018.

    وقد أضحى عنف المستوطنين (وأحياناً عنف المواطنين الإسرائيليّين الذين ليسوا مستوطنين) ضدّ الفلسطينيين منذ فترة طويلة جزءاً لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة. تشمل أعمال العنف هذه - التي ينتج عنها انتهاك لحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم وأراضيهم - مجموعة واسعة من الممارسات، بدءًا بإغلاق الطّرقات ورشق الحجارة على السيارات والمنازل، مرورًا بمداهمة القرى والأراضي وإحراق حقول الزيتون والمحاصيل وتدمير وإتلاف الممتلكات وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية وأحياناً الزجاجات الحارقة (المولوتوف) وإطلاق النار.

    يقع على عاتق إسرائيل واجب حماية سكّان الضّفة الغربيّة من أعمال العنف هذه لكن قوّات الأمن وأجهزة تطبيق القانون لا تقوم بواجبها، حتى في الحالات التي يمكن فيها التكهّن بحدوث مثل هذه الاعتداءات. تشير آلاف الإفادات وأشرطة الفيديو والتّقارير والمتابعة طويلة الأمد التي قامت بها منظمة "بتسيلم" ومؤسسات أخرى حول هذا الموضوع، تشير إلى أنّ قوّات الأمن تسمح للمستوطنين على نحوٍ روتينيّ بإلحاق الأذى بالفلسطينيّين بل إنها ترافق المستوطنين لدى تنفيذ اعتداءاتهم وتدعمهم وتؤمّن لهم الحماية، وأحيانًا تنضمّ إلى صفوفهم كمعتدية. وفي بعض الحالات تفضّل قوّات الأمن إبعاد الفلسطينيّين تحديدًا من أجل تجنّب الإصابات.

    إنّ النتيجة بعيدة المدى لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون هي سلب مناطق آخذة بالازدياد من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

    نادراً ما يضطرّ المستوطنون إلى دفع ثمن الأذى الذي يُلحقونه بالفلسطينيّين وفي الغالبية العظمى من الحالات تُغلق ملفّات التّحقيق (إذا فُتحت أصلاً) دون التوصّل إلى شيء. لقد تمّ توثيق هذا الواقع في سلسلة طويلة من تقارير مؤسسات حقوق الإنسان وتقارير رسميّة (مثل تقرير لجنة كارب الذي صدر عام 1982 وتقرير لجنة شامغار الذي صدر عام 1994) أكّدت جميعها أنّ السّلطات الإسرائيليّة تتبنّى سياسة غير معلنة من التسامح والتهاون وعدم تنفيذ القانون بحقّ الجناة.

    وقد أكّدت منظمة "بتسيلم" أنّ من واجب قوّات الأمن حماية الفلسطينيّين وممتلكاتهم من عنف المستوطنين. كذلك أكّدت أنّ من واجب السّلطات إعداد وتخصيص قوّات تعمل على منع اعتداءات المستوطنين المتوقع حدوثها علنًا، عبر التدخّل في الوقت المناسب للقبض على المعتدين. إضافة إلى ذلك أكّدت "بتسيلم" على واجب التّحقيق بسرعة وفعاليّة بالاعتداءات بعد وقوعها. وثّقت "بتسيلم" أحداثًا هاجم فيها المستوطنون

    إنّ لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون إسقاطات بعيدة المدى على الواقع في الأراضي المحتلّة ولها تأثير رادع ومثير للتهديد حتى بعد وقوعها. أفاد العديد من الفلسطينيّين عن هجمات المستوطنين كأحداث صادمة طُبعت في الذاكرة الفرديّة والجماعيّة ومنعت الكثيرين من الاقتراب من "مناطق الخطر" المحاذية للمستوطنات. لا يجرؤ الفلسطينيّون على الوصول إلى أراضيهم الواقعة في هذه المناطق دون مرافقة مدنيّين إسرائيليّين أو الجيش. نتيجة لهذا هناك مناطق زراعية أُهملت وتضررت بصورة بالغة حتّى باتت محاصيلها شحيحة جدّاً بحيث تخلّى أصحابها عن مجرّد الوصول إليها. وهكذا نشأت في جميع أنحاء الضّفة الغربيّة "جدران شفافة" يعرف الفلسطينيّون أنهم إذا عبروها سيتعرّضون للعنف إلى حدّ يعرّض حياتهم للخطر.

    إنّ أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ليست "استثناءات" وإنّما هي جزء من نشاط استراتيجي تسمح به الدولة وتشارك فيه وتستفيد من تبعاته. النّتيجة البعيدة المدى لهذه الأعمال هي سلب المزيد والمزيد من الأراضي من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

    في المقابل، أكد تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، نهاية العام المنصرم، أن "عنف المستوطنين شهد ارتفاعًا مطّردًا منذ مطلع العام 2019، حيث بلغ المتوسط الأسبوعي لهجمات المستوطنين التي أفضت إلى إصابات بين صفوف الفلسطينيين أو إلحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية خمس هجمات.

    وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، كشفت تحقيقات وبيانات "الشاباك" عن قيام كبار حاخامات مستوطنة "يتسهار" والمرجعيات الدينية والروحية، بإصدار فتوى تجيز "لشبان من المستوطنة" السفر يوم السبت، وكسر "حرمة اليوم المقدس"، للوصول إلى الفتية اليهود وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع تحقيقات "الشاباك"، ما يؤكد معرفة قادة المستوطنة وحاخاماتها بدور هؤلاء الفتية في تنفيذ الجرائم.

    وأشارت الصحيفة إلى مخاوف المسؤولين في "الشاباك" من تآكل حالة الردع ضد نشطاء المنظمات الاستيطانية اليمينية، فيما وجه المسؤول الأمني الانتقادات إلى لرؤساء المجالس الاستيطانية ومسؤولين في أجهزة الأمن على الدعم المفتوح الذي يقدمونه لهؤلاء الفتية، في ظل الفتاوى التي يطلقها كبار الحاخامات في صفوف المستوطنين، تجيز قتل الفلسطينيين خصوصا خلال دروس السبت الدينية.

    ووفقًا لتقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فإن هذا الدعم المعنوي والتأييد الذين يحظون به في البيئة الاستيطانية، يحفزهم على مواصلة العمل؛ "إنهم يشعرون بأنهم لا يقهرون، وأنه من غير المجدي التعامل معهم"، وأضاف المسؤول الأمني أنهم "لا يدخلون بالصدفة في اشتباكات عن عمد مع قوات الأمن، ويعتدون عليهم بالضرب العنيف ويكسرون أيدي رجال الشرطة في عمونا أو يهاجمون الجنود، يأتي ذلك في سياق محاولتهم لردع أجهزة الأمن من التعامل معهم".

    وبيّنت معطيات "الشاباك"، حجم تأثير المستوطنات وما يروجه حاخاماتها على توفير خلفية فكرية ودينية تجيز إنتاج هذه التنظيمات الإرهابية في المستوطنات الإسرائيلية، كما حذر المسؤول الأمني من الحماية التي يوفرها سياسيون لهؤلاء الشبان، ما قد يدفهم إلى تصعيد هجماتهم الإرهابية بصورة أكثر تطرفًا، والذي قد يصل إلى استخدام الأسلحة النارية.

     

  • التقرير الإستراتيجي لشهر كانون الثاني/يناير 2020

    حمل الشهر الأول من العام الحالي، مجموعةً من التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، وبالقضية الفلسطينية برمتها، حيث طغى الإعلان عن صفقة القرن على الأحداث الأخرى، ومن هنا سيكون هذا التقرير برمته، متعرضاً لهذه الصفقة بكل أبعادها، وشارحاً لتداعياتها، نظراً لخطورتها، واستحواذها على صدارة الأحداث في هذا الشهر.

    الإعلان عن الصفقة

    في تاريخ السابع والعشرين من الشهر الأول من العام 2020م، أعلن الرئيس الأمريكي، ورئيس دولة الاحتلال عما أسموه "رؤية من أجل السلام"، أو ما عُرف بصفقة القرن، وهو مسمىً ليس جديداًبل تردد سنة 2006م، عندما تمّ الحديث عن عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أولمرت، أو ما عُرف بـتفاهمات أولمرت/عباس”؛ وما تسرب حينها من أنها اتفاقات تنتظر الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها، وهي الانتخابات التي لم تأت بما يشتهي أولمرت. وفي 20 سبتمبر/أيلول 2017م

  • انعكاسات صفقة القرن على لبنان

  • تقدير موقف: صفقة ترامب تؤسس لعواصف قادمة في المنطقة …

    بقلم: أ.د.وليد عبد الحي. (تقدير موقف خاص بمركز الزيتونة).

    قبل عام تماماً (شباط/ فبراير 2019)، نشر مركز الزيتونة دراستي عن الآفاق المستقبلية لـ"صفقة القرن"، وبمقارنة ما ورد في كل من وثيقة ترامب الحالية والتي تقع في 181 صفحة تحت عنوانPeace To Prosperity: A Vision to Improve the Lives of the Palestinian and Israeli People (January 2020)، وما ورد في المؤتمر الصحفي الذي عقده ترامب يوم الثلاثاء 28/2/2020، لم أجد فروقاً جوهرية عن تلك الدراسة إلا في التفاصيل.

    تقع الوثيقة الجديدة في 22 قسماً، يتبعها أربعة ملاحق، من بينها خريطتان توضحان جغرافية "إسرائيل" والدولة الفلسطينية المفترضة وتوزيع المستوطنات.

    ونظراً للتفاصيل الكثيرة لجوانب موضوعات الوثيقة، أرى أن الأنسب تحديد معالمها الأكثر استراتيجية على النحو التالي:

    أولاً: الدولة الفلسطينية المقترحة: وتتسم بما يلي:

    1. دولة منزوعة السلاح تماماً في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتلتزم بمنع أي تنظيم مسلح من التواجد فيها، مع اشتراط أن يحكم غزة قوى غير حماس والجهاد الإسلامي والتنظيمات الأخرى المسلحة.

    2. تكون عاصمة الدولة في الضواحي المجاورة للقدس الشرقية، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ستقيم سفارة لها في هذه الضواحي، بينما تكون القدس كلها بتوصيفها الإسرائيلي مدينة موحدة وعاصمة لـ"إسرائيل".

    3. يتم استقطاع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وضمها لـ"إسرائيل".

    4. لا عودة لحدود 1967، وإبقاء حدود الدولة الفلسطينية غير مرسمة لمدة أربع سنوات، يتم خلالها تحقيق تواصل جغرافي بين أراضي الدولة الفلسطينية وتجميد الاستيطان شريطة الالتزام بما يلي:

    أ. ان لا تشكل هذه الدولة الفلسطينية بأي شكل من الاشكال خطراً على الأمن الإسرائيلي مع ترك تحديد مفهوم خطر أمني للطرف الإسرائيلي.

    ب. التخلي عن السلاح؛ وهو ما تنطوي عليه عبارة ترامب "الرفض الصريح للإرهاب من قبل الدولة الفلسطينية".

    ج. مقاومة إيران ومحاصرة نشاطاتها.

    د. أن تكون قوانين السلطة الفلسطينية موجهة لتقييد النشاط "الإرهابي" مع حق "إسرائيل" في تدمير أي منشآت فلسطينية تراها خطراً عليها.

    ه. خلال المفاوضات لا يجوز للسلطة الانضمام لأي منظمة دولية دون موافقة "إسرائيل".

    و. الإقرار بـ"يهودية الدولة الإسرائيلية".

    5. لن تخلع "إسرائيل" أي مستوطنة، ويتم ربط المستوطنات الإسرائيلية التي تقع داخل مناطق السلطة الفلسطينية بشبكات نقل، أما الفلسطينيون الذين يقعون في مناطق "إسرائيلية" فيسمح لهم بالتنقل نحو أراضي السلطة الفلسطينية.

    6. يخضع نهر الأردن للسيادة الإسرائيلية، مع تعويض المزارعين الفلسطينيين أو الترخيص لهم في هذه المنطقة.

    7. المياه الإقليمية لغزة تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية.

    8. دمج سكان قرى المثلث الفلسطيني (كفر قرع، وعرعره، وياقة الغربية، وأم الفحم...إلخ) مع السلطة الفلسطينية، ومقايضة الفلسطينيين بحيث يتم ضم مناطق للسلطة الفلسطينية تعويضاً عن ما سيقتطع منها.

    9. تبقى المعابر للدولة الفلسطينية خاضعة لرقابة السلطة الإسرائيلية، كما أن الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراضٍ محتلة (غور الأردن، والكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وهو التفسير الذي أشار له نتنياهو في المؤتمر نفسه).

    ثانياً: اللاجئون:

    تم ربط موضوع اللاجئين الفلسطينيين باللاجئين اليهود من الدول العربية، والإشارة لحق "إسرائيل" في التعويض عن ممتلكات المهاجرين اليهود وما تحملته "إسرائيل" من نفقات استيعاب هؤلاء المهاجرين اليهود. أما الحل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين فهي:

    1. بعضهم تستوعبه الدولة الفلسطينية.

    2. وبعض يتم دمجه في الدول التي يقيمون فيها.

    3. والجزء المتبقي منهم يتم توطينه في دول إسلامية من دول منظمة المؤتمر الإسلامي.

    4. توسيع قطاع غزة بما يساعد على تحسين ظروفهم من خلال مناطق مجاورة في النقب، ويتم وضع مرافق ومشاريع صناعية لاستيعاب جزء من الضغط السكاني في غزة.

    ثالثاً: التكامل الاقتصادي الإقليمي:

    عنوان القسم الثالث من الوثيقة هو "رؤية للسلام بين دولة إسرائيل والفلسطينيين والإقليم"، ويتم ذلك من خلال:

    1. تعزيز مسار التطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل"، والتشارك في علاقات مع أوروبا.

    2. ربط الضفة وغزة بخطوط نقل سريعة تكون خاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

    3. السماح للفلسطينيين باستخدام الموانئ الإسرائيلية في حيفا وأسدود.

    4. تسهيل العبور بين الأردن وفلسطين مع حق "إسرائيل" في الرقابة على السلع المنقولة.

    5. إنشاء منطقة تجارة حرة بين الأردن وفلسطين.

    6. ضرورة التعاون العربي الإسرائيلي لمواجهة حماس وحزب الله.

    7. الوعد بوضع الولايات المتحدة نهاية لاعتماد الفلسطينيين على المؤسسات الخيرية والمعونة الأجنبية.

    رابعاً: المعتقلون:

    الإفراج عن السجناء ما لم يكونوا ممن اقترف "جرائم قتل أو شروع بالقتل"، أي أن عناصر المقاومة لن يتم الإفراج عنهم.

    الدلالات المستقبلية للخطة:

    من الارجح أن هذه الخطة (الوثيقة) تمهِّد المسرح لعراك في غاية القسوة ستواجهه التنظيمات الفلسطينية، ومن الأرجح أن تكون غزة عرضة لضغوط سياسية (تقييد حركة زعمائها)، وحروب إعلامية (بالصور المفبركة، والأخبار المغرضة، والإشاعات،...إلخ)، واقتصادية (مزيد من الخنق الاقتصادي خصوصاً تجاه غزة)، وعسكرية (الضربات الجوية المتلاحقة، والاغتيالات، وعمليات تفجير واغتيال مشبوهة...إلخ).

    والوجه الثاني للعراك سيكون بمزيد من الضغط الأمريكي على الدول العربية لتسريع وتيرة التطبيع الواسع، وصولاً لتحالفات عسكرية تندمج في إطار توسيع عمل الناتو شرقاً وجنوباً، ومزيد من الضغط على كل دولة او جهة عامة أو خاصة تقدم أي مساعدات للفلسطينيين.

    والوجه الثالث محاولة جر بعض الدول الأوروبية، لا سيّما بريطانيا، باتجاه المشاركة في إنجاح المشروع الأمريكي.

    إن المشروع الأمريكي لدليل قاطع على عبثية أي مسار سلمي مع هذا الكيان الشاذ، بل إن هذه الوثيقة ستعمل "إسرائيل" على غرار ما فعلته في أوسلو بأن تطبق منها ما هو في صالحها، وهو الجزء الأكبر، بينما ستعمل على تعطيل تنفيذ ما تراه غير مناسب لها.

    إن مواجهة هذا المشروع الأمريكي يحتاج إلى بناء استراتيجية واضحة تجعل من إسقاط هذا المشروع دالته الأولى، وهو ما يعني تطوير العلاقات مهما كانت متواضعة مع كل من يعارض أو يتحفظ على المشروع، وهو ما يستدعي التخلي عن أصل البلاء وهو اتفاق أوسلو، وكل ما ترتب عليه من تنسيق أمني وتدجين للضفة الغربية والعودة للمقاومة المسلحة بعد إعادة ترتيب الصفوف.
     


    مصدر الخريطة: الحساب الرسمي لدونالد ترامب على موقع تويتر، 28-1-2020


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29/1/2020

  • خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط (صفقة القرن)

    د.ناجي خليفة الدهان – مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

           جميع النزاعات في الشرق الأوسط مستعرة، ويأتي في مقدمتها الصراع }الصهيوني (الإسرائيلي)، الفلسطيني {حيث مضى عليه 100 عام وهو الصراع الأكثر صعوبة. على الرغم من أن الجانبين وقّعا اتفاق سلام في أوسلو عام 1993، إلا أنهما -ولأكثر من ربع قرن- متباعدان أكثر من أي وقت مضى.

           بعد مرور عامين من التكتم التام على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أطلق عليها “خطة السلام” للشرق الأوسط، تمّ إعلان الخطة التي طال انتظارها للسلام في الشرق الأوسط، متعهدًا بأن تظلّ القدس عاصمة “غير مقسمة” لإسرائيل. واقترح حل دولتين، وقال: إنه لن يجبر أي إسرائيلي أو فلسطيني على ترك منزله. وقال ترامب، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض وإلى جواره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: إن خطته “قد تكون الفرصة الأخيرة” للفلسطينيين. وتوالت ردود الفعل العربية والدولية على هذه الخطة بين التأييد والمعارضة والصمت. وطرحت الكثير من الأسئلة حول مضمون هذه الخطة.

    فما هي أبرز محاورها؟

            أُعدّ هذا المشروع خلف الكواليس بين الكيان الصهيوني (اسرائيل) والولايات المتحدة، من خلال إعادة صياغة المشاريع الصهيونية القديمة، ولكن لابد من السؤال لماذا لم يؤخذ رأي الطرف الثاني في أثناء الإعداد له، وقبل الإعلان عنه ليكن مقبولا إذا كانوا يرغبون في السلام الحقيقي؟ وماذا حقّق المشرع الجديد من امتيازات لفلسطين عن المشاريع القديمة المرفوضة فلسطينيا؟ وما هو الدور العربي لخدمة القضية المركزية قضية فلسطين؟

    مشروع جديد على أنقاض الحلول القديم

         منذ عام 1947 طرحت العديد من القرارات والمبادرات الإقليمية والدولية لحل الصراع العربي الصهيوني، تأثرت بالمجريات التاريخية ونتائج الحروب العربية الإسرائيلية وبتقلبات الأوضاع الدولية، لكن معظم هذه القرارات والحلول كانت تصطدم بتعنّت إسرائيلي يسنده انحياز أميركي لتل أبيب.

    مشاريع وخلفيات

         يبدو أنّ ما تسرّب من “صفقة القرن” يتشابه إلى حدّ كبير مع ما طرحه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا آيلاند (Giora Eiland) في دراسة نشرها عام 2010 تحت عنوان “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”. كما تأخذ الصفقة أيضا أجزاء من خطة طرحها أفيغدور ليبرمان -رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” ووزير الخارجية والدفاع سابقا- المعروفة بخطة “تبادل الأراضي المأهولة”، وخطة أخرى طرحها يسرائيل كاتس القائم بأعمال وزارة الخارجية ووزير النقل والاستخبارات.

         ويأخذ المشروع أيضا أفكارًا من دراسة موسعة طرحها الرئيس السابق للجامعة العبرية البروفيسور يوشع بن آريه عام 2003، جمعت تحت عنوان خطة “تبادل أراض ثلاثية”؛ وترتكز مجمل هذه المشاريع على فكرة توطين الفلسطينيين في أرض ثالثة.

         وفي تموز/يوليو 2018، أشار الصحفي الإسرائيلي شاؤول أرئيلي -في مقال له في جريدة “هآرتس”، تعقيبا على تسريبات للخطة- إلى أنها مجرّد حزمة أفكار إسرائيلية أعدّها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتم تقديمها في حلّة أمريكية. مما يتضح أنّ “خطة السلام” للشرق الأوسط لم تأتِ بشيء جديد بل هي جمع الأفكار بحلّة أمريكية، رغم أنّ كل هذه الأفكار والمشاريع رفضت من قبل فلسطين.

    هكذا حارب ترامب القضية الفلسطينية

         منذ فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر 2016 قدّم لدولة الاحتلال الإسرائيلي جملة من القرارات التاريخية التي تمسّ بالأراضي الفلسطينية المحتلة إضافة إلى أخرى عربية، كهضبة الجولان المحتلة.

         وكان أبرز قرارات ترامب وأشدها ألماً على الفلسطينيين والعرب اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لـ “إسرائيل”، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في (ديسمبر 2017). هذا القرار جاء بعد عام تقريباً من تولي ترامب رئاسة البيت الأبيض، لكن ذلك التاريخ شهد بعده سلسلة قرارات كانت كفيلة بزيادة ثقل كاهل القضية الفلسطينية.

    1. إغلاق مكتب منظمة التحرير. في واشنطن في نوفمبر 2017 وبعدها بأسبوع تقريباً تراجع ترامب عن القرار، واستبدل به فرض “قيود” على بعثة منظمة التحرير، وهو ما لم يرق للسلطة الفلسطينية التي أعلنت تخليها عن واشنطن كـ “وسيط لعملية السلام”.
    2. القدس عاصمة لـ “إسرائيل”. في 6 ديسمبر 2017 أعلن ترامب القدس عاصمة لـ “إسرائيل. أشعل موجة غضب شعبية ورسمية واسعة في العالمين العربي والإسلامي.
    3. تجميد 125 مليون دولار من مخصصات “أونروا”. بعد شهر بالتمام من إعلان القدس عاصمة لـ “إسرائيل”، وبدأت قرارات ترامب التضييقية على القضية الفلسطينية تتضح أكثر، وخاصة عندما أمر بتجميد 125 مليون دولار أمريكي من مخصصات “أونروا”.
    4. نقل سفارة واشنطن إلى القدس. نفذ ترامب وعده بمنح ما لا يملك إلى من لا يستحق وفي 14 مايو 2018، افتتحت الولايات المتحدة سفارتها الجديدة لدى دولة الاحتلال في مدينة القدس المحتلة.
    5. في مايو 2018 نفذت الإدارة الأمريكية ما أمر به ترامب من إعادة توجيه مساعدات اقتصادية بأكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة إلى قطاع غزة والضفة الغربية إلى مشاريع في أماكن أخرى.
    6. وقف دعم مستشفيات القدس. في سبتمبر 2018 حجبت وزارة الخارجية الأمريكية 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها كمساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس، وعددها 6 مستشفيات.
    7. إغلاق مكتب منظمة التحرير. في سبتمبر 2018 الإدارة الأمريكية أبلغتهم رسمياً بقرارها بإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن، وجاء القرار كـ “عقاب” على مواصلة عمل السلطة الفلسطينية مع المحكمة الجنائية الدولية ضدّ جرائم الحرب الإسرائيلية، كما قالت واشنطن: إنها ستنزل علم فلسطين في واشنطن.
    8. طرد السفير الفلسطيني. قرّرت الإدارة الأمريكية طرد السفير الفلسطيني لديها، حسام زملط وعائلته، في سبتمبر 2018 وهو ما وصفته المنظمة بـ “السلوك الإنتقامي الذي يعكس ما وصلت إليه الإدارة الأمريكية من حقد على فلسطين قيادة وشعباً”.
    9. شرعنة المستوطنات. أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن واشنطن لم تعد تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية “مخالفة للقانون الدولي”.
    10. ترامب يعلن صفقة القرن. بعد سنوات من التكهنات والتمهيد الإعلامي والسياسي، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صمته، الثلاثاء 28 يناير 2020، وأعلن خطة السلام التي أعدتها إدارته، المعروفة باسم “صفقة القرن”، وسط رفض فلسطيني لها ودعوات للمواجهة مع الاحتلال رداً على إعلانها.

         يتضح من خلال سلسلة قرارات الرئيس ترامب أعلاه شدّة كرهه للقضية الفلسطينية وانحيازه للكيان الصهيوني المحتل، وكانت كفيلة بزيادة ثقل كاهل القضية الفلسطينية.

    أبرز محاور الصفقة

        ركّزت الولايات المتحدة دائما، خلال سنوات الوساطة في محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، على رغبات إسرائيل وقيودها مع إيلاء أولوية خاصة لأمنها، بيد أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين قبلوا فكرة مفادها أن السلام يتطلب قيام دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع إسرائيل، حتى وإن كانوا غير مستعدين للسماح لها بسيادة كاملة على قدم المساواة.

         قد تبدو صفقة ترامب وثيقة استسلام أكثر من كونها أي شيء آخر، إذ تمثل فرصة لإسرائيل لتأكيد انتصارها على الفلسطينيين مرّة أخرى وإلى الأبد، بعد 7 عقود من الاستقلال وأكثر من قرن منذ بدء الاستيطان الصهيوني في فلسطين.

         الخطة كانت مختلفة، كونها تتعامل مع الوقائع التي فرضتها إسرائيل على الأرض منذ التوقيع على اتفاق أوسلو، وليست قائمة على تطلعات وأحلام الفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق عودة اللاجئين.

        تقترح “صفقة القرن” إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، يمكن أن تكون عاصمتها بلدة “شعفاط” شمال شرقي القدس. وإن الخطة تسمح لإسرائيل بضم ما بين 30 إلى 40% من أراضي الضفة الغربية.

        إن الدولة الفلسطينية الموعودة، بموجب “رؤية السلام” الأمريكية، يجب أن تكون “منزوعة السلاح” وبلا سيادة وهي لن ترى النور إلا بعد أن يعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة الإسرائيلية. والدولة المنزوعة السلاح تعني تخلي حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة عن أسلحتها، وهو شرط يصعب تحقيقه في ظل سيطرة حماس على غزة.

    توقيت الصفقة

         اختيار دونالد ترامب لتوقيت الإعلان عن خطته للسلام حساس جدًا بسبب موقفه الحالي في مجلس الشيوخ فقد ضيّق الديمقراطيون عليه الخناق واستدعوا مزيدا من الشهود لعزله. أما نتانياهو، فهو يواجه انتخابات مفصلية في بلاده بحلول شهر مارس المقبل لذا يرى المحللون أن ترامب قد ألقى بطوق النجاة لنتنياهو لكي ينقذ نفسه وصديقه”.

       “فصفقة القرن” بمثابة صفقة بين ترامب ونتنياهو قبيل الانتخابات سواء في إسرائيل أو أميركا، مؤكدا أن الخطة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام نتنياهو لضم جميع المستوطنات في الضفة إلى السيادة الإسرائيلية من دون أن تدفع إسرائيل أي مقابل للسلطة الفلسطينية.

        والامتحان الحقيقي للخطة الأميركية سيكون بحال انتخب ترامب رئيسا لولاية ثانية، وحتى ذلك الحين فإن الخطة ما هي إلا تدخل في الانتخابات الإسرائيلية وصرف الأنظار عن محاكمة نتنياهو الذي يواجه تهما بالفساد وخيانة الأمانة وتلقي الرشى.

    رؤية القيادة الفلسطينية للخطة الأمريكية

         أعلن الرئيس الفلسطيني رفضه الخطة رفضًا قاطعًا وعدم قبوله بالتفاوض على صفقة القرن، وأكد كذلك رفض الشعب الفلسطيني لها.

         وحول رؤية القيادة الفلسطينية للخطة الأمريكية، شدّد “نبيل شعث” على أنها “أكاذيب تحاول الولايات المتحدة من خلالها تصفية القضية الفلسطينية، وليس تحقيق السلام، وطموح الشعوب”.

        هاجم نبيل شعث، الممثل الخاص لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حضور دول خليجية لإعلان “صفقة القرن”، معتبرًا أنّ عذر هذه الدول “أقبح من ذنب”.

        فوّضت القيادة الفلسطينية الرئيس محمود عباس، بتنفيذ كل القرارات التي صدرت عن المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، المتمثلة بوقف التنسيق الأمني، ووقف العلاقة الاقتصادية مع “إسرائيل”، وغيرها من الالتزامات التي لم تلتزم بها “إسرائيل”،

       منذ إعلان الصفقة خرج للشوارع آلاف الفلسطينيين منددين بها، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس، وبعض الدول العربية.

    مستقبل خطّة السلام للشرق الأوسط

        أجمعت غالبية الصحف الأوروبية على أن خطّة ترامب لحلّ أزمة الشرق الأوسط لن تجلب السلام المنشود، لأنها تحمل في طياتها خطرًا كبيرا في تصعيد الصراع بين الطرفين، كونها تراعي فقط مصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين.

        فقد أعلن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، في دورته غير العادية، أمس، رفض «صفقة القرن» الأميركية الإسرائيلية، باعتبارها لا تلبي الحدّ الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني وطموحاته وتخالف مرجعيات عملية السلام. وشددت كذلك على عدم التعاطي مع هذه الصفقة التي وصفتها بـ «المجحفة»، أو التعاون مع الإدارة الأميركية في تنفيذها بأي شكل من الأشكال.

         ورغم ضعف ردود الفعل الدولية على خطة الولايات المتحدة ـالإسرائيلية الذي يطرح كثيرا من الأسئلة. والشيء نفسه يقال عن التعليقات العربية المزدوجة المعنى. فالدول العربية مرتبطة وتابعة للولايات المتحدة، ولا تستطيع اتخاذ موقف مضاد لترامب، ويجدون صعوبات متزايدة في إسناد “الجهود” التي يبذلها ترامب من أجل التوصل إلى سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، لأنهم متردّدون في أن يكونوا شركاء في قرارات أمريكية تعد موالية لإسرائيل.

          وهناك احتمالات لنجاح الخطة ولو بشكل محدود، “وهذا النجاح يتوقف على قبول الطرف الفلسطيني بالبدء في مفاوضات مع الطرف الإسرائيلي تحت رعاية أمريكية. وفي ظلّ الموقف المعلن للسلطة الفلسطينية برفض الخطة الأمريكية، فإن هذا المسار ونجاح الخطة غير ممكن والفشل قد يلحق بالخطة التي تؤسس لدولة فلسطينية منزوعة السيادة عاصمتها “شعفاط” (يديعوت).

         إن إعلان الخطة في هذا التوقيت وبدون توافق فلسطيني لا يمكن استبعاد عنصر الانتخابات من توقيت إعلان صفقة القرن، وذلك لخدمة ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ثالث انتخابات برلمانية تشهدها إسرائيل خلال أقل من عام.

          ويبدو أن الصفقة لها هدف سياسي أوحد: وهو مساعدة نتانياهو في معركته السياسية-القضائية وتعزيز الدعم لترامب في صفوف الناخبين المؤيدين لإسرائيل”.

         ورغم أن التعبير عن الإحباط من مواقف الحكومات العربية بشكل خاص والعالم بشكل عام  إزاء صفقة القرن، ورغم تآمر البعض على القضية الفلسطينية من خلف الكواليس وأخيرا وليس آخرًا، لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني مع نتنياهو يوم الإثنين الموافق 3/1/ 2020، سيكون مصيرها الفشل كما في المشاريع السابقة رغم أن ظروف الدول العربية  الآن تختلف عن السابق، لأن هناك شعب فلسطيني مقاوم ورافض لكل مشاريع  الاستسلام والمساومات، والقدس ليست للبيع، وسيدافع عن القدس الشعب الفلسطيني الذي قال عنه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى: “لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لإوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ”. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: “بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ”.

  • صفقة القرن حقيقة أم وهم؟

  • قراءة في خيارات الفلسطينيين نحو توجهات الاحتلال في ضم الأراضي الفلسطينية

     

  • مقال: صفقة القرن.. هل ستمر؟! … د.محسن صالح

  • مقال: صفقة القرن: أشباح وأوهام ...

    بقلم: د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    يبدو لمن يحاول أن يعرف حقيقة “صفقة القرن” أو “صفقة العصر” التي ظهرت تسريبات أمريكية حولها، كمن يطارد مجموعة من الأشباح والأوهام.

    منذ نحو سنتين بدأت تظهر تصريحات أمريكية حول مشروع تسوية سلمية نهائية للقضية الفلسطينية، وتعددت تصريحات صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر Jared Kushner والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون جرينبلات Jason Greenblatt حول الصفقة، وتعددت التسريبات الإعلامية، دون أن يُعلن عن محتواها أو بنودها رسمياً حتى الآن.

    اللافت للنظر أن العالم انشغل بها، وأخذ يناقشها باحثون ومحللون وسياسيون وخبراء دون أن يكون بين أيديهم مادة رسمية يستندون إليها. والطرف الأمريكي تعمَّد لعبة الغموض والتأجيل.. فأعلن مراراً أنه سيطلقها ثم ما يلبث عندما يقترب الموعد أن يعلن عن تأجيلها لأسباب مختلفة مرتبطة عادة بظروف سياسية أو بظروف المنطقة. فقد كان ثمة توقعات عن إطلاقها في كانون الثاني/ يناير 2018، ثم أجلت للشهر التالي، ثم الذي بعده، ثم إلى أيار/ مايو. وتواصل التأجيل ليعلن أنه سيكشف عنها بعد الانتخابات النصفية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، ثم إلى مطلع 2019، ثم إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية في نيسان/ أبريل 2019، ثم إلى حزيران/ يونيو، ثم إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستعقد في منتصف أيلول/ سبتمبر 2019. وطوال تلك الفترة لم يتم الإعلان إلا عن الشّق الاقتصادي للصفقة في ورشة البحرين التي عقدت في 25 حزيران/ يونيو 2019، والذي جاء مخيباً تماماً لمن يعقد عليه الآمال، وسط مقاطعة فلسطينية ومقاطعة عربية واسعة. أما الشق السياسي الأهم فلم يكشف بعد.

    وهكذا، يجد المرء نفسه يطارد “أشباحاً”، ويحاول أن يرسم بنفسه اللوحة التي يتخيلها للصفقة.

    لا يبدو الأمر سلوكاً أمريكياً “بريئاً”؛ إذ إن كل المعطيات والتسريبات التي بين أيدينا، والسلوك الأمريكي على الأرض؛ يشيران إلى أنه ليس هناك “صفقة” حقيقية، ولا تسوية تاريخية بين طرفين. وأننا أمام اسم زائف، يحاول أن يبيع “الأوهام”. وأننا أمام سلوك تاجر”وقح نذل” يعلم أن بضاعته فاسدة لا سوق لها، فيلجأ إلى استخدام مصطلحات وشعارات رنانة فارغة من مضمونها. ويحاول أن يستفيد من حالة الغموض والشائعات والتسريبات لإيجاد بيئة فلسطينية وعربية متكيفة نفسياً مع متطلبات الصفقة، أو تشعر بالضعف والعجز أمام “الشبح” القادم الذي لا يمكن مقاومته أو تحديه!!

    الصفقة تكون بين طرفين، والطرفان المعنيان أساساً (الفلسطينيون والعرب مقابل الإسرائيليين) لم يعرض عليهما شيء رسمي حتى الآن. ولفظة “القرن” أو “العصر” تدل على إنجاز تاريخي عظيم، وكل ما تسرب، ربما كان تاريخياً بالنسبة للصهاينة إن تم، ولكنه كارثي بالنسبة للفلسطينيين.

    على ما يبدو، فإن الطرف الأمريكي الذي يعلم أن مضامين صفقته مرفوضة فلسطينياً، لجأ إلى تكتيك الالتفاف على الفلسطينيين من خلال التواصل مع الأنظمة العربية الفاعلة (مصر، والسعودية، والإمارات، والأردن..)، وتحديداً ما يعرف بمحور “الاعتدال” العربي المعروف بارتباطه بالولايات المتحدة، لتحقيق قبوله بالصفقة، وبالتالي عزل الطرف الفلسطيني والاستفراد به لفرض “الصفقة” عليه. وهو في الوقت نفسه يعمل على دمج “إسرائيل” في البيئة العربية، و”تطبيع” علاقاتها الرسمية، ويحولها إلى “شرطي المنطقة”، دونما حاجة لتسوية مع الفلسطينيين.

    وفي هذه البيئة يسهل الانتقال إلى “تصفية” القضية دون ضرورة الوصول إلى “تسوية” متفق عليها، ويتم إسقاط قوى المقاومة، كما يتم مطاردة كافة حركات الإصلاح والتغيير والنهضة، وخصوصاً ما يعرف بـ”الإسلام السياسي”، في الوقت الذي تُشغل فيه المنطقة العربية بصراعات طائفية عرقية، تستنزف فيها ثرواتها وإمكاناتها.

    ومن جهة أخرى، فالطرف الأمريكي يبدو أنه غير معني بإقناع الطرف الفلسطيني بما لديه، وإنما بموافقة الطرف الإسرائيلي، وبالتالي ترتيب الأوضاع بما يتوافق مع إرادة وشروط ومواصفات الصهاينة. ولذلك، فقد بدأ بإجراءاته على الأرض لحسم مصير كل الملفات المعلقة أو “المستعصية”؛ فاعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارته إليها. وهو الآن يسعى لتصفية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة من خلال محاولة إلغاء الأونروا، والضغط على الدول المستضيفة (خصوصاً الأردن، ولبنان) بتوطين اللاجئين. وهو بذلك يسعى لإنشاء الحقائق على الأرض والتي يراهن أن البيئة العربية والدولية ستتقبلها مع الزمن. وخلال هذه الفترة يتابع الناس مطاردة أوهام “صفقة القرن” وأشباحها!!

    * * *

    وعلى ذلك، ومن خلال استقراء التصريحات والتسريبات الأمريكية على مدى السنتين الماضيتين، مع السلوك الأمريكي على الأرض، فلعلنا نخرج بخمسة معالم أساسية لما يسمى “صفقة العصر”، وما دون ذلك هو تفصيلات تندرج تحتها:

    أولاً: الانتقال من “تسوية” القضية الفلسطينية في إطار “اتفاق سلام”، إلى “تصفية” القضية في إطار فرض الحقائق على الأرض. وشطب كل قضايا “الحل النهائي” من خلال شطب حق العودة، وأن تكون القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وبقاء المستوطنات في الضفة، والهيمنة على الحدود ومصادر المياه والمجال الجوي..

    ثانياً: إسقاط مشروع “حل الدولتين”، وإنشاء حكم ذاتي للفلسطينيين (يمكن أن يسمى دولة!!)، في قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، بحيث تكون السيادة الحقيقية للكيان الصهيوني.

    ثالثاً: فكرة السلام الاقتصادي من خلال التركيز على مشاريع التنمية الاقتصادية، والقفز عن حقيقة وجوهر الصراع في المنطقة مع المشروع الصهيوني الذي يستهدف الأرض والإنسان، ويُعطل مشاريع النهضة الحقيقية في الأمة.

    رابعاً: التطبيع قبل التسوية: من خلال إقامة علاقات رسمية مع الأنظمة العربية قبل الوصول إلى تسوية سلمية متفق عليها بين قيادة منظمة التحرير وبين الكيان الصهيوني؛ وهو ما كانت تشترطه الأنظمة العربية.

    خامساً: حرف بوصلة الصراع: بحيث يدخل الكيان الصهيوني ككيان “طبيعي” في المنطقة، ويتحالف مع أنظمة “الاعتدال” العربي في مواجهة ما يسمى “التطرف والإرهاب” وتيارات “الإسلام السياسي”؛ أو في مواجهة إيران.. كما يشغل المنطقة بنزاعات طائفية عرقية تستنزفها بشرياً ومادياً، وتجعل من المشروع الصهيوني “سيّد” المنطقة، وعصاها الغليظة.

    * * *

    لا مجال في هذا المقال للتطرق إلى تفصيلات أخرى، ولا إلى الاستشراف والتوقعات، ولكننا نقول أنه بالرغم من خطورة الوضع، وبالرغم من تغوّل المشروع الصهيوني، وحالة الضعف والتخلف والانقسام العربي والإسلامي؛ فما زالت هناك عقبات كبيرة أمام الصفقة، وما زالت الأمة قادرة على إسقاطها وإفشالها، وما زال الشعب الفلسطيني صامداً وثابتاً على أرضه، ولا تستطيع أمريكا ولا “إسرائيل” فرض إرادتها عليه، وسينزع حقوقه طال الزمان أم قصر.

    المصدر: موقع عربي 21، 30/8/2019

  • ندوة حوارية مشتركة بعنوان: ”صفقة القرن وانعكاساتها على لبنان“

    عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ومركز الجزيرة للدراسات ندوة حوارية مشتركة بالتعاون مع قناة الجزيرة مباشر تحت عنوان: “صفقة القرن وانعكاساتها على لبنان”، وذلك في فندق رمادا بلازا – بيروت، الروشة، بتاريخ 16 تموز/ يوليو 2019.

    وشارك في الندوة: د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، و د. عبد الحليم فضل الله، رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق في بيروت، و أ. جابر سليمان، الخبير في قضايا اللاجئين، و أ. صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة اللواء اللبنانية، و أ. وديع عقل، عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر، وبمشاركة باحثين ومفكرين متخصصين ومهتمين بالقضية الفلسطينية.

    وركز المشاركون في الندوة على السياق السياسي والتاريخي الذي تندرج ضمنه “صفقة القرن”، مع تسليط الضوء على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه لبنان والمنطقة عموماً. كما استعرضوا أبرز مضامين “صفقة القرن” وآخر التطورات والمستجدات المتعلقة بها، وحللوا مواقف الأطراف المعنية بالصفقة وتحولاتها المحتملة، سواء على الصعيد الداخلي اللبناني، أو على الصعيدين العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً.

    وناقشت الندوة كذلك الانعكاسات المحتملة للصفقة على الساحة اللبنانية، والمخاطر التي تستهدف لبنان من جرَّائها. واختتمت الندوة أعمالها باستشراف مآل هذه الصفقة خاصة على لبنان من جهة وعلى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من جهة أخرى.

    وتناول د. محسن صالح مجموعة من الملاحظات حول “صفقة القرن”؛ فقال إن مصطلح “صفقة القرن” مخادع غير موجود لم تتحدث عنه الإدارة الأمريكية بشكل رسمي، كما أن الصفقة تلتزم بوجود طرفين ولكن لا يوجد غير طرف واحد، وبالتالي هو مصطلح تسويقي فارغ المضمون. بالمقابل هناك برنامج واقعي تقوم به الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع الصهاينة لتطبيقه على الأرض.

    وأضاف صالح أننا أمام عملية تسوية سياسية سلمية فشلت على الأرض ويجري الآن العمل على تصفية القضية الفلسطينية التي بدأت من خلال الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.

    وتابع صالح أن هناك محاولة لاستغلال البيئة الفلسطينية والعربية لصالح الطرف الإسرائيلي؛ فالبنية العربية مشتتة ومنهكة، مقابل حالة إسرائيلية في وضع قوي وإدارة أمريكية متماهية مع برنامج حزب الليكود الإسرائيلي. وأضاف أن ما تسرب حول “صفقة القرن” ليس من أفكار جديدة، بل يعود إلى سنة 2006 وبعضها ذكرها إيجورا أيلاند.

    وأكد صالح أنه تم تأجيل الإعلان عن الصفقة ثماني مرات خلال السنتين الماضيتين. وقد وصفها صالح بـ”سرقة العصر”، وقال إن الجانب الأمريكي يريد تسويق الصفقة من خلال ما يُسمى بـ”السلام الاقتصادي”، لكن لُب المشكلة للقضية الفلسطينية هو سياسي ويأتي بعد ذلك الجانب الاقتصادي، لكن ما يطلبه الأمريكي والإسرائيلي من الفلسطينيين أن تُحل كل قضايا الحل النهائي على الطريقة الإسرائيلية كحق العودة، والحدود، والسيادة على الأرض، والأمن وغير ذلك. كما مطلوب أن يُبدأ بتطبيق التطبيع العربي الإسرائيلي أولاً قبل تنفيذ ما يُسمى بالتسوية السلمية. كما مطلوب أيضاً تغيير بوصلة الصراع ومحاولة اشغال المنطقة بصراع آخر.

    وأضاف صالح فيما يتعلق بالحالة اللبنانية، خصوصاً في ما يرتبط مسألتي التوطين والتطبيع، فالمطلوب من خلال الصفقة أن يتم ترتيب بيئة سياسية عربية متوافقة مع الصفقة، وأن يدفع لبنان ثمن موضوع عدم عودة اللاجئين إلى ديارهم أي عملية توطينهم على أراضيه، لكن المطمئن هنا أن هناك رفض لبناني شامل لهذ الموضوع وكذلك رفض فلسطيني.

    ونبه صالح أن المطلوب لبنانياً أن يتم تطبيق ما تم الاتفاق عليه، فيما يتعلق بإعطاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية، خصوصاً فيما يتعلق بحق العمل، من خلال ما توصلت إليه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني من تفاهمات وتصورات، وأن لا يبقى ما اتُفق عليه حبراً على ورق، بل يجب أن يُترجم من خلال مراسيم وتشريعات تُسن في هذا الخصوص. خصوصاً أن ما تشكله قوة العمل الفعلية للاجئين المقيمين في لبنان لا تتعدى الخمسين ألف فرد، وبالتالي لن يكون هناك، كما يُروج لبنانياً، خطراً على فرص العمل للبنانيين في لبنان، بل سوف يكون لليد العاملة الفلسطينية إسهاماً جيداً في الدورة الاقتصادية في لبنان.

    بدوره أكد أ. وديع عقل أن لبنان محصن ويعمل منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وحتى أيامنا هذه على مواجهة مشاريع التوطين كما يتحضر لمواجهة “صفقة القرن” من خلال آليات سياسية وقانونية وتاريخية. ف”صفقة القرن” بالنسبة لنا وُلدت ميتة، ولن نتحاور مع أحد بخصوص “صفقة القرن”. هناك مبادرة عربية قابلة للتطبيق التي تم طرحها في قمة بيروت سنة 2002، ويمكن الاتفاق مع أطراف دولية لتطبيق هذه المبادرة. وفي موضوع الديون والضغوط الاقتصادية، يعيش لبنان مرحلة صعبة جداً، لكن لدينا إرادة لتخطى هذه الضغوطات، كما هناك التفاف شعبي على مواجهة هذه الضغوطات. أما فيما تعلق بحق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، فقال إن الحملة الأخيرة ضد العمالة الأجنبية في لبنان لم يكن العامل الفلسطيني المقصود المباشر من هذه الحملة بل ما تعرض لها هو نتيجة لتطبيق قوانين العمل في لبنان، ولكن مطلوب تفعيل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني للوصول إلى حلول فاعلة وعادلة تأخذ بالاعتبار وضع اللاجئ الفلسطيني، على أساس دعم حق عودة اللاجئ الفلسطيني ورفض التوطين.

    أما الأستاذ صلاح سلام، فقد أكد على أن لبنان ليس جزيرة معزولة فهو يتأثر بما يجري حوله، لبنان ليس قادراً وحده على إفشال “صفقة القرن” ولكن يملك القرار لرفضها، كما حصل في مؤتمر البحرين مؤخراً؛ حيث قاطع المؤتمر، وهذا مؤشر لرفض الصفقة؛ لكن لبنان بحاجة لمزيد من التنسيق مع الأشقاء العرب لتقوية الموقف الرافض. وأضاف أن الجديد في “صفقة القرن” أنها ألغت كل مفاعيل القرارات الدولية السابقة من القرار 242 إلى اتفاقية كامب ديفيد إلى اتفاق واشنطن واتفاقيات أوسلو. وفي ما يتعلق حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، فقد أشار إلى أن إجراءات إغلاق المؤسسات التي يديرها الفلسطينيون في لبنان، كان يجب أن لا تتم مباشرة بل كان من الأفضل إعطاء أصحاب هذه المؤسسات الوقت الكافي لتنظيم وضع مؤسساتهم القانوني وإبقائها مفتوحة إلى حين تسوية أوضاعها القانونية.

    وفي مداخلة د. عبد الحليم فضل الله، فقد أكد على أن لبنان يمر بصعوبات اقتصادية وسياسية معروفة، ولكن لبنان لديه القدرة أكثر من غيره على مواجهة ورفض “صفقة القرن”، وبالتالي تخطي هذه الصفقة. ويرجع قوة الموقف اللبناني من خلال ما راكمته المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وضد المشروع الصهيوني في المنطقة، كذلك من خلال الموقف الشعبي والرسمي الرافض لهذه الصفقة. وأضاف أن الخطر في “صفقة القرن” ليس إمكانية تصفية القضية الفلسطينية، لكن الخطر هو في التحالف العربي الذي يدعم هذه الصفقة. وتابع أن لبنان كي يستطيع مواجهة “صفقة القرن” والمشروع الصهيوني عليه أن يندرج في التحالفات والاصطفافات الإقليمية الصحيحة.

    وفي مداخلة للأستاذ جابر سليمان، فقد أكد أن الشعب الفلسطيني لطالما قاوم مخططات التوطين بغض النظر عن موازين القوى، فقضية اللاجئين هي لب القضية الفلسطينية، والحل الذي يُراد للاجئين هو السلام الاقتصادي الذي طرحه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سنة 2008، وقبله رئيس الحكومة الأسبق شمعون بيريز. وأضاف أن كل المخططات الأمريكية الحالية تقوم على دراسات إسرائيلية، كالتي صدرت عن معهد الدراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) على سبيل المثال. وحول قدرة الطرف الفلسطيني على الرفض، تابع أنه بالأصل الطرف الفلسطيني الرسمي لم يُدع إلى ورشة البحرين؛ لذلك هناك مبالغة من قبل الجانب الرسمي الفلسطيني في إظهار الرفض؛ ما لم يُقرن بجهد حقيقي لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جامعة.

    وتناول جابر الوضع الفلسطيني في لبنان، فقال إذا كان هناك إجماع لبناني فلسطيني على رفض التوطين، علينا أن تنفق على موقف عملي كيف نحصن الساحة اللبنانية والفلسطينية على رفض التوطين في ظل الأزمة الاقتصادية. وتحدث عن الوثيقة التي صدرت عن المبادرة المشتركة، والوثيقة التي صدرت أيضاً عن لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني فيما يتعلق بالحقوق المدنية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وموضوع حق العمل. وقال إن هاتين الوثيقتين لم يم تطبيقها على الأرض من خلال مراسيم وتشريعات يُصّدق عليها في مجلس النواب اللبناني. وبالتالي إذا لم نعد إلى هاتين الوثيقتين فإن الموقف اللبناني الرافض للتوطين يؤدي بطبيعة الحال إلى التهجير. وأشار إلى أن حملة وزارة العمل لا تصب في مصلحة تمكين الفلسطيني في مواجهة “صفقة القرن”.

    وفي مداخلة للأستاذ منير شفيق، الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج، قال إن هناك سياسيات صهيونية تُمارس على الأرض صارت كفيلة بأن يُسمى كل جزء منها “صفقة القرن”. والكثير ممن تكلموا عن “صفقة القرن” حاولوا تقديم استراتيجية أمريكية لهذه الصفقة وبعضهم توسع بها حتى ربما بات يعتمد عليهم مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر. من هنا يجب أن نواجه السياسة الأمريكية الإسرائيلية من خلال التركيز على قضايا واضحة كقضية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وقضية الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل. فهذه القضايا واضحة وهي لاقت رفضاً من قبل جميع الدول العربية ولم تستطع الإدارة الأمريكية أن تُحدث اختراقاً في هذه القضايا، وبالتالي ليس من المفيد أن نركز على قضية ما زالت مجهولة كـ”صفقة القرن”.

    بدورها قالت منى سكرية الصحفية اللبنانية، سواء اختلفنا أو اتفقنا حول “صفقة القرن” ومضمونه، هو بسياق تصفية الحق الفلسطيني وإنهاء حقوقه. وأشارت سكرية إلى أن المخيف هو هذا التراخي عند عدد من الدول العربية، الموقف العربي لم يرق إلى مستوى خطورة هذه الصفقة. أما بخصوص انعكاس هذه الصفقة على الساحة اللبنانية، فقالت إن المقاومة هي القوة الحقيقية للبنان؛ فقد أُجبرت “إسرائيل” على الانسحاب من لبنان بفعل المقاومة.

مجموعة التفكير الإستراتيجي

مؤسسة نفع عام مستقلة وغير ربحية مسجلة بتركيا، رائدة وشريك دولي في التفكير الاستراتيجي، تعمل على تطوير مستوى الوعي والتفكير الاستراتيجي في المنطقة العربية والإسلامية

المزيد

القائمة البريدية

تقوم المجموعة باصدار مجموعة من النشرات البريدية بشكل دوري. لتصلك أحدث اصدارتنا ونشراتنا البريدية قم بالتسجيل معنا
جميع الحقوق محفوظة مجموعة التفكير الاستراتيجي © 2025.تم التصميم والتطوير بواسطة List.Istanbul.