أ. محمَّد سالم الرَّاشد
رئيس مجموعة التَّفكير الإستراتيجي
أرحِّب بالإخوة في هذه النَّدوة المقامة ما بين مجموعة التَّفكير الاستراتيجي ومركز سيتا للدِّراسات السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة, حقيقةً مثل هذا التَّعاون مهمٌّ جدًّا، وخاصَّةً في هذه المرحلة التي تمرُّ بها المنطقة، ومجموعة التَّطوُّرات التي تتَّسم بتسارع الأحداث، لدرجةٍ أنَّ صاحب القرار لا يستطيع المساهمة فيها، وإنَّما ينتقل من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ متراكبةٍ بعضها على بعض؛ ليحقِّق الفشل السِّياسي والإستراتيجي في المنطقة.
مقتضيات الحالة التي نحن في صدد مناقشتها في هذا اللِّقاء هي التَّوتُّرات وتصاعد الأزمة على خلفيَّة الاعتداء الذي تمَّ على السَّفارة السُّعوديَّة في طهران كردَّة فعلٍ من النظام الإيراني على ما تمَّ من إصدار قراراتٍ وأحكامٍ من المملكة السُّعوديَّة في حقِّ بعض مواطنيها، وبالتَّالي أصبح هناك توتُّرٌ في داخل المنطقة، دفع إيران بطبيعة عقلها ومشروعها المتنامي والمتدافع داخل المنطقة مع المحتوى الاستراتيجي والسِّياسي السُّنِّي بشكلٍ عامٍّ، والجغرافي الخليجي بشكلٍ خاصٍّ، ولا شكَّ أنَّ هذا التَّدافع والتَّصادم يؤثِّر بشكلٍ كبيرٍ على المنطقة، ممَّا يُهدِّد تصاعد الأزمة باشتباكٍ أكبر ممَّا نراه في سورية وفي اليمن وفي المنطقة بشكلٍ عامٍّ, بحيث يتطوَّر هذا الصِّراع بداخل منطقة الخليج بشكلٍ خاصٍّ، ويجرُّ بعضه البعض إلى داخل تركيا وغيرها من الدُّول إلى أزمة صراعٍ جديدةٍ.
هذه السِّيولة في الأحداث تتطلَّب منَّا نحن كخبراء ومفكِّرين إستراتيجيين وباحثين في بلدان المتغيِّرات السِّياسيَّة في المنطقة أَنْ نقوم بجهدٍ لا يخصُّ مجموعةً واحدةً فقط، وإنَّما طبيعة المرحلة تقتضي أَنْ يكون لدينا عملٌ جديٌّ لنفكِّر بشكلٍ متكاملٍ، وهذا ما دفع لتشكيل مجموعة التَّفكير الإستراتيجي؛ لتحاول أَنْ تجمع كلَّ التَّطوُّرات والدِّراسات في المنطقة من أجل التَّفاعل مع الأحداث، ومحاولاتٍ لتقدير الموقف ومساعدة السِّياسيِّين وأصحاب القرار في اتِّخاذ القرار الآمن والمناسب، وقد يكون الدَّافع أنَّ المنطقة حقيقة تخلو من مثل هذه المجموعات، أو أنَّها موجودةٌ ولكنَّها لا تسطيع الوصول إلى أصحاب القرار السِّياسي، لذلك نحن كمجموعة التَّفكير الإستراتيجي في إسطنبول - التي تأسَّست في سنة 2014م - يُسعدها كثيرًا أَنْ تكون أسرةً متكاملةً مع الكثير من الإستراتيجيِّين والمفكِّرين الذين يستطيعون تحليل ما يحدث في المنطقة، ويساعدوا صاحب القرار لاتِّخاذ القرار الآمن لمستقبل هذه المنطقة.
حقيقةً هناك فجوةٌ كبيرةٌ ما بين المفكِّرين الإستراتيجيِّين وأصحاب القرار في المنطقة، وهذه الفجوة مردومةٌ في البلدان الغربيَّة، إذ إنَّ صاحب القرار يستعين كثيرًا بالمفكِّرين الإستراتيجيِّين، وهناك الكثير من المؤسَّسات الرَّسميَّة تستعين بمراكز الأبحاث والتَّفكير الإستراتيجي، ولكن في هذه المنطقة لا يوجد جهدٌ، وإن وجد جهدٌ فهو غير معتنىً به، ولا يستطيع أَنْ يصلَ بيسرٍ وسهولةٍ إلى متَّخذي القرار السِّياسي؛ لاتِّخاذ القرار الآمن، وبالتَّالي أصبحت الكثير من القرارات التي اتَّخذتها الدُّول قراراتٍ غير مبنيَّةٍ على التَّحليل الحقيقي، وإنَّما تبعًا لمصلحةٍ أو توجُّهاتٍ معيَّنةٍ تحقِّق أغراضهم.
لذلك نحن سعينا إلى أَنْ يكون هذا اللِّقاء نوعًا من أنواع تحسين هذه العلاقة، صحيحٌ نحن ليس لدينا اتِّصالٌ مباشرٌ مع أصحاب القرار السِّياسي، ولكن نستطيع من خلال هذا الفعل الجمعي تناول الكثير من القضايا التي تهمُّ صاحب القرار السِّياسي، وبما يخدم أمن المنطقة؛ لهذا نحن نرحِّب بجميع المتواجدين، ونعتقد أنَّهم سيقدِّمون في هذا اليوم أفكارًا جيدةً، ومحاولةً لتقدير الموقف، وتوقُّعاتنا لما يحدث ما بين السُّعوديَّة وإيران، وأيضًا نتطرَّق إلى مجموعة الدُّول التي لها علاقةٌ بهذه الأحداث، كتركيا وغيرها من دول المنطقة.
د. فخرالدين آلتون
رئيس مركز SETA - أنقرة
تحيَّةً لجميع الحضور معنا، تبعًا لجميع التَّطوُّرات والأحداث في المنطقة، فإنَّه إذا لم نقم بتحقيق الرُّؤية الصَّحيحة والأفكار الصَّحيحة، سنفقد إمكانيَّة الأخذ بالمبادرة؛ ولهذا السَّبب فإنَّ الحاجة التي نواجهها نحن مضطرون للأخذ بزمام الأمور.
إنَّ منطقة الشَّرق الأوسط اليوم ممَّا لاشكَّ فيه قد وصلت لهذه النُّقطة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإنَّنا اليوم نواجه تهديداتٍ مهمة وجهًا لوجهٍ، ففي هذه المنطقة هناك التَّطرُّف وما يفعله المتطرِّفون من انتهاكاتٍ، وهناك الأزمات الإنسانيَّة التي نراها وخاصَّةً في سوريا وما حولها، والأزمات الأخرى، وعلى رأس الهرم تتربَّع الأزمة السُّعوديَّة الإيرانيَّة، وهي من إحدى القضايا المهمة التي سنقف عندها اليوم، حيث إنَّ منطقة الشَّرق الأوسط تشهد حالةَ حربٍ وحروبٍ مذهبيَّةٍ، لا نملك فقط أَنْ نصفها بمذهبيَّةٍ، وإنَّما حروبٌ على السُّلطة والمنافسة الجيوسياسيَّة، وهذه الصِّراعات إذا تعمَّقت سوف تتسبَّب في صراعاتٍ مذهبيَّةٍ.
وفي طبيعة الحال، فإنَّ الصِّراع بين السُّعوديَّة وإيران قد تعمَّق وازداد بعد الأزمة السُّوريَّة، وإنَّ هذه السِّياسة التي تسير بها إيران في المنطقة، وأؤكِّد على وضع ما قلته أمام أنظارنا اليوم ومناقشة هذه القضيَّة في الجلسات القادمة، وبعدها يتمُّ التَّنسيق والتَّقييم من قبل الدُّكتور «محمد الراشد» لوضع أهمِّ التَّوصيات.
ونحن كمركز سيتا بحاجةٍ إلى مثل هذه المبادرات، خاصَّةً فيما يتعلَّق بالمنطقة والحروب المذهبيَّة الدَّائرة فيها، واليوم سوف نتناقش فيما يخصُّ أزمة السُّعوديَّة وإيران وتداعياتها على المنطقة، ونشكر جميع الأشخاص الحاضرين، والذين أتوا من أماكن بعيدةٍ.
د. محي الدِّين أتامان
مدير مركز ستا في إسطنبول
تحيَّاتي واحترامي لكم جميعًا، نحن نتواجد في جغرافيا أرضيَّتها متزحلقةٌ، وقد أصبح الوضع مأساويًّا بسبب الحروب والأزمات والأحداث المشتعلة في المنطقة، كلُّ هذا يدفعنا لأَنْ نحتاج الأفكار والسِّيناريوهات لطرحها والاستفادة منها.
وإنَّنا كمركز سيتا نشعر بسعادةٍ بالغةٍ؛ لأنَّنا جزءٌ من هذه المسيرة، من خلال الحوار المتبادل حول أحداث المنطقة، ونتمنى أَنْ يصل صوتنا إلى أصحاب القرار، لا أريد أن أُطِيلَ عليكم، أتمنَّى خلال هذا اليوم أَنْ نلتقي مجدَّدًا ونتحدَّث.
د. ياسين آقطاي
عضو البرلمان التركي - رئيس العلاقات الخارجية - نائب رئيس حزب العدالة والتنمية
أنا سعيدٌ جدًّا بتأسيس هذه المجموعة (مجموعة التفكير الإستراتيجي)، وأرى ما ستقدِّم - إن شاء الله - من أفكارٍ ومقترحاتٍ جيِّدةٍ، وكما أشار السَّيِّد «محمَّد الرَّاشد» أنَّ التَّواصل ضعيفٌ بين آخذي القرار والمفكِّرين الإستراتيجيِّين، ولكنَّ مثل هذه الخطوات - كمراكز بحوثٍ إستراتيجيَّةٍ - غير موجودةٍ في بلداننا بشكلٍ كبيرٍ، لكن نرى أنَّ الحاجة والطَّلب بدأ يأتي من أصحاب القرار إلى مثل هذه المراكز، وهذا الاحتياج وما سيُوجَد من ثمراتٍ وأفكارٍ بالنِّسبة لمنتجات المراكز، سيجعل السِّياسيِّين أكثر طلبًا لهذه المراكز.
أنا أرى في المستقبل هذه المنتجات فيها خيرٌ إن شاء الله، أرى أنَّنا متقدِّمين حتَّى الآن، ومستعدِّين لتأسيس الإستراتيجيَّات في العالم الإسلامي، وهذا الشَّيء سوف يؤدِّي إلى عقلٍ مشتركٍ في العالم الإسلامي.
وشكرًا لمركز سيتا؛ لأنَّهم من الأوائل والمنافسين، وهو فخرٌ لنا, وأتمنَّى أن نكون من السَّابقين للخيرات.