ملخص
- التحدي الأمني المُتمثل بإيران وحركات المقاومة، يأخذ حيزًا واسعًا من النقاش في مؤتمر هرتسليا.
- الاعتماد على الحلفاء والعرب في مواجهة الملف الإيراني، سياسة قديمة جديدة.
- عملية السلام بصيغة حلّ الدولتين، انتهت، والمطروح هو حكم ذاتي للفلسطينيين.
- الخلافات الداخلية تُهدد الديمقراطية في "إسرائيل"، وذلك في ظل مساعي تغيير بعض القوانين.
- واقع المنظومة الصحية في "إسرائيل"، يشكل تهديدًا يوازي التهديد الإيراني.
- حوالي 67% من الجمهور، يؤيدون رقابة المحكمة العليا على الشخصيات العامة.
- حوالي 60% من الجمهور، يرون أنّ محاولات المساس بالمحكمة العليا، تُهدد الديمقراطية في "إسرائيل".
- التعامل مع القضايا الأمنية يحتلّ المرتبة الأولى في أولويات الإسرائيليين.
- مواجهة حماس وحزب الله يجب أن تكون ضمن استراتيجيات مختلفة.
- ورشة البحرين لن يكون لها دور في تقدم المساعي السياسية.
مقدمة
تستعرض هذه القراءة ما صدر عن أبرز ثلاثة مراكز أبحاث إسرائيلية. وأهمها ما صدر عن مؤتمر هرتسليا، الذي يُعتبر إلى جانب مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي، أهم المؤتمرات التي تجمع الطيف السياسي والأمني في "إسرائيل"، إلى جانب شخصيات سياسية وأكاديمية من الخارج.
كما تتناول هذه القراءة، استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الإسرائيلي للديمقراطية ، والذي أشار إلى حجم المخاوف الإسرائيلية الكبيرة حيال الديمقراطية في الدولة العبرية.
أما معهد دراسات الأمن القومي، فقد نشر قراءتين، الأولى حول التعامل الأمني مع حماس وحزب الله، والثانية حول ورشة البحرين، التي توقع لها المعهد الفشل.
أولا: مركز هرتسليا للدراسات الاستراتيجية[1]
عقد مركز هرتسليا للدراسات الاستراتيجية مؤتمره السنوي بين 30/6- 2/7/2019. وقد شاركت فيه نخب سياسية وأمنية واقتصادية، من داخل "إسرائيل وخارجها، حيث كان من أبرز الحضور هذا العام، كل من رئيس الدولة رؤوبين ريفلين، وزعيم حزب "أزرق أبيض" بيني جانتس، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس هيئة الأركان السابق جادي إيزنكوت، والألوية في الجيش كل من أمير جولان، وجيورا إيلاند، وعاموس جلعاد. ومن خارج "إسرائيل"، شارك كل من السفير المصري خالد عبد المنعم، ومبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط جرينبلات، ووزير الدفاع اليوناني بانوس كامنوس، وأنجرت كرامب، الأمينة العامة للحزب المسيحي الديمقراطي، الشريك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا (كان يسرائيل، 2019).
تنوعت المواضيع التي تم تناولها في المؤتمر بين السياسات الخارجية والشؤون الداخلية، حيث كان من أبرز القضايا الخارجية كل من التحديات الأمنية، وخاصة التهديد الإيراني، وعملية السلام في الشرق الأوسط في ظل صفقة القرن. فيما كان التجاذب الداخلي، والفجوات الآخذة في الازدياد، ومحاولة تجاوز قوانين الأساس في الدولة، إلى جانب الأمن الداخلي، هي أبرز القضايا الداخلية التي غطاها المؤتمر.
1. القضايا الخارجية: عملية السلام والملف الإيراني
كان أبرز المتحدثين في الملف الإيراني يوسي كوهين، رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي يتبع مباشرة إلى رئاسة الحكومة في "إسرائيل". بدأ كوهين حديثه بالتأكيد على القدرة الكبيرة التي يتمتع بها جهاز الموساد في مواجهة التحديات الأمنية التي تتعرض لها تل أبيب، مستدلًا بذلك على قيامه بسرقة الأرشيف الإيراني من طهران (كوهين، 2019).
وقد أكد كوهين أنّ إيران هي التي تقف وراء تدمير ناقلات النفط في الخليج، كونها ترى، وفق كوهين، أنّه من خلال "الإرهاب" يُمكن تحقيق مطالب سياسية. وشدد على أنّ طهران عادت لتخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أنّ دولته وزعت الأرشيف الذي استطاعت سرقته من طهران، على أكثر من جهة استخباراتية ممن وصفهم بأصدقاء "إسرائيل".
وحيال مواجهة إيران، أكد كوهين أنّ "إسرائيل" ستعمل على منع قيام تمركز إيراني في سوريا، وأشار إلى أنّ العمل مع الولايات المتحدة وروسيا وبعض الأصدقاء العرب في المنطقة، سيقود إلى تحييد إيران، والقضاء على مشروعها النووي، وطموحها التوسعي في المنطقة.
كما أكد كوهين أن لا تغيير على خطة تل أبيب في التعامل مع إيران، وأنّها لا زالت تعتمد على أصدقائها، وتحرض الرأي العام العالمي ضد إيران، وتشترك مع بعض الدول العربية في هذا الهدف. في هذا السياق، أكدّ محللون أنّ مواقف كوهين هذه، تعبر عن حقيقة موقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (يشاي، 2019)، الذي يريد تسخين الملف الإيراني قبيل الانتخابات، لكسب المزيد من الدعم لليمين الذي يتزعمه.
أما بيني جانتس، زعيم حزب "أزرق أبيض"، فلم يُخفِ تخوفاته من المطامع الإيرانية، ولكنّه استغل المنصة للاستعراض، فأكد أنّه، كرجل أمن، سيقدم حلولا ناجعة للملف النووي الإيراني، وأنّه بعد أن يُشكل الحكومة، فلن يكون هناك سلاح نووي لإيران (بندر، 2019). وقال جانتس إنّ سياسة نتنياهو الضعيفة تجاه غزة، أفقدت "إسرائيل" قدرتها على الردع أمام اللاعبين المختلفين، متوعدًا باستعادة قوّة الردع لتل أبيب.
بالمجمل العام، استمع المشاركون لتأكيدات البيت الأبيض على وقوف واشنطن إلى جانب تل أبيب أمام الخطر الإيراني. والأهم من ذلك، أشار المتحدثون إلى وجود قصور أمني إسرائيلي، ليس من جانب تحليل المخاطر، وإنما من جانب الحلّ الأمثل للتعامل معها، في ظل الحقيقة التي تترسخ يوميا، بأنّ تل أبيب لن تستطيع مواجهة إيران وحدها.
أما بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط، فقد حضرت فكرة إيجاد حل جديد للقضية الفلسطينية. فموضوع حلّ الدولتين بصيغة أوسلو، قد انتهى من وجهة نظر معظم المتحدثين، خاصة الذين ينتمون للتيارات اليمينية، علما أنّ أركان حزب "أزرق أبيض"، وهو أهم أحزاب الوسط، كانوا ينتمون إلى الفكر اليميني سابقا.
كما أن المبعوث الأمريكي جرينبلات، تناول عملية السلام بصيغة تهديدية، تؤكد استحالة فرص تحقيق السلام. فقد قال جرينبلات إنّ صفقة القرن التي ستطرحها دولته لن تكون مُرضية للأطراف كافة، وإن على الجميع أن ينتقدوها حين سماعها بعقلانية (معاريف، 2019). بمعنى أنّ الحد الأدنى الذي وافق عليه الفلسطينيون في أوسلو، بات طي النسيان، وعليهم تقديم المزيد من التنازلات.
حزب الليكود الحاكم، الذي يُعتبر أقل الأحزاب اليمينية تطرفًا، عبّر عن موقفه على لسان رئيس الكنيست يولي أدلشتاين، الذي أشار إلى أنّ السلام يجب أن يكون أولًا في الشرق الأوسط(أخبار 0404، 2019)، في إشارة إلى أنّ ترسيخ علاقات "إسرائيل" مع الدول العربية، وإنهاء عدائها وتهديدها الإقليمي، هو الذي سيأتي بالسلام وليس العكس، وهذا عكس النظرية التي آمنت بها "إسرائيل" سابقا، بأنّ السلام مع الفلسطينيين سيجلب السلام مع العرب. هُنا يُمكن التذكير بأنّ السلام مع الفلسطينيين في الفكر الصهيوني، وخاصة اليميني، يكمن في منحهم حكمًا ذاتيًا، دون أي طموح سياسي، أو حدود جغرافية واضحة.
2. القضايا الداخلية: سخونة الملفات تُعمق حجم الخلافات
أشار الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، إلى أنّه كمواطن "إسرائيلي"، يشعر بالقلق على الديمقراطية في بلاده (مركز هرتسيليا، 2019)، وطالب بتحقيق المساواة أمام القانون. ويبدو أنه بذلك يشير إلى رفضه مساعي حزب الليكود واليمين، التي تهدف إلى منح حصانة لرئيس الحكومة نتنياهو، أمام أي محاكمة له أثناء ولايته.
وتطرق ريفلين إلى ما أسماه بالخلل القانوني في ظل غياب دستور إسرائيلي، الأمر الذي قد يؤدي إلى إطفاء أنوار الديمقراطية حسب تعبيره، مستغربًا من طرح اليمين الإسرائيلي فكرة أنّ الأغلبية تحسم، ومؤكدًا أنّه لا يحق للأغلبية سن ما تشاء من القوانين (بندر أ.، 2019). يُذكر أنّ اليمين الإسرائيلي، ينوي سن فقرة تمنع المحكمة العليا الإسرائيلية من إلغاء أي قانون يمر بأغلبية 50%+1 في الكنيست، الأمر الذي سيؤدي إلى خلل في التوازن بين السلطات الثلاث، وسيجعل كل شيء في يد السلطة التنفيذية.
هذه المخاوف التي اشترك فيها مجموعة من المتحدثين مع ريفلين، يعتبرها اليمين، وتحديدًا الديني الصهيوني، مخاوف غير ديمقراطية، ويرى أنّ من حق الأغلبية أن تحكم وتشرع. أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، صب جُلّ انتقاداته على الحريديم، أي المتدينين، حيث أكد أنّ الجيش الإسرائيلي بات يحوي بداخله مليشيات، تتبع المرجعية الدينية وليس مرجعية الجيش (بندر ا.، 2019)، في إشارة إلى أنّ الجنود المتدينين، لا يلتزمون بالمؤسسة العسكرية كما يلتزمون بفتاوى رجال الدين.
وفي ظل المخاوف الكبيرة على الواقع الطبي في "إسرائيل"، خاصة بعد تراجع أداء المنظومة الصحية، أشار سيمان توف، مدير عام وزارة الصحة، إلى أنّ المنظومة الصحية في "إسرائيل" تُعاني كثيرًا، وهي بحاجة لدعم كبير. وقال إنه دون الموارد والدعم المُقدر بـ 1.5 مليار دولار، فإن المنظومة الصحية تبقى في خطر (فيسبرغ، 2017). وأضاف أنّه ليس فقط إيران هي التي تشكل تهديدًا وجوديًا لـ "إسرائيل"، ولكن أيضا واقع الصحة، الذي يتراجع في ظل ارتفاع نسبة كبار السن. وطالب توف برفع نسبة الضريبة على العلاج والدواء في "إسرائيل"، لأنّ مخصصات الدولة لا تكفي.
لكن في المقابل، سيؤدي رفع نسبة الضرائب في الدولة، إلى موجة غضب عارمة، في ظل شكاوى المجتمع الإسرائيلي من غلاء المعيشة، الأمر الذي سيحرج الحكومة؛ لأنّها لا تستطيع دعم موازنة وزارة الصحة، في ظل عجز الموازنة العامة للدولة.
كشفت القضايا الداخلية حجم الفجوة الكبيرة في المجتمع الصهيوني بين تيارين، الأول يرى ضرورة بقاء اليمين في الحكم، حتى وإن كان ذلك بزعامة نتنياهو المتهم بالفساد، والثاني يتمحور حول الطعن في نتنياهو وسياسته، دون تقديم بدائل حقيقية، الأمر الذي حول الصراع إلى صراع قانوني، تستغل فيه الأغلبية قوّتها بمعزل عن القيم التي تأسست عليها الدولة، الأمر الذي ينبئ بمزيد من الاستقطاب، وغياب قانون الأساس في الدولة.[2]
ثانيا: المركز الإسرائيلي للديمقراطية[3]
أجرىالمركز الإسرائيلي للديمقراطية، استطلاعًا شاملًا لأهم القضايا التي تهم الرأي العام الإسرائيلي، وقد جاء الاستطلاع تحت عنوان "غالبية الجمهور الإسرائيلي قلقون على الديمقراطية في "إسرائيل" (مركز الدمقراطية الإسرائيلي، 2019).
تركزت أهم محاور الاستطلاع على المواضيع التالية:
1. النزاع بشأن رقابة المحكمة العليا على القوانين التي يقرها الكنيست
في ظل الخلاف الكبير حيال طبيعة العلاقة بين المحكمة العليا، وبين الشخصيات العامة المنتخبة، وتحديدًا بخصوص بعض القوانين التي يسنها الكنيست وتلغيها المحكمة، بدا من الواضح مؤخرًا أنّ هذه القضية باتت تأخذ حيزًا واسعًا من الاهتمام العام، والانقسام حيال مَن شرعيته أكبر، المؤسسة المنتخبة أم المحكمة؟
وكان السؤال الموجه للجمهور هو: هل أنت مع الرقابة التي تفرضها المحكمة العليا على الشخصيات العامة المنتخبة، كي لا تقوم بتقييد الديمقراطية وحرية التعبير في الدولة؟ بينت النتائج أنّ 26.6% غير موافقين على ذلك، مقابل 66.9%% موافقون بشكل كبير، فيما أجاب 6.5% بعدم معرفتهم.
بتحليل هذه النتائج، من الممكن تأكيد المخاوف الكبيرة التي باتت تُلاحق الإسرائيليين، والتي تكمن في قلقهم على المحكمة العليا، التي تُعتبر ضابط إيقاع مهم في الدولة، في ظل غياب دستور يُنظم حياتها، واعتمادها على قوانين أساس، للمحكمة العليا الدور الأهم في الحفاظ عليها، وعلى تأكيد فصل السلطات الثلاث.
وكان السؤال الآخر بهذا الخصوص هو: هل تعتقد أنّ مساعي المساس بالمحكمة العُليا تشكل مساسًا بالديمقراطية؟ وقد جاء هذا السؤال في ظل مساعي الحكومة الإسرائيلية لإقرار قانون "التغلب"، الذي يمنع المحكمة العليا من إلغاء أي قانون كان الكنيست قد أقره بأغلبية 61 عضوًا على الأقل، وهذا معناه أنّ أي تكتل في الكنيست، يستطيع تفصيل قوانين وفق مقاساته، دون وجود رقابة للمحكمة، التي ظلت تُعتبر نقطة التوازن عبر تاريخ الدولة.
وقد أظهرت نتائج هذا السؤال أنّ 59.9% أبدوا تخوفهم من أنّ هذه الخطوة ستمس الديمقراطية، فيما أشار 25.8% إلى أنّها ستكون مفيدة للديمقراطية، وأجاب 14.5% بعدم معرفتهم. ولعلّ خطورة القضية تكمن فيمن أشاروا بـ "لا أعلم"، لأن ذلك يدل على أنّ الثقافة الديمقراطية في "إسرائيل"، لا تشمل الغالبية العُظمى من الشرائح في الدولة، خاصة أنّ قضية كهذه، هي محور الديمقراطية الإسرائيلية، وفصل السلطات في الدولة.
لكن بالنظر إلى نتائج الاستطلاع بشكل عام، فإنّ غالبية الجمهور الإسرائيلي، بما في ذلك شريحة من اليمين، أبدت تخوفها من المساس بالمحكمة، حيث إنّ اليمين الذي حصل على 53% في آخر انتخابات، لم تتوافق غالبيته مع توجه حكومته بالمساس في المحكمة، وصياغة فقرة التغلب. لكن هذا التوجه ذاته، لم يُغير وجهة نظر الناخب الإسرائيلي في اختياره، بمعنى أنّه في ظل قناعته بأنّ حكومته تمس بالديمقراطية، فإنّ صوته الانتخابي لا زال ثابتًا، ولم يتحرك باتجاه حماية حقه الديمقراطي.
2. أولويات الجمهور الإسرائيلي
في ظل اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في شهر أيلول/ سبتمبر القادم، تساءل الاستطلاع حول الموضوع الأهم، الذي يجب أن يتم نقاشه بين الأحزاب المختلفة، التي من المُمكن أن تُشكل الائتلاف. وقد جاءت الأولويات بالنسبة للجمهور كما يلي:
الموضوع | أهميته |
الواقع الأمني والدولي | 50.1% |
الواقع الاقتصادي | 42.5% |
واقع المنظومة الصحية | 30.3% |
الواقع التعليمي في الدولة | 19.2% |
خطة السلام مع الفلسطينيين | 17.6% |
تطوير الطبقات الضعيفة | 15.6% |
وضع المواصلات العامة | 7.5% |
حصانة رئيس الحكومة | 5.5% |
الحفاظ على البيئة | 2.5% |
بالنظر إلى الإجابات أعلاه، يُمكن استنتاج أنّ التطورات الأمنية،واحتلالها المرتبة الأولى، يُشير إلى عُمق الأزمة الأمنية، وعدم شعور الإسرائيلي بالأمن، خاصة في ظل إقرار القيادات الإسرائيلية، بفقدان قوّة الردع، تحديدًا تجاه قطاع غزة، مثلما أشار وزيرا الجيش السابقيْن، موشيه يعلون وأفيجدور ليبرمان، وتبعهما مؤخرًا بيني جانتس، زعيم حزب "أزرق أبيض"، ورئيس الأركان السابق، حينما أقر بفقدان قوّة الردع مقابل غزة (أخبار الثانية، 2019).
أما الاقتصاد، واحتلاله المرتبة الثانية، فهو الوضع الطبيعي، حيث كان يحتل المرتبة الأولى عام 2016 (تبريسكي، 2016)، قبل أن يتفوق عليه الموضوع الأمني، وذلك بسبب الخلاف الداخلي حول الأسلوب الأفضل للتعامل مع التحديات، وقدرة المقاومة الفلسطينية على استهداف العُمق الإسرائيلي.
اللافت للنظر، هو احتلال الواقع الطبي المرتبة الثالثة، وبنسبة 30%، وخاصة أن ذلك يأتي في ظل تراجع المنظومة الصحية الإسرائيلية، وشعور المواطن الإسرائيلي بأنّ الخدمات الصحية في دولته، باتت تتراجع بشكل ملحوظ، وهذا ما لم يُخْفِه وزير الصحة يعكوف لايتسمان، الذي أشار إلى أنّ المنظومة الصحية في "إسرائيل" تنهار (لايتسمان، 2015).
لكن الموضوع الذي لم يلقَ بالًا، هو حصانة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يُواجه تُهمًا بالفساد، وقد تُقدَّم ضده لائحة اتهام قريبًا. ففي الوقت الذي يرفض 56% منحه الحصانة (شيلو، 2019)، إلا أنه فاز في الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي يشير إلى استمرار مكانة نتنياهو وشعبيته من ناحية، لكن من ناحية أخرى، يشير هذا الأمر إلى تقبل الجمهور الإسرائيلي فساد رئيس الحكومة، الأمر الذي لم يكن سابقا.
هنا يمكن الإشارة إلى قضية جوهرية، وهي أنّ الخلاف الإسرائيلي الداخلي، بات يتعمق بشكل كبير، وأنّ وجود قضايا تُهدد سير الحياة العامة، جعل من القيم الديمقراطية تحتل مراتب متأخرة في الدولة. فرغم أنّ عملية الانتخاب تتم بشفافية وسلاسة، إلا أن ما يتبعها من سلوك وقوانين ومواقف، بات يُشير إلى أزمة حقيقية، جعلت من الانقسام حول نتنياهو، انقسامًا بين يمين ويسار، يمين يدعمه في كل ما يُريد، ويسار يريد إسقاطه، وإسقاطه فقط.
ثالثا: معهد دراسات الأمن القومي[4]
قدم المعهد مجموعة من القراءات الأمنية والسياسية، حيث تناولت إحداها الوسيلة الأنجح في مواجهة حماس وحزب الله، فيما تناولت الثانية ورشة البحرين الاقتصادية، وتأثيرها على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
1. المواجهة مع حزب الله وحماس: استراتيجية جراحية مقابل استراتيجية علاجية
الدكتور شموئيل حرلاف، الذي يحمل اللقب الثالث في الفلسفة، وتُقدر ثروته بنحو 2 مليار دولار، أعد لمعهد دراسات الأمن القومي قراءة تحت عنوان "استراتيجية التعامل مع حماس وحزب الله" (حرلاف، 2019)، أوضح فيها أنّ آلية التعامل مع كلا الطرفين، يجب أن تكون مختلفة كلّيا، وذلك بسبب وجود اختلافات متعددة بين الحالتين.
يرى حرلاف أنّ السياسة الإسرائيلية تجاه حزب الله، يجب أن تكون من خلال تعميق التزام حزب الله نحو الدولة، وتحويل البنى التحتية المدنية في لبنان، أهدافًا يُمكن قصفها. في المقابل، فإنّ ساحة غزة، يجب أن يتم التعامل معها بعكس ذلك تمامًا، حيث إن ترميم البنى التحتية، وتحسين واقع الحياة فيها، سيخدم المصلحة الإسرائيلية.
كما يرى حرلاف أن "إسرائيل" مقابل حزب الله، يجب أن تعتمد على استراتيجية زيادة ارتباط حزب الله بلبنان، وتقليل ارتباطه بإيران، حيث إنّ ربط مصير حزب الله بلبنان، وزيادة فعاليته السياسية فيه، ستجعل من الحزب يتحمل جزءًا أكبر من المسؤولية، الأمر الذي سيضعه أمام معادلة مفادها: أنّ العمل لصالح إيران، يعني أنّ الحزب سيُعرض كل لبنان للخطر.
ويبدو أنّ ما فتح شهية "إسرائيل"، هو تصريح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حين قال عام 2006 إنه لو كان يعلم حجم الدمار الذي سيتعرض له لبنان، لما قام الحزب بخطف الجنود حينها. واليوم توجه "إسرائيل" رسالة إلى الحزب ولبنان، مفادها أنّ كل لبنان سيكون بمثابة الضاحية الجنوبية في أي مواجهة قادمة، الأمر الذي سيزيد من معضلة حزب الله، بين التزامه تجاه حليفته إيران، وبين التزامه تجاه دولته لبنان.
لذلك تختلف رؤية حرلاف عن الرؤية الأمريكية، التي تعتبر أنّ زيادة المشاركة السياسية لحزب الله في لبنان، ربما ستصبغ كل الحكومة اللبنانية بصبغة إرهابية. أما المصلحة الإسرائيلية، حسب حرلاف، فتقتضي أن يزداد دور حزب الله في لبنان، وبالتالي سيزداد التزامه بتحمل المسؤوليات فيه، وهذا ما سيجعله أكثر حرصًا على عدم التورط بحرب مع "إسرائيل".
في المقابل، فإنّ "إسرائيل" في غزة، تنتهج سياسة الحصار وإضعاف قدرات السكان، على أمل أن ينفجر سكان القطاع ضد حُكم حماس، ولكن هذه السياسة الإسرائيلية، حسب حرلاف، أثبتت فشلها، وكشفت عن وجود أطراف أكثر تطرفًا من حماس في قطاع غزة، وأكثر تصلّبًا في مواقفها ضد "إسرائيل".
لذلك، وبعد المواجهة الأخيرة التي حدثت في مطلع أيّار 2019، يرى حرلاف أنّ الحل مقابل قطاع غزة، يكمن في الذهاب باتجاه ترتيبات طويلة المدى مع القطاع، تضمن تحسين حياة الغزيين جوهريًا، بما في ذلك منْح قطاع غزة ميناءً ومطارًا، ومحطاتٍ لتحلية المياه، وغير ذلك.
ويضيف حرلاف أن تحسن الأوضاع المعيشية في القطاع، سيجعل حماس أكثر حرصًا على عدم التورط في مواجهة مع "إسرائيل"، وربما سيجعلها أكثر عُرضة للانتقاد في حال ذهابها باتجاه الحرب. لذلك يرى حرلاف أنّ من واجب "إسرائيل" تخفيف الحصار عن قطاع غزة، وفتح مشاريع اقتصادية فيه، ومنح غزة ما تخسره وتخاف عليه، لا أن يبقى هذا الحصار الذي لم يُؤتِ أكله، ولم يجلب الهدوء.
هذه الرؤية تجاه قطاع غزة وحماس، ليست جديدة، وإن كان الصوت المتطرف هو الأعلى في دولة الاحتلال. لكن مؤخرًا، ظهرت قناعة في "إسرائيل"، أكدتها قدرات المقاومة، مفادها أنّ الحل في قطاع غزة، لن يكون إلّا من خلال الوصول إلى تفاهمات تحفظ الأمن في الجنوب.
ورغم أن هناك من يعترض على هذه الرؤية، ويعتبرها رضوخًا للمقاومة الفلسطينية، إلا أن الصوت المنطقي يُشير إلى أنّ سلسلة الفشل أمام قطاع غزة، رغم ما يُعانيه القطاع من حصار مطبق، تُثبت أنّ تغيير التعاطي الإسرائيلي مع القطاع، هو الأفضل إسرائيليًا على المستوى التكتيكي، في ظل غموض الاستراتيجية الإسرائيلية، وعدم وضوحها في التعامل مع غزة.
2. الانتعاش الاقتصادي ليس حلّا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي
الباحثان في المعهد، تومر فيلدون وشاشون حداد، قدما قراءة تحت عنوان "الانتعاش الاقتصادي ليس حلّا (فدلون و حداد، 2019)، حيث أشارا إلى أنّ الشق الاقتصادي من صفقة القرن، والذي أُعلن عنه في البحرين، سيعقبه إعلان للشق السياسي، على الأرجح بعد الانتخابات الإسرائيلية القادمة في أيلول/ سبتمبر 2019.
ووفق فدلون وحداد، فإنّه بالعودة إلى التاريخ، وفحص الواقع الاقتصادي، يتضح أن تأثيره على الاتفاقات السياسية، كان ضعيفًا، الأمر الذي، من وجهة نظرهما، لن يكون له تأثير على الاتفاقات السياسية مع الفلسطينيين مستقبلًا، مشيرين إلى أنّ قناعة البيت الأبيض بهذه النظرية في ظل حكم ترامب، بعيدة عن الحقيقة، ولا تتناسب مع طبيعة الصراع. فرؤية البيت الأبيض تكمن في دفع عجلة الاقتصاد، وتحسين واقع الفلسطينيين من جانب، وفي الضغط على القيادة الفلسطينية للموافقة على ذلك من جانب آخر. لكن في ظل غياب رؤية سياسية لحل الصراع، فإنّ ورشة البحرين لن يُكتب لها النجاح.
الشق الاقتصادي الذي أُعلِن عنه في ورشة البحرين، لم يلْقَ صدىً كبيرًا في تل أبيب، سوى الأمل في دفع عجلة التطبيع المتسارعة مع الدول العربية. أما الشق السياسي الذي سيُعلَن عنه لاحقًا، وهو ما يهم "إسرائيل"، فإنه قد يتضمن إيحاءات بإنهاء الصراع، وبما يتلاءم تماما مع التصور الإسرائيلي، من حيث ضم بعض الأراضي الفلسطينية، وتحويل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، إلى شبه إدارة محلية ليس إلّا.
المراجع
اخبار 0404. (30 حزيران, 2019). ادلشتاين: باراك هو روش هممشلا هخي تبوستني فكوشيل ( ادلشتاين: باراك رئيس الوزراء الأكثر انهزامية وفشلاً). تم الاسترداد من 0404:https://www.0404.co.il/?p=454365
أخبار الثانية. (3 حزيران, 2019). حزاك رك بديبوريم، ايبدنو ههرتعا ( قوي فقط في الكلام، فقدنا الردع ). تم الاسترداد من القناة الثانية: https://www.mako.co.il/news-military/security-q2_2019/Article-cc80b91816f4b61027.htm
اريك بندر. (1 تموز, 2019). جانتس: كئشير اكيم ات هممشلا، لايران لو يهيي نشك جرعيني ( جانتس: عندما أشكل الحكومة لن يكون لايران سلاح نووي ). تم الاسترداد من معاريف:https://www.maariv.co.il/news/politics/Article-706138
أريك بندر. (30 6, 2019). ريبيلن: حوشش كمو كل ازراح بمدينا ( ريبلين: متخوف مثل كل مواطن في الدولة ). تم الاسترداد من معاريف:https://www.maariv.co.il/news/politics/Article-706090
ارييك بندر. (2 تموز, 2019). ليبرمان تكاف ات همخونيوت هكيدم تسبئيوت ( ليبرمان هاجم معاهد ما قبل الجيش ). تم الاسترداد من معاريف:https://www.maariv.co.il/news/politics/Article-706300
تال شيلو. (20 أيار, 2019). روب هتسيبور متنجيد لحسينوت لروش هممشلا ( غالبية الجمهور ترفض منح رئيس الوزراء حصانة ). تم الاسترداد من ويلا:https://news.walla.co.il/item/3236868
تومير فدلون، و شاشون حداد. (23 حزيران, 2019). سجسوج كلكلي اينو متخونلبترون هسخسوخ هيسرائيلي-فلسطيني ( 2. الانتعاش الاقتصادي ليس حلّا للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ). تم الاسترداد من معهد دراسات الأمن القومي: https://www.inss.org.il/he/publication/economic-prosperity-is-not-a-recipe-for-resolution-of-the-israeli-palestinian-conflict/
دود تبريسكي. (11 كانون اول, 2016). زو هكلكلا ( هذا الاقتصاد ). تم الاسترداد من دبار: https://www.davar1.co.il/44689/
رون بن يشاي. (2 تموز, 2019). نئوم بهرتسيليا لوزنايم بتهران: ايومي نتنياهو ببيف شل روش هموساد ( خطاب هرتسيليا لايران: تهديدات نتنياهو على لسلان رئيس الموساد ). تم الاسترداد من يديعوت احرونوت: https://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-5541160,00.html
شموءيل حرلاف. (15 أيار, 2019). مواجهة حزب الله وحماس: استراتيجية جراحية مقابل علاجية. تم الاسترداد من معهد دراسات الأمن القومي:https://www.inss.org.il/he/publication/%D7%94%D7%94%D7%AA%D7%9E%D7%95%D7%93%D7%93%D7%95%D7%AA-%D7%A2%D7%9D-%D7%97%D7%96%D7%91%D7%90%D7%9C%D7%9C%D7%94-%D7%95%D7%A2%D7%9D-%D7%97%D7%9E%D7%90%D7%A1-%D7%90%D7%A1%D7%98%D7%A8%D7%98%D7%92%D7%99/
كان يسرائيل. (30 حزيران , 2019). كينس هرتسليا ه 19 نفتاح ( مؤتمر هرتسيليا التاسع عشر تم افتتاحه ). تم الاسترداد من كان يسرائيل:https://kanisrael.co.il/%D7%9B%D7%A0%D7%A1-%D7%94%D7%A8%D7%A6%D7%9C%D7%99%D7%94-19-%D7%A9%D7%9C-%D7%94%D7%9E%D7%9B%D7%95%D7%9F-%D7%9C%D7%9E%D7%93%D7%99%D7%A0%D7%99%D7%95%D7%AA-%D7%95%D7%90%D7%A1%D7%98%D7%A8%D7%98%D7%92%D7%99/
مركز الديمقراطية الإسرائيلي. (26 ايار, 2019). 60% مهيسرائيليم حوششيم لعتيد هدموقراطيا ( 60% من الإسرائيليين متخوفون على مستقبل الديمقراطية ). تم الاسترداد من مركز الديمقراطية الإسرائيلي: https://www.idi.org.il/articles/26820
مركز هرتسيليا. (30 حزيران, 2019). رؤوبن ريبلين بين هدوبريم بعيرف هبتيحا ( رؤوبن ريبلين بين المتحدثين في افتتاح المؤتمر ). تم الاسترداد من مركز هرتسيليا:https://www.idc.ac.il/he/whatsup/pages/herzliya-conf.aspx
معاريف. (1 تموز, 2019). جرينلت: هبنو شاين شلوم كلكلي، بلي عزا لو تهيه عسكات شلوم كولليت ( جرينبلت: فهمنا أنّه لا يوجد سلام اقتصادي، بدون غزة لن يكون هناك صفقة سلام شاملة ). تم الاسترداد من معاريف: https://www.maariv.co.il/news/politics/Article-706249
هيلا فيسبرغ. (1 تموز, 2017). منكال مسراد هبريئوت: هينو كبيسع شينوي دراماتي بمعريخت هبريئوت ( وكيل وزارة الصحة: كنا على شفا تغيير كبير في وزارة الصحة ). تم الاسترداد من جلوبس: https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001291769
يعكوف لايتسمان. (17 شباط, 2015). معرخيت هبريئوت كوريست ( المنظومة الصحية تنهار ). تم الاسترداد من هستدروت رفوئيت: https://www.youtube.com/watch?v=OGX6U7Z1pxI
يوسي كوهين. (1 تموز, 2019). مزهيم حلون هزدمنيوت حاد بعمي لشلوم بمزراح هتيخون ( نرى فرصة سلام أحادية في الشرق الأوسط ). تم الاسترداد من مركز هرتسليا:https://www.idc.ac.il/he/whatsup/pages/herzliya-conf-day2.aspx
[1] تأسس مركز هرتسليا للدراسات الاستراتيجية عام 2000 في مدينة هرتسليا، ويقوم بعقد مؤتمر سنوي شهير، يطلق عليه مؤتمر هرتسليا السنوي، ويحضره العديد من النخب السياسية والأمنية، المحلية والعالمية، ويتناول قضايا متعددة تتعلق بالأمن والسلام، ويقدم قراءات ورؤى استراتيجية للقضايا المختلفة. يركز المركز على بلورة سياسة إسرائيلية جديدة، في العديد من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية، وله علاقات جيدة مع العديد من الباحثين ورجال الدولة ورجال المجتمع، في مناطق متعددة في العالم. يرأس المركز اللواء في الاحتياط عاموس جلعاد.
[2] يُطلق قانون الأساس على مجموعة القوانين الثابتة في الدولة، والتي تُعتبر بمثابة دستور الدولة، في ظل عدم وجود دستور.
[3] المركز الإسرائيلي للديمقراطية هو معهد مستقل غير حزبي وغير حكومي، تأسس عام 1991، وينشر أبحاثا في مجالات الأحزاب، والديمقراطية، والأمن، والمجتمع؟ ومن أبرز إصداراته السنوية، قياس الديمقراطية في "إسرائيل". يتبع للمركز 5 مراكز بحثية مستقلة، ويرأسه يوحنن فلسنر.
[4] يُعتبر أبرز مراكز الأبحاث في "إسرائيل"، وهو يهتم بالقضايا الأمنية والسياسية. تأسس المعهد عام 2006، ويستقطب أبرز الباحثين محليا وعالميا، ويُعتبر من المراكز الأبرز، ليس على الساحة المحلية فحسب، بل أيضا على الساحة العالمية، حيث تم تصنيفه في عام 2008، واحدا من أبرز عشرة مراكز بحث عالمية.
يتبع المعهد لجامعة تل أبيب، لكنه يحافظ على استقلالية مالية وإدارية، ويهتم بالقضايا ذات الصلة بالأمن القومي الإسرائيلي، ويقدم خدماته عبر العديد من الدراسات، والمقالات، والتقديرات الاستراتيجية، ويعقد مؤتمرا سنويا يلخص فيه الأوضاع الأمنية الاستراتيجية لإسرائيل، ويشارك في المؤتمر كبار رجالات الدولة، كالرئيس ورئيس الحكومة، والعديد من الشخصيات السياسية العالمية. كما يقدم المعهد سنويا لرئيس الدولة تقديرا استراتيجيا للقضايا الأمنية التي تمس "إسرائيل"، ويرأس المعهد اللواء السابق عاموس يدلين.