• التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط

    تقدير استراتيجي (94) – كانون الأول/ ديسمبر 2016.

    ملخص:

    تسعى روسيا تحت قيادة بوتين إلى استعادة جانب من دورها ونفوذها الدولي، الذي فقدته إثر انهيار الاتحاد السوفييتي. وتحاول الاستفادة من عدم الرغبة الأمريكية في التدخل المباشر في صراعات المنطقة، غير أنها تعلم أنه من الصعوبة بمكان تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية، التي ترى في الشرق الأوسط منطقة لنفوذها. وما زال سقف تدخلها في سورية وغيرها مراعياً لهذه الخطوط، ومتجنباً لأي صراع مباشر مع الأمريكان. وفي هذا الإطار تنسج روسيا علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، مع إيران، وتركيا، وسورية، والعراق، ومصر، وغيرها. ومن المحتمل أن يتطور الدور الروسي ضمن أفضل ما يستطيع الروس تحقيقه. وبالرغم مما أبداه الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من رغبة في التعاون مع روسيا، إلا أن طبيعته البراجماتية وقاعدته الانتخابية الجمهورية قد تجنح إلى دفعه ليكون أكثر تشدداً بما يظهر قوة أمريكا وقدرتها على فرض سياساتها.

    مقدمة:

    انتهت الحرب الباردة التي استمرت عقوداً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بهزيمة الأخير بل وتفككه، وورثت روسيا الاتحادية تركة الاتحاد السوفياتي بجميع استحقاقاته ومكتسباته. وعلى خلاف الاتفاق الذي كان بين الرئيسين السوفياتي غورباتشوف والأمريكي بوش والذي كان يبدو في ظاهره أنه اتفاق بين ندّين، شعر الروس بأن الغرب يعاملهم بغطرسة شديدة وأن تسوية ما بعد الحرب الباردة ليست عادلة، بل واصل الغرب الضغط على روسيا لإنهاكها داخلياً واقتصادياً وضمّ ساحات النفوذ التاريخية التابعة لها لنفوذه، خصوصاً تدخل الناتو في حرب كوسوفا ثم جمهوريات آسيا الوسطى وجورجيا فيما بعد، مما عُدَّ مساساً بالأمن القومي الروسي، وأوجد شعوراً عاماً عند النخبة الروسية بأن روسيا لا يمكن أن تكون مجرد دولة أوروبية ذات وزن إقليمي؛ فهي إما أن تكون دولة عظمى —بالرغم من قلة إمكاناتها— وفي موقع الشريك مع الغرب، أو أنها ستنهار.

    كان مجيء بوتين للسلطة في روسيا نقطة تحول رئيسية في التوجهات السياسية، وقد عبر عن ذلك في خطابه السنوي في المجلس التشريعي الروسي (الدوما) في سنة 2005، حيث قال بأن انهيار الاتحاد السوفياتي كان ”كارثة جيوسياسية كبيرة“، وبأن الغرب لم يحسن التصرف بعد نهاية الحرب الباردة، وأنه أخطأ عندما ظنّ بأن روسيا ستستمر في الانحدار.

    إن هذا المدخل مهم جداً لشرح معظم الدوافع والتوجهات الروسية في منطقة الشرق الأوسط، واستشراف المدى الذي من الممكن أن يتطور إليه الدور الروسي، والذي لا يمكن حصره في التدخل العسكري في سورية وإن كان هذا التدخل يمثل العنوان الرئيسي.

    أولاً: دوافع روسيا في الشرق الأوسط:

    من حيث الأهمية في التسلسل الهرمي التقليدي للسياسة الروسية الخارجية يأتي ترتيب الشرق الأوسط تالياً لأمريكا وأوروبا والصين ودول آسيا الصاعدة، لكن بما أن موسكو قد حددت توجهاتها بأنها يجب أن تعود كقوة عالمية، عظمى، وأن تنهي النظام العالمي أحادي القطبية، فلا يمكن لها أن تتجاهل هذه المنطقة بما تمثله من موقع جغرافي فريد وثروات طبيعية هائلة. ورأت في حالة الاضطراب والفوضى في منطقة الشرق الأوسط فرصة لاستعادة مناطق نفوذها التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وبالتالي اكتسبت تلك المنطقة صفة ”منطقة اختبار“، تختبر فيها روسيا قدرتها في العودة للساحة العالمية كشريك أساسي ومؤثر.

    وفق هذا التصور، يصبح الدافع الجيو-سياسي هو الدافع الرئيسي —وليس الوحيد— لاهتمام روسيا في المنطقة العربية، وهو المنطلق الأساسي الذي على أساسه تَنسج شبكة علاقاتها بدءاً من التدخل العسكري في سورية، والتحالف مع إيران، وعقد اتفاقات مع تركيا، والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع ”إسرائيل“، وليس انتهاءً بالسعي لإقامة علاقات مع العراق ومصر ودول الخليج، وهو دافع مرتبط بالأمن القومي الروسي.

    وبطبيعة الحال ليس هذا هو الدافع الوحيد، فبالإضافة لذلك يوجد الدافع الاقتصادي وهو حاضر بقوة خصوصاً عند الحديث عن العلاقات الروسية التركية، أو العراقية، أو الإيرانية، فالتبادل التجاري بين روسيا وهذه الدول في مستوى عالٍ، وتسعى روسيا لمزيد من الاستثمار، خصوصاً في مجال الطاقة البديلة، والنفط، والغاز، وصفقات السلاح.

    كما يبرز هدف أساسي ثالث وهو محاربة ما يُسمى التطرف والإرهاب، وما يمثله من تهديد أمني على الداخل الروسي، حيث تشير تقارير متفاوتة بوجود ما بين ألفين إلى خمسة آلاف ”جهادي“ يحملون الجنسية الروسية وينتمون لصفوف تنظيم الدولة الإسلامية أو التنظيمات الجهادية الأخرى. وحسب المفهوم الروسي، لا تقتصر التنظيمات الإرهابية على تنظيم الدولة، بل هو مفهوم واسع يشمل جميع الفصائل الإسلامية المسلحة التي تقاتل النظام السوري.

    ولتنظيم الدولة حضور إعلامي قوي في مواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالروسية، وهناك قناعة روسية بأن انتشار التطرف الإسلامي يعزز النزعات الانفصالية في داخل روسيا، ويشكل ثغرة يمكن أن يستغلها الغرب لتهديد الأمن القومي الروسي، حيث تزيد نسبة المسلمين في روسيا عن 17% من السكان.

    ثانياً: كيف تتحرك روسيا؟

    تاريخياً كانت روسيا تنظر لنفسها من موقع ”الدولة ذات الرسالة“ فهي القيصرية الروسية حامية الكنيسة الأرثوذكسية، أو هي الاتحاد السوفياتي صاحب الرسالة العالمية الشيوعية؛ بينما تطرح نفسها حالياً من موقع براجماتي تسعى لتحقيق مصالح مشتركة مع دول المنطقة، وتعمل على الحفاظ على استقرارها، وتحرص على تكوين شبكة علاقات متوازنة مع الجميع.

    ومن خلال خبرتها مع الثورات التي حدثت في المجال الحيوي لروسيا؛ في أكرانيا وجورجيا…، في العقد الماضي، ترى موسكو أن ثورات الربيع العربي لم تكن عفوية وإن كانت في البداية عفوية، لكن استطاع الغرب أن يتحكم بها ويوظفها لخدمة مصالحه، وأن الموقف الأمريكي كان مهادناً لها لدرجة أنه تخلى عن أقرب حلفائه وهو الرئيس المصري المخلوع مبارك. وكانت الضربة الكبرى هي تدخل الناتو في ليبيا. وفي خطابه أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2015، انتقد الرئيس الروسي السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وحمَّلها نتيجة الفوضى الحادثة فيها، وأن تلك الحالة ناتجة عن تجاوز الولايات المتحدة لمجلس الأمن في إجراءاتها، وفي تدخلها في الصراعات بشكل مباشر، مما نتج عنه ظهور تنظيم الدولة وأزمة اللاجئين في أوروبا. ووجه سؤاله للأمريكان قائلاً: ”هل تدركون ما فعلتم الآن؟“

    ثالثاً: الفرص الروسية في المنطقة:

    1. التدخل في سورية:

    بطبيعة الحال، يُعدُّ النفوذ الروسي في سورية هو العنوان الرئيسي لنفوذها في المنطقة ومنذ البداية حرصت روسيا على أن يكون تدخلها شرعياً بالاتفاق مع النظام الحاكم في سورية والمعترف به دولياً. ولأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة تتخذ موسكو موقفاً استباقياً وتتدخل بهذا الشكل المباشر في الأزمات الدولية، واستطاعت روسيا بتدخلها العسكري أن توقف تدهور قوات النظام السوري وأعادت له زمام المبادرة، وقامت بمناورات عسكرية حقيقية، وأعادت تقييم جاهزية قواتها المسلحة، واحتفظت بقاعدتها البحرية العريقة في طرطوس، وأنشأت قاعدة جوية في حميميم في اللاذقية، ونشرت منظومة الدفاع الجوي أس 400 المتطورة، وحمت نفسها في الوقت ذاته من تورط قواتها البرية في المستنقع السوري. وبالتالي نستطيع أن نقول بأن روسيا حققت الجزء الأكبر من أهدافها في سورية، وفرضت نفسها كلاعب دولي أساسي لا يمكن تجاوزه.

    وتتلخص الرؤية الروسية للأزمة السورية في:

    • ليس من حقّ أي دولة أن تتدخل لقلب النظام الحاكم في أي دولة أخرى، ولا تغيير حدودها الجغرافية، لذلك فروسيا مع وحدة الأراضي السورية، وأن مصير الشعب السوري يحدده الشعب دون إملاءات خارجية.

    • الأولوية لمحاربة التنظيمات الإسلامية المتشددة وفق التصنيف الروسي الذي لا يقصرها في تنظيم الدولة والنصرة.

    • حلّ الأزمة السورية هو حلّ سياسي ولا يمكن حسم المعركة عسكرياً، لذلك كان هدف الحملة العسكرية الروسية هو فرض واقع جديد ثم الدعوة للحوار السياسي.

    • وغاية ما تطمح له الديبلوماسية الروسية هو الجلوس من موقع الشريك مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حلّ سلمي، الأمر الذي تقابله الإدارة الأمريكية بعدم اعتبار روسيا لاعباً دولياً بل هي لاعب فوق إقليمي، حسب تصريح الرئيس أوباما.

    2. التحالف مع إيران:

    لروسيا علاقات وثيقة جداً مع إيران على مختلف المستويات بالرغم من وجود ثغرات في الثقة المتبادلة بينهما، فالتدخل الروسي في سورية ما كان ليتم لولا الغطاء البري من إيران والقوات المتحالفة معها. وبالرغم من تشابك المصالح بين الدولتين، إلا أن هناك جواً من الحذر في التعامل فيما بينهما، فإيران من مصلحتها المزيد من الانخراط الروسي في المعارك في سورية، بينما تحرص روسيا على الاكتفاء بالضربات الجوية وعمليات القوات الخاصة. لكن مستوى مقبولاً من التناغم قائم بينهما فيما يتعلق بالأزمة السورية وفيما يتعلق بمواجهة السياسة الأمريكية. وأظهرت روسيا قدراً كبيراً من القدرة على التفاهم مع إيران على الرغم من تصويتها في مجلس الأمن لصالح فرض عقوبات على إيران، بسبب برنامجها النووي، لأنها تتعامل مع هذه المسألة وفق محددين، أولهما: تأييد حقّ إيران في امتلاك تكنولوجيا نووية للاستخدامات السلمية، وثانيهما: رفض امتلاك إيران أسلحة نووية.

    3. اتفاقيات مع تركيا:

    استطاعت الدولتان تجاوز أزمة إسقاط الطائرة الروسية والمضي في التعاون الاقتصادي بالرغم من الخلافات السياسية الجوهرية بين البلدين فيما يتعلق بسورية، لكن تعامل الطرفين ببراجماتية عالية أدى إلى تطور على الأرض أيضاً، فعلى مدى سنوات كانت أنقرة تُسوِّق لمشروعها القاضي بإيجاد منطقة آمنة على حدودها السورية، الأمر الذي كانت ترفضه واشنطن. لكن بعد التفاهم مع الروس تمكن الأتراك من التوغل في الأراضي السورية، وفرض أمر واقع جديد في مواجهة القوات الكردية. غير أن العنوان الأبرز للعلاقات الروسية التركية هو الاقتصاد، خصوصاً في مجالات الطاقة، والغاز، والزراعة، والبناء.

    4. العلاقة مع العراق:

    نتيجة لعلاقاتها الجيدة مع إيران، تحظى روسيا بعلاقات جيدة مع العراق وتسعى للحصول على صفقات في مجال التسليح والطاقة، كما أنها في الوقت نفسه على علاقات تاريخية مع الأحزاب الكردية.

    5. السعودية وغياب الثقة:

    لم تكن العلاقات بين السعودية وروسيا مميزَّة في يوم من الأيام. ويوجد تضارب في وجهات النظر فيما يتعلق بالتعامل مع ملفات المنطقة بما في ذلك العلاقة مع إيران، ومستقبل سورية ونظام الحكم فيها. كما تنظر روسيا إلى ما تُسمِّيه ”الفكر الوهابي“ الذي تتبناه السعودية نظرة ريبة، وبأن انتشاره بين مسلمي روسيا يهدد الأمن القومي الروسي. لكن شهدت الآونة الأخيرة اتصالات مكثفة بين الجانبين، وتريد روسيا من السعودية التفاهم حول أسعار النفط، ومن مصلحة السعودية انتهاج سياسة التنويع في العلاقات الخارجية، لذلك من المتوقع استمرار الاتصالات بين الجانبين.

    6. تحسن العلاقات مع مصر:

    تاريخياً، كانت مصر تمثل عماد المصلحة الجيو-سياسية السوفياتية في المنطقة، قبل أن تتحول باتجاه الولايات المتحدة. تحسنت العلاقات المصرية الروسية بشكل كبير بعد وصول عبد الفتاح السيسي للرئاسة، والرئيس بوتين ينظر إليه باعتباره الشخص القادر على استعادة الاستقرار في أكبر بلد عربي. ومن خلال التمويل السعودي حصلت مصر على صفقة أسلحة روسية كبيرة، الأمر الذي نُظر إليه على أنه شراء موقف، لأن الجيش المصري يعتمد بشكل أساسي على الأمريكان في التسليح والتدريب.

    7. روسيا و”إسرائيل“:

    يشكل الناطقون بالروسية في دولة الاحتلال خمس السكان، كما أنه يوجد حضور معتبر لليهود في روسيا، والعلاقات بين البلدين جيدة، على الرغم من أن روسيا ليست على اتفاق مطلق مع ”إسرائيل“ وتتبنى حلّ الدولتين، وتختلف مع وجهات النظر الإسرائيلية في الموقف من إيران وحزب الله وحماس، وهي بالتالي تنتهج نهجاً مرناً يخالف النهج الأمريكي، الذي يُعدّ حليفاً تقليدياً لدولة الاحتلال.

    رابعاً: عقبات تحد من القدرة الروسية:

    1. المُحدِّد الأمريكي: تُعد منطقة الشرق الأوسط بشكل عام منطقة نفوذ أمريكي ضمن التقسيمات التقليدية في فترة الحرب الباردة (ثنائية القطبية الأمريكية الروسية). وبالرغم من محاولات الروس الدائمة لإيجاد موطئ قدم ودوائر نفوذ وتحالفات، إلا أن الأمريكان ظلوا اللاعب الأكبر في المنطقة. وبغض النظر عن الأسلوب الذي أدار به أوباما السياسة الأمريكية في المنطقة، وما بدا وكأنه تراجعٌ في الدور الأمريكي، إلا أنه لم يحصل تغير على جوهر السياسة الأمريكية، بالرغم من سعي الأمريكان لتخفيض التكاليف والنأي عن التدخل المباشر. ولا يظهر أن التحرّك الروسي مسَّ حتى اللحظة المصالح الحيوية الأمريكية وخطوطها الحمراء، بغض النظر عن انزعاج عدد من الأنظمة الصديقة لأمريكا من طريقتها في إدارة النزاعات.

    ويبدو أن التدخل الروسي في سورية لم يتعارض مع السياسة الأمريكية في استمرار استنزاف الحكومة والمعارضة السورية، وتغذية الصراع بما يمزّق النسيج الاجتماعي السوري طائفياً وعرقياً، ويدمر الاقتصاد؛ وبما يؤدي لإضعاف الدولة المركزية في سورية لصالح الانقسامات الداخلية التي قد تنشأ في أي ترتيبات مستقبلية؛ وهي ترتيبات ما تزال لأمريكا يدٌ دولية طُولى فيها مقارنة بالروس. كما أن النظم الحاكمة في المنطقة ما تزال أكثر ميلاً في علاقاتها مع الأمريكان مقابل الروس لأسباب مختلفة. وبالرغم مما أبداه الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من رغبة في التعاون مع روسيا، إلا أن طبيعته البراجماتية وقاعدته الانتخابية الجمهورية قد تجنح إلى دفعه ليكون أكثر تشدداً بما يظهر قوة أمريكا وقدرتها على فرض سياساتها.

    2. ضعف الإمكانيات المادية الروسية، بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تتعرض لها موسكو، بسبب تراجع أسعار النفط، والعقوبات الاقتصادية الأوروبية.

    3. احتمال تمدّد الحرب في سورية واتساعها، وفي هذه الحالة ستتعرض روسيا لاستنزاف شديد تحاول تجنبه، لأن الثمن الذي سيدفع حينها سيكون باهظاً جداً إذا قورن بالمكتسبات، وسيعيد ذكريات حرب أفغانستان إلى الرأي العام الروسي. وحتى الآن فالعملية العسكرية الروسية في سورية ما تزال محدودة التكاليف، وهي تقارب تكلفة أي مناورة كبيرة.

    4. التعاون الوثيق مع إيران، كما أنه يمثل فرصة لروسيا، إلا أنه أيضاً يمثل عقبة تُقِّيد يدها في المنطقة. فعلى سبيل المثال تحتاج روسيا إلى إيران في مدَّ علاقات اقتصادية قوية مع العراق.

    5. تشابك مصالحها مع نقيضين في المنطقة، وهما ”إسرائيل“ وإيران، مما سيؤثر على مصالحها في حالة حدوث صراع بين الطرفين، لذلك تتعامل روسيا مع المسألة بحذر شديد.

    6. العامل الداخلي الروسي، وهو العامل الأهم لكنه عامل بعيد المدى، مرتبط بفشل روسيا في التحول لدولة مؤسسات، وبالتالي هناك خشية من مرحلة ما بعد بوتين.

    خامساً: سيناريوهات المستقبل:

    من خلال استعراض الحراك الروسي في المنطقة، يظهر أن موسكو تحاول إيجاد صورة اللاعب الواقعي وغير العقائدي، الذي يمتلك الخبرة والقوة بما فيه الكفاية، ويمثل الشريك الذي يمكن الوثوق به، والقادر على التأثير في الوضع من خلال ثنائية الديبلوماسية والقوة. روسيا تطرح نفسها كقوة عالمية كبرى مستعدة لتقديم شراكة لجميع الذين يشتركون معها في الرؤية لعالم متعدد الأقطاب. وفي هذا الإطار يبرز أمامنا سيناريوهان:

    السيناريو الأول: سيناريو استمرار تمدد الدور الروسي:

    وهو سيناريو يدعمه ما شهدناه من القدرة على نسج شبكة علاقات متنوعة ومتشابكة تتفاوت من التحالف الاستراتيجي إلى العلاقات الاقتصادية، مستفيدة في ذلك من التحولات الدولية والإقليمية، والمهارة في التعامل مع الأحداث مثل المبادرة بالتدخل الاستباقي في سورية ومنع سقوط النظام، واحتواء حادثة إسقاط طائرة الركاب الروسية في سيناء، واستخدام سياسة التصعيد المدروس في احتواء الأزمة مع تركيا إثر إسقاط الطائرة.

    السيناريو الثاني: سيناريو انحسار الدور الروسي:

    وهو مرتبط بسير المعارك في سورية، وقدرة ورغبة الدول الداعمة لقوات المعارضة السورية على إحداث تغير استراتيجي في الميدان، وهو أمر لم تتضح بوادره حتى هذه اللحظة، كما أنه مرتبط بتفكك التحالف الإيراني – الروسي، ولا يوجد أي مؤشر على خلافات جوهرية بين الطرفين.

    سادساً: توصيات:

    من خلال الاستعراض السابق، يظهر لنا أن هناك دوراً متنامياً للروس في تفاعلات المنطقة، وتبدو القوى الشعبية الإسلامية منها والوطنية في موقف المناهض للدور الروسي، الأمر الذي يستدعي:

    1. مزيداً من الفهم للعقلية الروسية وللمصالح الروسية في المنطقة، وأنها مصالح جوهرية تمس الأمن القومي الروسي وتتجاوز أمر التطلعات الشعبية فيها.

    2. فلسطينياً تتميز السياسة الروسية بأنها تحتفظ بعلاقة جيدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنها لا تتبنى جميع مواقفها، ولا تصنف الحركات المقاومة تصنيفاً إرهابياً، الأمر الذي يوفر هامشاً للمناورة.

    3. تنشيط الديبلوماسية الشعبية، من خلال الانفتاح أكثر على الرأي العام الروسي لا سيّما وأن 17% من المواطنين الروس هم مسلمون، ولهم دورهم ومكانتهم في الحياة الروسية، وكان لموقف مفتي روسيا دور إيجابي في تحسين العلاقات الروسية التركية إثر إسقاط الطائرة الروسية.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ علي البغدادي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط Word (12 صفحة، 95 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط  (12 صفحة، 546 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 1/12/2016

  • التقدير الاستراتيجي (98): مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء.. إلى أين؟

    تقدير استراتيجي (98) – آذار/ مارس 2017. 

    ملخص:

    ظهرت تسريبات إسرائيلية حول انعقاد مؤتمر قمة سرِّي، مصري إسرائيلي أردني، في مدينة العقبة الأردنية، وبمشاركة وزير الخارجية جون كيري، قبل نحو عام في شباط/ فبراير 2016. كما رافقتها تسريبات وشائعات حول عرض قدمه الرئيس المصري السيسي لتوطين الفلسطينيين في أجزاء يتم اقتطاعها من سيناء بين رفح والعريش (نحو 1,600 كم2). وبالرغم من نفي رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لوجود هذا الاقتراح المصري، إلا أنه أقر بانعقاد مؤتمر العقبة. أما الطرف المصري الذي تجنب الحديث عن المؤتمر، فقد نفى أيضاً وجود هذا الاقتراح.

    غير أن هناك ثمة ما يثير القلق من وجود مخططات إسرائيلية لتوطين الفلسطينيين في سيناء؛ ومن احتمال تعرض النظام المصري لضغوط متزايدة للقبول بها، خصوصاً وأنه يعاني من ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة.

    تتلخص السيناريوهات في احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بحرب مدمرة على قطاع غزة تؤدي إلى تهجير أعداد منهم إلى سيناء، وثانياً في احتمال أن يحدث قبول مصري عربي بفكرة التوطين بما يوفر التسهيلات والمغريات اللازمة لذلك، وثالثاً في احتمال أن يتمكن الشعب الفلسطيني، وبدعم بيئته العربية والإسلامية، من إفشال مخطط التوطين؛ وهذا هو الاحتمال الأقوى والمرجح.

    أولاً: توطين الفلسطينيين في سيناء بين التأكيد والنفي:

    تناقلت الأنباء في 14/2/2017 أن الوزير الإسرائيلي، بلا حقيبة، وعضو حزب الليكود الحاكم نشر تغريدة على تويتر قال فيها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اتفقا على تبني ما وصفها بخطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية، وأنه بذلك يتم تعبيد طريق “السلام الشامل” مع ما وصفه بـ”الائتلاف السنّي”. وجاءت هذه التغريدة قبيل لقاء يجمع نتنياهو بترامب في واشنطن.

    وأعادت هذه التغريدة إلى الأذهان خبراً عن إذاعة الجيش الإسرائيلي جالي تساهال، في 8/9/2014، أن الرئيس المصري السيسي اقترح على الرئيس الفلسطيني محمود عباس إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على قطاع غزة ونحو 1,600 كم2 من سيناء يتم ضمّها للقطاع. وعلى أبي مازن إذا ما وافق على المقترح أن يتنازل عن المطلب الفلسطيني بدولة فلسطينية على حدود الخامس من حزيران/ يونيو 1967؛ غير أن عباس رفض هذا الاقتراح.

    وصرح أيوب القرا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أنه ناقش هذا المقترح يوم الأحد 12/2/2017 مع نتنياهو، وأن نتنياهو أبلغه بنفسه أنه سيثير المقترح مع ترامب.

    وبعد بضعة أيام، وتحديداً في 19/2/2017، كشفت صحيفة هآرتس عند انعقاد مؤتمر سرّي في 21/2/2016 في مدينة العقبة في الأردن بمشاركة نتنياهو، وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي، والملك عبد الله ملك الأردن، والرئيس عبد الفتاح السيسي؛ أي قبل نحو عام من تاريخ الخبر. حيث امتنع نتنياهو عن الموافقة على مشروع تسوية قدمه جون كيري يتضمن، حسب هآرتس، اعترافاً بـ”إسرائيل دولة يهودية”، واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدعم الدول العربية. غير أن الصحيفة لم تشر إلى مقترح للرئيس السيسي بشأن توطين الفلسطينيين في أجزاء من سيناء وضمها للدولة الفلسطينية المقترحة.

    وبالرغم من أن مصر والأردن لم تؤكدا حدوث مؤتمر العقبة، إلا أن نتنياهو نفسه أكد انعقاده، وأكد المشاركة في قمة مصرية إسرائيلية أردنية، مبرراً حالة الاستهجان من كتمان لقاء رفيع المستوى كهذا مع الرئيس المصري والملك الأردني، بقوله “أفعل الكثير من أجل عملية السلام، لكنني لا أستطيع أن أكشف كل شيء”.

    غير أن نتنياهو نفى تصريحات أيوب قرا بأنه كان ينوي بحث إقامة جزء من الدولة الفلسطينية في سيناء في لقائه مع ترامب.

    وقد كان لافتاً غياب أو تغييب المشاركة الفلسطينية الرسمية عن المؤتمر بالرغم من التزامها بمسار التسوية السلمية؛ وبالرغم من كونها الجهة المعنية أساساً بأي اتفاق متعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني.

    وبعد نفي نتنياهو لمشروع توطين الفلسطينيين في سيناء، قام النائب السابق الجنرال أريه إلداد بالتصريح لموقع صحيفة معاريف أن الرئيس المصري السيسي اقترح فعلاً منح الفلسطينيين مساحة في شمال سيناء لإقامة دولتهم.

    أما في مصر فقد أكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف أن “ما تردد مؤخراً عبر وسائل الإعلام بشأن وجود مقترحات لتوطين الأخوة الفلسطينيين في سيناء، هو أمر لم يسبق مناقشته أو طرحه على أي مستوى من جانب أي مسئول عربي أو أجنبي مع الجانب المصري”. وأضاف: “من غير المتصور الخوض في مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة، خاصة وأن أرض سيناء جزء عزيز من الوطن”. كما نفت وزارة الخارجية المصرية ما ذكرته القناة الصهيونية السابعة عن توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء واصفة إياه “بجملة من الأكاذيب”، وفي يوم المعلم نفى الرئيس السيسي هذه التصريحات بقوله “إن أحداً لا يملك أن يفعل ذلك”.

    ومما سبق لا تعكس التقارير والأخبار المتداولة معلومات دقيقة يمكن البناء عليها فيما يتعلق بمشروع لتوطين الفلسطينيين في سيناء ضمن عملية اقتطاع أجزاء منها لقطاع غزة. غير أن الطريقة التي ظهرت فيها هذه الأخبار تثير مجموعة من التساؤلات المشروعة… .

    فهل يمكن لوزير في الحكومة الإسرائيلية وعضو في حزب الليكود الحاكم ومقرب من رئيس وزرائه أن يكون مجرد “كذّاب”؛ ومجرد “مشاغب” يُحبُّ لفت الأنظار إلى نفسه حتى ولو بإفساد العلاقة مع دولة كمصر ذات قيمة كبرى في الاستراتيجية الإسرائيلية؟! ولماذا لم يقم رئيس الوزراء الإسرائيلي إلا بعملية نفي للخبر… دون أن يقوم بتوبيخ أو معاقبة الوزير الإسرائيلي أيوب قرا؟!

    ولماذا سكتت مصر والأردن وأمريكا عن عقد مؤتمر العقبة واحتفظت بسره تماماً؛ ولم ينكشف إلا إسرائيلياً، ومن أعلى مستوى، بعد عام على انعقاده؟!
    وهل بالتالي هناك نقاط وأجندات أخرى سرية لم تنكشف حتى الآن؟! وهل كان موضوع توطين الفلسطينيين في سيناء من بينها؟! وهل ما فعله القرا لم يكن سوى “بالون اختبار” بإذن من القيادة الإسرائيلية لجس نبض الرأي العام والتعرف على ردود الفعل المحتملة؟! ثم التقدم بخطوات عملية إلى الأمام إذا لم يكن هناك ثمة ما يثير القلق.

    ثانياً: دور الولايات المتحدة الأمريكية:

    بعيداً عن النظرة الأمريكية لـ”إسرائيل” بأنها أحد الركائز الأساسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؛ فقد أصبح واضحاً للعيان أن السياسة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب، ربما ستكون من أكثر الحكومات الأمريكية دعماً للأطماع الإسرائيلية في المنطقة، وسنداً لها في تحقيق ذلك؛ والمؤشرات هنا كثيرة أهمها:

    1. وعود ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

    2. تقرب دونالد ترامب ومعظم أعضاء إدارته العاملون في المناصب العليا إلى اليمين الصهيوني المتطرف.

    3. في سابقة خطيرة ولها دلالات مهمة وجّه ترامب دعوة لزعماء مجالس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية للمشاركة في حفل تنصيبه رئيساً  للولايات المتحدة.

    4. تحميل ترامب الفلسطينيين فشل العملية السلمية، وتحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية “نشر الكراهية” وتبني بيان جاء فيه “أن الولايات المتحدة  الأمريكية لن تدعم إقامة دولة إرهابية في الأراضي المحتلة”، “وأن حلّ الدولتين أصبح على ما يبدو مستحيلاً الآن”.

    5. لا يمكن إغفال أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من أوائل الدول التي دعت إلى فكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين؛ عبر خطة مستشار وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط مالك غي، سنة 19499.

    ثالثاً: المخططات الصهيونية وفكرة توطين الفلسطينيين في سيناء:

    فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء، لم تغب عن أذهان القادة الصهاينة ولا من خططهم الاستراتيجية، فهي فكرة تعدّ تطبيقاً للحكم الصهيوني بالتخلص من الشعب الفلسطيني وتوطينه وذوبانه في بيئات خارجية. وقد ظهر في ذلك عدة مشروعات، منها:

    1. مشروع إيجال آلون والذي ظهر سنة 1967، والذي دعى إلى فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء استغلالاً لظروف “عجز السلطات المصرية في  فرض سيطرتها الأمنية في سيناء” وهي الحالة التي تشبه الأوضاع الحالية.

    2. مشروع مستشار الأمن القومي الصهيوني جيورا أيلاند سنة 2004، والذي دعى إلى تنازل مصر عن 600 كم2 من سيناء بغرض توطين اللاجئين. مقابل أن يتنازل الكيان الصهيوني عن 200 كم22 من أراضي صحراء النقب لصالح مصر، ومنحها بعض المكاسب الاقتصادية.

    3. خطة يوشع بن آريه سنة 2013، والتي تنص على أن تُمدَّد حدود قطاع غزة إلى حدود مدينة العريش لتضم مدينتي رفح والشيخ زويد لقطاع غزة،  ومن ثم توطين اللاجئين الفلسطينيين فيها.

    وهو ما يعني أن موضوع توطين الفلسطينيين في سيناء حاضر حتى الآن في العقل الإسرائيلي.

    رابعاً: دور مصر:

    بالرغم من النفي المصري الرسمي لوجود مقترحات لتوطين الفلسطينيين في سيناء؛ إلا أنه يجب متابعة السلوك الرسمي للتأكد أنه ليست هناك ثمة أجندات غير معلنة، وأن النظام لن يخضع لأي ضغوط خارجية في سبيل الوصول إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية تكون على حساب الشعب الفلسطيني وحقه في العودة وإنهاء الاحتلال.

    فقد سبق للنظام المصري تحت قيادة عبد الناصر أن تعامل بإيجابية مع فكرة توطين نحو 50–60 ألف فلسطيني في سيناء، وأخذ الأمر شكلاً جاداً عندما تعاون مع الأونروا في الفترة 1953–1955 لتجهيز هذا المشروع. غير أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نجح في إسقاط المشروع وإلغائه.

    كما أن هناك عوامل مهمة يجب أخذها بعين الاهتمام أبرزها العلاقة المتميزة والتعاون غير المسبوق بين نظام السيسي وبين الجانب الإسرائيلي، وقيامه بدور أساسي في حصار قطاع غزة، وهشاشة الوضع السياسي في مصر، وانفراد السلطة الحاكمة بالقرار مع تغييب وضرب قوى المعارضة الفاعلة، والأزمة الاقتصادية المتصاعدة في مصر، وحاجة النظام المصري الماسة للدعم الأمريكي والغربي لمواجهة مشاكله السياسية والاقتصادية والأمنية…؛ وبالتالي سهولة وضع النظام تحت الضغط في سبيل البقاء؛ على الأقل وفق الحسابات الإسرائيلية الأمريكية.

    خامساً: فلسطينياً:

    من يتابع التصريحات الصادرة عن القيادات الفلسطينية من كافة الاتجاهات حول فكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء يجد بأن هناك إجماعاً على رفض الفكرة. وفي الحقيقة فمن الصعب الجزم بإمكانية تطبيق خطة توطين الفلسطينيين في سيناء من الناحية المنطقية والعقلانية. وحتى الآن، فقد تمكن الفلسطينيون رسمياً وشعبياً من إفشال كافة مشاريع التوطين التي استهدفتهم.

    سادساً: السيناريوهات المحتملة:

    1. محاولة تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة إلى سيناء من خلال حرب مدمرة:

    ترتفع مؤشرات شنّ عدوان شرس على غزة وبوتيرة متسارعة. عدوان قد تكون أحد نتائجه تهجير عدد كبير من سكان قطاع غزة إلى سيناء، سواء من خلال اتفاق إسرائيلي مصري أم دون ذلك. فقد تقوم “إسرائيل” بهذه الخطوة استناداً على ما يلي:

    أ. وجود قيادة صهيونية يمينية عنصرية متطرفة تتولى زمام الحكم.

    ب. القوة العسكرية الإسرائيلية، خصوصاً في ظلّ الحديث عن توقعات بتوفير غطاء ودعم أمريكي غير مسبوق.

    ج. عجز المؤسسات العربية والدولية في حلّ الأزمات الإقليمية.

    ‌د.  يجب الأخذ في الاعتبار حمامات الدم في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في سورية واليمن وليبيا، والتي قد تشكل دافعاً للكيان الصهيوني لارتكاب مذابح مشابهه في حقّ سكان غزة لتشكل ضغطاً عليهم تجبرهم للفرار إلى سيناء.

    ‌ه. الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، والتي قد تضطر أعداداً منهم للسكن في سيناء إذا ما أتيح لهم ذلك في وجود بدائل وحوافز  حياتية أفضل.

    ‌و. تنامي أفكار الهجرة والبحث عن حياة في مكان آخر لدى أوساط الشباب من سكان القطاع. فقد أشارت إحدى الدراسات أن 24% من الشباب لديهم  الرغبة في الهجرة للخارج.

    في حال أراد الكيان الصهيوني تهجير فلسطيني غزة، ليس المقصود كل سكان غزة وإنما جزء منهم بهدف إيجاد بذرة التوطين، خصوصاً وأن الفارين لسيناء من سكان القطاع من المتوقع بأنهم سيحصلون في البداية على خدمات ومساعدات من قبل منظمات دولية تعزز وجودهم، ليتسلل إليهم بأن الأوضاع في سيناء أفضل من غزة، وليتحول الاستقرار المؤقت إلى استقرار دائم.

    غير أن هذا السيناريو محفوف بالمخاطر، وقد يأخذ شكل مغامرة إسرائيلية غير معروفة العواقب؛ إذ قد ترتد هذه المحاولة بآثار عكسية واسعة على المشروع الصهيوني، فينهار مسار التسوية السلمية، وتكتسب قوى المقاومة مزيداً من الشرعية، كما أن صمود الشعب الفلسطيني ووعيه بمخططات التوطين سيسهم في إفشالها، كما أنه قد تتشكل بيئة عربية وإسلامية قوية تدفع النظام المصري لعدم التعاون على تنفيذ هذا المخطط، بالإضافة إلى الوجه البشع لـ”إسرائيل” الذي سينكشف بشكل أكبر، مما يتسبب لها بمزيد من العزلة والفشل.

    2. إمكانية القبول العربي بالتوطين:

    وهذا السيناريو يعتمد على أن تقبل الأنظمة الحاكمة في الدول العربية في نهاية المطاف بحلول قد تذهب إلى تصفية القضية الفلسطينية وذلك للعوامل التالية:

    أ. انشغال العديد من الدول العربية في إشكالياتها التي لا حصر لها، والتي كانت تعدُّ سابقاً دول مناصرة للقضية الفلسطينية.

    ب. تعاني عدد من الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية حالة يمكن وصفها بـ”الرعب” من المجهول، جعلها تخشى على مستقبلها ومستقبل بلدانها، مما  يجعلها تتفهم أي حلول يضمن استقرار أنظمتهم ووحدة أراضيهم، معتقدين بأن العلاقات العربية الجيدة مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية تضمن لهم ذلك.

    ج. انشغال الأحزاب والقوى الشعبية العربية والإسلامية بإشكالياتهم الخاصة بشكل يبعدهم عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية.

    د. من المتوقع أن تكون مرحلة ما بعد محمود عباس في غاية الصعوبة؛ وذلك لاستمرار الانقسام، وغياب دور المؤسساتية. مما يغيّب أي دور فلسطيني  فعال ومؤثر مستقبلاً ويدخل السلطة الفلسطينية في مربع النزاعات الداخلية، لتعود القضية الفلسطينية إلى أحضان الدول العربية وبالتحديد مصر مرة أخرى. والتي يعاني نظامها السياسي من مجموعة من المشاكل الكبيرة التي قد تجعله قابلاً للضغط والابتزاز.

    إلا أن احتمال حدوث هذا السيناريو ضعيفة، وذلك لأنه من المتوقع أن يرفض الشعب الفلسطيني وكذلك الشعوب العربية مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين، مما يجعل الأنظمة العربية الحاكمة تخشى من ردّ فعل الشارع العربي؛ حيث ما زال موضوع التوطين “محرقة” لشعبية الأنظمة وحتى لشرعيتها في البيئة العربية.

    3. فشل مشروع التوطين:

    من المتوقع أن يفشل سيناريو توطين الفلسطينيين في سيناء، فعلى مدى سبعين عاماً تمكّن الفلسطينيون من إفشال عشرات مشاريع التوطين؛ وما زال ثمة إجماع فلسطيني على رفض التوطين وعلى حقّ العودة. وهو السيناريو الأرجح، فكلاً من الشعبين المصري والفلسطيني، يمثلان عقبة حقيقية أمام تنفيذ خطة الوطن البديل. وإن الروح الوطنية والقومية والإسلامية، مع تكريس حدود الدولة القُطرية تشكل موانع ودوافع حقيقية ضدّ التوطين.

    إضافة الى حرص السلطة الفلسطينية على عدم التطرق للمسائل الحساسة وعلى رأسها قضية اللاجئين، كما أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي لن تسمح بمرور مخططات كهذه بكافة الطرق.

    ثم إن السياسات الرسمية العربية ما تزال ملتزمة حتى الآن برفض التوطين وبحق العودة للاجئين.

    سابعاً: الخلاصة:

    على الرغم من عقود التهجير الطويلة ما زالت ثقافة العودة ورفض التوطين تشكل قلقاً كبيراً للدولة الإسرائيلية؛ إلا أنها تسعى دائماً لإيجاد ثغرات تحقق لها أهدافها في التخلص من ملف اللاجئين الفلسطينيين. ونظراً للظروف الفلسطينية والعربية والإسلامية الصعبة، جراء ما تعينه المنطقة من إشكاليات ما بعد ثورات ما يُعرف بـ”الربيع العربي” فإنها ستسعى إلى تسليم فلسطيني وعربي بقبول فكرة التوطين في سيناء. إلا أن الشواهد التاريخية تقول إن المخططات الصهيونية تجاه القضايا الفلسطينية المصيرية تمّ مواجهتها من قبل الشعب الفلسطيني بقوة من خلال الانتفاضات الفلسطينية المتكررة؛ والتي دائماً ما كانت تقف أمام أيّ تهديد صهيوني حقيقي؛ وما تزال جذوة المقاومة قوية في نفوس الشعب الفلسطيني، والتي كان من أبرز نماذجها الانتفاضة المباركة 1987–1993 وانتفاضة الأقصى 2000–2005، وصمود غزة في حروب ثلاث 2008/2009 و2012، و2014؛ بالإضافة إلى انتفاضة القدس. كما أن ثقافة الصمود على أرض الوطن، وثقافة العودة ما تزال تجد أرضاً صلبة في الوسط الفلسطيني.

    ثامناً: التوصيات والمقترحات:

    من الضروري أن تتكثف الجهود الفلسطينية لمنع تطبيق خطة توطين الفلسطينيين في سيناء والعمل على عرقلته؛ مع الإقرار بالخلل الكبير في موازين القوى الإقليمية لصالح الطرف الصهيوني، فإن الأدوات السياسية والديبلوماسية والإعلامية هي الأدوات المتاحة، وهذا يستدعي ما يلي:

    1. تكثيف النشاط الإعلامي والتوعوي في الوسط الفلسطيني حول مؤامرات التوطين ومخاطرها.

    2. إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني بشكل يستوعب كافة القوى والشرائح، وبما يعمق البناء المؤسسي الذي لا يتأثر  بوفاة الأشخاص وتغير القادة.

    3. مطالبة الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز باتخاذ مواقف حاسمة، وإصدار بيانات تحذر من تصفية قضية  اللاجئين الفلسطينيين من خلال مشاريع التوطين.

    4. دعم أي توجه قضائي للناشطين الحقوقيين في مصر يرفض فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء.

    5. التوجه للمنظمات الفاعلة في المجال الإنساني والحقوقي واستصدار بيانات تحذر من توطين الفلسطينيين خارج ديارهم.

    6. التأكيد على الوحدة الجغرافية لفلسطين وأن الضفة الغربية وقطاع غزة هما جزءان لا يتجزآن منها.

    يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ محمد أبو سعدة بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (98): مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء.. إلى أين؟ Word (11 صفحة، 94 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (98): مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء.. إلى أين؟  (11 صفحة، 564 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29/3/2017

  • مركز الزيتونة يصدر مجلد ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“ ويوفره للتحميل المجاني

    أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات مجلداً، من إعداد باسم جلال القاسم وربيع محمد الدنّان، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، يحمل عنوان ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“، ويتناول المجلد الأوضاع السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدت مصر خلال عهدي مرسي والسيسي.

     

    لتحميل الجلد كاملاً، اضغط على الرابط التالي:
    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة  (434 صفحة، حجم الملف 6.3 MB)

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة
    – إعداد: باسم جلال القاسم وربيع محمد الدنّان
    – إشراف وتحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 432
    – اللغة: العربية
    – الطبعة: الأولى 2016
    – السعر: 20$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
    – ISBN: 978-9953-572-50-5

      Book_Cover_Egypt_Two_Eras_Morsi_alSisi

    ويحتوي هذا المجلد على سبعة فصول، يتناول الفصل الأول تطورات الأحداث في مصر في الفترة 2011-2015، ويتناول الفصل الثاني التغيرات السياسية والانتخابات، أما الفصل الثالث فيتحدث عن العلاقة بين السلطة والأحزاب والقوى السياسية، فيما يناقش الفصل الرابع الأداء الاقتصادي، أما الفصل الخامس فيتناول الأداء الأمني والقضائي، في حين يتحدث الفصل السادس عن الأداء الإعلامي، أما الفصل السابع فيتناول ملف السياسة الخارجية.

    وأظهرت الدراسة في فصلها الأول، الذي يحمل عنوان ”تطورات الأحداث في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى نهاية 2015“، أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 255 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد أزمة حقيقية تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعاً للمؤسسة العسكرية، حيث رسّم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيطرته على مقاليد الحكم من خلال انتخابه رئيساً، في انتخابات ذكّرت العالم بالمشهد المصري قبل ثورة 25 يناير.

    كما تشير تطورات الأحداث إلى أن المشهد المصري بدا وكأنه قد عاد إلى ما كان عليه قبل تنحي مبارك؛ حيث عادت عملية كبت حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والحريات العامة.

    وتسلط الدراسة في فصلها الثاني، الذي يحمل عنوان ”التغيرات الدستورية والانتخابات“، الضوء على تطور العمليتين الدستورية والانتخابية في مصر بعد ثورة 255 يناير. فقد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، كما تمّ انتخاب رئيسين للبلاد خلال سنتين، تمّ بينهما تعيين رئيساً مؤقتاً.

    وتشير الدراسة إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديموقراطية انتخابية، أظهرت جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون.

    وبالمقابل، فقد جاء في الدراسة أن الانتخابات التي أجريت بعد الانقلاب العسكري شهدت شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج، كما شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، و”المال السياسي“.

    وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين، وخصوصاً الإخوان، حسم السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي. وكان لافتاً للنظر النسبة العالية لمقاطعة الانتخابات، حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف كبير على الإقبال.

    وتؤكد الدراسة في فصلها الثالث، الذي يحمل عنوان ”الأحزاب والقوى السياسية“، أن الحياة السياسية والدستورية لم تكن ممهدة بشكل جدي وميسَّر أمام  الرئيس محمد مرسي عند تسلمه مقاليد الحكم؛ حيث واجه مرسي معارضين ومناهضين لحكمه، عارضوه انطلاقاً من دوافع سياسية، أو أيديولوجية، أو صراع نفوذ ومصالح، ولم تتح له فرصة معقولة ديموقراطياً لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي فاز على أساسه، وكان بعض هذه القوى المعارضة ظاهراً، وكان البعض الآخر مستتراً أو يحاول الاستتار كالمؤسسة العسكرية.

    وتضيف الدراسة أن المصالح والاعتبارات الحزبية الضيقة لعبت دوراً كبيراً في تنظيم العلاقة وسبل التعاون بين أحزاب المعارضة ومرسي؛ كما أن التباينات الكبيرة التي ميزت أغلب البرامج والرؤى التي كانت تحملها الأحزاب في مصر في تلك الفترة، أسهمت في إضعاف أي إمكانية لإيجاد أرضية خصبة للتوافق؛ ما أدى إلى وقوع الصدام في نهاية المطاف.

    وتتابع الدراسة أن البيئة الداخلية لم تكن مساعدة لتحقيق سياسات مرسي، على العكس من حكم السيسي. وأن الانقلاب مهد لاستنساخ معارضة شبيهة بمعارضة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عبر إقرار تعديلات على قانون مجلس النواب الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل تسليمه السلطة للسيسي، وتمّ تعديله في قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29/7/2015. وتضيف الدراسة أن قانون الانتخابات التشريعية الذي وُضع في عهد السيسي، أدى إلى إضعاف الأحزاب، وتدهور الحياة السياسية، وعودة الأوضاع إلى ما هو أسوأ من أيام مبارك.

    وتؤكد الدراسة في فصلها الرابع، الذي جاء بعنوان ”الأداء الاقتصادي“، أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها مرسي عند بداية عهده، كان  بعضها نتيجة السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة خلال الفترة التي حكم فيها الرئيس مبارك، والبعض الآخر جاء بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي استجدت بعد ثورة 25 يناير، أو بسبب سلوك القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية. على الرغم من ذلك، فقد أشارت المعطيات إلى أن الأوضاع الاقتصادية في عهد مرسي كانت أفضل منها في زمن السيسي.

    وتبين الدراسة أن معظم الأزمات مثل نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار كان مدبراً ومسنوداً من جهات داخلية وخارجية، كما أن معظم هذه المشاكل استمر خلال عهد السيسي، مما يفقده جدية مبررات الانقلاب على مرسي.

    وتتابع الدراسة إجراء مقارنتها بين مشروعي مرسي والسيسي الاقتصاديين، والوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادي خلال العهدين، ومدى تأثير الانقلاب على وضع الدولة الاقتصادي ومكانتها. وقد سلطت الدراسة الضوء على ملف زراعة القمح، فقالت إن هذا الملف احتل أهمية كبرى في مشروع مرسي الاقتصادي؛ ما أدت إلى قفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من 7مليون طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30٪ عن السنة المالية 2011/2012.

    وتضيف الدراسة أنه بعد الانقلاب على مرسي، تراجع اهتمام الحكومات المصرية بزراعة القمح، حيث انكمشت مساحات القمح من 3.5 مليون فدان في عام 2012/2013، إلى 2.5 مليون فدان في كانون الأول/ ديسمبر 2016.

    وتشير الدراسة إلى أن سياسات الحكومات بعد الانقلاب، والتي أدت إلى زيادة الديون المحلية والخارجية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات عالية جداً، أدت إلى انخفاض قيمة العملة المصرية بصورة خطيرة، فبعد أن كان سعر الدولار مقابل الجنيه 7.7 جنيهات في 30/6/2013، (في السوق السوداء) و7.05 جنيهات في السوق الرسمي، بلغ سعره في 26/4/2016 نحو 8.8 في السوق الرسمي، ونحو 10.7 في السوق السوداء.

    وتشير الدراسة إلى أن الدَّين العام بشقيه المحلي والخارجي ازداد بشكل خطير بعد الانقلاب على مرسي؛ حيث إن الدين المحلي في عهد مرسي وصل إلى نحو 238.06 مليار دولار، كما وصل إلى نحو 43.23 مليار دولار، بينما بلغ الدين المحلي في عهد السيسي نحو 301.5 مليار دولار في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2015، أما الدين الخارجي فبلغ نحو 47.8 مليار دولار في الفترة نفسها. وتشير الدراسة إلى أن معدل البطالة تراوح بين 12.7 و13.4% خلال عهدي مرسي والسيسي.

    وتناقش الدراسة في فصلها الخامس، ”الأداء الأمني والقضائي“، حيث تؤكد أن جهاز الأمن والسلك القضائي عملا على إضعاف وتقويض سلطة  الرئيس مرسي وأسهما في الانقلاب عليه، في المقابل قاما بدعم السلطة التي انقلبت على مرسي.

    وكمؤشر على حرية التظاهر التي كانت سائدة خلال عهد مرسي، تقول الدراسة إن الاحتجاجات التي تعرض لها مرسي بلغت 5,821 مظاهرة ومصادمة واشتباكات، بمعدل 485 مظاهرة كل شهر، و7,709 وقفات احتجاجية وفئوية، بمعدل 557 وقفة احتجاجية كل شهر، و24 دعوة لمليونية، بمعدل مليونيتين كل شهر. مع أن أعداد المشاركين فيما يسمى المليونيات، لم يكن يتجاوز بضعة آلاف في أحيان عديدة.

    في المقابل كرست السلطات المصرية بعد الانقلاب، جلّ اهتمامها من أجل الحدّ من تنامي المظاهرات المعارضة للانقلاب ومنع تنظيمها، فأصدرت الحكومة قانون التظاهر الذي شدد العقوبات على كل من يتظاهر دون موافقة وزارة الداخلية، وتصدت بشكل عنيف لمظاهرات ”جبهة صمود الثورة“، وحملة ”لا للمحاكمات العسكرية“.

    وتشير الدراسة إلى أن النظام العسكري بعد الانقلاب باشر بارتكاب المجازر المتتالية من أجل وقف الحراك الثوري، كما اعتقل أكثر من40 ألف من معارضي الانقلاب، وقد مارست الأذرع الأمنية عمليات تصفية جسدية مباشرة للمعارضين.

    وفي ما يخص الملف القضائي، تقول الدراسة إن السيسي تصرف منذ الانقلاب كحاكم عسكري لمصر، وتدخل في عمل النائب العام والقضاء، فضلًا عن الشرطة، بالإضافة للقوانين التي تستهدف المعارضة.

    وتشير الدراسة إلى أن القضاة المصريين المحسوبين على نظام مبارك لعبوا دوراً محورياً في الانقلاب على مرسي، ومارسوا حرية التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية المناوئة للنظام الجديد.

    وتظهر الدراسة في فصلها السادس، الذي جاء بعنوان ”الأداء الإعلامي“، أن الإعلام المصري دخل حالة استقطاب بعد ثورة 25 يناير، ولم تقم السلطة  الانتقالية، ممثلة في المجلس العسكري، بأيّ خطوات لإعادة تنظيم الإعلام هيكلياً وتشريعياً، كما أن حالة الاستقطاب هذه استمرت خلال حكم مرسي.

    ولعبت وسائل الإعلام المصرية المرتبطة ببقايا نظام مبارك أو برجال الأعمال وأجهزة الأمن والعسكر المعادية للثورة، دوراً مهماً في الانقلاب على الرئيس مرسي، خصوصاً فيما يتعلق بإشعال نقمة المصريين عليه، وعلى الإخوان المسلمين. فقد انتشرت شائعات لم تهدف فقط إلى إسقاط الإخوان وتهيئة الساحة للسيسي لتصدّر المشهد، بل لاستخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكم السيسي ومحاولة احتواء أيّ إخفاقات يواجهها.

    وتلفت الدراسة النظر إلى أن المشهد الإعلامي في مصر دخل مرحلة جديدة بالغة الدلالة والخطورة بعد عزل الرئيس مرسي، فقد تحول الإعلام بشكل واضح إلى أداة صريحة في الصراع السياسي بين السلطة الانتقالية الجديدة وبين الإخوان المسلمين وأنصار الثورة والتغيير في مصر.

    وتشير الدراسة في فصلها السابع، الذي جاء بعنوان ”السياسة الخارجية“، إلى أن مؤسسة الرئاسة المصرية انفردت بتحديد السياسية الخارجية  المصرية، وتوجهاتها العامة، بما يتناسب مع مصلحة نظام الحكم؛ حيث احتكرت الرئاسة العديد من الملفات التي تراها حيوية.

    وتضيف الدراسة أن القضية الفلسطينية شكلت رافداً شعبياً للنظام المصري. كما مرّت العلاقات المصرية الفلسطينية بعدة متغيرات بحسب الظروف السياسة والعسكرية، وكان للتغيرات السياسية الداخلية التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير أثر كبير في تحديد هذه العلاقة.

    وجاء في الدراسة أن العلاقات الإسرائيلية المصرية مرت بمرحلة تحوّل تاريخي ‬عقب نجاح ثورة ‬25 ‬يناير، فقد استمرت حساسية الموقف الإسرائيلي وغموضه حتى تنحي مبارك… كما أولت المؤسسات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتأثيرات الثورة على ”إسرائيل“. وزادت عناصر القلق الإسرائيلي بصعود الإسلاميين المعروفين بعدائهم لـ”إسرائيل“ ورفضهم لاتفاقيات كامب ديفيد، إلى سدّة الحكم. لكن هذا الحال اختلف بعد الانقلاب العسكري، حيث لم تُخفِ النُّخب السياسية والعسكرية والمثقفة في ”إسرائيل“ ارتياحها من الذي حدث في مصر.

    ويَسرّ المركز توفير التحميل المجاني للمجلد على الإنترنت على الرابط التالي:

     

    لتحميل الجلد كاملاً، اضغط على الرابط التالي:
    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة  (434 صفحة، حجم الملف 6.3 MB)

    كما تجدر الإشارة إلى أن هذا المجلد صدر على ستة كتب/ أجزاء خلال سنة 2016، ومتوفرة للتحميل المجاني على الروابط التالية:

    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي
         
    دراسة مقارنة العنوان
     للتحميل
         
    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (المجلد كاملاً) اضغط هنا (434 صفحة، حجم الملف 6.3 MB)
         
    1 التغيرات الدستورية والانتخابات اضغط هنا (82 صفحة، حجم الملف 1 MB)
         
    2 الأحزاب والقوى السياسية اضغط هنا (76 صفحة، حجم الملف 906 KB)
         
    3 الأداء الاقتصادي اضغط هنا (74 صفحة، حجم الملف 1.4 MB)
         
    4 الأداء الأمني والقضائي اضغط هنا (76 صفحة، حجم الملف 1.6 MB)
         
    5 الأداء الإعلامي اضغط هنا (42 صفحة، حجم الملف 681 KB)
         
    6 السياسة الخارجية اضغط هنا (92 صفحة، حجم الملف 1.1 MB)
         

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/3/16

  • مركز الزيتونة ينشر الإصدار الأول من سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي“ ويوفره للتحميل المجاني

    ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وباسم جلال القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، التطورات الدستورية والعمليات الانتخابية التي شهدتها مصر في الفترة منذ 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى نهاية 2015.

    وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”التغيرات الدستورية والانتخابات“، وهي الإصدار الأول ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان “مصر بين عهدين: مرسي والسيسي – دراسة مقارنة”، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

    وتظهر الدراسة، الواقعة في 79 صفحة من القطع المتوسط، أنه قد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، وحكم البلاد ثلاثة رؤساء.

     
    لتحميل الدراسة كاملةً، اضغط على الرابط التالي:
    سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (1)“: التغيرات الدستورية والانتخابات  (82 صفحة، حجم الملف 1 MB)


    معلومات النشر:

    – العنوان: سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (1)“: التغيرات الدستورية والانتخابات
    – إعداد: ربيع محمد الدنان وباسم جلال القاسم
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 79 صفحة

    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 5$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

    – ISBN: 978-9953-572-51-2


      Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-1_ConstitutionalChanges_Elections


    وتشير الدراسة إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديموقراطية انتخابية، شُهد لها بالنزاهة والحيادية، حيث أُجريت تحت إشراف قضائي، وبمراقبة من مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية. وأظهرت جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، حيث قالت الصناديق “نعم” لتعديل الدستور في مناسبتين، وأعطت الأغلبية لهم في مجلسي الشعب والشورى، وتوجتها بفوز محمد مرسي بالرئاسة. وذلك بالرغم من الحملات الإعلامية المضادة، والدعاية المحرضة على الحركات الإسلامية ورجالاتها، والتي لم تتوقف مع الانقلاب على الشرعية، من خلال إبطال مجلس الشعب، وعزل الرئيس مرسي، وتعطيل الدستور.

    وتوضح الدراسة أن الاستفتاء الأول على التعديلات التي اقترحتها لجنة التعديلات الدستورية جرى في 19/3/2011، حيث قال 77.27% من المصريين الذين شاركوا في التصويت “نعم” للدستور، وبلغت نسبة التصويت 41.19%، كما أقر المصريون خلال كانون الأول/ ديسمبر 2012 الدستور الجديد لمصر، بانتخابات حرة نزيهة وشفافة، بمشاركة واسعة، عكست رأي الأغلبية الشعبية الواسعة بدعم المسار الديموقراطي بقيادة الإسلاميين، وأظهرت نتيجة الاستفتاء، الذي شاركت فيه القوى المعارضة، أن 63.8% من المصريين الذين شاركوا في التصويت قالوا “نعم” للدستور الجديد.

    وعلى الرغم من الاستعدادات المسبقة بدا إقبال المواطنين المصريين في الاستفتاء على دستور 2014 ضعيفاً جداً قياساً باستفتاء 2012، حيث شهدت لجان الاقتراع حالة من الهدوء الشديد، واختفت الطوابير التي كانت سمة بارزة في كل الاستحقاقات الانتخابية التي أعقبت ثورة 25 يناير. وبالرغم من ذلك، فقد أعلنت اللجنة المنظمة للاستفتاء أن نسبة الذين أيدوا الدستور 98.1% من المصريين الذين شاركوا في التصويت. وهو ما أثار علامات استفهام كبيرة في العودة إلى أساليب نظام مبارك في تزوير الانتخابات والاستفتاءات، حيث تحدثت التقارير عن شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج التي أعلنتها اللجنة المنظمة للاستفتاء.

    وفي ملف الانتخابات التشريعية تذكر الدراسة أنه خلال الفترة 28/11/2011–11/1/2012 جرت أول انتخابات مصرية بعد ثورة 25 يناير، بمشاركة واسعة، وإقبال كثيف. وكانت أبرز النتائج حصول حزب الحرية والعدالة، الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين، على 235 مقعداً، بنسبة 47.2% من المقاعد، يليه حزب النور بـ 123 مقعداً، بنسبة 24% من جملة المقاعد، واحتل حزب الوفد الجديد المركز الثالث، بحصوله على 38 مقعداً، وفاز ائتلاف الكتلة المصرية بـ 35 مقعداً،… وبلغ عدد الأحزاب الممثلة في المجلس 15 حزباً. غير أن هذا المجلس لم يستمر عملياً سوى خمسة أشهر، حيث قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر في 14/6/2012 بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، وقضت بحله، وأكدت أن تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه.

    كما أُجريت انتخابات مجلس الشورى في بداية سنة 2012، وتصدّر أيضاً التحالف الذي شكله حزب الحرية والعدالة المشهد بحصوله على 105 مقاعد، بنسبة 58.3% من المقاعد، فيما جاء تحالف حزب النور في المركز الثاني بعد حصوله على 46 مقعداً، بنسبة 25%، وجاء حزب الوفد في المركز الثالث بعد حصوله على 14 مقعداً، بنسبة 7.7%.

    وجاء في الدراسة أن انتخابات 2015 شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، وانتشر “رأس المال السياسي”، وكانت الرشوة الانتخابية الأكثر تأثيراً. وفازت قائمة “في حب مصر”، المؤيدة للسيسي، والتي تضم أحزاب المصريين الأحرار والوفد ومستقبل وطن، بـ 120 مقعداً، هي إجمالي المقاعد المخصصة للقوائم. وفيما فاز المستقلون بالعدد الأكبر من المقاعد المخصصة للفردي، والبالغ عددها 448 مقعداً، فقد عيّن السيسي 28 نائباً. وتصدر حزب المصريين الأحرار قائمة الأحزاب الفائزة، إذ حصد 65 مقعداً، موزعة على القوائم والفردي. وحلّ حزب مستقبل وطن في المركز الثاني، بعد حصوله على 50 مقعداً، فيما أعلن حزب الوفد حصوله على 45 مقعداً.

    وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فقد أشارت الدراسة إلى أن أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير جمعت بين 13 مرشحاً، ناهيك عن العشرات ممن لم يكملوا سباق الترشح لسبب أو لآخر، وكانت الأجواء تنافسية، حيث امتلك خمسة من المرشحين حظوظاً حقيقية في الفوز، وانتهى الأمر إلى جولة إعادة حاسمة خاضها مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي، مع آخر رئيس وزراء في عهد مبارك أحمد شفيق، وحسمت بفارق بسيط من الأصوات، حيث فاز مرسي بعد حصوله على 51.73% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة، بينما حصل أحمد شفيق على 48.27%. وكان إقبال المصريين كبيراً وواسعاً على المشاركة في هذه الانتخابات على أمل إنهاء المرحلة الانتقالية، حيث بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية 51.85%، بعدما كانت 46.4% في الجولة الأولى. وحاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاستمرار في السيطرة والهيمنة على الحكم، من خلال إعلان دستوري مكمل، أصدره قبل إعلان نتائج الجولة الثانية، حيث حصن الإعلان أعضاء المجلس من العزل، ومنحهم حقّ تقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة إلى حين إصدار دستور جديد للبلاد، غير أن الرئيس مرسي أنهى هيمنة المجلس الأعلى بعد أقل من شهرين على استلام السلطة.

    لكن هذا الحال اختلف كثيراً عن انتخابات الرئاسة 2014، والتي جرت بعد تطورات يراها مصريون مؤامرة وانقلاباً أطاح برئيس منتخب، ويراها مصريون آخرون ثورة على ما يصفونه بحكم جماعة الإخوان المسلمين. وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين وخصوصاً الإخوان حسم السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي. وكان لافتاً للنظر نسبة مقاطعة الانتخابات، حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف الإقبال. وشكل عزوف الشباب المصري عن التصويت عاملاً رئيسياً في ضعف المشاركة. وذكرت مراكز حقوقية أن سلطات الدولة المصرية تدخلت في العملية الانتخابية الرئاسية لتحسين نسبة الإقبال الضعيفة، ولمساعدة مرشح محدد، عبر التهديد الرسمي، أو غير الرسمي بغرامات انتخابية، أو تحويل المواطنين للنيابة العامة، وتمديد فترات التصويت ليوم ثالث، وتقديم رشاوي انتخابية.

    وأظهرت الدراسة، أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 25 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد أزمة حقيقية تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعاً للمؤسسة العسكرية، حيث رسّم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيطرته على مقاليد الحكم من خلال انتخابه رئيساً، في انتخابات ذكّرت العالم بالمشهد المصري قبل ثورة 25 يناير. وجعلت من النتائج التي وصل إليها تطور الأحداث أقل بكثير من طموحات الثوار، وآمالهم التي عقدوها على ثورة 25 يناير، وأقل بكثير من التضحيات التي قدّموها لإنجاحها، كما أنه لم يعد هناك ضمانات في حال فوز مرشح من خارج منظومة “الدولة العميقة”، ألا يتم الانقلاب عليه كما تمّ من قبل.

     
    لتحميل الدراسة كاملةً، اضغط على الرابط التالي:
    سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة (1)“: التغيرات الدستورية والانتخابات  (82 صفحة، حجم الملف 1 MB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/7/21

  • مركز الزيتونة ينشر الإصدار الثاني من سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي“ حول الأحزاب والقوى السياسية ويوفره للتحميل المجاني

    أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم القاسم وربيع الدنان، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن الحياة السياسية والدستورية لم تكن ممهدة بشكل جدي وميسر أمام الرئيس محمد مرسي عند تسلمه مقاليد الحكم؛ حيث واجه مرسي معارضين ومناهضين لحكمه، عارضوه انطلاقاً من دوافع سياسية، أو أيديولوجية، أو صراع نفوذ ومصالح، ولم تتح له فرصة معقولة ديموقراطياً لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي فاز على أساسه، وكان بعض هذه القوى المعارضة ظاهر والبعض الآخر كان مستتراً في بنى ما يُعرف بـ”الدولة العميقة“.

    وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”الأحزاب والقوى السياسية“، وهي الإصدار الثاني ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

     
    لتحميل الدراسة كاملةً، اضغط على الرابط التالي:
    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (2) الأحزاب والقوى السياسية  (76 صفحة، حجم الملف 906 KB)


    معلومات النشر:

    – العنوان: مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (2) الأحزاب والقوى السياسية
    – إعداد: باسم جلال القاسم وربيع محمد الدنان
    – إشراف وتحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 73 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 5$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
    – ISBN: 978-9953-572-52-9


      Cover_Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-2_Parties_Political-Forces

    وتقول الدراسة إن الرئيس مرسي اعتمد عند بداية حكمه على استراتيجية تتلخص في مسارين، المسار الأول، محاولة استمالة المؤسسة العسكرية التي كانت وما زالت تمسك بتلابيب الحكم في مصر، وتبنيه سياسة عدم الصدام المباشر معها؛ من أجل كسب المزيد من الوقت لتثبيت أركان حكمه وتفريغ الجهد الأكبر من أجل الإصلاح السياسي والإداري والقضائي للنظام.

    أما المسار الثاني، فكان توجه مرسي نحو الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الشبابية التي شاركت في ثورة 25 يناير، من أجل إيجاد أرضية وطنية مشتركة، قادرة على وضع خطة استنهاض وطنية شاملة، تؤسس لقيام نظام حكم ديموقراطي حقيقي، يلبي طموحات وأهداف ثورة 25 يناير، ويضع مصر على سُلّم التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية لتحقيق دولة الرفاه والسيادة والحكم الرشيد.

    وتضيف الدراسة أن المصالح والاعتبارات الحزبية الضيقة لعبت دوراً كبيراً في تنظيم العلاقة وسبل التعاون بين أحزاب المعارضة ومرسي؛ كما أن التباينات الكبيرة التي ميزت أغلب البرامج والرؤى التي كانت تحملها الأحزاب في مصر في تلك الفترة، أسهمت في إضعاف أي إمكانية لإيجاد أرضية خصبة للتوافق؛ ما أدى إلى وقوع الصدام في نهاية المطاف.

    وتتابع الدراسة أن البيئة الداخلية لم تكن مساعدة لتحقيق سياسات مرسي، على العكس من حكم السيسي، فالجيش والمؤسسات الأمنية وأقطاب الدولة العميقة عمدوا إلى إيجاد بيئة غير متعاونة بل معرقلة داخل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإدارية والاقتصادي والإعلامية والقضائية، إضافة إلى التأثير الجلي داخل المؤسسات الخاصة بكل أشكالها خارج نطاق الدولة. ووجد عدد من الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في هذه البيئة السياسية الداخلية فضلاً عن البيئتين الإقليمية والدولية، فرصة سانحة لتحقيق أهدافها في إفشال حكم مرسي، حتى ولو بدعم الانقلاب العسكري عليه.

    وتضيف، أن الاختلاف كان واضحاً في سياسة تعامل هذه الأحزاب وسلوكها مع كلا الرئيسين، ففي الوقت الذي عارضت فيه الرئيس مرسي في عدة مواقف وقرارات، نجدها تساند بقوة قرارات الرئيس السيسي في المواقف والقرارات نفسها، وظهر ذلك بوضوح من خلال الوقفة القوية ضدّ مرسي حينما أصدر الإعلان الدستوري في نهايات 2012، فيما غضت الطرف عن العديد من التشريعات التي سنها السيسي، والتي كرست سيطرته وسيطرة العسكر وتراجع الحالة الديموقراطية، كما وقفت الأحزاب وقفة المعارض لمرسي في تعامله مع أزمة سدّ النهضة فيما أشادت بحكمة السيسي في التعامل مع الأزمة، بالرغم من أن السيسي لم يكن أكثر وطنية أو تشدداً من مرسي. كما طالبت الأحزاب بتواجدها في حكومة هشام قنديل بينما لم يكن لها تمثيل في أيّ حكومة شكلها السيسي حتى كتابة هذه السطور.

    وتبين الدراسة أن هذه القوى والأحزاب لم تحرك ساكناً عندما أصدر الرئيس السيسي العديد من التشريعات التي قيَّد من خلالها الحريات ووضع العديد من السلطات الإدارية والتنفيذية والتشريعية في يده؛ فتولى سلطة التشريع في غياب البرلمان تحت ستار ما يحق له من قوانين في الحالات الاستثنائية. وكانت أبرز القوانين والتشريعات التي أصدرها السيسي، قانون الانتخابات الصادر في حزيران/ يونيو 2014، والذي قلص فرص الأحزاب الليبرالية التي نشأت بعد الثورة، حيث إن نظام التصويت الجديد فسح المجال للنخب القديمة للعودة من جديد، كما صدر قانون الجامعات في حزيران/ يونيو 2014، الذي منح للسيسي سلطة تعيين وفصل رؤساء الجامعات، وسمح له، على غرار مبارك، بالسيطرة على الجامعات. بالإضافة إلى قانون الجمعيات الأهلية الصادر في أيلول/ سبتمبر 2014، الذي فرض مزيداً من القيود على الجمعيات الأهلية، وتضمن أحكاماً بالسجن مدى الحياة حال تلقي أموال من جهات أجنبية بهدف ”الإضرار بالمصالح الوطنية“، وقد أثار القانون حفيظة الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعتمد في تمويلها على مصادر التمويل الخارجي.

    على النقيض من ذلك، وجدت هذه الأحزاب والقوى في قرارات مرسي وإصداراته الدستورية فرصة لتدعيم عضد هذه المعارضة ورصّ صفوفها، فأطلقت موجة تحريض غير مسبوقة ضدّ النظام القائم آنذاك، مستغلة حالة التقاطع في الأهداف مع المؤسسة العسكرية والدولة العميقة، إضافة إلى استثمار حالة العداء أو غير الرضى التي أظهرتها القوى الإقليمية والدولية تجاه مرسي.

    وتوضح الدراسة أنه على الرغم من انتهاج النظام في عهد السيسي سياسة الإقصاء والقمع في حقّ خصومه ومعارضيه، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، واستمرار رفعه شعار ”لا مصالحة مع الإخوان“، إلا أن المعارضة السياسية وعلى رأسها الإخوان استمرت في ممارسة الضغط المتصاعد على النظام، من خلال الشارع، في ظلّ عدم قدرة النظام على الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب؛ فالأوضاع الاقتصادية، والأمنية، والسياسية، ازدادت سوءاً يوماً بعد يوم.

    وتتابع أن الانقلاب مهد لاستنساخ معارضة شبيهة بمعارضة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عبر إقرار تعديلات على قانون مجلس النواب الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل تسليمه السلطة للسيسي، وتمّ تعديله في قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29/7/2015.

    وتضيف الدراسة أن قانون الانتخابات التشريعية الذي وُضع في عهد السيسي، أدى إلى إضعاف الأحزاب، حيث منح الأفراد المستقلين حقوقاً مساوية للأحزاب في التنافس على 448 مقعداً، مع الإشارة إلى أن القانون الجديد الذي صدر في 5/6/2014 أي قبل تعديله في 29/7/2015، كان قد نصّ على أن 420 عضواً يُنتخبون بالنظام الفردي و120 بنظام القوائم؛ أي أن زيادة 28 عضواً على الفردي أتى على حساب تقليل نسبة حصة الأحزاب في المجموع الكلي لعدد النواب في المجلس.

    وقد أدت نتائج الانتخابات التشريعية إلى عدت متغيرات سياسية منها: عودة بعض رموز الحزب الوطني في إطار العديد من الأحزاب التي نشأت بعد الثورات المصرية، وفي إطار الترشح كمستقلين عن القوائم الفردية، وغياب الأحزاب المعارضة الوازنة ذات الثقل الانتخابي والتمثيلي، حيث بات البرلمان الجديد مشكلاً من فسيفساء أحزاب لا تقوى على تشكيل معارضة قوية، بسبب تشتتها وولاء أكثرها للنظام الحاكم، وسيطرة أحزاب رجال الأعمال على العدد الأكبر من المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب، وتقدم حصة المستقلين من حيث الشكل لأن الكثير منهم محسوبون على النظام السابق، حيث بلغت حصة النواب المستقلين المنتخبين 322 نائباً بنسبة 56.7%، وممثلو الأحزاب حصلوا على 246 مقعداً بنسبة 43.3%، بينما حصل حزب الحرية والعدالة في انتخابات 2012 منفرداً على 235 مقعداً، بنسبة 46.3% من إجمالي مقاعد مجلس الشعب البالغ عددها آنذاك 508 نواب.

    كما فشل 26 حزباً من أصل 42 حزباً، خاض مرشحوها الانتخابات التشريعية في حصد أي مقعد، وفي مقدمتهم: التحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والغد، والجيل، ومصر العروبة، والعربي للعدل والمساواة.

    وفي ما يتعلق بالعوائق والتدخلات الخارجية في وجه مرسي، فتقول الدراسة إن هذه العوائق تمثلت في رفض العديد من الدول العربية التعامل الجدي مع نظام مرسي ودعمه مادياً؛ فقد رفضت هذه الدول مخرجات الربيع العربي وخافت من انتقال عدواه إليها، كما وجدت في ”الإسلام السياسي“ تهديداً لمصالحها؛ فدعمت الثورة المضادة والانقلاب على مرسي، واعترفت بنظام السيسي سياسياً وساعدته اقتصادياً. كما وقف المجتمع الدولي متفرجاً على الأحداث التي وقعت في مصر بعد الانقلاب، وكان ما يعنيه هو مصالحه الخاصة، وليس تحقيق الديموقراطية واحترام الشرعية خصوصاً عندما تأتي بـ”الإسلاميين“.

    وختمت الدراسة بالتأكيد على أن الكثير من مكتسبات ثورة 25 يناير تبخر بعد انقلاب 3 يوليو؛ فالحريات أعيد تقييدها، والأحزاب بعضها زُج بقيادتها في السجون، وهُمّش البعض الآخر وحُجّم وأقصي وتمّ استئصال القوى التي قادت المسار الديموقراطي، كما تمّ قمع فريق من المؤيدين، بالإضافة إلى عسكرة مفاصل الدولة، ومحاولة إنتاج معارضة جديدة مصطنعة. وبذلك دخلت البلاد في أزمات خطيرة أثرت على مكانتها ومستقبلها.

     
    لتحميل الدراسة كاملةً، اضغط على الرابط التالي:
    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (2) الأحزاب والقوى السياسية  (76 صفحة، حجم الملف 906 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/8/11

     

  • مركز الزيتونة ينشر الإصدار السادس من سلسلة ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي“ حول السياسة الخارجية ويوفره للتحميل المجاني

    ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، السياسية الخارجية المصرية خلال المفترة الممتدة ما بين 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى نهاية 2015؛ حيث تناولت الأداء المصري تجاه القضية الفلسطينية، وتطوراتها، كما تحدثت عن العلاقة المصرية – الإسرائيلية، وناقشت السياسة الخارجية المصرية مع أبرز الدول العربية والإسلامية والدولية.

    وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”السياسية الخارجية“، وهي الإصدار السادس ضمن سلسلة دراسات صدرت تباعاً تحمل عنوان ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي – دراسة مقارنة“، وتناولت الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

     

    لتحميل الدراسة كاملةً، اضغط على الرابط التالي:
    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (6) السياسة الخارجية  (92 صفحة، حجم الملف 1.1 MB)


    معلومات النشر:
    – العنوان: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (6) السياسة الخارجية
    – إعداد: ربيع محمد الدنان
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 90
    – اللغة: العربية
    – الطبعة: الأولى 2016
    – السعر: 5$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
    – ISBN: 978-9953-572-56-7


      egypt_betweentwoeras_comparative-study-6_the-foreign-policy_cover

     

    وتظهر الدراسة، الواقعة في 90 صفحة من القطع المتوسط، أن مؤسسة الرئاسة المصرية انفردت بتحديد السياسية الخارجية المصرية، وتوجهاتها العامة، بما يتناسب مع مصلحة نظام الحكم؛ حيث احتكرت الرئاسة العديد من الملفات التي تراها حيوية.

    فقد اختلفت طريقة واستراتيجية كل من الرئيس محمد مرسي والرئيس عبد الفتاح السياسي في التعامل مع إدارة ملف السياسة الخارجية، ففيما حاول الأول أن يقيم علاقات مع الدول الفاعلة تقوم على مبدأ الندية والتكافؤ، وتعود بالمنفعة والفائدة على مصر أولاً وعلى الدول المستهدفة ثانية، وظّف الثاني حالة الاستهداف والرفض وعدم التعاون التي اتبعتها الكثير من الدول، خصوصاً المتضررة، من صعود ”التيار الإسلامي“، مع النظام المصري في عهد مرسي، وظّف السيسي هذا الواقع لتنفيذ مخطط الانقلاب بدعم واضح من هذه الدول.

    القضية الفلسطينية:

    تشير الدراسة إلى أن القضية الفلسطينية شكلت رافداً شعبياً للنظام المصري. فمصر تربطها بفلسطين علاقة جيو-سياسية من نوع خاص جداً، حيث تربطها روابط دينية وقومية وتاريخية. واختلفت طريقة تعامل الأنظمة في مصر مع القضية الفلسطينية، وتنوعت ما بين داعم للقضية الفلسطينية، ومدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، مشرِّع مقاومته للاحتلال، وبين من يرى أن المقاومة لا تصبُّ في صالح مشروع الدولة الفلسطينية وانسحاب الاحتلال. لذلك فقد اختلفت المواقف من خلال تتبع الملفات التي تربط القضية الفلسطينية بمصر. كما مرّت العلاقات المصرية الفلسطينية بعدة متغيرات بحسب الظروف السياسة والعسكرية، وكان للتغيرات السياسية الداخلية التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير أثر كبير في تحديد هذه العلاقة.
    وجاء في الدراسة أن الحياد المصري في مرحلة ما بعد سقوط نظام مبارك شكّل أحد أهم الأسباب الدافعة لإنضاج ملف المصالحة الفلسطينية والتهيئة الواضحة للتوقيع على الورقة المصرية. وبدأ الدور المصري الراعي لمسيرة المصالحة يستعيد مكانته، ويعيد إنتاج دوره تجاه القضية الفلسطينية وما تفرضه من أولوية تطبيق المصالحة بين الفلسطينيين. فقام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحويل ملف المصالحة من جهاز المخابرات إلى وزارة الخارجية. كما أشرف على لقاءات متتابعة جادة بين حركتي حماس وفتح، وصولاً إلى لحظة الإعلان عن توقيع اتفاق المصالحة بالأحرف الأولى بين الحركتين في القاهرة في 27/4/2011، ثمّ التوقيع الرسمي في 3/5/2011.

    وعلى الرغم من تأكيد الرئيس مرسي على أن مؤسسة الرئاسة ستعمل ”على إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية“، غير أن ملف المصالحة لم يشهد تقدماً يذكر في عهده. كما انعكست الأحداث في مصر بعد عزل الرئيس مرسي على ملف المصالحة، خصوصاً بعد توتر العلاقات بين الإدارة المصرية الجديدة وحماس.

    وتوضح الدراسة أن فوز مرسي شكّل نقطة تحول فارقة في العلاقة بين حماس والحكومة في غزة من جهة ومصر من جهة أخرى. فبعد أن كانت قناة الاتصال الوحيدة بين حماس ومصر تنحصر في جهاز المخابرات العامة، فإن قنوات الاتصال في عهد مرسي باتت تديرها المستويات السياسية العليا في الجانبين. وتوصلت الحكومة المصرية والحكومة الفلسطينية في غزة لاتفاقات بشأن قضايا حساسة، منها اتفاق تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني.

    وفي تطور لافت للنظر، أصدر مرسي قراراً بسحب السفير المصري لدى ”إسرائيل“، على خلفية العدوان على غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ووصف ‏ ما يحدث بأنه ”أمر خطير وعدوان سافر“، محذراً من تداعيات هذا العدوان. كما قام رئيس الوزراء المصري هشام قنديل بزيارة قطاع غزة في أثناء العدوان، على رأس وفد كبير يضم وزراء وقيادات أمنية، أعلن خلالها تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني.

    وبعد عزل الرئيس مرسي خيّمت حالة من التوتر وعدم الثقة على العلاقة بين مصر وحماس. وشهدت هذه الفترة حملة تحريض كبيرة ضدّ قطاع غزة بشكل عام، وضدّ حماس بشكل خاص، شنتها أحزاب ووسائل إعلام وشخصيات مصرية متعددة. حيث اتهمت الإدارة المصرية الجديدة حماس بالتدخل في الشأن المصري، من خلال تهريب أسلحة، وإرسال عناصر فلسطينية للمشاركة بأحداث مصر بعد الانقلاب، وذلك على الرغم من أنها لم تقدم أيّ أدلة حقيقية على ذلك. وازدادت العلاقة سوءاً بعد قيام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 4/3/2014 بحظر أنشطة حماس مؤقتاً داخل مصر. ورأت حماس أن القرار يُكرّس عداءً للمقاومة الفلسطينية، وأنه جاء تساوقاً مع حملة تحريضية إعلامية مصرية طويلة ضدّ الفلسطينيين وحماس.

    وأظهرت الدراسة أنه وبالرغم من القرار المصري بفتح معبر رفح بشكل دائم بعد ثورة 25 يناير، وتسهيل حركة مرور المواطنين الفلسطينيين من المنافذ المصرية، وفق الآلية التي كان معمولاً بها قبل سنة 2007، إلا أن الجانب الفلسطيني لم يشعر بأي تحسينات. كما تمّ منع مرور بعض القوافل الإنسانية والتضامنية، ومنع وفود عربية من دخول غزة. لكن هذا الحال اختلف بعد استلام الرئيس مرسي للحكم، حيث اتخذ موقفاً واضحاً ضدّ الحصار، وقال: ”إن المعابر بيننا وبين غزة مفتوحة لتقديم ما يحتاجه أهل غزة من غذاء ودواء وتعليم وتواصل بين العائلات، فالحدود والمعابر مفتوحة لنقوم بدورنا وبواجبنا تجاه أشقائنا في غزة“.

    وبدأ التغيير في سياسة السلطة الجديدة في مصر تجاه قطاع غزة يظهر بشكل ملحوظ بعد أيام قليلة من عزل الرئيس مرسي؛ وذلك من خلال ازدياد وتيرة هدم الأنفاق، وسياسة الغلق والفتح غير المنتظمة لمعبر رفح، والتي كان نظام مبارك ينتهجها؛ ليصل الإغلاق إلى ذروة خانقة في سنة 2015 وبما مجموعه 343 يوماً في السنة، حيث لم يفتح المعبر سوى 21 يوماً.

    السنة 2013 2014 2015
    أيام الفتح 263 قبل 30/6/2013: 175
    بعد 30/6/2013: 88
    123 21
    أيام الإغلاق 101 قبل 30/6/2013: 5
    بعد 30/6/2013: 96
    241 343

     

    العلاقات الإسرائيلية المصرية:

    وجاء في الدراسة أن العلاقات الإسرائيلية المصرية مرت بمرحلة تحوّل تاريخي ‬عقب نجاح ثورة ‬25 ‬يناير، فقد استمرت حساسية الموقف الإسرائيلي وغموضه حتى تنحي مبارك… كما أولت المؤسسات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتأثيرات الثورة على ”إسرائيل“، وشمل ذلك الكثير من المجالات، أهمها: مستقبل معاهدة كامب ديفيد، ووضع ”إسرائيل“ العسكري والاقتصادي، وميزان القوى في المنطقة، والقضية الفلسطينية بملفاتها المختلفة. وزادت عناصر القلق الإسرائيلي بصعود الإسلاميين المعروفين بعدائهم لـ”إسرائيل“، ورفضهم لاتفاقيات كامب ديفيد، إلى سدّة الحكم.

    وعلى الرغم من أن ”إسرائيل“ عملت، منذ اليوم الأول لتسلم مرسي الرئاسة، على إظهار أن العلاقة طبيعية بين البلدين، من خلال إرسال رسائل تهنئة للرئيس مرسي بمناسبة انتخابه، وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، رأى باحثون ومعلقون إسرائيليون أن العلاقات بين مصر و”إسرائيل“ خلال حكم مرسي كانت هشة ومتأزمة، بالرغم من محافظتها على معاهدة كامب ديفيد.

    لكن هذا الحال اختلف بعد الانقلاب العسكري، حيث لم تُخفِ النُّخب السياسية والعسكرية والمثقفة في ”إسرائيل“ ارتياحها من الذي حدث في مصر. ومما لا شكّ فيه أن تحولاً قد طرأ على العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد الانقلاب، حيث جاء هذا التحول بفعل الاعتبارات التي تحكم كلاً من قادة الانقلاب والنخبة الحاكمة في تل أبيب. ولم يكن من المفاجئ احتفاء الإسرائيليين بالانقلاب، حيث إن محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب رأت أن الانقلاب قد حسَّن بشكل كبير من البيئة الاستراتيجية لـ”إسرائيل“، مما دفع صناع القرار فيها إلى التحرك بشكل فاعل للمساعدة في دعم نظام السيسي، من خلال المساعدة في تأمين شرعية دولية له، عبر تحرك ديبلوماسي ودعائي نشط في أوروبا، والولايات المتحدة، والمحافل الدولية.

    كما أعرب عدد من المسؤولين الإسرائيليين عن ”ارتياحهم“ لانتخاب السيسي، ودعوا إلى دعم السيسي، الذي ”أنقذ مصر من السقوط في الهاوية“، بحسب تعبير إيهود باراك. ومن جهته فقد أكد السيسي على أنه لن يسمح بأن يتمّ تهديد أمن ”إسرائيل“ من خلال سيناء، وأكد على إقامة علاقات قوية ودافئة مع ”إسرائيل“، وشدد على أنه “توجد ثقة وطمأنينة ضخمة بين مصر وإسرائيل”.

    وتشير الدراسة إلى أنه من الواضح أن الواقع المصري خلال عهد السيسي ارتبط ارتباطاً قوياً بـ”إسرائيل“، ونسق معها في شؤون المنطقة الملتهبة نتيجة الصراعات، إضافة إلى ما يمكن أن يحققه التنسيق مع ”إسرائيل“ من توافق مع واشنطن. ونتيجة لذلك فإن القضية الفلسطينية افتقدت الدور المصري المؤثر، مما يشجع الاحتلال على مزيد من الانتهاكات ضدّ الفلسطينيين.

    العلاقات العربية والإسلامية والدولية:

    اختلفت طريقة واستراتيجية كل من مرسي والسيسي في التعامل مع الدول العربية والإسلامية والغربية. كما اختلفت وجهات النظر بين السلطات المصرية خلال عهدي مرسي والسيسي، بين مؤيد للثورات وحرية الشعوب، وبين داعم للثورات المضادة، تحت عنوان محاربة الإرهاب. وظهر ذلك واضحاً في تصريحات الرئيسين، ومواقفهما من تطور الأحداث.

    ومع وصول مرسي إلى سدة الحكم، برزت تساؤلات عن مدى طبيعة العلاقة التي ستتشكل بين الرئيس المنتمي إلى التيار الإسلامي، مع العالم الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية. ومن جهته فقد حاول الرئيس مرسي أن يولي اهتماماً متساوياً قدر الإمكان في تعامله مع الدائرة العربية، ثمّ الدائرة الإسلامية، فالدائرة الإفريقية، وصولاً إلى الدائرة الدولية. حيث حاول بناء جسور ثقة متبادلة مع الدولة العربية الأكثر تأثيراً في العالم العربي، وربما في المحيط الإسلامي، أي السعودية. كما شهدت العلاقة مع إيران انفتاحاً محسوباً من قبل مرسي، بعد انقطاع دام لأكثر من ثلاثين سنة، ضمن استراتيجية الانفتاح مع العالم الإسلامي وليس وفق اصطفاف دول ضدّ أخرى.

    وبالمقابل عكست السياسة المصرية الخارجية، بعد عزل مرسي، هواجس النظام المصري الداخلي، حيث عملت على ترويج ما يحاول النظام ترويجه، من أجل إضافة المزيد من الإنجازات الافتراضية؛ التي تخدم نظام الحاكم وهواجسه في المقام الأول. وعانت السياسية الخارجية من غياب الرؤية؛ مما أفقد مصر دورها كفاعل رئيسي في المنطقة، وجعل مصلحتها تدور في فلك النظم الديكتاتورية؛ في الوقت الذي ارتبطت فيه مصالح النظام بتقوية العلاقات مع ”إسرائيل“، والقوى المناهضة للتغيير والديموقراطية.

    وعلى الرغم من تركيز أنصار السيسي على السياسة الخارجية كأبرز نجاحاته، فإن هذه السياسة ارتبطت في مجملها بغاية حرص النظام على الحصول على الاعتراف والقبول الدولي. وبالرغم من أن هذه السياسة بدت وكأنها حققت نجاحات في الحيلولة دون عزلة نظام السيسي، فإن عدداً من الدول الكبرى رأت في علاقتها به أداة لتحقيق مصالحها في المنطقة.

     

    لتحميل الدراسة كاملةً، اضغط على الرابط التالي:
    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي: دراسة مقارنة، (6) السياسة الخارجية  (92 صفحة، حجم الملف 1.1 MB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/11/3


    مصر بين عهدين: مرسي والسيسي
         
    دراسة مقارنة العنوان
     للتحميل
         
    1 التغيرات الدستورية والانتخابات اضغط هنا (82 صفحة، حجم الملف 1 MB)
         
    2 الأحزاب والقوى السياسية اضغط هنا (76 صفحة، حجم الملف 906 KB)
         
    3 الأداء الاقتصادي اضغط هنا (74 صفحة، حجم الملف 1.4 MB)
         
    4 الأداء الأمني والقضائي اضغط هنا (76 صفحة، حجم الملف 1.6 MB)
         
    5 الأداء الإعلامي اضغط هنا (42 صفحة، حجم الملف 681 KB)
         
    6 السياسة الخارجية اضغط هنا (92 صفحة، حجم الملف 1.1 MB)