• التدخلات الخليجية في معركة طرابلس

     

    التدخلات الخليجية في معركة طرابلس

    ( تقييم حالة )

    كتب / محمود المنير

    تشير مجريات المعارك التي تشهدها طرابلس حاليا بين قوات المشير حفتر من ناحية ، وقوات رئيس الحكومة المدعومة دوليا بقيادة الرئيس فائز السراج إلى انعكاس الأزَمَة الخليجيّة على الأراضي الليبيّة ، وتشير التقارير الواردة إلى أن معركة طرابلس قد تكون الأخيرة والحاسِمَة ، وتتباين التوقعات حول من سيخرُج رابحا فيها ، في هذا التقرير نرصد خلفيات المشهد وتغيراته ودلالاته وتداعياته المحتملة ، والدور الخليجي في المشهد الليبي المعقد بأبعاده المختلفة .

    الإعراب عن القلق من تطوّرات الأوضاع في ليبيا هو القاسِم المُشترك لجميع البيانات والتّصريحات التي تصدُر عن جهاتٍ دوليّةٍ عديدة تعليقا على حملة حفتر العسكرية على طرابلس ، بِما في ذلك مجلس الأمن الدوليّ الذي عقد جلسةً طارئةً مساء الجمعة 5/4/2019، لكن هذا السيل الجارف من بيانات الشجب والدعوة إلى التهدئة والحوار قد لا يعكس الصورة و الرغبة الحقيقة وراء الأحداث ، لأن الشواهد الميدانية تعكِس رغبةً أخرى وهي دعم المُشير حفتر وزحف قوّاته نحو العاصمة طرابلس بذريعة القضاء على الإرهاب لخلق واقع جديد يمكن التفاوض عليه مستقبلاً بين الأطراف المتنازعة .

    خطوات محسوبة

    من الواضح أنه لم يكن بإمكان المشير حفتر اتخاذ قراره الخطير بالتحرك العسكري نحو غرب ليبيا دون موافقة ضمنية من عدة دول، حيث إن الدعم السعودي والإماراتي مهم جدا بالنسبة لحفتر بعد تأكده من الموقف المصري الداعم له، ووفقا للعديد من المراقبين فإن جولته الأخيرة كانت لإعلام القيادة السعودية بما تم الاتفاق عليه مع أبوظبي ولتستخدم السعودية ما لها من نفوذ على بعض الدول العربية لإلزامها بالصمت وطمأنتها بشأن توابع التحرك العسكري في ليبيا".(1)

    لذا بات من المؤكد أن المشير حفتر أقدم على هذه الخُطوة في توقيتٍ محسوبٍ بعناية، وبعد أن أخذ الضّوء الأخضر من دول خليجيّة ودوليّة كُبرى، إقليميًّا مِثل المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات ومِصر التي زارها قبل أن يُطلق حملته المحمومة نحو طرابلس، ودوليًّا مِثل روسيا وفرنسا وأمريكا التي لا تُخفي رغبتها في وضع حدٍّ لحالة الفوضى في هذا البلد العربيّ الأفريقيّ، الذي يدفع ثمن تدخّل حِلف "الناتو" عام 2011 الذي أدّى إلى تغييرِ النّظام فيه، وتحويله إلى قاعدة انِطلاقٍ للهِجرة غير الشرعيّة نحو أُوروبا، وإحداث فوضى فى نظامه السياسي وانقسامه يصعب رأب الصدع فيه أو التئامه

    تدخلات خارجية

     

                                 ط2

     

     

    تسببت التحركات الأخيرة التي قام بها اللواء الليبي خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس في تعقيدات وردود فعل غاضبة محليا ودوليا، وسط تساؤلات عن أسباب هذه الخطوة الآن ومن يدعمها، وما إذا كان لحلفاء حفتر الإقليميين "مصر والإمارات والسعودية" دور في هذا الهجوم.

    وأعلن حفتر رسميا عبر كلمة مسجلة عن بدء عملية "تحرير" طرابلس، مطالبا قواته بدخول العاصمة، معتبرا أن تحركاته جاءت استجابة "لأهالي طرابلس"، هاتفا: "لبيك طرابلس لبيك".

    ويرى البعض في الأزمة الليبية الحالية وجود دلائل وشواهد لتدخل لاعبين رئيسيين يديرون المشهد ويؤثرون فيه ، وأن الأزمة الحالية هي انعكاس للخلاف بين الإمارات والسعودية ومصر من جانب، وتركيا وقطر من جانب آخر. ولهذا تسعى تلك الدول للتأثير على سير الأحداث وفرض نفوذها في ليبيا.

    واعتبرت مصادر ليبية في حكومة الوفاق أن "حجم العتاد العسكري وقدرات التسليح لدى العناصر المتقاتلة يشير إلى أن أطرافاً دولية تتداخل في المشهد بشكل واضح"، قائلة "خاطبنا أطرافاً في دول الجوار للتعاون معنا في السيطرة على المشهد، وفوجئنا بمواقف أقل ما يتم وصفها بأنها سلبية". ولفتت إلى أن "هناك تصريحات سابقة لمعسكر الشرق الليبي تؤكد على نواياها في السيطرة على المشهد عسكرياً، وعدم إيمانها بالحل السياسي".(2)

    على صعيد متصل خصص معهد دول الخليج في واشنطن تقريرا عن زيارة خليفة حفتر إلى السعودية وأبعادها، وذكر التقرير أنه في 27 مارس2019، استضاف العاهل السعودي الملك سلمان اللواء خليفة حفتر لإجراء محادثات في قصر اليمامة الملكي في الرياض وأن الهدف من زيارة حفتر للرياض كان للبحث عن زيادة دعمه لتوسيع عملية الكرامة غرب طرابلس في معركة دامية ضد عشرات القوات الليبية والتي تعتبر حفتر تهديدًا خطيرًا لها. (3)

    وبين التقرير أن العامل الديني هو إحدى الركائز المهمة للتأثير السعودي على الجهات الفاعلة الليبية، وخاصة الدور الذي تلعبه الحركة الأصولية للمدخليين على الساحة السياسية في البلاد هذه الحركة الإسلامية، التي اكتسبت أرضًا في مصر وشبه الجزيرة العربية خلال أواخر القرن العشرين بشكل أساسي كرد فعل على نشاط الإخوان المسلمين، (تتبع ربيع المدخلي، وهو سلفي من السعودية).(4)

    وقد سعى هؤلاء الداعمون للمدخلي إلى دعم حفتر بين عدد أكبر من الليبيين في منطقة بنغازي، فلقد دعا بعض رجال الدين في المساجد بضرورة قيام جميع الليبيين بدعم حفتر والجيش الليبي بينما يعارضون الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين الذين قاوموا قيادة حفتر، على الرغم من أن الجماعات السلفية الليبية متنوعة وتنقسم على أسس سياسية، فإن الدعم الذي حصل عليه حفتر من المدخلي ساهم بلا شك في قوته السياسية والعسكرية ميدانيا.

    واعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن الدعم الذي حصل عليه الجنرال خليفة حفتر، من الإمارات ومصر وفرنسا، هو سبب تجدُّد الصراع في ليبيا، من خلال محاولته السيطرة على العاصمة طرابلس. (5)

    وأكد العميد محمد القنيدي، آمر الاستخبارات العسكرية التابعة قوات "البنيان المرصوص"، أن الإمارات والسعودية ومصر ترعى تحركات اللواء المتقاعد خليفة حفتر نحو طرابلس.

    وقال إن الإمارات نقلت معركتها مع الإسلام السياسي إلى ليبيا وإنها تريد القضاء على الإخوان المسلمين، وتتخذهم "شماعة لإجهاض الثورة الليبية رغم محدودية تأثيرهم في المشهد السياسي".(6)

    وقال القنيدي في تصريح لـ"الخليج أونلاين، يوم الجمعة5/4/2019، إن الدول العربية الثلاث تدعم "آمر مليشيات الكرامة (حفتر)" بهدف خلق سيسي جديد في ليبيا، على حد قوله.(7)

    وكشف التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا عن خرق الامارات وبصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا من خلال تجاوز حظر التسليح المفروض عليها منذ سنة 2011، وذلك عن طريق تقديم الدعم العسكري لقوات حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة.

    ومن شأن استمرار تدفق السلاح إلى ليبيا وخرق الحظر الأممي، حسب خبراء، إطالة أمد الحرب، وإبقاء ليبيا فريسة لحالة الفوضى والانقسام وأوضح التقرير أن الإمارات بمساعدة السعودية نقلت 195 آلية (يبك_آب) قتالية إلى طبرق لصالح حفتر، كما دعمته بطائرات عمودية هجومية من طراز (إم آي 24 بي ) بيلا روسية التصنيع، بالإضافة إلى تطوير قاعدة الخادم «الخروبة» جنوب المرج بتزويدها بالطائرات وبناء حظائر لها.

    وسبق أن كشفت «مجلة تايم» أن الإمارات أنشأت قاعدة عسكرية في مطار الخادم على بعد نحو 100 كلم من مدينة بنغازي في 2016، تنطلق منها طائرات هجومية من طراز 802-AT وأخرى بدون طيار من طراز وينق-لوونق لدعم قوات ما يسمى بعملية الكرامة التي يقودها حفتر.(8)

    ومن جانبها أكدت الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، فيروز النعاس أنه "بدون دعم مصر والإمارات لا يستطيع حفتر أن يتقدم خطوة، ومن خلال الاستعراض العسكري الذي تم بثه يتضح درجة الدعم المتحصل عليها، وهذه الدول مجرد أدوات في يد فرنسا لتحقيق أطماعها في المنطقة".

    الخبير الاستراتيجي الليبي محمد فؤاد يؤكد أن "حظر التسليح على ليبيا ممتد منذ 2011، إلا أن دولاً مثل مصر والإمارات أدخلت كميات كبيرة من الأسلحة بصورة غير قانونية، رغم قرار مجلس الأمن وتقارير البعثة الأممية التي كشفت عن ذلك، إلا أن مجلس الأمن لم يتدخل حيال تلك التطورات". (9)

    جدير بالذكر أن الدّعم العسكري والسياسي من قبَل المُثلّث السعودي المصري الإماراتيّ لقوّات الجيش الوطني الليبي بقِيادة المُشير حفتر لم يتوقّف طِوال السّنوات السّبع الماضي، واشتمل على دبّابات وعربات مُدرّعة، ومُعدّات عسكريّة مُتقدّمة، بينها طائرات حربيّة، علاوةً على عشرات المِليارات من الدّولارات.

    ادعاءات اماراتية ضد قطر وتركيا

    على الجانب الآخر نشرت صحيفة البيان الاماراتية تقريرا نسبته لخبراء فرنسيون حول تطورات الأوضاع في ليبيا حيث وصفوها بـ «المقلقة»، مؤكدين لـ «البيان» أن التنظيمات الإرهابية والمليشيات المدعومة من الخارج «تركيا وقطر»، سعت لإغراق البلاد والسيطرة عليها، بما ينسف مساعي الوفاق في البلاد لصالح أجندة «تركيا»، وهو ما أكدته عمليات ضبط السلاح التركي المهرب للمليشيات والتنظيمات الإرهابية، وتحريض رؤوس الإرهاب الهاربين إلى قطر، وعلى رأسهم مفتي الإرهاب المعزول من قبل مجلس النواب الليبي، الصادق الغرياني، المقيم في الدوحة، ضد الجيش الوطني الليبي، وأدى لتفاقم الأوضاع وجر البلاد لمصير مجهول، وهو ما دفع قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، لإطلاق عملية من أجل تطهير معاقل المليشيات في الجنوب، والاتجاه صوب العاصمة طرابلس، في تكتيك تحذيري، مفاده أن القوات الوطنية الليبية جاهزة لحماية مسار الحل السياسي.(10)

    وما صرح به اللواء أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، بقوله : "أن كل القنوات الليبية المضللة تبث من تركيا ويعملون الآن على ترويج الإشاعات والأكاذيب من أجل تدمير الجيوش العربية ونهب مقدرات العرب، ولكن كل ما يبذله هؤلاء لن يجعلنا نحيد عن هدفنا المتمثل في تحرير كامل التراب الليبي، متابعا: «نهدف إلى الوصول إلى استقرار ليبيا ونحن نعمل تحت أمر الشعب الليبي».(11)

    وكذلك ما صرح به الدكتور علي راشد النعيمي رئيس تحرير "العين الإخبارية الاماراتية "، بأن "السيطرة على مقدرات الشعب الليبي، وتدمير ليبيا، هدف استراتيجي يسعى النظام القطري لتحقيقه". (12) 

                              

                           ط3

    دلالة التوقيت

    لفهم خلفيات المعركة الدائرة الآن في طرابلس لابد من معرفة دلالالة توقيت الهجوم على العاصمة حيث إنه جاء في وقتٍ عدم ظهور أي بوادر لحل الأزمة الخليجية مع قطر، ووفي الوقت الذي تشهد فيه تركيا الدّاعم الحقيقيّ لحُكومة السراج، تراجُع في شعبيّة الرئيس أردوغان وحزبه وانشغالهم بانتخابات المحليات وما شابها من تزوير، وتراجع مؤشرات النمو الاقتصاد التركي ودخول بلاده في أزمة اقتصاديّة، ربّما تتطوّر في ظِل تفاقُم خِلافاته مع الولايات المتحدة على خلفية صفقة الصّواريخ الروسيّة "إس 400".

    وأحد الأسباب، التي ربما تكون وراء إعلان حفتر الزحف نحو الجنوب والغرب هو الرغبة في إحداث تغيير على أرض الواقع؛ يمكن استخدامه كورقة تفاوض خاصة مع التحضير لعقد مؤتمر وطني للمصالحة الليبية، بمساعدة الأمم المتحدة، التي حضر أمينها العام إلى طرابلس والتقى السراج الخميس 4/4/2019، ثم التقى الجمعة 5/4/2019حفتر في بنغازي، غير أنه غادر ليبيا و"قلبه مفطور"، حسب تغريدة له على تويتر.

    ويهدف المؤتمر المنتظر من بين أمور أخرى إلى تحديد تاريخ الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ووضع معالم مرحلة ربما يخشى اللواء المتقاعد قائد قوات «الكرامة» ألا يجد فيها منصبا يلبي مشروعه العسكري الذي تدعمه الامارات وتحرّكه وتسهر على نجاحه مصر والسعودية.(13)

    وكذلك من الظروف المواتية التي عجلت وساعدت الجنرال حفتر على اتخاذ هذا القرار حالة السيولة التي يشهدها المشهد السياسى العام فى الجزائر على وقع الاحتجاجات الشعبية وتقديم الرئيس الجزائري بوتفليقة استقالته ، لاسيما أن النظام الجزائري كان ولايزال معارضا لحفتر ودوره في عدم استقرار ليبيا . وهو مايشكل تهديدا للأمن القومي الجزائري .

    تفكيك المشهد المحترب

    يرى البعض أن هذه العملية تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن المشير حفتر مكلف بمهمة دولية من أجل خلط الأوراق في المنطقة، سواء في الداخل الليبي بنسف الحل السياسي الذي يطالبه به الليبيين والمجتمع الدولي أم في دول الجوار، وهو ما يؤدي إلى صعوبة فرض الحل السياسي في ليبيا في ظل وجود ميليشيات تدعي أنها جيش بقيادة حفتر في الساحة، لذلك يجب الضغط عليه دوليًا حتى يجلس على طاولة الحوار ويلتزم بالحل السياسي المتفق عليه.

    ميدانيا قوّات المشير حفتر سيطرت على الشّرق والجنوب ومُعظم آبار النّفط الليبيّة، ووصلت إلى مطار طرابلس الدوليّ، وسيطرت عليه لبُرهةٍ من الزّمن قبل إخراجها من قبل القُوّات المُوالية لحُكومة السراج، وهذا يعني أن معركة طرابلس المُتصاعدة ستكون هي الأخيرة والحاسِمة، ومن يخرُج مُنتَصِرًا منها سيكون الحاكم الجديد لليبيا. (14)

    ومع تصاعد المواجهات التى تحمل الجديد كل ساعة أعلن المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق الليبية محمد قنونو، يوم الأحد 7/4/2019، انطلاق عملية "بركان الغضب" لتطهير المدن الليبية، مشدداً على أن قوات الوفاق "تحركت فوراً وبناء على خطط محكمة" للرد على هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس. وشدد المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق، في مؤتمر صحافي، على تمسكهم بـ"مدنية الدولة الليبية"، مضيفاً "لن نسمح بعسكرتها".

    بالمجمل الشعب الليبي مُنقسمٌ في هذه الحرب بين تأييد حكومة شرعيّة مدعومة دوليًّا ولكنّها ضعيفة عسكريًّا بقيادة السراج، ودعم من قوّات تابعة لمصراته وجماعات إسلاميّة، وأُخرى بقيادة المشير حفتر، ولكنّه أيّ الشعب الليبي، مُتّفق مع أمرٍ واحد، وهو وضع حد لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي دمّرت بلاده، وهجّرت حواليّ ثلاثة ملايين ليبي إلى دول الجِوار وأُوروبا.

    عين على النفط

    في سياق مواز، حذرت مجموعة الدول السبع الكبرى الفصائل المتحاربة في ليبيا من استغلال المنشآت النفطية. وقال بيان المجموعة "نذكر بأن منشآت وإنتاج وإيرادات النفط في ليبيا مملوكة للشعب الليبي، وينبغي ألا يستغلها أي طرف لتحقيق مكاسب سياسية". (15)

    وحذر وزراء خارجية المجموعة حفتر من مواصلة هجومه على العاصمة طرابلس وتهديد الحكومة المعترف بها دوليا هناك، داعين إياه إلى وقف الهجوم وإلا واجه تحركا دوليا.

    من جهته، قال غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا إن المنظمة عازمة على عقد المؤتمر الوطني بشأن الانتخابات المحتملة في موعده.

    التوقعات المحتملة

    من الواضح أن حفتر لا يؤمن بالعملية السياسية وهو يعلم جيدا أن هناك محاولة من الأمم المتحدة بعقد مؤتمر بحثا عن مخرج من الأزمة الليبية، لكن إن لم تكن هناك مقاومة عسكرية على الأرض ورفض دولي حقيقي لتحركه، فإن زحفه العسكري سيستمر لتحقيق أكبر مكاسب أوراق ضغط ممكنة ، ظاهريا وفيما يبدو للوهلة الأولى أن المتغيرات التي تشهدها المنطقة تجعل الكفّة تميل لصالح قوّات حفتر، ليس بسبب السّلاح القويّ والمُتقدّم الذي يتدفّق على قوّاته من مصادر عديدة، وإنّما أيضًا لأنه يحظى بدعم بعض القبائل القويّة المُوالية للزعيم الليبي السابق معمر القذافي مثل الورفلة والمقارحة، والعبيدات، وهُناك من يتحدّث عن صفقة بين سيف الإسلام القذافي والمُشير حفتر حول تقاسُم السّلطة في حال دُخول قوّات الشرق إلى طرابلس والسّيطرة عليها.

    ومن الملاحظ أن المشهد يتطور ميدانيا بشكل متسارع حيث نقلت وكالات الأنباء تقارير جديدة مثيرة للقلق من ليبيا، تشير إلى أن حكومة الوفاق الوطني وهي الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس، شنت غارات جوية على قوات المشير حفتر، المجتمعة خارج المدينة. (16)الأمر يثير القلق لأن حفتر يمتلك أيضاً قوته الجوية الخاصة لذا فمن المحتمل أن تشهد الأيام القادمة معارك تستخدم فيها الطائرات. وهو ما يفتح باب المفاجآت على مصراعيه فيما يتعلق بجولات الحسم ومالآت الأمور ميدانيا بين الأطراف المتحاربة.

    إذا طال أمد هذه المعارك من المرجح أن يتم نسف الجهود التي تسعى لإقرار حل سياسي للأزمة لتغرق ليبيا في المزيد من الفوضي التي تسعى لها الأطراف المستفيدة من ذلك سواء كانت أطراف اقليمية أم دولية.

    وبالمجمل يصعُب علينا التّنبّؤ بنتائج معركة طرابلس الحاسمة، لكن في ظِل عدم وجود أيّ خُطط دوليّة أو إقليميّة لوقف تقدّم قوّات المُشير حفتر، فإنّ احتمالات الحسم تبقى مفتوحة على عنصر المفاجآت واستمرار دعم الأطراف الاقليمية والدولية للأطراف المتنازعة داخل ليبيا، لكن المُؤكّد أنّ الشعب الليبيّ سيدفع ثمنًا باهظًا من دِماء وأرواح أبنائه مجددا.

    المصادر:

    1-        لهذه الأسباب قرر خليفة حفتر الزحف الآن نحو طرابلس! وكالة الأناضول ،https://bit.ly/2VAZIRC

    2-        معركة طرابلس خدمة لمشروع مصر "حفتر أولاً" ، العربي الجديد ،https://bit.ly/2YV4eg3

    3-        من أعطى حفتر الضوء الأخضر لدخول طرابلس؟ الخليج أونلاين ،https://bit.ly/2YR9uBa

    4-        معهد دول الخليج: مخاطر كبرى من توافق الرياض والقاهرة وأبوظبي في حرب ليبيا ، الشرق القطرية ،https://bit.ly/2G0dSVR

    5-        الغارديان: صراع ليبيا نتيجة دعم الإمارات ومصر وفرنسا لحفتر ، الخليج أونلاين ،https://bit.ly/2Ierks4

    6-        تحقيق: الإمارات تشعل الفوضى في ليبيا بشهادة مسئولين كبار في البلاد ، إمارات ليكس ،https://bit.ly/2D1Lwdd

    7-        قيادي ليبي: حفتر يهاجم طرابلس بسلاح سعودي إماراتي مصري ، الخليج أونلاين ،https://bit.ly/2TVSsOV

    8-        الإمارات تشعل الحرب في ليبيا ، نون بوست ،https://bit.ly/2KcaPzt

    9-        لماذا دعمت أمريكا "الوفاق" الليبية بالأسلحة وتجاهلت دور الإمارات؟ الخليج أونلاين ،https://bit.ly/2Uj4uGZ

    10-   التدخّل القطري التركي عقّد الأمور في ليبيا ، البيان الاماراتية ،https://bit.ly/2WRbKqi

    11-   «طوفان الكرامة» تحرق الأوراق القطرية في ليبيا ، صوت الأمة ،https://bit.ly/2D2BkkK

    12-   علي النعيمي: تدمير ليبيا هدف استراتيجي للنظام القطري ، العين الاماراتية ،https://bit.ly/2I6me1N

    13-   تساؤلات عن دور مصري وإماراتي في تحركات حفتر نحو طرابلس ، عربي 21،https://bit.ly/2Ujd0FQ

    14-   هل تحسم معركة طرابلس الصراع في ليبيا؟ نون بوست ،https://bit.ly/2G4sTr8

    15-   معارك طرابلس.. الوفاق تصد هجوم حفتر ودول الغرب تتحدث عن النفط ، وكالات ،https://bit.ly/2G6gz9P

    16-   هل نشهد صراعا جويا في ليبيا بعد أنباء استخدام "الوفاق الوطني" لطائراته؟cnn العربية ،https://cnn.it/2WRYnWO

  • تركيا تذهب إلى ليبيا لأجل السلام لا الحرب

    د.ياسين أقطاي

    منذ دعوة أردوغان وبوتين الأطرافَ في ليبيا إلى وقف إطلاق النار، أعلنت حكومة الوفاق الشرعية استجابتها للدعوة على الفور، بينما رفضتها إدارة المعتدي حفتر. هناك أمران غريبان، الأول في الدعوة ذاتها ولقد تحدثنا عن ذلك، والثانية في ردة فعل حفتر.

    دعوة الأطراف في ليبيا لوقف إطلاق النار

    أما الغرابة في دعوة الأطراف في ليبيا لوقف إطلاق النار؛ هو أنه لا طرفين متساويين يتصارعان في ليبيا، بل الموضوع عبارة عن وجود طرف عدواني يشن عدوانه. وفي الحقيقة كان على تلك الدعوة أن تتوجه نحو الطرف المعتدي وهو حفتر، وفي حال لم ينصع لهذه الدعوة، فالخطوة الأخرى المفترضة من المجتمع الدولي والضمير أ الحقوق، هو التحرك ضده وفرض عقوبات تردعه.

    على الرغم مما سبق، يبقى أن الوجود التركي في ليبيا بالتأكيد ليس لأجل الحرب، بل لإظهار أنها مستعدة لحماية حقوق الليبيين وأمنهم واستقرارهم، ولأجل ذلك قامت بدعوة حتى الطرف المعتدي حفتر، لوقف إطلاق النار تلبية لهذه الهدف.

    أما الغرابة الثانية في القضية، فقد كانت رفض حفتر بداية الأمر، لدعوة إيقاف النار التي صدرت عن روسيا التي هي تدعمه أصلًا. حينما رفض ذلك بماذا كان يثق يا ترى؟ فالسلاح الذي بين يده ليس له أصلًا، هل بإمكانه أن يخرج عن سياق النص الذي يرسمه من يدعموه بالسلاح؟.

    دعونا لا نتسرّع بالحكم، ربما قد فكر للحظة ما أنه يمكنه فعل ذلك، لكن عندما أمعن بالأمر فمن المؤكد أنه أدرك أن ليس بالإمكان الاستمرارية بذلك. إن حفتر لا يمكن له أن يستمر خطوة واحدة، دون الدعم المادي الإماراتي، والتقني الروسي، وما تقوم به فرنسا من دعم عبر نشاطاتها في الاتحاد الأوروبي.

    على صعيد تركيا، إنها لا تبحث عن شيء آخر سوى تهيئة الجو لحوار سياسي، يمكن من خلاله إيقاف هدر المزيد من الدماء في ليبيا، وتوفير الاستقرار للبلد والسلام لعموم الشعب الليبي. وهذا بدوره يمثل نصرًا كبيرًا وكافيًا بالنسبة لتركيا. ليس لتركيا عين في ليبيا ولا في أرض أي دولة أخرى، ولو أن كل دولة في الأصل كانت تُدار من قبل شعبها، وتسعى على الدوام لجلب مزيد من الاستقرار والحرية لهم، فإن هذا التأكيد لم يكن ليسبب إزعاجًا لتركيا.

    وبينما الحال كذلك، نرى الإعلام العربي وبخاصة المصري، قد أطلق حملة دعاية سوداء مكثفة، تتهم تركيا بأنها قد جاءت إلى ليبيا من أجل الحرب مع العرب. إنهم يعزفون على النغمة نفسها التي يعزف عليها حلفاؤهم من الشعب الجمهوري هنا.

    لكن سرعان ما ظهرت الحقيقة التي جعلتهم يطمسون أعينهم؛ سواء الشعب الجمهوري بتركيا، أو أصحاب الدعاية السوداء في مصر: لم تطلب تركيا إلا وقف إطلاق النار ليس إلا، ولقد نجحت بذلك عبر الطرق الدبلوماسية المكثفة، وعبر علاقاتها الجيدة مع روسيا.

    لو كان هدف تركيا الحرب فعلًا، فإنها كانت تستطيع أن تحارب الطرف المعتدي “حفتر”، الذي لا يمتلك أي شرعية، لكنه للأسف يمتلك قوة. ومن الواضح جدًّا أن لا حظ لحفتر في هذه المعركة أمام تركيا، إلا أن هذا النجاح العسكري الذي ستحققه تركيا لا شك أن له فاتورة على حساب الشعب الليبي.

    إن تركيا لم تدخل إلى ليبيا عبر قوة عسكرية فحسب، بل دخلت عبر أواصر تاريخية وثقافية وثيقة، وبالطبع الأهم من ذلك هو لأجل مستقبل ليبيا، وعبر رؤية تكمن في توفير مستقبل آمن لجميع الليبيين. لا يوجد رؤية بديلة لهذه الرؤية، ولا يوجد أرضية أصلية يمكن أن تحل مكانها على الصعيد الأخلاقي والسياسي.

    ألا يمكن أن تكون ليبيا محل فرصة للعلاقات المصرية-التركية؟

    حينما كانت الحملة الإعلامية في مصر تتحدث عن أن تركيا قادمة إلى ليبيا من أجل محاربة مصر، قلنا وأوضحنا أن تركيا لا يمكنها أن تحارب أي دولة عربية أو مسلمة، بل على العكس من ذلك؛ هي تريد إيقاف تلك الحرب المشتعلة في ليبيا، والأهم أنها جاءت إثر دعوة رسمية من حكومة شرعية.

    إن دوافع التعاون فيما بين مصر وتركيا تفوق بحد ذاتها وبشكل كبير، وجود دوافع لإشعال حرب بين البلدين. إلى جانب الوضع المتأزم والخارج عن السيطرة، الذي نشأ إثر انقلاب السيسي الذي يقوم بانتهاك حقوق شعبه كل يوم، فإن الانقطاع فيما بين تركيا ومصر قد ولّد بدوره فرصًا كبيرة بالنسبة للآخرين، كما أنه كان مكلفًا للغاية على البلدين والعالم الإسلامي بأسره. لكن على الرغم من ذلك، فإن البلدين ليس لهما مفرّ من التعاون والتضامن فيما بينهما، وسيتعين عليهما فعل ذلك في النهاية.

    إن الاتفاق التركي-الليبي بدوره، يعيد الحقوق المصرية في حدود المنطقة الاقتصادية المنحصرة التي ضاعت بسبب الاتفاق الذي تم فيما بين مصر واليونان. كما يمكن الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك وطرح هذا السؤال؛ لماذا لا يمكن عقد اتفاقية مع مصر أيضًا، على غرار اتفاقية ليبيا؟، إن اتفاقية من هذا النوع في شرق المتوسط، بين تركيا وليبيا ومصر، ألا يعني تعزيزًا وحماية لحقوق شعوب تلك الدول؟.

    من الذي يدفع مصر كي تلعب ضد مصر، وتلجأ إلى عقد اتفاقيات من تلك النوع ليس معها، بل مع دول كاليونان وإسرائيل؟.

    وفي النتيجة، لم يتم ذكر حتى مجرد اسم مصر، في الاتفاقية التي تم عقدها فميا بين اليونان وإسرائيل وجنوب قبرص. ألا يكفي تحييد مصر من هذه الاتفاقية على الرغم من مناوئتها تركيا؛ أن يكون رادعًا ومنبّهًا بما فيه الكفاية؟.

    لقد لاقت هذه الدعوة التي نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي صدى واسعًا؛ تجسد في الآلاف من الرسائل وردود الفعل، إيجابية كانت أو سلبية، ما يعني أن هذه الدعوة قد لاقت بالفعل صداها.

    من يعلم؟ ربما قد حان الوقت فعلًا للتفكير بجدية حول ذلك.

     

  • ما هي وعود مؤتمر برلين من أجل ليبيا؟

    د.ياسين أقطاي

    إن المؤتمر الذي سيعقد في برلين بمبادرة من ألمانيا، من أجل تحقيق وقف إطلاق النار في ليبيا والمساهمة في توفير حل سياسي؛ كان من الممكن أن يكون مؤتمرًا بلا قيمة وكغيره من المؤتمرات السابقة، لو أن حفتر لم يمتثل لوقف إطلاق النار في اللحظة الأخيرة. لأن حفتر الذي يشن هجماته على طرابلس وقد كاد أن ياخذها، لا يريد طرفًا آخر يفاوضه ويحكم معه ليبيا.

    إن حفتر يريد السيطرة على ليبيا كاملة بعيدًا عن أي نوع من الحوار، ولولا دخول تركيا إلى هناك لكان اليوم ربما قد حقق ما يريده بالفعل. لا يوجد حتى سبب واحد لتبرير ما يشنه حفتر من عدوان، بل السبب الوحيد الذي يجعله ماضيًا بهذا العدوان هو قوة السلاح الذي بين يديه فحسب.

    الدور التركي في ليبيا

    في السياق ذاته أيضًا، لو ان تركيا لم تقم بعقد اتفاقية مع حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا، لكن قد تحقق لحفتر فعلًا ما يريد، دون الحاجة لمؤتمر برلين وغيره.

    أما الآن فإن الاجتماع في برلين من أجل ليبيا هو أمر منطقي. لأن حفتر يعلم أنه الآن أمام قوة لا يمكنه تجاوزها، ومنذ هذه الساعة هو يعلم أنه لن يتمكن أصلًا من تدميرها. إذن لا احتمال لعدم مشاركته في مؤتمر برلين، هذا فضلًاعن أنّ تركيا له بالمرصاد في حال خروج الأمر عن سياقه وطريقه الصحيح.

    لقد غيرت تركيا جميع الموازين على الساحة، عبر دخولها. كان المجتمع الدولي يتباكى بدموع التماسيح مكتفيًا بمشاهدة حكومة طرابلس التي اعترف بها، وهي تُدمّر من قبل قوة غير معترف بها أصلًا. بل على الرغم من إعلان حفتر كمجرم حرب من قبل الأمم المتحدة، فإنها لم تقم بفعل شيء يمنعه من الاستمرار بإجرامه. وحتى المساعدة التي طلبتها حكومة الوفاق من تركيا، كانت قد طلبتها أيضًا من الأمم المتحدة، إلأ أنها أي الأمم المتحدة حينما توانت عن تقديم الدعم اللازم لحكومة الوفاق، لبّت تركيا ذلك النداء على الفور.

    إن أعلى ممثل للقيم والأخلاق الدولية في برلين ستكون تركيا. ما تريده فقط هو إيقاف عدوان حفتر، وتسليم ليبيا لليبيين. وحين توجيه نداء حول خروج كل القوى الأجنبية من ليبيا، فإن أول دولة ستدعم هذا النداء هي تركيا، بشرط قبوله بشكل حقيقي من كل الدول.

    أريد أن أسرد هذه الحقيقة كنوع من التذكير للإدارة المصرية، التي تقول أن حدودها الطويلة مع ليبيا تفرض عليها أن تكون حاضرة بشكل مباشر: إن وجود حدود طويلة مع دولة ما لا يمنحك الحق أبدًا باحتلال تلك الدولة، وإن ذلك بالتأكيد لا يمنحك الحق أبدًا بتصدير نموذج الانقلاب الذي تحكمين به نحو تلك الدولة.

    حين التصرف من قبل الإدارة المصرية على هذا النحو، فإن السيسي يكون قد اشترك في الجريمة مع حفتر، ذلك المجرم الذي يقوم بارتكاب أنواع الجرائم ضد شعبه. إن النموذج الذي يسعى لفرضه في ليبيا على يد حفتر، لا يحمل أي قيمة بالنسبة للشعب، حيث يقومون بتنفيذ المجازر بحقه على مرأى ومسمع، فضلًا عن اعتقاله ومطاردته واحتلال أراضيه.

    الجلوس مع السيسي والأسد على الطاولة؟

    حينما نقول لوسائل الإعلام المصرية التي اتخذت ذريعة من الاتفاق التركي-الليبي، لشنّ حملة عداء غير مسبوقة ضد تركيا؛ “إن تركيا ليست عدوًّا لأي دولة عربية أو مسلمة أيًّا كانت، وليس هناك بالأصل أسباب تقتضي وجود عداء بين البلدين، والاتفاق الذي تم بين تركيا وليبيا، تصوّروا أنه ذاته قد تم مع مصر”؛ فإننا نقصد الإشارة من ذلك للموقف غير العقلاني للنهج الذي يحكم مصر. ولو كان هناك فعلًا إدارة عاقلة في مصر، لما راحت تتفق مع الروم واليونانيين، فقط من أجل غاية واحدة؛ هي النكاية بتركيا، على حساب الإضرار بالمصالح المصرية. إن النظام المصري الآن يقوم بعقد اتفاقات مع الآخرين على الرغم من أنها تضر بمصالح مصر، نكاية بتركيا فحسب. إن هذا لن يفيد مصر في شي على الإطلاق، بل يضرها.

    علاوة على ذلك، إن الاتفاق التركي-الليبي، يعيد الحقوق التي تم سلبها من المصريين، عبر الاتفاق الذي تم عقدهم باسم بلدهم مع اليونان وقبرص الرومية.

    حينما قلنا ما سبق، قفز العديد متحدثًا عن أننا نادمون على سياساتنا السابقة حتى الآن، وأننا أمام منعطف تام. بل لم يتم الاكتفاء بهذا فحسب؛ بل هناك من قدّم التوصية والنصحية بالجلوس حتى مع الأسد، بما أن المنعطف موجود وباب التوبة لا يزال مفتوحًا.

    كم يقدّمون قرابين من الأرواح من أجل الجلوس مع ديكاتوريين تتقاطر الدماء من أيديهم؟

    ما قلته سابقًا حيال مصر، فإنني قصدت مخاطبة الإعلام المصري وكذلك الشعب المصري. وما نقوله باسم تركيا، لا يحمل أي شعور عدائي تجاه الشعوب سواء في مصر أو ليبيا، بل إنه عبارة عن تذكير بالإرث التاريخي المشترك، والمصالح المشتركة أيضًا. لكن مع الأسف، يبدو أن النظام المصري لا يمثّل مصالح الشعب المصري إطلاقًا. إن الموقف التركي من السيسي والأسد، لا يعني أنه بأي شكل من الأشكال ضد الشعب المصري والسوري.

    أيّ طاولة سيتم الجلوس عليها مع الأسد، ذلك الظالم الذي لا تزال يديه تقطر دمًا، الذي قام ولا يزال يقوم حتى اليوم بارتكاب المجازر تلو المجازر بحق شعبه وأبناء جلدته، على أي شيء سيتم التفاوض معه، وماذا سيُطلب منه أصلًا؟.

    كذلك الانقلابيّ السيسي الذي لا توجد مكيدة ضد تركيا إلا وكان شريكًا فيها، والذي لا يثق بوعوده حتى مؤيدوه؛على ماذا ستتفاوض معه تركيا ولماذا؟

    الذين يدعوننا للجلوس مع السيسي من حين لآخر، ألا يعلمون أنه لا يمكن الوثوق بأي شكل من الأشكال، بأحد قام بقتل رئيسه الشرعي المنتخب قتلًا بطيئًا وهو في السجن، وارتكب مجازر بحق شعبه، وسجن ما يقرب من مئة ألف معتقل سياسي حتى الآن، يذوقون كل يوم كل أنواع التعذيب؟ إنْ كانوا هم يثقون بكلام ذلك الشخص، فإنهم قد وضعوا أنفسهم في موضع عدم ثقة.

    حيث يكونون بذلك فقط، قد تعرّوا مظهرين بؤسهم الضميري والإنساني والأخلاقي.

  • منتدى غاز شرق المتوسط.. المشاركة الفلسطينية بين الحقوق والشكوك

    مدخل:

    في السادس عشر من كانون الثاني/ يناير 2020، انعقد في العاصمة المصرية القاهرة الاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، وحضر الاجتماع ممثلون عن اليونان، وقبرص الجنوبية (اليونانية) وإيطاليا والأردن و”إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، بصفتهم، إلى جانب مصر، الأعضاء المؤسسين للمنتدى، والذي تولّى رئاسته وزير البترول والثروة المعدنية لمصر، بصفته الرئيس الحالي للاجتماع الوزاري لمنتدى غاز شرق المتوسط، وبالإضافة إلى الدول المؤسسة، حضر الاجتماع ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وانضمّ إليه ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بصفتهم ضيوفًا[1].

    مثّل السلطة الفلسطينية في الاجتماعات محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، بتكليف من الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس[2]، وبصفة فلسطين عضوًا مؤسسًا في المنتدى، منذ اجتماعه الوزاري الأول الذي عُقد في منتصف كانون الثاني/ يناير من العام 2019[3]،  ولكون السلطة الفلسطينية جزءًا من معادلة الطاقة في شرق المتوسط بحكم وجود حقول للغاز قبالة شواطئ قطاع غزّة.

    يأتي الاجتماع الأخير، في ظروف بالغة التعقيد في منطقة شرق المتوسط، ولاسيما بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين كل من تركيا والحكومة الليبية في طرابلس، ثم التدخل التركي المباشر في الأزمة الليبية الداخلية، وما تلا ذلك من ردود أفعال معارضة للسياسات التركية في البحر المتوسط، ولاسيما من “إسرائيل” ومصر واليونان وقبرص اليونانية، وهي الدول الأساسية في منتدى غاز شرق المتوسط[4].

    وفي حين يرى الأتراك أن أهدافًا سياسية تقف خلف تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، وتسعى إلى إخراج تركيا من معادلة الطاقة في المتوسط، ولاسيما بعد خطوات تحويل المنتدى إلى منظمة دولية[5]، فإنّ مشاركة السلطة الفلسطينية في النسخة الثالثة من المنتدى في هذه السياقات المعقّدة، وبالرغم من كونها أحد مؤسّسي المنتدى، من شأنها أن تثير حفيظة الأتراك، بالنظر إلى الدعم الذي تحظى به السلطة الفلسطينية من تركيا، وخاصّة في المحافل الدولية.

    تقرأ هذه الورقة في حيثيات تشكيل منتدى غاز شرق المتوسط والطموحات الساعية إلى تحويله لمنظمة دولية، وبالتالي مشاركة السلطة الفلسطينية في المنتدى، وانعكاسات هذه المشاركة على مصالح الفلسطينيين في حقول الغاز في شرق المتوسط، وعلاقات السلطة الفلسطينية الإقليمية، ولاسيما مع الدولة التركية.

    حيثيات منتدى غاز شرق المتوسط

    في 14 كانون الثاني/ يناير من العام 2019، أعلن ممثلو سبع دول تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، كانت تلك الدول هي مصر واليونان وقبرص اليونانية و”إسرائيل” والأردن وفلسطين وإيطاليا، على أن يكون مقرّ المنتدى العاصمة المصرية القاهرة، وقد خلا المنتدى من دول أساسية في شرق المتوسط وهي سوريا ولبنان وتركيا، بالرغم من إعلان الاجتماع الأول للمنتدى، عن توفيره الإمكانية لانضمام أيّ من دول شرق البحر المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز أو دول العبور ممن يتفقون مع المنتدى في المصالح والأهداف، وذلك بعد استيفاء إجراءات العضوية اللازمة التي تتفق عليها الدول المؤسسة[6].

    لم يكن لإعلان فتح مجال العضويّة لبقية الدول ليهدّئ من مخاوف دول شرق المتوسط الأخرى التي لا يضمّها المنتدى، وذلك لأنّ العضويّة بحسب مفهوم الإعلان لا تخضع لاعتبارات الجغرافيا الضرورية، وإنّما لموافقة الدول المؤسسة، والتي منها “إسرائيل” وهي دولة بالتعريف الرسمي عدوّ لبعض دول المتوسط كسوريا ولبنان، ومنافس إقليمي لدول أخرى كتركيا، كما جعل الإعلان من مصالح الدول المؤسسة معيارًا للاتفاق، فهو في جوهره، فرض أمر واقع مسبق، كما وسّع بالإعلان وبالواقع إمكانيات استخدام المنتدى للتوظيف السياسي، فالمنتدى لا يشترط الإطلالة على المتوسط، وبهذا الاعتبار ضمّ المملكة الأردنية الهاشمية بصفتها مستهلكة لغاز المتوسط.

    النوايا السياسية التي أظهرها إعلان المنتدى سبقت اجتماع المنتدى الأوّل، والذي لم يأت قفزة في الفراغ، فقد بدأت الترتيبات لفرض وقائع جديدة في شرق المتوسط، بعد شهور قليلة على انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأوّل مرّة، ففي الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، اجتمع رؤساء دول اليونان وقبرص اليونانية ومصر في القاهرة، وصدر عنهم إعلان أكّد، من وجهة نظر الدول الثلاث، أهمّية احترام ولاية جمهورية قبرص وحقوقها السيادية على منطقتها الاقتصادية الخالصة، ودعا الإعلانُ تركيا إلى التوقف عن جميع أعمال المسح السيزمي[7] الجارية في المناطق البحرية لقبرص والامتناع عن أيّ نشاطات مشابهة في المستقبل[8]، وكان المغزى السياسي المباشر لهذا الإعلان تشكيل تحالف مناوئ لتركيا في شرق المتوسط.

    تلا القمّة الثلاثية، وفي 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، اجتماع لوزراء الطاقة في الدول الثلاث، صدر عنه بيان أكّد على كون بيان القمّة السابق هو الأساس للتعاون بين الدول الثلاث[9]، وفي وقت لاحق في مطلع كانون الأول/ ديسمبر من العام 2017، وقعت قبرص واليونان و”إسرائيل” وإيطاليا بروتوكول اتفاق لبناء أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من “إسرائيل” وقبرص إلى اليونان وإيطاليا وأسواق أوروبية أخرى، وكان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز، قد صرّح في منتصف العام 2017 أن هذا الأنبوب تحت البحر سيكون الأطول والأعمق في العالم[10]، وبعد أن وقعت تركيا والحكومة الليبية المعترف بها دوليًّا اتفاقية لترسيم الحدود البحرية[11]،  وقّعت كلّ من قبرص اليونانية واليونان و”إسرائيل” في الثاني من كانون الثاني/ يناير 2020،  اتفاق خط أنابيب شرق المتوسط “إيست ميد” لمد أوروبا بالغاز، ويهدف الاتفاق، كما يقول العديد من المراقبين، إلى أن تصبح الدول الثلاث حلقة وصل مهمة في سلسلة إمدادات الطاقة لأوروبا، ولمواجهة محاولات تركيا بسط سيطرتها على موارد الطاقة في شرق المتوسط[12]، وكانت مصر قد وقعت في أيلول/ سبتمبر2018 اتفاقًا مع قبرص لنقل غاز حقل أفروديت إلى مصانع الإسالة في مصر من أجل إعادة تصديره[13].

    مثّلت تركيا العقبة الرئيسة أمام مرور خط أنابيب عبر قبرص أو في قاع البحر من خلال منطقتها الاقتصادية الحصرية؛ بسبب عدم وجود حلّ لتقسيم الجزيرة القبرصيّة المتنازع عليها منذ عام 1974، وذلك في حين ترى الولايات المتحدة أنّ التعاون على صعيد الغاز الطبيعي من شأنه أن يحدّ من الهيمنة الروسية في سوق الغاز، وأن يفشل التعاون التركي الروسي في هذا المضمار، وأن يساهم في دمج “إسرائيل” في المنطقة بواسطة اتفاقات الغاز، وبما يتجاوز مشاريع السلام التقليدية، وهي رؤية تتفق عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونلاد ترامب وحكومة اليمين الإسرائيلي ممثلة في بنيامين نتنياهو[14].

    هذه الاعتبارات، بالإضافة إلى الرغبة في تنسيق المواقف بين كلّ هذه الاتفاقيات والمصالح، وبين خطوط الغاز المقترحة والمتداخلة، وبدعم أمريكي أوروبي، تأسّس منتدى غاز شرق المتوسط، واختيرت مصر مقرًّا له، لموقعها الجغرافي، ولكونها جسر التطبيع بين “إسرائيل” والعالم العربي، ولامتلاكها احتياطات غاز ستضع مصر في مستوى دول كبيرة الإنتاج، هذا بالإضافة إلى عنصر قوّة آخر وهو قناة السويس، ممّا يجعل مصر بدورها عنصر تفوّق في الصراع مع تركيا على معادلة الطاقة[15].

    ويُلاحظ في هذ المسار، سرعة عقد اجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط، بواقع ثلاثة اجتماعات في سنة واحدة، وقد أعلن المنتدى منذ الاجتماع الأول طموح المؤسسين بتحويله إلى منظمة دولية[16]، ثمّ جاء الاجتماع الثاني للمنتدى في تموز/ يوليو 2019، وبحضور وزير الطاقة الأمريكي بصفته ضيف شرف مميز، ومدير عام الطاقة في الاتحاد الأوروبي، وممثلي كلّ من فرنسا والبنك الدولي، وذلك فضلاً عن الأعضاء المؤسّسين، معلنين اعتزامهم تطوير المنتدى إلى منظمة دولية[17]،  ثمّ الاجتماع الأخير الذي شهد الخطوة الرئيسة في إطلاق الإطار التأسيسي لمنتدى غاز شرق المتوسط، والذي يرتقي، بالمنتدى إلى مستوى منظمة دولية حكومية، مقرّها في القاهرة[18].

    وجاء في الإعلان أنّ الأعضاء المؤسسين لمنتدى غاز شرق المتوسط، والذين هم أيضًا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، سيُقدّمون الإطار التأسيسي الموقّع بالأحرف الأولى إلى المفوضية الأوروبية لمراجعته، وسيُوقّع الإطار التأسيسي من الأعضاء المؤسسين بمجرّد ضمان التوافق مع قانون الاتحاد الأوروبي[19]، وكان أعضاء المنتدى قد أسّسوا، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز (GIAC)، لتكون منصّة لحوار دائم داخل المنتدى، بين ممثلي الحكومة والجهات الفاعلة في الصناعة[20]، وقد أشار الإعلان إلى الوقت القياسي الذي أُنجز فيه الإطار التأسيسي، وإلى حماسة الأعضاء في الإسراع بإنشاء أجهزته وتنفيذ فعالياته، وهو ما يؤكّد الطبيعة الصراعية المحمومة التي تقف خلف تأسيس المنتدى وتحويله إلى منظمة دوليّة للتحكم في معادلة الطاقة، ولخدمة مصالح “إسرائيل” الإستراتيجية وفي سوق الطاقة، كما يرى بعض المراقبين[21].

    السلطة الفلسطينية في قلب المعادلة الصعبة

    يتضح ممّا سبق الدور الاستراتيجي بالغ الأهميّة لمنتدى غاز شرق المتوسط في معادلة الطاقة في العالم، وخطورته في الوقت نفسه بترسيخ واقع قبليّ يُفرض على كل من يريد الانضمام إليه، بما في ذلك دول تعادي “إسرائيل” كسوريا ولبنان، ووظيفته من جهة خدمة مصالح “إسرائيل” الاقتصادية، ومكانتها الاستراتيجية في سوق الطاقة، والسياسية بدمجها في المنطقة والتجسير بينها وبين العالم العربي، إلا أنّ الخطورة المباشرة للمنتدى، في وظيفته الرامية إلى قطع الطريق على تركيا لتكون فاعلاً مهمّا في سوق الطاقة.

    من جهة مقابلة تأتي مشاركة السلطة الفلسطينية في المنتدى، مفهومة بالنظر إلى كونها أحد ملاك حقول الغاز في شرق المتوسط، والمقصود بذلك تحديدًا حقل (غزة مارين)، والذي ترجع قصّته إلى العام 1999، حيث وفي ظروف غامضة، ودون طرح مناقصة، ولا تصديق من المجلس التشريعي، منحت السلطة الفلسطينية شركة “بريتش غاز” البريطانية الحق المنفرد والحصري في الاستكشاف والتنقيب والتسويق لأيّ مصادر طبيعية في بحر غزة، مع منحها 60٪ من نسب العائدات، بينما يُوزّع ما تبقى من نسب العائدات على شركة اتحاد المقاولين “C.C.C.” المملوكة لفلسطينيين بنسبة 30٪، وعلى صندوق الاستثمار الفلسطيني بنسبة 10٪[22].

    تفيد المعلومات أن (غزّة مارين) يبتعد عن شواطئ غزّة فقط 36 كيلومتر، وبعمق 650 مترًا، ويقع ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية، ويحتوي كمّيات تجارية وفيرة، تتجاوز الـ 30 مليار متر مكعب[23]، هذا فضلاً عن حقل (ماري- بي)، والواقع على الحدود البحرية مع الكيان الإسرائيلي، والذي استولى عليه الاحتلال واستنفد مخزونه، وقد كان يحتوي كمّية من الغاز تكفي الفلسطينيين وحدهم لمدّة 15 عامًا،[24]، هذا في حين تتوقع مصادر مختصّة أن يصل عدد آبار الغاز في المياه الإقليمية لغزّة ثمانية آبار[25].

    في تقرير استقصائي بثّته قناة الجزيرة الفضائية، ضمن برنامجها “ما خفي أعظم”، في نيسان/ أبريل 2019، كشفت عن جملة من الوثائق التي تشير إلى غموض أحاط بحكاية الغاز الفلسطيني برمّتها، سواء في آليات منح شركة “برتش غاز”، المرتبطة بعلاقة استراتيجية بـ “إسرائيل”، الحق الحصري في الاستكشاف والتنقيب والتسويق، دون طرح مناقصة، ولا مصادقة من المجلس التشريعي، أو في الحصّص الموزعة التي تُهدر الثروة الفلسطينية، أو في الموافقة من خلال الاتفاقية مع الشركة بإبلاغ “إسرائيل” بعمليات التنقيب وأيّ اكتشافات جديدة، وتخويل رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني السابق، والمستشار الاقتصادي السابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، خالد سلام (محمد رشيد) بالمصادقة والتصرف نيابة عن السلطة بخصوص أي نشاط متعلق بعمل الشركة البريطانية في حقول الغاز الفلسطينية، علمًا بأن رشيد ملاحق اليوم من السلطة الفلسطينية بتهم الفساد، هذا بالإضافة لملاحقة أحد الموقّعين على الاتفاقية من الطرف الفلسطيني بالفساد، وهو حربي صرصور، رئيس الهيئة العامّة للبترول السابق[26].

    وبحسب التقرير، فإنّ الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ، فقد تفاوض عزّام الشوا وزير الطاقة الأسبق، ورئيس سلطة النقد الحالي، مع الإسرائيليين، في ذروة اشتعال انتفاضة الأقصى، على بيعهم الغاز الفلسطيني، مقابل تزويد الفلسطينيين بالكهرباء، أيّ دون مقابل ماليّ، وهو الاتفاق الذي أفشله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرائيل شارون، في سعي منه لحرمان الفلسطينيين من أيّ حقّ قانوني في مياه إقليمية، باعتبار أنّ السلطة ليست دولة، وبالتالي فالمياه الإقليمية حقّ لـ “إسرائيل”.

    وفي حين سبق الفلسطينيون غيرهم في اكتشاف حقول الغاز في شرق المتوسط، ممّا نبّه “إسرائيل” للثروات الكامنة فيه،[27] والتي اكتشفت بدورها حقول غاز أخرى بكميات تجارية، ولاسيما حقلي “تمار” المكتشف عام 2009، و”ليفياثان” المكتشف عام 2010[28]، فإنّ السلطة الفلسطينية، وفي قت لاحق من مطلع العام 2014، وقّعت اتفاقية مع “إسرائيل” تشتري بموجبها السلطة الفلسطينية، ولمدّة عشرين عامًا، الغاز الإسرائيلي لتزويد محطّة للكهرباء في جنين[29].

    وقد ألغت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اتفاقية توريد الغاز للسلطة الفلسطينية وذلك بعد فك شراكة احتكار الغاز لدى شركات الغاز الإسرائيلية الثلاث الكبرى، مما ينجم عنه تلقائيًّا إلغاء توريد الغاز للسلطة الفلسطينية[30]، وقد أفادت مصادر أخرى أن الطرف الفلسطيني رغب بدوره في إلغاء الاتفاقية[31]، ورجّح مراقبون أن تكون الحملة التي أطلقتها حركة المقاطعة (BDS) على هذه الاتفاقية[32]، قد ساهمت في دفع السلطة لإلغائها[33].

    بقيت الثروات الغازيّة الفلسطينية تتفاعل، بعدما استحوذت، في العام 2015، شركة “رويال داتش شل”، وهي شركة بريطانية هولندية، على شركة “برتش غاز”، وبالتالي آلت إليها حقوق تطوير حقل الغاز المشاطئ لغزّة، ثمّ باعت شركة “شلّ” جزءًا من أصولها، تضمّن حقوق تطوير حقل غاز غزّة، وهو ما صدّق عليه مجلس الوزراء الفلسطيني في آذار/ مارس [34]2018، مما دفع السلطة الفلسطينية لتأسيس تحالف جديد يضمّ صندوق الاستثمار الفلسطيني، واتحاد المقاولين “C.C.C”، مع تفويض صندوق الاستثمار بالتفاوض مع شركة عالمية، لم تُحدّد بعد، لتكون طرفًا في هذا التحالف بدلاً من “شل”[35].

    وقد تغيّرت حصص المستفيدين من المشروع طوال تلك الفترة، فبعد سنوات، وفي العام [36]2015، تمكّن صندوق الاستثمار من رفع حصته في المشروع إلى 17.5% لتنخفض حصة “بريتيش غاز” إلى 55%، وانتقلت فيما بعد الحصة نفسها لشركة “شل”، فيما انخفضت حصة C.C.C”” إلى 27.5%، وبقيت الحصص كما هي إلى أن أحالت الحكومة حقوق التطوير إلى التحالف الجديد، بعد خروج “شل”، في العام 2018، مع رفع حصة صندوق الاستثمار على حساب الشريك الدولي المحتمل، لتصبح 27.5%، وهي حصة مماثلة لحصة C.C.C””، وبذلك تصبح ملكية الشريكين الفلسطينيين مجتمعة 55%، فيما خصصت الحكومة للشريك الدولي حصة تبلغ 45%، وذلك بحسب تصريحات لرئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى[37].

    أخيرًا عاد حقل (غزة مارين) للتداول الإعلامي بعد تصريحات لوزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، في 16 يناير 2020، أثناء مشاركته في أعمال منتدى شرق المتوسط، قال فيها: إن مباحثات تجري مع الفلسطينيين؛ لتطوير الحقل من جانب شركات إسرائيلية، وهو ما يعني إن صحّت تصريحاته، أن تذهب 45٪ على الأقل، من عائدات الحقل للشركات الإسرائيلية، كما تحدث الوزير الإسرائيلي في الوقت نفسه عن محادثات بين حكومته والسلطة الفلسطينية، لتزويد الفلسطينيين بحاجتهم من الغاز الطبيعي[38].

    بيد أن محمد مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، ورئيس الوفد لفلسطيني إلى منتدى غاز شرق المتوسط، قد قال إنّ ما تردد حول موضوع استيراد الغاز الإسرائيلي غير دقيق، وهي عبارة لا تتضمن نفيًا قاطعًا، وقد أثار الشكوك حولها دعوته إلى عدم الخلط بين موضوع تطوير حقل غاز غزة والجهود التي تقودها السلطة الفلسطينية لحلّ أزمة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزّة[39]، مما يعني احتمالية شراء غاز إسرائيلي لصالح كهرباء غزّة، وهو أمر من شأنه أن يكرّس من التبعية الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي، وأن يعود بالمنافع الاقتصاديّة على الاحتلال دون السلطة الفلسطينية، والتي قد يشوب تعاملها في ملف شراء الغازّ، لو حصل، فساد سياسي أو اقتصادي، كما تنبّه إلى ذلك تجرب سابقة للسلطة، أو كما في الحالتين المصرية والأردنية.

    خلاصة: المشاركة الفلسطينية مخاطر وشكوك

    حقول الغاز “الإسرائيلية” والقبرصية والمصرية المكتشفة حتّى الآن من شأنها أن تغيّر من خريطة المنطقة، ومعادلة الطاقة التي فيها، وهي بدورها تتقاطع مع المنافسة العالمية في سوق الغاز، ولاسيما على السوق الأوروبي الذي تمدّه روسيا بالغاز، وقد دخلت على خطّه تركيا من خلال خط الأنابيب الجديد (ترك-ستريم) الممتد إلى تركيا[40]، فضلاً عن المساعي التركيّة لضمان حقوق قبرص الشمالية (التركية)، هذا فضلاً عن قيام تركيا بالفعل بعمليات بحث وتنقيب في المتوسط منذ آذار/ مارس 2019، وفي مناطق مُتعدِّدة حول جزيرة قبرص، علمًا بأنّ تركيا لا تعترف باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، وتقول إنّ لها حقوقًا في بعض قطاعات المنطقة الاقتصادية التابعة لقبرص اليونانية، بالإضافة لما تقول إنّها حقوق لقبرص التركية في بعض قطاعات المنطقة الاقتصادية التابعة لقبرص اليونانية[41].

    وهذا جانب واحد، من صورة الصراع المحتدم في شرق المتوسط، والذي أخذ بعدًا جديدًا مع التدخل العسكري التركي في ليبيا، والمتصل عضويًّا باتفاقية ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية، والتي تمثّل بدورها مشهدًا من هذا الصراع، فضلاً عن احتماليات المواجهة التركية اليونانية، وما قد يدخل على خطّها من دول أوروبية، كفرنسا وإيطاليا[42].

    تتداخل أوروبا المطلّة بدورها على المتوسط، والمستورد الأساس للغاز الروسي، ثم كما يفترض “الغاز الإسرائيلي” والقبرصي، مع هذا المشهد، وكذا الولايات المتحدة، التي تُعنى بالأمر سياسيًّا واستراتيجيا فضلاً عن امتلاك الشركة الأمريكية “نوبل إنرجي” الحصة الأكبر (نحو 40%) في حقل “ليفياثان الإسرائيلي”[43]، كما أن منتدى غاز شرق المتوسط، من شأنه أن يتعارض مع منتدى الدول المصدرة للغاز، والذي يقع مقرّه في الدوحة ويضمّ كبريات الدول المصدّرة للغاز، كقطر وإيران وروسيا والجزائر وفنزويلا، كما أنّه يضمّ مصر أيضًا[44].

    بالضرورة ستنظر تركيا، والحال هذه، إلى منتدى غاز شرق المتوسط، باعتباره مؤامرة[45]، أو تحالفًا ضدّها، لإخراجها من معادلة الطاقة في شرق المتوسط، في حين تبدو تركيا ماضية في تنقيبها عن الغاز سواء في شمال قبرص، أو في منطقتها البحرية وفق اتفاقيتها مع ليبيا[46]، وفي قلب هذه المعادلة المعقدة، تدخل السلطة الفلسطينية من خلال موقعها في منتدى غاز شرق المتوسط.

    بطبيعة الحال، ومع وجود حقول غاز فلسطينية في المتوسط، ستجد السلطة الفلسطينية نفسها معنية بالمشاركة في منتدى غاز شرق المتوسط، على الأقل لضمان الحقوق الفلسطينية في غاز المتوسط[47]،  كما أنّه لا يمكنها إغضاب مصر، وإن كان من المتوقع أن دعوة السلطة لتكون عضوًا مؤسسًا في المنتدى، إنّما تأتي لأغراض سياسية[48] للتغطية على المكانة المميزة لـ “إسرائيل” في هذا المنتدى.

    تأتي إشكالية مشاركة السلطة من جانبين، الأول، الطابع السياسي الاستراتيجي للمنتدى من جهة خدمته للمصالح الإسرائيلية المتعدّدة، اقتصاديًّا وسياسيًّا، وتعزيز مكانة “إسرائيل” العالمية، هذا فضلاً عن دمج “إسرائيل” في المنطقة، لا من خلال دولتين عربيتين هما مصر والأردن فحسب، بل، وأيضًا، ومن خلال مشاركة السلطة الفلسطينية في المنتدى، هذا فضلاً عن شرعنة تصدير الغاز الإسرائيلي، لدول عربية، منها كما هو جاري الآن مصر والأردن، ومن المحتمل في المستقبل السلطة الفلسطينية ودول خليجية، وهذه هي المكاسب الأساسية التي يراها الإسرائيليون في هذا المنتدى[49]، وأمّا الجانب الآخر، فهو الطبيعة التحالفية للمنتدى، والذي قد يُدخل السلطة في صراعات تفوق حجمها وإمكاناتها، ويفقدها بعض داعميها الأساسيين كتركيا.

    وبينما يمكن للسلطة القول إن حضورها مهم بما يؤهّلها للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وبالتالي توفير إمكانيات الانفكاك الاقتصادي عن “إسرائيل” بامتلاك عائدات الثروات الغازيّة، كما يمكن أن تثور بعض المخاوف الإسرائيلية من استخدام المنتدى للضغط على “إسرائيل” للسماح بتطوير حقول الغاز الفلسطينية[50]، فإنّ الشكوك تحيط بقدرة السلطة أو رغبتها في ذلك، فضلاً عن كونها أضعف الأطراف في المنتدى، فلا يُتوقع أن تتعرض “إسرائيل” لضغوط من حلفائها الكبار فيه، ولاسيما اليونان، أو مصر التي قيل إنها كانت من الدول التي عطّلت من قبل مشروعًا لتصدير الغاز الفلسطيني عبر موانئها[51]، كما أن سياسات السلطة الخفيّة والغامضة، بخصوص حقول الغاز، وكما ظهر في أدائها منذ اكتشاف تلك الحقول، وما يُثار الآن عن اتفاقيات محتملة بينها وبين “إسرائيل” لا يبشّر بإمكانية استغلالها لحقول الغاز بما يحافظ على الحقّ الفلسطيني، أو بما ينفكّ بالفلسطينيين عن الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية.

    وبالرغم من الطابع التطبيعي للمنتدى، ودوره في خدمة المصالح الإسرائيلية، وحساسية قضية الغاز في شرق المتوسط بالنسبة للفلسطينيين وحقوقهم، فإنّ بقية القوى الفلسطينية لم تُصدر مواقف خاصّة فيما يتعلق بمنتدى غاز شرق المتوسط، ولعلّ ذلك يرجع في جانب منه إلى رغبتها في عدم إغضاب مصر الفاعل المهم في الملف الفلسطيني، ولاسيما في ملفات قطاع غزّة، بالإضافة إلى إدراكها عدم قدرتها على التأثير في هذه القضية.

    [1]. تفاصيل.. إعلان الاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، موقع صحيفة اليوم السابع المصرية، 16 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/3arn5oG

    [2]. الوفد الفلسطيني المشارك بمنتدى شرق المتوسط للغاز: تطوير حقل غاز غزة أولوية وحق وطني، ما تردد حول موضوع استيراد الغاز الإسرائيلي غير دقيق، موقع وكالة قدس نت للأنباء، 16 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/2Ri0PWX

    [3]. القاهرة تستضيف منتدى غاز شرق المتوسط، موقع مباشر، 22 تموز/ يوليو 2019، https://bit.ly/2GdoZvl

    [4]. الاتفاق التركي-الليبي.. لماذا تناوش أنقرة القاهرة وحلفائها؟، موقع DW العربي، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، https://bit.ly/2ukBfrc

    [5]. تركيا: تحويل منتدى غاز شرق المتوسط لمنظمة دولية بعيد عن الواقع، مقع وكالة الأناضول التركية بالعربي، 17 كانون الثاني. يناير 2019، https://bit.ly/38xra8W

    [6]. إعلان القاهرة لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، موقع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، 14 كانون الثاني/ يناير 2019، https://bit.ly/36k4rvA

    [7]. المسح السيزمي: عملية يجري من خلالها التعرّف إلى التكوين الجيولوجي تحت سطح الأرض، بواسطة جهاز يُصدر موجات صوتية لباطن الأرض للبحث عن التجاويف الصخرية وما فيها من ثروات نفطية أو غازيّة.

    [8]. ننشر نص إعلان القاهرة الصادر عن القمة الثلاثية “مصر واليونان وقبرص”، موقع صحيفة اليوم السابع، ه تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، https://bit.ly/2RI0rzQ

    [9]. إعلان مشترك من وزراء الطاقة لدول قبرص ومصر واليونان، موقع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، https://bit.ly/2sMioEY

    [10]. قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا توقع اتفاقا لبناء أنبوب نفط تحت البحر، موقع قناة FRANC224، 5 كانون الأول/ ديسمبر 2017، https://bit.ly/2NO7s16

    [11]. أردوغان يكشف بنودا في الاتفاقية البحرية مع ليبيا، موقع الجزيرة نت، 8 كانون الأول/ ديسمبر 2018، https://bit.ly/2NRhD4M

    [12]. أثينا: توقيع مشروع “إيست ميد” بين قبرص واليونان وإسرائيل لمد أوروبا بالغاز، موقع قناة FRANC224، 3 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/3az1LO1

    [13]. مصر تتفق مع قبرص لإنشاء خط لنقل الغاز بتكلفة مليار دولار، موقع البوابة، 19 أيلول/ سبتمبر 2018، https://bit.ly/2Rjenl6

    [14]. هل يكون منتدى غاز شرق المتوسط جسر إسرائيل للخليج؟، موقع الجزيرة نت، 19 كانون الثاني/ يناير 2019، https://bit.ly/2GhByWC

    [15]. المصدر السابق.

    [16]. إعلان القاهرة لتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، موقع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، مصدر سابق.

    [17]. البيان الختامي للاجتماع الثاني لمنتدى غاز شرق المتوسط EMGF، موقع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، 25 تموز/ يوليو 2019، https://bit.ly/2NRpdN3

    [18]. إعلان الاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى غاز شرق المتوسط EMGF))، موقع وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، 16 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/2Rihh9t

    [19]. المصدر السابق.

    [20]. المصدر السابق.

    [21]. ساري عرابي، الحقائق الصادمة خلف حقول الغاز في شرق المتوسط، موقع عربي21، 21 كانون الثاني/ يناير 2010، https://bit.ly/36kDHvc

    [22]. هكذا حوّل الغاز المنهوب “إسرائيل” إلى دولة مصدرة للطاقة، موقع نون بوست، 17 نيسان/ إبريل 2019، https://bit.ly/30LQJ3z

    [23]. مخزون حقل الغاز الفلسطيني في غزة يتجاوز 33 مليار متر مكعب، موقع شبكة قدس، 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، https://bit.ly/2TSX3Vx

    [24]. هكذا حوّل الغاز المنهوب “إسرائيل” إلى دولة مصدرة للطاقة، موقع نون بوست، مصدر سابق.

    [25]. برنامج ما خفي أعظم – غاز غزة، قناة الجزيرة على موقع يوتيوب، 14 نيسان/ إبريل 2019، https://bit.ly/37j2bpO

    [26]. برنامج ما خفي أعظم – غاز غزة، قناة الجزيرة على موقع يوتيوب، مصدر سابق.

    [27]. هكذا حوّل الغاز المنهوب “إسرائيل” إلى دولة مصدرة للطاقة، موقع نون بوست، مصدر سابق.

    [28]. 4 حقول غاز في شرق المتوسط تغير خريطة المنطقة، موقع مدى مصر، 23 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/3aBhcWg

    [29]. اتفاق ل20 عاماً …توقيع صفقة غاز بين إسرائيل والسلطة الفلسطيني، موقع وكالة فلسطين اليوم، 5 كانون الثاني/ يناير 2014، https://bit.ly/36nnTHY

    [30]. حكومة الاحتلال تلغي اتفاقية تصدير الغاز لـ “إسرائيل”، موقع شبكة قدس، 11 آذار/ مارس 2015، https://bit.ly/2NT4lF1

    [31]. شركة فلسطينية تلغي صفقة شراء غاز إسرائيلي، موقع الجزيرة نت، 11 آذار/ مارس 2015، https://bit.ly/3aExz47

    [32]. اللجنة الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل تهاجم اتفاقيات الغاز المهينة معها وتطالب بإلغائها، موقع صحيفة القدس العربي، 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، https://bit.ly/38z4dT6

    [33]. برنامج ما خفي أعظم – غاز غزة، قناة الجزيرة على موقع يوتيوب، مصدر سابق.

    [34]. مجلس الوزراء يُصادق على خروج شركة “شل” العالمية من حقل غاز غزة، موقع النجاح الإخباري، 5 آذار/ مارس 2019، https://bit.ly/2RN0ham

    [35]. مصطفى: مفاوضات جدية مع شركات عالمية لتطوير حقل غاز مارين غزة، موقع وكالة سما الإخبارية، 7 أيار/ مايو 2018، https://bit.ly/2GmxWCp

    [36]. صندوق الاستثمار يؤكد أولوية القطاع به، حقل غاز غزة.. الجميع مستفيد إلا هي، موقع وكالة صفا، 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، https://bit.ly/2O7fFxu

    [37]. مصطفى: مفاوضات جدية مع شركات عالمية لتطوير حقل غاز مارين غزة، موقع وكالة سما الإخبارية، مصدر سابق.

    [38]. إسرائيل: محادثات مع السلطة لتزويد الفلسطينيين بالغاز الطبيعي، وكالة بال سوا، 16 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/2RnOGQp

    [39]. “منتدى غاز شرق المتوسط” يؤكّد على الحقوق الوطنية والسيادية الفلسطينية، موقع وكالة وفا، 16 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/2TWleTf

    [40]. الغاز الروسي يصل إلى أوروبا عبر تركيا، موقع سكاي عربية، 5 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/38wjoMB

    [41]. شرقي المتوسّط.. مواجهة عسكرية قريبة؟، موقع قناة الميادين، 19 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://bit.ly/2TOZ2KD

    [42]. المصدر السابق.

    [43]. هل يكون منتدى غاز شرق المتوسط جسر إسرائيل للخليج؟، موقع الجزيرة نت، مصدر سابق.

    [44]. منتدى الدول المصدرة للغاز – Gas Exporting Countries Forum (GECF)، موقع petroleum-today، 17 آب/ أغسطس 2015، https://bit.ly/36ntcHk

    [45]. منتدى غاز المتوسط تصفه بالمؤامرة – برنامج الحصاد الإخباري، قناة الجزيرة على موقع يوتيوب، 17 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/2NVFPDk

    [46]. المصدر السابق.

    [47]. “منتدى غاز شرق المتوسط” يؤكّد على الحقوق الوطنية والسيادية الفلسطينية، موقع صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية، 16 كانون الثاني/ يناير 2020، https://bit.ly/2NUkEBk

    [48]. الموقف الفلسطيني من منتدى غاز شرق المتوسط، مركز دراسات الشرق الأوسط، 21 شباط/ فبراير 2019، https://bit.ly/2NSkUAN

    [49]. إسرائيل تتخوف من ضغوط لتفعيل حقل غاز فلسطيني، موقع عرب 48، 16 كانون الثاني/ ينير 2019، https://bit.ly/2Ri3yzs

    [50]. المصدر السابق.

    [51]. برنامج ما خفي أعظم – غاز غزة، قناة الجزيرة على موقع يوتيوب، مصدر سابق.