• الأزمة اللبنانية تطحن اللاجئين الفلسطينيين

    بقلم:د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    خرج اللبنانيون منذ أكثر من شهر، في حراك شعبي مستمر واسع، ضد المنظومة السياسية، وضد ما يرونه من فساد قد يؤدي لانهيار اقتصادي، بعد تفاقُم سوء الأوضاع المعيشية، وتراجعُ القدرة الشرائية إلى مستويات غير مسبوقة.

    فإذا كانت هذه معاناة اللبناني، ابن البلد، الذي يتمتع بكافة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وبالرعاية الصحية والضمان الاجتماعي؛ فكيف باللاجئ الفلسطيني في هذا البلد، الذي كان يعيش أصلاً في أوضاع بائسة، قبل اندلاع الأزمة وتفجُّر الحراك الشعبي؛ وفي بيئة تحرمه بقوة القانون من العمل في الكثير من الوظائف، وتحرمه من حقوق مدنية معتادة تسمح له بعيش كريم. لقد جاءت الأزمة الحالية لتعصف حتى بالقليل الذي يحصل عليه أولئك الفلسطينيون الذين كانت لديهم فرص عمل، ولتضُمَّهم إلى "مطحنة" البطالة والفقر التي تَتغوّل على أغلبية فلسطينيي لبنان وتسحقهم.

    حسب دراسة منشورة للأونروا، بالتعاون مع الجامعة الأمريكية سنة 2015، فإن نسبة الفقر وسط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حوالي 65 في المئة، ونسبة البطالة 56 في المئة؛ وهناك نحو 62 في المئة يعانون من انعدام الأمن الغذائي المتوسط أو الحاد. ووسط 81 في المئة من الأسر الفلسطينية في لبنان، يوجد فرد واحد على الأقل يعاني من مرض مزمن.

    وخدمات الأونروا لا تكاد تفي بالحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين. وهناك نقص كبير في الاحتياجات التعليمية والصحية والاجتماعية وخدمات البنية التحتية في المخيمات.

    وقد جاء قرار وزير العمل اللبناني بشأن التشدد في رخص العمل في صيف 2019، وتفسير القانون بشكل يشدد الخناق على اللاجئ الفلسطيني، الذي كان ينتظر بدلاً من ذلك انفراجة تجاهه، بعد توافق الأحزاب اللبنانية على تحسين أوضاع اللاجئين وحل معظم مشاكلهم، في الوثيقة الصادرة عن لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، التي نشرت في كانون الثاني/ يناير 2017. هذا القرار تسبب بحالة إحباط واسعة، وبمزيد من التضييقات التي خسر بسببها العديد من الفلسطينيين مصادر رزقهم، وهو ما أدى إلى موجة احتجاجات مدنية واسعة شهدتها مخيمات اللاجئين، طوال ما يزيد عن شهرين.

    تفاقم المعاناة

    أما الأزمة الاقتصادية الحالية التي سبقت الحراك الشعبي وترافقت معه، فقد كانت ضربة قاسية لما تبقى من قدرة الفلسطينيين على الصمود. فخلال ما يزيد عن شهر من الأزمة انخفضت قيمة العملة اللبنانية بنحو الثلث مقابل الدولار، وتعطلت في معظمه حركة التنقل، وأغلقت في معظم أيامه البنوك، ولم يعد الناس قادرين إلا على سحب مبالغ محدودة من حساباتهم البنكية، ولم يعودوا قادرين على استلام كامل التحويلات التي تأتي من أقاربهم من الخارج. وفي الوقت نفسه قام الكثير من أرباب العمل بتسريح موظفيهم الفلسطينيين، نتيجة تراجع حركة المبيعات أو نتيجة تعطل أعمالهم. وقد ترافق ذلك كله مع زيادة الأسعار، وتدهور القوة الشرائية، وعدم توفّر بعض السلع. أما المؤسسات التي أبقت على موظفيها فهي إما أنها لم تتمكن من تسليمهم رواتبهم، أو أعطتهم نصفها أو نحو ذلك.

    وبالتالي، فإن تراكم معاناة فلسطينيي لبنان، وزيادة التدهور إلى الوضع المتدهور أصلاً، أوجد آلافاً جديدة من الحالات الإنسانية، التي انضمت إلى فئة الفقر المدقع، والتي لا تكاد تجد وجبة الطعام أو رغيف الخبز. وانضمت إليهم أيضاً أعداد كبيرة ممن لا يملكون نفقات العلاج، وممن يموتون ببطء نتيجة عدم القدرة على تغطية بعض الأمراض المستعصية كالسرطان والفشل الكلوي، وأعداد ممن طردوا أو من المهددين بالطرد من الشقق التي يستأجرونها، بالإضافة إلى آلاف حالات العجز عن تسديد رسوم المدارس والجامعات.

    استحقاقات ومخاطر

    وفي مثل هكذا أوضاع، هناك خشية أن يتضاعف نزيف الوجود الفلسطيني في لبنان من خلال الهجرة، بعد أن فقد هذا الوجود نحو 300 ألف من أبنائه، أو بعبارة أخرى أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في لبنان (المسجلون يزيدون عن 540 ألفاً، وتقديرات الموجودين بحدود 250 ألفاً).

    وهناك من جهة ثانية، خشيةٌ من أن يواصل الأمريكان ضغوطهم باتجاه إنفاذ "صفقة القرن"، والسعي لتوطين ما يتبقى من الفلسطينيين في لبنان، باتجاه إغلاق ملف اللاجئين.

    ومن ناحية ثالثة، فإن حالة الفقر والبطالة والبؤس والإحباط وإغلاق الأبواب في وجه اللاجئ الفلسطيني، يُخشى أن تؤدي إلى تفشي المشاكل الاجتماعية والنفسية، والانحراف الأخلاقي والسلوكي، وإلى التعبير عن نفسها من خلال الانتماء إلى اتجاهات متطرفة.

    ومن ناحية رابعة، فقد يُسهل ذلك على بعض الاتجاهات محاولة استغلال أوضاع الناس في تجنيد الشباب العاطل عن العمل لأجنداتها الخاصة، أو ليكونوا وقوداً لحالة التنافس والاحتراب الداخلي والخارجي. مع العلم أن الوجود الفلسطيني أثبت حتى الآن وعياً عالياً في النأي بالنفس عن الشأن الداخلي اللبناني.

    الدور المطلوب

    إذا كانت حالة اللاجئين الفلسطينيين تستحق أصلاً اهتماماً كبيراً من البيئة العربية والإسلامية والدولية لحل معضلاتهم، فإن الحاجة الآن أصبحت حاجة ماسة، وتستدعي منظومة طوارئ عاجلة على الأقل لتدارك آلاف العائلات التي تسحقها المعاناة.

    والمطلوب من الأونروا أن تستنفر جهودها وتدعو الجهات المانحة لتقديم معونات طارئة للاجئين، بما يكفي احتياجات ستة أشهر على الأقل.

    وعلى الجهات الخيرية والمعنية بالشأن الفلسطيني في لبنان أن تسارع بتقديم مشاريع محددة للجهات الخيرية العربية والإسلامية والدولية، لتقوم بدعمها؛ كمشاريع السلة الغذائية للفقراء، ومشاريع الإغاثة الطبية، وتغطية تكاليف التعليم، والمشاريع الإنتاجية، وكفالات الأيتام وغيرها.

    إن دعم فلسطينيي لبنان ليس مجرد حالة دعم إنساني، بل هو دعم لصمود أحد أهم تجمعات اللجوء الفلسطيني، وأحد أبرز التجمعات الفلسطينية الحيوية التي صبرت وضحّت وعضت على جراحها على مدى عشرات السنين، وظلت أحد أكبر الشواهد على جريمة العدو الصهيوني في تهجير الشعب الفلسطيني، وأحد أكبر الشواهد على تمسك فلسطينيي الخارج بحقهم في العودة إلى بيوتهم التي أخرجوا منها. وهو دعم ضروري في مواجهة "صفقة القرن" ومؤامرات "التوطين" والتهجير. ثم إن الضربات القاسية التي تعرَّض لها الوجود الفلسطيني في العراق وسوريا (وقبل ذلك في ليبيا) يزيد من أهمية وحيوية الحفاظ على الوجود الفلسطيني في لبنان.

    المصدر: موقع عربي21، 25/11/2019

  • التقدير الاستراتيجي (97): مخيم عين الحلوة … إلى أين؟

    تقدير استراتيجي (97) – آذار/ مارس 2017. 

    ملخص:

    اندلعت جولة جديدة من الاشتباكات في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان أواخر شهر شباط/ فبراير 2017، أسفرت عن مقتل شخصين وجرح ما يزيد عن عشرة وتخريب في الممتلكات.

    وجاءت هذه الجولة من العنف إثر انسحاب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية من اللجنة الأمنية العليا والقوة الأمنية المشتركة. ووقع الاشتباك بين مجموعات من حركة فتح ومجموعات إسلامية لكنها لم تؤد إلى نتائج حاسمة لأي من الطرفين.

    ترتبط الأزمة في مخيم عين الحلوة بالأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، وخصوصية قضية حقّ العودة وموقع المخيم في جنوب لبنان. كما ترتبط بالصراعات القديمة الدائمة بين حركة فتح ومجموعات إسلامية، ووجود مطلوبين فلسطينيين ولبنانيين داخل المخيم، والأوضاع الإنسانية الصعبة، والاهتمام الدولي بمكافحة الإرهاب. وبذلت جهود كثيرة لوقف العنف كانت تنجح أحياناً وتفشل أحياناً. وهناك عدة سيناريوهات للأزمة أهمها سيطرة الجيش اللبناني بالكامل على المخيم، أو سيطرة قوة فلسطينية مشتركة. لكن أمام التعقيدات السياسية والأمنية المحلية والإقليمية، من المرجح بقاء الأزمة وأن يراوح الوضع بين التوتر والهدوء، مع رغبة أهم الأطراف الفاعلة في محاصرة النيران، تحت سقف “المبادرة” التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية سنة 2014 لحماية المخيمات.

    مقدمة:

    تجددت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة أواخر شهر شباط/ فبراير 2017، وشهد المخيم جولة جديدة من الصراع المسلح هي الأعنف ربما منذ فترة طويلة، وسقط فيها قتيلان، هما الفتى ماهر دهشة (16 عاماً) وأحمد خليل (أبو عائشة)، وأصيب عدد بجروح، ووقعت خسائر مادية كبيرة في المباني السكنية، والمحلات التجارية، والسيارات، وأنابيب المياه، والكهرباء وأدت إلى توقف المدارس والمراكز الصحية، خصوصاً أعمال وكالة الأونروا الدولية. لكن الخسارة الأكبر كانت على المستويات السياسية والأمنية بين الفلسطينيين أنفسهم، أو بين الفلسطينيين واللبنانيين، إذ أضربت مدينة صيدا احتجاجاً على الاقتتال بين الفلسطينيين، الذي وصلت شظاياه من الرصاص والقذائف الصاروخية إلى المدينة.

    الموقع والمحطات:

    يقع مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة صيدا، في محور بين مناطق لبنانية سنية وشيعية ومسيحية، على الأوتوستراد المؤدي إلى جنوب لبنان، ترتاده القوات الدولية المنتشرة في لبنان منذ سنة 1978، وعلى مقربة من الاكتشافات البترولية في البحر المتوسط.

    يضم المخيم مع الأحياء المجاورة قرابة 70 ألف نسمة، وشهد في الماضي أحداثاً كثيرة أهمها الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 والمعارك بين الفلسطينيين وأحزاب لبنانية، ثم شهد صراعاً مسلحاً بين جماعة فتح عرفات والمجلس الثوري (أبو نضال). وفي أعقاب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان سنة 1989 تمّ تسليم الأسلحة الثقيلة من داخل المخيم إلى الجيش اللبناني.

    ويُتَّهم أفراد من المخيم بأعمال تفجير داخل مناطق لبنانية، وبقتل أربعة من القضاة في صيدا سنة 1999، وبإيواء عناصر “إرهابية” من خارج لبنان (تابعة للقاعدة)، وشاركت عناصر فلسطينية من المخيم في المعارك في العراق وسورية. وحين توقفت الحرب الداخلية في لبنان سنة 1990، هدأت الأحداث في مخيم عين الحلوة، وعاش المخيم مثل باقي المناطق اللبنانية فترة من الهدوء إلى سنة 1997، حين عادت أعمال الاشتباكات والتفجير، وضرب الجيش اللبناني طوقاً على المخيم وظلت الأمور متوترة إلى وقتنا هذا.

    عوامل أساسية:

    هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دوراً أساسياً في أزمة مخيم عين الحلوة أهمها:

    1. البعد السياسي:

    مخيم عين الحلوة هو من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان ودول اللجوء، وهذا له علاقة مباشرة بقضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم الأصلية، ومرتبط بمفاوضات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية ومصير اللاجئين الفلسطينيين. فالأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة انطلقت سنة 1997، بعد هدوء دام سنوات، وذلك بعد مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991، واتفاق أوسلو سنة 1993، وتأسيس السلطة الفلسطينية سنة 1994، وبروز توجه دولي وإقليمي لتصفية القضية الفلسطينية وإسقاط حقّ العودة وفرض التوطين في لبنان.

    2. البعد الأمني:

    من الملاحظ أن هناك جهات دولية وإقليمية ومحلية أرادت أن يبقى مخيم عين الحلوة مساحة لتصفية الحسابات، وصندوقاً لتبادل الرسائل، ومكاناً تأوي إليه العناصر المطلوبة. إذ ليس من المنطق أن تشهد جميع الأراضي اللبنانية هدوءاً أمنياً لا مثيل له من سنة 1990 إلى سنة 2005 عندما تمَّ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، ويبقى مخيم عين الحلوة وحده يعيش توترات أمنية من عمليات تفجير واغتيال في بقعة لا تزيد عن 2 كم2.

    3. البعد اللبناني:

    رفض الدولة اللبنانية بسط سلطتها الأمنية على مخيم عين الحلوة وباقي المخيمات الأخرى، فالدولة اللبنانية ترفض إدخال الجيش اللبناني إلى داخل المخيمات مع العلم أنها تحتفظ بوجود قوي في محيطها خصوصاً عين الحلوة. وهذا يترك المخيم في فوضى أمنية ويعزز الخلاف مع الجهات الرسمية في لبنان، ويظهر مخيم عين الحلوة أنه منطقة تعيش خارج القانون.

    4. البعد الإنساني والاجتماعي:

    يعاني مخيم عين الحلوة —مثل باقي الوجود الفلسطيني في لبنان— من أزمات اقتصادية وإنسانية واجتماعية، فالسلطة اللبنانية تمنع اللاجئين من العمل والتملك، والتعليم ضعيف، والرعاية الصحية سيئة، والبنية التحتية (ماء، وكهرباء، وصرف صحي) سيئة للغاية، ولا تتوفر في السكن أي مواصفات صحية أو بيئية، حيث يقل عدد الشوارع، ولا توجد ساحات عامة أو أماكن ترفيه أو ممارسة هوايات، وتنتشر الأزقة، وتتراجع فرص التعليم والانضمام للجامعات، وترتفع معدلات الفقر والبطالة والأمية.

    ويوجد في المخيم أكثر من خمسة آلاف مطلوب للدولة اللبنانية بتهم معظمها باطلة أو مضى عليها الزمن، ويفرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً قاسياً حول المخيمات، ويفتش الداخلين والخارجين ويحصر الدخول والخروج بمناطق محددة، ويقيم سواتر ودشم وحواجز في محيط المخيم، ويمنع الإعمار، وهناك قيود على عمل وتحرك وكالة الأونروا الدولية.

    عناصر مؤثرة:

    هناك مجموعة من العناصر تؤثر في الصراع في مخيم عين الحلوة:

    1. غياب المرجعية السياسية والعسكرية والأمنية الفلسطينية الواحدة القادرة على فرض الأمن، فهناك حالة من الصراع بين الفصائل الفلسطينية، وبين  حركة فتح والمجموعات الإسلامية بسبب محاولات فتح ضرب هذه الجماعات.

    2. عدم وجود اهتمام رسمي لبناني بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين عموماً وأوضاع المخيم، مثل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ووقف  الإجراءات الأمنية، وإنهاء هذه الأزمة من خلال قرارات سياسية وأمنية وتنموية فاعلة.

    3. وجود فكر متشدد داخل مخيم عين الحلوة، له ارتباطات خارج المخيم، ويتأثر بأحداث المنطقة وصراعاتها وانقساماتها، ويدخل أحياناً عنصراً  للمشاركة فيها، ويقبل منطق إيواء مطلوبين.

    4. وجود ارتباط وثيق بين مجموعات عاملة في المخيم مع أجهزة أمنية محلية وإقليمية، تتأثر بقراراتها وتنفذ توجهاتها.

    5. دخول عدد من المطلوبين إلى مخيم عين الحلوة، مثل بديع حمادة الذي قتل ثلاثة جنود من الجيش اللبناني سنة 2002، وتمّ تسليمه للسلطات اللبنانية وأعدم؛ وفضل شاكر الذي دخل إلى المخيم بعد أحداث منطقة عبرا سنة 2013، وشادي المولوي الذي دخل إلى المخيم سنة 20144، وتصر الدولة اللبنانية على تسلم هؤلاء في المخيم، في حين لا يوجد أي سبب لبقاء هؤلاء في المخيم، وتعجز الفصائل الفلسطينية عن اعتقالهم، ويحظون بدعم مجموعات داخل المخيم.

    6. اكتشاف النفط في البحر المتوسط قبالة السواحل اللبنانية، ووجود القوات الدولية في جنوب لبنان وخشية القوات الدولية من استخدام مخيم عين الحلوة  ضدها في أعمال عنف، وخشية شركات النفط من السبب نفسه.

    7. إن وجود عدد من المطلوبين الإسلاميين في المخيم يجعل المخيم مرتبطاً بالملف الدولي المسمى “مكافحة الإرهاب”. وهناك محاولات كثيرة  خصوصاً من جهات مرتبطة بالأمن الفلسطيني في رام الله بملاحقة هؤلاء وقتلهم أو اعتقالهم.

    8. رغبة حركة فتح في استعادة نفوذها في المخيم واستعادة السيطرة على جميع أحيائه، بصفته أهم المخيمات وأهم مناطق نفوذها سابقاً. وهنا تدخل في  صراع مع جميع المجموعات التي تتناقض فكرياً وسياسياً واجتماعياً مع حركة فتح، وترفض سياسات وبرامج منظمة التحرير الفلسطينية.

    السيناريوهات المتوقعة:

    أولاً: بسط سيطرة الجيش اللبناني على المخيم:

    وهذا يعني أن يقوم الجيش اللبناني بالحصول على موافقة فلسطينية وإقليمية ودولية بدخول المخيم وبسط سلطته داخله، سواء بالتفاهم أم بالقوة.
    إن هذا السيناريو مستبعد، على الأقل في المستقبل القريب، بسبب غياب الإرادة الداخلية اللبنانية، وصعوبة الحصول على تأييد إقليمي ودولي نظراً لحساسية القضية الفلسطينية ومستقبل ملف اللاجئين وحقّ العودة. فالدولة اللبنانية تخشى مشاريع التوطين، ولا تريد تحمل المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية لجميع اللاجئين.

    ثم إن هناك خشية من صدام عسكري لبناني فلسطيني يعيد الحرب بين الطرفين، وهي فكرة مرفوضة، وتكاليفها البشرية عالية وغير مضمونة، وآثارها ليست بسيطة. لذلك سيبقي الجيش اللبناني على إجراءاته الأمنية حول المخيم، ويعمل على معالجة ملف المطلوبين، ويحارب “الإرهاب” وقائياً، ويمنع تمدد الأحداث والاشتباكات، دون أن تتحمل الدولة اللبنانية العبء السياسي والاقتصادي لملف اللاجئين.

    ثانياً: موقف فلسطيني قوي ينهي الأزمة:

    وهذا يعني بروز موقف سياسي فلسطيني قوي يؤدي إلى توافق على إنهاء الصراع بالقوة أو بالتفاهم.

    حاولت جهات فلسطينية وضع حدّ للصراع داخل عين الحلوة، وأطلقت الفصائل الفلسطينية مبادرة موحدة في آذار/ مارس 2014 لمنع العنف، وشكلت لجنة أمنية خاصة من 250 عنصراً في عين الحلوة. لكن ذلك لم يَحلْ دون استمرار العنف، فشهد المخيم أعمال تفجير واغتيال وإطلاق نار، كان أشدها في صيف سنة 2014، كما شهد المخيم عمليات تصفية طالت عناصر محسوبة على “سرايا المقاومة” المتهمة باستهداف إسلاميين.
    وحصلت عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال بين عناصر من فتح وعناصر إسلامية.

    وبالرغم من محاولات فلسطينية كثيرة لمنع العنف إلا أنها لم تصل للنجاح المطلوب، وذلك بسبب تعقيدات الأوضاع السياسية والأمنية في عين الحلوة، وتعدد اللاعبين، واتساع نفوذ القوى المؤثرة، واستمرار الخلافات الفلسطينية، وتردد المسؤولين القائمين على اللجنة الأمنية، واتساع الخلاف داخل حركة فتح، ما أدى لانسحابها من اللجنة الأمنية المشتركة في شباط/ فبراير الماضي. ولا يبدو أن هناك قدرة فلسطينية على حسم الأوضاع داخلياً في عين الحلوة، على الرغم من محاولة جهات فلسطينية كثيرة معالجة الصراع المسلح وإنهاء ظاهرة المطلوبين.

    ثالثاً: استمرار الأزمة:

    وهذا يعني بقاء الوضع في مخيم عين الحلوة على ما هو عليه، من انقسامات وصراعات وعنف مسلح. هذا السيناريو هو المرجح في المستقبل القريب، بسبب ارتباط قضية مخيم عين الحلوة بعدد من الملفات السياسية المحلية والإقليمية والدولية، ومستقبل القضية الفلسطينية وحقّ العودة، والصراعات في المنطقة، وملف مكافحة الإرهاب. وبسبب عدم قدرة الفصائل الفلسطينية على حسم الواقع العسكري داخل المخيم وتسليم المطلوبين، وعدم وجود إرادة لبنانية قوية لمعالجة أسباب الأزمة، وتحمل المسؤوليات السياسية والقانونية والاجتماعية، مع بقاء رغبة حركة فتح في السيطرة الكاملة على المخيم ومحاربة الإسلاميين ضمن ملف مكافحة الإرهاب، وخشية الإسلاميين من دور حركة فتح الأمني في ملاحقتهم.

    إن بقاء الأزمة يعني استمرار المعاناة الإنسانية في المخيم والإساءة للقضية الفلسطينية وللوجود الفلسطيني، وهذا يعني وجود برميل من البارود يهدد بالانفجار، وربما يهدد بالإطاحة بالمخيم بالكامل. ويرى الفلسطينيون أنه وبغض النظر عن الإشكالات الأمنية في مخيم عين الحلوة، ومدى خطرها، أن الفلسطينيين نجحوا في تحييد المخيم عن الصراعات الإقليمية والفتن الطائفية والانقسامات المحلية والخارجية، منذ اندلاع أزمات المنطقة والأزمة في سورية، ولم تخرج من مخيم عين الحلوة أي عملية اعتداء خارجه.

    التوصيات:

    1. السعي لتعاون فلسطيني لبناني جاد ومشترك للوصول إلى حلّ جذري للأزمة وإطلاق حوار لبناني فلسطيني مشترك حول جميع نقاط العلاقة  الفلسطينية اللبنانية والتوصل لحلول فاعلة.

    2. فصل ملف مخيم عين الحلوة عن جميع الملفات السياسية وتعقيدات المنطقة.

    3. التعامل مع موضوع المطلوبين بالحكمة والحزم اللازمين، وإيجاد تسويات سياسية وقانونية لمعالجة قضاياهم كلما أمكن ذلك. وتطبيق سياسات تؤكد  على احترام القانون، وعدم تحميل المخيم مسؤوليات خارجة عن طاقته وإمكاناته.

    4. وضع خطة تنموية لعين الحلوة.

    5. تشكيل قوة أمنية فلسطينية مشتركة ضاربة، تضع حداً للعنف وتحفظ النظام في المخيم.

    6. تخفيف الإجراءات الأمنية في محيط عين الحلوة.

    يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ رأفت مرة بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (97): مخيم عين الحلوة … إلى أين؟ Word (10 صفحات، 87 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (97): مخيم عين الحلوة … إلى أين؟  (10 صفحات، 545 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 6/3/2017

  • الحراك الشعبي اللبناني.. إلى أين؟

    بقلم:د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    عندما ينطلق حراك شعبي لبناني واسع وشامل، عابر للطوائف و الأطياف والأحزاب السياسية، فهي لحظة تاريخية استثنائية في تاريخ لبنان.

    إنها حالة شعبية وحَّدها "الوجع" والمعاناة وتراكم الضغوط، ووحَّدها الغضب تجاه الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفشل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ولتفشي الفساد الذي ينخر أجهزة الدولة ومؤسساتها.

    لبنان المتميز دائماً بالاصطفافات الطائفية والحزبية طوال سبعين عاماً؛ أعاد عملية الاصطفاف هذه الأيام، لتتوحّد الجماهير الغاضبة ضدّ رؤسائها وزعمائها ورموزها على طريقة "كلن يعني كلن".

    كان إقرار مجلس الوزراء لمشروع الضريبة على استخدام الواتس آب ووسائل الاتصال المجانية (6 دولارات شهريّاً) الشرارة التي أطلقت الاحتجاجات، بعد أن شعر الناس أن الدولة تلاحقهم على آخر متنفساتهم، بينما يستمرّ الهدر المالي والإسراف والاستنفاع من المواقع القيادية والإدارية لمصلحة هذه الطبقة السياسية.

    مظاهر الحراك:

    تميز الحراك الشعبي اللبناني بمشاركة فئات المجتمع كافة، خصوصاً الشباب، واتسم بالجرأة الشديدة على رموز النظام السياسي، بأشكال النقد كافة، وحتى الشتائم الجارحة والكوميديا الساخرة، وتَعرَّض النظام السياسي الطائفي والحزبي لنقد قاسٍ باعتباره سبباً للفساد وحامياً له ومعوقاً حقيقياً لأي حالة نهضوية في البلد.

    واتخذ الحراك نكهة لبنانية خاصة، فلم يخلُ من مظاهر الغناء والفرح والدبكة، بطريقة عبّرت عن "إنسانية" الحراك، وسلمية التظاهرات، وحب اللبنانيين للحياة. غير أن محاولة بعض وسائل الإعلام تعميم بعض المظاهر الاستثنائية لم يكُن صحيحاً.

    رافق الحراك تعطل التعليم وإغلاق البنوك وقطع الشوارع بين المناطق والمدن مما تسبب في شبه شلل للحياة الاقتصادية ولحركة المواصلات، وهو ما تسبب بضغط هائل على الحكومة.

    اللافت للنظر أن القيادات السياسية والحزبية أخذت تشارك في الهجوم على الفساد والهدر المالي، بينما هي نفسها التي تتولى إدارة المنظومة الحكومية والسياسية المتهمة بالفساد.

    فساد وغلاء ومديونية:

    حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية، فإن لبنان يحتل المرتبة 138 بين دول العالم في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2018، ولم يحصل إلا على 28 نقطة من أصل 100 نقطة. وتشير الدراسات إلى أن "كلفة الفساد" المالي السنوية في لبنان تبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار. ويعتقد 92% من اللبنانيين أن الفساد زاد في البلد.

    الفساد جعل بلداً مليئاً بالأنهار والينابيع يعاني انقطاع المياه، والمياهَ المالحة، في كثير من مناطقه بما في ذلك العاصمة بيروت، وجعله بلداً يعاني انقطاعات الكهرباء لفترات طويلة يوميّاً تصل إلى 12 ساعة في بعض المناطق.

    وعلى الرغم من أن البلد زاخر بالطاقات والكفاءات والخبرات، وشعبه مليء بالنشاط والحيوية، فإنه يعاني بنى تحتية متخلفة، وتردِّياً في الخدمات، مع غلاء فاحش في الأسعار جعل بيروت ثاني أغلى عاصمة عربية.

    وهو ما يتسبب في حالات إحباط واسعة تدفع إلى الهجرة، ليجد اللبناني مجالاً واسعاً لإبداعه خارج وطنه. وحسب الخبراء فإن بنية النظام السياسي الطائفي، وأساليب المحاصصة، وشراء الموالين، قد أدّت إلى توفير بيئة مناسبة للفساد، مع توفير الحماية للمتهمين به، لذلك لم يُحاسَب أحد من كبار المسؤولين بتهم الفساد منذ إنشاء الدولة اللبنانية.

    الهدر المالي وسوء الأداء الاقتصادي أوقع لبنان في أزمة ديون خانقة، إذ بلغت نحو 85 مليار دولار (بعد أن كانت سنة 2007 تبلغ 40 ملياراً)، وبكلمة أخرى يُولَد كل لبناني وفي رقبته نحو 15,450دولاراً (على اعتبار أن عدد اللبنانيين حاملي الجنسية بلغ في نهاية 2018 نحو 5.5 مليون نسمة)، وهي ديون تُقدَّر بنحو 140% من حجم الاقتصاد اللبناني، مما جعل لبنان الثالث عالمياً من حيث نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي. وأصبحت خدمة الدَّين تستهلك مبالغ هائلة، في الوقت الذي يزداد فيه الدّين بنحو ستة مليارات دولار سنوياً.

    صعوبات وتحديات:

    يعاني الحراك عدداً من التحديات أبرزها أن البنية الطائفية السياسية في البلد متجذرة وعميقة في المنظومة السياسية، ولدى الأحزاب المستندة على قواعد طائفية بنى تحتية قوية وقدرات تعبوية كبيرة، مما يعطيها الفرصة لإعادة إنتاج نفسها في أي انتخابات حرة نزيهة قادمة.

    ومن ناحية ثانية، فالحراك نفسه لا رأس ولا برنامج محدداً له. وبالرغم من أن ذلك من مزاياه المهمة في البداية، إلا أنه إن لم تتصدره قيادات شعبية حقيقية، تعبر عن هموم الجماهير وتلقى قبولهم، فقد يتراجع وينطفئ تدريجياً قبل أن تتحقق مطالبه.

    وإذا كان ثمة انعدام ثقة بالحكومة وأحزابها في تنفيذ مطالب الإصلاح، فليس ثمة جاهزية لدى الحراك في المقابل للحلول مكان الحكومة. وهو ما قد يتسبب من جهة ثالثة في حالة من الفراغ أو فتح المجال أمام مخاطر الانفلات والفوضى.

    ولأن الناس، من جهة رابعة، خرجت أساساً لعلاج مشاكلها الاقتصادية؛ فإن أيّة جهة ستتولى الحكم مهما كانت كفاءتها وإخلاصها ستحتاج وقتاً غير قصير لتدوير عجلة الاقتصاد بشكل صحيح. كما يبرز احتمال وجود قوى "دولة عميقة" معطِّلة لإصلاحاتٍ تراها تضر بمصالحها، ووجود قوى فساد تحاول المحافظة على نفوذها أو الهروب برؤوس أموالها، فضلاً عن تدخل قوى دولية وإقليمية في السياسة المحلية وممارسة ضغوط اقتصادية وسياسية مختلفة لرعاية مصالحها.

    وثمة تحدٍّ خامس مرتبط بالمحافظة على بوصلة الحراك في تحقيق أهدافه، وقطع الطريق أمام أيّة قوى تسعى لركوب الموجة، أو لتغيير البوصلة، لتصفية حسابات سياسية، أو لخدمة أجندات تصبّ في مصلحة قوى خارجية متربصة بلبنان.

    الحراك إلى أين؟:

    حاولت الحكومة، التي اعترفت بالأزمة وبالمطالب المُحقَّة للمتظاهرين، تقديمَ برنامج لحلول مستعجلة تثبت من خلاله جديتها في الاستجابة لمطالب المتظاهرين؛ فأكدت على تخفيض مظاهر الإنفاق، وعلى عدم فرض ضرائب جديدة، وعلى حلّ مشكلة الكهرباء، وإطلاق قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وقانون استعادة الأموال المنهوبة، وخفض رواتب الوزراء والنواب والرؤساء بنسبة 50%. كما تبنى رئيس الجمهورية العديد من قضايا المتظاهرين وهمومهم وطالبهم بتقديم رؤاهم الإصلاحية، للتوصل إلى تفاهم بشأنها.

    وكان من الواضح أن العديد من القوى النافذة في الدولة والمجتمع (حزب الله، وأمل، والتيار الوطني الحر،...)، تتبنى العديد من المطالب الاقتصادية والاجتماعية، لكنها ترفض إسقاط الحكومة والرئاسة، كما ترفض إغلاق الشوارع وتعطيل الحياة العامة. ويجري النقاش في أوساطها حول إنزال جماهيرها وأنصارها، لمواجهة ما ترى أنه استهداف لها ولبرامجها ومواقفها السياسية.

    وبالتالي، فإن الحراك يسير باتجاه أحد السيناريوهات التالية:

    السيناريو الأول: الاستجابة لمطالب المتظاهرين المتعلقة بحزمة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بمكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وتحسين الخدمات ورفع المعاناة عن المواطنين، مع توفير ضمانات لتنفيذها، كإعادة تشكيل الحكومة وتطعيمها.

    السيناريو الثاني: الاستجابة للسقف العالي لمطالب قطاع فاعل من المتظاهرين، بإسقاط الرئاسة والحكومة، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة، وعمل انتخابات مبكرة على أسس غير طائفية، بالإضافة إلى حزمة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.

    السيناريو الثالث: إصرار الطرفين على مواقفهما، وإنزال الطرف المؤيد للحكومة أنصارَه إلى الشارع، بما قد يُهدد (لا قدر الله) بتعطُّل البلد أو بالفوضى، وبمزيد من التردي والانهيار الاقتصادي.

    السيناريو الرابع: تراجع الحركة الاحتجاجية، ونجاح القوى الرسمية في امتصاصها واحتوائها، ومتابعة القوى الحاكمة لسياساتها المعتادة، مع بعض الديكورات الجديدة؛ مع بقاء جوهر الأزمة في البنية الطائفية السياسية.

    تجدر الإشارة إلى أننا نكتب هذا المقال في خضم الحراك، وفي أوضاع متحركة ومتغيرة يصعب توقعها. غير أن السيناريو الأول ربما كان هو الأقرب للتحقق حتى الآن.

    ولكن ما قد يعيقه أن هناك أزمة ثقة لدى الحراك الشعبي في القيادة السياسية، باعتبار أن أولئك المسؤولين عن الفساد أو الساكتين عنه غير قادرين أو غير مؤهلين لمحاربته، ولا لتقديم علاجات جذرية لمشاكل البلد.

    وربما لو نجح أنصار الحراك الشعبي في إدارة برنامجهم ومفاوضاتهم، لتحسنت فرصهم في تحقيق بعض المطالب في السيناريو الثاني كالانتخابات المبكرة، والحكومة الانتقالية، ووضع أسس جديدة للانتخاب تتجاوز، ولو جزئياً، المحاصصة الطائفية لتعطي فرصة لإنتاج أسس أفضل للدولة الحديثة.

    كما يجدر الانتباه إلى أن العقلية السياسية اللبنانية تجيد لعبة "حافة الهاوية"، وليس من السهل دفع أيّة قوة كبيرة، خصوصاً المستندة إلى أرضية طائفية، إلى التنازل، إلا ضمن حسابات وتوافقات وتحالفات صعبة ومتداخلة، وقد تستغرق زمناً طويلاً. وبالرغم من ذلك، فإن الحراك وفّر فرصة استثنائية للإصلاح السياسي والاقتصادي.


    المصدر: موقع ”TRT“ تي آر تي (مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية) – تركيا، 27/10/2019

  • ورقة عمل: أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان … ربيع الدنان وفاطمة عيتاني

    cover-paper_situation_pal-refugees-leb_rabialdannan_fatimaitani_12-16يسر مركز الزيتونة أن يقدم ورقة عمل تحت عنوان ”أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان“، من إعداد الباحثين في مركز الزيتونة ربيع الدنان وفاطمة عيتاني.

    تتمحور هذه الورقة حول التوزيع الجغرافي والديموغرافي، والواقع الصحي والاقتصادي والتعليمي، والواقع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان.


     لتحميل ورقة العمل، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    ورقة عمل: أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان … ربيع الدنان وفاطمة عيتاني  (31 صفحة، 1.1 MB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 19/12/2016


    ورقة عمل: أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان … ربيع الدنان وفاطمة عيتاني

    المقدمة:

    برزت قضية اللاجئين الفلسطينيين إثر الحرب العربية – الإسرائيلية سنة 1948، عندما قامت العصابات الصهيونية، التي أنشأت الكيان الإسرائيلي على نحو 77% من أرض فلسطين، بتهجير نحو 800 ألف فلسطيني؛ أي نحو 57% من مجموع شعب فلسطين في ذلك الوقت. وقد تفاقمت مشكلة اللاجئين عندما قامت “إسرائيل” باحتلال باقي أرض فلسطين في حرب سنة 1967، حيث تمّ تهجير نحو 300 ألف فلسطيني.

    خرج الفلسطينيون من أرضهم بعد المجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية سنة 1948، لاجئين إلى الضفة الغربية وغزة، وإلى الدول العربية المجاورة، ودخل بعضهم الأراضي اللبنانية، اضطراراً لا اختياراً، على أنهم ضيوف إلى حين عودتهم إلى أرضهم، التي ظنُّوا أنها لن تطول، وكذلك كانت قناعة المضيفين.

    بعد استقرار اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتوزعهم على مخيمات الشتات، بدأت ملامح الحرمان تلوح في الأفق، بأنهم لن ينالوا الحقوق التي يتمتع بها اللبنانيون على أرضهم، ولن يتمتعوا بالحقوق التي يتمتع بها إخوانهم اللاجئون في الدول العربية الأخرى في الأردن وسورية، فقد حُرموا من العمل في أكثر من سبعين مهنة، وتمّ التضييق عليهم في حرية التنقل، ومُنعوا من حقّ التملك، بالإضافة إلى الوضع الصعب الذي يعيشونه في المخيم.

    نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على بدايات اللجوء الفلسطيني إلى لبنان وعلى أوضاعهم السكانية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى أهم القوانين والتشريعات التي أقرتها الدولة اللبنانية المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين.

    أولاً: التوزيع الجغرافي والديموغرافي للاجئين الفلسطينيين في لبنان:

    1. لجوء الفلسطينيين إلى لبنان:

    إثر النكبة التي حلَّت بالشعب الفلسطيني سنة 1948، لجأ العديد من سكان المدن والقرى والأرياف الفلسطينية إلى الأردن، وسورية، ولبنان، والعراق، ومصر، والضفة الغربية، وقطاع غزة. وكان عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى المغادرة إلى لبنان بعد نكبة فلسطين نحو 127 ألف لاجئ فلسطيني قدم معظمهم قبل إعلان “دولة إسرائيل”. وشكّل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان حينها نحو 15.8% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين الذي قُدِّر عددهم بنحو 800 ألف لاجئ.

    وكان من أسباب لجوء الفلسطينيين إلى لبنان، العلاقات الاجتماعية وحالات التزاوج والمصاهرة بين سكان الجليل وشمال فلسطين عموماً واللبنانيين، إضافة إلى التبادل التجاري بين مدينتي عكا وصيدا، عدا عن وجود الأسواق التجارية الحدودية التي كانت تجمع مواطني لبنان وفلسطين في سوق بنت جبيل على سبيل المثال . وأظهرت البيانات التي جمعتها وكالة الأونروا UNRWA بين سنتي 1950 و1951 أن أكثر من 88% من اللاجئين قدموا إلى لبنان من شمال فلسطين، وتحديداً من القرى التابعة إلى قضاء عكا، وبيسان، والناصرة، وصفد، وطبريا، وحيفا ، فيما أشار استطلاع لآراء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قام به مركز الزيتونة وفق شروط أكاديمية صارمة، في أيار/ مايو 2006، وأشرف عليه مدير المركز الدكتور محسن محمد صالح، إلى أن أكثر من 95.5% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تعود أصولهم إلى شمال فلسطين … للمزيد


    .