• Türkçe
  • English
مجموعة التفكير الاستراتيجي مجموعة التفكير الاستراتيجي
  • الرئيسية
  • تقدير موقف
  • تقارير
  • كتب وإصدارات
  • أبحاث
  • دراسات
  • ندوات
  • ورش عمل
  • دورات تدريبية
  • من نحن؟

Sidebar

القائمة الرئيسية

  • الرئيسية
  • تقدير موقف
  • تقارير
  • كتب وإصدارات
  • أبحاث
  • دراسات
  • ندوات
  • ورش عمل
  • دورات تدريبية
  • من نحن؟
  • التقدير الاستراتيجي (93): آفاق السياسة الأمريكية تجاه فلسطين في عهد ترامب: 2017-2021

    تقدير استراتيجي (93) – تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.

    ملخص:

    يصعب العثور على فروقات جدية بين الرؤساء الأمريكيين العشرة الجمهوريين والديموقراطيين، الذين حكموا الولايات المتحدة طوال الخمسين سنة الماضية، تجاه قضية فلسطين؛ فقد ظلت “إسرائيل” حجر الزاوية في السياسة الأمريكية في المنطقة، وظلّ الانحياز لها وتغطية احتلالها وممارساتها، ورفض الضغوط عليها الطابع العام لهذه السياسة.

    وتفتح الطبيعة الشخصية الجدلية والبراجماتية لترامب آفاقاً مختلفة للسيناريوهات المستقبلية؛ غير أن الوعود التي يطلقها المرشحون في الانتخابات لا تجد طريقها للتنفيذ دائماً… حيث تتمتع الولايات المتحدة ببنى مؤسسية قوية ومستقرة ومؤثرة في صناعة القرار. ومع ذلك فإن ثمة هامش مؤثر لحركة الرئيس وسياساته، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن الحزب الجمهوري يتمتع بالغالبية في مجلسي النواب والشيوخ، وهو الحزب الذي جاء ترامب على بطاقته.

    مقدمة:

    مع تولي المرشح الجمهوري دونالد ترامب لمنصب الرئيس الأمريكي في مطلع سنة 2017، يكون الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة قد مضى عليه نصف قرن، تولى خلاله عشرة رؤساء أمريكيون السلطة، منهم أربعة رؤساء ديموقراطيون وستة رؤساء جمهوريون، وحكم الجمهوريون 28 سنة بينما حكم الديموقراطيون 26 سنة، أي أن الحكم كان مناصفة بين الطرفين من الناحية الزمنية منذ جونسون وانتهاء بترامب.

    وعند رصد الملامح الاستراتيجية للسياسة الأمريكية التي اتنتهجها الرؤساء العشرة، يصعب العثور على تباينات ذات معنى فيما بينهم في الموضوع الفلسطيني، وشكل الانحياز الخشن والناعم لـ”إسرائيل” السمة المشتركة فيما بينهم، فهل ستعرف فترة ترامب الجمهوري تغيراً تكتيكياً أو استراتيجياً في الاتجاه السائد في السياسة الأمريكية خلال نصف القرن الماضي؟ علماً أن القسمات الأساسية لبنية القوى السياسية الأمريكية لم تتغير تغيراً جذرياً، كما أن الصلاحيات الدستورية للرئيس لم يصبها تغير ذو دلالة مهمة.

    يمكن تحديد ثلاثة سيناريوهات مستقبلية في الإجابة عن هذا السؤال:

    السيناريو الأول: السيناريو المرغوب فلسطينياً:

    ويقوم هذا السيناريو على عدد من الافتراضات أهمها:

    1. أن يفي الرئيس الأمريكي ترامب بما نُقل عنه في حوار صحفي بأنه سيكون وسيطاً “محايداً” بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من ناحية، وشعوره بأن عدم تقديم “إسرائيل” لتنازلات لن يؤدي لسلام في المنطقة من ناحية ثانية، ففي حوار له مع وكالة أسوشييتد برس في كانون الأول/ ديسمبر 2015 ادعى أنه سيكون “محايداً”، ثم أضاف متسائلاً “ما إذا كانت إسرائيل مستعدة للتضحية بأشياء محددة”، ويجيب بقوله: “ربما لا، وأنا أتفهم ذلك، وليس لدي مشكلة في ذلك، ولكن لن يكون هناك سلام”. وفي آذار/ مارس 2016 أشار ترامب إلى أن موضوع الاستيطان في الضفة الغربية هو “نقطة خلاف” مع “إسرائيل”، وهو أمر يراه الطرف الفلسطيني موقفاً إيجابياً مع أنه استمرار للموقف الأمريكي التقليدي في هذه النقطة تحديداً.

    2. أن تتناغم السياسة الأمريكية والروسية في الشرق الأوسط، خصوصاً أن ترامب أبدى قدراً من “التفهم والاحترام” للرئيس الروسي بوتين، وهو ما يعني أن الطرفين قد ينسقا مواقف ضاغطة على “إسرائيل” في إطار عمل اللجنة الرباعية، وعبر مجلس الأمن، وعبر الحوار الديبلوماسي الثنائي الأمريكي الروسي مع “إسرائيل”.

    3. أن تمارس الدول الأوروبية المتضررة من موجات الهجرة، خصوصاً الناجمة عن الاضطرابات العربية، إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بأن الشرق الأوسط غير قابل للاستقرار دون تسوية الصراع العربي الصهيوني.

    4. تشير توجهات ترامب إلى أولوية المصالح الاقتصادية والمالية لديه في نطاق العلاقات الخارجية، وهو ما يتضح في تركيزه على تحميل دول الخليج أعباء الوجود الأمريكي في المنطقة، وفي مطالبته الملحة للدول الأوروبية بتحمل مزيد من الأعباء في نفقات الناتو، وهو ما قد ينطوي على احتمال بأنه سيقلص المساعدات الأمريكية للخارج، وهو ما قد يمتد للمساعدات الأمريكية لـ”إسرائيل”.

    السيناريو الثاني: السيناريو الممكن:

    وهو السيناريو الذي يفترض أن السياسة الأمريكية ستبقى على حالها، وافتراضات هذا السيناريو تقوم على الآتي:

    1. تأكيد الانحياز الأمريكي المعلن، وهو ما يتضح في تصريحات ترامب المختلفة عما سبق وروده في السيناريو السابق، حيث أكد ترامب في عدد من المناسبات على:

    ‌أ.  موضوع الاستيطان: قال ترامب لصحيفة ديلي ميل في آذار/ مارس 2016 أنه “قد يكون الحياد أمراً غير ممكن، وعلى إسرائيل السير قدماً في بناء المستوطنات في الضفة الغربية”، وهذا التصريح من ترامب أمر يتناقض مع السياسة الأمريكية المعلنة ومع رأي المستشار القانوني للحكومة الأمريكية منذ ظهور مشكلة المستوطنات، ففي السابق كانت الولايات المتحدة تعلن رفضها لسياسة الاستيطان، لكنها لم تتخذ أي إجراء عملي للضغط على “إسرائيل” لوقف هذه السياسة، وهنا نجد أن ترامب قد انتقل خطوة أكثر استرضاء لـ”إسرائيل”.

    ‌ب.  كان ترامب في سنة 2013 من المؤيدين لترشيح بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يعني أن موقفه سيكون استمراراً لموقفه السابق في ظلّ هذا السيناريو.

    2. أن الكونجرس الأمريكي والذي يسيطر الجمهوريون على جناحيه له دور كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، ولا تشير مواقف هذا الحزب لأي تغير تجاه الموقف من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما يجعل قدرة الرئيس على إحداث تغير استراتيجي أقل إمكانية حتى لو افترضنا أن لديه رغبة في ذلك.

    السيناريو الثالث: السيناريو الأسوأ فلسطينياً (والأفضل إسرائيلياً):

    وتتمثل افتراضات هذا السيناريو بما يلي:

    1. أن يتجه ترامب نحو تغيرات استراتيجية في تعامله مع أبعاد الموضوع الفلسطيني على النحو التالي:

    ‌أ. القدس: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والإقرار بالقدس كاملة عاصمة لـ”إسرائيل”، وهو ما وعد به خلال حملته الانتخابية، مع الأخذ في الاعتبار أن عدداً من الرؤساء الأمريكيين السابقين وعدوا خلال الحملات الانتخابية بنقل السفارة لكنهم لم يفعلوا ذلك.

    ‌ب.  التخلي عن فكرة حلّ الدولتين: فقد أبلغ مستشار ترامب للشؤون الإسرائيلية ديفيد فريدمان صحيفة هآرتس الإسرائيلية في حزيران/ يونيو 2016 أن ترامب “قد يؤيد فكرة ضمّ بعض أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل وأن إقامة الدولة الفلسطينية ليست أمراً حتمياً على الاطلاق”. وأضاف فريدمان “لست معنياً بدولة ثنائية القومية لأن أحداً لا يعرف بالضبط كم من الفلسطينيين يعيشون هناك”، وهو تصريح يشكل خروجاً ثانياً عن السياسة الأمريكية المعلنة منذ الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش.

    2. اتساقاً مع توجهاته لتخفيض المساعدات الخارجية للدول الفقيرة، قد تطال هذه السياسة المساعدات الأمريكية للفلسطينيين لا سيّما للسلطة الفلسطينية، وهو أمر قد يجد دعماً كبيراً من الكونجرس الأمريكي، الذي كثيراً ما ربط بين التنازلات من الطرف الفلسطيني وبين المساعدات في الفترات السابقة خصوصاً منذ توقيع اتفاقية أوسلو.

    3. إن معارضة ترامب للاتفاق النووي مع إيران يتلاقى مع الرغبة الإسرائيلية، وقد تجد “إسرائيل” في ذلك فرصة للانقضاض على قوى المقاومة “ذات العلاقة بمستوى أو آخر مع إيران”، مثل حزب الله والجهاد الإسلامي وحركة حماس، وهو ما يعني أن غزة قد تشهد عدواناً إسرائيلياً جديداً متدثراً بضرب امتدادات إيران في المنطقة، وهو أمر سيجد له هوى لدى ترامب.

    عوامل الترجيح بين السيناريوهات الثلاثة:

    ثمة سلسلة من العوامل المتداخلة التي قد ترجح بين السيناريوهات، وهذه العوامل تتمثل في الآتي:

    1. مدى استمرار الاضطراب في البيئة الإقليمية، وهو أمر مرجح ونافع لـ”إسرائيل”، بل حتى أن تراجع الاضطراب سيؤدي إلى انكفاء الدول العربية نحو الداخل لفترة لا تقل عن خمس سنوات قادمة، لترميم أوضاعها الداخلية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، مما يجعل الطرف الفلسطيني شبه معزول عن بيئته الإقليمية التقليدية، وسينعكس ذلك على أدائه التفاوضي السري أو العلني، وسيتيح المجال لـ”إسرائيل” لاستثمار هذه الحالة إلى أبعد الحدود.

    2. استمرار الانقسام الفلسطيني وعدم القدرة على بلورة رؤية واحدة ليتعامل معها المجتمع الدولي باعتبارها الاستراتيجية الفلسطينية المعتمدة.

    3. الضغوط المالية الأمريكية على دول البترول العربي لمزيد من الإسهام في أعباء النفقات الأمريكية العسكرية في المنطقة، ناهيك عن تدهور سعر البترول، وتزايد الضغوط على ميزانيات دول الخليج قد يؤثر على حجم المساعدات العربية للسلطة الفلسطينية.

    السيناريو الأكثر احتمالاً:

    نظراً لأن القضية الفلسطينية أصبحت أقل مركزية على الصعيد العربي، كما أنها لا تشكل قضية ملحة لروسيا في المدى الزمني القريب —على الأقل—، فإن مبررات انتظار التغير الاستراتيجي في التوجهات الأمريكية في الموضوع الفلسطيني لن يتجاوز الاتجاه التاريخي للسياسة الأمريكية المعتمدة منذ 1967.

    كما أن تزايد الاتجاهات الأمريكية نحو الباسيفيكي على حساب الأقاليم الجيو-سياسة في العالم، يعني تراجع مكانة الشرق الأوسط (لأسباب كثيرة لا مجال لتعدادها هنا) في الاستراتيجية الأمريكية، وهو ما أكدت دلالاته صحيفة نيويورك تايمز، لكن هذا التراجع يأتي في وقت تَمزَّق فيه النظام الإقليمي العربي، وهو ما يسمح لـ”إسرائيل” لتعميق تغلغلها في المنطقة العربية، وهو الأمر الذي بدأت ملامحه تتزايد في عدد من الدول العربية إضافة للمعاهدات المعروفة مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.

    وعلى الرغم من أن تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية تحمل إشارات متناقضة، إلا أن الواضح من توجهاته العامة طغيان النزعة البراجماتية على فهمه للسياسة الدولية، وهو ما يعني أن مبادئ الحق والعدالة والمساواة لن تجد عنده أيّ هوى، فإذا أضفنا لذلك طبيعة مستشاريه وتوازنات القوى في جسد هيئات صنع القرار الأمريكية، يصبح أي توقع لتغير ذو دلالة في الموقف الأمريكي من الموضوع الفلسطيني ليس مستنداً على أسس متينة.

    توصيات:

    1. عدم المراهنة على الإدارة الأمريكية في إحداث أي تغيرات إيجابية لصالح الفلسطينيين أو في الضغط على “إسرائيل”.

    2. التأكيد على تقوية الصف الداخلي الفلسطيني وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني حمايةً للحق الفلسطيني في مواجهة الضغوط المحتملة.

    3. تنشيط العمل السياسي والإعلامي لدعم القضية الفلسطينية عربياً وإسلامياً ودولياً، وإيجاد بيئة إيجابية أوسع مناصرة للحقوق والثوابت الفلسطينية.

    المراجع:

    للاطلاع على تصريحات ترامب الواردة في هذا التقدير الاستراتيجي يرجى العودة للمراجع التالية:

    1. Site of The Washington Times, 3/12/2015
    2. Site of theguardian, 6/9/2016
    3. The Independent newspaper, London, 20/5/2016
    4. Sultan Al Qassemi, What a Trump Presidency Means for the Gulf, site of The Middle East Institute, 25/2/2016.
    5. Haaretz newspaper, 9/11/2016.
    6. The Independent, 9/11/2016.
    7. The New York Times newspaper, 9/11/2016.

    * يتقدم مركز الزيتونة للدكتور وليد عبد الحي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (93): آفاق السياسة الأمريكية تجاه فلسطين في عهد ترامب: 2017-2021 Word (8 صفحات، 88 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (93): آفاق السياسة الأمريكية تجاه فلسطين في عهد ترامب: 2017-2021  (8 صفحات، 542 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 14/11/2016

  • التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط

    تقدير استراتيجي (94) – كانون الأول/ ديسمبر 2016.

    ملخص:

    تسعى روسيا تحت قيادة بوتين إلى استعادة جانب من دورها ونفوذها الدولي، الذي فقدته إثر انهيار الاتحاد السوفييتي. وتحاول الاستفادة من عدم الرغبة الأمريكية في التدخل المباشر في صراعات المنطقة، غير أنها تعلم أنه من الصعوبة بمكان تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية، التي ترى في الشرق الأوسط منطقة لنفوذها. وما زال سقف تدخلها في سورية وغيرها مراعياً لهذه الخطوط، ومتجنباً لأي صراع مباشر مع الأمريكان. وفي هذا الإطار تنسج روسيا علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، مع إيران، وتركيا، وسورية، والعراق، ومصر، وغيرها. ومن المحتمل أن يتطور الدور الروسي ضمن أفضل ما يستطيع الروس تحقيقه. وبالرغم مما أبداه الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من رغبة في التعاون مع روسيا، إلا أن طبيعته البراجماتية وقاعدته الانتخابية الجمهورية قد تجنح إلى دفعه ليكون أكثر تشدداً بما يظهر قوة أمريكا وقدرتها على فرض سياساتها.

    مقدمة:

    انتهت الحرب الباردة التي استمرت عقوداً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بهزيمة الأخير بل وتفككه، وورثت روسيا الاتحادية تركة الاتحاد السوفياتي بجميع استحقاقاته ومكتسباته. وعلى خلاف الاتفاق الذي كان بين الرئيسين السوفياتي غورباتشوف والأمريكي بوش والذي كان يبدو في ظاهره أنه اتفاق بين ندّين، شعر الروس بأن الغرب يعاملهم بغطرسة شديدة وأن تسوية ما بعد الحرب الباردة ليست عادلة، بل واصل الغرب الضغط على روسيا لإنهاكها داخلياً واقتصادياً وضمّ ساحات النفوذ التاريخية التابعة لها لنفوذه، خصوصاً تدخل الناتو في حرب كوسوفا ثم جمهوريات آسيا الوسطى وجورجيا فيما بعد، مما عُدَّ مساساً بالأمن القومي الروسي، وأوجد شعوراً عاماً عند النخبة الروسية بأن روسيا لا يمكن أن تكون مجرد دولة أوروبية ذات وزن إقليمي؛ فهي إما أن تكون دولة عظمى —بالرغم من قلة إمكاناتها— وفي موقع الشريك مع الغرب، أو أنها ستنهار.

    كان مجيء بوتين للسلطة في روسيا نقطة تحول رئيسية في التوجهات السياسية، وقد عبر عن ذلك في خطابه السنوي في المجلس التشريعي الروسي (الدوما) في سنة 2005، حيث قال بأن انهيار الاتحاد السوفياتي كان ”كارثة جيوسياسية كبيرة“، وبأن الغرب لم يحسن التصرف بعد نهاية الحرب الباردة، وأنه أخطأ عندما ظنّ بأن روسيا ستستمر في الانحدار.

    إن هذا المدخل مهم جداً لشرح معظم الدوافع والتوجهات الروسية في منطقة الشرق الأوسط، واستشراف المدى الذي من الممكن أن يتطور إليه الدور الروسي، والذي لا يمكن حصره في التدخل العسكري في سورية وإن كان هذا التدخل يمثل العنوان الرئيسي.

    أولاً: دوافع روسيا في الشرق الأوسط:

    من حيث الأهمية في التسلسل الهرمي التقليدي للسياسة الروسية الخارجية يأتي ترتيب الشرق الأوسط تالياً لأمريكا وأوروبا والصين ودول آسيا الصاعدة، لكن بما أن موسكو قد حددت توجهاتها بأنها يجب أن تعود كقوة عالمية، عظمى، وأن تنهي النظام العالمي أحادي القطبية، فلا يمكن لها أن تتجاهل هذه المنطقة بما تمثله من موقع جغرافي فريد وثروات طبيعية هائلة. ورأت في حالة الاضطراب والفوضى في منطقة الشرق الأوسط فرصة لاستعادة مناطق نفوذها التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وبالتالي اكتسبت تلك المنطقة صفة ”منطقة اختبار“، تختبر فيها روسيا قدرتها في العودة للساحة العالمية كشريك أساسي ومؤثر.

    وفق هذا التصور، يصبح الدافع الجيو-سياسي هو الدافع الرئيسي —وليس الوحيد— لاهتمام روسيا في المنطقة العربية، وهو المنطلق الأساسي الذي على أساسه تَنسج شبكة علاقاتها بدءاً من التدخل العسكري في سورية، والتحالف مع إيران، وعقد اتفاقات مع تركيا، والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع ”إسرائيل“، وليس انتهاءً بالسعي لإقامة علاقات مع العراق ومصر ودول الخليج، وهو دافع مرتبط بالأمن القومي الروسي.

    وبطبيعة الحال ليس هذا هو الدافع الوحيد، فبالإضافة لذلك يوجد الدافع الاقتصادي وهو حاضر بقوة خصوصاً عند الحديث عن العلاقات الروسية التركية، أو العراقية، أو الإيرانية، فالتبادل التجاري بين روسيا وهذه الدول في مستوى عالٍ، وتسعى روسيا لمزيد من الاستثمار، خصوصاً في مجال الطاقة البديلة، والنفط، والغاز، وصفقات السلاح.

    كما يبرز هدف أساسي ثالث وهو محاربة ما يُسمى التطرف والإرهاب، وما يمثله من تهديد أمني على الداخل الروسي، حيث تشير تقارير متفاوتة بوجود ما بين ألفين إلى خمسة آلاف ”جهادي“ يحملون الجنسية الروسية وينتمون لصفوف تنظيم الدولة الإسلامية أو التنظيمات الجهادية الأخرى. وحسب المفهوم الروسي، لا تقتصر التنظيمات الإرهابية على تنظيم الدولة، بل هو مفهوم واسع يشمل جميع الفصائل الإسلامية المسلحة التي تقاتل النظام السوري.

    ولتنظيم الدولة حضور إعلامي قوي في مواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالروسية، وهناك قناعة روسية بأن انتشار التطرف الإسلامي يعزز النزعات الانفصالية في داخل روسيا، ويشكل ثغرة يمكن أن يستغلها الغرب لتهديد الأمن القومي الروسي، حيث تزيد نسبة المسلمين في روسيا عن 17% من السكان.

    ثانياً: كيف تتحرك روسيا؟

    تاريخياً كانت روسيا تنظر لنفسها من موقع ”الدولة ذات الرسالة“ فهي القيصرية الروسية حامية الكنيسة الأرثوذكسية، أو هي الاتحاد السوفياتي صاحب الرسالة العالمية الشيوعية؛ بينما تطرح نفسها حالياً من موقع براجماتي تسعى لتحقيق مصالح مشتركة مع دول المنطقة، وتعمل على الحفاظ على استقرارها، وتحرص على تكوين شبكة علاقات متوازنة مع الجميع.

    ومن خلال خبرتها مع الثورات التي حدثت في المجال الحيوي لروسيا؛ في أكرانيا وجورجيا…، في العقد الماضي، ترى موسكو أن ثورات الربيع العربي لم تكن عفوية وإن كانت في البداية عفوية، لكن استطاع الغرب أن يتحكم بها ويوظفها لخدمة مصالحه، وأن الموقف الأمريكي كان مهادناً لها لدرجة أنه تخلى عن أقرب حلفائه وهو الرئيس المصري المخلوع مبارك. وكانت الضربة الكبرى هي تدخل الناتو في ليبيا. وفي خطابه أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2015، انتقد الرئيس الروسي السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وحمَّلها نتيجة الفوضى الحادثة فيها، وأن تلك الحالة ناتجة عن تجاوز الولايات المتحدة لمجلس الأمن في إجراءاتها، وفي تدخلها في الصراعات بشكل مباشر، مما نتج عنه ظهور تنظيم الدولة وأزمة اللاجئين في أوروبا. ووجه سؤاله للأمريكان قائلاً: ”هل تدركون ما فعلتم الآن؟“

    ثالثاً: الفرص الروسية في المنطقة:

    1. التدخل في سورية:

    بطبيعة الحال، يُعدُّ النفوذ الروسي في سورية هو العنوان الرئيسي لنفوذها في المنطقة ومنذ البداية حرصت روسيا على أن يكون تدخلها شرعياً بالاتفاق مع النظام الحاكم في سورية والمعترف به دولياً. ولأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة تتخذ موسكو موقفاً استباقياً وتتدخل بهذا الشكل المباشر في الأزمات الدولية، واستطاعت روسيا بتدخلها العسكري أن توقف تدهور قوات النظام السوري وأعادت له زمام المبادرة، وقامت بمناورات عسكرية حقيقية، وأعادت تقييم جاهزية قواتها المسلحة، واحتفظت بقاعدتها البحرية العريقة في طرطوس، وأنشأت قاعدة جوية في حميميم في اللاذقية، ونشرت منظومة الدفاع الجوي أس 400 المتطورة، وحمت نفسها في الوقت ذاته من تورط قواتها البرية في المستنقع السوري. وبالتالي نستطيع أن نقول بأن روسيا حققت الجزء الأكبر من أهدافها في سورية، وفرضت نفسها كلاعب دولي أساسي لا يمكن تجاوزه.

    وتتلخص الرؤية الروسية للأزمة السورية في:

    • ليس من حقّ أي دولة أن تتدخل لقلب النظام الحاكم في أي دولة أخرى، ولا تغيير حدودها الجغرافية، لذلك فروسيا مع وحدة الأراضي السورية، وأن مصير الشعب السوري يحدده الشعب دون إملاءات خارجية.

    • الأولوية لمحاربة التنظيمات الإسلامية المتشددة وفق التصنيف الروسي الذي لا يقصرها في تنظيم الدولة والنصرة.

    • حلّ الأزمة السورية هو حلّ سياسي ولا يمكن حسم المعركة عسكرياً، لذلك كان هدف الحملة العسكرية الروسية هو فرض واقع جديد ثم الدعوة للحوار السياسي.

    • وغاية ما تطمح له الديبلوماسية الروسية هو الجلوس من موقع الشريك مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حلّ سلمي، الأمر الذي تقابله الإدارة الأمريكية بعدم اعتبار روسيا لاعباً دولياً بل هي لاعب فوق إقليمي، حسب تصريح الرئيس أوباما.

    2. التحالف مع إيران:

    لروسيا علاقات وثيقة جداً مع إيران على مختلف المستويات بالرغم من وجود ثغرات في الثقة المتبادلة بينهما، فالتدخل الروسي في سورية ما كان ليتم لولا الغطاء البري من إيران والقوات المتحالفة معها. وبالرغم من تشابك المصالح بين الدولتين، إلا أن هناك جواً من الحذر في التعامل فيما بينهما، فإيران من مصلحتها المزيد من الانخراط الروسي في المعارك في سورية، بينما تحرص روسيا على الاكتفاء بالضربات الجوية وعمليات القوات الخاصة. لكن مستوى مقبولاً من التناغم قائم بينهما فيما يتعلق بالأزمة السورية وفيما يتعلق بمواجهة السياسة الأمريكية. وأظهرت روسيا قدراً كبيراً من القدرة على التفاهم مع إيران على الرغم من تصويتها في مجلس الأمن لصالح فرض عقوبات على إيران، بسبب برنامجها النووي، لأنها تتعامل مع هذه المسألة وفق محددين، أولهما: تأييد حقّ إيران في امتلاك تكنولوجيا نووية للاستخدامات السلمية، وثانيهما: رفض امتلاك إيران أسلحة نووية.

    3. اتفاقيات مع تركيا:

    استطاعت الدولتان تجاوز أزمة إسقاط الطائرة الروسية والمضي في التعاون الاقتصادي بالرغم من الخلافات السياسية الجوهرية بين البلدين فيما يتعلق بسورية، لكن تعامل الطرفين ببراجماتية عالية أدى إلى تطور على الأرض أيضاً، فعلى مدى سنوات كانت أنقرة تُسوِّق لمشروعها القاضي بإيجاد منطقة آمنة على حدودها السورية، الأمر الذي كانت ترفضه واشنطن. لكن بعد التفاهم مع الروس تمكن الأتراك من التوغل في الأراضي السورية، وفرض أمر واقع جديد في مواجهة القوات الكردية. غير أن العنوان الأبرز للعلاقات الروسية التركية هو الاقتصاد، خصوصاً في مجالات الطاقة، والغاز، والزراعة، والبناء.

    4. العلاقة مع العراق:

    نتيجة لعلاقاتها الجيدة مع إيران، تحظى روسيا بعلاقات جيدة مع العراق وتسعى للحصول على صفقات في مجال التسليح والطاقة، كما أنها في الوقت نفسه على علاقات تاريخية مع الأحزاب الكردية.

    5. السعودية وغياب الثقة:

    لم تكن العلاقات بين السعودية وروسيا مميزَّة في يوم من الأيام. ويوجد تضارب في وجهات النظر فيما يتعلق بالتعامل مع ملفات المنطقة بما في ذلك العلاقة مع إيران، ومستقبل سورية ونظام الحكم فيها. كما تنظر روسيا إلى ما تُسمِّيه ”الفكر الوهابي“ الذي تتبناه السعودية نظرة ريبة، وبأن انتشاره بين مسلمي روسيا يهدد الأمن القومي الروسي. لكن شهدت الآونة الأخيرة اتصالات مكثفة بين الجانبين، وتريد روسيا من السعودية التفاهم حول أسعار النفط، ومن مصلحة السعودية انتهاج سياسة التنويع في العلاقات الخارجية، لذلك من المتوقع استمرار الاتصالات بين الجانبين.

    6. تحسن العلاقات مع مصر:

    تاريخياً، كانت مصر تمثل عماد المصلحة الجيو-سياسية السوفياتية في المنطقة، قبل أن تتحول باتجاه الولايات المتحدة. تحسنت العلاقات المصرية الروسية بشكل كبير بعد وصول عبد الفتاح السيسي للرئاسة، والرئيس بوتين ينظر إليه باعتباره الشخص القادر على استعادة الاستقرار في أكبر بلد عربي. ومن خلال التمويل السعودي حصلت مصر على صفقة أسلحة روسية كبيرة، الأمر الذي نُظر إليه على أنه شراء موقف، لأن الجيش المصري يعتمد بشكل أساسي على الأمريكان في التسليح والتدريب.

    7. روسيا و”إسرائيل“:

    يشكل الناطقون بالروسية في دولة الاحتلال خمس السكان، كما أنه يوجد حضور معتبر لليهود في روسيا، والعلاقات بين البلدين جيدة، على الرغم من أن روسيا ليست على اتفاق مطلق مع ”إسرائيل“ وتتبنى حلّ الدولتين، وتختلف مع وجهات النظر الإسرائيلية في الموقف من إيران وحزب الله وحماس، وهي بالتالي تنتهج نهجاً مرناً يخالف النهج الأمريكي، الذي يُعدّ حليفاً تقليدياً لدولة الاحتلال.

    رابعاً: عقبات تحد من القدرة الروسية:

    1. المُحدِّد الأمريكي: تُعد منطقة الشرق الأوسط بشكل عام منطقة نفوذ أمريكي ضمن التقسيمات التقليدية في فترة الحرب الباردة (ثنائية القطبية الأمريكية الروسية). وبالرغم من محاولات الروس الدائمة لإيجاد موطئ قدم ودوائر نفوذ وتحالفات، إلا أن الأمريكان ظلوا اللاعب الأكبر في المنطقة. وبغض النظر عن الأسلوب الذي أدار به أوباما السياسة الأمريكية في المنطقة، وما بدا وكأنه تراجعٌ في الدور الأمريكي، إلا أنه لم يحصل تغير على جوهر السياسة الأمريكية، بالرغم من سعي الأمريكان لتخفيض التكاليف والنأي عن التدخل المباشر. ولا يظهر أن التحرّك الروسي مسَّ حتى اللحظة المصالح الحيوية الأمريكية وخطوطها الحمراء، بغض النظر عن انزعاج عدد من الأنظمة الصديقة لأمريكا من طريقتها في إدارة النزاعات.

    ويبدو أن التدخل الروسي في سورية لم يتعارض مع السياسة الأمريكية في استمرار استنزاف الحكومة والمعارضة السورية، وتغذية الصراع بما يمزّق النسيج الاجتماعي السوري طائفياً وعرقياً، ويدمر الاقتصاد؛ وبما يؤدي لإضعاف الدولة المركزية في سورية لصالح الانقسامات الداخلية التي قد تنشأ في أي ترتيبات مستقبلية؛ وهي ترتيبات ما تزال لأمريكا يدٌ دولية طُولى فيها مقارنة بالروس. كما أن النظم الحاكمة في المنطقة ما تزال أكثر ميلاً في علاقاتها مع الأمريكان مقابل الروس لأسباب مختلفة. وبالرغم مما أبداه الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من رغبة في التعاون مع روسيا، إلا أن طبيعته البراجماتية وقاعدته الانتخابية الجمهورية قد تجنح إلى دفعه ليكون أكثر تشدداً بما يظهر قوة أمريكا وقدرتها على فرض سياساتها.

    2. ضعف الإمكانيات المادية الروسية، بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تتعرض لها موسكو، بسبب تراجع أسعار النفط، والعقوبات الاقتصادية الأوروبية.

    3. احتمال تمدّد الحرب في سورية واتساعها، وفي هذه الحالة ستتعرض روسيا لاستنزاف شديد تحاول تجنبه، لأن الثمن الذي سيدفع حينها سيكون باهظاً جداً إذا قورن بالمكتسبات، وسيعيد ذكريات حرب أفغانستان إلى الرأي العام الروسي. وحتى الآن فالعملية العسكرية الروسية في سورية ما تزال محدودة التكاليف، وهي تقارب تكلفة أي مناورة كبيرة.

    4. التعاون الوثيق مع إيران، كما أنه يمثل فرصة لروسيا، إلا أنه أيضاً يمثل عقبة تُقِّيد يدها في المنطقة. فعلى سبيل المثال تحتاج روسيا إلى إيران في مدَّ علاقات اقتصادية قوية مع العراق.

    5. تشابك مصالحها مع نقيضين في المنطقة، وهما ”إسرائيل“ وإيران، مما سيؤثر على مصالحها في حالة حدوث صراع بين الطرفين، لذلك تتعامل روسيا مع المسألة بحذر شديد.

    6. العامل الداخلي الروسي، وهو العامل الأهم لكنه عامل بعيد المدى، مرتبط بفشل روسيا في التحول لدولة مؤسسات، وبالتالي هناك خشية من مرحلة ما بعد بوتين.

    خامساً: سيناريوهات المستقبل:

    من خلال استعراض الحراك الروسي في المنطقة، يظهر أن موسكو تحاول إيجاد صورة اللاعب الواقعي وغير العقائدي، الذي يمتلك الخبرة والقوة بما فيه الكفاية، ويمثل الشريك الذي يمكن الوثوق به، والقادر على التأثير في الوضع من خلال ثنائية الديبلوماسية والقوة. روسيا تطرح نفسها كقوة عالمية كبرى مستعدة لتقديم شراكة لجميع الذين يشتركون معها في الرؤية لعالم متعدد الأقطاب. وفي هذا الإطار يبرز أمامنا سيناريوهان:

    السيناريو الأول: سيناريو استمرار تمدد الدور الروسي:

    وهو سيناريو يدعمه ما شهدناه من القدرة على نسج شبكة علاقات متنوعة ومتشابكة تتفاوت من التحالف الاستراتيجي إلى العلاقات الاقتصادية، مستفيدة في ذلك من التحولات الدولية والإقليمية، والمهارة في التعامل مع الأحداث مثل المبادرة بالتدخل الاستباقي في سورية ومنع سقوط النظام، واحتواء حادثة إسقاط طائرة الركاب الروسية في سيناء، واستخدام سياسة التصعيد المدروس في احتواء الأزمة مع تركيا إثر إسقاط الطائرة.

    السيناريو الثاني: سيناريو انحسار الدور الروسي:

    وهو مرتبط بسير المعارك في سورية، وقدرة ورغبة الدول الداعمة لقوات المعارضة السورية على إحداث تغير استراتيجي في الميدان، وهو أمر لم تتضح بوادره حتى هذه اللحظة، كما أنه مرتبط بتفكك التحالف الإيراني – الروسي، ولا يوجد أي مؤشر على خلافات جوهرية بين الطرفين.

    سادساً: توصيات:

    من خلال الاستعراض السابق، يظهر لنا أن هناك دوراً متنامياً للروس في تفاعلات المنطقة، وتبدو القوى الشعبية الإسلامية منها والوطنية في موقف المناهض للدور الروسي، الأمر الذي يستدعي:

    1. مزيداً من الفهم للعقلية الروسية وللمصالح الروسية في المنطقة، وأنها مصالح جوهرية تمس الأمن القومي الروسي وتتجاوز أمر التطلعات الشعبية فيها.

    2. فلسطينياً تتميز السياسة الروسية بأنها تحتفظ بعلاقة جيدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنها لا تتبنى جميع مواقفها، ولا تصنف الحركات المقاومة تصنيفاً إرهابياً، الأمر الذي يوفر هامشاً للمناورة.

    3. تنشيط الديبلوماسية الشعبية، من خلال الانفتاح أكثر على الرأي العام الروسي لا سيّما وأن 17% من المواطنين الروس هم مسلمون، ولهم دورهم ومكانتهم في الحياة الروسية، وكان لموقف مفتي روسيا دور إيجابي في تحسين العلاقات الروسية التركية إثر إسقاط الطائرة الروسية.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ علي البغدادي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط Word (12 صفحة، 95 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط  (12 صفحة، 546 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 1/12/2016

  • التقدير الاستراتيجي (96): سيناريوهات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس

    ملخص:

    يظهر أن تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة سيعطي مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس زخماً جديداً، بالنظر إلى وعوده الانتخابية ووجود ميول قوية لدى قيادات في إدارته لتنفيذ هذه الوعود.

    غير أن السياسة الرسمية الأمريكية طوال السنوات الماضية، وحتى تلك التي مارسها رؤساء سابقون وعدوا بنقل السفارة، كان يميل إلى مراعاة الجوانب القانونية والدستورية والقرارات الدولية التي لا تُقر الضمَّ الإسرائيلي لشرقي القدس، وتعدها من قضايا الحل النهائي؛ وتحاول تجنب إغضاب الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية، وبالتالي احتمال إفشال مسار التسوية.

    وتتضمن السيناريوهات أن يقوم ترامب بنقل السفارة في بداية ولايته أو في وقت لاحق خلالها، أو أن يُحوّل أحد مكاتب خدمات السفارة في غربي القدس (وليس شرقي القدس) إلى سفارة، أو تبقى السفارة في تل أبيب وينتقل السفير إلى القدس، أو يقوم بخطوة مزدوجة بنقل السفارة للقدس مع الإعلان في المقابل عن الاعتراف بدولة فلسطين لامتصاص ردات الفعل. وفي كل الأحوال فإن هذا التقدير يميل إلى أن ترامب سيأخذ خطوة متقدمة في هذا المجال، مما يستدعي تحركاً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً استباقياً ومكثفاً، لإفشال أو تعويق هذه الخطوة.

    مقدمة:

    يُجمعُ المتابعون للشأن الشرق أوسطي بشكل عام، والشأن الفلسطيني بشكل خاص، أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هو صاحب الموقف الأكثر وضوحاً وقوة بخصوص موضوع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. فقد سبقه رؤساء أمريكيون -جمهوريون وديموقراطيون-أعلنوا عن عزمهم على نقل السفارة، لكنهم لم ينفذوا هذه الوعود، فهل تعكس التزامات ترامب استناداً لتصريحاته -خلال الحملة الانتخابية وبعد الفوز-وتصريحات مساعديه، وعلى رأسهم سفيره الجديد في ”إسرائيل“ ديفيد فريدمان تغيّراً في الموقف الأمريكي، واحتمالاً بتنفيذ الوعد، خلافاً لسابقيه من الرؤساء خصوصاً بيل كلينتون وجورج بوش؟

    لتحديد السيناريوهات المختلفة لهذا الموضوع لا بدّ من رسم ملامح بيئة القرار المحتمل على النحو التالي:

    أولاً: البعد الدستوري والقانوني في القرار الأمريكي في موضوع القدس:

    تُقرُّ الولايات المتحدة من الناحية القانونية، وعبر مواقفها المعلنة في المنظمات الدولية، وخصوصاً مجلس الأمن الدولي، وفي بيانات اللجنة الرباعية المختلفة، وفي تأييدها لما ورد في المعاهدات العربية الإسرائيلية (مع الأردن ومع مصر)، وفي اتفاق أوسلو على:

    1. عدم الاعتراف بقرار الضمّ الإسرائيلي لمدينة القدس، وهو ما تجلى في امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار رقم 478 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بموافقة 144 دولة، وهو القرار الذي يُعدُّ الضم الإسرائيلي مخالفاً للقانون الدولي.

    2. أن التصريحات الأمريكية المختلفة تؤكد أن موضوع القدس هو من ضمن مواضيع الحل النهائي، مما يعني أنه ليس لأحد الأطراف أن يقرر فيه  منفرداً.

    لكن المشهد القانوني ينطوي على بعد آخر، وهو ما صدر في 23/10/1995 عن الكونجرس الأمريكي من قانون عُرف باسم ”قانون سفارة القدس لسنة 1995“ ”Jerusalem Embassy Act“ والذي نصّ وبأغلبية كبيرة (93 مقابل 5 في الشيوخ، 374 مقابل 37 في النواب) على الشروع بتمويل عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس على أن يتم ذلك في حدّ أقصى هو 31/5/1999، والتأكيد على بقاء القدس مدينة موحدة كعاصمة لـ”إسرائيل“، مع الإشارة أن الأمر متروك للرئيس لتقدير ما إذا كان ذلك يضر المصالح العليا للولايات المتحدة أم لا، إذ إن الأمر يقع ضمن صلاحيات الرئيس كأعلى سلطة تنفيذية.

    لكن هذا القانون لم ينتقل إلى حيّز التنفيذ لسببين، هما أن المستشار القانوني لوزارة العدل الأمريكية رأى أن هذا القانون غير دستوري، وينتهك صلاحيات الرئيس في مجال السياسة الخارجية من ناحية، وأن الرؤساء الأمريكيين منذ تلك الفترة وحتى الآن رفضوا ”التخلي“ (waiver) عن مسؤوليتهم الدستورية في هذا الجانب من ناحية ثانية، وامتنع كل من الرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش عن تنفيذه، وعمل باراك أوباما على تناسيه، على الرغم من أن الأول والثاني وعدا بذلك خلال الحملات الانتخابية.

    ثانياً: البعد الدولي والإقليمي في موضوع القدس:

    بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 المشار له سابقاً، قامت 13 دولة أغلبها من أمريكيا اللاتينية، بنقل سفاراتها من القدس إلى تل أبيب، وعلى الرغم من أن هناك الآن 86 سفارة في ”إسرائيل“، لا يوجد أي منها في القدس، وهو ما يشكل ”نوعاً من الحرج“ للديبلوماسية الأمريكية، خصوصاً أن كافة دول الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، واليابان، واللجنة الرباعية، لا تميل لقرار النقل دون تسوية الموضوع الفلسطيني.

    ويحذر العديد من الخبراء والديبلوماسيين الأمريكيين من أن نقل السفارة سيقود لردات فعل عربية وإسلامية نظراً للقيمة الدينية للقدس، ناهيك عن أن البعض يرى أن القرار سيعزز ”أدبيات“ التيارات السياسية العربية والإسلامية المشككة في النوايا الأمريكية وجديتها في مساعي التسوية السلمية. وهو أمر قد يضر بالمصالح الأمريكية من زاوية إضعاف مواقف حلفائها في المنطقة، وإضعاف موقفها كوسيط في محاولات التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي، ويعزز ما يصفه هؤلاء الخبراء بالتيارات المتطرفة، وستجد فيه قوى مثل حماس والجهاد الإسلامي وإيران تأكيداً لمواقفها في الشارع العربي والإسلامي. ولعل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أن نقل السفارة سيقود إلى ”انفجار على مستوى الإقليم“ مؤشر على مثل هذه التوجهات المحذرة من النتائج.

    ويستدل هؤلاء على هذه الهواجس بما أعلنته الحكومة الأردنية عن طريق الناطق بلسانها في كانون الثاني/ يناير 2017 من التحذير من نتائج ”كارثية“ في حال الإقدام على نقل السفارة، وبأن الأردن ستستخدم كل إمكانياتها السياسية والديبلوماسية لمنع تنفيذ القرار، لا سيّما تأكيد الأردن على ما ورد في الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية من دور للأردن في رعاية المقدسات في القدس.

    مقابل هذه الصورة، هناك من يرى أن مجموعة من العوامل المقابلة تسير في اتجاه دعم احتمالات نقل السفارة وأهمها:

    1. أن الفريق السياسي الذي اختاره ترامب لإدارته القادمة يتبنى في معظمه قرار النقل، فوزير خارجيته ريكس تيليرسون يَعدُّ ”إسرائيل“ ”الحليف  الأكثر أهمية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط“، على الرغم من إشارات حول علاقاته بجماعات المصالح البترولية. أما السفير المقترح للإدارة الجديدة في ”إسرائيل“ وهو ديفيد فريدمان فهو الأكثر انحيازاً لـ”إسرائيل“، وهو من أكثر الشخصيات الأمريكية المساندة لنقل السفارة، بل وله صلات طويلة بالمستوطنين. وهو من الداعين لضم الضفة الغربية لـ”إسرائيل“ ناهيك عن عدم اقتناعه بحل الدولتين. وقد قال في أحد تصريحاته بعد ترشيحه للسفارة، إن ترامب ”سينفذ النقل“، وإنه يأمل أن يقوم بمهمته ”من سفارة الولايات المتحدة في عاصمة إسرائيل الأبدية“.

    لكن يمكن تلمس بعض البون بين مواقف السفير المرشح (فريدمان) وبين مواقف تيليرسون ووزير الدفاع المرشح جيمس ماتيس؛ وخصوصاً حذرهما من الإدلاء بمواقف واضحة في هذا السياق، لا سيّما أن لهما خبرة واسعة في الشرق الأوسط ويدركان التعقيدات أكثر من السفير المرشح.

    2. أن الظروف العربية بشكل خاص، وظروف الدول الإسلامية لا تشير إلى أن لديها القدرة على التأثير على القرار خارج نطاق الاحتجاجات اللفظية  أو اللجوء للمنظمات الدولية للحصول على قرارات جديدة، خصوصاً أن أغلب هذه الدول منغمسة في مشكلات دولية أو داخلية تضعف من استدارتها نحو الشأن الفلسطيني، وبالذات في ظلّ ظروف الاضطرابات الداخلية، أو الاختناق الاقتصادي المتزايد بعد انهيار أسعار النفط الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاديات الكثير من الدول العربية أو الإسلامية الأهم.

    ثالثاً: السيناريوهات المحتملة:

    1. السيناريو الإسرائيلي:

    وهو أن يقوم ترامب بتنفيذ وعده باعتبار نقل السفارة أولوية قصوى كما ردد بعض مستشاريه، لكن هذا السيناريو قد يأخذ مسارين: أحدهما تنفيذ الوعد خلال فترة قصيرة بعد توليه المسؤولية، والآخر أن يؤكد على قرار النقل تاركاً موضوع الموعد ”إلى حين الوقت المناسب“، وقد قال جاسون ميللر الناطق بلسان الرئيس المنتخب في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2016 إن تحديد موعد تنفيذ النقل هو ”أمر سابق لأوانه“.

    2. السيناريو المراوغ: ويتمثل هذا السيناريو في أشكال مراوغة عديدة منها:

    ‌أ. لما كان للولايات المتحدة الآن ثلاثة مكاتب تؤدي خدمات ديبلوماسية في مدينة القدس، أحدها في غربي القدس، والآخر في شرقي القدس، وثالث في  منطقة وسطى بين شرقيها وغربيها، فإن ترامب يمكنه نقل السفارة لغربي القدس أو تحويل المكتب الموجود فعلاً لسفارة، مدعياً أن العرب والعالم يعترفون بأن غربي القدس جزء غير متنازع عليه، وأن من حقّ الولايات المتحدة أن تضع سفارتها هناك، متجاهلاً موضوع الضمّ الإسرائيلي للقدس واعتبارها عاصمة موحدة.

    ‌ب. أن تبقى السفارة الأمريكية في تل أبيب، بينما يقيم السفير في القنصلية الأمريكية في القدس ويبدأ بممارسة أعماله تدريجياً في القدس، وهو حلّ قد  يقبله الإسرائيليون في المرحلة الأولى، على أمل تطويره لاحقاً لنقل كامل.

    ‌ج. قد يقوم ترامب بخطوة مزدوجة، فيعلن عن نقل السفارة الأمريكية للقدس من ناحية، ويعلن عن اعتراف أمريكي بدولة فلسطين في الوقت نفسه  كترضية للطرف الفلسطيني وامتصاص لردات الفعل العربية والفلسطينية.

    رابعاً: الخلاصة:

    إن الظروف العربية والإسلامية، وطبيعة القوى الدافعة في المؤسسات السياسية الأمريكية تجاه نقل السفارة، وفريق العمل الذي اختاره ترامب لإدارته، ستدفعه نحو خطوة متقدمة عن الرؤساء الأمريكيين السابقين في اتجاه النقل بكيفية أو أخرى، وقد تكون أحد جوانب السيناريو المرواغ ضمن مكونات القرار.

    خامساً: التوصيات والمقترحات:

    من الضروري أن تتكثف الجهود الفلسطينية لمنع القرار قبل صدوره، وفي حالة صدوره العمل على عرقلة تنفيذه، ومع الإقرار بالخلل الكبير في موازين القوى لصالح الطرف الصهيوني، فإن الأدوات السياسية والديبلوماسية هي الأدوات المتاحة، بقدرٍ ما، في الظروف الحالية لمنع صدور القرار أو وقف تنفيذه، هو ما يستدعي:

    1. العمل على انعقاد الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز لإصدار بيانات تحذر من خطورة الإقدام على قرار نقل السفارة  الأمريكية للقدس، وذلك بهدف التأثير على صانع القرار الأمريكي.

    2. العمل على التواصل مع الاتحاد الأوروبي، لا سيّما البرلمان الأوروبي، لإصدار بيان يدعو فيه للامتناع عن نقل السفارة، لما في ذلك من مخاطر  على أمن منطقة البحر المتوسط، بشكل خاص والعالم بشكل عام، وأن تتعهد الدول الأوروبية بالامتناع عن الإقدام على الخطوة الأمريكية.

    3. العمل مع الأمم المتحدة بوكالاتها المختلفة للتحذير من خطورة الخطوة.

    4. مطالبة اللجنة الرباعية بعقد اجتماع طارئ لاتخاذ موقف ينذر بأن نقل السفارة سيقود إلى نتائج خطيرة على جهود اللجنة في نطاق مساعي التسوية  السلمية.

    وعلى الجانب الفلسطيني، من الضروري أن تصدر المنظمات الفلسطينية، خصوصاً منظمة التحرير، بياناً واضحاً بأن نقل السفارة سيقود لسحب السلطة الفلسطينية كافة تعهداتها السابقة باعتبار نقل السفارة خروجاً على الالتزامات المتفق عليها في اتفاقات السلام.

    كما أن الفعاليات الشعبية لا سيّما في الدول العربية وفلسطين يمكن أن توجد جواً ضاغطاً لإعادة النظر في احتمالات أخذ قرار النقل للسفارة.

    ذلك يعني أن على الطرف الفلسطيني أن يستخدم الديبلوماسية الوقائية؛ بأن يعمل على منع صدور القرار، فإذا صدر عمل على منع تنفيذه، فإن جرى تنفيذه يتم على أن لا تحذو الدول الأخرى حذو الولايات المتحدة.

    يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ الدكتور وليد عبد الحي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (96): سيناريوهات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس Word (16 صفحة، 112 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (96): سيناريوهات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس  (16 صفحة، 612 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 17/1/2017

  • تقدير استراتيجي (90): مسارات القضية الفلسطينية في برامج مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية

مجموعة التفكير الإستراتيجي

مؤسسة نفع عام مستقلة وغير ربحية مسجلة بتركيا، رائدة وشريك دولي في التفكير الاستراتيجي، تعمل على تطوير مستوى الوعي والتفكير الاستراتيجي في المنطقة العربية والإسلامية

المزيد

القائمة البريدية

تقوم المجموعة باصدار مجموعة من النشرات البريدية بشكل دوري. لتصلك أحدث اصدارتنا ونشراتنا البريدية قم بالتسجيل معنا
جميع الحقوق محفوظة مجموعة التفكير الاستراتيجي © 2025.تم التصميم والتطوير بواسطة List.Istanbul.