• التقدير الاستراتيجي (92): الانتخابات المحلية الفلسطينية .. السياق وسيناريوهات ما بعد التأجيل

    تقدير استراتيجي (92) – تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

    ملخص:

    بالرغم من أن الإعلان عن الانتخابات المحلية الفلسطينية فتح أبواب الأمل نحو الانفراج السياسي وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، إلا أن قرار محكمة العدل العليا في رام الله بإيقاف الانتخابات في قطاع غزة، جاء قراراً مسيساً، وشكَّل عقبة جديدة في مسيرة الإصلاح الداخلي الفلسطيني. وأياً تكن المسارات المحتملة سواء بإجراء الانتخابات لاحقاً في الضفة والقطاع، أم بإجرائها في الضفة فقط، أم بإلغائها، فإن مآلات الانتخابات المحلية الفلسطينية تشير إلى أهمية إعادة التمعن في وظيفة الانتخابات في السياق الفلسطيني، وضرورة بناء توافق وطني على هذه الوظيفة كي لا يتحول ما يعتقد أنها فرصة إلى تهديد.

    وهو سياق يؤكد أولاً، أن ضعف الحالة الفلسطينية يعزز قدرة الاحتلال على تحويل التهديد إلى فرصة تخدم سياسته. كما يظهر ثانياً، أن غياب التوافق الوطني على متطلبات وأسس إنهاء الانقسام السياسي قد يجعل الانتخابات المحلية، كما العامة، مدخلاً لتعميق الانقسام، أو إدارته في أحسن الأحوال.

    مقدمة:

    توضح التطورات المتلاحقة بين قرار الحكومة الفلسطينية الصادر في 21 حزيران/ يونيو الماضي بإجراء الانتخابات المحلية، وقرارها الصادر في 4 تشرين الأول/ أكتوبر بتأجيلها لمدة أربعة أشهر، كيف تحولت هذه الانتخابات من فرصة إلى تهديد؛ من فرصة لتحدي سياسة الاحتلال في تجزئة الفلسطينيين إلى تهديد بتحول الانقسام إلى انفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن احتفالية بـ”عرس ديموقراطي” إلى مأتم، بل وفتح المجال أمام تهديدات جديدة تمس النسيج المجتمعي والسلم الأهلي، بعد قرار محكمة العدل العليا بعدم قانونية القضاء والمحاكم في القطاع، وما قد يترتب عليه من تشكيك في آلاف الأحكام الصادرة عنها خلال السنوات التسع الماضية.

    ويُعدّ قرار التأجيل بمثابة مسح شامل للمشهد الانتخابي السابق، تسجيلاً وترشحاً وطعناً، وعودة إلى نقطة الصفر لبدء مشهد جديد ينطوي على تحديات لا تقل خطورة عن المشهد السابق، الذي تشكل نقطة النهاية فيه نقطة البداية ذاتها في المشهد الجديد من حيث اللجوء إلى إجراءات “قانونية” لتحقيق أغراض سياسية، انطلاقاً من حيثيات ومبررات قرار محكمة العدل العليا الذي استثنى قطاع غزة من الانتخابات على أساس عدم قانونية القضاء والمحاكم هناك.

    لم يكن الوصول إلى هذه النتيجة مفاجئاً، وخصوصاً من حيث استدعاء جهاز القضاء لتأدية وظيفة سياسية بغطاء قانوني. بل يرى البعض أن المفاجئ كان قرار الحكومة الفلسطينية بإجراء الانتخابات المحلية، إذ بدا كمحاولة لاقتناص الفرصة من أجل “تجديد شرعية” السلطة في الضفة، ولو على مستوى الهيئات المحلية، قبل أن يتضح أن قرار حركة حماس بالموافقة على إجراء الانتخابات يعني أن مجمل إجراءات العملية الانتخابية في قطاع غزة تضفي “شرعية” طالما رفضتها فتح على مؤسسات مدنية وأمنية وقضائية تسيطر عليها حماس، حتى ولو حققت فتح فوزاً في عدد من الهيئات المحلية في القطاع.

    المثير أن حسابات الكلفة جاءت عقب صدور قرار إجراء الانتخابات، وليس قبله، في مشهد يعكس استمرار التفرد بصناعة القرار بعيداً عن التشاور مع الكل الوطني، بل وحتى مع اللجنة المركزية لحركة فتح هذه المرة. وفي هذه الحسابات، كان واضحاً أن كلفة اتخاذ قرار رسمي بإلغاء أو تأجيل الانتخابات أعلى من كلفة خسارة قوائم فتح في هيئات محلية رئيسية، وخصوصاً في الضفة. وهو الأمر الذي كان يتطلب البحث عن وسائل أخرى لطي صفحة الانتخابات، ولو إلى حين، باللجوء إلى القضاء، على الرغم من أن كلفة تسييس القضاء قد تكون أعلى من الكلفة في حالتي إصدار قرار رسمي بالتأجيل، أو خسارة فتح.

    سياق الانتخابات:

    منذ البداية، أثار قرار إجراء الانتخابات خلافات بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، وإن تباينت مبررات الرفض والتأييد، غير أن سيناريو الإلغاء أو التأجيل كان يزداد ترجيحاً مع الاقتراب من لحظة التوجه إلى صناديق الاقتراع، ليعزز من الآراء التي حذرت من وجود عوامل قد تحوّل الانتخابات المحلية من نعمة إلى نقمة. ويمكن تلخيص هذه العوامل بالآتي:

    أولاً: العامل الإسرائيلي والضغط الخارجي:

    لقد تمّ تجاهل دور الاحتلال بالرغم من تزامن الإعلان عن قرار إجراء الانتخابات مع اتساع دور ما يسمى “الإدارة المدنية” التابعة لجيش الاحتلال في تطبيق خطة ليبرمان لتشجيع بروز قيادات محلية في الضفة الغربية، ما يعني الحرص على أن تخدم أي انتخابات محلية هذه الخطة لا أن تشكل حاجز صدّ أمامها.

    ونقل محلل الشؤون الفلسطينية في موقع واللا الإلكتروني، آفي يسخاروف، أن منسق أعمال حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الجنرال يوءاف مردخاي، “حذّر قيادة السلطة من أن الذهاب إلى انتخابات قد يكون رهاناً خطيراً”. وقال المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إن مسؤولين إسرائيليين حذروا نظراءهم في السلطة من أنهم “مبتهجون أكثر مما ينبغي” بإمكانية الفوز في الانتخابات، وأن حماس قد تستغل الانتخابات وتعزز تأثيرها السياسي في الضفة وتقوض بشكل أكبر مكانة السلطة ورئيسها المسن” (موقع عرب 48، 1/9/2016).

    في ضوء هذه المخاوف، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن سلطات الاحتلال وضعت خطة للتعامل مع الانتخابات المحلية، دون الكشف عن تفاصيلها، غير أن أليكس فيشمان، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن السؤال المركزي الذي كان يطرح في مداولات هيئة الأركان ووزارة الحرب الإسرائيلية ومجلس الأمن القومي، يتمثل في معرفة ما إذا كان سيتوجب على “إسرائيل” التدخل أم السعي للعمل على إلغاء الانتخابات الفلسطينية وتأجيل موعدها؟ (موقع فلسطين اليوم، 30/8/2016).

    في كل الأحوال، كان هناك ما يكفي من مؤشرات على سعي الاحتلال للتأثير على مدخلات ونتائج العملية الانتخابية والمس بمدى توفر بيئة تتيح حرية الترشح والانتخاب، باعتبارها أحد أهم شروط نزاهة الانتخابات. فقد قامت سلطات الاحتلال باعتقال العديد من المرشحين أو الناشطين في الحملات الانتخابية في الضفة الغربية، كما تلقى عدد آخر تهديدات من ضباط الاحتلال تطالبهم بالانسحاب أو مواجهة الاعتقال.

    وإلى جانب تأثير العامل الإسرائيلي، ترددت أنباء في وسائل الإعلام عن ضغوط مارستها دول عربية وأجنبية لإلغاء أو تأجيل الانتخابات المحلية. وقال النائب في المجلس التشريعي حسن خريشة إن “قرار تجميد إجراء الانتخابات (من محكمة العدل العليا) نجم عن ضغوطات خارجية وداخلية مورست على الرئيس عباس بعد تعبير العديد من الجهات الخارجية عن خشيتها من تكرار سيناريو عام 2006” (شبكة قدس الإخبارية، 8/9/2016).

    ثانياً: الانقسام الداخلي:

    بالرغم من التحذيرات من تأثير العامل الإسرائيلي على حرية ونزاهة العملية الانتخابية، إلا أنه لم يكن العامل الحاسم في وقف إجراء الانتخابات، ومن ثم اتخاذ محكمة العدل العليا قراراً في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر يقضي باستكمال إجراء انتخابات في الضفة، وتعليق إجرائها في القطاع، لحين إصدار قرار من مجلس الوزراء لتحديد إجرائها في غزة، “لعدم قانونية المحاكم في القطاع”. فقد طغى التنافس بين حركتي فتح وحماس على ترميم “شرعية” المؤسسات التي تسيطر عليها كل منهما في الضفة والقطاع على ما سواه من عوامل مؤثرة في البيئة المحيطة بالانتخابات.

    وأشارت تقديرات إلى أن حماس بموافقتها على قرار إجراء الانتخابات والمشاركة فيها كانت ستكون الرابح الأكبر في سباق ترميم “الشرعية”، حتى وإن لم تحقق فوزاً جديراً بالاحتفاء في الانتخابات، لو قدر لها أن تجرى وفق الترتيبات السابقة، إذ كانت ستنتزع إقراراً غير مسبوق من السلطة في رام الله بشرعية المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية في قطاع غزة، بقبول إشرافها على العملية الانتخابية هناك، عقب سنوات من الانقسام وصفت خلالها هذه المؤسسات باعتبارها مؤسسات “الانقلاب” على “شرعية السلطة”. كما انتزعت إقراراً بشرعية نشاطها السياسي المعلن في الضفة الغربية بالرغم من الانتهاكات التي تعرض لها نشطاؤها وعدد من المرشحين المحسوبين عليها.

    إن حصر وظيفة الانتخابات المحلية بالتنافس على ترميم “شرعية” المؤسسات القائمة في ظلّ الانقسام، بدلاً من اعتبارها “بروفة” لإعادة بناء شرعية النظام السياسي الفلسطيني على أساس برنامج سياسي مشترك ومؤسسات وطنية موحدة، لعب دوراً في تأجيج الصراع على “شرعية” كل من طرفي الانقسام. وهو ما أدى إلى ممارسة الأجهزة الأمنية التابعة لكل منهما، في الضفة والقطاع، للعديد من الانتهاكات، وتبادُل الطرفين الاتهامات بشأن ممارسة ضغوط عبر الاعتقال، والتهديد، والاعتداء بالضرب، قبل وبعد تشكيل القوائم الانتخابية.

    ثالثاً: الخلاف الفتحاوي:

    خلافاً للاعتقاد بعدم جاهزية حركة فتح في قطاع غزة لخوض الانتخابات المحلية بقوائم موحدة بسبب الصراع الداخلي مع تيار عضو اللجنة المركزية المفصول محمد دحلان، جاء النجاح في تحقيق توافق فتحاوي داخلي على تشكيل قوائم موحدة في القطاع مفاجئاً للكثيرين، وبضمنهم حركة حماس التي راهنت على عدم وحدة صفوف فتح كأحد العوامل المعززة لفرص فوزها في معظم البلديات في قطاع غزة.

    في المقابل، لم تتمكن فتح من تشكيل قوائم موحدة في عدد من المواقع في الضفة الغربية، وهددت قيادة الحركة بإجراءات صارمة بحق من يترشح خارج القوائم الرسمية للحركة، وهو ما حدث بفصل ثلاثة كوادر من عضوية فتح بقرار رئاسي، هم: رئيس بلدية أريحا السابق اللواء حسن صالح، ووزير الحكم المحلي خالد فهد القواسمة، ونائب رئيس بلدية الخليل جودي أبو اسنينة.

    وقد بدا كأن هناك تهدئة داخلية في حركة فتح، على الأقل من جانب تيار دحلان الذي كان على علم مسبق بخطة عربية لتحقيق مصالحة داخلية في فتح، معتقداً أن الرئيس محمود عباس لن يستطيع التملص منها. وسرعان ما انقلبت إشارات التهدئة الداخلية إلى خلاف أشد من السابق مع الكشف عن خطة اللجنة الرباعية العربية (مصر، والأردن، والسعودية، والإمارات) التي نشرتها وسائل الإعلام في الرابع من أيلول/ سبتمبر الماضي، وتحدد خريطة طريق تبدأ بتحقيق مصالحة فتحاوية أساسها عودة دحلان إلى عضويته في اللجنة المركزية، وإعادة المفصولين من فتح والسلطة إلى مواقعهم السابقة.

    غير أن تصريحات الرئيس عباس في الثالث من أيلول/ سبتمبر الماضي، التي تحدث فيها عن عواصم عربية تتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي، وكذلك تصريحات بعض قادة حركة فتح، أظهرت رفضاً مطلقاً لعودة دحلان وفق خطة “الرباعية العربية”، حتى ولو كان الثمن حدوث ضرر على المدى القصير في العلاقة مع بعض الدول العربية. وترافق ذلك مع أنباء عن ضغوط عربية لتأجيل الانتخابات المحلية إلى ما بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، أي المصالحة الفتحاوية.

    وربما تقدم رغبة الرئيس في إجهاض هذا الحراك العربي، تفسيراً للمسارعة نحو اعتماد خريطة طريق بديلة هدفها إحباط الخطة العربية، على أن تبدأ بعقد المؤتمر العام لحركة فتح قبل نهاية السنة، وانتخاب لجنة مركزية جديدة تغلق الطريق مرة وللأبد، أمام أي ضغوط لعودة دحلان إلى عضويتها، ومن ثم التحضير لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، بالتوازي مع استئناف حوارات المصالحة برعاية قطرية، أملاً بالتوصل إلى اختراق في ملف المصالحة يتيح التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال ستة أشهر، أو التوافق على التوجه مباشرة إلى الانتخابات في حال تعذر الاتفاق على تشكيل الحكومة. ولو تحقق ذلك، يكون الرئيس عباس قد قلب أولويات خريطة الطريق وفق الخطة العربية رأساً على عقب.

    رابعاً: تسييس القضاء:

    كشف قرار إجراء الانتخابات المحلية، والتداعيات التي رافقت التحضير لها، عن تأثير الانقسام السياسي والمؤسساتي على الجهاز القضائي في الضفة والقطاع، والمخاطر الكارثية لتوظيف أحكامه لأغراض سياسية، فضلاً عن الملاحظات الانتقادية لدور نقابة المحامين في هذا السياق.

    وقد تعرض اتفاق لجنة الانتخابات المركزية مع حركة حماس على البت في الطعون من قبل القضاء ومحاكم البداية في القطاع، لانتقادات من أوساط سياسية وقانونية مقربة من فتح، باعتباره يضفي الشرعية على محاكم “غير قانونية”، وهو ما دفع فتح إلى رفض بتّ المحاكم في القطاع بالطعون المقدمة إليها، وتشجيع اللجوء من قبل محامين محسوبين على فتح إلى محكمة العدل العليا بدعوى طعنت في شرعية المحاكم التابعة لحركة حماس في القطاع، وطلبت في ضوء ذلك إلغاء الانتخابات.

    في المقابل، قدمت طعون بحق عدد كبير من قوائم فتح في القطاع، ما أدى إلى إسقاط تسع قوائم في خطوة عدَّها الناطق باسم فتح في غزة فايز أبو عيطة “مجزرة من قبل محاكم حركة حماس ضدّ قوائم فتح” (وكالة معاً الإخبارية، 8/9/2016).

    أما فيما يتعلق بموقف نقابة المحامين الذي استند إليه الطعن المقدم إلى محكمة العدل العليا، فقد فنّد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية دعوة النقابة لإرجاء الانتخابات وفق الحيثيات الواردة في بيان النقابة المنشور يوم 24 آب/ أغسطس الماضي، وأهمها “الفراغ القانوني” في القطاع، المتمثل في الرقابة على العملية الانتخابية من الناحية القانونية ونتائجها، و”استثناء مدينة القدس من إجراء الانتخابات فيها، واستثناء المقدسيين من المشاركة في العملية الانتخابية برمتها”، لا سيّما أن هذا البيان جاء بعد ما يزيد على شهرين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 حزيران/ يونيو الماضي بإجراء الانتخابات المحلية، ودون أن يوضح “سبب سكوت النقابة” طيلة هذه الفترة، قبل المطالبة بالتأجيل في خضم العملية الانتخابية، حسب بيان أصدره المجلس في 25 آب/ أغسطس.

    كما وجهت عدة مؤسسات حقوقية رسالة إلى الرئيس عباس، شددت فيها على “ضرورة صيانة استقلالية القضاء وإبعاده عن أية تجاذبات أو تأثيرات سياسية”، وطالبت بالالتزام بإجراء الانتخابات المحلية وتذليل أيّ عقبات يمكن أن تعترض إجراءها (وكالة معاً الإخبارية، 20/9/2016).

    ويعتقد بعض المراقبين والقانونيين أن تسييس القضاء واستخدامه لتأجيل الانتخابات، حتى ولو استدعى ذلك نزع قانونية المحاكم في قطاع غزة، أحد أخطر التداعيات التي يمكن أن تنجم عن الصراع الداخلي، وخصوصاً من حيث تأثيره السلبي على وحدة النسيج المجتمعي في قطاع غزة. إذ إن نزع الشرعية عن أحكام القضاء والمحاكم، وهو الأمر الجوهري في قرار محكمة العدل العليا، يعني التشكيك في المراكز القانونية التي ترتبت على هذه الأحكام، وفتح المجال أمام المتضررين لإعادة الطعن فيها لاحقاً. ويدور الحديث عن آلاف الأحكام في قضايا تتعلق بحياة ومصالح الناس، بدءاً من النزاعات حول الأراضي والملكيات والحقوق وليس انتهاء بعقود الزواج والطلاق.

    كما أن التداعيات المستقبلية لقرار المحكمة سوف تلقي بظلالها على فرص التوافق على اقتراح حركة فتح ذاتها بالتوجه مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في حال تعذر الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، طالما بقيت المؤسسات المدنية والأمنية على حالها من انقسام، حتى ولو تمت معالجة قضية المحاكم بحصر صلاحيات النظر في الطعون بمحكمة خاصة بقضايا الانتخابات. إذ سوف تبقى إمكانية الطعن بمدى قانونية إشراف المؤسسات المدنية والأمنية في القطاع على الانتخابات العامة مشكلة مستعصية الحل في ضوء ما شكله قرار محكمة العدل الأخير من سابقة “قانونية” قابلة للقياس عليها مستقبلاً.

    ماذا بعد قرار التأجيل؟

    إن اللجوء إلى محكمة العدل العليا لتحقيق أغراض سياسية فئوية يبدو كالصعود إلى قمة الشجرة، ويفتح الباب أمام مخاطر جمة لجهة تحويل حالة الانقسام في المؤسسات إلى انفصال بينها، الأمر الذي يتطلب دراسة السيناريوهات المتعلقة بمصير الانتخابات المحلية بقدر عال من المسؤولية الوطنية، والعمل على إنجاح السيناريو الأكثر خدمة للشعب الفلسطيني ولهدف إنهاء الانقسام.

    وبالرغم من أن تطورات عدة مرشحة للحدوث بشكل يؤثر على محاولة التنبؤ اليوم بمآلات الانتخابات المحلية بعد أربعة أشهر، إلا أن استقراء العوامل ذات العلاقة يتيح إمكانية الاجتهاد في تحليل السيناريوهات الرئيسية الآتية:

    السيناريو الأول: إجراء الانتخابات في الضفة والقطاع:

    ينسجم هذا السيناريو مع قرار الحكومة “بإجراء انتخابات الهيئات المحلية في كافة أرجاء الوطن في يوم واحد، إيماناً منا بوحدة الوطن، ووحدة الشعب، وحرصاً على استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، وتوحيد مؤسسات الوطن في إطار الشرعية والقانون” (وكالة معاً الإخبارية، 4/10/2016). لكن تحويل هذا الإيمان والحرص إلى واقع لا يبدو ممكناً دون توفير متطلباته عبر التوافق بين حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل، وهو أمر صعب في ضوء حيثيات قرار المحكمة العليا التي رفضتها حماس.

    وكان قد جرى التداول بشأن عدة مخارج قبل صدور هذا القرار، منها سحب الدعوة أمام محكمة العدل، والاتفاق على موعد جديد، على أن يتم سحب قوائم لكل من الحركتين في بعض المواقع. وقد صرح المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري بأن الحركة رفضت عرضاً من فتح، عن طريق وسطاء، يقضي بتنازل حماس عن قائمة خانيونس مقابل تنازل فتح عن قائمة طولكرم، وبناء على ذلك يتم إجراء الانتخابات بعد شهر من موعدها المحدد سابقاً في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، معتبراً ذلك “دليلاً على تسييس قرار وقف الانتخابات” (موقع فلسطين اليوم، 25/9/2016).

    وهناك من طرح مخرجاً آخر قوامه الاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات مع تأجيلها في خانيونس، حيث قدمت معظم الطعون ضدّ قوائم فتح، على أن تعاد مجمل إجراءات العملية الانتخابية في خانيونس، بما في ذلك إعادة تشكيل وتسجيل القوائم الانتخابية.

    أما المخرج الآخر، فكان يتمثل بالتوافق على إلغاء الانتخابات برمتها، ومن ثم إصدار قرار جديد بإجرائها، بما يشمل إعادة مجمل الإجراءات، بدءاً من إعداد ونشر سجل الناخبين وتسجيل القوائم والاعتراض وصولاً إلى الاقتراع، مع إمكانية تعديل القانون بالتوافق، بما يتيح تشكيل محكمة خاصة بقضايا الانتخابات المحلية.

    وبالرغم من أن سيناريو إجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع هو المفضل، إلا أنه لا يبدو الأكثر ترجيحاً حتى الآن. فالتحضير لإجراء الانتخابات بعد أربعة أشهر بات يتطلب الالتزام بحيثيات قرار محكمة العدل، وخصوصاً “توفير البيئة القانونية لإجراء الانتخابات”، كما ورد في نصّ قرار الحكومة بتأجيل الانتخابات. والمقصود بذلك إيجاد مخرج لا يضفي “شرعية” على المحاكم في قطاع غزة، مما يعني إصدار مرسوم بتشكيل محكمة خاصة بقضايا الانتخابات تتولى صلاحية البت في الطعون، بعد إدخال تعديلات على قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية الذي ينص على أن تُقدم الطعون أمام المحكمة المختصة، وهي محكمة البداية في كل محافظة.

    ربما كان يمكن لحركة حماس أن تدرس الموافقة على كل ذلك قبل صدور قرار المحكمة العليا، لكن سوف يكون من الصعب عليها، إن لم يكن من المستحيل، أن توافق على ذلك بعد قرار المحكمة، لأن الموافقة تعني إقراراً ضمنياً بالسياق الذي يندرج ضمنه هذا القرار، وهو “نزع الشرعية” عن القضاء والمحاكم في القطاع.

    ولو تمّ افتراض قبول حماس بتضحية كهذه، فلا توجد ضمانات بأن لا يتم استدعاء محكمة العدل العليا لاحقاً لتقديم دعوى جديدة تطعن بشرعية إشراف المؤسسات المدنية والأمنية في القطاع على عملية الانتخابات المحلية، مع إمكانية انسحاب ذلك على الانتخابات العامة في حالة التوافق على إجرائها.
    لذلك، فإن تحقق سيناريو إجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع، يبقى مرهوناً بالاستجابة لدعوة القوى الوطنية والإسلامية، في ختام اجتماع لها في غزة عقب صدور قرار تأجيل الانتخابات، “لإطلاق حوار وطني فلسطيني جاد مسؤول يقود إلى إنجاز المصالحة، واستعادة الوحدة الوطنية، ومعالجة أزمة النظام السياسي الفلسطيني برمته”. أي بالتوافق الوطني على خريطة طريق لإنهاء الانقسام، تشمل تشكيل حكومة وطنية قادرة على الشروع بعملية إعادة توحيد المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية، بما يساعد على إيجاد مخارج لمعالجة المشكلات التي أعاقت —وما تزال— إجراء الانتخابات.

    السيناريو الثاني: إلغاء الانتخابات:

    وهو احتمال وارد في حالة قيام الرئاسة والحكومة بإدخال تعديلات على قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية لا تحظى بتوافق وطني، وتثير موجة من الانتقادات في أوساط الفصائل والمنظمات الحقوقية والأهلية، وتؤدي إلى توسيع دائرة المقاطعة الوطنية والشعبية لإجراء الانتخابات، إضافة إلى رفض حماس تأجيل الانتخابات، وتمسكها بـ”استكمالها من حيث انتهت”، كما صرح أبو زهري، الذي عدَّ قرار التأجيل “نوعاً من التخبط والتهرب من الاستحقاقات الانتخابية، خدمة لمصالح فتح الفئوية”، مؤكداً رفض “أيّ مساس بشرعية المؤسسات القائمة في غزة” (وكالة سما الإخبارية، 4/10/2016).

    ويُعدُّ هذا السيناريو أسوأ الاحتمالات في ضوء تداعياته على فرص إنهاء الانقسام، وعلى المكانة القانونية للقضاء والمحاكم في قطاع غزة بحكم الأمر الواقع. إذ إن عدم إمكانية إجراء الانتخابات في قطاع غزة بسبب مقاطعة حماس، وإمكانية تطور مواقف تطالب بالمقاطعة من قبل فصائل أساسية ومنظمات أهلية، قد تفضي للجوء إلى خيار تأجيل الانتخابات إلى أجل مسمى دون إعلان موعد محدد، ما يعني عملياً إلغاء الانتخابات.

    هناك عوامل أخرى قد تدفع باتجاه سيناريو إلغاء الانتخابات، وخصوصاً خطر الانزلاق “المقصود” نحو حالة من الفوضى والفلتان الأمني في الضفة. وهو خطر قد يدفع باتجاهه الاحتلال، أو أصحاب المصلحة في عدم إجراء الانتخابات. فقد حذرت بعض التقارير الإعلامية من مخاطر تطور التدخل الإسرائيلي إلى حدّ إثارة حالة من الفوضى “المسيطر عليها” عشية إجراء الانتخابات المحلية، من خلال إشاعة الفوضى والتقاتل الداخلي، لا سيّما في البلدات والقرى الواقعة في المنطقتين ب وج (موقع فلسطين اليوم، 30/8/2016).

    كما أن حالة الفوضى قد تتطور نتيجة لاحتدام الصراعات على مواقع القوة والنفوذ في الضفة، وانتشار السلاح بأيدي العائلات في العديد من المناطق. ولعل ما يعزز المخاوف من هذا الخطر المواجهات بين فينة وأخرى بين قوى الأمن ومسلحين تعدُّهم مطلوبين لها في نابلس وغيرها، والخشية من تطور الصراع الداخلي في فتح على خلفية تفاقم الخلافات مع تيار دحلان، وصعوبة إعادة تشكيل قوائم موحدة لحركة فتح في المستقبل، لا سيّما أن الانتخابات المحلية سوف تجرى وفق قرار الحكومة بعد المؤتمر العام السابع لحركة فتح الذي تجري ترتيبات لعقده قبل نهاية السنة على أساس إقصاء دحلان والمؤيدين له، ما يهدد باحتدام الصراع على مواقع القوة والنفوذ، وخصوصاً في الضفة.

    السيناريو الثالث: إجراء الانتخابات في الضفة:

    ثمة أصوات تطالب بإجراء الانتخابات في الضفة الغربية فقط، لا سيّما أن ذلك كان الهدف من قرار إجراء الانتخابات المحلية في ضوء الرهان على رفض حماس لإجرائها في القطاع. ويرى أصحاب هذا الرأي أن قرار محكمة العدل العليا يتيح إجراء الانتخابات في الضفة، مع إمكانية تأجيلها في القدس إلى مرحلة لاحقة كإجراء يتيحه القانون، أو حتى تجزئة إجراء الانتخابات على مراحل كما حدث في المرة السابقة، بما يتيح إجراء الانتخابات في المواقع التي تضمن فتح الفوز فيها، وتأجيلها بانتظار توفر شروط الفوز في مواقع أخرى.

    يبدو هذا السيناريو مرجحاً لعدة أسباب، من أهمها:

    – رفض حماس لقرار محكمة العدل العليا من الأساس، وصعوبة قبولها المشاركة في عملية انتخابية تتأسس على المساس بشرعية المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية القائمة في القطاع، مما يعني أن فرصة السماح بإجراء الانتخابات في القطاع تبدو شبه معدومة.

    – عدم وجود مؤشرات على إمكانية تحقيق اختراق ذي مغزى في ملف المصالحة خلال الأشهر الأربعة القادمة يتيح تشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على الانتخابات، أو التوافق على التوجه مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لا سيّما أن أولويات حركة فتح تنصب على عقد المؤتمر العام وحسم الخلاف مع دحلان، في حين تنشغل حماس بانتخاباتها الداخلية وقضية خلافة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.

    – عدم وجود ضمانات تحول دون إعادة استدعاء القضاء كلما دعت الحاجة لإقصاء الخصوم والمنافسين، مما يبقي سيف تسييس القضاء مشهراً في وجه أيّ عملية انتخابية، حتى ولو تراجعت حماس عن موقفها وقبلت بإجراء الانتخابات في القطاع.

    – الحاجة إلى تجديد الشرعيات المتآكلة للسلطة في الضفة، ولو على مستوى الهيئات المحلية، وحاجة حركة فتح لإظهار وجود التفاف حولها عبر عملية انتخابية لا منافسين جديين لها في الضفة، وهي حاجة يتوقع أن تزداد في حالة النجاح في عقد المؤتمر العام للحركة كأداة لحسم الخلافات الداخلية، وقطع الطريق على فرص تجدد تدخل “الرباعية” العربية.

    – إمكانية تفاقم الخلافات الداخلية في فتح، لا سيّما في قطاع غزة، حيث يتمتع تيار دحلان بثقل يهدد فرص نجاح قوائم الحركة الرسمية في حالة تشكيلها، على قاعدة إقصاء مرشحين مؤيدين لدحلان في ضوء نتائج المؤتمر العام القادم. وهو ما قد يشجع على إجراء الانتخابات في الضفة فقط.

    من شأن تطور فرص تحقق هذا السيناريو، في ضوء توقع تزايد وزن وتأثير العوامل السابقة، أن يطيح بالرهان على إمكانية أن تشكل الانتخابات خطوة باتجاه إنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بل وأن يهدد بتحويل الانقسام إلى انفصال مؤسساتي.

    استنتاجات وتوصيات:

    تؤكد تداعيات قرار إجراء الانتخابات المحلية، ومن ثم توظيف القضاء كوسيلة لتأجيلها وإلغاء جميع الترتيبات السابقة، إلى أهمية إدراك وظيفة الانتخابات في البيئة والظرف الفلسطيني، من حيث استحالة إجراء انتخابات محلية أو عامة حرة ونزيهة تحت الاحتلال، إلا إذا ضمن أن نتائجها ستخدم أهدافه وسياساته. كما أن الانقسام الداخلي لا يمكن أن يوفر أجواء تتسم بالحرية والنزاهة لأي عملية انتخابية قبل إعادة توحيد المؤسسات المدنية والأمنية للسلطة في الضفة والقطاع على أساس برنامج سياسي واحد وقيادة موحدة. ويمكن في هذا الإطار تسجيل الاستنتاجات والتوصيات الآتية:

    – عندما يتعلق الأمر بالانتخابات المحلية، لا يمكن الفصل بين وظيفتها الوطنية والخدماتية، وخصوصاً عندما تتراوح خيارات الاحتلال ما بين التدخل لإلغاء الانتخابات أو التدخل لتطويع نتائجها لخدمة خطة ليبرمان. ويقتضي ذلك استعادة سياق الانتخابات المحلية سنة 1976، التي كانت محطة ضمن المعركة الوطنية لإحباط أهداف الاحتلال في فرض هيئات محلية شبيهة بروابط القرى العميلة، بالرغم من دفع الفائزين ضمن التيار الوطني ثمناً باهظاً وصل إلى درجة تعرض بعضهم لمحاولات اغتيال. وترافقت هذه المعركة مع نهوض وطني مماثل في الفترة ذاتها في أراضي 1948، كانت من أبرز محطاته معركة يوم الأرض في 30/3/1976. وإن تعذر إجراء الانتخابات على قاعدة استعادة سياق سنة 1976، يمكن استعادة سياق النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي في التعامل مع البلديات وفق مبدأ التعيين، مع الاستفادة من دروس تلك التجربة، وفي مقدمتها ضرورة تعيين المجالس البلدية والمحلية بالتوافق الوطني في غياب القدرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

    – لا تشكل الانتخابات المحلية أو العامة مدخلاً لإنهاء الانقسام، بل قد تؤدي إلى تعميقه أو إدارته، ما لم يتم التوافق أولاً على رؤية وطنية شاملة لإعادة بناء الوحدة الوطنية، وليس تحقيق المصالحة بمفهومها الضيق بين حركتي فتح وحماس، مع توافق على آليات ومراحل تحقيق ذلك. ويعدُّ التوافق على برنامج سياسي مشترك الحجر الأساسي في هذه العملية، من أجل استعادة إطار التحرر الوطني لكفاح الشعب الفلسطيني. ولكي لا تتحول الانتخابات المحلية من فرصة إلى تهديد، ينبغي أن تشكل محطة تخدم إعادة بناء المؤسسات الوطنية الموحدة على مستوى منظمة التحرير والسلطة.

    – إن السيناريو المفضل، وإن لم يكن مرجحاً، هو إجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع، وهو أمر ممكن في حالة التوافق على تذليل العقبات التي برزت خلال الفترة الماضية. وينبغي تركيز الجهود على تحويل هذا السيناريو إلى خيار يقدم من خلاله الشعب الفلسطيني وقواه السياسية ومنظماته الأهلية نموذجاً على أن التوافق ممكن، بل وضروري، إذا توفرت الإرادة السياسية، بما يفتح الطريق أمام تعميم هذا النموذج ليشمل التوافق على معالجة مختلف ملفات الانقسام، وبضمنها توحيد جهازي القضاء والنيابة العامة.

    – يُعدُّ تسييس القضاء من أخطر تداعيات حالة الانقسام، ومن شأن توظيف أحكامه لأغراض سياسية فئوية، أن يفتح الباب أمام مخاطر تهدد النسيج المجتمعي، لا سيّما في ضوء نزع الشرعية عن القضاء وأحكامه بما يمس بالمراكز القانونية المترتبة على هذه الأحكام في قطاع غزة. إن معالجة الخلاف السياسي ينبغي أن تتم عبر معادلة الصراع والحوار على قاعدة الوحدة، بعيداً عن تطويع القانون لخدمة الصراع السياسي. كما أن اللجوء إلى الأجهزة الأمنية للضغط على المرشحين والناشطين في العملية الانتخابية في الضفة والقطاع لا يعني سوى توسيع حالة عدم الثقة بأهليتها في توفير الحماية لمجمل مراحل العملية الانتخابية.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ خليل شاهين مدير البرامج في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) في رام الله بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (92): الانتخابات المحلية الفلسطينية .. السياق وسيناريوهات ما بعد التأجيل Word (15 صفحات، 89 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (92): الانتخابات المحلية الفلسطينية .. السياق وسيناريوهات ما بعد التأجيل  (15 صفحات، 987 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 6/10/2016

  • التقدير الاستراتيجي (97): مخيم عين الحلوة … إلى أين؟

    تقدير استراتيجي (97) – آذار/ مارس 2017. 

    ملخص:

    اندلعت جولة جديدة من الاشتباكات في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان أواخر شهر شباط/ فبراير 2017، أسفرت عن مقتل شخصين وجرح ما يزيد عن عشرة وتخريب في الممتلكات.

    وجاءت هذه الجولة من العنف إثر انسحاب فصائل منظمة التحرير الفلسطينية من اللجنة الأمنية العليا والقوة الأمنية المشتركة. ووقع الاشتباك بين مجموعات من حركة فتح ومجموعات إسلامية لكنها لم تؤد إلى نتائج حاسمة لأي من الطرفين.

    ترتبط الأزمة في مخيم عين الحلوة بالأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، وخصوصية قضية حقّ العودة وموقع المخيم في جنوب لبنان. كما ترتبط بالصراعات القديمة الدائمة بين حركة فتح ومجموعات إسلامية، ووجود مطلوبين فلسطينيين ولبنانيين داخل المخيم، والأوضاع الإنسانية الصعبة، والاهتمام الدولي بمكافحة الإرهاب. وبذلت جهود كثيرة لوقف العنف كانت تنجح أحياناً وتفشل أحياناً. وهناك عدة سيناريوهات للأزمة أهمها سيطرة الجيش اللبناني بالكامل على المخيم، أو سيطرة قوة فلسطينية مشتركة. لكن أمام التعقيدات السياسية والأمنية المحلية والإقليمية، من المرجح بقاء الأزمة وأن يراوح الوضع بين التوتر والهدوء، مع رغبة أهم الأطراف الفاعلة في محاصرة النيران، تحت سقف “المبادرة” التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية سنة 2014 لحماية المخيمات.

    مقدمة:

    تجددت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة أواخر شهر شباط/ فبراير 2017، وشهد المخيم جولة جديدة من الصراع المسلح هي الأعنف ربما منذ فترة طويلة، وسقط فيها قتيلان، هما الفتى ماهر دهشة (16 عاماً) وأحمد خليل (أبو عائشة)، وأصيب عدد بجروح، ووقعت خسائر مادية كبيرة في المباني السكنية، والمحلات التجارية، والسيارات، وأنابيب المياه، والكهرباء وأدت إلى توقف المدارس والمراكز الصحية، خصوصاً أعمال وكالة الأونروا الدولية. لكن الخسارة الأكبر كانت على المستويات السياسية والأمنية بين الفلسطينيين أنفسهم، أو بين الفلسطينيين واللبنانيين، إذ أضربت مدينة صيدا احتجاجاً على الاقتتال بين الفلسطينيين، الذي وصلت شظاياه من الرصاص والقذائف الصاروخية إلى المدينة.

    الموقع والمحطات:

    يقع مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة صيدا، في محور بين مناطق لبنانية سنية وشيعية ومسيحية، على الأوتوستراد المؤدي إلى جنوب لبنان، ترتاده القوات الدولية المنتشرة في لبنان منذ سنة 1978، وعلى مقربة من الاكتشافات البترولية في البحر المتوسط.

    يضم المخيم مع الأحياء المجاورة قرابة 70 ألف نسمة، وشهد في الماضي أحداثاً كثيرة أهمها الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 والمعارك بين الفلسطينيين وأحزاب لبنانية، ثم شهد صراعاً مسلحاً بين جماعة فتح عرفات والمجلس الثوري (أبو نضال). وفي أعقاب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان سنة 1989 تمّ تسليم الأسلحة الثقيلة من داخل المخيم إلى الجيش اللبناني.

    ويُتَّهم أفراد من المخيم بأعمال تفجير داخل مناطق لبنانية، وبقتل أربعة من القضاة في صيدا سنة 1999، وبإيواء عناصر “إرهابية” من خارج لبنان (تابعة للقاعدة)، وشاركت عناصر فلسطينية من المخيم في المعارك في العراق وسورية. وحين توقفت الحرب الداخلية في لبنان سنة 1990، هدأت الأحداث في مخيم عين الحلوة، وعاش المخيم مثل باقي المناطق اللبنانية فترة من الهدوء إلى سنة 1997، حين عادت أعمال الاشتباكات والتفجير، وضرب الجيش اللبناني طوقاً على المخيم وظلت الأمور متوترة إلى وقتنا هذا.

    عوامل أساسية:

    هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دوراً أساسياً في أزمة مخيم عين الحلوة أهمها:

    1. البعد السياسي:

    مخيم عين الحلوة هو من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان ودول اللجوء، وهذا له علاقة مباشرة بقضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم الأصلية، ومرتبط بمفاوضات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية ومصير اللاجئين الفلسطينيين. فالأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة انطلقت سنة 1997، بعد هدوء دام سنوات، وذلك بعد مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991، واتفاق أوسلو سنة 1993، وتأسيس السلطة الفلسطينية سنة 1994، وبروز توجه دولي وإقليمي لتصفية القضية الفلسطينية وإسقاط حقّ العودة وفرض التوطين في لبنان.

    2. البعد الأمني:

    من الملاحظ أن هناك جهات دولية وإقليمية ومحلية أرادت أن يبقى مخيم عين الحلوة مساحة لتصفية الحسابات، وصندوقاً لتبادل الرسائل، ومكاناً تأوي إليه العناصر المطلوبة. إذ ليس من المنطق أن تشهد جميع الأراضي اللبنانية هدوءاً أمنياً لا مثيل له من سنة 1990 إلى سنة 2005 عندما تمَّ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، ويبقى مخيم عين الحلوة وحده يعيش توترات أمنية من عمليات تفجير واغتيال في بقعة لا تزيد عن 2 كم2.

    3. البعد اللبناني:

    رفض الدولة اللبنانية بسط سلطتها الأمنية على مخيم عين الحلوة وباقي المخيمات الأخرى، فالدولة اللبنانية ترفض إدخال الجيش اللبناني إلى داخل المخيمات مع العلم أنها تحتفظ بوجود قوي في محيطها خصوصاً عين الحلوة. وهذا يترك المخيم في فوضى أمنية ويعزز الخلاف مع الجهات الرسمية في لبنان، ويظهر مخيم عين الحلوة أنه منطقة تعيش خارج القانون.

    4. البعد الإنساني والاجتماعي:

    يعاني مخيم عين الحلوة —مثل باقي الوجود الفلسطيني في لبنان— من أزمات اقتصادية وإنسانية واجتماعية، فالسلطة اللبنانية تمنع اللاجئين من العمل والتملك، والتعليم ضعيف، والرعاية الصحية سيئة، والبنية التحتية (ماء، وكهرباء، وصرف صحي) سيئة للغاية، ولا تتوفر في السكن أي مواصفات صحية أو بيئية، حيث يقل عدد الشوارع، ولا توجد ساحات عامة أو أماكن ترفيه أو ممارسة هوايات، وتنتشر الأزقة، وتتراجع فرص التعليم والانضمام للجامعات، وترتفع معدلات الفقر والبطالة والأمية.

    ويوجد في المخيم أكثر من خمسة آلاف مطلوب للدولة اللبنانية بتهم معظمها باطلة أو مضى عليها الزمن، ويفرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً قاسياً حول المخيمات، ويفتش الداخلين والخارجين ويحصر الدخول والخروج بمناطق محددة، ويقيم سواتر ودشم وحواجز في محيط المخيم، ويمنع الإعمار، وهناك قيود على عمل وتحرك وكالة الأونروا الدولية.

    عناصر مؤثرة:

    هناك مجموعة من العناصر تؤثر في الصراع في مخيم عين الحلوة:

    1. غياب المرجعية السياسية والعسكرية والأمنية الفلسطينية الواحدة القادرة على فرض الأمن، فهناك حالة من الصراع بين الفصائل الفلسطينية، وبين  حركة فتح والمجموعات الإسلامية بسبب محاولات فتح ضرب هذه الجماعات.

    2. عدم وجود اهتمام رسمي لبناني بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين عموماً وأوضاع المخيم، مثل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ووقف  الإجراءات الأمنية، وإنهاء هذه الأزمة من خلال قرارات سياسية وأمنية وتنموية فاعلة.

    3. وجود فكر متشدد داخل مخيم عين الحلوة، له ارتباطات خارج المخيم، ويتأثر بأحداث المنطقة وصراعاتها وانقساماتها، ويدخل أحياناً عنصراً  للمشاركة فيها، ويقبل منطق إيواء مطلوبين.

    4. وجود ارتباط وثيق بين مجموعات عاملة في المخيم مع أجهزة أمنية محلية وإقليمية، تتأثر بقراراتها وتنفذ توجهاتها.

    5. دخول عدد من المطلوبين إلى مخيم عين الحلوة، مثل بديع حمادة الذي قتل ثلاثة جنود من الجيش اللبناني سنة 2002، وتمّ تسليمه للسلطات اللبنانية وأعدم؛ وفضل شاكر الذي دخل إلى المخيم بعد أحداث منطقة عبرا سنة 2013، وشادي المولوي الذي دخل إلى المخيم سنة 20144، وتصر الدولة اللبنانية على تسلم هؤلاء في المخيم، في حين لا يوجد أي سبب لبقاء هؤلاء في المخيم، وتعجز الفصائل الفلسطينية عن اعتقالهم، ويحظون بدعم مجموعات داخل المخيم.

    6. اكتشاف النفط في البحر المتوسط قبالة السواحل اللبنانية، ووجود القوات الدولية في جنوب لبنان وخشية القوات الدولية من استخدام مخيم عين الحلوة  ضدها في أعمال عنف، وخشية شركات النفط من السبب نفسه.

    7. إن وجود عدد من المطلوبين الإسلاميين في المخيم يجعل المخيم مرتبطاً بالملف الدولي المسمى “مكافحة الإرهاب”. وهناك محاولات كثيرة  خصوصاً من جهات مرتبطة بالأمن الفلسطيني في رام الله بملاحقة هؤلاء وقتلهم أو اعتقالهم.

    8. رغبة حركة فتح في استعادة نفوذها في المخيم واستعادة السيطرة على جميع أحيائه، بصفته أهم المخيمات وأهم مناطق نفوذها سابقاً. وهنا تدخل في  صراع مع جميع المجموعات التي تتناقض فكرياً وسياسياً واجتماعياً مع حركة فتح، وترفض سياسات وبرامج منظمة التحرير الفلسطينية.

    السيناريوهات المتوقعة:

    أولاً: بسط سيطرة الجيش اللبناني على المخيم:

    وهذا يعني أن يقوم الجيش اللبناني بالحصول على موافقة فلسطينية وإقليمية ودولية بدخول المخيم وبسط سلطته داخله، سواء بالتفاهم أم بالقوة.
    إن هذا السيناريو مستبعد، على الأقل في المستقبل القريب، بسبب غياب الإرادة الداخلية اللبنانية، وصعوبة الحصول على تأييد إقليمي ودولي نظراً لحساسية القضية الفلسطينية ومستقبل ملف اللاجئين وحقّ العودة. فالدولة اللبنانية تخشى مشاريع التوطين، ولا تريد تحمل المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية لجميع اللاجئين.

    ثم إن هناك خشية من صدام عسكري لبناني فلسطيني يعيد الحرب بين الطرفين، وهي فكرة مرفوضة، وتكاليفها البشرية عالية وغير مضمونة، وآثارها ليست بسيطة. لذلك سيبقي الجيش اللبناني على إجراءاته الأمنية حول المخيم، ويعمل على معالجة ملف المطلوبين، ويحارب “الإرهاب” وقائياً، ويمنع تمدد الأحداث والاشتباكات، دون أن تتحمل الدولة اللبنانية العبء السياسي والاقتصادي لملف اللاجئين.

    ثانياً: موقف فلسطيني قوي ينهي الأزمة:

    وهذا يعني بروز موقف سياسي فلسطيني قوي يؤدي إلى توافق على إنهاء الصراع بالقوة أو بالتفاهم.

    حاولت جهات فلسطينية وضع حدّ للصراع داخل عين الحلوة، وأطلقت الفصائل الفلسطينية مبادرة موحدة في آذار/ مارس 2014 لمنع العنف، وشكلت لجنة أمنية خاصة من 250 عنصراً في عين الحلوة. لكن ذلك لم يَحلْ دون استمرار العنف، فشهد المخيم أعمال تفجير واغتيال وإطلاق نار، كان أشدها في صيف سنة 2014، كما شهد المخيم عمليات تصفية طالت عناصر محسوبة على “سرايا المقاومة” المتهمة باستهداف إسلاميين.
    وحصلت عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال بين عناصر من فتح وعناصر إسلامية.

    وبالرغم من محاولات فلسطينية كثيرة لمنع العنف إلا أنها لم تصل للنجاح المطلوب، وذلك بسبب تعقيدات الأوضاع السياسية والأمنية في عين الحلوة، وتعدد اللاعبين، واتساع نفوذ القوى المؤثرة، واستمرار الخلافات الفلسطينية، وتردد المسؤولين القائمين على اللجنة الأمنية، واتساع الخلاف داخل حركة فتح، ما أدى لانسحابها من اللجنة الأمنية المشتركة في شباط/ فبراير الماضي. ولا يبدو أن هناك قدرة فلسطينية على حسم الأوضاع داخلياً في عين الحلوة، على الرغم من محاولة جهات فلسطينية كثيرة معالجة الصراع المسلح وإنهاء ظاهرة المطلوبين.

    ثالثاً: استمرار الأزمة:

    وهذا يعني بقاء الوضع في مخيم عين الحلوة على ما هو عليه، من انقسامات وصراعات وعنف مسلح. هذا السيناريو هو المرجح في المستقبل القريب، بسبب ارتباط قضية مخيم عين الحلوة بعدد من الملفات السياسية المحلية والإقليمية والدولية، ومستقبل القضية الفلسطينية وحقّ العودة، والصراعات في المنطقة، وملف مكافحة الإرهاب. وبسبب عدم قدرة الفصائل الفلسطينية على حسم الواقع العسكري داخل المخيم وتسليم المطلوبين، وعدم وجود إرادة لبنانية قوية لمعالجة أسباب الأزمة، وتحمل المسؤوليات السياسية والقانونية والاجتماعية، مع بقاء رغبة حركة فتح في السيطرة الكاملة على المخيم ومحاربة الإسلاميين ضمن ملف مكافحة الإرهاب، وخشية الإسلاميين من دور حركة فتح الأمني في ملاحقتهم.

    إن بقاء الأزمة يعني استمرار المعاناة الإنسانية في المخيم والإساءة للقضية الفلسطينية وللوجود الفلسطيني، وهذا يعني وجود برميل من البارود يهدد بالانفجار، وربما يهدد بالإطاحة بالمخيم بالكامل. ويرى الفلسطينيون أنه وبغض النظر عن الإشكالات الأمنية في مخيم عين الحلوة، ومدى خطرها، أن الفلسطينيين نجحوا في تحييد المخيم عن الصراعات الإقليمية والفتن الطائفية والانقسامات المحلية والخارجية، منذ اندلاع أزمات المنطقة والأزمة في سورية، ولم تخرج من مخيم عين الحلوة أي عملية اعتداء خارجه.

    التوصيات:

    1. السعي لتعاون فلسطيني لبناني جاد ومشترك للوصول إلى حلّ جذري للأزمة وإطلاق حوار لبناني فلسطيني مشترك حول جميع نقاط العلاقة  الفلسطينية اللبنانية والتوصل لحلول فاعلة.

    2. فصل ملف مخيم عين الحلوة عن جميع الملفات السياسية وتعقيدات المنطقة.

    3. التعامل مع موضوع المطلوبين بالحكمة والحزم اللازمين، وإيجاد تسويات سياسية وقانونية لمعالجة قضاياهم كلما أمكن ذلك. وتطبيق سياسات تؤكد  على احترام القانون، وعدم تحميل المخيم مسؤوليات خارجة عن طاقته وإمكاناته.

    4. وضع خطة تنموية لعين الحلوة.

    5. تشكيل قوة أمنية فلسطينية مشتركة ضاربة، تضع حداً للعنف وتحفظ النظام في المخيم.

    6. تخفيف الإجراءات الأمنية في محيط عين الحلوة.

    يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ رأفت مرة بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (97): مخيم عين الحلوة … إلى أين؟ Word (10 صفحات، 87 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (97): مخيم عين الحلوة … إلى أين؟  (10 صفحات، 545 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 6/3/2017

  • بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة.

    يُعالج هذا البحث التطورات المتعلقة بمسار المصالحة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، ومسار حكومة التوافق الوطني والعقبات التي واجهتها. كما تطرق إلى ملف التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية في رام الله وبين سلطات الاحتلال، وناقش العلاقات الفصائلية الفلسطينية وتطورات الأوضاع المتعلقة بفتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الديموقراطية والشعبية…، كما تناول انعكاسات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف سنة 2014. هذا فضلاً عن الرؤى الاستراتيجية والاستشراف المستقبلي للأحداث.

    وهذا البحث هو الفصل الأول من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي يتولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، ويشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
      (38 صفحة، 1.3 MB)


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 18/7/2016


     >> للمزيد حول  كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d
  • مداخلة: الوضع الفلسطيني الداخلي: التطورات والمسارات المحتملة … د. موسى أبو مرزوق

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم مداخلة د. موسى أبو مرزوق، رئيس مكتب الشؤون السياسية لحركة حماس، حول ”الوضع الفلسطيني الداخلي: التطورات والمسارات المحتملة“.

    وقد قدمت هذه المداخلة في مؤتمر ”قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2015- تقدير استراتيجي 2016“، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت في 11/2/2016.

     لتحميل المداخلة، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> مداخلة: الوضع الفلسطيني الداخلي: التطورات والمسارات المحتملة … د. موسى أبو مرزوقWord (9 صفحات، 1.7 MB)

     

     
    >> مداخلة: الوضع الفلسطيني الداخلي: التطورات والمسارات المحتملة … د. موسى أبو مرزوق  (9 صفحات، 781 KB)

     

    قيديو: https://www.youtube.com/watch?v=c-4LhUR4Stw

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 14/4/2016


    >> للمزيد حول “مؤتمر: قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2015– تقدير استراتيجي 2016”: اضغط هنا

     

  • مركز الزيتونة يصدر كتاب ”النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو: المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً“

    أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو، المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً، من تأليف الأستاذ فرحان موسى حسين علقم.

    والكتاب، الواقع في 214 صفحة من القطع المتوسط، هو رسالة نال بها المؤلف درجة الماجستير في برنامج الدراسات الإسرائيلية من معهد الدراسات الإقليمية بكلية الدراسات العليا، جامعة القدس سنة 2012.

    تسعى هذه الدراسة لتوسيع فهمنا حول تأثير النزاع على السيادة في فلسطين في ظلّ اتفاقيات أوسلو، على المخزون المائي وعلى سياسة ”إسرائيل“ المائية في الضفة الغربية، والتعرف على إمكانية التصدي لهذه السياسة من خلال هذه الاتفاقيات.

    معلومات النشر:

    – العنوان: النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو: المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً
    – تأليف: فرحان موسى حسين علقم
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت
    – عدد الصفحات: 214 صفحة
    – الطبعة الأولى: 2016
    – السعر: 10$

    Book_Conflict_Sovereignty_Palestine_Oslo_Water-Reserve_WB-200

    ويتضمن الكتاب خمسة فصول، تناولت الخصائص الجغرافية للضفة الغربية ومصادر المياه فيها، والمياه الفلسطينية في القوانين والمعاهدات الدولية، والهيمنة الإسرائيلية عليها بعد سنة 1967. واختتم الكتاب بجملة من النتائج والتوصيات التي تركزت حول مبدأ امتلاك الشعب الفلسطيني الحق الدائم في السيادة على أرضه، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الرئيسي في حرمانه منها، بالإضافة إلى بعض الوثائق.

    وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي لتتبع تطور سياسية ”إسرائيل“ المائية في منطقة الدراسة. إضافة إلى المنهج الوصفي والتحليلي لوصف وتحليل آثار اتفاقيات أوسلو على سياسية ” إٍسرائيل” المائية، وذلك من خلال بحث في الكتب المنشورة، باللغتين العربية والإنجليزية، وإجراء مقابلات مع مسؤولين وخبراء ومستشارين في موضوع المياه.

    لقد توصل الباحث إلى ان ”إسرائيل“ حرصت على إفراغ هذه الاتفاقيات من مضامينها وهذا ما توضحه الأرقام التي تشير إلى تراجع كميات المياه التي حصل عليها الفلسطينيون في سنة 2008 بقرابة 50 مليون م3 عما هو مقدر لهم في اتفاقيات أوسلو، حيث بلغ مجموع ما حصل عليه الفلسطينيون في سنة 2008 هو فقط 88 مليون م3 من المياه، في الوقت الذي ازداد فيه عدد السكان الفلسطينيين بنسبة 42.8% لم يرتفع المجموع العام لم حصل عليه الفلسطينيون إلا بمقدار 5.3%، وتراجعت صحة الفرد السنوية بنسبة 26.3%. وشهدت هذه الفترة تراجعاً في الإنتاج المحلي بنسبة 16.7% وزيادة في الاستيراد من ”إسرائيل“ بنسبة 98.6%.

    يرى الباحث أن الأولوية الأولى تكمن في وضع حدّ لمعاناة الفلسطينيين في موضوع المياه، وذلك من ناحيتين، الأولى تمكين الفلسطينيين من ممارسة سيادتهم على أرضهم وعلى مواردهم الطبيعية، والموارد المائية تحديداً وفق قانون المياه الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تعنى بتنظيم الإدارة المشتركة للمياه المشتركة، أما الثانية فهي إيجاد حلً سريع لازمة المياه الفلسطينية من خلال زيادة الإنتاج من المياه الجوفية للسكان في الضفة الغربية، وإمداد قطاع غزة بما يلبي احتياجاتهم من المياه.

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 7/3/2016

  • مقال: مبادرة حركة الجهاد بفلسطين.. قراءة في المضامين والإشكالات … د.محسن صالح

    بقلم: د.محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

    المبادرة التي أطلقتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين على لسان أمينها العام د. رمضان عبد الله شلح حاولت الارتقاء بالنقاش الدائر في الساحة الفلسطينية حول المصالحة وآلياتها إلى مراجعة المشروع الوطني وإعادة توجيه البوصلة لخدمة المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وتوفير الأسس السليمة لتجديد الانطلاقة نحو مشروع التحرير.

    والملاحظ أنه بعد نحو شهر من إطلاقها لم تحظ حتى الآن بما تستحق من نقاش وحوار، وبقدر ما تحاول رفع سوية الوضع الفلسطيني، بقدر ما تواجه من مخاطر التغييب والتجاهل، والتحول إلى وثيقة تنضم إلى سابقاتها من وثائق طواها الماضي.

    ****

    تدعو المبادرة المكونة من عشر نقاط إلى إلغاء اتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، باعتبار هذا الاعتراف أم الكبائر والمصائب في التاريخ الفلسطيني. وتدعو إلى إعادة بناء منظمة التحرير لتصبح الإطار الوطني الجامع الذي يضم كل قوى وأبناء الشعب الفلسطيني. وتؤكد أن المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني هي مرحلة تحرر وطني، وبالتالي فالأولوية هي لمقاومة الاحتلال ودحره. وتدعو المبادرة إلى إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وإنهاء وجود سلطتين في رام الله وغزة. كما تؤكد على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وأن الشعب الفلسطيني شعب واحد في الداخل والخارج.

    وتدعو المبادرة الأطراف العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه فلسطين وقضيتها، بما في ذلك سحب المبادرة العربية، ووقف التطبيع، وقيام مصر بدورها في فك الحصار عن قطاع غزة وفي إعماره. وطالبت المبادرة قيادة المنظمة بملاحقة الكيان الصهيوني وقادته أمام المحكمة الجنائية الدولية، ودعت إلى تفعيل حركة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني، كما طالبت في نقطتها العاشرة والأخيرة بإطلاق حوار وطني شامل بين كل مكونات الشعب الفلسطيني لبحث خطوات ومتطلبات التحول نحو هذا المسار الجديد.

    ****

    من الواضح أن حركة الجهاد الإسلامي سعت إلى تقديم مبادرتها في إطار وطني، وبما يتوافق مع قناعاتها، وبما يبحث عن المشترك لدى القوى الفلسطينية الأخرى؛ مع الحرص على تجنب الصيغ الأيديولوجية الإسلامية التي تعبر عن انتماء الحركة، والتي يكفي اسمها ليعبر عن طبيعتها وبرنامج عملها.

    ومع ذلك فإن المستهدف أساسا بدفع استحقاقات هذه المبادرة والقيام بخطوات تاريخية جذرية هو حركة فتح؛ أما حركة حماس فإنها قد وافقت على المبادرة، كما أيدتها بشكل عام باقي الفصائل الفلسطينية، بما فيها فصائل منظمة التحرير وتحديدا الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية.

    ****

    يدعو جوهر المبادرة إلى إنهاء مسار التسوية السلمية، وإلى العودة إلى مربع المقاومة المسلحة، وإلى برنامج وطني ودعم عربي وإسلامي مبني على هذا الأساس. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فما هو الجديد في الأمر؟! إذ إنه منذ اللحظة الأولى لدخول فتح وقيادة المنظمة والسلطة في نفق التسوية واتفاقيات أوسلو.. كانت هناك معارضة فلسطينية واسعة لهذا المسار وتشكل تحالف الفصائل العشر، والذي كانت الجهاد الإسلامي أحد أعضائه، والذي دعا إلى الأفكار نفسها التي دعت إليها المبادرة، قبل نحو 23 عاما، دون أن يجد ذلك صداه، طيلة السنوات الماضية، لدى قيادة فتح التي هي قيادة السلطة وقيادة المنظمة التي تابعت مسار التسوية وملاحقة قوى المقاومة، بينما وقفت عاجزة عن تحقيق حلم الدولة الفلسطينية، وعن وقف برامج الاستيطان والتهويد وتغيير هوية الأرض والبشر والحجر في فلسطين المحتلة.

    غير أن المبادرة تكتسب أهميتها في أنها حاولت أن تعيد وضع القضية الفلسطينية في مسارها الصحيح، وأن تعيد الحوار الفلسطيني إلى القضية الأساس وهي المقاومة والتحرير. إذ إن القوى الفلسطينية استغرقت في السنوات الماضية في متابعة المصالحة وآليات تنفيذها، ودخلت في تفاصيل تشكيل الحكومة في الضفة الغربية والقطاع وإجراء الانتخابات وإصلاح أجهزة السلطة ودفع رواتب الموظفين، بينما كانت الإشكالية الكبرى في جوهر السلطة الفلسطينية وبنيتها وسقفها الوطني.. وليس في مجرد آليات عملها.

    ويدرك المتابعون أن ثلاثة من بنود المصالحة الخمس يستطيع الطرف الإسرائيلي أن يعطل تنفيذها دونما صعوبة، وهي قيام الحكومة بعملها وإجراء الانتخابات التشريعية وإصلاح الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية.. وبالتالي أصبح “الحاضر الغائب” في الأمر. وكان لا بد من آلية تخرج الفلسطينيين من مأزق عدم القدرة على إنفاذ برنامج المصالحة، ليكون المنطلق من إعادة بناء منظمة التحرير على أساس برنامج وطني جامع.

    ومن جهة أخرى، يدرك المتابعون أن مأزق التسوية السلمية قد وصل إلى مداه وأن ثمة حالة إحباط شاملة تجاهه، وأن الجانب الصهيوني قد قضى عمليا على خيار الدولتين، وأن جماهير الشعب الفلسطيني تلتف بشكل أكبر حول خيار المقاومة. ولذلك يأتي طرح هذه المبادرة كمخرج من المأزق الراهن.

    ***

    بالرغم من اللغة الحاسمة التي لا تحتمل اللبس تجاه اتفاق أوسلو والاعتراف بالكيان الصهيوني وإعادة بناء المنظمة، فإنها استخدمت لغة “فضفاضة” تجاه مستقبل السلطة وتجاه الأرض التي يتم دحر الاحتلال منها، وتجاه تفعيل البعد العربي والإسلامي تجاه فلسطين. كما استخدمت لغة دبلوماسية مع “الأخ الرئيس أبو مازن” ومع “الشقيقة مصر” ونظامها السياسي.. وذلك سعيا لأن تقدم المبادرة خطابا واقعيا مع الأطراف التي تستهدفها.

    اللغة الفضفاضة تحدثت عن “تعزيز وتطوير انتفاضة القدس لتصبح انتفاضة شاملة وقادرة على هزيمة الاحتلال ودحره من أرضنا بلا قيد أو شرط”. والفعل الانتفاضي لدحر الاحتلال.. يُفهم منه في اللغة السياسية المتداولة منطقة الضفة الغربية.. وهو هدف يمكن الالتقاء فيه مع فتح. غير أن الفعل الانتفاضي لن يكون فاعلا ولا كافيا لدحر الاحتلال من “أرضنا” المحتلة سنة 1948، وهو الهدف الإستراتيجي الذي تسعى إليه الجهاد الإسلامي وحماس وغيرهما.

    وتحدثت المبادرة في بندها الخامس عن إنهاء الانقسام وعن إعداد إستراتيجية شاملة على قاعدة التحلل من اتفاق أوسلو، وإنهاء وجود سلطتين في غزة ورام الله. غير أن المبادرة لم تُشر ما إذا كان إنهاء وجود السلطتين سيعيد الوضع إلى سلطة فلسطينية واحدة، أو سينهي السلطة ويحلها أو سيعيد تعريف السلطة بما يجعلها سلطة مقاومة. ربما أرادت حركة الجهاد أن يكون ثمة “غموض بناء” غير أن اشتراطها التحلل من اتفاق أوسلو وتبني إستراتيجية المقاومة، لا يعني في نهاية المطاف إلا إنهاء السلطة بشكلها الحالي.. إن لم يكن على يد الفلسطينيين، فمبادرة من الاحتلال الإسرائيلي الذي لن يسمح بإنشاء سلطة مقاومة تحت احتلاله.

    ما يعنينا هو أن نشير هنا إلى أن “أوسلو” ليست مجرد اتفاق ولكنها “منظومة”؛ فإذا ما أردنا التخلي عن “أوسلو”، فيجب أن تَحل “منظومة” جديدة مكان المنظومة القديمة. فاتفاق أوسلو واستحقاقاته قزمت تطلعات الشعب الفلسطيني وآماله، وهمشت دور فلسطينيي الخارج، وقزمت منظمة التحرير وحولتها إلى دائرة من دوائر السلطة، وضخمت سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني.. كما أن اشتراطات أوسلو والسلوك الإسرائيلي تجاه السلطة والأداء البائس لقيادة المنظمة والسلطة.. قد حول هذه السلطة إلى جسم مترهل ينخره الفساد، ويعتمد في نحو 80% من دخله على الدعم الخارجي وعلى عائدات الضرائب التي يجمعها الإسرائيليون.. وارتبط “ثوار الأمس” بمنظومة حياة جديدة وبشبكة مصالح مرتبطة ببقاء السلطة.. كما ربطوا معهم أسباب المعيشة لنحو 175 ألف موظف يُعيلون أكثر من مليون فلسطيني.. وهي منظومة تستوعب معظم كوادر فتح ومن يدور في فلكها.

    وهنا يأتي سؤال “واقعية” المبادرة بالنسبة لحركة فتح، فمن ناحية أولى فإن “براغماتية” فتح لن تجعلها تقفز من سفينة التسوية السلمية، ما لم تجد خيارات “واقعية” أفضل، تجيب على أسئلة انهيار السلطة المحتمل، وفقدان مصادر الدخل لعشرات الآلاف من الكوادر، وسحب الاعتراف الدولي من منظمة التحرير، وعودتها إلى دائرة “الإرهاب” وفق التصنيف الأميركي الغربي، واستياء منظومة “الاعتدال” العربي المتبنية لمسار التسوية وعلى رأسها النظام المصري.. مع عدم وجود آفاق واضحة لخط المقاومة في بيئة عربية ودولية لا مبالية أو مخاصمة أو معادية، وبالتالي فإن فتح ستتعامل مع المبادرة عمليا باعتبارها “مغامرة” غير مضمونة العواقب.

    من ناحية ثانية، فإن فتح نفسها تعاني من حالة من الترهل القيادي والتنظيمي، وحالة من تشابك المصلحة مع السلطة وبناها ومؤسساتها.. بما يجعل القرار الفتحاوي باتجاه إستراتيجية المقاومة المسلحة أمرا مستبعدا لدى القيادة الحالية.. حتى وإن كانت هناك قواعد وكوادر فتحاوية تدفع باتجاه مشروع المقاومة.

    من ناحية ثالثة، فإن السلوك العام لقيادة المنظمة والسلطة وفتح بعد نحو عشر سنوات من الانقسام الفلسطيني لم يتمكن من استيعاب مخرجات فوز حماس في الانتخابات التشريعية.. ولم يستخدم مفاتيح المصالحة التي يملكها (قيادة المنظمة والسلطة والدعوة للإطار القيادي المؤقت) في تفعيل برنامج المصالحة.. بل وقام بتعطيل الانتخابات المحلية.. وهو يقوم بإدارة المصالحة أكثر مما هو منشغل بإنفاذها.

    وبالتالي فإذا كانت المصالحة لم تجد طريقها للتنفيذ بعد أكثر من خمس سنوات على توقيع اتفاقها، بالرغم من أن متطلباتها أقل بكثير من متطلبات مبادرة الجهاد الإسلامي.. فمن باب أولى أن تجد مبادرة الجهاد مصاعب أكبر.

    أما الأصوات الفتحاوية الإيجابية التي أشادت بالمبادرة فهي لا تعكس حقيقة القرار الفتحاوي، ودورها يقتصر على التعبير عن أشخاصها، أو عن امتصاص الضغوط المحتملة والتساؤلات التي أثارتها المبادرة. كما أن محمود عباس لم يكلف نفسه حتى مجرد التعليق على المبادرة طيلة الشهر الماضي بحسب كل متابعاتنا وبحثنا. ولذلك يبقى تصريح أمين سر المجلس الثوري لفتح أمين مقبول بأن المبادرة “مبالغ فيها وغير واقعية” هو التصريح الأقرب لصانع القرار الفتحاوي.

    ***

    من ناحية أخرى، فإن المبادرة دعت في نقطتها الثامنة إلى الاتصال بكل الأطراف العربية والإسلامية لتحمل مسؤولياتها التاريخية، وركزت على دور مصر في إنهاء الحصار.. وهذا بالتأكيد أمر مطلوب، غير أن حقائق الواقع لا تبشر بسلوك عربي إسلامي يرتقي للمستوى المأمول. والنظام المصري الذي يعلم تماما أن قطاع غزة لا يمثل إطلاقا خطرا على أمنه القومي، وأن الخطر الحقيقي على مصر يكمن في المشروع الصهيوني ودولة الاحتلال.. ما زال مُصرا على متابعة الحصار، لأسباب يرى أنها مرتبطة باستقراره كنظام سياسي، سواء بسبب عدائه لتيارات “الإسلام السياسي”، أم بسبب حاجته للدعم الأميركي الغربي والرضا الإسرائيلي لضمان استقراره الداخلي.

    وكنا نتمنى لو أن المبادرة ركزت بشكل أكبر على دور الشعوب العربية والإسلامية كحاضنة أساسية لمشروع المقاومة وكسد أساسي في وجه التطبيع.. في مقابل الأنظمة العربية والإسلامية الفاسدة المستبدة التي لم يعد بالإمكان المراهنة عليها.

    ***

    وأخيرا، فإن مبادرة الجهاد الإسلامي تستحق التقدير، وتستحق أن تأخذ حقها من النقاش والتفاعل البناء، وتستحق أن يتم البحث عن خطوات وإجراءات فعلية، وتوفير الآليات المناسبة لإنزالها على أرض الواقع.

    المصدر: الجزيرة.نت، الدوحة، 3/12/2016

  • مقال: ”لعبة“ المصالحة الفلسطينية … د.محسن صالح

    بقلم: د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات. 

    لست متفائلاً بنجاح المصالحة الفلسطينية بالشكل الذي هي عليه، وإن كنت من أشد الراغبين في تحقيق وحدة وطنية حقيقية؛ وفي جمع طاقات الشعب الفلسطيني ضمن برنامج عمل جاد موجّه ضدّ العدو الصهيوني، ويوقف استنزاف طاقاتهم في نزاعاتهم الداخلية.

    محمود عباس وقيادة حركة فتح يديرون المصالحة ”كلعبة“، تهدف في النهاية إلى تطويع حماس تحت قيادتهم للشعب الفلسطيني، وتحت سقف التزاماتهم السياسية والأمنية وفق اتفاق أوسلو.

    وفكرة ”الإدارة“ وليس ”الحل“ مشابهة إلى حدٍّ كبير لعملية إدارة ”إسرائيل“ للعبة التسوية السلمية مع عباس وفتح، لتطويعهم في النهاية لإرادة الاحتلال وتصوراته للحكم الذاتي الفلسطيني.

    ويبدو ”هجوم المصالحة“ الحمساوي في الآونة الأخيرة ”حباً من طرف واحد“، سيحرج قليلاً قيادة فتح (التي هي قيادة السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية) لكنها ستقوم باستيعابه.

    ثم يتم تحقيق ما يمكن من مكاسب على الأرض بناء عليه، مع إفراغ المصالحة القائمة على الشراكة الوطنية من محتواها؛ ثم إعادة تصعيد الأزمة بحشر حماس في زاوية عدم الاستجابة لمتطلبات جديدة للمصالحة حسبما ترتئيها قيادة فتح.

    والذين هللّوا لنجاح المصالحة هذه المرة… ربما استعجلوا كثيراً، لأن الأمر بدا من ناحية وكأن حماس كانت هي العقبة وأن إجراءاتها ستحل المشكلة، ولأنهم من ناحية ثانية لم يعطوا التقدير الحقيقي لجوهر الخلاف الفلسطيني.

    ***

    يبدو موضوع المصالحة وكأن شخصين اتفقا مضطرين على ركوب سيارة واحدة، واضطر أحدهما للتسليم للآخر بأن يجلس خلف مقود السيارة، غير أن السيارة لم تستطع التحرك لأن كلاً منهما اختار اتجاهاً لمسار السيارة معاكساً لمسار زميله؛ ورأى كل منهما أن الموافقة على تحرك أي منهما بالاتجاه الذي يريده تعني دمار السيارة وضياع الوقت والفرص.

    واختلفا في الدليل ”المانيول“ الذي يمكن الرجوع إليه، كما اختلفا في قوانين السير التي سيلتزمان بها في تحرك السيارة، وتفسير العلامات الإرشادية على الطريق، واختلفا إن كانا سيعبئانها بالبنزين أو بالديزل؛ كما اختلفا في من يمكنه أن يركب معهما.

    وعندما حانت لحظة الركوب، اختلفا على نوع السيارة إن كانت صناعة وطنية أم إقليمية أم أجنبية. كما اختلفا على كيفية تغطية تكاليفها، ومن الجهة التي ”سترعاها“ وستقوم ”بصيانتها“، ومن أين سيحصلون على قطع غيارها!!

    إن أخطر ما في الأمر أن اختلاف الاتجاه يفقد أي شخصين ابتداء مبرر ركوب سيارة واحدة؛ وكذلك فإن اختلاف الاتجاه في المصالحة، يفقد الأساس الذي يمكن أن يقوم عليه مشروع وطني جاد.

    هذا النوع من شراكات ”الضرورة والاضطرار“ يسهل نسفه وإفشاله، في أي فرصة يشعر فيها أي طرف بعدم حاجته للطرف الآخر، أو عندما تحين له الفرصة للاستقواء بقوى خارجية لتركيع وتطويع وتهميش شريكه.

    وهذا النوع من الشراكة يجنح إلى إدارة تقاطعات المصالح، وإلى التعامل التكتيكي مع الأمور البسيطة واليومية، وليس القضايا الجوهرية والكبرى. فإذا كانت ثمة رغبة في إدارة من هذا النوع، فلتتم مصارحة الفلسطينيين والعالم بذلك، حتى نخفض سقف التوقعات، ولنتعامل مع الأمر ”كإدارة أزمة“ وليس ”كإدارة شراكة“.

    ***

    يُبَسِّط عدد من المحللين الخلاف الفلسطيني في كونه ”صراعاً على السلطة“؛ ولكن هذا ليس جوهر المشكلة في الشأن الفلسطيني؛ مع الإقرار بأن الصراع على السلطة هو أحد أوجه المشكلة.

    إذ لو كان الأمر مجرد صراع من هذا النوع لأمكنت تسويته بالتوافق على آليات عادلة وشفافة، وضمانات للأطراف المتصارعة ”المتصالحة“ بأن تأخذ حجمها التشريعي والقيادي التنفيذي، حسبما تمليه القواعد الانتخابية والديمقراطية والشورية… والتداول السلمي للسلطة.

    جوهر المشكلة يكمن في أن أطراف الخلاف الفلسطيني مختلفون في الثوابت وفي المرجعيات (الميثاق الوطني)، وفي البرنامج الوطني، وفي الأولويات، وفي إدارة الأطر الوطنية الكبرى.

    ومما يعقد المشكلةَ التدخلُ الخارجي الإسرائيلي والعربي والإقليمي والدولي، واستقواء بعض أطراف الخلاف بذلك، كما يُعقِّدها عدم وجود الجميع تحت بنية مؤسسية جامعة يحتكمون إليها، وأزمة الثقة الطويلة، والتشتت الجغرافي.

    هناك اختلاف على الثوابت نفسها وأولها تعريف فلسطين نفسها؛ فقيادة فتح تنازلت عن نحو أربعة أخماس فلسطين التاريخية واعترفت بـ”إسرائيل“ وشرعيتها، وبنت برنامجها على أساس حل الدولتين؛ بينما ترفض قيادتا حماس والجهاد التنازل عن أي جزء من فلسطين وترفض الاعتراف بـ”إسرائيل“.

    وبناء على ذلك، دخلت فتح في اتفاقيات أوسلو التي فرضت عليها التزامات حقيقية مرتبطة بالتزام التسوية السلمية، وعدم اللجوء إلى المقاومة المسلحة، ونبذ العنف، وبإدارة حكم ذاتي (السلطة الفلسطينية) تحت هيمنة الاحتلال الإسرائيلي، ومحكوم سياسياً واقتصادياً وأمنياً بالشروط الإسرائيلية الأميركية الغربية.

    فقد أملت حركة فتح من ذلك تحويل هذا الحكم الذاتي إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة في بضع سنين، لكنها تجد نفسها بعد 24 عاماً تدير سلطة تخدم أغراض الاحتلال أكثر مما تخدم تطلعات الشعب الفلسطيني.

    وفي الوقت نفسه، فإن قيادة فتح وأنصارها أعادوا إدارة حياتهم ”النضالية“ ضمن سقف السلطة في رام الله، وتكونت طوال سنوات شبكة من المصالح وطريقة حياة اجتماعية اقتصادية تحت هذا السقف.

    أما حماس ومعها باقي الفصائل العشر فقد رفضت اتفاقات أوسلو واستحقاقاتها، وتابعت المقاومة المسلحة؛ وعندما اضطرت للتعامل أو التعايش مع السلطة الفلسطينية حاولت السعي ”لتثويرها“ أو تطوير دورها في خدمة الشعب الفلسطيني دون دفع استحقاقات أوسلو.

    وهو ما يرفضه الإسرائيليون والأميركان وحلفاؤهم… الذين يضعون الالتزام بشروط الرباعية الدولية الأربعة (وعلى رأسها الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، ووقف المقاومة، والموافقة على ما وافقت عليه منظمة التحرير بشأن مسار التسوية السلمية).

    وهو ما يضع حماس أمام طريق مغلق في قيادة السلطة أو في شراكة حقيقية فاعلة متوافقة مع برنامجها المقاوم، حيث ستُتخذ إجراءات الحصار والإسقاط والإفشال ضدها.

    وهو ما يعني أن برنامج المصالحة أو الشراكة الذي سينزل على الأرض يجب أن يتضمن قبولاً -ولو ضمنياً- من حماس بأن الأمور المرتبطة بالقيادة والعمل التنفيذي والأجهزة الأمنية والعلاقات السياسية، هي أمور من تخصص فتح أو مَن يَقبل بما قبلت به فتح. أي أن المطلوب في النهاية أن تبقى حماس على الهامش مهما كان حجمها وشعبيتها، إذا أرادت لمسار المصالحة الحالي أن يسير.

    إن إدارة حماس لملف المقاومة ومتابعته سيعني بالنسبة لفتح خرقاً لالتزاماتها كقيادة للسلطة، وستَعدُّ المقاومة معوقاً لمسارها السياسي الوطني في الوصول إلى اتفاقيات تؤدي إلى تطبيق حل الدولتين، وبالتالي ستسعى إلى تفكيك المقاومة وضربها تحت ستار ”سلطة واحدة… قرار واحد… أمن واحد“؛ فالسلطة في جوهرها هي عملية احتكار للقوة.

    أما استمرار فتح في مسار التسوية السلمية فسيعني بالنسبة لحماس استمراراً في ”المسيرة العبثية“ لاتفاق أوسلو، وتضييعاً للحقوق والثوابت الفلسطينية، وتمكيناً للاحتلال من فلسطين؛ وبالتالي فإن حماس لن تتخلى عن مقاومتها وسلاحها.

    وعلى ذلك، لن يطول الوقت الذي ستسعى فيه فتح -بعد استلام إدارة قطاع غزة- إلى محاولة السيطرة على الجوانب الأمنية والعسكرية وتفكيك العمل المقاوم؛ كما لن يطول الوقت الذي ستسعى فيه حماس لتوسيع وتقوية وتنشيط العمل المقاوم في الضفة الغربية، وهو ما سيؤدي -إن عاجلاً أو آجلاً- إلى مواجهات وأزمات تقود إلى إفشال المصالحة.

    ***

    منذ نحو خمسين عاماً (صيف 1968) وحركة فتح تحتكر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وسلوك قيادتها على الأرض لا يقدم نموذجاً مشجعاً لديمقراطية شفافة أو شراكة أكفاء.

    وعندما وقعت قيادة فتح اتفاق أوسلو لم تعبأ بالمعارضة الفلسطينية الشعبية والفصائلية الواسعة لها (الفصائل العشر)، وقامت باحتكار قيادة السلطة الفلسطينية وإدارتها التنفيذية وأجهزتها الأمنية منذ إنشائها. وعندما فازت حماس في انتخابات 2006 لجأت قيادة فتح إلى نزع صلاحيات أساسية من المجلس التشريعي ومن الحكومة، فضلاً عن تعطيل وإفشال حكومة حماس.

    ومنذ حصول الانقسام وسيطرة فتح على الضفة وسيطرة حماس على القطاع سنة 2007؛ وقيادة فتح تعطي الشرعية لرئاسة السلطة وللحكومة التي يشكلها رئيس السلطة. أما المجلس التشريعي الذي يعطي الشرعية للحكومة ويحاسبها ويسقطها، فإنها تمنع انعقاده منذ عشر سنين.

    وذلك لمعرفتها مسبقاً أيّ حكومة ستأخذ الشرعية وأي حكومة ستسقط، وأي حكومة سيُقرر أنها حكومة ”انقلاب أسود“، وأي أجهزة أمنية سيحاسب ويضبط معاييرها ومسارها، وأي مدراء ومسؤولين وموظفين سيضع معايير تعيينهم أو إنهاء خدماتهم. وبالطبع فإن قيادة فتح تستفيد من بيئة عربية ودولية داعمة لها، بسبب التزامها بأوسلو واستحقاقاته.

    بالنسبة لقيادة فتح وللدول العربية والأجنبية الممسكة بالملف الفلسطيني، فإن فوز حماس في الانتخابات القادمة لا يعني سوى إعادة إنتاج للأزمة من جديد بالحصار والإفشال والتعطيل.

    وبالتالي فمن المرجح ألا تُجرى انتخابات لا تضمن فتح الفوزَ فيها، بعد أن تعلمت الدرس من الانتخابات السابقة؛ لأن المطلوب من الانتخابات هو نزع شرعية التمثيل الشعبي من حماس وخط المقاومة، وليس ”إعادة إنتاج الأزمة“ مرة أخرى. وهذه هي خلفية تأجيل الانتخابات البلدية السنة الماضية.

    وحكومة عباس/ رامي حمد الله تريد تسلُّم قطاع غزة بصلاحيات كاملة، وهو ما وافقت عليه حماس مؤخراً؛ ولكن حكومة عباس لم تقدم شيئاً في إطار الشراكة الحقيقية. والعقلية نفسها تحكم إدارة منظمة التحرير، وعلى حماس ألا تتوقع شراكة حقيقية فيها حتى لو فازت في الانتخابات القادمة.

    لقد تعاملت قيادة فتح ببرودة مع تنازلات حماس في قطاع غزة، وهي ترى أن هذه التنازلات إنما جاءت بسبب نجاح إجراءاتها (هي وحلفائها) في خنق قطاع غزة ووضعه في حالة انهيار اقتصادي، وبعد أن تستقر لها الأمور وتشعر بأنها في وضع أقوى ستقوم لاحقاً بالسعي للسيطرة على الأجهزة الأمنية وتفكيك العمل المقاوم.

    ***

    لن تكون هناك مصالحة حقيقية ما دامت عقليات كهذه تدير القيادة الفلسطينية، وما دامت تستفيد من بيئة عربية ودولية وإسرائيلية تتوافق أو تتقاطع معها في التعامل مع حماس وقوى المقاومة.

    وبالتالي، لن تكون هناك مصالحة حقيقية إذا لم يحدث تقدُّم حقيقي في الاتفاق على:

    – مرجعية ومبادئ وأسس تحكم الأطراف (ميثاق وطني مثلاً).

    – برنامج سياسي تُبنى عليه أولويات المرحلة، ويتم التعامل فيه بمعايير واضحة تجاه مسار التسوية ومسار المقاومة.

    – آلية حقيقية لاستيعاب جاد لكافة القوى الفلسطينية بالداخل والخارج في منظمة التحرير الفلسطينية ومشاركتهم في تفعيلها وإعادة بنائها، وعلى أسس تعكس أوزان القوى الحقيقية، وتستفيد من الطاقات الهائلة للشعب الفلسطيني.

    – استعداد جاد من كافة الأطراف لإدارة الاختلاف بشكل حضاري تحت سقف واحد، وبما يحفظ المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ويمنع التدخل الخارجي وخصوصاً الإسرائيلي الغربي في الشأن الداخلي الفلسطيني.

    وهذا من الناحية العملية يستحيل أن يكون تحت سقف اتفاق أوسلو واستحقاقاته، ودون مراجعة تجربة السلطة الفلسطينية وإعادة توجيهها وتوظيفها بشكل يخدم إرادة الشعب الفلسطيني، وليس إرادة الاحتلال الإسرائيلي.

    ***

    في مقابلة قائد حماس في غزة مع شباب القطاع؛ قال -حسبما نقلته وكالة ”سما“- إنه سيقدم تنازلات كبيرة جداً من أجل المصالحة، وكل تنازل سيكون ”صاعقاً ومفاجئاً أكبر من الذي قبله“؛ وقال إنه ”سيكسر عنق كل من لا يريد المصالحة سواء كان من حماس أو غيرها“.

    لست أدري إن كانت التعبيرات المستخدمة تعبّر بدقة عن قرار حماس المؤسسي، إلاّ أنها تصريحات تبرز مدى جدية حماس في تحقيق المصالحة. غير أن ما نخشاه وما نرجو ألا يحدث هو أن يجد السنوار -في نهاية المطاف- أن الطرف الذي يحتاج إلى كسر عنقه (لأنه يعوق المصالحة كما يفهمها) هو الطرف نفسه الذي سيقدم له تنازلات كبيرة جداً!! وأننا قد نعود إلى المربع الأول من جديد.

    المصدر: الجزيرة نت، الدوحة، 2/10/2017