• التقدير الاستراتيجي (102): القمة الإفريقية-الإسرائيلية ومستقبل العلاقات المتبادلة

    تقدير استراتيجي (102) – آب/ أغسطس 2017.

    ملخص:

    على الرغم من أن الكيان الإسرائيلي منذ تأسيسه كان مدركاً لأهمية القارة الإفريقية، سياسياً واقتصادياً وأمنياً واستراتيجياً، إلا أن الظروف السياسية آنذاك لم تسمح له بتحقيق اختراق واسع في العلاقات مع دول القارة، باستثناء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وعلى ما يبدو بأن الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها المنطقة العربية وما تعانيه من ضعف وتفكك، وما تتعرض له القضية الفلسطينية من تهميش، جعلت الساحة الإفريقية ملائمة لتفعيل الديبلوماسية الإسرائيلية في إفريقية، لذا أتت التحركات الإسرائيلية خلال سنة 2016 في الشرق الإفريقي، والمؤتمر المنوي عقده خلال الفترة 23-27 /2017/10 في توجو، التي تقع غرب القارة، لتتويج الاختراق الصهيوني للقارة الإفريقية.

    هناك العديد من العوامل المتداخلة التي قد تسهم في تحقيق السيناريوهات المحتملة لهذه القمة والتي هي: نجاح كامل للقمة وتكريس الاختراق الإسرائيلي، أو فشل القمة وعدم عقدها بتاتاً، أو تحقيق نجاح جزئي للقمة وهو السيناريو المرجح.

    مقدمة:

    تعمل دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل حثيث لإنجاح مشاركتها في مؤتمر ”قمة إفريقيا – إسرائيل“ الذي دعت إليها جمهورية توجو، والمنوي عقده خلال الفترة 23–27 تشرين الأول/ أكتوبر من هذه السنة. وبالرغم من الأصوات المعارضة من القارة الإفريقية لمشاركة ”إسرائيل“ في المؤتمر، وخصوصاً الدول العربية والإسلامية منها، إلا أن شعوراً بالارتياح النسبي لدى ”إسرائيل“ يدفعها بالسير قدماً نحو المشاركة. ولعل الترحاب الذي شهده نتنياهو من بعض قيادات القارة في أثناء جولته في سنة 2016، هو ما يعطي هذا الشعور بالارتياح ولو نسبياً.

    وفي المقابل فإن الأطراف المعارضة لمشاركة ”إسرائيل“ لم ترفع رايات الاستسلام، بل ما زالت تسعى بقوة نحو إفشال المؤتمر أو على الأقل إضعاف مستوى نجاحه.

    أولاً: القمة الإفريقية الإسرائيلية وتناقضات الموقف حولها:

    تعدّ دولة توجو من أكثر الدولة في القارة الإفريقية قرباً من دولة الاحتلال الإسرائيلي. وعلى ما يبدو فإن الرئيس التوجولي فور غناسينغي لم يَحِد عن الخط الذي سار عليه والده سابقاً؛ حيث استقبل الرئيس السابق لجمهورية توجو غناسينغي إياديما رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير سنة 1987، ومن الملفت للنظر بأن هذه الزيارة سبقها زيارة سرية قام بها بناد أفيتال مدير شعبة إفريقيا بوزارة الخارجية الإسرائيلية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضدّ إياديما في كانون الأول/ ديسمبر 1986، وهو ما يوحي بدور أمني لـ ”إسرائيل“ في توجو .

    وفي السياق نفسه قام الرئيس فور غناسينغي خلال الشهر الحالي (آب/ أغسطس 2017) بزيارة إلى تل أبيب هي الرابعة له، حيث استُقِبل من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي ردّ للرئيس فور في أثناء زيارة سابقة له إلى ”إسرائيل“ حول ما إذا كانت توجو تخشى الانتقام من دول شمال إفريقيا أو الدول العربية، قال إن توجو بلد صغير ولا تحصل على مليارات الدولارات من السعودية وقطر، وإن السكان المسلمين في البلاد صغيرون وغير نشطين، وبالتالي فإن الخطر السياسي منخفض.

    ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر حسب التقديرات الإسرائيلية والدولة المضيفة للقمة ما بين 20–30 دولة إفريقية، ومنها كينيا، وتنزانيا، ورواندا، وأوغندا، وساحل العاج، وغينيا الاستوائية، وغانا، وزامبيا، وهي دول تسعى ديبلوماسياً إلى نجاح المؤتمر بين ”إسرائيل“ والقارة الإفريقية.

    في المقابل، فقد أبدت المغرب معارضتها إلى جانب السودان وجنوب إفريقيا لعقد هذه القمة، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي توحي بأن ”إسرائيل“ تسعى إلى تخطي هذه العراقيل، وذلك من خلال خطوات قامت بها ”إسرائيل“ وأخرى ما تزال تقوم بها ومنها: مشاركة نتنياهو في القمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إيكواس في حزيران/ يونيو 2017، وقد ألقى فيها خطاباً والتقى بعدد من القادة الأفارقة. مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هناك بعض الدول التي ما يزال قرارها متأرجحاً، وأخرى قد تخضع لبعض الضغوط أو تجري تفاهمات مع جهات معارضة للقمة.

    ثانياً: الخلفية التاريخية للعلاقات الإسرائيلية الإفريقية:

    نشطت الديبلوماسية الإسرائيلية منذ نشأتها في استخدام نظرية شدّ الأطراف؛ والتي عمدت إلى إقامة علاقات بالدول المحيطة بالعالم العربي، ومن بينها الدول الإفريقية، وهو ما حاولت ”إسرائيل“ القيام به في خمسينيات القرن الماضي، حيث عاشت هذه العلاقة منذ قيام دولة الاحتلال سنة 1948 فترة مزدهرة وصولاً إلى حرب الخامس من حزيران/ يونيو 1967، وفي هذه المرحلة بدأت العلاقات الإسرائيلية تتضعضع مع العديد من الدول الإفريقية، ومنها أوغندا، وغينيا، والكونغو، وتشاد.

    أتت الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1973 لتشكل نقطة تحول جديدة في العلاقات الإفريقية الإسرائيلية، حيث استخدمت الديبلوماسية العربية نفوذها في الحدّ من الطموح الإسرائيلي في القارة الإفريقية، فقطعت معظم الدول الإفريقية علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي باستثناء جنوب إفريقيا، التي كانت ما تزال تحت حكم نظام الفصل العنصري.

    ومن جهة أخرى لم تيأس ”إسرائيل“ من محاولات إعادة ترميم علاقاتها بالدول الإفريقية، ولعل من أبرز ما نجحت فيه هو استثمارها لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع مصر، مما فتح لها العديد من الأبواب الموصدة أمامها في القارة الإفريقية، التي لطالما انحازت للعالم العربي في صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي، فوقّعت اتفاقية تعاون عسكري مع زائير (الكونغو الديمقراطية حالياً) سنة 1981، والتي مهّد لاستئناف العلاقات الديبلوماسية وتطوير تعاونهما عسكرياً وأمنياً. وبعد ذلك توالت الدول التي أعادت علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي ففي ثمانينيات القرن العشرين، استُؤنفت العلاقات الديبلوماسية بين ”إسرائيل“ وزائير في أيار/ مايو 1982، وليبيريا في آب/ أغسطس 1983، وساحل العاج في شباط/ فبراير 1980، والكاميرون في آب/ أغسطس 1980، وتوجو في حزيران/ يونيو 1987، قبل أن تستعيد العلاقات الرسمية، في تسعينيات القرن العشرين، مع نحو أربعين بلداً من إفريقيا.

    ومن الجدير بالذكر، فإن الكيان الإسرائيلي استخدم خلال حقبة الثمانينيات أراضي السودان في زمن الرئيس جعفر النميري لنقل الآلاف من يهود الفلاشا، وذلك بمساعدة وضغط أمريكي. أما منطقة البحيرات العظمى فقد لعبت ”إسرائيل“ دوراً بارزاً في الحرب الأهلية بين قبيلتي التوتسي والهوتو، فزودت الجيش البورندي والرواندي بالسلاح. وفي السياق نفسه، دعمت ”إسرائيل“ الحركة الانفصالية في جنوب السودان الذي انفصل لاحقاً عن السودان. كذلك ساندت ”إسرائيل“ أثيوبيا في صراعها مع الصومال. وقبيل إعلان استقلال أريتريا سنة 1993، قامت ”إسرائيل“ بافتتاح سفارة لها في العاصمة أسمرا. ولحقتها بعد ذلك أوغندا التي استأنفت علاقتها سنة 1994، وتنزانيا سنة 1995، بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عاماً.

    ثالثاً: البعد السياسي والديبلوماسي في العلاقة الإسرائيلية الإفريقية:

    تسعى الديبلوماسية الإسرائيلية خلال السنوات القليلة القادمة إلى العودة إلى القارة الإفريقية، وتحقيق أعلى درجات النفوذ، حيث قام رئيس الوزراء الإسرائيلي في تموز/ يوليو 2016 بجولة التقى خلالها برؤساء كل من أوغندا، وكينيا، وجنوب السودان، وزامبيا، ورواندا، ورئيس الوزراء الإثيوبي، ووزير الخارجية التانزاني، وهي كلها باستثناء زامبيا تقع على حوض النيل، الذي يُعدّ شريان الحياة لمصر، وهو ما يعدّ أحد المؤشرات لما تسعى إليه ”إسرائيل“ من محاصرة لمصر.

    حددت الديبلوماسية الإسرائيلية على لسان نتنياهو غاياتها السياسية، إذ صرح بأنه يسعى من خلال تطوير علاقاتها مع دول القارة إلى حشد التأييد الديبلوماسي الإفريقي في المحافل والمؤسسات الدولية، وقد لمست ”إسرائيل“ بعض النجاحات في هذا الصدد، حيث صوتت نيجيريا وبعض الدول الإفريقية الأخرى لصالح المرشح الإسرائيلي لرئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة خلال شهر حزيران/ يونيو 2016، كما امتنعت نيجيريا خلال سنة 2014 عن التصويت على مشروع القرار العربي بمجلس الأمن، الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وهو ما أسهم في إفشال تبني الأمم المتحدة لهذا القرار.

    وفي هذا السياق، ومما يدلّ على أن الاعتبارات الديبلوماسية تقع على رأس أولويات نتنياهو، فقد نقل أنه طالب السفراء الأفارقة في تل أبيب صراحة بالتصويت بشكل جماعي لصالح ”إسرائيل“ في المحافل الدولية. وكان ذلك في أثناء مشاركتهم في حفل نُظّم، خلال سنة 2016، في الكنيست بمناسبة تدشين ”لوبي إفريقيا“ في البرلمان حيث قال ”أعي أنّ ممثلي دولكم سيصوّتون في المحافل الدولية بما يتماشى مع مصالح إفريقيا، وأنا أرى أن مصالح إسرائيل ومصالح إفريقيا تقريباً متطابقة، ما يعني أن التصويت لصالح إسرائيل هو بالضرورة تصويت لصالح إفريقيا“ .

    رابعاً: البعد الأمني والعسكري في العلاقة الإسرائيلية الإفريقية:

    سعت ”إسرائيل“ إلى مدّ نفوذها الأمني في القارة الإفريقية بما يتوافق مع استراتيجيتها في توسعة دائرة الحماية إلى خارج حدود دائرة صراعها الجغرافية، حيث قامت ”إسرائيل“ بتأسيس قواعد عسكرية بحرية، ومراكز للمراقبة في أريتريا وأبرزها في أرخبيل دهلك. وحسب تقرير لوكالة الاستخبارات المدنية الأمريكية (ستراتفور) فإن ”الوحدات البحرية الإسرائيلية تتمركز في جزيرة دهلك وميناء مصوع في البحر الأحمر، وهي مواقع تتسم بقدرة استراتيجية متميزة على رصد التحركات البحرية في مدخل البحر الأحمر“، مضيفة أن لـ”إسرائيل” أيضاً قاعدة تنصّت على قمة أعلى جبل في أريتريا ”أمبا سواره“، الذي يرتفع عن سطح البحر نحو ثلاثة آلاف متر، وقد وصل عدد القواعد العسكرية الإسرائيلية في أريتريا إلى ستة قواعد. وتأتي أهمية التواجد الإسرائيلي في هذه المناطق من القارة الإفريقية لما يحققه من قدرات لمنع وصول السلاح إلى حركات المقاومة الفلسطينية، وكذلك لمراقبة الدول المعادية لها بما فيها إيران .

    وعلى المستوى العسكري، سجلت السنوات الطويلة من العلاقات الظاهرة والخفية بين ”إسرائيل“ والعديد من الدول الإفريقية تعاوناً عسكرياً متصاعداً، يتلمس المراقب لهذا التعاون دور ”إسرائيل“ في تثبيت بعض الأنظمة القمعية في القارة، ولو على حساب حياة المدنيين، وفي إشارة إلى أسباب إطالة أمد الحرب الأهلية في جنوب السودان، فقد ذكر تقرير بعثة مجلس الأمن الدولي إلى جنوب السودان في آب/ أغسطس 2015، بأن البعثة قد وجدت أسلحة إسرائيلية الصنع . أضف إلى ذلك السنوات الطويلة من التعاون بين الدولة ذات الصراعات الداخلية والخارجية و”إسرائيل“، حيث تمكنت شركة يافنيه الإسرائيلية —المتخصصة في صناعة الطائرات دون طيار— في سنة 2006 من إبرام صفقة مع نيجيريا، وقد تضمنت الصفقة تزويد نيجيريا بـ 15 طائرة حربية، وتدريب طيارين نيجيريين، وقد ألمح البعض بأن هذه الصفقة هدفت إلى حماية منطقة غرب إفريقيا حيث تتوسع فيها أنشطة الشركات النفطية الأجنبية .

    خامساً: القوى الفاعلة في إفريقيا:

    استُخدِمت القارة الإفريقية خلال سنوات الحرب الباردة كمنطقة تنافس أمريكي روسي، إذ سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاصرة الشيوعية من خلال تعزيز تواجدها في إفريقيا. وما زال النفوذ الأمريكي في القارة متصاعداً إلى جانب النفوذ الفرنسي الذي كان متواجداً كقوة استعمارية في القارة. ويتمثل هذا النفوذ بوجود عسكري في المناطق الإفريقية التي تعدّ دول مصدرة لما يسمى بالإرهاب كمالي التي تنشط فيها فرنسا، هذا بالإضافة إلى المصالح الغربية المشتركة كحماية مصادر الطاقة في القارة.

    من جهة أخرى تسعى دول أخرى إلى مدّ نفوذها إلى القارة الإفريقية منها المنافس الصيني، إذ تعمل على إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي، التي تعدّ مركزاً للقوات العسكرية الأجنبية. بالإضافة إلى نشاطها الاقتصادي المتنامي في القارة الإفريقية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية المتعاونة مع الاحتلال استخباراتياً وخصوصاً أمريكا وفرنسا قد لا تمانعان من الدفع في تجاه إنجاح القمة الإفريقية، وهو ما قد يتعارض مع المنافس التقليدي للغرب أي الصين.

    من جهة أخرى، نرى بأن النفوذ المغربي خلال السنوات القليلة الماضية بدأ يستعيد حضوره في القارة، وقد وقفت المغرب أمام التمدد الإسرائيلي، إذ رفضت في القمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) المشاركة بسبب حضور نتنياهو. وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تعمل بشكل ناعم لإثبات حضورها في القارة اقتصادياً وأمنياً، فقد بلغ عدد السفارات التركية في إفريقيا أربعين سفارة، إضافة إلى أربع قنصليات عامّة، ولم يكن لتركيا حتى سنة 2002 إلا سبع سفارات فقط في كلّ إفريقيا، بالإضافة إلى الوجود الديبلوماسي فقد دشنت تركيا سنة 2016 قاعدة عسكرية في الصومال على خليج عدن الاستراتيجيّ (مدخل باب المندب والبحر الأحمر)؛ لتكون أول قاعدة عسكرية تركية في القارة السمراء.

    ومن الجدير بالذكر بأن مصر لعبت دوراً مهماً في منع تغلغل النفوذ الإسرائيلي إلى القارة على مدى سنوات طويلة بالإضافة إلى دور دول المغرب العربي، كما عملت ليبيا دوراً مهماً في ذلك، إلا أن الواقع الحالي في ظلّ غياب الراعي العربي والإسلامي لدول القارة الإفريقية، التي تنتظر مزيداً من الدعم في سبيل إخراجها من حالة الفقر وانعدام الأمن، قد تجد في ”إسرائيل“ ضالتها طالما لم تجد ذلك عند الدول العربية والإسلامية.

    سادساً: العوامل الدافعة في تحقيق التقارب الأفريقي الإسرائيلي:

    يوجد في المنطقة العربية والساحة الدولية مجموعة من العوامل التي قد تشكل قوة دافعة لتحقيق التقارب الإفريقي الإسرائيلي ومنها:

    • استمرار حالة السيولة في المنطقة وحالة الاحتراب بين ثورات الشعوب العربية والثورات المضادة، في اليمن وليبيا وسورية.

    • الأزمة الخليجية، وما تلقيه من عبء واصطفاف في الساحة العربية، وغياب وحدة الموقف حول العديد من القضايا العربية.

    • غياب الدول العربية عن قضايا القارة الإفريقية، وخصوصاً مصر وما لها من وزن كدولة إفريقية لطالما كانت قادرة على توجيه دفة القرار الإفريقي في كثير من القضايا.

    • غياب الاستراتيجية العربية الموحدة تجاه القارة الإفريقية.

    • غياب الإطار الفلسطيني المرجعي الجامع، والذي تمثل سابقاً بمنظمة التحرير الفلسطينية.

    • التقارب العربي الإسرائيلي، سواء من خلال اتفاقيات التسوية السلمية الموقعة أم من خلال التفاهمات غير المعلنة، والتي تستغلها ”إسرائيل“ في تطوير علاقاتها مع الدول المساندة للقضية الفلسطينية.

    • تقارب المصالح الإفريقية الإسرائيلية في العديد من القضايا، وخصوصاً الأمنية منها والعسكرية، وحتى التنموية التي تستطيع ”إسرائيل“ الإسهام فيها بشكل أو بآخر.

    • النفوذ الغربي، وخصوصاً الأمريكي في القارة الأفريقية، التي تدفع أحياناً باستخدام طرف ثالث هو ”إسرائيل“ في تثبيت أو إزاحة بعض الأنظمة بشكل غير مباشر.

    • اللوبي اليهودي الصهيوني النشط، والمكون من رجال الأعمال الإسرائيليين، ومن أبناء البلدان الإفريقية من اليهود.

    سابعاً: العوامل المانعة من تحقيق التقارب الإفريقي الإسرائيلي:

    في المقابل، هناك الكثير من العوامل التي قد تتشكل كقوة مانعة من حدوث هذا التقارب بين الدول الإفريقية و”إسرائيل“ ومنها:

    • الإرث النضالي التاريخي لدول وشعوب القارة الإفريقية في وجه الاستعمار الغربي.

    • صورة الكيان الإسرائيلي، الذي لطالما ساند وتعاون مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

    • الممارسات الإسرائيلية كدول فصل عنصري واضطهاد للآخرين، بما في ذلك العنصرية تجاه اليهود من أصول إفريقية، وتجاه اللاجئين الأفارقة.

    • التواجد التركي والإيراني النشط في السنوات الأخيرة في القارة الإفريقية.

    • رغبة وتحرك بعض الدول العربية خلال السنوات السابقة نحو تطوير العلاقة مع القارة، ومنها قطر والمغرب، هذا بالإضافة إلى تواجد الجزائر وما لها من وزن في القارة الإفريقية.

    • وجود العديد من الدول الإفريقية سواء العربية أم غير العربية، التي ما تزال تساند القضية الفلسطينية والتوجهات العربية ولها وزنها في القارة، مثل جنوب إفريقيا وغيرها.

    • تقاطع مصالح عدد من الدول الإفريقية مع دول عربية.

    • التواجد الإسلامي في القارة الإفريقية، وما يمكن أن يلعبه من دور في تحقيق المساندة للقضايا العربية في القارة الإفريقية.

    ثامناً: السيناريوهات المستقبلية المحتملة:

    ظهر خلال الأسابيع القليلة الماضية حراك فلسطيني وعربي وإسلامي للدفع نحو إفشال عقد المؤتمر الإفريقي الإسرائيلي في توجو خلال الفترة 23–27 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، في المقابل ما تزال الجهود الإسرائيلية من جهة وجمهورية توجو من جهة أخرى تعمل على الحشد لإنجاح هذه القمة. أمام هذه التحركات سنحاول أن نرسم السيناريوهات المحتملة لهذه القمة والتي هي:

    السيناريو الأول: فشل المؤتمر بشكل كامل:
    أي بمعنى آخر تفشل توجو و”إسرائيل“ في الحشد الإفريقي للمشاركة في المؤتمر، وبالتالي لا يتم عقده بتاتاً، إلا أن بعض المؤشرات والتحركات التي قامت بها ”إسرائيل“ ومنها: الزيارات التي قام بها أفيجدور ليبرمان سنة 2009 وسنة 2014، بصفته وزيراً للخارجية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الجولة التي قام بها نتنياهو خلال سنة 2016 في شرق إفريقيا، ومشاركته في القمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ومشاركة دول من غرب إفريقيا في مؤتمر زراعي عُقِد في ”إسرائيل“ في كانون الأول/ ديسمبر 2016. كل ذلك يجعل من سيناريو الفشل الكامل أمراً مستبعداً في الوقت الراهن، ما لم يقع تغيُّر استراتيجي غير متوقع يغير في مسارات الأحداث.

    السيناريو الثاني: نجاح كامل للمؤتمر:
    وبالتالي تكريس الاختراق الإسرائيلي للقارة الإفريقية، بمعنى حضور واسع للدول الإفريقية، وتوسيع دائرة اللقاءات بين القيادات الإسرائيلية والإفريقية على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والشبابية. إلا أن ذلك يتعارض مع مواقف دول فاعلة في القارة من بينها جنوب إفريقيا، والمغرب والجزائر، كما أن دولاً من خارج القارة مثل تركيا وإيران قد تتعاونان في سبيل الوقوف أمام المد الإسرائيلي في القارة الإفريقية. وقد كان لبعض هذه الدول وغيرها من الدول العربية دوراً في الوقوف أمام رغبة ”إسرائيل“ بالدخول كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي ونجحت في عدم تحقيق هذه الرغبة حتى الآن.

    السيناريو الثالث: نجاح جزئي للمؤتمر:
    وهو السيناريو المرجح وفق المؤشرات المتوفرة في الوقت الحاضر، ما يعني انعقاد المؤتمر بمشاركة معقولة من الدول التي باتت مرتبطة عملياً بعلاقات مباشرة مع ”إسرائيل“، مع عجز الكيان الإسرائيلي من تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤتمر، والتي منها حشد الأصوات الإفريقية لصالحه في المحافل الدولية، أو الدفع نحو تواجد دائم في المنظومة الإفريقية (عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي). إذ ما تزال القوى الفاعلة في القارة قادرة على التعطيل في هذا الاتجاه. وقد كانت الخطوة التي قامت بها السنغال في مجلس الأمن أواخر السنة الماضية، وقيامها بإعادة تقديم مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي بعد أن كانت مصر قد سحبته، مثالاً على قدرة العمل الديبلوماسي سواء من دول عربية أم إسلامية، وبالفعل فقد أقر القرار الذي حصل على 14 من أصل 15 صوتاً بعد امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.

    تاسعاً: التوصيات:

    • تشكيل إطار برلماني عربي إسلامي يعمل على الحشد الديبلوماسي ضمن الأطر الرسمية العربية والإسلامية والدفع نحو اتخاذ إجراءات مباشرة.

    • مطالبة مصر بلعب دورها الإقليمي في القارة الإفريقية، والدفع نحو منع عقد المؤتمر لما فيه من خطر على مستقبل مصر بعد تعاظم نفوذ ”إسرائيل“ في دول حوض النيل.

    • الترتيب لمؤتمر فلسطيني إفريقي يحشد الدول الإفريقية لصالح القضية الفلسطينية ويكشف المطامع الإسرائيلية في القارة.

    • التوجه نحو الدول القادرة على إفشال المؤتمر، مثل جنوب إفريقيا، ومصر، وتركيا، وقطر، والسعودية، والمغرب، والجزائر، وغيرها من الدول للتواصل مع الدول التي من المحتمل أن تشارك لثنيها عن ذلك.

    • دعم تحركات المؤسسات المناهضة للعنصرية في الدول الإفريقية للكشف عن حقيقة وطبيعة الاحتلال من خلال برامج توعوية للنخب الإفريقية وللشعب.

    • ترتيب حملة إعلامية في إفريقية مناهضة للمؤتمر.

    • وفي حال عقد المؤتمر، يتم الدفع باتجاه قيام مظاهرات مباشرة أمام مكان انعقاد المؤتمر.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ وائل سعد بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.


     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (102): القمة الإفريقية – الإسرائيلية ومستقبل العلاقات المتبادلة Word (12 صفحة، 99 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (102): القمة الإفريقية – الإسرائيلية ومستقبل العلاقات المتبادلة  (12 صفحة، 579 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 31/8/2017

  • التقدير الاستراتيجي (91): حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات: الإنجازات والسيناريوهات المحتملة

    تقدير استراتيجي (91) – آب/ أغسطس 2016.English_Version

    ملخص:

    استطاعت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس) التي انطلقت منتصف سنة 2005، أن تحقق جملة من الإنجازات خلال سنوات عملها المحدودة نسبياً، ليس أقلها المقاطعة الأكاديمية في العديد من الجامعات والمؤسسات في أوروبا وإفريقيا والأمريكيتين، والتي أزعجت الكيان الإسرائيلي لما تركته من آثار على صورتها أمام النخب المثقفة في العالم. بالإضافة إلى ما حققته في مجالات سحب الاستثمارات ومقاطعة الشركات التي تعمل في مستعمرات الضفة الغربية، وهو ما دفع بـ”إسرائيل” إلى مواجهة هذه الحملة بمحاولة تجريمها، معتمدة في ذلك على حلفائها في بعض الحكومات الغربية مثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا، فيما لم تجد أذناً صاغية في دول مثل السويد وهولندا وأيرلندا.

    وعلى ما يبدو فإن الكيان الإسرائيلي سيتابع حملة تشويه وتجريم حركة المقاطعة واتهامها بـ”اللاسامية”، وسيلجأ إلى استخدام قوته الناعمة في الدول التي لطالما كانت مؤيدة للقضية الفلسطينية كإفريقيا، كما سيحاول استثمار حصوله على رئاسة اللجنة القانونية للأمم المتحدة لتقوية وضعه القانوني في وجه حملة المقاطعة.

    أولاً: حركة المقاطعة:

    تمّ إطلاق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي أس) Boycott, Divestment and Sanctions (BDS) campaign الحديثة في 9/7/2005، بعد عام من قضاء محكمة العدل الدولية بعدم شرعية “الجدار الفاصل” الذي كانت “إسرائيل” تبنيه في الضفة الغربية. في ذلك الوقت، أصدرت أكثر من مئة من نقابات العمال الفلسطينية، والجماعات السياسية، والمنظمات غير الحكومية في فلسطين والشتات دعوة للشركاء الدوليين لاعتماد استراتيجية المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، كجزء من النضال ضدّ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. أما اليوم، فقد تطورت الحركة لتصبح قوة عالمية تشابه إلى حدّ كبير تلك التي أسقطت نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

    تاريخياً، يمكن النظر إلى حركة المقاطعة (بي دي أس) الحالية على أنها امتداد لحملات مقاطعة سابقة تعود إلى ثمانينيات القرن الـ 19 وثلاثينيات الـ  20. فخلال أواخر القرن الـ 19، رفض الفلسطينيون التعاون مع المستعمرات الناشئة للمستوطنين اليهود، والتي كانت تمضي قدماً في اغتصاب أراضيهم حتى في ذلك الوقت. أما بحلول ثلاثينيات القرن الماضي، فقد اشتدت المعارضة المناهضة للمشروع الاستعماري الصهيوني، وكانت غالباً ما تتجلى في الإضرابات والمقاطعات. ولاحقاً، خلال الفترة التي تلت سنة 1948 مباشرة، أطلقت كل من جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، حملات ذات إدارة دولية لمقاطعة العلاقات التجارية والمالية مع “إسرائيل” .

    كان مؤتمر الأمم المتحدة العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري والتعصب الذي عقد في ديربان، في جنوب إفريقيا، من أهم الأحداث المحورية التي مهدت الطريق لإطلاق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في 2005. وشارك أكثر من ثلاثة آلاف من منظمات المجتمع المدني في المؤتمر، ودانوا بأشد العبارات سياسات “إسرائيل”، معلنين أنها شكل من أشكال التفرقة العنصرية. وفي الوقت نفسه، كانت انتفاضة الأقصى التي بدأت في سنة 2000 تتصاعد في حدتها وتستقطب دعماً دولياً للشعب الفلسطيني.

    حينها، كان هناك شعور متزايد بالوعي بقضية فلسطين المحتلة، وبالضرورة الملحة لتحقيق أوسع نطاق من التعاون والتضامن. فمنذ ذلك الحين، كانت استجابة حركات المجتمع المدني على مستوى القاعدة الشعبية الدعامة الرئيسية لحركة المقاطعة (بي دي أس). فمواطنو العالم أصبحوا يعون تماماً أنهم لم يعد يمكنهم الاعتماد على الحكومات والوكالات المُضلِّلة، التي غالباً ما تُزين كلامها ولا تطبق منه شيئاً.

    تعتمد حركة المقاطعة (بي دي أس) على ثلاث استراتيجيات: المقاطعة، وفرض العقوبات، وسحب الاستثمارات. فمن جهة، تستهدف المقاطعة المنتجات والشركات المتواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي. ويتجلى ذلك برفض شراء منتجات القوة المحتلة، “إسرائيل”، أو التفاعل مع الكيانات المنخرطة في نظم الفصل العنصري. ومن جهة أخرى، تستلزم الاستراتيجية الثانية، وهي سحب الاستثمارات، التخلي عن استثمارات مع المؤسسات، أو الشركات، أو المصارف التي تعمل في الأراضي المحتلة سنة 1967 (وتحديداً في الضفة الغربية) أو تستفيد منها. أما الشق الثالث، وهو فرض العقوبات، فيُعتقد أنه من أشد الاستراتيجيات صرامةً، حيث ينطوي على تدابير تتخذها الحكومات، قد تكون على شكل إجراءات اقتصادية، أو عسكرية، أو ديبلوماسية . كما قد تشمل على سبيل المثال إلغاء اتفاقيات التجارة التفضيلية المبرمة من قبل الاتحاد الأوروبي، مثلاً، أو إلغاء الصفقات العسكرية.

    ثانياً: الإنجازات:

    منذ إطلاقها، نجحت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في تطبيق حملات مقاطعة “إسرائيل” في عدد من المجالات المختلفة، كالأوساط الأكاديمية والثقافية والرياضية، والشركات التجارية والاستهلاكية. وكانت موجة الدعم للمقاطعة الأكاديمية واسعة النطاق، ولا يمكن إيقافها. ففي جنوب إفريقيا، شرعت عدة جامعات في المدن الكبرى، من كيب تاون إلى جوهانسبرج وكوازولو، بحملات المقاطعة. وفي أيلول/ سبتمبر 2010، وقّع أكثر من 250 أكاديمياً من جنوب إفريقيا على عريضة تَحثُّ جامعة جوهانسبرج على قطع علاقاتها مع جامعة بن جوريون الإسرائيلية. وتمت مصادقة العريضة من قبل نشطاء مخضرمين في الحملات المناهضة للفصل العنصري، ومنهم المطران ديزموند توتو وآلان بويساك.

    وفي السنة نفسها، صوّت اتحاد الجامعات والكليات الموجود في بريطانيا لقطع العلاقات مع نقابة العمال الإسرائيلية (الهستدروت). أيضاً في سنة 2011، وقّع أكثر من 250 أكاديمياً أوروبياً من 14 بلداً على رسالة تطالب باستبعاد الشركات الإسرائيلية، المشاركة في انتهاك القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، من برامج البحوث التي يمولها الاتحاد الأوروبي .

    وفي الآونة الأخيرة، تحديداً في سنة 2015، صوت الاتحاد الوطني للطلبة وتجمع الطلاب السود في بريطانيا على تبنيِّ حملة المقاطعة (بي دي أس). كما أسهمت الاتحادات الطلابية في كل من جامعة إدنبرة، وجامعة كلية لندن، وجامعة ليفربول، وجامعة ساسكس، وجامعة إيست أنجليا بأصواتها لصالح الحملة.

    وفي الولايات المتحدة صوتت المجالس الطلابية في جامعات كل من كاليفورنيا، وسان خوسيه، وبرنستون، وأوهايو، وستانفورد لصالح قرارات بسحب الاستثمارات من الشركات التي تستفيد من الاحتلال الإسرائيلي.

    ثالثاً: مقاطعة الشركات:

    لعل أكبر النجاحات التي شهدتها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تتمثل في مقاطعة الشركات متعددة الجنسيات والشركات التجارية التي لها ارتباطات مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وقد ازداد انخراط الهيئات شبه الرسمية والهيئات الحكومية الدولية في هذه الحملة. ففي بريطانيا، نجح فرع تاور هاملتس من حملة التضامن الفلسطينية السنة الماضية في إقناع المجلس المحلي بضرورة إلغاء عقوده مع الشركات المتعاملة مع الاحتلال مثل تكتل الشركات الأمنية فيوليا وجي فور أس.

    في مكان آخر، قرر مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في الأردن أيضاً التخلي عن شركة جي فور أس بعد الحملة التي قامت بها حركة المقاطعة (بي دي أس) في آذار/ مارس 2016. ونظراً للخسائر الكبيرة التي منيت بها جي فور أس كنتيجة مباشرة للحملة، أعلنت الشركة أنها بدأت بالانسحاب من السوق الإسرائيلية. كما تبع ذلك تحركات من قبل مفوضية شؤون اللاجئين واليونيسيف في الأردن للنأي بنفسها عن تلك الشركة. وبصورة مماثلة، فإن عملاق مستحضرات التجميل الإسرائيلي آهافا الذي تمّ استهدافه في السنوات الأخيرة من قبل حركة المقاطعة (بي دي أس)، قرر نقل مصنعه من مستعمرة متسبيه شاليم في الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر.

    لم يتوقف الأمر عند مقاطعة الشركات الموجودة في المستعمرات أو التي تستفيد منها. ففي أيسلندا، في أيلول/ سبتمبر 2015، صادقت بلدية ريكيافيك على مذكرة تقضي بالموافقة على مقاطعة البضائع الإسرائيلية “ما دام احتلال الأراضي الفلسطينية قائماً”. هذه الخطوة كانت محط ترحيب “اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات” في أوروبا. حيث صرحت مسؤولة الحملات ريا الحسن قائلة: “نرحب بشكل خاص باستخدام المذكرة لعبارة “التفرقة العنصرية” لوصف النظام الإسرائيلي”. وأضافت: “هناك إدراك متزايد بأن نظام القمع الإسرائيلي يستوفي تعريف الفصل العنصري المذكور في القانون الدولي” .

    رابعاً: العقبات:

    قبل عقد من الزمن، استخفَّ مسؤولون إسرائيليون بحركة المقاطعة واستبعدوا أي احتمال لنجاحها؛ حيث زعموا أن “إسرائيل” هي “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، ولهذا فهي بزعمهم تستحق دعم الشعوب وتعاطفها في جميع أنحاء العالم. لكنهم كانوا مخطئين تماماً، فتأثير الحركة ما زال عميقاً وبعيد المدى إلى حدّ أجبر “إسرائيل” إلى التوجه صوب الحكومات الغربية ملتمسة منهم تجريم دعوات عمل الحركة. ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أيدت محكمة الاستئناف العليا في فرنسا إدانة 12 من نشطاء التضامن الفلسطينيين على خلفية دعواتهم لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. بل إن مجرد ارتداء قميص عليه شعار حركة المقاطعة (بي دي أس) يعدُّ الآن مخالفة قانونية (قد توازي عقوبة الجريمة الجنائية) في فرنسا. فكما فعلوا في الماضي، لجأت السلطات الفرنسية إلى التذرع بالتشريعات المتعلقة بـ”معاداة السامية” كوسيلة لتخويف وردع نشطاء التضامن الفلسطينيين.

    في بريطانيا، كشفت الحكومة المحافظة المؤيدة لـ”إسرائيل” أيضاً عن خططٍ لمنع المجالس المحلية والهيئات العامة، وحتى بعض الاتحادات الطلابية الجامعية من مقاطعة الشركات التي تعمل في المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية غير الشرعية. ووصف متحدث باسم زعيم حزب العمال جيرمي كوربين قرار الحكومة بأنه “هجوم على الديموقراطية المحلية”.

    لم يكن من المستغرب وجود معارضة قوية للمحاولات التي قامت بها الجماعات الموالية لـ”إسرائيل” في بريطانيا لقمع حركة المقاطعة (بي دي أس). ففي حزيران/ يونيو من هذه السنة، رفضت المحكمة العليا في لندن الادعاءات التي أدلت بها هيومن رايتس ووتش اليهودية ضدّ مجلس مدينة ليستر، ومجلس مدينة سوانسي، ومجلس جويند، بعد أن كانت السلطات المحلية الثلاث قد أصدرت قرارات تدعم الفلسطينيين. وادعت هيومن رايتس ووتش اليهودية أن قرارات المجالس الداعمة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية تنتهك واجبات قانون المساواة، وتتجاهل الحاجة للقضاء على التمييز ضدّ اليهود، وإنهاء المضايقات التي يتعرضون لها.

    وقال القاضي الذي ترأس الجلسة، اللورد جاستيس سايمون، أن المجالس لم تخالف القانون. كما قال المحامون الذين يعملون بالنيابة عن المجالس أنهم كانوا يمارسون حقهم في حرية التعبير؛ وهو حقٌ محمي بموجب القانون العام المعمول به في إنكلترا وويلز، والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

    ويُلاحظ أنه على الرغم من خضوع بعض القوى الغربية البارزة مثل بريطانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة للضغوط الإسرائيلية، تصدت الدول الأصغر مثل السويد وهولندا وأيرلندا لجميع المحاولات الرامية إلى قمع حركة المقاطعة (بي دي أس). ففي آذار/ مارس 2016، أعادت وزارة الخارجية السويدية التأكيد على مبادئ الديموقراطية الأساسية بالقول إن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “هي حركة من حركات المجتمع المدني”، وإنه “يتعيّنُ على الحكومات ألا تتدخل في توجهات منظمات المجتمع المدني” .

    من جهتها، كانت الحكومات الهولندية والأيرلندية على القدر نفسه من الحزم. ففي هولندا، أكد وزير الشؤون الخارجية بيرت كوندرز أن المسؤولين الإسرائيليين لا يبرحون يثيرون موضوع حركة المقاطعة (بي دي أس) في لقاءاتهم الثنائية مع الحكومة الهولندية. وبالرغم من تصريح الوزير أن حكومته لا تدعم مقاطعة “إسرائيل”، إلا أن “تأييد الحركة يندرج في إطار حرية التعبير”. كما أشار إلى أن البيانات والاجتماعات التي تخص الحركة محمية بحقي حرية التعبير وحرية التجمع كما هو منصوص عليه في الدستور الهولندي، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .

    ليس هناك شكّ أن قضية “المحرقة اليهودية” أو الهولوكوست ما زالت تشكل شعوراً تاريخياً بالذنب لدى الاتحاد الأوربي، ومناخاً شبه دائم تستغله “إسرائيل” لابتزاز الاتحاد. فـ”إسرائيل” غالباً ما تضع الانتقادات المشروعة الموجهة إليها في إطار معاداة السامية، مما يجعل الحكومات حذرة من فرض أيّ شكل من أشكال العقوبات عليها. لكن الوضع داخل أوساط المجتمع المدني يختلف بشكل ملحوظ. ففي حقيقة الأمر، تزداد صلابة المواقف تجاه سياسات الفصل العنصري الإسرائيلية، كما حدث في أيار/ مايو من هذه السنة، حينما قامت أكثر من 300 من منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الإغاثية التابعة للمجموعات الكنسية، والنقابات العمالية، والأحزاب السياسية من 19 بلداً في جميع أنحاء أوروبا بِحثّ الاتحاد الأوروبي على الدفاع عن حقوق الأفراد والمؤسسات في المشاركة في حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات التي يقودها فلسطينيون.

    خامساً: السيناريوهات المحتملة:

    كما هو واضح، لا توجد لدى “إسرائيل” خيارات كثيرة في محاولاتها لقمع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات؛ أي أنها ستستمر في المستقبل القريب في ممارسة الضغط الديبلوماسي على الحكومات في أيّ زمان ومكان. وها هي قد شرعت بالفعل في حملة مداهنة كبيرة تستهدف القارة الإفريقية حيث تتعمق جذور الذاكرة التاريخية لنظام الفصل العنصري البغيض في جنوب إفريقيا.

    حتماً، ستستخدم “إسرائيل” قوتها الناعمة، واعدةً بنقل المساعدات التقنية والعلمية لبلدانٍ في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. فمع وجود نُظمها المتطورة لصناعة الأسلحة، سوف تقدم العروض للحكومات الضعيفة والمهددة، واعدةً إياها بتغطية ثغراتها الأمنية. فسواء كنا نتحدث عن مجالات الهندسة، أم الرَّيّ، أم علوم الكمبيوتر، فليس هناك بلد عربي أو مسلم باستثناء تركيا لديه القدرة أو الرغبة في تحدي “الغزوة” الديبلوماسية لـ”إسرائيل” في إفريقيا. فلا عجب إذاً أن نشهد مستويات متزايدة من الدعم الحكومي للحصول على مقعد خاص لـ”إسرائيل” داخل الاتحاد الإفريقي.

    في آسيا أيضاً، تُسرّع “إسرائيل” من جهودها الرامية إلى إيقاف الدعم التقليدي المقدم إلى فلسطين، ليس أقلها ما تقوم به مع دول عدم الانحياز. فها هي الهند، وهي عضو مؤسس للمنظمة، غدت من الشركاء الكبار لـ”إسرائيل” في المجالات العلمية والعسكرية. أي أنه لا أمل في احتمال فرض عقوبات هندية على “إسرائيل”.

    من جهة أخرى، فبعد اكتساب “إسرائيل” المميز لرئاسة اللجنة القانونية للأمم المتحدة مؤخراً، فقد أصبح أمامها فرصة للتعامل بشكل جذري مع قضية لطالما أرَّقتها وقضت مضجعها؛ وذلك من خلال القيام بحملات يسميها النشطاء المؤيدون للقضية الفلسطينية حملات “نزع الشرعية”. إن الركيزة الأساسية لاستراتيجية “إسرائيل” هذه تتمثل في نزع شرعية أولئك الذين يجرؤون على انتقاد سياساتها عن طريق تشويه سمعتهم. وبالتالي، لن تتوقف الجدالات حول كيفية تلميع صورة الاحتلال، وإعادة تعريف مصطلح الصهيونية، وجعل أي انتقاد لـ”إسرائيل” عملاً “معادياً للسامية”.

    سادساً: الاستراتيجية المطلوبة:

    على الرغم من أنها عاشت ظروفها ومميزاتها الخاصة على مرّ تاريخها، إلا أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الفلسطينية ظلت تستلهم مسارها من الحركة التي سبقتها في جنوب إفريقيا، حيث تمّ إسقاط صرح الفصل العنصري بعد سنين من حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات على مستوى العالم. وكان من أسباب نجاح الحركة أنها استطاعت تكوين تحالف من الحكومات والأشخاص الأوفياء الذين استطاعوا التأثير على السياسات المحلية والدولية على حدّ سواء في مؤسسات كالأمم المتحدة. ولذلك، فعلى حركة المقاطعة (بي دي أس) التي تقاوم النظام العنصري الإسرائيلي أن تبني تحالفات مماثلة، وأن تُؤمّن الدعم من الحكومات في شمال الأرض وجنوبها.

    بعد 15 عاماً، أثبتت حركة المقاطعة (بي دي أس) الدولية أنها وسيلة فعالة للغاية لدعم القضية الفلسطينية. ولكن إذا أرادت الحركة الاستفادة من كامل إمكاناتها، فعليها أن تحظى بدعم سياسي غير محدود ولا مشروط من جميع القوى الفلسطينية. ففي الوقت الحاضر، هناك الكثير من التساؤلات والشكوك حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية قد احتضنت حملة المقاطعة (بي دي أس) بشكل تام. وبالتالي، فإن على الفلسطينيين أخذ زمام المبادرة، لأن إصرار السلطة الفلسطينية على مواصلة حملتها لإنهاء الاحتلال بالطرق السلمية التقليدية، ما زال تنقصه أكثر الأدوات نجاعةً، ألا وهو حملة المقاطعة (بي دي أس) .

    ما زال الرئيس محمود عباس صريحاً في رفضه للدعوات المطالبة بتوسيع معارضته السلمية للكيان الإسرائيلي إلى مقاطعة كاملة تماشياً مع حملة المقاطعة (بي دي أس). ففي 2013، قام برحلته المشهورة إلى جنوب إفريقيا حيث أعلن عن رفضه لجهود حملة المقاطعة (بي دي أس) في البلاد وقال: “نحن لا نؤيد حملات المقاطعة ضدّ إسرائيل”، وتابع قائلاً: “لكننا نطالب الجميع بمقاطعة منتجات المستوطنات لأنها تقع في أراضينا، وهي غير قانونية”. وقد سبّبَ ذلك التصريح غضباً بين الفلسطينيين ومؤيديهم على الرغم من إصدار “توضيح” من قبل السفارة الفلسطينية في جنوب إفريقيا لاحقاً .

    سابعاً: المقترحات والتوصيات:

    1. ينبغي على الفلسطينيين زيادة مستوى أنشطة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات، ودعم وتفعيل أنشطة اللجان والمؤسسات العاملة في هذا المجال على مستوى العالم.
    2. العمل الجاد على فصل الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي وإنهاء تبعيته له؛ ومقاطعة فلسطينيي الداخل للمنتجات الإسرائيلية.
    3. حشد أكبر قدر من المؤيدين على المستويين الرسمي والشعبي لحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات.
    4. إعادة تفعيل اللجان المعنية في مواجهة حملات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

    * يتقدم مركز الزيتونة للدكتور داوود عبد الله، مدير مؤسسة مرصد الشرق الأوسط Middle East Monitor (MEMO) في لندن، بخالص الشكر على كتابة هذا التقدير.

      لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

     

    >> التقدير الاستراتيجي (91): حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات: الإنجازات والسيناريوهات المحتملة Word
    (10 صفحات، 89 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (91): حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات: الإنجازات والسيناريوهات المحتملة 
    (10 صفحات، 614 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 4/8/2016

  • التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط

    تقدير استراتيجي (94) – كانون الأول/ ديسمبر 2016.

    ملخص:

    تسعى روسيا تحت قيادة بوتين إلى استعادة جانب من دورها ونفوذها الدولي، الذي فقدته إثر انهيار الاتحاد السوفييتي. وتحاول الاستفادة من عدم الرغبة الأمريكية في التدخل المباشر في صراعات المنطقة، غير أنها تعلم أنه من الصعوبة بمكان تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية، التي ترى في الشرق الأوسط منطقة لنفوذها. وما زال سقف تدخلها في سورية وغيرها مراعياً لهذه الخطوط، ومتجنباً لأي صراع مباشر مع الأمريكان. وفي هذا الإطار تنسج روسيا علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، مع إيران، وتركيا، وسورية، والعراق، ومصر، وغيرها. ومن المحتمل أن يتطور الدور الروسي ضمن أفضل ما يستطيع الروس تحقيقه. وبالرغم مما أبداه الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من رغبة في التعاون مع روسيا، إلا أن طبيعته البراجماتية وقاعدته الانتخابية الجمهورية قد تجنح إلى دفعه ليكون أكثر تشدداً بما يظهر قوة أمريكا وقدرتها على فرض سياساتها.

    مقدمة:

    انتهت الحرب الباردة التي استمرت عقوداً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بهزيمة الأخير بل وتفككه، وورثت روسيا الاتحادية تركة الاتحاد السوفياتي بجميع استحقاقاته ومكتسباته. وعلى خلاف الاتفاق الذي كان بين الرئيسين السوفياتي غورباتشوف والأمريكي بوش والذي كان يبدو في ظاهره أنه اتفاق بين ندّين، شعر الروس بأن الغرب يعاملهم بغطرسة شديدة وأن تسوية ما بعد الحرب الباردة ليست عادلة، بل واصل الغرب الضغط على روسيا لإنهاكها داخلياً واقتصادياً وضمّ ساحات النفوذ التاريخية التابعة لها لنفوذه، خصوصاً تدخل الناتو في حرب كوسوفا ثم جمهوريات آسيا الوسطى وجورجيا فيما بعد، مما عُدَّ مساساً بالأمن القومي الروسي، وأوجد شعوراً عاماً عند النخبة الروسية بأن روسيا لا يمكن أن تكون مجرد دولة أوروبية ذات وزن إقليمي؛ فهي إما أن تكون دولة عظمى —بالرغم من قلة إمكاناتها— وفي موقع الشريك مع الغرب، أو أنها ستنهار.

    كان مجيء بوتين للسلطة في روسيا نقطة تحول رئيسية في التوجهات السياسية، وقد عبر عن ذلك في خطابه السنوي في المجلس التشريعي الروسي (الدوما) في سنة 2005، حيث قال بأن انهيار الاتحاد السوفياتي كان ”كارثة جيوسياسية كبيرة“، وبأن الغرب لم يحسن التصرف بعد نهاية الحرب الباردة، وأنه أخطأ عندما ظنّ بأن روسيا ستستمر في الانحدار.

    إن هذا المدخل مهم جداً لشرح معظم الدوافع والتوجهات الروسية في منطقة الشرق الأوسط، واستشراف المدى الذي من الممكن أن يتطور إليه الدور الروسي، والذي لا يمكن حصره في التدخل العسكري في سورية وإن كان هذا التدخل يمثل العنوان الرئيسي.

    أولاً: دوافع روسيا في الشرق الأوسط:

    من حيث الأهمية في التسلسل الهرمي التقليدي للسياسة الروسية الخارجية يأتي ترتيب الشرق الأوسط تالياً لأمريكا وأوروبا والصين ودول آسيا الصاعدة، لكن بما أن موسكو قد حددت توجهاتها بأنها يجب أن تعود كقوة عالمية، عظمى، وأن تنهي النظام العالمي أحادي القطبية، فلا يمكن لها أن تتجاهل هذه المنطقة بما تمثله من موقع جغرافي فريد وثروات طبيعية هائلة. ورأت في حالة الاضطراب والفوضى في منطقة الشرق الأوسط فرصة لاستعادة مناطق نفوذها التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وبالتالي اكتسبت تلك المنطقة صفة ”منطقة اختبار“، تختبر فيها روسيا قدرتها في العودة للساحة العالمية كشريك أساسي ومؤثر.

    وفق هذا التصور، يصبح الدافع الجيو-سياسي هو الدافع الرئيسي —وليس الوحيد— لاهتمام روسيا في المنطقة العربية، وهو المنطلق الأساسي الذي على أساسه تَنسج شبكة علاقاتها بدءاً من التدخل العسكري في سورية، والتحالف مع إيران، وعقد اتفاقات مع تركيا، والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع ”إسرائيل“، وليس انتهاءً بالسعي لإقامة علاقات مع العراق ومصر ودول الخليج، وهو دافع مرتبط بالأمن القومي الروسي.

    وبطبيعة الحال ليس هذا هو الدافع الوحيد، فبالإضافة لذلك يوجد الدافع الاقتصادي وهو حاضر بقوة خصوصاً عند الحديث عن العلاقات الروسية التركية، أو العراقية، أو الإيرانية، فالتبادل التجاري بين روسيا وهذه الدول في مستوى عالٍ، وتسعى روسيا لمزيد من الاستثمار، خصوصاً في مجال الطاقة البديلة، والنفط، والغاز، وصفقات السلاح.

    كما يبرز هدف أساسي ثالث وهو محاربة ما يُسمى التطرف والإرهاب، وما يمثله من تهديد أمني على الداخل الروسي، حيث تشير تقارير متفاوتة بوجود ما بين ألفين إلى خمسة آلاف ”جهادي“ يحملون الجنسية الروسية وينتمون لصفوف تنظيم الدولة الإسلامية أو التنظيمات الجهادية الأخرى. وحسب المفهوم الروسي، لا تقتصر التنظيمات الإرهابية على تنظيم الدولة، بل هو مفهوم واسع يشمل جميع الفصائل الإسلامية المسلحة التي تقاتل النظام السوري.

    ولتنظيم الدولة حضور إعلامي قوي في مواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالروسية، وهناك قناعة روسية بأن انتشار التطرف الإسلامي يعزز النزعات الانفصالية في داخل روسيا، ويشكل ثغرة يمكن أن يستغلها الغرب لتهديد الأمن القومي الروسي، حيث تزيد نسبة المسلمين في روسيا عن 17% من السكان.

    ثانياً: كيف تتحرك روسيا؟

    تاريخياً كانت روسيا تنظر لنفسها من موقع ”الدولة ذات الرسالة“ فهي القيصرية الروسية حامية الكنيسة الأرثوذكسية، أو هي الاتحاد السوفياتي صاحب الرسالة العالمية الشيوعية؛ بينما تطرح نفسها حالياً من موقع براجماتي تسعى لتحقيق مصالح مشتركة مع دول المنطقة، وتعمل على الحفاظ على استقرارها، وتحرص على تكوين شبكة علاقات متوازنة مع الجميع.

    ومن خلال خبرتها مع الثورات التي حدثت في المجال الحيوي لروسيا؛ في أكرانيا وجورجيا…، في العقد الماضي، ترى موسكو أن ثورات الربيع العربي لم تكن عفوية وإن كانت في البداية عفوية، لكن استطاع الغرب أن يتحكم بها ويوظفها لخدمة مصالحه، وأن الموقف الأمريكي كان مهادناً لها لدرجة أنه تخلى عن أقرب حلفائه وهو الرئيس المصري المخلوع مبارك. وكانت الضربة الكبرى هي تدخل الناتو في ليبيا. وفي خطابه أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2015، انتقد الرئيس الروسي السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وحمَّلها نتيجة الفوضى الحادثة فيها، وأن تلك الحالة ناتجة عن تجاوز الولايات المتحدة لمجلس الأمن في إجراءاتها، وفي تدخلها في الصراعات بشكل مباشر، مما نتج عنه ظهور تنظيم الدولة وأزمة اللاجئين في أوروبا. ووجه سؤاله للأمريكان قائلاً: ”هل تدركون ما فعلتم الآن؟“

    ثالثاً: الفرص الروسية في المنطقة:

    1. التدخل في سورية:

    بطبيعة الحال، يُعدُّ النفوذ الروسي في سورية هو العنوان الرئيسي لنفوذها في المنطقة ومنذ البداية حرصت روسيا على أن يكون تدخلها شرعياً بالاتفاق مع النظام الحاكم في سورية والمعترف به دولياً. ولأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة تتخذ موسكو موقفاً استباقياً وتتدخل بهذا الشكل المباشر في الأزمات الدولية، واستطاعت روسيا بتدخلها العسكري أن توقف تدهور قوات النظام السوري وأعادت له زمام المبادرة، وقامت بمناورات عسكرية حقيقية، وأعادت تقييم جاهزية قواتها المسلحة، واحتفظت بقاعدتها البحرية العريقة في طرطوس، وأنشأت قاعدة جوية في حميميم في اللاذقية، ونشرت منظومة الدفاع الجوي أس 400 المتطورة، وحمت نفسها في الوقت ذاته من تورط قواتها البرية في المستنقع السوري. وبالتالي نستطيع أن نقول بأن روسيا حققت الجزء الأكبر من أهدافها في سورية، وفرضت نفسها كلاعب دولي أساسي لا يمكن تجاوزه.

    وتتلخص الرؤية الروسية للأزمة السورية في:

    • ليس من حقّ أي دولة أن تتدخل لقلب النظام الحاكم في أي دولة أخرى، ولا تغيير حدودها الجغرافية، لذلك فروسيا مع وحدة الأراضي السورية، وأن مصير الشعب السوري يحدده الشعب دون إملاءات خارجية.

    • الأولوية لمحاربة التنظيمات الإسلامية المتشددة وفق التصنيف الروسي الذي لا يقصرها في تنظيم الدولة والنصرة.

    • حلّ الأزمة السورية هو حلّ سياسي ولا يمكن حسم المعركة عسكرياً، لذلك كان هدف الحملة العسكرية الروسية هو فرض واقع جديد ثم الدعوة للحوار السياسي.

    • وغاية ما تطمح له الديبلوماسية الروسية هو الجلوس من موقع الشريك مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حلّ سلمي، الأمر الذي تقابله الإدارة الأمريكية بعدم اعتبار روسيا لاعباً دولياً بل هي لاعب فوق إقليمي، حسب تصريح الرئيس أوباما.

    2. التحالف مع إيران:

    لروسيا علاقات وثيقة جداً مع إيران على مختلف المستويات بالرغم من وجود ثغرات في الثقة المتبادلة بينهما، فالتدخل الروسي في سورية ما كان ليتم لولا الغطاء البري من إيران والقوات المتحالفة معها. وبالرغم من تشابك المصالح بين الدولتين، إلا أن هناك جواً من الحذر في التعامل فيما بينهما، فإيران من مصلحتها المزيد من الانخراط الروسي في المعارك في سورية، بينما تحرص روسيا على الاكتفاء بالضربات الجوية وعمليات القوات الخاصة. لكن مستوى مقبولاً من التناغم قائم بينهما فيما يتعلق بالأزمة السورية وفيما يتعلق بمواجهة السياسة الأمريكية. وأظهرت روسيا قدراً كبيراً من القدرة على التفاهم مع إيران على الرغم من تصويتها في مجلس الأمن لصالح فرض عقوبات على إيران، بسبب برنامجها النووي، لأنها تتعامل مع هذه المسألة وفق محددين، أولهما: تأييد حقّ إيران في امتلاك تكنولوجيا نووية للاستخدامات السلمية، وثانيهما: رفض امتلاك إيران أسلحة نووية.

    3. اتفاقيات مع تركيا:

    استطاعت الدولتان تجاوز أزمة إسقاط الطائرة الروسية والمضي في التعاون الاقتصادي بالرغم من الخلافات السياسية الجوهرية بين البلدين فيما يتعلق بسورية، لكن تعامل الطرفين ببراجماتية عالية أدى إلى تطور على الأرض أيضاً، فعلى مدى سنوات كانت أنقرة تُسوِّق لمشروعها القاضي بإيجاد منطقة آمنة على حدودها السورية، الأمر الذي كانت ترفضه واشنطن. لكن بعد التفاهم مع الروس تمكن الأتراك من التوغل في الأراضي السورية، وفرض أمر واقع جديد في مواجهة القوات الكردية. غير أن العنوان الأبرز للعلاقات الروسية التركية هو الاقتصاد، خصوصاً في مجالات الطاقة، والغاز، والزراعة، والبناء.

    4. العلاقة مع العراق:

    نتيجة لعلاقاتها الجيدة مع إيران، تحظى روسيا بعلاقات جيدة مع العراق وتسعى للحصول على صفقات في مجال التسليح والطاقة، كما أنها في الوقت نفسه على علاقات تاريخية مع الأحزاب الكردية.

    5. السعودية وغياب الثقة:

    لم تكن العلاقات بين السعودية وروسيا مميزَّة في يوم من الأيام. ويوجد تضارب في وجهات النظر فيما يتعلق بالتعامل مع ملفات المنطقة بما في ذلك العلاقة مع إيران، ومستقبل سورية ونظام الحكم فيها. كما تنظر روسيا إلى ما تُسمِّيه ”الفكر الوهابي“ الذي تتبناه السعودية نظرة ريبة، وبأن انتشاره بين مسلمي روسيا يهدد الأمن القومي الروسي. لكن شهدت الآونة الأخيرة اتصالات مكثفة بين الجانبين، وتريد روسيا من السعودية التفاهم حول أسعار النفط، ومن مصلحة السعودية انتهاج سياسة التنويع في العلاقات الخارجية، لذلك من المتوقع استمرار الاتصالات بين الجانبين.

    6. تحسن العلاقات مع مصر:

    تاريخياً، كانت مصر تمثل عماد المصلحة الجيو-سياسية السوفياتية في المنطقة، قبل أن تتحول باتجاه الولايات المتحدة. تحسنت العلاقات المصرية الروسية بشكل كبير بعد وصول عبد الفتاح السيسي للرئاسة، والرئيس بوتين ينظر إليه باعتباره الشخص القادر على استعادة الاستقرار في أكبر بلد عربي. ومن خلال التمويل السعودي حصلت مصر على صفقة أسلحة روسية كبيرة، الأمر الذي نُظر إليه على أنه شراء موقف، لأن الجيش المصري يعتمد بشكل أساسي على الأمريكان في التسليح والتدريب.

    7. روسيا و”إسرائيل“:

    يشكل الناطقون بالروسية في دولة الاحتلال خمس السكان، كما أنه يوجد حضور معتبر لليهود في روسيا، والعلاقات بين البلدين جيدة، على الرغم من أن روسيا ليست على اتفاق مطلق مع ”إسرائيل“ وتتبنى حلّ الدولتين، وتختلف مع وجهات النظر الإسرائيلية في الموقف من إيران وحزب الله وحماس، وهي بالتالي تنتهج نهجاً مرناً يخالف النهج الأمريكي، الذي يُعدّ حليفاً تقليدياً لدولة الاحتلال.

    رابعاً: عقبات تحد من القدرة الروسية:

    1. المُحدِّد الأمريكي: تُعد منطقة الشرق الأوسط بشكل عام منطقة نفوذ أمريكي ضمن التقسيمات التقليدية في فترة الحرب الباردة (ثنائية القطبية الأمريكية الروسية). وبالرغم من محاولات الروس الدائمة لإيجاد موطئ قدم ودوائر نفوذ وتحالفات، إلا أن الأمريكان ظلوا اللاعب الأكبر في المنطقة. وبغض النظر عن الأسلوب الذي أدار به أوباما السياسة الأمريكية في المنطقة، وما بدا وكأنه تراجعٌ في الدور الأمريكي، إلا أنه لم يحصل تغير على جوهر السياسة الأمريكية، بالرغم من سعي الأمريكان لتخفيض التكاليف والنأي عن التدخل المباشر. ولا يظهر أن التحرّك الروسي مسَّ حتى اللحظة المصالح الحيوية الأمريكية وخطوطها الحمراء، بغض النظر عن انزعاج عدد من الأنظمة الصديقة لأمريكا من طريقتها في إدارة النزاعات.

    ويبدو أن التدخل الروسي في سورية لم يتعارض مع السياسة الأمريكية في استمرار استنزاف الحكومة والمعارضة السورية، وتغذية الصراع بما يمزّق النسيج الاجتماعي السوري طائفياً وعرقياً، ويدمر الاقتصاد؛ وبما يؤدي لإضعاف الدولة المركزية في سورية لصالح الانقسامات الداخلية التي قد تنشأ في أي ترتيبات مستقبلية؛ وهي ترتيبات ما تزال لأمريكا يدٌ دولية طُولى فيها مقارنة بالروس. كما أن النظم الحاكمة في المنطقة ما تزال أكثر ميلاً في علاقاتها مع الأمريكان مقابل الروس لأسباب مختلفة. وبالرغم مما أبداه الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب من رغبة في التعاون مع روسيا، إلا أن طبيعته البراجماتية وقاعدته الانتخابية الجمهورية قد تجنح إلى دفعه ليكون أكثر تشدداً بما يظهر قوة أمريكا وقدرتها على فرض سياساتها.

    2. ضعف الإمكانيات المادية الروسية، بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تتعرض لها موسكو، بسبب تراجع أسعار النفط، والعقوبات الاقتصادية الأوروبية.

    3. احتمال تمدّد الحرب في سورية واتساعها، وفي هذه الحالة ستتعرض روسيا لاستنزاف شديد تحاول تجنبه، لأن الثمن الذي سيدفع حينها سيكون باهظاً جداً إذا قورن بالمكتسبات، وسيعيد ذكريات حرب أفغانستان إلى الرأي العام الروسي. وحتى الآن فالعملية العسكرية الروسية في سورية ما تزال محدودة التكاليف، وهي تقارب تكلفة أي مناورة كبيرة.

    4. التعاون الوثيق مع إيران، كما أنه يمثل فرصة لروسيا، إلا أنه أيضاً يمثل عقبة تُقِّيد يدها في المنطقة. فعلى سبيل المثال تحتاج روسيا إلى إيران في مدَّ علاقات اقتصادية قوية مع العراق.

    5. تشابك مصالحها مع نقيضين في المنطقة، وهما ”إسرائيل“ وإيران، مما سيؤثر على مصالحها في حالة حدوث صراع بين الطرفين، لذلك تتعامل روسيا مع المسألة بحذر شديد.

    6. العامل الداخلي الروسي، وهو العامل الأهم لكنه عامل بعيد المدى، مرتبط بفشل روسيا في التحول لدولة مؤسسات، وبالتالي هناك خشية من مرحلة ما بعد بوتين.

    خامساً: سيناريوهات المستقبل:

    من خلال استعراض الحراك الروسي في المنطقة، يظهر أن موسكو تحاول إيجاد صورة اللاعب الواقعي وغير العقائدي، الذي يمتلك الخبرة والقوة بما فيه الكفاية، ويمثل الشريك الذي يمكن الوثوق به، والقادر على التأثير في الوضع من خلال ثنائية الديبلوماسية والقوة. روسيا تطرح نفسها كقوة عالمية كبرى مستعدة لتقديم شراكة لجميع الذين يشتركون معها في الرؤية لعالم متعدد الأقطاب. وفي هذا الإطار يبرز أمامنا سيناريوهان:

    السيناريو الأول: سيناريو استمرار تمدد الدور الروسي:

    وهو سيناريو يدعمه ما شهدناه من القدرة على نسج شبكة علاقات متنوعة ومتشابكة تتفاوت من التحالف الاستراتيجي إلى العلاقات الاقتصادية، مستفيدة في ذلك من التحولات الدولية والإقليمية، والمهارة في التعامل مع الأحداث مثل المبادرة بالتدخل الاستباقي في سورية ومنع سقوط النظام، واحتواء حادثة إسقاط طائرة الركاب الروسية في سيناء، واستخدام سياسة التصعيد المدروس في احتواء الأزمة مع تركيا إثر إسقاط الطائرة.

    السيناريو الثاني: سيناريو انحسار الدور الروسي:

    وهو مرتبط بسير المعارك في سورية، وقدرة ورغبة الدول الداعمة لقوات المعارضة السورية على إحداث تغير استراتيجي في الميدان، وهو أمر لم تتضح بوادره حتى هذه اللحظة، كما أنه مرتبط بتفكك التحالف الإيراني – الروسي، ولا يوجد أي مؤشر على خلافات جوهرية بين الطرفين.

    سادساً: توصيات:

    من خلال الاستعراض السابق، يظهر لنا أن هناك دوراً متنامياً للروس في تفاعلات المنطقة، وتبدو القوى الشعبية الإسلامية منها والوطنية في موقف المناهض للدور الروسي، الأمر الذي يستدعي:

    1. مزيداً من الفهم للعقلية الروسية وللمصالح الروسية في المنطقة، وأنها مصالح جوهرية تمس الأمن القومي الروسي وتتجاوز أمر التطلعات الشعبية فيها.

    2. فلسطينياً تتميز السياسة الروسية بأنها تحتفظ بعلاقة جيدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنها لا تتبنى جميع مواقفها، ولا تصنف الحركات المقاومة تصنيفاً إرهابياً، الأمر الذي يوفر هامشاً للمناورة.

    3. تنشيط الديبلوماسية الشعبية، من خلال الانفتاح أكثر على الرأي العام الروسي لا سيّما وأن 17% من المواطنين الروس هم مسلمون، ولهم دورهم ومكانتهم في الحياة الروسية، وكان لموقف مفتي روسيا دور إيجابي في تحسين العلاقات الروسية التركية إثر إسقاط الطائرة الروسية.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ علي البغدادي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط Word (12 صفحة، 95 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (94): آفاق الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط  (12 صفحة، 546 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 1/12/2016

  • التقدير الاستراتيجي (96): سيناريوهات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس

    ملخص:

    يظهر أن تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة سيعطي مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس زخماً جديداً، بالنظر إلى وعوده الانتخابية ووجود ميول قوية لدى قيادات في إدارته لتنفيذ هذه الوعود.

    غير أن السياسة الرسمية الأمريكية طوال السنوات الماضية، وحتى تلك التي مارسها رؤساء سابقون وعدوا بنقل السفارة، كان يميل إلى مراعاة الجوانب القانونية والدستورية والقرارات الدولية التي لا تُقر الضمَّ الإسرائيلي لشرقي القدس، وتعدها من قضايا الحل النهائي؛ وتحاول تجنب إغضاب الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية، وبالتالي احتمال إفشال مسار التسوية.

    وتتضمن السيناريوهات أن يقوم ترامب بنقل السفارة في بداية ولايته أو في وقت لاحق خلالها، أو أن يُحوّل أحد مكاتب خدمات السفارة في غربي القدس (وليس شرقي القدس) إلى سفارة، أو تبقى السفارة في تل أبيب وينتقل السفير إلى القدس، أو يقوم بخطوة مزدوجة بنقل السفارة للقدس مع الإعلان في المقابل عن الاعتراف بدولة فلسطين لامتصاص ردات الفعل. وفي كل الأحوال فإن هذا التقدير يميل إلى أن ترامب سيأخذ خطوة متقدمة في هذا المجال، مما يستدعي تحركاً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً استباقياً ومكثفاً، لإفشال أو تعويق هذه الخطوة.

    مقدمة:

    يُجمعُ المتابعون للشأن الشرق أوسطي بشكل عام، والشأن الفلسطيني بشكل خاص، أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هو صاحب الموقف الأكثر وضوحاً وقوة بخصوص موضوع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. فقد سبقه رؤساء أمريكيون -جمهوريون وديموقراطيون-أعلنوا عن عزمهم على نقل السفارة، لكنهم لم ينفذوا هذه الوعود، فهل تعكس التزامات ترامب استناداً لتصريحاته -خلال الحملة الانتخابية وبعد الفوز-وتصريحات مساعديه، وعلى رأسهم سفيره الجديد في ”إسرائيل“ ديفيد فريدمان تغيّراً في الموقف الأمريكي، واحتمالاً بتنفيذ الوعد، خلافاً لسابقيه من الرؤساء خصوصاً بيل كلينتون وجورج بوش؟

    لتحديد السيناريوهات المختلفة لهذا الموضوع لا بدّ من رسم ملامح بيئة القرار المحتمل على النحو التالي:

    أولاً: البعد الدستوري والقانوني في القرار الأمريكي في موضوع القدس:

    تُقرُّ الولايات المتحدة من الناحية القانونية، وعبر مواقفها المعلنة في المنظمات الدولية، وخصوصاً مجلس الأمن الدولي، وفي بيانات اللجنة الرباعية المختلفة، وفي تأييدها لما ورد في المعاهدات العربية الإسرائيلية (مع الأردن ومع مصر)، وفي اتفاق أوسلو على:

    1. عدم الاعتراف بقرار الضمّ الإسرائيلي لمدينة القدس، وهو ما تجلى في امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار رقم 478 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بموافقة 144 دولة، وهو القرار الذي يُعدُّ الضم الإسرائيلي مخالفاً للقانون الدولي.

    2. أن التصريحات الأمريكية المختلفة تؤكد أن موضوع القدس هو من ضمن مواضيع الحل النهائي، مما يعني أنه ليس لأحد الأطراف أن يقرر فيه  منفرداً.

    لكن المشهد القانوني ينطوي على بعد آخر، وهو ما صدر في 23/10/1995 عن الكونجرس الأمريكي من قانون عُرف باسم ”قانون سفارة القدس لسنة 1995“ ”Jerusalem Embassy Act“ والذي نصّ وبأغلبية كبيرة (93 مقابل 5 في الشيوخ، 374 مقابل 37 في النواب) على الشروع بتمويل عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس على أن يتم ذلك في حدّ أقصى هو 31/5/1999، والتأكيد على بقاء القدس مدينة موحدة كعاصمة لـ”إسرائيل“، مع الإشارة أن الأمر متروك للرئيس لتقدير ما إذا كان ذلك يضر المصالح العليا للولايات المتحدة أم لا، إذ إن الأمر يقع ضمن صلاحيات الرئيس كأعلى سلطة تنفيذية.

    لكن هذا القانون لم ينتقل إلى حيّز التنفيذ لسببين، هما أن المستشار القانوني لوزارة العدل الأمريكية رأى أن هذا القانون غير دستوري، وينتهك صلاحيات الرئيس في مجال السياسة الخارجية من ناحية، وأن الرؤساء الأمريكيين منذ تلك الفترة وحتى الآن رفضوا ”التخلي“ (waiver) عن مسؤوليتهم الدستورية في هذا الجانب من ناحية ثانية، وامتنع كل من الرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش عن تنفيذه، وعمل باراك أوباما على تناسيه، على الرغم من أن الأول والثاني وعدا بذلك خلال الحملات الانتخابية.

    ثانياً: البعد الدولي والإقليمي في موضوع القدس:

    بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 المشار له سابقاً، قامت 13 دولة أغلبها من أمريكيا اللاتينية، بنقل سفاراتها من القدس إلى تل أبيب، وعلى الرغم من أن هناك الآن 86 سفارة في ”إسرائيل“، لا يوجد أي منها في القدس، وهو ما يشكل ”نوعاً من الحرج“ للديبلوماسية الأمريكية، خصوصاً أن كافة دول الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، واليابان، واللجنة الرباعية، لا تميل لقرار النقل دون تسوية الموضوع الفلسطيني.

    ويحذر العديد من الخبراء والديبلوماسيين الأمريكيين من أن نقل السفارة سيقود لردات فعل عربية وإسلامية نظراً للقيمة الدينية للقدس، ناهيك عن أن البعض يرى أن القرار سيعزز ”أدبيات“ التيارات السياسية العربية والإسلامية المشككة في النوايا الأمريكية وجديتها في مساعي التسوية السلمية. وهو أمر قد يضر بالمصالح الأمريكية من زاوية إضعاف مواقف حلفائها في المنطقة، وإضعاف موقفها كوسيط في محاولات التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي، ويعزز ما يصفه هؤلاء الخبراء بالتيارات المتطرفة، وستجد فيه قوى مثل حماس والجهاد الإسلامي وإيران تأكيداً لمواقفها في الشارع العربي والإسلامي. ولعل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أن نقل السفارة سيقود إلى ”انفجار على مستوى الإقليم“ مؤشر على مثل هذه التوجهات المحذرة من النتائج.

    ويستدل هؤلاء على هذه الهواجس بما أعلنته الحكومة الأردنية عن طريق الناطق بلسانها في كانون الثاني/ يناير 2017 من التحذير من نتائج ”كارثية“ في حال الإقدام على نقل السفارة، وبأن الأردن ستستخدم كل إمكانياتها السياسية والديبلوماسية لمنع تنفيذ القرار، لا سيّما تأكيد الأردن على ما ورد في الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية من دور للأردن في رعاية المقدسات في القدس.

    مقابل هذه الصورة، هناك من يرى أن مجموعة من العوامل المقابلة تسير في اتجاه دعم احتمالات نقل السفارة وأهمها:

    1. أن الفريق السياسي الذي اختاره ترامب لإدارته القادمة يتبنى في معظمه قرار النقل، فوزير خارجيته ريكس تيليرسون يَعدُّ ”إسرائيل“ ”الحليف  الأكثر أهمية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط“، على الرغم من إشارات حول علاقاته بجماعات المصالح البترولية. أما السفير المقترح للإدارة الجديدة في ”إسرائيل“ وهو ديفيد فريدمان فهو الأكثر انحيازاً لـ”إسرائيل“، وهو من أكثر الشخصيات الأمريكية المساندة لنقل السفارة، بل وله صلات طويلة بالمستوطنين. وهو من الداعين لضم الضفة الغربية لـ”إسرائيل“ ناهيك عن عدم اقتناعه بحل الدولتين. وقد قال في أحد تصريحاته بعد ترشيحه للسفارة، إن ترامب ”سينفذ النقل“، وإنه يأمل أن يقوم بمهمته ”من سفارة الولايات المتحدة في عاصمة إسرائيل الأبدية“.

    لكن يمكن تلمس بعض البون بين مواقف السفير المرشح (فريدمان) وبين مواقف تيليرسون ووزير الدفاع المرشح جيمس ماتيس؛ وخصوصاً حذرهما من الإدلاء بمواقف واضحة في هذا السياق، لا سيّما أن لهما خبرة واسعة في الشرق الأوسط ويدركان التعقيدات أكثر من السفير المرشح.

    2. أن الظروف العربية بشكل خاص، وظروف الدول الإسلامية لا تشير إلى أن لديها القدرة على التأثير على القرار خارج نطاق الاحتجاجات اللفظية  أو اللجوء للمنظمات الدولية للحصول على قرارات جديدة، خصوصاً أن أغلب هذه الدول منغمسة في مشكلات دولية أو داخلية تضعف من استدارتها نحو الشأن الفلسطيني، وبالذات في ظلّ ظروف الاضطرابات الداخلية، أو الاختناق الاقتصادي المتزايد بعد انهيار أسعار النفط الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاديات الكثير من الدول العربية أو الإسلامية الأهم.

    ثالثاً: السيناريوهات المحتملة:

    1. السيناريو الإسرائيلي:

    وهو أن يقوم ترامب بتنفيذ وعده باعتبار نقل السفارة أولوية قصوى كما ردد بعض مستشاريه، لكن هذا السيناريو قد يأخذ مسارين: أحدهما تنفيذ الوعد خلال فترة قصيرة بعد توليه المسؤولية، والآخر أن يؤكد على قرار النقل تاركاً موضوع الموعد ”إلى حين الوقت المناسب“، وقد قال جاسون ميللر الناطق بلسان الرئيس المنتخب في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2016 إن تحديد موعد تنفيذ النقل هو ”أمر سابق لأوانه“.

    2. السيناريو المراوغ: ويتمثل هذا السيناريو في أشكال مراوغة عديدة منها:

    ‌أ. لما كان للولايات المتحدة الآن ثلاثة مكاتب تؤدي خدمات ديبلوماسية في مدينة القدس، أحدها في غربي القدس، والآخر في شرقي القدس، وثالث في  منطقة وسطى بين شرقيها وغربيها، فإن ترامب يمكنه نقل السفارة لغربي القدس أو تحويل المكتب الموجود فعلاً لسفارة، مدعياً أن العرب والعالم يعترفون بأن غربي القدس جزء غير متنازع عليه، وأن من حقّ الولايات المتحدة أن تضع سفارتها هناك، متجاهلاً موضوع الضمّ الإسرائيلي للقدس واعتبارها عاصمة موحدة.

    ‌ب. أن تبقى السفارة الأمريكية في تل أبيب، بينما يقيم السفير في القنصلية الأمريكية في القدس ويبدأ بممارسة أعماله تدريجياً في القدس، وهو حلّ قد  يقبله الإسرائيليون في المرحلة الأولى، على أمل تطويره لاحقاً لنقل كامل.

    ‌ج. قد يقوم ترامب بخطوة مزدوجة، فيعلن عن نقل السفارة الأمريكية للقدس من ناحية، ويعلن عن اعتراف أمريكي بدولة فلسطين في الوقت نفسه  كترضية للطرف الفلسطيني وامتصاص لردات الفعل العربية والفلسطينية.

    رابعاً: الخلاصة:

    إن الظروف العربية والإسلامية، وطبيعة القوى الدافعة في المؤسسات السياسية الأمريكية تجاه نقل السفارة، وفريق العمل الذي اختاره ترامب لإدارته، ستدفعه نحو خطوة متقدمة عن الرؤساء الأمريكيين السابقين في اتجاه النقل بكيفية أو أخرى، وقد تكون أحد جوانب السيناريو المرواغ ضمن مكونات القرار.

    خامساً: التوصيات والمقترحات:

    من الضروري أن تتكثف الجهود الفلسطينية لمنع القرار قبل صدوره، وفي حالة صدوره العمل على عرقلة تنفيذه، ومع الإقرار بالخلل الكبير في موازين القوى لصالح الطرف الصهيوني، فإن الأدوات السياسية والديبلوماسية هي الأدوات المتاحة، بقدرٍ ما، في الظروف الحالية لمنع صدور القرار أو وقف تنفيذه، هو ما يستدعي:

    1. العمل على انعقاد الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحركة عدم الانحياز لإصدار بيانات تحذر من خطورة الإقدام على قرار نقل السفارة  الأمريكية للقدس، وذلك بهدف التأثير على صانع القرار الأمريكي.

    2. العمل على التواصل مع الاتحاد الأوروبي، لا سيّما البرلمان الأوروبي، لإصدار بيان يدعو فيه للامتناع عن نقل السفارة، لما في ذلك من مخاطر  على أمن منطقة البحر المتوسط، بشكل خاص والعالم بشكل عام، وأن تتعهد الدول الأوروبية بالامتناع عن الإقدام على الخطوة الأمريكية.

    3. العمل مع الأمم المتحدة بوكالاتها المختلفة للتحذير من خطورة الخطوة.

    4. مطالبة اللجنة الرباعية بعقد اجتماع طارئ لاتخاذ موقف ينذر بأن نقل السفارة سيقود إلى نتائج خطيرة على جهود اللجنة في نطاق مساعي التسوية  السلمية.

    وعلى الجانب الفلسطيني، من الضروري أن تصدر المنظمات الفلسطينية، خصوصاً منظمة التحرير، بياناً واضحاً بأن نقل السفارة سيقود لسحب السلطة الفلسطينية كافة تعهداتها السابقة باعتبار نقل السفارة خروجاً على الالتزامات المتفق عليها في اتفاقات السلام.

    كما أن الفعاليات الشعبية لا سيّما في الدول العربية وفلسطين يمكن أن توجد جواً ضاغطاً لإعادة النظر في احتمالات أخذ قرار النقل للسفارة.

    ذلك يعني أن على الطرف الفلسطيني أن يستخدم الديبلوماسية الوقائية؛ بأن يعمل على منع صدور القرار، فإذا صدر عمل على منع تنفيذه، فإن جرى تنفيذه يتم على أن لا تحذو الدول الأخرى حذو الولايات المتحدة.

    يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ الدكتور وليد عبد الحي بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

     

    لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

    >> التقدير الاستراتيجي (96): سيناريوهات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس Word (16 صفحة، 112 KB)

    >> التقدير الاستراتيجي (96): سيناريوهات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس  (16 صفحة، 612 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 17/1/2017

  • الملخص التنفيذي للتقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015

    Cover_PSR-14-15_Summaryيسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، أن يصدر الملخص التنفيذي للتقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنتي 2014-2015، كما يتضمن المسارات المتوقعة لسنتي 2016-2017. والتقرير قام بتحريره د. محسن محمد صالح، الأستاذ المشارك في الدراسات الفلسطينية والمدير العام للمركز.

    يعالج التقرير، الذي سيصدر قريباً للسنة العاشرة على التوالي، القضية الفلسطينية خلال سنتي 2014 و2015 بالرصد والاستقراء والتحليل، كما يحاول التقرير استشراف المسارات المحتملة للقضية الفلسطينية.  ويتألف التقرير من سبعة فصول، ويدرس الأوضاع الفلسطينية الداخلية؛ حيث عالج استمرار حالة التأزم والانقسام الفلسطيني، والمؤشرات السكانية والاقتصادية الفلسطينية، والأرض والمقدسات، ويناقش العلاقات الفلسطينية العربية والإسلامية والدولية، كما يناقش الوضع الإسرائيلي وعمليات المقاومة ومسار التسوية. وكان من أبرز ما يتضمنه التقرير تغطيته لمسار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال صيف 2014.

    وقد شارك في إعداد التقرير مجموعة من المتخصصين، هم: أ. د. إبراهيم حسن أبو جابر، ود. جوني منصور، وأ. حسن ابحيص، وأ. زياد ابحيص، ود. سعيد الحاج، وأ. د. طلال عتريسي، وأ. عبد الله عبد العزيز نجّار، وأ. مؤمن محمد بسيسو، وأ. د. معين محمد عطا رجب، وأ. هاني المصري، وأ. وائل سعد، وأ. د. وليد عبد الحي.

    ومن الجدير بالذكر أن التقرير الاستراتيجي الذي يصدر كل سنتين يحرص على تقديم مادة علمية في إطار موضوعي تحليلي بمعايير ومناهج البحث العلمي، كما يتضمن عشرات الجداول والإحصائيات والرسوم التوضيحية، والتي توفر معطيات إحصائية تهم الباحثين والمتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني. وفي هذا الإطار يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يوفر نسخة للتحميل المجاني من الملخص التنفيذي للتقرير الاستراتيجي الفلسطيني لسنتي 2014-2015.

    للاطلاع على الملخص التنفيذي، اضغط على الرابط التالي:

     

    >> الملخص التنفيذي للتقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015  (41 صفحة، 15.2 MB)

    >> الملخص التنفيذي للتقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015  (41 صفحة، 2 MB)


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 5/4/2016

  • بحث: ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015

    يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم للقارئ الكريم بحثاً بعنوان ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015، ويوفره للتحميل المجاني.

    يُعالج هذا البحث التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهدم الاحتلال لبيوت الفلسطينيين؛ ويتناول تطورات بناء الجدار العازل وأضراره على الوضع الفلسطيني. كما يناقش الطرق الالتفافية، والاعتداءات الإسرائيلية على الزراعة وعلى مصادر المياه الفلسطينية.

    وهذا البحث هو الجزء الثاني من الفصل السادس من كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015، الذي يصدر بشكل دوري عن مركز الزيتونة؛ والذي يتولى تحريره الدكتور محسن محمد صالح، ويشترك في إعداده 12 من الخبراء والمتخصصين بالشأن الفلسطيني. وقد أصبح هذا التقرير مرجعاً أساسياً للمتخصصين والمهتمين بقضية فلسطين، نظراً لشمولية تغطيته لتطورات الوضع الفلسطيني على مدار عامين كاملين، مع التزامه بدقة بالمعايير العلمية والمهنية.


     لتحميل البحث، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> 
    بحث: ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015 
     (19 صفحة، 4.2 MB)


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 21/11/2016


    التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
         
    الفصل عنوان البحث للتحميل 
         
    1 بحث: ”الوضع الفلسطيني الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (38 صفحة، 1.3 MB)
         
    2 الجزء الأول: ”المشهد الإسرائيلي السياسي الداخلي“ خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (18 صفحة، 2.8 MB)
      الجزء الثاني: ”أبرز المؤشرات السكانية والاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (28 صفحة، 7.3 MB)
      الجزء الثالث: ”العدوان والمقاومة“خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (12 صفحة، 2.7 MB)
      الجزء الخامس: ”مسار التسوية السلمية“ للقضية الفلسطينية
    خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة
    اضغط هنا (11 صفحة، 765 KB)
         
    3 بحث: القضية الفلسطينية والعالم العربي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (45 صفحة، 1.9 MB)
         
    4 بحث: القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (31 صفحة، 1.9 MB)
         
    5 بحث: القضية الفلسطينية والوضع الدولي خلال الفترة 2014-2015 والمسارات المتوقعة اضغط هنا (43 صفحة، 978 KB)
         
    6 الجزء الأول: ”القدس والمقدسات“ خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (31 صفحة، 1.5 MB)
      الجزء الثاني: ”التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية“ خلال الفترة 2014-2015 اضغط هنا (19 صفحة، 4.2 MB)
         

    >> للمزيد حول كتاب التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2014-2015: اضغط هنا

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: التقرير الاستراتيجي الفلسطيني: 2014-2015
    – تحرير: د. محسن محمد صالح
    – عدد الصفحات: 392 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 20 $
    – ردمك: 9-49-572-9953-978
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت

      PSR-14-15_Ar-Cover-3d
  • برنامج إضاءات سياسية: حول حصاد المفاوضات ومسار التسوية

    تحدث الدكتور محسن صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، في الحلقة السابعة من “إضاءات سياسية”، والتي عُرضت يوم السبت 9/7/2016، عن المسار التاريخي للمفاوضات منذ احتلال الضفة والقطاع عام 1967، مروراً بمؤتمر مدريد عام 1991، وصولاً إلى اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث أكد صالح على أنه لا يوجد في التاريخ الفلسطيني الحديث إجماع حول المفاوضات، وأنَّ القوى الفلسطينية التي عارضت اتفاقية أوسلو ما تزال تعارضه. وأكد مدير عام مركز الزيتونة أن أساس المفاوضات بُنيَ بطريقة خاطئة، وأنّه لم يقدم حلولاً نهائية متعلقة بالقضية الفلسطينية، كما أنّنا نجد أنفسنا أمام نتائج عقيمة بعد مرور 23 سنة على اتفاقية أوسلو.

    ولفت الدكتور محسن النظر إلى أن المفاوضات مع الاحتلال أدت إلى مزيد من الانقسام الفلسطيني، وإلى أن اتفاقية أوسلو ضربت الثوابت المتعلقة بالأرض والشعب، وإلى استغلال الطرف الإسرائيلي لها لتنفيذ حقائق تخدمه على الأرض، وبالتالي تُضيِّع قضية فلسطين، وتُهمِّشها. وشدد صالح على أهمية التمسك بالثوابت الفلسطينية، وعلى الاتفاق على برنامج وطني فلسطيني.

    وفي ختام حديثه خلص صالح إلى أنَّ اتفاقية أوسلو حملت بذور فشلها في ذاتها، لأنها لا تعطي الحق للشعب الفلسطيني في استرداد أرضه واسترجاع حقوقه الكاملة، وأنَّ الجيل الذي سيحرر فلسطين هو الجيل الذي سينفض غبار “أوسلو”، والذي سيعود بموجة مقاومة جديدة تفرض الشروط الفلسطينية.

    يُشار إلى أن برنامج إضاءات سياسية هو برنامج يسعى لتنمية الوعي السياسي والثقافي، والتأصيل المنهجي للملفات والجوانب المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وهو يتطرق للاستراتيجيات والثوابت الفلسطينية بطريقة علمية وواضحة، وخلال وقت قصير نسبياً، حيث يتمّ تناول موضوع محدّد في نحو ثلاثين دقيقة في كل حلقة. ويستضيف هذا البرنامج بشكل دائم الدكتور محسن صالح كل مساء يوم سبت، وهو برنامج يقدمه الإعلامي محمد إسماعيل، عبر قناة القدس الفضائية. 

    لمتابعة الحلقة اضغط هنا

    أما الحلقات التي تمّ بثها فهي حول:

     برنامج إضاءات سياسية
         
     رقم الحلقة  عنوان الحلقة  تاريخ الحلقة
         
    1  الواقع السياسي الفلسطيني   30/4/2016
         
    2  وظيفة السلطة الفلسطينية ودورها السياسي  7/5/2016
         
    3  المجلس الوطني الفلسطيني.. أهميته ووظيفته وتداعيات تعطيله  14/5/2016
         
    4  المصالحة وانعكاسات تحقيقها على المواطن الفلسطيني  21/5/2016
         
    5  آليات تفعيل تحقيق المصالحة الفلسطينية 28/5/2016
         
    6  تباين مواقف الفصائل الفلسطينية من المفاوضات والمقاومة 4/6/2016
         
    7 حصاد المفاوضات ومسار التسوية 9/7/2016
         

     

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
    آخر تحديث: 12/7/2016

  • ترجمات الزيتونة (80): تعزيز الحوار: نظام أمني لحل الدولتين

    سلسلة ترجمات الزيتونة (80) – تموز/ يوليو 2016.

    مقدمة المترجم: 

    تقدم هذه الدراسة مقترحاً أمنياً شاملاً يمكن تطبيقه في حال تمّ التوصل إلى حلّ الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتعالج التحديات الأمنية الداخلية والحدودية والإقليمية. وعلى الرغم من أن الدراسة تدغدغ مشاعر الفلسطينيين بحلم السيادة والاستقلال، إلا أن القارئ لا يمكنه إلا أن يخرج بقناعة مفادها أن السيادة الفلسطينية، بحسب مفهوم الدراسة، هي عبارة عن خطوط متقدمة لضمان أمن ”إسرائيل“، وأن هذه السيادة لا تعلو بأي شكل من الأشكال على متطلبات ”إسرائيل“ الأمنية، مع ما قد يعنيه ذلك من إعادة دخول الجيش الإسرائيلي لـ”المناطق الفلسطينية“ بشكل أحادي وبدعم من الديبلوماسية الأمريكية عندما يرى في ذلك ضرورة أمنية. ناهيك عن أن مفهوم السيادة الفلسطينية في الدراسة تناقضه شروط بقاء القوى الأمنية الفلسطينية تحت الإشراف والتدريب والمراقبة الأمريكيين.

    تكمن أهمية هذه الدراسة أيضاً في كونها صادرة عن مركز الأمن الأمريكي الجديد والذي له دور مهم في ملف السياسة الخارجية الأمريكية. أما الباحث، فبالإضافة لكونه رئيس برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد، لقد شغل عدة مناصب حكومية أمريكية ذات الصلة، والتي كان آخرها رئاسة فريق الموظفين الملحقين بالمبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في وزارة الخارجية الأميركية.

    ونظراً لكبر حجم الدراسة والذي تجاوز30 ألف كلمة، اضطر قسم الترجمة لتلخيصها لتصبح نحو 8,780 كلمة، وذلك بالتركيز على أهم المعلومات في المقترح الأمني، مع المحافظة على المصطلحات الموجودة للأمانة العلمية. إن بعض هذه المصطلحات قد تعارض سياسة المركز، لذلك وضعت ضمن علامات التنصيص، ومنها مصطلح “فلسطين” الذي قصد به الباحث الشكل النهائي التي ستصل إليه الدولة الفلسطينية الموعودة بعد انتهاء المفاوضات.

      للاطلاع على الترجمة، اضغط على الرابط التالي: 

    >> ترجمات الزيتونة (80): تعزيز الحوار: نظام أمني لحل الدولتين  (48 صفحة، 409 KB)

    * * *

    العنوان الأصلي: Advancing the Dialogue: A Security System for the Two State Solution
    المؤلفون: إيلان جولدنبرج Ilan Goldenberg، المايجور جنرال جادي شامني Gadi Shamni، نمرود نوفيك Nimrod Novik، الكولونيل كريس بومان Kris Bauman
    المصدر: مركز الأمن الأمريكي الجديد Center for a New American Security
    تاريخ النشر: أيار/ مايو 2016

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 25/7/2016

  • تقدير استراتيجي (89): آفاق المبادرة الفرنسية‎

    تقدير استراتيجي (89) – حزيران/ يونيو 2016.English_Version

    ملخص:

    لا تمتلك ”المبادرة الفرنسية“ فرصة أفضل للنجاح من المبادرات والجهود السابقة، بل إن حظها أقل من سابقاتها، بحكم  أن فرنسا وأوروبا لا تمتلك القدرة الكافية للضغط على ”إسرائيل“ حتى لو توفرت لديها الإرادة لفعل ذلك، ولأن الولايات المتحدة الأمريكية غير متحمسة للمبادرة الفرنسية، وكل همها هو تفريغها من مضمونها والاحتفاظ بزمام المبادرة في يدها، كما أن المبادرة انطلقت من سقف منخفض هو أقل بكثير من الشرعية الدولية، بل حتى لا تولد ميتة أخذت تبحث عن مرجعية تتضمن ما يمكن الاتفاق عليه، كما أن الحد الأقصى الذي تستطيع تحقيقه إذا حققت شيء أصلاً، هو استئناف المفاوضات الثنائية برعاية دولية شكلية، وما يعنيه ذلك من منع تبني خيارات أخرى وإضاعة المزيد من الوقت الثمين، الذي تستغله “إسرائيل” لاستكمال إيجاد أمر واقع احتلالي يجعل الحل الإسرائيلي بإحدى صيغه هو الحل الوحيد المطروح والممكن عملياً.
    تأسيساً على ذلك، فمن الخطأ منح المبادرة الفرنسية تأييداً على بياض، بل الموقف منها يجب أن ينطلق من مدى التزامها بالحقوق الوطنية الفلسطينية.

     مقدمة:

    ظهرت ما تعرف بـ”المبادرة الفرنسية” في سنة 2014 عندما طرحت فرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن يتضمن المبادئ والأسس والمعايير التي من المفترض أن تحكم مسيرة السلام لضمان نجاحها، ولكن مشروع القرار هذا عارضته أمريكا و”إسرائيل”، وتحفظت عليه ألمانيا وبريطانيا، ولم تستطع القيادة الفلسطينية أن تقبله لتضمنه بعض النقاط التي تمسّ بالحقوق الوطنية الفلسطينية، مثل قبول “إسرائيل” كـ”دولة يهودية”، على الرغم من تضمنه بعض النقاط الإيجابية، مثل تحديد جدول للمفاوضات وآخر لتنفيذ ما يتفق عليه، وتشكيل مجموعة دولية لتواكب المفاوضات وتساعد على إنجاحها، لأن المفاوضات الثنائية من دون تدخل دولي لم تؤدِّ إلى اتفاق.

    وجددت فرنسا تحركها السياسي في بداية هذه السنة بصورة مختلفة عن تحركها السابق، إذ تضمنت:

    أولاً: ضرورة إيجاد المجموعة الدولية لتقوم بالاتفاق على مرجعية المفاوضات، من خلال عقد اجتماع دولي دون مشاركة “إسرائيل” وفلسطين، وقد تمّ عقده فعلاً في الثالث من حزيران/ يونيو الماضي.

    ثانياً: عقد مؤتمر دولي يسبقه تشكيل فرق عمل حول الأمن والتعاون الإقليمي والاقتصادي ومقومات الدولة.

    وكان من المفترض أن تنتهي المرحلتين قبل نهاية صيف سنة 2016، ثم تأجّل عقد المؤتمر الدولي إلى ما قبل نهاية السنة الجارية، مع أن عقدة ما يزال مجرد احتمال.

    إن قصر الإليزيه حاول وسيبقى يحاول استرضاء حكومة نتنياهو والحصول على رضى واشنطن، وهو ما أدى إلى إجراء تعديلات على الأفكار الفرنسية، فبعد التراجع عن عرض مشروع قرار في مجلس الأمن أولاً، تُركت مسألة تحديد المرجعية للاجتماع الدولي، لتتضمن ما يمكن الاتفاق عليه، وأن تكون الصياغة عامة، وهذا يعني أن المرجعية ليست القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بل يدور البحث حول إيجاد مرجعية متفق عليها، أي أدنى مما تتضمنه الشرعية الدولية. كما تبخر سريعاً الوعد الفرنسي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إذ فشلت الجهود الفرنسية بعد الاعتراض الإسرائيلي عليه.

    وطالب رئيس الحكومة الفرنسية الدول العربية الاعتراف بـ”إسرائيل” أولاً لتشجيعها على قبول “المبادرة العربية”، التي تربط ما بين الاعتراف والتطبيع العربي بموافقة “إسرائيل” على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة سنة 1967. واعتذرت فرنسا عن تصويتها في اليونيسكو حول المسجد الأقصى، وتعهدت بالتراجع عن هذا الموقف في أيّ تصويت جديد. وقللت، وهذا هو الأهم، من أهمية دور مجموعة الاتصال الدولية، إذ أصبح جوهر دورها ودور المؤتمر الدولي المزمع عقده، كما جاء في خطاب الرئيس الفرنسي في افتتاح اجتماع باريس، تشجيع “إسرائيل” وفلسطين على استئناف المفاوضات الثنائية.

    كما نصحت فرنسا القيادةَ الفلسطينية —التي قبلت النصيحة— بتجميد تحركها بخصوص عرض مشروع قرار على مجلس الأمن بخصوص الاستيطان، لكون مثل هذا القرار يعرقل الجهود الفرنسية! مع أنه من المفترض أن يساعدها على النجاح. وتميّز الموقف الفرنسي بالحدة من حملة مقاطعة “إسرائيل”، إذ رأتها معادية للإنسانية والسامية.

    أولاً: اجتماع باريس مخيب للآمال:

    لقد جاءت نتائج اجتماع باريس مخيبة للآمال، لدرجة أن معظم القيادات الفلسطينية أعربت عن صدمتها من اختطاف الاجتماع من قبل وزير الخارجية الأمريكي، الذي حاول فرض صيغة سيئة جداً جوهرها: الشروع في التطبيع العربي الاقتصادي والأمني مع “إسرائيل” وبناء مقومات الدولة، مقابل تمديد المرحلة الانتقالية، ما أفرغ الصيغة المطروحة للبيان الختامي من مضمونها.

    ولم يتضمن البيان الكثير من القضايا، بل جاء عمومياً دون خطوات وأهداف حقيقية، وبلا خطة عمل ملموسة، ولا آليات تنفيذ وجداول زمنية، إضافة إلى أنه ساوى بين الطرفين.

    ولا يكفي ما جاء في البيان من تكرار واجترار كما ظهر في التأكيد على حلّ عادل ودائم وشامل، وعن حلّ الدولتين وما يتعرض له من أخطار، وأن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، وعن إعادة بناء الثقة وإيجاد الشروط للإنهاء التام للاحتلال الذي بدأ سنة 1967، وحلّ قضايا الوضع النهائي عبر مفاوضات مباشرة على أساس القرارين 242 و338، وبناء على قرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة، إضافة إلى إبراز أهمية تنفيذ مبادرة السلام العربية.

    تُدرك جميع الأطراف، بما فيهم القيادة الفلسطينية، أن الوضع الراهن لا يحمل أيّ احتمال حقيقي للتوصل إلى حلّ متفق عليه للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك لأن “إسرائيل” تحكمها حكومة متطرفة وعنصرية أعادت إحياء خطة إقامة “إسرائيل الكبرى”، وتعتقد أن المتغيرات العربية والإقليمية والدولية والوضع الفلسطيني الضعيف والمنقسم الذي يعاني من فقدان الخيارات يوفر لها فرصة تاريخية لتحقيقها، عبر الانتقال من سياسة إدارة الصراع ومنعه من التوصل إلى حلّ، إلى سياسة فرض الحل الإسرائيلي برضى أو من خلال الخطوات أحادية الجانب.

    في هذا السياق، فإن أقصى ما تقدمه المبادرات، وخصوصاً الفرنسية، هو محاولة الحفاظ على الوضع الراهن، وعدم تدهوره إلى مواجهة شاملة فلسطينية – إسرائيلية، والإبقاء على ما يسمى “حلّ الدولتين” انتظاراً لتوفر ظروف أخرى لتحقيقه مستقبلاً. فالهدف إبقاء خيار الدولة الفلسطينية على قيد الحياة لوجود قناعة فرنسية وأوروبية ودولية بأن موت “حلّ الدولتين” بالرغم من تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية يهدد الأمن والاستقرار ويغذي الإرهاب ويشجع على تواصل موجات الهجرة.

    ثانياً: مواقف الأطراف الرئيسية من المبادرة الفرنسية:

    1. الموقف الفرنسي:

    اختلف موقف فرنسا الحالي عن موقفها التقليدي الذي كان أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين، إذ أصبح متفهماً للموقف الإسرائيلي، ويحاول مراعاته باستمرار. وهذا يثير الشكوك حول مدى قدرة المبادرة الفرنسية على الاستمرار والنجاح، لأنه من دون ممارسة ضغوط جدية على “إسرائيل” لا يمكن نجاح أيّ مبادرة تسعى للتوصل إلى تسوية.

    تريد فرنسا من تحركها تحقيق نجاح هي بحاجة له، وخصوصاً بعد فشلها المدوي في سورية، وهي تدرك أن سقف التوقعات منخفض في ظلّ أن الرئيس الفرنسي في آخر عام من عهده، إذ يكفي الديبلوماسية الفرنسية في الحد الأدنى أن تنجح في تحريك ملف القضية الفلسطينية المجمد والمتراجع جرّاء ما يحدث في المنطقة، وهذا قد يحسّن من فرص حزبه في الانتخابات القادمة، وياهم في ملء الفراغ الناشئ عن فشل الجهود والمبادرات الرامية إلى التوصل إلى حلّ، ووصول المسيرة السياسية إلى مأزق شامل. هذا الفراغ يمكن أن تملأه أطراف أخرى إذا لم تستأنف المسيرة السياسية، خصوصاً في ظلّ ابتعاد وانشغال الإدارة الأمريكية ودخولها مرحلة البطة العرجاء عشية الانتخابات الرئاسية.

    من الواضح أن قصر الإليزيه يعرف جيداً أن فرنسا لا يمكن أن تحل محل أمريكا، لذا ما تفعله أشبه باللعب في الوقت الضائع، ويتم بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، فليس من المستبعد تأجيل عقد المؤتمر الدولي (إذا طلب البيت الأبيض ذلك) المحتمل عقده هذه السنة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، وتشكيل الإدارة الجديدة. وما يشجع فرنسا على مواصلة تحركها تأييد الاتحاد الأوروبي لمبادرتها بعد تردد طويل على الرغم من أن خروج بريطانيا منه سيلعب دوراً معاكساً.

    2. الموقف الإسرائيلي:

    ترفض الحكومة الإسرائيلية أيّ تحرك دولي يؤدي إلى مشاركة أطراف دولية في المفاوضات، لأنها تفضل الاستفراد بالفلسطينيين من خلال المفاوضات الثنائية المباشرة، حتى الرعاية الأمريكية للمفاوضات السابقة قبلتها الحكومات الإسرائيلية على مضض، وجعلتها دائماً ضمن الحد الأدنى، لذلك ترفض المبادرة الفرنسية، ولكنها تستخدم هذا الرفض لترويضها وجعلها تقترب من الشروط والمواقف الإسرائيلية.

    كما يعزز من رفض حكومة نتنياهو للمبادرة الفرنسية تفضيلها لما تسميه “الحل الإقليمي”، خصوصاً بعد خطاب الرئيس المصري ودعوته لتحويل السلام البارد إلى سلام دافئ، ومدخل هذا الحل مفاوضات عربية إسرائيلية تكون القضية الفلسطينية مخرجاً ثانوياً نهائياً له، تغطي على تطبيع وإقامة علاقات عربية متنوعة مع “إسرائيل” انتعشت في السنوات الأخيرة على خلفية العداء المشترك لما يسمى “الخطر الإيراني الشيعي”، وتصاعد “الاٍرهاب السني”.

    اضطرت “إسرائيل” سابقاً إلى إعطاء الأولوية لعقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين، على أمل أن يفتح لها أبواب المنطقة العربية، بينما أصبحت في السنوات الأخيرة تراهن على الاتفاق مع العرب واستخدمه لفرض “التسوية” التي تريدها على الفلسطينيين، إذ أوضح نتنياهو موقفه تماماً من المبادرة العربية بعد الأنباء التي تحدثت عن موافقته عليها، مؤكداً بأن لا مفاوضات على أساسها إلا بعد تعديلها فيما يخص الانسحاب الإسرائيلي، وما تتضمنه من إشارة لحل قضية اللاجئين، فهو لا يكتفي بالتنازل العربي الوارد فيها بالحديث عن حلّ متفق عليه لقضية اللاجئين وفقاً للقرار 194.

    بالرغم مما تقدم، لم تتوقف “إسرائيل” عن محاولاتها المنفردة، أو مستعينة بالإدارة الأمريكية، لترويض المبادرة الفرنسية لتصبح ملائمة للشروط والإملاءات الإسرائيلية، وإذا استطاعت “إسرائيل” في ظلّ غيابها عن اجتماع باريس أن تكون حاضرة كما يتضح من البيان الختامي الذي تعرضنا له، فما الذي سينتج عن مؤتمر دولي، تشارك فيه “إسرائيل”، ولن يُعقد إذا لم توافق على المشاركة فيه؟!!

     3. الموقف الفلسطيني:

    رحبت القيادة الفلسطينية بالتحرك الفرنسي منذ البداية على الرغم من معرفتها بسقفه الهابط، لأنها راهنت على أنه يمكن أن يحافظ على الوضع الراهن إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ويمكن أن يجنبها الدخول في اختبار عملي لما هددت به منذ فترة من اعتماد خيارات أخرى. لذا، منحت التحرك موافقة على بياض، وروّجت له عربياً وفي كل أصقاع الدنيا، إذ تعاملت معه مثل الغريق الذي يتعلق بقشة كل ما يهمه أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة، وليس مهمًاً كيف، وما هي المخاطر المترتبة على عدم وجود المتطلبات الكفيلة بحماية القضية الفلسطينية وتجسيدها.

    واستكمالاً لهذا الرهان، وافقت القيادة على عدم المشاركة في اجتماع باريس، وهذا أمر خطير، فكيف تُبحث القضية بغياب أصحابها بذريعة حضور بعض الأشقاء والأصدقاء العرب والأجانب؟!

    لا يعقل أن يغيب أصحاب القضية الذين ناضلوا وضحوا طويلاً ليكون العامل الفلسطيني حاضراً في ظلّ أن الأوضاع العربية سيئة جداً، ولا ينفع وضع القضية الفلسطينية في يد العرب أو بعضهم وهم في أسوأ حال.

    بالرغم من خيبة أمل القيادة من نتائج اجتماع باريس إلا أنها بلعت الاعتراضات التي وردت على لسان معظم أفرادها، وجددت دعمها للمبادرة الفرنسية لكونها “اللعبة الوحيدة في المدينة”، وعزاؤها في ذلك أن كيري لم ينجح تماماً —بتواطؤ من بعض الدول الأوروبية— في تمرير الأجندة الحقيقية لما يجري، وهي فتح طريق التطبيع والعلاقات العلنية العربية مع “إسرائيل” دون موافقتها على مبادرة السلام العربية.

    ثالثاً: سيناريوهات المبادرة الفرنسية:

    1. السيناريو الأول: عدم عقد المؤتمر الدولي:

    يقوم هذا السيناريو على احتمالية عدم وصول المبادرة إلى عقد المؤتمر الدولي جرّاء الرفض الإسرائيلي وعدم استعداد الإدارة الأمريكية لممارسة الضغط على “إسرائيل”، إضافة إلى عدم رغبة وقدرة فرنسا والاتحاد الأوروبي الضغط الكافي عليها، وخصوصاً بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ودلالاته وتداعياته السلبية المحتملة، التي قد يكون من ضمنها بروز النزعات الانغلاقية واليمينيّة وانشغال أوروبا بشؤونها الداخلية، وهذا من شأنه أن يصبّ في محصلته لصالح الموقف الإسرائيلي.

    وسيتعزز هذا السيناريو بصورة أكبر في حال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، لا سيّما أن الإدارة الأمريكية لا تبدو بوارد تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن قبل انتهاء فترة أوباما، يتضمن أسس ومرجعيات التسوية، بل أقصى ما يمكن أن تذهب إليه هو إصدار إعلان رئاسي لا قيمة له، مع أنه سيتضمن الكثير من البنود التي تنتقص من الحقوق الفلسطينية، مثل الاعتراف بـ”إسرائيل” كـ”دولة يهودية”، وعلاقتها بـ”جبل الهيكل”، ومبدأ “تبادل الأراضي”، وضم الكتل الاستيطانية في القدس الشرقية وبقية أراضي الضفة لـ”إسرائيل”، ورفض حقّ العودة، وتبني مطالب “إسرائيل” الأمنية.

    وما يعزز هذا السيناريو أيضاً عدم تحمّس روسيا للمبادرة الفرنسية، ولا أن تحلَّ مجموعة دولية موسّعة محلَّ اللجنة الرباعية الدولية، إضافة إلى طموح موسكو لاستضافة المؤتمر الدولي.

    2. السيناريو الثاني: المؤتمر الدولي منصة للمفاوضات للثنائية:

    ويقوم هذا السيناريو على عقد المؤتمر الدولي بعد ترويض المبادرة الفرنسية أكثر، ليكون مجرد منصة أو غطاء لانطلاق المفاوضات الثنائية، بحيث نكون أمام جولة أخرى من المفاوضات العبثية التي ستكون أخطر من سابقاتها، لأنها ستتم في ظلّ معطيات وشروط أسوأ، ووسط إقرار مخططات إسرائيلية عدوانية واستيطانية وعنصرية أوسع مدى وأكثر خطورة، وسيرافق هذه المفاوضات —في حال حصولها— رعاية دولية شكلية لا تختلف كثيراً عن الدور الذي لعبته اللجنة الرباعية الدولية التي أجلت المرة تلو المرة إصدار تقريرها (لم يصدر حتى كتابة هذه السطور) حتى لا تغضب “إسرائيل”، لأنه يحملها جزءاً من المسؤولية عن عدم نجاح جهود السلام.

    ويحتاج هذا السيناريو حتى يُكتب له النجاح الجمع بين ترغيب “إسرائيل” وترهيبها، وممارسة درجة من الضغوط الأمريكية والأوروبية عليها.

    3. السيناريو الثالث: مفاوضات عربية إسرائيلية:

    يستند هذا السيناريو إلى دمج المبادرتين الفرنسية والعربية لنكون أمام مفاوضات عربية إسرائيلية تسمح بالتعاون الأمني والإقليمي والاقتصادي، وبتطبيع العلاقات الإسرائيلية العربية، ونشوء “تحالف عربي إسرائيلي” ضدّ ما يسمى “الخطر الإيراني الشيعي والإرهاب السني”، مقابل العودة إلى خطة إقامة مقومات الدولة الفلسطينية وتمديد المرحلة الانتقالية، وتقديم حوافز تشجيعية اقتصادية وغيرها.

    وقد يحتمل هذا السيناريو عقد مؤتمر دولي وظيفته التغطية على المفاوضات العربية الإسرائيلية، وما يمكن أن تتوصل إليه من حلّ إقليمي، أو يمكن أن يتحقق من دون عقده. وهناك معلومات تفيد بتداول فكرة عقد المؤتمر الدولي في مصر على أن تقوده فرنسا، غير أن مصر رفضت ذلك على أساس أن المؤتمر إذا عقد في مصر فلا بدّ أن تقوده القاهرة.

    يمكن أن يشهد هذا السيناريو مفاوضات فلسطينية إسرائيلية واتفاقات انتقالية جديدة تشارك فيها أو لا تشارك في تنفيذها أطراف عربية جنباً إلى جنب مع لجان التعاون الأمني والإقليمي والاقتصادي والتطبيع العربي بتعديل رسمي أو فعلي للمبادرة العربية.

    4. السيناريو الرابع: خطوات إسرائيلية أحادية:

    يرتكز هذا السيناريو على فشل كل المبادرات وقيام “إسرائيل” بخطوات أحادية الجانب، مثل ضمّ مناطق ج أو جزء منها مثل ما تسمى “الكتل الاستيطانية”، أو فرض القوانين الإسرائيلية على مناطق ج دون الإعلان عن ضمها، وهذا في كل الأحوال يفتح احتمالات التفجير والمجابهة.

    ويمكن أن يشهد هذا السيناريو خطوات إسرائيلية من شأنها أن تعمق الانقسام الفلسطيني من خلال تخفيف الحصار لإتمام تطبيع العلاقات التركية – الإسرائيلية، بعد رفض “إسرائيل” الطلب التركي برفع الحصار عن غزة.

    رابعاً: استنتاجات وتوصيات:

    1. إن الدفع للتوصل إلى حلّ نهائي في ظلّ الاختلال الفادح في موازين القوى لصالح “إسرائيل”، ومع استمرار الحريق العربي، واتجاه العالم نحو اليمين والانغلاق، وازدياد التنافس والصراع الإقليمي في المنطقة؛ مجرد إعادة إنتاج للأوهام، وسيؤدي في أحسن الأحوال إلى الفشل، ولن يحافظ على الوضع الراهن الذي يتدهور باستمرار. وسيسهم، في أسوأ الأحوال، بقصد أو من دون قصد في تمرير حلّ تصفوي، أو إغلاق القضية الفلسطينية حتى إشعار آخر.

    2. التعامل مع المبادرة الفرنسية وغيرها على أساس ما يمكن أن تخدم به القضية الفلسطينية، دون تنازل عن الحقوق والثوابت الفلسطينية.

    3. رفض العودة بأي حال إلى المفاوضات الثنائية برعاية أمريكية أو دولية شكلية، والإصرار على أن تستجيب “إسرائيل” للقرارات الدولية المؤكدة لحقوق الشعب الفلسطيني، ووضع الآليات الملزمة لها بذلك.

    4. رفض أيّ حلول انتقالية مثل دولة ذات حدود مؤقتة، أو في غزة، أو العودة إلى خطة بناء المؤسسات تحت الاحتلال.

    5. إعطاء الأولوية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أساس القواسم المشتركة، ضمن الاتفاق على أسس وطنية وديموقراطية توافقية ومشاركة حقيقية، وبلورة استراتيجية سياسية ونضالية تكون مدخلاً لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، والنظر في الحكومة وغيرها من الملفات، وإعادة النظر في شكل السلطة ووظائفها والتزاماتها لتصبح أداة لخدمة البرنامج الوطني وليس عبئاً عليه. على أن يكون توحيد الموقف الفلسطيني المدخل لبناء موقف عربي ودولي مساند للقضية الفلسطينية.

    * يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ هاني المصري بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.

      لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

     

    >> تقدير استراتيجي (89): آفاق المبادرة الفرنسية‎ Word
    (7 صفحات، 81 KB)

    >> تقدير استراتيجي (89): آفاق المبادرة الفرنسية‎ 
    (7 صفحات، 560 KB)

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 28/6/2016

  • عرض كتاب: العملاء والجواسيس الفلسطينيون: عين ”إسرائيل“ الثالثة

    عرض: حسن ابحيص. 

    صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب جديد بعنوان ”العملاء والجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة“، وهو يتناول
    محاولات الاحتلال الإسرائيلي لاختراق المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال زرع العملاء وتجنيدهم.

    يُشكّل الكتاب محاولة جديدة لفهم إحدى أخطر الظواهر على النسيج الفلسطيني، على الصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي، باعتبارها ما تزال أكثر أدوات الاحتلال فاعلية في الوصول للقيادات والكوادر السياسية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية، سواء بالاغتيال أم الاعتقال، وفي جمع المعلومات التي يعتمد عليها في حربه ضدّ الفلسطينيين، كانتزاع الاعترافات من الأسرى أو كشف عمليات المقاومة، أو حتى الحصول على التفاصيل الميدانية التي يحتاجها خلال أي عدوان أو عملية عسكرية.

    وعلى الرغم من خطورة هذه الظاهرة، إلا أن عدد الدراسات التي تناولتها ما يزال محدوداً وقاصراً عن الإحاطة بها من مختلف جوانبها، ومن هنا تبرز أهمية هذه الدراسة، التي أعدها الباحث أحمد حامد البيتاوي، والتي هي في أصلها رسالة نال بها الكاتب شهادة الماجستير من جامعة النجاح الوطنية في نابلس. 

    يقع الكتاب في 192 صفحة من القطع المتوسط، ويضُم أربعة فصول، تبدأ بتقديم لمحة تاريخية موجزة عن الجواسيس الفلسطينيين والتجسس الإسرائيلي على الفلسطينيين زمن الاحتلال البريطاني، ثم تتناول أسباب التخابر لصالح الاحتلال الإسرائيلي ودوافعه، ووسائل تجنيد الجواسيس وتأهيلهم وكيفية التواصل معهم، مروراً بمناقشة المهام المتعددة التي ينفذها الجواسيس لصالح الاحتلال، وأشكال تعامل الفلسطينيين والإسرائيليين مع الجواسيس، وانتهاء بتقديم عدد من الاستنتاجات والتوصيات. 

    معلومات النشر:
    – العنوان: العملاء و الجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة
    – تأليف: أحمد حامد البيتاوي
    – عدد الصفحات: 200 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 8$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
    – ISBN: 978-9953-572-57-4 

     

    book_cover_palestinian_agents_spies_israel_third-eye-e2

    العملاء والجواسيس خلال الاحتلال البريطاني

    حمل أول فصول الكتاب عنوان ”لمحة تاريخية عن الجاسوسية ومفهومها“، ولكن الكاتب في واقع الأمر استعرض فيه بإيجاز شديد ظهور الجواسيس الفلسطينيين خلال زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين، مشيراً إلى أن إحدى أبرز مهامهم كانت تأجيج الخلافات والفتن بين العائلات الفلسطينية المتنافسة، وتشويه صورة الثوار، واغتيال قادة فصائل المقاومة، إلى جانب عملهم كسماسرة سهلوا تسريب الأراضي الفلسطينية للبريطانيين واليهود.

    كما تناول الكاتب في هذا الفصل بداية النشاط التجسسي للصهاينة على الفلسطينيين خلال الاحتلال البريطاني، موضحاً أن هذا النشاط ركّز في تلك المرحلة على أمرين: المعلومات التي تمكّنهم من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وجمع المعلومات عن المقاومين للمشروع الصهيوني.

    فهم الدوافع والأسباب

     يحاول الكاتب في ثاني فصول الكتاب الإحاطة بالأسباب والدوافع التي تؤدي بالشخص إلى العمالة والجاسوسية، وتساعد على استمرار هذه الظاهرة، مقسماً إياها إلى ثلاثة فئات أو عوامل رئيسية: أولها العوامل الاستعدادية أو الكامنة، التي ترتبط بخلفية الفرد ونشأته وعلاقته بوالديه وأقرانه. أما الفئة الثانية فتضم العوامل المهيئة أو المعززة، وهي موجودة في بيئة الفرد وتؤثر فيه، كالظروف المادية والأسرية ومعاملة العائلة للفرد. وآخرها فئة العوامل الضاغطة أو المعجّلة، وهي الضغوط المزمنة التي يتعرض لها الفرد وتتفاعل مع صفاته وسماته الداخلية.

    ويُجمل الكاتب أبرز الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي قد تؤدي إلى وقوع الفرد في العمالة في 12 سبباً أساسياً، قد تتداخل فيما بينها، تبدأ بضعف الحصانة الذاتية للفرد، دينياً وأخلاقياً ووطنياً، مستشهداً في هذا السياق بكلام للرئيس السابق للشاباك، يعقوب بيري، يذكر فيه أن الوازع الديني لدى الشبان الفلسطينيين يُعدّ أحد أبرز العقبات التي تحول دون تجنيد العملاء. كما يُشير الكاتب في السياق نفسه إلى أن الفساد الأخلاقي هو أحد مداخل السقوط الأمني التي قد يستغلها الاحتلال لتجنيد العملاء.

    ومن ضمن العوامل الفردية كذلك يتطرق الكاتب لدافع الحقد والانتقام الشخصي من المجتمع والأفراد كأحد أسباب الوقوع في العمالة، مُشيراً إلى أن هذا النوع هو من أخطر أنواع الجواسيس وأكثرهم عمقاً وعنفاً، ويتم تجنيده بسهولة، أو لربما يكون هو المبادر بطلب التعامل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية. ويُحذّر الكاتب في هذا السياق من النتائج العكسية التي قد تنجم عن نظرة المجتمع السلبية لأهل الجاسوس وأقاربه، وتدفعهم للانتقام من المجتمع الذي عاقبهم على جريمة لم يقترفوها.

    كما يُناقش دور ضعف الوعي الأمني لدى الفلسطينيين بصورة عامة، وهشاشة البناء التنظيمي للفصائل، الذي أدّى إلى إيجاد ثغرة تُتيح للاحتلال النفاذ عبرها، مشيراً إلى وجود عدد من المظاهر والسلوكيات السلبية التي تمارسها نسبة كبيرة من الأفراد نتيجة لضعف الوعي الأمني؛ أبرزها الثرثرة، والفضول، والتدخل في أمور الغير، والميل للتفاخر، وحبّ الظهور، والاستعراض، والمباهاة، والثقة المفرطة بالآخرين. أما على الصعيد الفصائلي، فتبرز إشكاليات انكشاف التنظيم والكوادر من خلال المهرجانات المختلفة، والانتخابات الداخلية العلنية، وسهولة الانضمام إليها دون انتقاء أو اختبار لخلفية المنتسبين الجدد، وهلامية الخلايا العسكرية وتشعبها، وكثرة أعداد عناصرها ومعرفة بعضهم البعض.

    ثم يتناول العوامل الضاغطة التي يستغلها الاحتلال لمحاولة تجنيد العملاء عبر ابتزازهم أو إغرائهم، كانتشار الفقر والبطالة في صفوف الفلسطينيين، ولجوء الكثير منهم للعمل داخل المناطق المحتلة سنة 1948، وسيطرة الاحتلال على المعابر والحواجز، مقيداً بذلك حركة الفلسطينيين وسفرهم للتعليم أو العلاج أو العمل.

    ومن بين الأسباب التي يستعرضها الكاتب كذلك أساليب التربية الخاطئة، التي قد تدفع الأبناء إلى ممارسات وسلوكيات خاطئة تُسهّل وقوعهم في شباك العمالة، وشبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تُعدّ تربة خصبة لإسقاط العملاء، والنشاطات التطبيعية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والدور الذي تمارسه بعض منظمات المجتمع المدني الممولة من الخارج، إلى جانب غياب العقوبات الرادعة والتراخي في التعامل مع العملاء والجواسيس.

    كما يتوقف الكاتب عند ملف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال باعتباره أحد أسباب العمالة، لا سيّما وأن المعلومات التي تطلبها الاستخبارات الإسرائيلية من عملائها تُشبه كثيراً في طبيعتها المعلومات التي تحصل عليها من الأجهزة الأمنية للسلطة، وهو ما يُسهّل على عناصر الأمن السابقين في السلطة تمرير مثل هذه المعلومات، بعد أن تمّ أصلاً كسر الحاجز النفسي الذي يحول دون ذلك.

    وسائل التجنيد والتواصل وعملية التأهيل

     وفي الفصل الثاني نفسه، تستعرض الدراسة وسائل وأساليب تجنيد الاحتلال للجواسيس الفلسطينيين، مشيرة إلى تنوعها واختلافها بحسب تقييم شخصية المستهدف تجنيده، والذي يتم اختياره تبعاً لعدد من المعايير، كمدى قربه من المعلومات المطلوب الحصول عليها، ومدى ملاءمته لتأدية المهام المطلوبة منه، وإمكانية استجابته لمحاولة التجنيد بعد دراسة نقاط قوته وضعفه لمعرفة ”المفتاح“ المناسب للوصول إليه. كما يتم انتظار الوقت المناسب لبدء عملية التجنيد، التي تتسم عادة بالتدرج وطول النفَس.

    وتُقسم الدراسة وسائل الاحتلال في التجنيد إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الإغراء، والابتزاز، والإقناع. وتشمل الوسائل الإغرائية تقديم المال، سواء على شكل راتب شهري ثابت أم مبلغ معيَّن يُدفع مقابل كل مهمة ينجح الجاسوس في تنفيذها، أم تقديم تسهيلات تعود على الشخص بمنفعة مالية، كمنحه تصريحاً للعمل داخل المناطق المحتلة سنة 1948، أم مساعدته في إقامة مشروع معيّن. ويمكن أن تشمل أيضاً لمّ شمل العائلة، أو تخفيف عقوبة السجن، أو الإفراج عن الأقارب، أو توفير العلاج، أو السفر، أو إكمال التعليم، وغيرها.

    أما الوسائل الابتزازية فتتضمن في المقابل التهديد بالحرمان من أي من الأمور التي سبق ذكرها نفسها، ومساومة الشخص المستهدف عليها، مقابل الموافقة على العمل لصالح الاحتلال، الذي يستغل تحكمه بمختلف نواحي حياة الفلسطينيين كعامل ضغط وأداة رئيسية لابتزازهم. كما تتضمن الإسقاط الأخلاقي والتهديد بالفضيحة بعد تصوير الشخص المستهدف في أوضاع مخلة بالآداب.

    وفي حين يتطلب اللجوء لأسلوب الإقناع جهداً أكبر ويبقى خياراً أقل استخداماً يُستبعد نجاحه مع الأشخاص الذين يملكون حساً وطنياً، إلا أن الجواسيس الذين يتم تجنيدهم بهذه الطريقة هم الأكثر ولاء للاحتلال، حيث أن دوافعهم تصبح مبنية على رغبة داخلية، كالانتقام من أشخاص محددين أو فئة معينة أو من المجتمع بكامله، وتصبح نظرتهم منسجمة مع منظور مُشغِّليهم للأصدقاء والأعداء.

    كما تعرج الدراسة على عملية تأهيل الجاسوس وإعداده بعد تجنيده، سواء بهدف ضمان ولائه واستمراره، أم التثبت من مصداقية المعلومات التي يقدمها، أم بقصد إكسابه المهارات التي يحتاج إليها لأداء المهام الموكلة إليه، والتي قد تتضمن التدريب على مهارات الدفاع عن النفس أو استخدام السلاح أو أجهزة الاتصال، وغيرها. وتتطرق أيضاً لوسائل التواصل المباشر أو غير المباشر التي يتبعها الاحتلال عادة مع الجواسيس، وأماكن اللقاء بهم.

    المهام

     يستعرض الفصل الثالث من الكتاب المهام المتعددة التي ينفذها الجواسيس لصالح الاحتلال، وأبرزها المشاركة في اغتيال أو اعتقال ناشطي المقاومة وقادتها، سواء من خلال تتبعهم ومراقبتهم، أم زرع المتفجرات في سياراتهم أو هواتفهم، أم بوضع إشارات خاصة تميِّز مكان وجودهم أو وسائل تنقلهم وتمكن الاحتلال من استهدافهم، أم حتى المشاركة المباشرة في تنفيذ الاغتيال وإطلاق النار على الشخص المستهدف.

    ومن أبرز مهام الجواسيس أيضاً محاولة اختراق فصائل المقاومة الفلسطينية، من خلال تجنيد الاحتلال لعناصر من داخلها، أو محاولة زرعهم فيها بعد تجنيدهم، وذلك بهدف الحصول على معلومات دقيقة وحساسة، عن التنظيم الداخلي مثلاً، وأسماء الأشخاص القياديين ومسؤولياتهم، ومواطن الضعف والقوة الداخلية، وآليات اتخاذ القرار، وكشف العمليات العسكرية لإحباطها قبل تنفيذها، وغيرها من المعلومات.

    كما ينشط الجواسيس أيضاً داخل سجون الاحتلال بهدف تحصيل معلومات أو اعترافات من الأسرى الجدد عبر ما بات يُعرف بـ”غرف العصافير“، حيث يعمل الجاسوس على كسب ثقة الأسير واستدراجه بادعاء انتمائه للمقاومة، لينقل بعدها ما يحصل عليه من معلومات للمحققين الإسرائيليين.

    وتُضاف إليها أيضاً مهمة شراء الأراضي والعقارات الفلسطينية وتسريبها للاحتلال، ومحاولة تعزيز الانقسام بين فئات المجتمع الفلسطيني وإثارة الفتنة بين عائلاته ومكوناته السياسية، ونشر الإشاعات، ونشر الفساد الأخلاقي والمخدرات، وتجنيد عملاء آخرين وإسقاطهم، وغيرها من المهام.

    التعامل مع الجواسيس

     تتناول الدراسة في فصلها الرابع أشكال تعامل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مع الجواسيس، مع التركيز على الطرف الأول. وهي تُشير في هذا السياق إلى أن أشكال تعامل الفلسطينيين مع الجواسيس تغيرت بتغير الوضع السياسي العام، حيث تزامنت المراحل التي شهدت تصعيداً في الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين مع ارتفاع في وتيرة ملاحقة الجواسيس، وخصوصاً في الانتفاضتين الأولى والثانية، والحروب على قطاع غزة في 2008 و2012 و2014.

    أما أبرز أشكال التعامل التي تستعرضها الدراسة، فتشمل قتل الجواسيس والمتهمين بالتعامل مع الاحتلال على يد فصائل المقاومة أو إعدامهم على يد السلطة الفلسطينية، أو إيقاع الأذى الجسدي بحقهم، أو سجنهم، أو التشهير الإعلامي بهم من قبل الفصائل أو حتى من قبل عائلاتهم.

    كما تتحدث في المقابل عن فتح باب التوبة أمامهم، والاستفادة منهم في أعمال المقاومة وتجنيدهم كجواسيس مزدوجين، والاعتذار ودفع الدية لمن ثبتت براءته منهم.

    ***

    ويُحسب للكاتب تقديمه إحصائيات ورسماً للمسار الذي اتخذته أشكال تعامل الفلسطينيين مع الجواسيس منذ الانتفاضة الأولى من قبل الفصائل والسلطة، ومعالجته لهذا الموضوع من مختلف جوانبه، وإن بشكل موجز، حيث ناقش وجهات النظر المتعارضة إزاء هذا الموضوع وأبرز انعكاساته السلبية على تحقيق العدالة وعلى النسيج الاجتماعي في بعض الأحيان، وتكيّف الجهات المعنية لتلافي مثل هذه الانعكاسات.

    وتنتقل الدراسة بعد ذلك لاستعراض كيفية تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الجواسيس، حيث يحرص بداية على عدم انكشافهم لضمان استمرار سير المهمة الموكلة إليهم واستمرار تدفق المعلومات، وقد يلجأ أحياناً لمطاردتهم أو اعتقالهم بهدف تلميع صورتهم وإبعاد الشبهات عنهم.

    أما بعد انكشاف الجاسوس، فغالباً ما يتم التعامل معه بإهمال، وقد يتعمد الاحتلال ”حرقه“ أو تسهيل كشفه بطريقة غير مباشرة، وخصوصاً إذا لم تكن له أهمية كبيرة، ومن يُسمح له بالانتقال للعيش داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، فإنه يواجه إكمال باقي حياته منبوذاً حتى لو نال الجنسية الإسرائيلية، حيث يلقى رفضاً من قبل المجتمع الإسرائيلي، ومن قبل فلسطينيي 1948، مع أن الإعلام الإسرائيلي وعدداً من الشخصيات السياسية يسعون من وقت لآخر لتسليط الضوء على قضيتهم والدعوة لتحسين أوضاعهم.

    بصورة عامة، نجح الكتاب في تقديم توصيف لظاهرة الجواسيس الفلسطينيين من زوايا عدة، وفي التعامل مع إشكالية النقص في الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع والمصادر المتوفرة حوله، من خلال اللجوء للمقابلات المباشرة بصورة أساسية. ولكن قلة المصادر دفعت الكاتب أحياناً للجوء لمصادر قد لا تكون موثوقة تماماً من الناحية الأكاديمية على شبكة الإنترنت، وهو ما جعل المعلومات المستقاة منها بحاجة إلى تدقيق، وإن لم تؤثر في التقييم العام للدراسة ككل.

    ويجب التنبيه أنه بالرغم من خطورة ظاهرة العمالة، وبالرغم من الجهود والمصاريف الهائلة التي ينفقها الإسرائيليون في تجنيد العملاء، فإنها تبقى ظاهرة شاذة في الإطار الفلسطيني، ويبقى العميل شخصاً منبوذاً مرفوضاً من بيئته الاجتماعية ومجتمعه الفلسطيني. وفي أحيان كثيرة كان يتم تصفية العملاء أو التخلص منهم كلما توفرت لدى الشعب الفلسطيني الأدوات المناسبة أو أجواء العمل المقاوم.

    في الوقت نفسه، فإن الإضافة التي تقدمها هذه الدراسة تنحصر في إطار توصيف ظاهرة من أخطر الظواهر التي تفت في عضد المجتمع الفلسطيني وتؤذي قضيته الوطنية، وليس هذا عيباً في الدراسة بحد ذاتها باعتبارها حصرت نفسها أصلاً في الإطار الوصفي، ولكنه نقص يجب على الباحثين والكتاب في الشأن الفلسطيني النظر فيه بشكل جدي، باعتبار أن خطورة هذه الظاهرة واستمرارها لزمن طويل بات يستدعي الانتقال إلى البحث في الحلول وآليات معالجة الأسباب، والخوض بصورة أكبر في التحليل، وليس فقط مواجهة النتائج والتبعات.

     الجزيرة.نت، الدوحة، 19/9/2016

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2016/9/22

  • عرض كتاب: منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية

    إعداد: خالد وليد محمود.

    صدر مؤخرًا عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية، من تأليف الباحث الفلسطيني الدكتور عدنان أبو عامر. يسلط الضوء على التفاعل الأمني الإسرائيلي مع الثورات وحركات التغيير في المنطقة العربية في حوالي 198 صفحة من القطع المتوسط معتمدًا بشكل أساسي على كل ما صدر عن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ومراكز البحث، من دراسات وتقييمات وتقديرات موقف، خاصة باللغة العبرية.

    تأتي هذه الدراسة انطلاقاً من كون المنظومة الأمنية الإسرائيلية راقبت الثورات العربية، بعين الترقب والقلق، وسارعت لدراسة السيناريوهات المستقبلية، لشكل علاقاتها في مرحلة ما بعد الثورات مع محيطها العربي، خصوصاً مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية ومعاهدات سلام.

    معلومات النشر:

     

    – العنوان: منظومة الأمن الإسرائيلي والثورات العربية
    – تأليف: د. عدنان عبد الرحمن أبو عامر
    – عدد الصفحات: 198 صفحة
    – تاريخ الصدور: الطبعة الأولى، 2016
    – السعر: 8$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
    – ISBN: 978-9953-572-58-1

      bookcover_israeli-security-system_arab-uprisings
     
    لتحميل الفصل الثالث، اضغط على الرابط التالي:
    الفصل الثالث: التأثيرات الأمنية للثورات العربية على ”إسرائيل“  (49 صفحة، حجم الملف 1.1 MB)

    وتسلط الدراسة الضوء على التفاعل الأمني الإسرائيلي مع الثورات العربية، من خلال رصد الأجهزة الأمنية للحراك العربي في شوارع العواصم المحيطة، والإجراءات الأمنية المتلاحقة لوقف النتائج السلبية لهذه الثورات على الواقع الإسرائيلي، والتنسيق الأمني الذي بادرت إليه المنظومة الإسرائيلية مع الأنظمة العربية، وحلفائها حول العالم، لكبح جماح المد الثوري العربي.

    انطلقت الدراسة من فرضية مفادها أن التغيرات العربية الشعبية التي انطلقت شرارتها من تونس، وانتقلت إلى مصر وليبيا، فاليمن وسوريا، ودول عربية أخرى، شكلت زلزالاً سياسياً، اهتزت لشدته كافة الدول الإقليمية والعالمية، نظراً للأثر الذي ستلعبه في رسم مستقبل المنطقة.

    وجاء تخصيص الدراسة للتقييم الأمني الإسرائيلي، لأن “إسرائيل” من أهم الدول التي راقبت الأحداث في المنطقة العربية، بعين الترقب والقلق، وسارعت إلى دراسة السيناريوهات المستقبلية، لشكل علاقاتها في مرحلة ما بعد التغيرات مع محيطها العربي، خصوصاً مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية ومعاهدات سلام.

    ما يلفت خلال تصفح الدراسة أن الأوساط الأمنية الإسرائيلية كانت تعلم مسبقاً أن جميع شروط قيام الثورات العربية موجودة منذ سنين كثيرة، لأن سنوات ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، شهدت سيطرة نظم مستبدة في مناطق كثيرة في العالم: شرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا.

    انشغلت الدراسة بقراءة وتحليل جملة من السيناريوهات المتوقعة لمنطقة الشرق الأوسط في ظل الثورات العربية، ومن أهمها:

    1- السيناريو الأول: نجاح الثورات والانتفاضات الشعبية في تحقيق تغييرات جذرية في المنطقة العربية، تؤدي لصعود قوى وطنية وإسلامية للقيادة، وبشكل يؤدي لقيام مشروع عربي إسلامي نهضوي جديد، يوفر فضاءً استراتيجياً، ويؤدي لتغيير في موازين القوى في المنطقة.

    2- السيناريو الثاني: نجاح جزئي للثورات العربية، يؤدي لتحسين ظروف الحياة السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية، دون أنْ ينشغل بعملية الصراع مع “إسرائيل”، أو أنْ يسعى لتغيير موازين القوى في المنطقة، أو السماح للقوى المعادية لـ”إسرائيل” بالنمو لدرجة قد تجرّه للمواجهة العسكرية معها.

    3- السيناريو الثالث: فشل الثورات العربية في تحقيق أهدافها، وعودة الأنظمة الفاسدة المستبدة لإنتاج نفسها من جديد بأثواب مختلفة.

    4- السيناريو الرابع: حدوث آثار عكسية لا تؤدي فقط لفشل الثورات العربية في تحقيق أهدافها، وإنما نجاح القوى المضادة للثورة.

    أخذت الدراسة بعين الاعتبار ما وضعته المنظومة الأمنية الإسرائيلية من نقاط الانطلاق المركزية ضمن محاور تفكيرها وتفسيرها لما يحصل حولها من ثورات واضطرابات، وتتمثل في:

    1- توجهات البيئة العالمية: فالثورات ماضية في تحديد وجه المنطقة في السنوات المقبلة، ومن أهم تأثيراتها تذليل الحدود بين الدول كحاجز لنقل المعلومات والبشر والتكنولوجيا والثروات، مقابل استمرار مؤسسات دولية في لعب دور هام في المنظومة الدولية، لكن هناك اتجاه معاكساً لهذه الثورات تتمثل بصعود قوى محلية في دول سلطة الحكم فيها ضعيفة مثل: السلطة الفلسطينية، العراق، لبنان، أفغانستان، وهذه المناطق يمكن اعتبارها بمثابة “وسادة” لنمو الأطراف المعادية لـ”إسرائيل”.

    2- التوجهات في البيئة الإقليمية: سيستمر الصراع العربي الإسرائيلي في تصدر الأجندة الأمنية والسياسية في “إسرائيل” ودول المنطقة كـ”صراع قومي وديني وثقافي”، في صلبه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أما على المسار السوري واللبناني، فإنّ الثورات القائمة في المنطقة ستجعل بالضرورة نوعاً من الصعود والهبوط في المسار السياسي، في ظل أن غالبية الدول العربية أصبحت تقر وتسلم بقيام “إسرائيل”، دون استبعاد صعود في قوة القوى الممانعة للتسليم والاعتراف بوجودها.

    3- التنظيمات الإسلامية المحلية والعالمية: التي شهدت تنامياً وتعاظماً في ظل الثورات العربية، ستستمر في تحديد “إسرائيل” كعدو يجب تدميره، وإن لم يحتل أولوية لديها، بسبب معاركها الداخلية.

    هذه التطورات العربية، جعل الدراسة ترى دافعين هامين في تغير قراءة المنظومة الأمنية الإسرائيلية للواقع العربي، وهما:

    أ‌- تغير طبيعة التهديدات الأمنية التي تحيط بإسرائيل، حيث تعاظم قوة التهديدات الإقليمية من جهة، ومن جهة أخرى تزايد الحاجة للدور الأمني والاستخباري لتولي مهمة معالجتها،

    ب‌- المستجدات الميدانية على “البيئة الخارجية” التي تعمل فيها أجهزة الأمن الإسرائيلية.

    هذه الدراسة تخرج إلى الضوء في وقت تدخل فيه الثورات العربية عامها الخامس، وسط حراك إسرائيلي متلاحق على مدار الساعة، وأرجو أن تكون إضافة نوعية حقيقية للمكتبة العربية، لاسيما في شقها الأمني الاستخباري، وهو الجانب المظلم لدى القارئ العربي، لأن الإسرائيليين ما زالوا يتكتمون عليه، رغم تسريبهم معلومة هنا، وخبر هناك، بصورة موجهة مدروسة.

    تظهر الدراسة في فصولها اللاحقة أن التقييم الأمني الإسرائيلي للثورات العربية تلخص في أن ما بدا “ربيع عربي” انتهى إلى “شتاء إسلامي”، وهذه البداية فقط، فليس الحديث عن نشوء ثورة تؤدي لنموذج ليبرالي أو علماني أنجلو-أمريكي للديمقراطية؛ ولا تغيير غير عنيف، ولا “أثر الدومينو” السريع كما حدث شرق أوروبا، بل ظاهرة تُغير وجه الشرق الأوسط كله.

    تخلص الدراسة إلى أن دراسة واقع التطورات العربية وأثرها على المنظومة الأمنية الإسرائيلية، يتعلق بأخذ “كرة الثلج” هذه، ورؤيتها تتعاظم رويداً رويداً، بحيث إذا ما تغيرت الأنظمة العربية المقربة من الغرب، وبالضرورة “إسرائيل”، فإن الموقف سيتغير على نحو جذري، ولن يكون بوسع تلك الأنظمة تجاهل مشاعر جماهيرها فيما يتصل بالعلاقة مع تل أبيب، وحتى الدول التي قد لا تتغير أنظمتها بالكامل لاعتبارات معينة، فإنها ستضطر لتغيير موقفها إيجابياً من القضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي.

    للمزيد حول الكتاب: اضغط هنا

    المصدر: نون بوست 27/10/2016

  • مداخلة: الكيان الإسرائيلي والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة … د. عباس إسماعيل

    Abbas-Ismail_4-16_Conf_PIEA_2016يسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يقدم مداخلة الدكتور عباس إسماعيل، حول ”الكيان الإسرائيلي والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة“.

    وقد قدمت هذه المداخلة في مؤتمر ”قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2015- تقدير استراتيجي 2016“، الذي أقامه مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت في 11/2/2016.

     لتحميل المداخلة، اضغط على الرابط التالي:
     
    >> مداخلة: الكيان الإسرائيلي والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة … د. عباس إسماعيل Word (26 صفحة، 2.1 MB)
     
    >> مداخلة: الكيان الإسرائيلي والقضية الفلسطينية: التطورات والمسارات المحتملة … د. عباس إسماعيل  (26 صفحة، 492 KB)

     

     

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 7/6/2016

  • مركز الزيتونة يصدر كتاب ”العلاقات التركية الإسرائيلية 2002-2016“

    أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب ”العلاقات التركية الإسرائيلية 2002-2016“، من تأليف أحمد خالد الزعتري، وهو في أصله بحث نال به المؤلف درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس سنة 2015. ويقع هذا الكتاب في 110 صفحات من القطع الكبير.

    يُمكِّن هذا الكتاب القارئ من الاطلاع على الجوانب المختلفة للعلاقات التركية الإسرائيلية، والمراحل والتطورات التي مرت بها خلال الفترة 2002-2016. وكيفية التعامل من قِبل الطرفين في مراحل المد والجزر التي واجهت هذه العلاقات في مختلف الاتجاهات.

      لتحميل الفصل الثاني من الكتاب، اضغط على الرابط التالي:
    المصالح المشتركة بين تركيا و”إسرائيل“  (22 صفحة، حجم الملف 962 KB)
    معلومات النشر:

     

    – العنوان: العلاقات التركية الإسرائيلية 2002-2016
    – تأليف: أحمد خالد الزعتري

    – عدد الصفحات: 112
    – الطبعة: الأولى 2017
    – السعر: 6$
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
    – ISBN: 978-9953-572-61-1

     

    يتوزع الكتاب على أربعة فصول؛ وقد قدم الفصل الأول من الكتاب نبذة تاريخية عن العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين منذ 1949 حتى 2002، موضحاً بدء تَغيُّر منحى هذه العلاقات، تبعاً لسياسات الرئاسة التركية واهتماماتها الخارجية، مع بقاء حرصها على عدم تزلزل العلاقة بشكل كامل. ويسلط الضوء على فترة التسعينيات حيث بدأت تركيا بعد حرب حزيران/ يونيو 1967 باتخاذ مواقف مؤيدة للعرب، ثم مالت باتجاه ”إسرائيل“ بعد حرب الخليج الثانية بسبب المصالح التجارية لتركيا. إضافة إلى شرحٍ وافٍ عن التعاون المائي بينهما، مع التركيز على المشاريع الكبرى التي أُبرمت بين البلدين ومآلها، والمصالح المترتبة عليها لكلا الطرفين.

    وأما الفصل الثاني فقد تناول المصالح المشتركة بين تركيا و”إسرائيل“ في ظلّ الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية التركية، بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات سنة 2002؛ واضعاً بين يدي القارئ أهم المحطات التي مرت بها العلاقات على الصعيد الأمني والعسكري والاستخباراتي بشكل خاص، مبيناً كيف استمرت تلك العلاقات في هذه المجالات، على الرغم من التوتر الذي حصل على الصعيد السياسي، حيث انتقدت تركيا بشدة اغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، كما عارضت الحرب التي شنتها ”إسرائيل“ على لبنان في تموز/ يوليو 2006. معرجاً على حجم التبادل التجاري الذي يسير بوتيرة عالية، وكذلك استمرار السياحة بينهما مع ازدياد أعداد السياح الإسرائيليين حتى وصلوا إلى نصف مليون زائر إلى تركيا سنة 2008، ثم بدأت الأعداد بتراجع ملحوظ بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة نهاية سنة 2008، على إثر المواقف التركية الناقدة والمعارضة لهذا العدوان.

    وفي الفصل الثالث يتناول الكاتب نقاط الخلاف بين البلدين، وتأثيرها على العلاقات بينهما في مختلف النواحي. مستفيضاً في سرد أبرز المواقف التي أدت إلى تدهور كبير في العلاقات في بعض الأحيان؛ بالأخص حادثة إهانة السفير التركي في تل أبيب، والاعتداء على السفينة التركية مرمرة، وسقوط الشهداء الأتراك على متنها، مع ما رافق تلك الأحداث من مواقف تركية غاضبة وتصعيد في لهجة اللوم لـ ”إسرائيل“، ومطالبتها بالاعتذار والتعويض. كما يَقرِن ذلك كله بسعي تركيا لتكون لاعباً سياسياً فاعلاً في المنطقة من خلال تقوية دورها المؤثر في القضية الفلسطينية. وقد استعرض الكتاب بشيء من التفصيل التخوفات التركية من تدخل ”إسرائيل“ في بعض الملفات الإقليمية مثل الحرب في سورية، وعلاقاتها بأكراد العراق، والتقارب الإسرائيلي القبرصي، والتنافس على سوق الغاز الطبيعي، إضافة إلى ضغوطات اللوبي اليهودي على الحكومة التركية من خلال إثارة مسألة تهجير الأرمن.

    ويكمل الكتاب في الفصل الرابع والأخير عرض التطورات التي شهدتها العلاقات التركية الإسرائيلية سنتي 2015-2016، في ظل سعي السياسة الخارجية الواضحة لأنقرة لمد الجسور مع المشرق العربي والإسلامي، وإصرارها على ضرورة رفع الحصار عن غزة في المواقف كلها. فعلى الرغم من تذبذب العلاقة وفتورها، إلا أن حرص البلدين على استمرار التعاون التجاري والاقتصادي بينهما بات واضحاً لوجود المصالح لكليهما في ذلك. كما أن الموقف الإسرائيلي المتأني من محاولة الانقلاب الفاشلة في 15/7/2016، ومن ثم تصريح الخارجية الإسرائيلية بدعم الديموقراطية التركية، أسهم في إعادة بعض التوازن لتلك العلاقات.

    ويخلص الكاتب في نهاية الكتاب إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية تشهد تقدماً بعد قطيعة ديبلوماسية استمرت ستة أعوام، إذ إن أنقرة تدرك أن سعيها لتحقيق دورٍ مهم وفاعل لها في المنطقة يُحتم عليها تحسين علاقتها بـ ”إسرائيل“ كي تستطيع صناعة التأثير المطلوب، كما أن ”إسرائيل“ تعلم جيداً أن مصلحتها تفرض عليها تحسين هذه العلاقات وبالتالي إعطاء تركيا الدور الذي تريده. وهذا لا يعني بالضرورة أن العلاقات ستعود إلى سابق عهدها المزدهر، لكن ما سيحصل هو المحافظة على التوازن من قبل الطرفين، مع بقاء التباين والاختلاف في ملفات مهمة وعلى رأسها حصار غزة والعلاقة مع حركة حماس.

    ويسر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات أن يوفر الفصل الثاني من هذا الكتاب للتحميل المجاني.

      لتحميل الفصل الثاني من الكتاب، اضغط على الرابط التالي:
    المصالح المشتركة بين تركيا و”إسرائيل“  (22 صفحة، حجم الملف 962 KB)


    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2017/9/7

  • مركز الزيتونة يصدر كتاب ”النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو: المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً“

    أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً جديداً بعنوان النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو، المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً، من تأليف الأستاذ فرحان موسى حسين علقم.

    والكتاب، الواقع في 214 صفحة من القطع المتوسط، هو رسالة نال بها المؤلف درجة الماجستير في برنامج الدراسات الإسرائيلية من معهد الدراسات الإقليمية بكلية الدراسات العليا، جامعة القدس سنة 2012.

    تسعى هذه الدراسة لتوسيع فهمنا حول تأثير النزاع على السيادة في فلسطين في ظلّ اتفاقيات أوسلو، على المخزون المائي وعلى سياسة ”إسرائيل“ المائية في الضفة الغربية، والتعرف على إمكانية التصدي لهذه السياسة من خلال هذه الاتفاقيات.

    معلومات النشر:

    – العنوان: النزاع على السيادة في فلسطين في ظل اتفاقيات أوسلو: المخزون المائي في الضفة الغربية نموذجاً
    – تأليف: فرحان موسى حسين علقم
    – الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات -بيروت
    – عدد الصفحات: 214 صفحة
    – الطبعة الأولى: 2016
    – السعر: 10$

    Book_Conflict_Sovereignty_Palestine_Oslo_Water-Reserve_WB-200

    ويتضمن الكتاب خمسة فصول، تناولت الخصائص الجغرافية للضفة الغربية ومصادر المياه فيها، والمياه الفلسطينية في القوانين والمعاهدات الدولية، والهيمنة الإسرائيلية عليها بعد سنة 1967. واختتم الكتاب بجملة من النتائج والتوصيات التي تركزت حول مبدأ امتلاك الشعب الفلسطيني الحق الدائم في السيادة على أرضه، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الرئيسي في حرمانه منها، بالإضافة إلى بعض الوثائق.

    وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي لتتبع تطور سياسية ”إسرائيل“ المائية في منطقة الدراسة. إضافة إلى المنهج الوصفي والتحليلي لوصف وتحليل آثار اتفاقيات أوسلو على سياسية ” إٍسرائيل” المائية، وذلك من خلال بحث في الكتب المنشورة، باللغتين العربية والإنجليزية، وإجراء مقابلات مع مسؤولين وخبراء ومستشارين في موضوع المياه.

    لقد توصل الباحث إلى ان ”إسرائيل“ حرصت على إفراغ هذه الاتفاقيات من مضامينها وهذا ما توضحه الأرقام التي تشير إلى تراجع كميات المياه التي حصل عليها الفلسطينيون في سنة 2008 بقرابة 50 مليون م3 عما هو مقدر لهم في اتفاقيات أوسلو، حيث بلغ مجموع ما حصل عليه الفلسطينيون في سنة 2008 هو فقط 88 مليون م3 من المياه، في الوقت الذي ازداد فيه عدد السكان الفلسطينيين بنسبة 42.8% لم يرتفع المجموع العام لم حصل عليه الفلسطينيون إلا بمقدار 5.3%، وتراجعت صحة الفرد السنوية بنسبة 26.3%. وشهدت هذه الفترة تراجعاً في الإنتاج المحلي بنسبة 16.7% وزيادة في الاستيراد من ”إسرائيل“ بنسبة 98.6%.

    يرى الباحث أن الأولوية الأولى تكمن في وضع حدّ لمعاناة الفلسطينيين في موضوع المياه، وذلك من ناحيتين، الأولى تمكين الفلسطينيين من ممارسة سيادتهم على أرضهم وعلى مواردهم الطبيعية، والموارد المائية تحديداً وفق قانون المياه الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تعنى بتنظيم الإدارة المشتركة للمياه المشتركة، أما الثانية فهي إيجاد حلً سريع لازمة المياه الفلسطينية من خلال زيادة الإنتاج من المياه الجوفية للسكان في الضفة الغربية، وإمداد قطاع غزة بما يلبي احتياجاتهم من المياه.

    مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 7/3/2016